نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٨
الجزء ١ الجزء ٢

الكسوف ، وإتمامه لأولويته بالشروع فيه ، والنهي عن إبطال العمل. ويحتمل إتمامها إن أدرك من الحاضرة بعدها ركعة وإلا استأنف.

الثالث : لو خالف ما أمر به من تقديم الحاضرة لو خاف فوتها ، فاشتغل بالكسوف أو بإتمامه ، احتمل عدم الإجزاء ، سواء ظهر بطلان ظن الضيق أو لا ، لأنه فعل منهي عنه ، فلا يقع عبادة متقربا بها ، والإجزاء إن كذب الظن ، سواء الابتداء والإتمام ، ويحتمل الفرق.

الرابع : لو اتسع وقت الحاضرة وشرع القرص في الكسوف ، أو حدثت الرياح المظلمة ، فالوجه تقديم الكسوف والآيات ، لاحتمال قصور الزمان ، فيفوت لو اشتغل بالحاضرة.

الخامس : الزلزلة متأخرة عن الحاضرة مطلقا ، إن قلنا وقتها العمر ، وإن قلنا وقتها حدوثها ، وجب (١) وإن سكنت فكالكسوف.

السادس : لو اتفقت مع منذورة موقتة ، بدأ بما يخاف فوتها ، ولو أمن ، تخير.

السابع : الكسوف أولى من النافلة الموقتة ، كصلاة الليل وغيرها ، فإن خاف فوتها واتسع وقت الكسوف ، فالكسوف أولى ، ثم يقضي النافلة.

الثامن : لو اجتمع الكسوف والعيدين والجنازة ، قدم ما يخشى فوته ، ولا امتناع في اجتماع الكسوف والعيد ، والعادة لا تخرج نقيضها عن الإمكان ، والله على كل شي‌ء قدير ، والفقهاء يفرعون الممكن وإن لم يقع عادة ، ليبينوا الأحكام المنوطة بها ، كما يفرضون ما يوجد.

ثم وإن اقتضت العادة عدم كسف الشمس إلا في التاسع والعشرين من الشهر ، فإنا نفرض الصلاة في الرياح والزلزلة وباقي الآيات ، فلو خاف خروج وقت العيد ، قدمت صلاته ولم يخطب لها حتى يصلي الكسوف ، فإذا صلى الكسوف خطب للعيد خاصة.

__________________

(١) في « ق » ويجب.

٨١

التاسع : لو اجتمع الخسوف والجمعة ، فإن اتسع وقت الجمعة ، بدأ بالخسوف ويقصر في قراءته ، فإذا فرغ اشتغل بخطبة الجمعة.

العاشر : لو اجتمع في الموقف حالة الكسوف قدمت صلاته على الدعاء. ولو خسف القمر بعد الفجر من ليلة المزدلفة وهو بها صلى الخسوف وإن فاته الدفع إلى منى قبل طلوع الشمس ، وكذا لو كسفت الشمس يوم التروية بمكة ، صلى الكسوف وإن فاته فعل الظهر بمنى.

المطلب الخامس

( في اللواحق )

وهي :

الأول : هذه الصلاة واجبة على الأعيان ، على الرجال والنساء والخناثي ، والحر والعبد ، والحاضر والمسافر ، والصحيح والمريض ، للعموم ، وقال الصادق عليه‌السلام : لما قبض إبراهيم ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جرت ثلاث سنن : أما واحدة فإنه لما مات كسفت الشمس لفقد ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال : أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ، ثم نزل فصلى بالناس صلاة الكسوف (١) ، والأمر للوجوب.

وقالت أسماء بنت أبي بكر : فزع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم كسفت الشمس ، فقام قياما ، فرأيت المرأة التي أكبر مني والمرأة التي أصغر مني قائمة ، فقلت أنا أحرى بالصبر على طول القيام.

الثاني : هذه الصلاة فرض مع الإمام وغيبته ، لعموم الأخبار ، وقول الصادق عليه‌السلام في صلاة الكسوف : تصلي جماعة وفرادى (٢) ، ولأنها صلاة‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٤٣ ح ١٠.

(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٥٧ ح ١ و ٣.

٨٢

لا يشترط البنيان والاستيطان في أدائها ، فلا يشترط الجماعة.

الثالث : قد بينا استحباب الجماعة في هذه الصلاة ، ويستحب للعجائز ومن لاهية له الصلاة مع الرجال ، ويكره ذلك للشواب ، ويستحب لهن الجماعة تصلي بهن إحداهن.

