نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٨
الجزء ١ الجزء ٢

التشييع لا في العود ، لأن عليا عليه‌السلام كره أن يركب الرجل مع الجنازة في بدائه إلا من عذر ، وقال : يركب إذا رجع (١).

ويكره إتباع الميت بنار إجماعا ، ولقول الصادق عليه‌السلام : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى أن يتبع الجنازة بمجمرة (٢).

ولو اتفق الدفن ليلا واحتيج إلى المصباح جاز إجماعا ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل قبرا ليلا فأسرج له سراج. وسئل الصادق عليه‌السلام عن ذلك؟ فقال : إن ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخرج بها ليلا ومعها مصابيح (٣).

ويكره اتباع النساء الجنائز ، لقول أم عطية : نهينا عن اتباع الجنائز (٤). ولأنه مناف للستر ، ولأنه عليه‌السلام خرج فإذا نسوة جلوس ، فقال : ما يجلسكن؟ فقلن : ننتظر الجنازة ، قال : هل تغسلن؟ قلن : لا ، قال : هل تحملن؟ قلن : لا ، قال : هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن : لا قال : فارجعن مأزورات غير مأجورات (٥).

ولا يستحب لمن مرت به الجنازة القيام ، لذمي كانت أو لمسلم ، لأن زرارة قال : مرت جنازة فقام الأنصاري ولم يقم الباقر عليه‌السلام ، فقال له : ما ذا أقامك؟ فقال : رأيت الحسين بن علي يفعل ذلك ، فقال الباقر عليه‌السلام : والله ما فعل ذلك الحسين ولا قام لها أحد منا أهل البيت قط ، فقال الأنصاري : شككتني أصلحك الله وقد كنت أظن أني رأيت (٦).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٢٧ ح ٢.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٣٤ ح ٣.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٣٢ ح ٤.

(٤) جامع الأصول ١١ ـ ٤٢٠ ، سنن ابن ماجة ١ ـ ٥٠٢.

(٥) سنن ابن ماجة ١ ـ ٥٠٢ ـ ٥٠٣.

(٦) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٣٩ ح ١.

٢٦١

تتمة :

يجب تقديم الغسل والتكفين على الصلاة على الميت ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذا فعل ، وقال الصادق عليه‌السلام : لا يصلى على الميت بعد ما يدفن ولا يصلى عليه وهو عريان (١).

البحث الثالث

( في واجبات الصلاة )

القيام شرط في الصلاة مع القدرة ، فلا تجوز الصلاة قاعدا ولا راكبا مع الاختيار ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى دائما قائما ، وقال : صلوا كما رأيتموني أصلي (٢).

ويجب أن يقف المصلي وراء الجنازة مستقبل القبلة ورأس الميت على يمينه غير متباعد عنها كثيرا.

وتجب النية ، لأنها عبادة فلا بد فيها منها. والتكبير خمس مرات بينها أربعة أدعية عند علمائنا كافة ، لأن زيد بن أرقم كبّر على جنازة خمسا ، وقال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكبرها (٣). وعن حذيفة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعل ذلك. وكبّر علي عليه‌السلام على سهل بن حنيف خمسا (٤). وقال الباقر عليه‌السلام : كبّر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسا (٥).

وروى الصدوق في العلل : أن الله عز وجل فرض على الناس خمس صلوات ، فجعل للميت من كل صلاة تكبيرة (٦). وفي أخرى : أن الله تعالى فرض‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٩٥ ح ٨.

(٢) جامع الأصول ٦ ـ ٣٧٤.

(٣) جامع الأصول ٧ ـ ١٤٣.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٧٧ ح ١.

(٥) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٧٣ ح ٨.

(٦) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٧٤ ح ١٤.

٢٦٢

على الناس خمس فرائض : الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، والولاية ، فجعل للميت من كل فريضة تكبيرة (١).

ولا ينبغي الزيادة ، لأنها كيفية شرعية ، فتقف على مورده. وما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه كبّر على حمزة سبعين (٢) ، وعن علي عليه‌السلام أنه كبّر على سهل بن حنيف خمسا وعشرين (٣) ، إنما كان في صلوات متعددة.

قال الباقر عليه‌السلام ، كان إذا أدركه الناس قالوا : يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل بن حنيف ، فيضعه فيكبّر عليه خمسا حتى انتهى إلى قبره خمس مرات (٤).

ولو كبّر الإمام أكثر من خمس لم يتابعه المأموم ، لأنها زيادة غير مسنونة.

