نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٨
الجزء ١ الجزء ٢

الفصل الرابع

( في تكفينه )

وفيه مطلبان :

المطلب الأول

( في تحنيطه )

إذا فرغ من غسله نشفه بثوب لئلا تبل أكفانه ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لأم سليم : فإذا فرغت منها فألقي عليها ثوبا نظيفا. وفي حديث ابن عباس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما غسل جففوه بثوب.

ثم ينقل إلى أكفانه المبسوطة المعدة له برفق مستورا بثوب ، فيجعل عليها مستلقيا ، لأنه أمكن لإدراجه فيها.

ثم يحنطه واجبا ، بأن يمسح مساجده السبعة بالكافور بأقل اسمه ، وأقل فضله درهم ، وأزيد منه أربعة مثاقيل ، والأكمل ثلاث عشر درهما وثلث ، لأن جبرئيل عليه‌السلام نزل بأربعين درهما من كافور الجنة ، فقسمه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينه وبين علي عليه‌السلام وفاطمة عليها‌السلام أثلاثا (١). وهل كافور الغسلة من هذه الثلاثة عشر وثلث أو لا؟ قولان.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٣٠ و ٧٣١.

٢٤١

ولا يقوم غير الكافور مقامه ، فلا يجوز استعمال المسك وغيره ، إلا الذريرة ، لأن الميت كالمحرم.

ولو تعذر الكافور سقط الحنوط لعدم تسويغ غيره. ولا يجب استيعاب المساجد بالمسح.

المطلب الثاني

( في تكفينه )

وفيه مباحث :

البحث الأول

( في جنسه )

يحرم التكفين في الحرير المحض للرجال والنساء عند علمائنا ، لما فيه من إتلاف المال ، ولأن أحدا من الصحابة والتابعين لم يفعله. ولو كان سائغا لفعلوه ، لأنهم كانوا يفتخرون بجودة الأكفان ، وقد استحب الشارع تجويدها. وسأله الحسين بن راشد عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل القصب اليماني من قز وقطن هل يصلح أن يكفن فيها الموتى؟ قال : إذا كان القطن أكثر من القز فلا بأس (١) ، دل بمفهومه على التحريم مع صرافة القز.

والقصب ضرب من برود اليمن يسمى بذلك ، لأنه يصنع بالقصب ، وهو ينبت باليمن. ويحتمل عندي كراهة ذلك للمرأة ، لإباحته لها في الحياة.

ويستحب أن يكون الكفن قطنا محضا أبيض أجما ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفن في القطن الأبيض.

وقال عليه‌السلام : البسوا من ثيابكم البياض ، فإنه أطهر وأطيب ، وكفنوا فيه موتاكم (٢). وقول الصادق عليه‌السلام : الكتان كان لبني إسرائيل‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٥٣ ح ١ ب ٢٣.

(٢) سنن ابن ماجة ٢ ـ ١١٨١ ، وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٥٠.

٢٤٢

يكفنون به ، والقطن لأمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

ويكره الكتان عند علمائنا ، لقول الصادق عليه‌السلام : لا يكفن الميت في كتان (٢). وكذا يكره الممتزج بالحرير.

ويشترط أن يكون مما يجوز فيه الصلاة ، فلا يصح التكفين في الجلود. لأنها (٣) تنزع عن الشهيد ، مع أنه يدفن بجميع ما عليه ، ولا يناسب تكفين غيره بها. والأقرب جواز التكفين بالصوف والشعر والوبر ، لجواز الصلاة فيها. وفي جلود ما يؤكل لحمه إذا كان مذكى إشكال.

ويشترط فيه أيضا الطهارة إجماعا ، فلا يجوز أن يكفن في النجس ، لأنه لو لحقه نجاسة بعد التكفين وجب إزالته فقبله أولى. وأن يكون مملوكا ، فلا يجوز التكفين في المغصوب إجماعا ، لقبح التصرف في مال الغير بغير إذنه.