الرابع : لو أدرك المأموم الإمام راكعا في الأولى أدرك الركعة.

ولو أدركه في الركوع الثاني أو الثالث ، ففي إدراك تلك الركعة إشكال ، فإن منعناه استحب المتابعة حتى يقوم من السجود في الثانية ، فيستأنف الصلاة معه. فإذا قضى صلاته أتم هو الثانية ، ويحتمل الصبر حتى يبتدئ بالثانية.

ويحتمل المتابعة بنية صحيحة ، فإذا سجد الإمام لم يسجد هو بل ينتظر الإمام إلى أن يقوم ، فإذا ركع الإمام أول الثانية ركع معه عن ركعات الأولى ، فإذا انتهى إلى الخامس بالنسبة إليه سجد ، ثم لحق الإمام ويتم الركعات قبل سجود الثانية.

الخامس : لو شك في عدد الركوعات ، احتمل البناء على الأقل ، لأصالة عدم الزيادة ، والبطلان لشغل الذمة بيقين ، فلا يخرج عن العهدة بدونه.

٨٣
٨٤

الفصل الرابع

( في صلاة النذر )

صلاة النذر واجبة بحسب ما نذره إجماعا ، ولقوله تعالى ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) (١) وقوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٢).

ويشترط فيه ما يشترط في الفرائض اليومية من الطهارة والاستقبال وغيرهما إجماعا ، إلا الوقت ، ويزيد الصفات التي عينها في نذره ، وإنما تنعقد لو وقع في طاعة ، أما لو وقع في معصية فلا.

ولو عين الزمان تعين ، سواء اشتمل على المزية كيوم الجمعة أو لا ، لأن البقاء غير معلوم ، والتقدم ممنوع ، لأنه فعل الواجب قبل وجوبه ، فلا يقع مجزيا ، كما لو صلى الفرض قبل وقته.

ولو قيده بأحد الأوقات الخمسة ، فالأقرب الانعقاد ، لاختصاص الكراهة بالنوافل وهذه فرض.

ولو قيد النذر بزمان فأوقعها في غيره ، لم يجز. ثم إن كان الفعل متقدما على الزمان ، وجب عليه الإعادة عند دخول الوقت ، فإن أهمل وجب القضاء والكفارة ، وإن تأخر الفعل ، فإن كان لعذر أجزأ ولا كفارة ، وإن كان لغير‌

__________________

(١) سورة الإنسان : ٧.

(٢) سورة المائدة : ١.

٨٥

عذر ، فإن أوقعه بهيئة القضاء أجزأ وكفر ، وإلا وجب عليه الفعل ثانيا والكفارة.

ولو نذر إيقاعه في زمان يتكرر مثله كيوم الجمعة ، لم يجب في الأولى إلا مع النذر ، بل يجزيه فعلها في أي جمعة شاء ، فإن أوقعها في يوم خميس لم يجزيه ، ووجب إيقاعها في الجمعة الأخرى أداء لا قضاء.

ولو قيد نذر الصلاة بمكان ، فإن كان له مزية تعين كالمسجد. وإن لم يكن له مزية ، فالأقوى عدم وجوب القيد ، فيجوز إيقاعها حينئذ في أي موضع شاء.

أما لو كان له مزية في مكان ، فصلاها في أعلى ، فالأقرب الجواز ، لأن زيادة المزية بالنسبة إلى ذي المزية ، كذي المزية بالنسبة إلى غير ذي المزية. ويحتمل العدم ، لأنه نذر انعقد فلا يجوز غيره ، فإن قلنا بالجواز فلا بحث ، وإلا وجب القضاء.

ولو قيده بزمان ومكان ، فأوقعها في ذلك الزمان في غير ذلك المكان مما يساويه أو يزيد عليه في المزية ، أجزأ على إشكال ، وإلا وجب القضاء في ذلك المكان بعينه ، والكفارة لفوات الوقت.

ولو أطلق العدد أجزأه ركعتان إجماعا ، والأقوى إجزاء الواحدة للتعبد بمثلها في الوتر. ولو صلاها ثلاثا أو أربعا أجزأ إجماعا ، وفي وجوب التشهدين إشكال ، ولو صلاها خمسا ، فإشكال.

ولو قيد نذره بعدد ، تعين إن تعبد بمثله إجماعا ، وإن أطلق احتمل وجوب التسليم عقيب كل ركعتين ، ووجوبه عقيب أربع أو ما زاد على إشكال ، وإن لم يتعبد بمثله كالخمس والست قيل : لا ينعقد ، ويحتمل انعقاده لأنه عبادة ، وعدم التعبد بمثلها لا يخرجها عن كونها عبادة.