ويجب الدعاء عقيب الأربع الأول بين كل تكبيرتين على الأقوى ، لأن القصد الدعاء. فلو لم يكن واجبا لم تجب الصلاة ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذا فعل.

ويجب أن يدعو عقيب الأولى بأن يشهد الشهادتين ، ثم عقيب الثانية بأن يصلي على النبي وآله عليهم‌السلام ، ثم عقيب الثالثة بالدعاء للمؤمنين ، ثم عقيب الرابعة بالدعاء للميت ، ثم ينصرف عقيب الخامسة. لقول الصادق عليه‌السلام : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا صلى على ميت كبّر وتشهد ، ثم كبّر وصلى على الأنبياء ودعا ، ثم كبّر ودعا للمؤمنين ، ثم كبّر الرابعة ودعا للميت ، ثم كبّر وانصرف (٥).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٧٥ ح ١٦.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٧٧ ح ٣ و ٥ و ٦.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٧٧ ح ١ و ٥.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٧٨ ح ٥.

(٥) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٦٣ ح ١.

٢٦٣

البحث الرابع

( في المستحبات )

ويستحب أمور :

الأول : الطهارة ، وليست شرطا عند علمائنا كافة ، بل يجوز للمحدث والجنب والحائض أن يصلوا على الجنائز ، مع وجود الماء والتراب والتمكن منهما ، لأن الغاية الكلية الدعاء للميت ، والطهارة ليست شرطا فيه.

ولقول الصادق عليه‌السلام وقد سأله يونس بن يعقوب عن الجنازة أصلي عليها على غير وضوء؟ : نعم إنما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل ، كما تكبّر وتسبح في بيتك على غير وضوء (١). وسأله محمد بن مسلم عن الحائض تصلي على الجنازة؟ قال : نعم (٢).

لكن تستحب ، لأن عبد الحميد سأل الكاظم عليه‌السلام أيجزيني أن أصلي على الجنازة وأنا على غير وضوء؟ فقال : تكون على طهر أحب إليّ (٣).

ويجوز التيمم مع وجود الماء ، وهو أقل فضلا من الطهارة ، لأن الطهارة ليست شرطا ، ولأن سماعة سأله عن رجل مرت به جنازة وهو على غير طهر ، قال : يضرب يديه على حائط لين فيتيمم (٤). ولا يجوز أن يدخل بهذا التيمم في شي‌ء من الصلاة المفروضة والمندوبة ، فقد الماء أو لا.

الثاني : تستحب الجماعة ، وليست شرطا إجماعا ، وتستحب للنساء أن يصلين جماعة ، ولو كن مع الرجال تأخرن مؤتمات بهن. وهل يحرم التقدم على الرجال؟ أو المقارنة لو قلنا به في الفريضة؟ إشكال.

ولو كان فيهن حائض انفردت وحدها بصف ، والأولى إلحاق النفساء بها دون المستحاضة. ولو تعددت فالأولى اجتماعهن في صف منفرد عن الباقيات.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٩٩ ح ٣.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٠٠ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٩٨ ح ٢.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٩٩ ح ٥.

٢٦٤

الثالث : تستحب كثرة المصلي وليست شرطا ، بل يجزي الواحد وإن كان امرأة ، لأنها صلاة لا تفتقر إلى الجماعة ، فلم يكن من شرطها العدد كغيرها.

الرابع : يستحب أن يتحفى المصلي إن كان عليه نعل ، لما فيه من الاتعاظ والخشوع ، ولقوله عليه‌السلام : من أغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار.

الخامس : يستحب وقوف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة ، لقول علي عليه‌السلام : من صلى على امرأة فلا يقوم في وسطها ويكون مما يلي صدرها ، وإذا صلى على الرجل فليقم في وسطه (١). ولأنه أبعد عن محارمها فكان أولى.

السادس : يستحب جعل الرجل مما يلي الإمام ، والمرأة مما يلي القبلة لو اجتمعا إجماعا ، لأن أم كلثوم وابنها وضعا كذلك (٢). ولقول أحدهما عليهما‌السلام : الرجل مما يلي الإمام (٣). ولأن الرجل يكون إماما في جميع الصلوات ، فكذا هنا.

ولو كان كلهم رجالا ، استحب تقديم الأفضل إلى الإمام. ولو كان مع الرجل والمرأة صبي له ست سنين فصاعدا ، جعل مما يلي الرجل والمرأة وراءه ، ولو كان أقل أخر عن المرأة ، لعدم وجوب الصلاة عليه فأخر.