ويكره أن يكفن في الثياب السود إجماعا ، لأن وصف البياض بالطيب والطهور في كلامه عليه‌السلام يدل بمفهومه على كراهة ضده ، ولأنها ثياب مثله ، ولقول الصادق عليه‌السلام : لا يكفن الميت بالسواد (٤). وكذا يكره تكفين الرجل والمرأة بالمعصفر وغيره.

البحث الثاني

( في قدره )

ويجب عند أكثر علمائنا للرجل والمرأة ثلاثة أثواب : مئزر ، وقميص هو البقيرة (٥) ، وإزار ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفن في ثلاثة أثواب سحولية (٦) ،

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٥١ ح ١.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٥١ ح ٢.

(٣) في « ق » فإنها.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٥١ ح ١ ب ٢١.

(٥) كذا في « ق » و « ر » وفي « س » هو القبر.

(٦) جامع الأصول ١١ ـ ٤١٤.

٢٤٣

وسحول بفتح السين مدينة باليمن والسحول بضم السين الثياب البيض. قال الصادق عليه‌السلام : كفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ثوبين سحوليين ، وثوب حبرة يمنية عبري (١).

وقال الباقر عليه‌السلام : الكفن المفروض ثلاثة أثواب تامة ، لا أقل منه يواري به جسده كله ، فما زاد فهو سنة حتى يبلغ خمسة ، فما زاد فمبتدع (٢).

وعند بعض علمائنا الواجب لفافة تستر الميت وتعم البدن ، وما زاد مستحب للأصل.

ولو لم يوجد الثلاث ، اكتفي بما يوجد. ولو قصر الثوب عن جميعه ، ستر رأسه وجعل على رجليه حشيشا. ولو لم يكف إلا العورة ، وجب الستر بها ، لأنها أهم من غيرها ، ولا فرق بين الرجل والصبي.

ويستحب زيادة حبرة يمنية منسوبة إلى اليمن ، عبرية منسوبة إلى العبر وهو جانب الوادي ، غير مطرز بالذهب ، لأن الباقر عليه‌السلام قال : كفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ثلاثة أثواب : برد حبرة أحمر ، وثوبين أبيضين (٣) ، وكفن علي عليه‌السلام ابن حنيف في برد أحمر (٤). وكفن الحسن عليه‌السلام أسامة بن زيد في برد أحمر حبرة (٥).

ويستحب أن يزاد الرجل فرقة لشد فخذيه طولها ثلاثة أذرع ونصف في عرض شبر إلى شبر ونصف ، ويسمى « الخامسة » يلف بها فخذاه لفا شديدا.

ويستحب للرجل أيضا العمامة تبنى عليه محنكا ، ويخرج طرفاها من الحنك ، ويلقيان على صدره ، لقول الباقر عليه‌السلام : أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالعمامة (٦). وقال الصادق عليه‌السلام : العمامة سنّة (٧). وليست‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٢٦ ح ٤.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٢٦ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٢٦ ح ٣.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٢٦ ح ٣.

(٥) نفس المصدر.

(٦) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٢٦ ح ١.

(٧) نفس المصدر.

٢٤٤

من الكفن ، فلو سرقها النباش لم يقطع وإن بلغت النصاب ، لأن القبر حرز الكفن خاصة.

فللرجل خمسة غير العمامة ، الواجب منها ثلاثة : أما المرأة فيستحب لها الخمسة أيضا ، وزيادة لفافتين أو لفافة ونمطا ، فيكون المستحب لها سبعة ، ويعوض عن العمامة بقناع.

ولا يجوز الزيادة على ذلك في الرجل والمرأة ، لما فيه من إضاعة المال المنهي عنه.

البحث الثالث

( في الكيفية )

إذا أراد تكفينه يستحب له أن يغتسل أولا ، فإن لم يفعل استحب له أن يتوضأ ، فإن لم يتفق غسل يديه إلى ذراعيه ، لأنه استظهار في التطهير ، ولقول العبد الصالح عليه‌السلام : يغسل الذي غسله يديه قبل أن يكفنه إلى المنكبين ثلاث مرات ، ثم إذا كفنه اغتسل (١). وهذا الوضوء كاف عن وضوء الصلاة مع انضمام الغسل.