ولو قيد النذر بقراءة سورة معينة ، أو آيات مخصوصة ، تعين ، وهل يسقط وجوب السورة الكاملة لو قيد النذر بآيات معينة؟ الوجه ذلك ، ويحتمل وجوب السورة.

٨٦

فلو نذر آيات من سورة معينة وقلنا بوجوب السورة ، وجب هنا عين تلك السورة ، ولو كانت الآيات من سور متعددة ، وجب قراءة سورة اشتملت عليها بعض تلك الآيات ، وقراءة باقي الآيات من غير سورة ، ويحتمل إجزاء غيرها من السور ، فيجب قراءة الآيات التي نذرها.

ولو نذر النافلة في وقتها صارت واجبة. فلو نذر العيد المندوبة أو الاستسقاء في وقتهما لزمه ، ولو نذرهما في غير وقتهما ، فالأقرب عدم الانعقاد. وكذا لو نذر صلاة على هيئتهما ، أو هيئة صلاة الكسوف على إشكال ، ينشأ من أنها طاعة تعبد بمثلها في وقت فكذا في غيره.

ولو نذر إحدى المرغبات وجبت ، فإن كانت مقيدة بوقت تقيد النذر به وإن أطلقه ، كما لو نذر نافلة الظهر أو صلاة الليل ، وإلا فلا. ولو كان الوقت مستحبا لها ، كصلاة التسبيح المستحب إيقاعها يوم الجمعة ، لم تنعقد إلا مع تقيد النذر به.

ولو نذر صلاة الليل وجب ثمان ركعات ، ولا يجب الدعاء ، وكذا لو نذر نافلة رمضان ، لم يجب الدعاء المتخلل بينها إلا مع التقييد.

ولو نذر الفريضة اليومية ، فالوجه الانعقاد ، لأنها طاعة بل أقوى الطاعات لوجوبها ، والفائدة وجوب الكفارة مع المخالفة.

ولو نذر النافلة على الراحلة ، انعقد المطلق لا المقيد لأولوية غيره ، وكذا لو نذر إيقاع النافلة في إحدى الأماكن المكروهة ، ولو فعل ما قيد النذر به أجزأه.

ولو نذر التنفل جالسا ، أو مستدبرا ، فإن أوجبنا القيام أو الاستقبال ، احتمل بطلان النذر ، كما لو نذر الصلاة بغير طهارة ، والانعقاد للمطلق ، فيجب الضد ، وإن جوزنا إيقاعها جالسا أو مستدبرا ، أجزأ لو فعلها عليهما (١) أو قائما أو مستقبلا.

واليمين والعهد في ذلك كله كالنذر.

__________________

(١) في « س » عليها.

٨٧
٨٨

الفصل الخامس

( في الصلوات المندوبة )

وفيه مطالب :

المطلب الأول

( في النوافل اليومية )

النوافل : إما راتبة ، أو غير راتبة ، والراتبة : إما أن تتبع الفرائض أو لا. فالتابعة للفرائض ثلاث وعشرون ركعة : قبل الصبح ركعتان ، وقبل الظهر ثمان ، وكذا قبل العصر ، وبعد المغرب أربع ، وبعد العشاء ركعتان من جلوس تعدان بركعة.

لقول الصادق عليه‌السلام : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلي من التطوع مثلي الفرض ، ويصوم من التطوع مثلي الفرض (١).

وقال الصادق عليه‌السلام : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلي ثمان ركعات للزوال ، وأربعا الأولى ، وثمان بعدها ، وأربعا العصر ، وثلاثا المغرب ، وأربعا بعدها ، والعشاء أربعا ، وثمان صلاة الليل ، وثلاثا الوتر ، وركعتي الفجر ، وصلاة الغداة ركعتين (٢).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ ـ ٣٢ ح ٤.

(٢) وسائل الشيعة ٣ ـ ٣٣ ح ٦.

٨٩

وفي خبر آخر : وركعتين بعد العشاء كان أبي يصلاهما وهو قاعد وأنا أصليهما وأنا قائم (١).

وقال الكاظم عليه‌السلام : أنا أصلي واحدة وخمسين ، ثم عد بأصابعه حتى قال : وركعتين من قعود تعدان بركعة من قيام (٢).