ولو كان معهم عبد وخنثى ، جعل الرجل مما يلي الإمام ، ثم العبد ، ثم الخنثى ، ثم المرأة ، ثم الصبي.

السابع : يستحب رفع اليدين في أول تكبيرة إجماعا ، واختلف في البواقي ، فالأقوى عندي كذلك ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يرفع يديه في كل تكبيرة (٤). وصلى الصادق عليه‌السلام على جنازة فكبّر خمسا ،

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٠٥ ح ١ ب ٢٧.

(٢) جامع الأصول ٧ ـ ١٥١.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨١٠ ح ١٠.

(٤) جامع الأصول ٧ ـ ١٤٣.

٢٦٥

ويرفع يديه مع كل تكبيرة (١).

الثامن : تستحب الصلاة في الأمكنة المعتادة. ويجوز أن يصلي في المساجد ، والأولى تجنبه إلا بمكة ، لقوله عليه‌السلام من صلى على جنازة في المسجد فلا شي‌ء له (٢).

وقال أبو بكر بن عيسى بن أحمد العلوي : كنت في المسجد فجي‌ء بجنازة ، فأردت أن أصلي عليها ، فجاء الكاظم عليه‌السلام ، فوضع مرفقه في صدري وجعل يدفعني حتى أخرجني من المسجد ، ثم قال : يا أبا بكر إن الجنائز لا يصلى عليها في المسجد (٣). وليس للتحريم ، لأن الصادق عليه‌السلام سئل يصلى على الميت في المسجد؟ فقال : نعم (٤).

البحث الخامس

( في اللواحق )

وهي :

الأول : إذا صلوا جماعة ، استحب أن يتقدم الإمام إن كان رجلا غير عريان (١) ، ويقف المأمومون خلفه صفوفا ، وأقل الفضل ثلاثة صفوف.

ولو كانا اثنين وقف الآخر خلفه ، بخلاف الجماعة ، ولا يقف على يمينه ، لقول الصادق عليه‌السلام في الاثنين : يقوم الإمام وحده والآخر خلفه ولا يقوم إلى جنبه (٥).

وأفضل الصفوف هنا آخرها ، لقول الصادق عليه‌السلام : قال رسول‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٨٥ ح ١.

(٢) جامع الأصول ٧ ـ ١٥٤.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٠٧ ح ٢.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٠٦ ح ١ ب ٣٠.

(٥) في « س » و « ر » عار.

(٦) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٠٥ ح ١.

٢٦٦

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خير الصفوف في الصلاة المقدم ، وفي الجنائز المؤخر ، قيل : ولم؟ قال : صار سترة للنساء (١). ويستحب تسوية الصفوف.

الثاني : لو اجتمعت جنائز الرجال ، جعل رأس الأبعد عند ورك الأقرب وهكذا صفا مدرجا ، ثم يقف الإمام وسط الصف للرواية (٢). ويحتمل التسوية.

ولو اجتمع الرجل والمرأة جعل رأس المرأة عند وسط الرجل ، ليقف الإمام موضع الفضيلة فيهما.

والأفضل تعدد الصلوات بتعدد الجنائز ، لأن القصد بالتخصيص أولى منه بالتعميم ، فإن كان هناك عجلة ، أو خيف على الأموات ، صلى على الجميع صلاة واحدة. وإذا تعددت الصلاة ، فالأولى تقديم من يخاف عليه ثم الأفضل.

ولو اختلفوا في الحكم ، فكان بعضهم ممن يجب الصلاة عليه والباقي لا يجب ، لم يجمعهم بنية متحدة الوجه ، لتضادهما.

الثالث : يكبّر على المخالف أربع تكبيرات ، لاعتقاده الاكتفاء بذلك.

الرابع : لا قراءة في الصلاة عند علمائنا كافة ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يوقت فيها قولا ولا قراءة (٣). وقال الباقر عليه‌السلام : ليس في الصلاة على الميت قراءة ولا دعاء موقت (٤) ، ولأن ما لا ركوع فيه لا قراءة فيه كسجود التلاوة.

ولا يستحب دعاء الاستفتاح ، لاستحباب التخفيف في هذه الصلاة. ولا التعوذ ، لانتفاء سببه وهو القراءة ، ويستحب الإسرار بالدعاء ، لأنه أبعد من الرياء وأقرب إلى القبول.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٠٦ ح ١.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨١٠.