ثم يطيب الكفن بالذريرة ، لقول الصادق عليه‌السلام : وتبسط اللفافة طولا ويذر عليها من الذريرة (٢).

ويستحب أن يؤخذ أحسن اللفائف (١) وأوسعها ، فتبسط أولا ليكون الظاهر للناس أحسنها ، كالحي يجعل الظاهر أفخر ثيابه. ويجعل عليها حنوطا ، ثم تبسط الثانية التي تليها في الحسن (٢) والسعة ، ويجعل فوقها ذريرة أيضا ، ثم ينقل الميت إليها.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٦١ ح ٢.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٤٦.

(٣) في « ق » اللفافين.

(٤) في « ف » الجنس.

٢٤٥

ويستحب أن يكتب على الحبرة والقميص واللفافة والجريدتين أنه يشهد الشهادتين ، ويسمى الأئمة عليهم‌السلام واحدا واحدا ، لأن الصادق عليه‌السلام كتب في حاشية كفن ولده إسماعيل « يشهد أن لا إله إلا الله » (١). ويكون ذلك بتربة الحسين عليه‌السلام ، فإن تعذر فبالإصبع. ويكره أن يكتب بالسواد.

ويستحب أن يجعل بين أليتيه شيئا من القطن الخالص من جنسه ، لئلا يخرج منه شي‌ء ، ولا يدخل في دبره ، بل يبالغ في إدخاله بين أليتيه.

ثم يشد فخذيه بالخامسة ، يضم فخذيه ضما شديدا. ويضع على المذاكير شيئا من القطن ، ثم يخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن ، ويغمزها في الموضع الذي لف فيه الخرقة ، ويلف فخذيه من حقويه إلى ركبتيه لفا شديدا ، ثم يأخذ الإزار فيوزره به ، ويكون عريضا يبلغ من صدره إلى الرجلين ، فإن نقص عنه لم يكن به بأس.

ثم يحنط مساجده بالكافور ، فإن فضل منه شي‌ء ، جعله على صدره ومسحه به ، ثم يرد القميص عليه ، ويأخذ الجريدتين ويجعل إحداهما من جانبه الأيمن مع ترقوته ويلصقها بجلده ، والأخرى من الأيسر ما بين القميص والإزار.

ويعممه فيأخذ وسط العمامة فيثنيها على رأسه بالدور ، ويحنكه بها ، ويطرح طرفيها على صدره. ولا يعممه عمة الأعرابي بغير حنك. ثم يلفه في اللفافة فيطوي جانبها الأيسر على جانبه الأيمن ، وجانبها الأيمن على جانبه الأيسر. ثم يصنع بالحبرة أيضا مثل ذلك ، ولو لم يوجد حبرة استحب التعويض بلفافة أخرى ، ويعقد طرفيها مما يلي رأسه ورجليه.

والواجب من ذلك أن يوزره ، ثم يلبسه قميصه ، ثم يلفه بالإزار.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٥٧ ح ١.

٢٤٦

البحث الرابع

( في محل الكفن )

محل كفن الرجل تركته إجماعا ، ويقدم الواجب على جميع الديون والوصايا ، لقول الصادق عليه‌السلام : ثمن الكفن من جميع المال (١). مقدم على جميع الديون والوصايا ، ولو ضاقت التركة قدم الكفن وضاع الدين.

ولو لم يخلف شيئا أصلا ، لم يجب على أحد بذل الكفن عنه ، قريبا كان أو بعيدا ، سواء وجبت النفقة عليه في حياته أو لا ، للبراءة الأصلية ويدفن عريانا. ولو كان في بيت المال فضل ، كفن منه.

وكذا الماء والكافور والسدر إلا المملوك ، لكن يستحب استحبابا مؤكدا.

وأما المرأة فإن كان لها زوج كان كفنها عليه ، عند جميع علمائنا ، سواء كانت موسرة أو معسرة ، لقول علي عليه‌السلام : على الزوج كفن امرأته إذا ماتت (٢).