وغير التابعة للفرائض : صلاة الليل ، وفيها فضل كثير وثواب جزيل. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا جبرئيل عظني قال : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب ما شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه ، شرف المؤمن صلاته بالليل ، وعزه كف الأذى عن الناس (٣). ومدح الله تعالى أمير المؤمنين عليه‌السلام بقوله ( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ ) (٤) وآناء الليل ساعاته.

وهي في المشهور إحدى عشر ركعة : ثمان صلاة الليل ، واثنتان للشفع ويوتر بواحدة ، والوتر عندنا واحدة ، وما تقدم عليها ليس منها ، لأن ابن عباس روى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : الوتر ركعة من آخر الليل (٥).

ويستحب فيه القنوت والدعاء بالمرسوم في جميع السنة ، لأن عليا عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول في آخر وتره : « اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك عنك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك » (٦) وكان للدوام.

وينبغي أن يقنت بالأدعية المأثورة عن أهل البيت عليهم‌السلام. وينبغي‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ ـ ٣٤ ح ٩.

(٢) وسائل الشيعة ٣ ـ ٣٣ ح ٧.

(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ٢٦٩ ح ٣.

(٤) سورة الزمر : ٩.

(٥) سنن ابن ماجة ١ ـ ٣٧٢.

(٦) سنن ابن ماجة ١ ـ ٣٧٣.

٩٠

الاستغفار فيه سبعين مرة ، والدعاء بعد الرفع من الركوع.

ويستحب أن يقرأ في الأولتين من صلاة الليل الحمد مرة والإخلاص ثلاثين مرة ، والإطالة مع سعة الوقت ، والتخفيف مع قصوره ولو بقراءة الحمد وحدها ، فإن ضاق الوقت عن الصلاة صلى الركعتين وأوتر بعدهما ، ثم صلى ركعتي الفجر والغداة وقضى ما فاته. ولو كان قد تلبس بأربع ، زاحم بها الفريضة.

وأن يضطجع بعد ركعتي الفجر على جانبه الأيمن ، ويقرأ خمس آيات من آخر آل عمران ، ويدعو بالمنقول ، ولو سجد عوض الضجعة جاز ، لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع (١).

ويستحب زيادة على الرواتب التنفل بين المغرب والعشاء بأربع : اثنتان ساعة الغفلة ، واثنتان بعدها ، فقد قيل في تأويل قوله تعالى ( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ ) (٢) أنهم كانوا يتنفلون ما بين المغرب والعشاء.

وقال الصادق عليه‌السلام : تصلي ركعتين تقرأ في الأولى الحمد ، ومن قوله تعالى ( وَذَا النُّونِ ) ـ إلى قوله ( نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) وفي الثانية الحمد و ( عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ ) إلى آخر الآية ، ثم يدعو بدعائها ويسأل الله حاجته (٣).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصيكم بركعتين بين العشاءين ، يقرأ في الأولى الحمد وإذا زلزلت ثلاث عشرة مرة ، وفي الثانية الحمد مرة والإخلاص خمس عشرة مرة ، فمن فعل ذلك في كل شهر كان من الموقنين ، فإن فعل ذلك في كل سنة كان من المحسنين ، فإن فعل ذلك في كل جمعة كان من المصلحين ، فإن فعله في كل ليلة زاحمني في الجنة ولم يحص ثوابه إلا الله تعالى (٤).

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ ـ ٣٧٨ ، سنن أبي داود ٢ ـ ٢١.

(٢) سورة السجدة : ١٦.

(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ٢٤٩ ح ٢.

(٤) وسائل الشيعة ٥ ـ ٢٤٧ ح ١ ب ١٧.

٩١

وقال علي بن بابويه : أفضل النوافل ركعتا الفجر ، وبعدهما ركعة الوتر ، وبعدها ركعتا الزوال ، وبعدهما نوافل المغرب ، وبعدها تمام صلاة الليل ، وبعدها نوافل النهار (١).

ويكره الكلام بين المغرب ونوافلها ، لأن الصادق عليه‌السلام نهاه عن الكلام (٢).

ويستحب أن يسجد للشكر بعد السابعة ، لئلا يفصل بين الفريضة ونافلتها ، وقال الهادي عليه‌السلام : ما كان أحد من آبائي يسجد إلا بعد السابعة (٣).

وأما صلاة الضحى فإنها بدعة عند علمائنا ، قالت عائشة : ما رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلي الضحى قط (٤).