(٣) جامع الأصول ٧ ـ ١٤٥.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٨٣ ح ١.

٢٦٧

الخامس : لا تسليم في هذه الصلاة ، بل يكبّر للخامسة وينصرف ، وهو يقول : عفوك عفوك. عند جميع علمائنا ، لقول ابن مسعود : لم يوقت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلاة الميت قولا. وقول الباقر والصادق عليهما‌السلام : ليس في الصلاة على الميت تسليم (١) ، ولأنه ليس لها حرمة الصلاة ، لإيقاعها من غير طهارة ولا قراءة ، فلا يشرع لها التسليم.

السادس : إذا فرغ من الصلاة يستحب أن لا يبرح من مكانه حتى ترفع الجنازة.

السابع : الميت إن كان مؤمنا دعا له في الرابعة ، وإن كان منافقا دعا عليه فيها ، وإن كان مستضعفا دعا له بدعاء المستضعفين وهو « ربنا اغفر ( لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ ) » وإن جهله سأل الله تعالى أن يحشره مع من كان يتولاه. وإن كان طفلا سأل الله أن يجعله له ولأبويه فرطا.

لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حضر جنازة عبد الله بن أبي سلول فقيل : يا رسول الله ألم ينهاك الله أن تقوم على قبره؟ قال : ويلك ما يدريك ما قلت ، إني قلت : اللهم احشر جوفه نارا واملأ قلبه نارا وأصله نارك (٢).

وصلى الحسين عليه‌السلام على منافق فقال : اللهم العن عبدك فلانا ، واخزه في عبادك ، وأذقه أشد عذابك ، فإنه يوالي أعداءك ، ويعادي أولياءك ، ويبغض أهل بيت نبيك (٣).

وقال علي عليه‌السلام في الصلاة على الطفل : اللهم اجعله لنا ولأبويه فرطا وأجرا (٤).

وصلى الباقر عليه‌السلام على من لا يعرفه ، فقال : اللهم هذا عبدك ولا‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٨٤ ح ٢ ب ٩.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٧٠ ح ٤.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٧١ ح ٦.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٨٧ ب ١٢.

٢٦٨

أعلم منه شرا ، فإن كان مستوجبا فشفعنا فيه واحشره مع من كان يتولاه (١). وقال الباقر عليه‌السلام : إذا صليت على المؤمن فادع له ، وإن كان مستضعفا فكبّر وقل : اللهم اغفر للذين تابوا الآية (٢).

الثامن : تكره الصلاة على الجنازة مرتين ، سواء اتحد المصلون أو تعددوا على الأقوى ، لأن المراد المبادرة ، ولسقوط الفرض بالصلاة الأولى فالثانية تطوع ، والصلاة على الميت لا يتطوع بها. وقول الصادق عليه‌السلام : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى على جنازة ، ثم جاءه قوم وقالوا : فأتنا الصلاة ، فقال : إن الجنازة لا يصلى عليها مرتين ادعوا له وقولوا خيرا (٣).

وقال بعض علمائنا : من فاتته الصلاة على الجنازة ، فله أن يصلي عليها ما لم يدفن ، فإذا دفن فله أن يصلي في القبر يوما وليلة ، أو ثلاثة أيام على الخلاف ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى على قبر المسكينة (٤) والظاهر أنها دفنت بعد الصلاة. وصلى علي عليه‌السلام على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة (٥) ، إما لتعظيمه وإظهار شرفه ، أو لتلاحق من لم يصل.

التاسع : يصلى على الجنائز في الأوقات الخمسة المكروهة ، لأن أبا هريرة صلى على عقيل حين اصفرت الشمس. وقول الباقر عليه‌السلام : يصلى على الجنائز في كل ساعة ، لأنها ليست صلاة ركوع وسجود ، وإنما يكره عند طلوع الشمس وغروبها التي فيها الركوع والسجود (٦). ولأنها واجبة فلا تكره ، ولأنها ذات سبب فلا تكره ولا تحرم.

العاشر : إذا حضرت جنازة وقت فريضة ، فإن خيف فوات أحدهما تعينت ، ولو لم يخف فالأولى تقديم اليومية. ولو صلى على الميت أولا جاز ،

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٦٩ ح ٧.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٦٨ ح ٣.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٨٢ ح ٢٣.

(٤) جامع الأصول ٧ ـ ١٥٥.