وأما المملوك ، فيجب على مولاه بالإجماع ، لاستمرار حكم رقبته إلى الوفاة.

وإنما يخرج من صلب التركة الكفن الواجب ، وهو القميص والإزار واللفافة خاصة بأدون ثمن يكون ، ولا فرق بين أن يوصي به أو لا. أما الزائد على الواجب ، فإن اتفق الورثة عليه ولا دين ، أو كان ووافق صاحبه ، أو كان فاضلا عنه ، أو أوصى به ، وهو يخرج من الثلث أخرج.

ولو تشاح الورثة ولا وصية ، أو ضاق الثلث عنه ، اقتصر على ما يحتمله الثلث.

ولو أوصى بإسقاط الزائد على الواجب ، نفدت وصيته.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٥٨ ب ٣١.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٥٩ ح ١.

٢٤٧

ولو أوصى بإخراج الكفن من عين فتعذرت ، فإن لم ترد الوصية على الواجب ، أخرج من غيرها وكانت العين ميراثا. ولو زادت وهو يخرج من الثلث ، أخرج الواجب من غيرها ، وسقط الزائد مطلقا.

ولو أوصت الزوجة بالكفن ، صحت من الثلث في الواجب وغيره ، لأنه ينزع منها. ولو كان الزوج فقيرا لا يزيد ما معه عن قوت يوم وكانت موسرة ، أخرج الكفن من تركتها. ولو ملك ما يقصر عن الواجب ، أخرج منه قدر ما معه والباقي من تركتها.

ولا فرق بين أن تكون الزوجة صغيرة أو كبيرة ، مدخولا (١) بها أو لا ، حرة أو أمة.

أما غير الكفن من ماء الغسل والسدر والكافور ، فالأقرب أنه على الزوج أيضا.

البحث الخامس

( في بقايا مسائله )

الأول : إذا أخذ السيل الميت ، أو أكله السبع وبقي الكفن ، كان للورثة دون غيرهم ، لأن الميت لا يملك شيئا ، وهذا عين تركته. ولو تبرع أجنبي به ، فالأولى أنه للورثة أيضا.

الثاني : يستحب الجريدتان من النخل مع جميع الأموات ، لقوله عليه‌السلام : خضروا صاحبكم (١) ، أي اجعلوا معه جريدة خضراء. وقول الصادق عليه‌السلام : يوضع للميت جريدة في اليمين والأخرى في اليسار ، فإن الجريدة تنفع المؤمن والكافر (٢).

__________________

(١) في « ق » دخل.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٣٩ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٣٧ ح ٦.

٢٤٨

ولو كان هناك تقية ولم يتمكن من وضعها في الكفن ، طرحت في القبر. فإن لم يقدر ، دفن بغير جريدة.

ويستحب أن يكونا رطبتين ، لأن القصد استدفاع العذاب ما دامت رطبة ، قيل للصادق عليه‌السلام : لأي شي‌ء يكون مع الميت جريدة؟ قال : يتجافى عنه العذاب ما دامت رطبة (١).

ويستحب أن يكون من النخل ، فإن تعذر فمن السدر ، فإن تعذر فمن شجر رطب. ويكون قدر كل واحدة قدر عظم الذراع.

الثالث : يكره تجمير الأكفان ، لعدم الأمر به ، ولقول الصادق عليه‌السلام : لا تجمروا الأكفان ، ولا تمسوا موتاكم بالطيب إلا بالكافور ، فإن الميت بمنزلة المحرم (٢).

الرابع : يستحب سحق الكافور باليد. ولا ينبغي أن يكون فيه شي‌ء من المسك والعنبر. ويكون من الجيد الخالص لا المغشوش بالنار.

الخامس : يكره أن يوضع شي‌ء من الكافور والمسك والقطن في سمع الميت وبصره وفيه وجرحه النافذ ، إلا أن يخاف خروج شي‌ء منها ، فيوضع عليه القطن عند علمائنا ، لأن ذلك يفسدها فتجتنب. وقال الصادق عليه‌السلام : لا تجعل في مسامع الميت حنوطا (٣).