وقال عبد الرحمن بن أبي ليلا ما حدثني أحد أنه رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلي الضحى إلا أم هانئ فإنها حدثت أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة ، وصلى ثماني ركعات ما رأته قط صلى صلاة أخف منها ، غير أنه كان يتم الركوع والسجود (٥) ، وأنكر علي عليه‌السلام صلاة الضحى.

وسئل الباقر والصادق عليهما‌السلام عن الصلاة في رمضان نافلة بالليل جماعة؟ فقال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صعد على منبره ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إن الصلاة بالليل في شهر رمضان في النافلة جماعة بدعة ، وصلاة الضحى بدعة ، فلا تجمعوا في رمضان بصلاة الليل ، ولا تصلوا الضحى ، فإن ذلك بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة سبيلها إلى النار (٦).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ ـ ٣١٤.

(٢) وسائل الشيعة ٣ ـ ٦٣.

(٣) وسائل الشيعة ٤ ـ ١٠٥٨ ح ١.

(٤) جامع الأصول ٧ ـ ٧٤.

(٥) جامع الأصول ٧ ـ ٧٥.

(٦) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٩٢ ح ١.

٩٢

وقوله عليه‌السلام : « الصلاة خير موضوع » لا تنافي ما قلناه ، فإنه لو صلى هذه الصلاة نافلة مبتدأة جاز ، لكن الممنوع صلاتها مع اعتقاد مشروعيتها في هذا الوقت بالخصوصية.

المطلب الثاني

( في نافلة شهر رمضان )

يستحب نافلة شهر رمضان ، لقوله عليه‌السلام : من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه (١).

وقال الصادق عليه‌السلام : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا جاء شهر رمضان زاد في الصلاة وأنا أزيد فزيدوا (٢).

وإنه أفضل من غيره من الشهور ، واختص بليلة القدر وليلة الفرقان. وزيادة تضاعف الحسنات تناسب مشروعية زيادة أهم العبادات في نظر الشرع ، وهي الصلاة.

وقدرها ألف ركعة ، لقول الصادق عليه‌السلام : تصلي في شهر رمضان ألف ركعة (٣) ، وقد روي زيادة على الألف مائة ركعة ليلة النصف ، تقرأ في كل ركعة الحمد مرة والإخلاص مائة مرة (٤) ، وهذه الألف زيادة على النوافل اليومية.

وفي توزيعها وجهان :

الأول : أن يصلي في كل ليلة عشرين ركعة ، ثم في الليالي الأفراد ، وهي ليلة تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين في كل ليلة زيادة مائة ،

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ ـ ٥٢٦.

(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٧٤ ح ٢.

(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٧٨ ح ١.

(٤) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٧٧ ح ١.

٩٣

ثم زيادة عشر في العشر الأواخر ، لرواية سماعة (١).

الثاني : أن يصلي كذلك ، إلا أنه يقتصر في ليالي الأفراد على مائة ، فيبقى عليه ثمانون يصلي في كل جمعة عشر ركعات بصلاة علي وفاطمة وجعفر عليهم‌السلام ، وفي ليلة آخر جمعة من الشهر عشرين بصلاة علي ، وفي عشية تلك الجمعة ليلة السبت عشرين بصلاة فاطمة عليها‌السلام ، لرواية المفضل بن عمر عن الصادق عليه‌السلام وإسحاق بن عمار عن الكاظم عليه‌السلام (٢).

والمشهور في ترتيب العشرين أنه يصلى بعد المغرب ثماني ركعات ، والباقي بعد العشاء ، لرواية مسعدة (٣).

وفي رواية سماعة يصلي بعد المغرب اثني عشر ركعة ، والباقي بعد العشاء ، وكذا في ترتيب الثلاثين والمائة أيضا.

وروي أن عليا عليه‌السلام كان يصلي في آخر عمره في كل يوم وليلة من شهر رمضان ألف ركعة (٤).

وكيفية هذه النوافل : أن يقرأ في كل ركعة الحمد وسورة أخرى ، وقد روي أن يقرأ في المئات في كل ركعة الحمد مرة والإخلاص مائة مرة (٥).

ولا تجوز الجماعة في هذه الصلاة ، قال زيد بن ثابت : إن الناس اجتمعوا فلم يخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرفعوا أصواتهم ، وحصبوا الباب ، فخرج مغضبا وقال : ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنها ستكتب عليكم فعليكم بالصلاة في بيوتكم ، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (٦).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٨٠ ح ٣.

(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٧٨ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٧٩ ح ٢.

(٤) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٧٦ ح ١ ب ٥.

(٥) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٨٤.

(٦) جامع الأصول ٧ ـ ٨١.