(٥) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٧٧ ح ١.

(٦) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٩٧ ح ٣.

٢٦٩

لأنهما فرضان فيتخير بينهما ، ولقول الباقر عليه‌السلام : عجل الميت إلى قبره إلى أن يخاف فوت الفريضة (١). وقول الصادق عليه‌السلام : ابدأ بالمكتوبة قبل الصلاة على الميت ، إلا أن يكون الميت مبطونا أو نفساء (٢) ، ومع التعارض يثبت التخيير.

الحادي عشر : لو فاته بعض الصلاة مع الإمام وأدركه بين تكبيرتين ، كبّر ودخل معه ، ولا ينتظر الإمام حتى يكبر اللاحقة ، لأنه أدرك الإمام وقد فاته بعض صلاته ، فيدخل ولا ينتظره كسائر الصلوات.

وإذا أتم الصلاة قضى ما فات مع الإمام ، لقوله عليه‌السلام : ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا (٣) ، وقول الصادق عليه‌السلام لما سأله عيص عن الرجل يدرك من الصلاة على الميت تكبيرة؟ قال : يتم ما بقي (٤). ولأنه دخل في فرض فوجب إكماله.

فإن تمكن في القضاء من الأدعية فعل ، وإن ضاق الوقت لخوف رفع الجنازة ، تابع التكبير ولاء ، لقول الصادق عليه‌السلام : إذا أدرك الرجل التكبيرة والتكبيرتين في الصلاة على الميت ، فليقض ما بقي متتابعا (٥).

ولو رفعت الجنازة قبل إتمامه ، أتم وهي على أيدي الرجال.

ولو رفعت أتم على القبر ، لقول الباقر عليه‌السلام : يتم التكبير وهو يمشي معها. وإذا لم يدرك التكبير كبّر على القبر. وإن أدركهم وقد دفن ، كبّر على القبر (٦).

ولو سبق المأموم الإمام بتكبيرة فصاعدا ، استحب له أن يعيدها مع‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٠٨ ح ٢ ب ٣١.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٠٧ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٩٢ ب ١٧ ما يشبه ذلك.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٩٣ ح ٢.

(٥) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٩٢ ح ١ ب ١٧.

(٦) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٩٣ ح ٥.

٢٧٠

الإمام ، تحصيلا لفضيلة الجماعة في جميع الصلاة.

الثاني عشر : لو صلى بعض التكبيرات ، فحضرت جنازة أخرى في الأثناء ، تخير الإمام في إتمام صلاته على الأولى ، ثم يستأنف أخرى على الثانية. وفي الاستيناف عليهما معا بعد إبطال ما كبّر. والأفضل إفراد كل جنازة بصلاة ما لم يخف على الميت.

ولو اختلف الوجه بأن جاء من يستحب الصلاة عليه وقد دخل في الواجبة ، فالأقوى وجوب الإكمال واستحب الثانية. ولو انعكس الفرض ، جاز الإتمام والاستيناف ، ولو خيف على الجنائز ، استحب الاستيناف ، كما يستحب الجمع ابتداء معه.

٢٧١
٢٧٢

الفصل السادس

( في دفنه )

وفيه مطالب :

المطلب الأول

( في واجبه )

أجمع علماء الإسلام على وجوب دفن الميت المسلم على الكفاية ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر به وفعله مع كل ميت (١).

والواجب : حفرة تحرسه عن السباع ، ويكتم رائحته عن الناس. ويجب انضجاعه على جانبه الأيمن موجها إلى القبلة ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دفن كذلك. وعمل عليه الصحابة والتابعون ، ويجب اتباع فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

المطلب الثاني

( في مستحباته )

وهي :

الأول : يستحب تعميق القبر قدر قامة ، أو إلى الترقوة ، لقول الصادق‌

__________________

(١) جامع الأصول ١١ ـ ٤٣٣.

٢٧٣

عليه‌السلام : حد القبر إلى الترقوة (١). ويكره الزيادة ، لأن الصادق عليه‌السلام قال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى أن يعمق القبر فوق ثلاثة أذرع (٢).

الثاني : أن يجعل له لحد ، بأن يحفر إذا بلغ أرض القبر في حائطه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت ، وهو أفضل من الشق ، وهو أن يحفر في قعر القبر شقا شبه النهر يوضع الميت فيه ويسقف عليه بشي‌ء ، لقوله عليه‌السلام : اللحد لنا والشق لغيرنا (٣). وقال الصادق عليه‌السلام : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحد له أبو طلحة الأنصاري (٤).