السادس : يكره قطع الكفن بالحديد ، قال الشيخ : سمعناه مذاكرة من الشيوخ وعليه كان عملهم ، ولا بد له من أصل ، وكذا بل الخيوط التي يخاط بها الكفن بالريق.

السابع : يكره أن يعمل لما يبتدئ من الأكفان أكمام ، ولو كفن في قميص كان يلبسه لم يقطع كمه وكان جائزا. وسئل الصادق عليه‌السلام الرجل‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٣٦ ح ٤.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٣٤ ح ٥.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٤٧ ح ٤.

٢٤٩

يكون له قميص أيكفن فيه؟ فقال : اقطع أزراره قلت : وكمه؟ قال : لا إنما ذلك إذا قطع له وهو جديد لم يجعل له كما. فأما إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه إلا أزراره (١).

الثامن : إذا سقط من الميت شي‌ء ، غسل وجعل معه في أكفانه إجماعا ، لأولوية جميع أجزاء الميت في موضع واحد.

التاسع : الشهيد لا يكفن كما لا يغسل ، بل يدفن بثيابه ، ولو جرد كفن ولا يدفن عريانا.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٥٦ ح ٢ ب ٢٨.

٢٥٠

الفصل الخامس

( في الصلاة عليه )

وفيه مطالب :

المطلب الأول

( المحل )

يجب الصلاة على كل ميت مسلم ، ومن هو بحكمه إذا بلغ ست سنين خاصة وصدره ، شهيد وغيره.

فلا يجوز الصلاة على الكافر ذميا كان أو مرتدا أو غيرهما بإجماع العلماء ، ولقوله تعالى ( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً ) (١) ولا يجب على المسلمين تكفينه ولا دفنه ولا غسله وإن كان ذميا ، لأن الذمة قد انتهت بالموت.

والصبي من أولاد المسلمين إن بلغ ست سنين وجبت الصلاة عليه ، لأنه الحد الذي يؤمر معه بالصلاة.

ولا يجب لو نقص سنه عن ذلك للأصل ، ولأن الصلاة على الميت استغفار وشفاعة ، فلا معنى للشفاعة فيمن لا يؤمر بالصلاة وجوبا ولا ندبا. وسئل الصادق عليه‌السلام متى تجب عليه؟ قال : إذا كان ابن ست سنين (٢).

__________________

(١) سورة التوبة : ٨٤.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٨٧ ح ١.

٢٥١

نعم تستحب الصلاة عليه ، لقول الكاظم : يصلي على الصبي على كل حال ، إلا أن يسقط لغير تمام (١).

ولو خرج بعضه واستهل ، ثم مات ، استحب الصلاة عليه وإن كان الخارج أقله ، لحصول الشرط وهو الاستهلال.

ولا تستحب الصلاة على السقط.

ولو وجد ميت لا يعلم كفره ولا إسلامه ، فإن كان في دار الإسلام ألحق بالمسلمين ، وإلا فبالكفار.

ولو امتزج أموات المسلمين بأموات الكفار ، صلي عليهم جميعا بنية إفراد الصلاة على المسلمين خاصة. ويجوز أن يصلى على كل واحد واحد بنية الصلاة عليه إن كان مسلما ، سواء كان المسلمون أكثر أو أقل.

يصلى على كل مظهر للشهادتين من سائر فرق الإسلام. ولا يصلى على أطفال المشركين ، لإلحاقهم بآبائهم.

ولا تجب الصلاة على كل من اعتقد ما يعلم بطلانه من الدين كالخوارج والغلاة. وتجب على الفاسق ، لقوله عليه‌السلام : صلوا على كل بر وفاجر (٢).

ويشترط حضور الميت عند جميع علمائنا ، فلا يجوز الصلاة على الغائب عن البلد ، وإلا لصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الأمصار ، وكذا الأعيان من الصحابة ، ولو فعل ذلك لاشتهر وتواترت مشروعيته ، ولأن حضور الجنازة شرط كما لو كانت في البلد.

وصلاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على النجاشي إما بمعنى الدعاء له ، أو أن الأرض زويت له فأرى الجنازة ، ويؤيد الأول ما رواه زرارة ومحمد بن مسلم‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٨٩ ح ٤.

(٢) سنن ابن ماجة ١ ـ ٤٨٨ ما يشبه ذلك.

٢٥٢

قلت له : فالنجاشي لم صلى عليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : لا إنما دعا له (١).

وليس ظهوره شرطا ، فلو دفن قبل الصلاة عليه صلى على القبر ولم ينبش إجماعا. والعاري يترك في القبر وتستر عورته بالتراب ، ثم يصلى عليه ثم يدفن.

وإذا دفن الميت قبل الصلاة عليه ، صلي على قبره ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى على قبر مسكينة دفن ليلا (٢). وصلى على قبر رجل كان يقيم بالمسجد دفن ليلا.

واختلف في تقدير الصلاة على القبر ، فقال بعض علمائنا : يصلى عليه يوما وليلة لا أزيد. وقال آخرون : إلى ثلاثة أيام ، ولا يجوز الصلاة بعدها ، لقول الكاظم عليه‌السلام : لا يصلى على المدفون (٣). خرج ما قدرناه بالإجماع ، فيبقى الباقي على المنع.

ولا يصلى على المدفون إذا كان قد صلي عليه قبل دفنه ، عند جميع علمائنا. ولو دفن بغير صلاة ، ثم قلع صلي عليه مطلقا.

ويصلى على الشهيد عند جميع علمائنا ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج يوما صلى على أهل أحد صلاته على الميت ، ثم انصرف إلى المنبر. وقال ابن عباس : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى على قتلى أحد ، وكان يقدمهم تسعة تسعة وحمزة عاشرهم (٤). وقال الصادق عليه‌السلام : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفن حمزة في ثيابه ولم يغسله ، ولكنه صلى عليه (٥).

ويصلى على المقتول ظلما ، أو دون ماله أو نفسه أو أهله ، عند جميع‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٩٥ ح ٥.

(٢) جامع الأصول ٧ ـ ١٥٥.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٩٥ ح ٨.

(٤) سنن ابن ماجة ١ ـ ٤٨٥.

(٥) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٠٠ ح ٩.

٢٥٣

علمائنا ، لعموم « صلوا على من قال لا إله إلا الله » (١).

ويصلى على الصدر والقلب ، أو الصدر وحده عند جميع علمائنا ، لأن الصلاة تثبت لحرمة النفس ، والقلب محل الأعراض النفسانية ، ومنه ينبت الشرايين السارية في البدن ، وهو الرئيس على جميع الأعضاء ، فكأنه الإنسان حقيقة ، ولقول الكاظم عليه‌السلام في الرجل يأكله السبع ، فيبقى عظامه بغير لحم ، قال : يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن (٢).

فإذا كان الميت نصفين صلي على النصف الذي فيه القلب. ولا فرق بين الرأس وغيره من الأعضاء.

ولو وجد الصدر بعد دفن الميت ، غسل وصلي عليه ودفن.

ولو أبينت القطعة من حي في المعركة ، دفن من غير غسل ولا صلاة. وإن كان فيها عظم ، لأنها من جملة لا يغسل على إشكال ، ينشأ من اختصاص الشهادة بالجملة.

والمرجوم يصلى عليه بعد قتله. وكذا المرجومة ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجم الغامدية وصلى عليها ، فقال عمر : ترجمها وتصلي عليها؟ فقال : لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لو سعتهم (٣). ويصلي الإمام وغيره.

ويصلى على ولد الزنا إجماعا ، لأنه مسلم فيندرج تحت العموم. ويصلى أيضا على النفساء ، وعلى كل مسلم وإن كان تاركا للصلاة ، أو منع زكاة ماله. وعلى الغالي وهو الذي يكتم غنيمته أو بعضها ليأخذه لنفسه. وكذا قاتل نفسه عمدا.