٩٤

ولو كانت الجماعة مستحبة لم يزهد فيها.

وقال الباقر والصادق عليهما‌السلام : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج أول ليلة من شهر رمضان ليصلي ، فاصطف الناس خلفه ، فهرب إلى بيته وتركهم ، ففعل ذلك ثلاث ليال ، وقام يوم الرابع على منبره وقال : أيها الناس إن الصلاة بالليل في رمضان نافلة في جماعة بدعة ، فلا تجمعوا ليلا في شهر رمضان في صلاة الليل ، فإن ذلك معصية ، وكل بدعة ضلالة سبيلها إلى النار. ثم نزل وهو يقول : قليل في سنّة خير من كثير في بدعة (١).

وينبغي أن يفصل بين كل ركعتين بالتسليم ، ويدعوا بعدهما بالمأثور عن أهل البيت عليهم‌السلام.

ولا يستحب قيام ليلة الشك ، لأنها لم تثبت من رمضان ، فصلاة رمضان فيها بدعة.

ويستحب أن يقرأ في ليلة ثلاث وعشرين سورة العنكبوت والروم وألف مرة إنا أنزلناه. قال الصادق عليه‌السلام : من قرأ سورتي العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين ، فهو والله يا أبا محمد من أهل الجنة لا أستثني فيه أبدا ، ولا أخاف أن يكتب الله علي في يميني إثما ، وأن لهاتين السورتين من الله مكانا (٢).

المطلب الثالث

( في باقي النوافل الموقتة )

يستحب من النوافل الموقتة صلوات ، وأهمها ما نذكره :

الأول : صلاة ليلة الفطر ، وهي ركعتان يقرأ في الأولى الحمد مرة والإخلاص ألف مرة ، وفي الثانية الحمد مرة والإخلاص مرة واحدة ، ويدعو بعدهما بالمنقول.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٩٢ ح ١.

(٢) وسائل الشيعة ٧ ـ ٢٦٤ ح ١.

٩٥

الثاني : يستحب أن يصلي أول يوم من ذي الحجة صلاة فاطمة عليها‌السلام ، وفيه زوّجها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من علي عليه‌السلام ، وروي أنه اليوم السادس ، ثم يدعو بالمنقول.

الثالث : يستحب أن يصلي يوم الغدير ركعتين قبل الزوال بنصف ساعة ، بعد أن يغتسل ، يقرأ في كل واحدة منهما الحمد مرة وكل واحدة من الإخلاص والقدر وآية الكرسي عشر مرات ، ثم يدعو بالمنقول.

وروى أبو الصلاح استحباب الجماعة فيها والخطبة والتصافح والتهاني ، لبركة هذا اليوم وشرفه بتكميل الدين (١).

الرابع : يستحب أن يصلي يوم الرابع والعشرين من ذي الحجة ، وهو يوم الصدقة بالخاتم قبل الزوال بنصف ساعة ركعتين ، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وكل واحد من الإخلاص وآية الكرسي إلى قوله ( هُمْ فِيها خالِدُونَ ) والقدر عشر مرات.

قال الشيخ : وهذه الصلاة بعينها رويناها في يوم الغدير ، وهو يعطي أن آية الكرسي في صلاة الغدير إلى قوله ( هُمْ فِيها خالِدُونَ ).

الخامس : يستحب أن يصلي يوم المباهلة ، وهو الخامس والعشرين من ذي الحجة ما شاء ، ويستغفر الله عقيب كل ركعتين سبعين مرة ، ويدعو بالمنقول.

السادس : يستحب أن يصلي صلاة عاشوراء ، وهي أربع ركعات يحسن ركوعها وسجودها ، ويسلم بين كل ركعتين ، يقرأ في الأولى بعد الحمد الجحد ، وفي الثانية الحمد والإخلاص ، وفي الثالثة الحمد والأحزاب ، وفي الرابعة الحمد والمنافقون أو ما تيسر ، ثم يسلم ويحول وجهه نحو قبر الحسين عليه‌السلام الحديث (٢).

__________________

(١) الكافي لأبي الصلاح الحلبي ص ١٦٠.

(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ٢٢٥ ح ١.

٩٦

السابع : يستحب أن يصلي ليلة نصف رجب اثنتي عشرة ركعة ، يقرأ في كله الحمد وسورة ، فإذا فرغ قرأ الحمد والمعوذتين وسورة الإخلاص وآية الكرسي أربع مرات ، ويدعو بالمنقول.