ولو كانت الأرض رخوة يخاف من اللحد الخسف فالشق أولى. وقال بعض علمائنا : يعمل له شبه اللحد من بناء ، تحصيلا للفضيلة.

الثالث : سعة اللحد بحيث يقدر الجالس فيه من الجلوس ، لقوله عليه‌السلام : وأوسعوا (٥). وقول الصادق عليه‌السلام : وأما اللحد فقدر ما يتمكن فيه من الجلوس (٦).

الرابع : وضع الجنازة على الأرض عند الوصول إلى القبر ، وإنزاله إليه في ثلاثة دفعات ولا يفدحه بالقبر دفعة واحدة ، لأنه أبلغ في التذلل والخضوع ، ولقول الصادق عليه‌السلام : ينبغي أن يوضع الميت دون القبر هنيئة ثم واره (٧).

فإن كان رجلا جعل الميت عند رجل القبر ، ويسل من قبل رأسه ، ويبدأ برأسه كما خرج من الدنيا. وإن كان امرأة جعلت قدام القبر مما يلي القبلة ،

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٣٦ ح ١ ب ١٤.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٣٦ ح ١ ب ١٤.

(٣) سنن ابن ماجة ١ ـ ٤٩٦.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٣٦ ح ١ ب ١٥.

(٥) سنن ابن ماجة ١ ـ ٤٩٧.

(٦) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٣٦ ح ٢ ب ١٤.

(٧) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٣٧ ح ١.

٢٧٤

وتنزل عرضا عند علمائنا. لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سل من قبل رأسه سلا.

وروى محمد بن عطية مرسلا قال : إذا أتيت بأخيك إلى القبر فلا تفدحه به ، ضعه أسفل من القبر بذراعين أو ثلاثة حتى يأخذ أهبته ثم ضعه في لحده (١). وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن لكل بيت بابا ، وباب القبر من قبل الرجلين (٢). وقال الصادق عليه‌السلام : إذا دخل الميت القبر إن كان رجلا سل سلا ، والمرأة تؤخذ عرضا (٣).

الخامس : نزول الولي أو من يأمره به إلى القبر في الرجل ، لطلب الرفق به ، وقول علي عليه‌السلام : إنما يلي الرجل أهله (٤). ولحد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العباس وأسامة (٥).

ويجوز أن يكون شفا أو وترا ، للحاجة وطلب الأسهل في أمره. وسأل زرارة الصادق عليه عن القبر كم يدخله؟ قال : ذلك إلى الولي إن شاء أدخل وترا ، وإن شاء شفعا (٦).

ويكره نزول ذي الرحم ، لأنه يقسي القلب ، بل يوليه غيره. أما المرأة فالأولى أن ينزلها ذو الرحم ، لأنها عورة ، قال الصادق عليه‌السلام : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قضيت السنّة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن المرأة لا يدخل قبرها إلا من كان يراها في حياتها (٧).

والزوج أولى من كل أحد ، فإن لم يكن زوج ولا ذو رحم فالنساء أولى ، فإن تعذر فالأجانب الصلحاء.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٣٨ ح ٢.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٤٩ ح ٤ و ٧.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٤٩ ح ٥.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٥٢ ب ٢٦.

(٥) جامع الأصول ١١ ـ ٣٩٢.

(٦) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٥٠ ح ١.

(٧) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٥٣ ح ١ ب ٢٦.

٢٧٥

السادس : يستحب أن يوضع تحت رأس الميت لبنة أو لوح أو شي‌ء مرتفع ، كما يصنع بالحي ، ويدنى من الحائط ، لئلا ينكب ، ويسند من ورائه بتراب ، لئلا ينقلب. قال الصادق عليه‌السلام : يجعل للميت وسادة من تراب ، ويجعل خلف ظهره مدرة لئلا يستلقي (١).

ولا ينبغي جعل مضربة ولا مخدة في القبر ، لما فيه من إتلاف المال وعدم ورود النص. وروي أنه جعل في قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قطيفة حمراء (٢).

السابع : يستحب للنازل حل أزراره والتحفي وكشف رأسه. قال الصادق عليه‌السلام : لا تنزل إلى القبر وعليك عمامة ولا قلنسوة ولا رداء ولا حذاء وحل أزرارك ، قلت : والخف؟ قال : لا بأس (٣).