ولا فرق في وجوب الصلاة بين الذكر والأنثى ، والحر والعبد ، والفاسق‌

__________________

(١) الخلاف ١ ـ ٣٩٠.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨١٥ ح ١.

(٣) جامع الأصول ٤ ـ ٢٨٢.

٢٥٤

والعدل ، لأن هشام بن سالم سأل الصادق عليه‌السلام عن شارب الخمر والزاني والسارق يصلى عليهم إذا ماتوا؟ فقال : نعم (١).

المطلب الثاني

( في المصلي )

أولى الناس بالصلاة أولاهم بالميراث ، لقوله تعالى ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) (٢) وهو أولى من الوصي إذا أوصى إليه الميت بالصلاة عليه ، للآية ، ولأنها ولاية يترتب العصبات ، فكان الولي أولى ، كولاية النكاح. وقول الصادق عليه‌السلام : يصلي على الجنازة أولى الناس بها ، أو يأمر من يحب (٣). وهو أولى من الوالي للآية والخبر.

نعم إمام الأصل أولى من كل أحد. ويجب على الولي تقديمه ، لأن عليا عليه‌السلام قال : الإمام من صلى على الجنازة. وقال عليه‌السلام : إذا حضر سلطان الله جنازة ، فهو أحق بالصلاة عليها إن قدمه ولي الميت وإلا فهو غاصب (٤).

ولو لم يقدمه الولي ، فالأولى أن له التقدم ، لأن له من الولاية ما كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد قال الله تعالى ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (٥) ويحتمل المنع ، لما تقدم من حديث علي عليه‌السلام.

وإذا تعدد الأولياء كان الأب أولى من الجد ، لأنه الوارث له دونه ، ومن الولد وإن شاركه ، لأنه أرق وأشفق عليه ، فدعاؤه لابنه أقرب إلى الإجابة. والجد للأب أولى من الأخ للأبوين. والابن وإن نزل أولى من الجد ، لأنه أحق‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨١٤ ح ١.

(٢) سورة الأحزاب : ٦.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٠١ ح ١ و ٢.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٠١ ح ٤.

(٥) سورة الأحزاب : ٦.

٢٥٥

بالميراث منه. والأكثر نصيبا أولى ، كالعم أولى من الخال ، والأخ للأب أولى من الأخ للأم.

ولو عدم العصبات ، احتمل تقديم المعتق ، لقوله عليه‌السلام : الولاية لحمة كلحمة النسب (١) ، ولأنه أحق بالميراث.

والزوج أولى من كل أحد ، لأن الصادق عليه‌السلام سئل عن المرأة تموت من أحق بالصلاة عليها؟ قال : زوجها ، قلت : الزوج أحق من الأب والولد والأخ؟ قال : نعم (٢).

وإنما يتقدم الولي إذا كان بشرائط الإمامة ، وقد تقدمت في الجماعة. فإن لم يستكملها استناب ، فمن قدمه فهو بمنزلته. وليس للنائب أن يستنيب ، لاختصاصه باعتقاد إجابة دعائه.

وينبغي للولي أن يقدم الهاشمي ، مع اجتماع الشرائط ، لقوله عليه‌السلام : قدموا قريشا ولا تقدموها (٣) ، وليس له التقدم بدون إذن الولي إجماعا.

والحر البعيد أولى من العبد القريب. والفقيه العبد أولى من غيره الحر. فإن اجتمع صبي ومملوك ونساء ، فالمملوك أولى لصحة إمامته.

وإذا ازدحم الأولياء قدم الأقرأ ، فالأفقه ، فالأسن كالمكتوبة ، لعموم قوله عليه‌السلام يؤمكم أقرؤكم (٤). فإن تساووا وتشاحوا أقرع ، لتساوي حقوقهم.