الثامن : يستحب أن يصلي ليلة المبعث ، وهي ليلة السابع والعشرين من رجب أي وقت كان من الليل اثنتي عشرة ركعة ، يقرأ في كل ركعة الحمد والمعوذتين والإخلاص أربع مرات ، ثم يدعو بالمنقول.

التاسع : يستحب أن يصلي يوم المبعث اثنتي عشرة ركعة ، يقرأ في كل ركعة الحمد ويس ، فإذا فرغ قرأ الحمد أربع مرات ، وكذا الإخلاص والمعوذتان ، ودعا بالمنقول.

العاشر : يستحب أن يصلي في أيام رجب ثلاثين ركعة ، في كل ركعة الحمد مرة والإخلاص ثلاث مرات والجحد ثلاث مرات ، يصلي عشرا في العشر الأول ، وعشرا في الأوسط ، وعشرا في الأخير ، ويدعو بالمنقول.

الحادي عشر : يستحب أن يصلي ليلة نصف شعبان أربع ركعات ، يقرأ في كل ركعة الحمد والإخلاص مائة مرة ، ويدعو بالمنقول. وروي استحباب مائة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد عشر مرات (١). وروي فيها صلوات كثيرة (٢) ، وهي ليلة مولد القائم عليه‌السلام.

الثاني عشر : يستحب أن يصلي كل ليلة جمعة اثنتي عشرة ركعة بين العشاءين ، يقرأ في كل ركعة الحمد والإخلاص أحدا وأربعين مرة ، وروي ركعتان في كل واحدة الحمد والزلزلة خمس عشرة مرة (٣) وغيرها من الصلوات (٤).

ويصلي يوم الجمعة صلاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهي ركعتان يقرأ في‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٧٧ ح ١.

(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ٢٣٧ ب ٨.

(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ٧٥ ح ٣.

(٤) راجع وسائل الشيعة ٥ ـ ٢٢١ ـ ٢٩٧.

٩٧

كل ركعة الحمد وإنا أنزلناه خمس عشرة مرة ، فإذا ركع قرأها خمس عشرة مرة فإذا انتصب قرأها خمس عشرة مرة ، فإذا سجد قرأها خمس عشرة مرة ، فإذا رفع رأسه قرأها خمس عشر مرة ، فإذا سجد ثانيا قرأها خمس عشرة مرة ، ثم يرفع رأسه من السجود إلى الثانية ، ويصلي كذلك ، فإذا سلم دعا بالمنقول.

وصلاة علي عليه‌السلام وهي أربع ركعات ، يقرأ في كل ركعة الحمد وخمسين مرة الإخلاص ، ثم يدعو بالمنقول.

وصلاة فاطمة عليها‌السلام ركعتان ، يقرأ في الأولى الحمد مرة والقدر مائة مرة ، وفي الثانية الحمد والإخلاص مائة مرة ، ثم يدعو بالمنقول.

وصلاة جعفر بن أبي طالب عليه‌السلام وهي صلاة التسبيح وصلاة الحبوة أربع ركعات بتسليمتين ، يقرأ في الأولى الحمد والزلزلة ، وفي الثانية الحمد والعاديات ، وفي الثالثة الحمد والنصر ، وفي الرابعة الحمد والتوحيد ، وإذا فرغ من القراءة في كل ركعة قال خمس عشرة مرة : « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر » ثم يركع ويقولها عشرا ، ثم يرفع رأسه ويقولها عشرا ، ثم يسجد ويقولها عشرا ، ثم يرفع رأسه ويقولها عشرا ، ثم يسجد ثانيا ويقولها عشرا ، ثم يجلس ويقولها عشرا ، ثم يقوم إلى الثانية ، وكذا باقي الركعات ، ثم يدعو بالمنقول.

والصلاة الكاملة ، وهي أربع ركعات قبل الزوال ، يقرأ في كل ركعة الحمد عشر مرات ، وكذا المعوذتان والتوحيد والجحد وآية الكرسي والقدر و « شهد الله » فإذا فرغ استغفر الله مائة مرة ودعا بالمنقول.

وصلاة الأعرابي ، وهي عشر ركعات ، يصلي ركعتان ثم يسلم ، ويصلي أربعا ثم يسلم ، ويصلي أربعا أخرى عند ارتفاع نهار الجمعة ، يقرأ في الأولى الحمد مرة والفلق سبع مرات ، وفي الثانية الحمد مرة والناس سبع مرات ، فإذا سلم قرأ آية الكرسي سبع مرات ، ثم يصلي ثماني ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والإخلاص خمسا وعشرين مرة ، ثم يدعو بالمنقول.