وأن يكون متطهرا قال الصادق عليه‌السلام : توضأ إذا أدخلت الميت القبر (٤).

الثامن : الدعاء عند معاينة القبر ، فيقول : « اللهم اجعلها روضة من رياض الجنة ، ولا تجعلها حفرة من حفر النار ».

وإذا تناوله قال : « بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ، هذا ما وعد الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله ، اللهم زدنا إيمانا وتسليما ».

وإذا وضعه في اللحد قال : « بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللهم عبدك نزل بك وأنت خير منزول به ، اللهم افسح له في قبره وألحقه بنبيه ، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به ».

فإذا وضعت اللبن فقل : « اللهم صل وحدته ، وآنس وحشته ، وأسكن‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٤٢ ح ٥.

(٢) جامع الأصول ١١ ـ ٣٩٣.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٤٠ ح ٤.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٧٧ ح ١.

٢٧٦

إليه من رحمتك رحمة تغنيه بها عن رحمة من سواك.

فإذا خرجت من قبره فقل : « ( إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) ، و ( الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ، اللهم ارفع درجته في أعلى عليين ، واخلف على عقبه في الغابرين ، وعندك نحتسبه يا رب العالمين ».

التاسع : يحل عقد كفنه من عند رأسه ورجليه ، لأن عقدها كان لخوف انتشارها وقد أمن ذلك ، ولما أدخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نعيم بن مسعود الأشجعي القبر نزع الأحلة بفيه.

ولا يشق الكفن ، لأنه إتلاف مستغنى عنه ، وقد أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتحسين الكفن ، وتخريقه ينافي حسنه.

العاشر : يستحب أن يضع خده على التراب ، وأن يضع معه شيئا من تربة الحسين عليه‌السلام ، للأمن والستر واستدفاع العذاب.

فقد روي أن امرأة كانت تزني وتحرق أولادها خوفا من أهلها ، فلما ماتت دفنت فقذفتها الأرض ، ودفنت ثانيا وثالثا فجرى ذلك ، فسألت أمها الصادق عليه‌السلام عن ذلك وأخبرته بحالها ، فقال : إنها تعذب خلق الله بعذاب الله ، اجعلوا معها شيئا من تربة الحسين عليه‌السلام ففعل فاستقرت (١).

الحادي عشر : إذا وضعه في اللحد لقنه الولي أو من يأمره ، وهو التلقين الثاني. قال الصادق عليه‌السلام : إذا وضعته في اللحد ، فضع فمك على أذنه وقل : « الله ربك ، والإسلام دينك ، ومحمد نبيك ، والقرآن كتابك ، وعلي إمامك (٢). ثم يشرج عليه اللحد باللبن والطين ، قال الصادق عليه‌السلام : ويضع الطين واللبن (٣).

ثم يخرج من قبل الرجلين ، لما تقدم من أنه باب القبر. وقال الباقر عليه‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٤٢ ح ٢.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٦٣ ح ١ و ٨٤٣ ح ٣.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٤٨ ح ٦.

٢٧٧

السلام : من دخل القبر فلا يخرج منه إلا من قبل الرجلين (١).

الثاني عشر : إهالة التراب عليه ، وكذا يهيل الحاضرون بظهور الأكف مسترجعين ، لأن الكاظم عليه‌السلام حثى التراب على القبر بظهر كفيه (٢).

ثم يقول : اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ، هذا ما وعد الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله قاله الصادق عليه‌السلام (٣). وقال علي عليه‌السلام : من حثى على قبر ميت وقال هذا القول أعطاه الله بكل ذرة حسنة (٤). ثم يطم القبر.

الثالث عشر : أن يرفع مقدار أربع أصابع لا أزيد ، ليعلم أنه قبر فيتوقى ويترحم عليه. ورفع قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قدر شبر (٥). وقال عليه‌السلام لعلي عليه‌السلام : لا تدع تمثالا إلا طمسته ، ولا قبرا مشرفا إلا سويته (٦) وعن أحدهما عليهما‌السلام : ويلزق القبر بالأرض إلا قدر أربع أصابع مفرجات (٧).

الرابع عشر : تربيع القبر مسطحا ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سطح قبر ابنه إبراهيم ، وسطح قبر النبي عليه‌السلام ولا يفعل به غير السنّة. وعن أحدهما عليهما‌السلام : ويربع قبره (٨).

الخامس عشر : ثم يصب عليه الماء من أربع جوانبه ، مبتدئا بالرأس دورا ، فإن فضل من الماء شي‌ء صبه على وسط القبر. وقال الصادق عليه‌السلام : السنّة في رش الماء على القبر أن يستقبل القبلة ، ويبدأ من عند الرأس إلى عند‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٥٠ ح ١ ب ٢٣.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٥٤ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٥٤ ح ٢.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٥٥ ح ٤.

(٥) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٥٧ ح ٨.

(٦) جامع الأصول ١١ ـ ٤٣٤.

(٧) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٥٦.

(٨) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٥٨ ح ٩.

٢٧٨

الرجلين يدور على القبر من الجانب الآخر ، ثم يرش على وسط القبر (١).

السادس عشر : ثم يضع الحاضرون الأيدي عليه مترحمين مفرجات الأصابع. قال الباقر عليه‌السلام : إذا حثي عليه التراب وسوي قبره ، فضع كفك على قبره عند رأسه وفرج أصابعك واغمز كفك عليه بعد ما نضج بالماء (٢). وقال الباقر عليه‌السلام بعد أن وضع كفيه على القبر : « اللهم جاف الأرض عن جنبيه ، وأصعد إليك روحه ، ولقه منك رضوانا ، وأسكن قبره من رحمتك ما تغنيه عن رحمة من سواك » (٣) ثم مضى.

السابع عشر : ثم يلقنه بعد انصراف الناس عنه وليه مستقبلا للقبر والقبلة ، وهو التلقين الثالث عند علمائنا.

قال الصادق عليه‌السلام : ما على أهل الميت منكم أن يدرءوا عن ميتهم لقاء منكر ونكير ، قلت : كيف يصنع؟ قال : إذا أفرد الميت فليتخلف عنده أولى الناس به ، فليضع فمه عند رأسه ، ثم ينادي بأعلى صوته يا فلان بن فلان أو فلانة بنت فلانة هل أنت على العهد الذي فارقتنا على شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عليا أمير المؤمنين ، وأن ما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حق ، وأن الموت والبعث حق ، والله يبعث من في القبور ، قال فيقول منكر ونكير : انصرف بنا عن هذا فقد لقن حجته (٤).

وينبغي أن يسمى الأئمة عليهم‌السلام واحدا واحدا ، لأنه موضع الحاجة إليه.

الثامن عشر : يستحب تعليم القبر بحجر ، أو خشبة ، ليعرفه أهله فيترحمون عليه ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما مات عثمان بن مظعون وأخرج بجنازته فدفن أمر عليه‌السلام رجلا يأتيه بحجر فلم يستطع حمله ، فقام رسول‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٥٩ ح ١.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٦٠ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٨٢ ح ١.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٦٣ ح ١.

٢٧٩

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحسر عن ذراعيه ثم حملها فوضعها عند رأسه ، وقال : أعلّم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهله (١).

المطلب الثالث

( في المحرمات )

يحرم نبش القبور بإجماع العلماء ، لأنه منكر وهتك لحرمة الميت ، إلا في مواضع :

الأول : إذا وقع في القبر ما له قيمة ، جاز نبشه لأخذه ، حفظا للمال عن الضياع.

ولو دفع أهل الميت القيمة إليه ، لم يجب أخذها. ولا فرق بين أن تكون القيمة قليلة أو كثيرة ، لكن يكره في القليلة.

الثاني : لو دفن في أرض مغصوبة ، أو مشتركة بينه وبين غيره ولم يأذن الشريك ، فلمالكها قلعه ، لأنه عدوان فيجب إزالته.

ولو استعار للدفن ، جاز الرجوع قبله ، ويحرم بعده لأن نبش القبر محرم ، ولأن الدفن مؤبد إلى أن يبلي الميت ثم تعود إلى مالكها.

الثالث : لو كفن في ثياب مغصوبة ودفن ، نبش إن طلب مالكها عين ماله ، لأنه ملك الغير ، فلا ينتقل منه.

الرابع : لو دفن ولم يغسل قال الشيخ : لا ينبش (٢). ويحتمل عندي جوازه. وكذا لو دفن إلى غير القبلة. وكذا لو دفن ولم يكفّن. والوجه أن لا ينبش ، إذ المقصود ستره وقد حصل.

ولو دفن قبل الصلاة ، فالوجه أنه لا ينبش لاستدراكها بفعلها على القبر.

__________________

(١) جامع الأصول ١١ ـ ٤٣٥.

(٢) الخلاف ١ ـ ٢٩٨.

٢٨٠