وصلاة الحسين عليه‌السلام أربع ركعات بثمانمائة مرة الحمد‌

٩٨

والإخلاص ، يقرأ في الأولى بعد التوجه الحمد خمسين مرة وكذا الإخلاص ، فإذا ركع قرأ الحمد عشرا والإخلاص عشرا ، وكذا في الأحوال في كل ركعة مائتي مرة ، ثم يدعو بالمنقول. ويستحب ختم القرآن يوم الجمعة.

وصلاة الحاجة روي عن الباقر عليه‌السلام ركعتين يدعو بعدها بالمنقول (١). وعن الصادق عليه‌السلام : صوم الأربعاء والخميس والجمعة ، ثم يغتسل يوم الجمعة ويلبس ثوبا نظيفا ، ثم يصعد إلى أعلى موضع في داره ويصلي ركعتين ، ويدعو بالمنقول (٢).

وكذا يستحب في النوافل المنقولة يوم الجمعة. وقد ذكرناها في كتاب تذكرة الفقهاء إجمالا ، وذكرها الشيخ في المصباح تفصيلا.

وكذا يستحب صلاة باقي الأسبوع ، فإن لكل يوم صلاة خاصة به ذكرناها في كتاب تذكرة الفقهاء.

ويستحب أن يصلي في أول كل شهر ما كان الباقر عليه‌السلام يصليه ، وهو في أول كل يوم منه ركعتان ، يقرأ في الأولى الحمد مرة والإخلاص لكل يوم إلى آخره ، وفي الثانية الحمد مرة والقدر والإخلاص ، ويتصدق بما تيسر ، يشتري به سلامة ذلك الشهر كله (١).

وصلاة الشكر مستحبة عند رفع النقم وتجدد النعم ، وهي ركعتان يقرأ في الأولى الحمد والتوحيد ، وفي الثانية الحمد والجحد ، ويدعو بالمنقول.

وصلاة الاستخارة مستحبة ، كان زين العابدين عليه‌السلام إذا هم بأمر حج أو عمرة أو بيع أو شراء أو عتق تطهر ثم صلى ركعتين للاستخارة يقرأ فيهما الحشر والرحمن والمعوذتين ، ثم يدعو بالمنقول (٣). وقد رويت صلاة كثيرة للحاجة والاستخارة وغيرهما (٤).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ٢٥٨ ح ٨.

(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ٢٥٩ ح ١٠.

(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ٢٨٦ ح ١ ، والرواية في أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه‌السلام.

(٤) وسائل الشيعة ٥ ـ ٢٠٤ ح ٣.

(٥) راجع وسائل الشيعة ٥ ـ ٢٠٤ ـ ٢٢١ و ٢٥٥ ـ ٢٦١.

٩٩

ويستحب صلاة التحية عند دخول المساجد وصلاة الإحرام.

المطلب الرابع

( في صلاة الاستسقاء )

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا غضب الله على أمة ، ثم ينزل بها العذاب ، غلت أسعارها وقصرت أعمارها ، ولم تربح تجارتها ، ولم تزك ثمارها ، ولم تعذب أنهارها ، وحبس عنها أمطارها ، وسلط عليها أشرارها (١).

وقال الصادق عليه‌السلام : إذا فشت أربعة ظهرت أربعة ، إذا فشى الزنا ظهرت الزلازل ، وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية ، وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء ، وإذا خفرت الذمة نصر المشركون على المسلمين (٢).

والاستسقاء مشروع بالكتاب والسنّة والإجماع ، قال الله تعالى ( وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ ) (٣) وقال تعالى ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً ) (٤).

وأصاب أهل المدينة قحط فبينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخطب إذ قام رجل فقال : هلك الكراع والشاء فادع الله أن يسقينا ، فمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يديه ودعا والسماء كمثل الزجاجة ، فهاجت رحى ثم أنشأت سحابا ، ثم اجتمع ، ثم أرسلت السماء عزاليها فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا قبل منازلنا ، فلم تزل تمطر إلى الجمعة الأخرى ، فقام إليه الرجل أو غيره فقال : يا رسول الله تهدمت البيوت واحتبس الركبان ، فادع الله أن يحبسه ، فتبسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم قال : حوالينا ولا علينا ، فتصدعت‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٦٨ ح ٢.

(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٦٨ ح ١.

(٣) سورة البقرة : ٦٠.

(٤) سورة نوح : ١٠.

١٠٠