ولو لم يكن معه إلا نساء ، صلين عليه جماعة ، تقف إمامتهن وسطهن من غير بروز ، لأنهن من أهل الجماعة ، وكان لهن الجماعة هنا كالرجال. وصلى‌

__________________

(١) صحيح مسلم ٢ ـ ١١٤٤ ما يشبه ذلك.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٠٢ ح ١ و ٢.

(٣) كنز العمال ٦ ـ ١٩٨.

(٤) جامع الأصول ٦ ـ ٣٧٦.

٢٥٦

أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على سعد بن أبي وقاص (١). وسئل الباقر عليه‌السلام المرأة تؤم النساء؟ قال : لا إلا على الميت إذا لم يكن أحد أولى منها ، تقوم وسطهن وتكبّر ويكبّرن (٢).

ويجوز للشابة أن تخرج إلى الجنازة على كراهية ، لما فيه من الافتتان ، وقال الصادق عليه‌السلام : ليس ينبغي للشابة أن تخرج إلى الجنازة تصلي عليها ، إلا أن تكون امرأة دخلت في السن (٣).

وإذا صلت المرأة على الميت ، سقط الفرض عن الرجال ، وإن كانت حال اختيار. وكذا لو صلى الفاسق منفردا ، لأنه فرض كفاية قام به من يصح إيقاعه منه ، فتسقط عن الباقين. أما الصبي فلا يسقط الفرض بصلاته ، وإن كان مراهقا.

وإذا صلى العراة ، وقفوا صفا كالنساء ، ويقف إمامهم وسطهم ، ولا يتقدمهم لئلا تبدو عورته.

وجامع الشرائط ليس له التقدم إلا بإذن الولي المكلف ، وإن لم يكن جامعا لها ، لأنه حق له ليس لأحد مزاحمته فيه. ولو لم يكن هناك ولي يقدم بعض المؤمنين.

وإذا اجتمع جنائز وتشاح أولياؤهم فيمن يتقدم للصلاة عليهم ، قدم أولاهم بالإمامة في الفرائض. ويحتمل تقديم من سبق ميته. ولو أراد ولي كل ميت إفراد ميته بصلاته جاز إجماعا.

__________________

(١) جامع الأصول. ١٥٣.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٠٣ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨١٨ ح ٣.

٢٥٧

المطلب الثالث

( في الكيفية )

وفيه مباحث :

البحث الأول

( في المقدمات المستحبة )

يستحب تشييع الجنائز بالإجماع ، وقد أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به وحث عليه (١). قال الباقر عليه‌السلام : من شيع جنازة امرئ مسلم أعطي يوم القيامة أربع شفاعات ، ولم يقل شيئا إلا قال الملك : ولك مثل ذلك (٢).

ومراتبه ثلاث :

الأول : أن يصلي وينصرف.

الثاني : أفضل منه أن يتبعها إلى القبر ، ثم يقف حتى يدفن ، لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط ، ومن شهد حتى يدفن كان له قيراطان ، قيل : وما القيراطان؟ قال : مثل الجبلين العظيمين (٣).

الثالث : أن يقف بعد الدفن فيستغفر له ويدعو له بالرحمة ويسأل له التثبيت ، لأنه عليه‌السلام كان إذا دفن ميتا وقف فقال : استغفروا له واسألوا الله له التثبيت ، فإنه الآن يسئل (٤). قال علي عليه‌السلام : من تبع جنازة كتب له أربع قراريط : قيراط لاتباعه إياها ، وقيراط للصلاة عليها ، وقيراط للانتظار حتى يفرغ من دفنها ، وقيراط للتعزية (٥).

__________________

(١) جامع الأصول ١١ ـ ٤١٨.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٢٠ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٢٣.

(٤) جامع الأصول ١١ ـ ٤٣٦.

(٥) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٢٢ ح ١.

٢٥٨

ويستحب لمشيع الجنازة أن يكون متخشعا متفكرا في حاله ، متعظا بالموت وبما يصير إليه الميت ، ولا يتحدث بشي‌ء ، من أحوال الدنيا ، ولا يضحك.

وأن يكون ماشيا خلف الجنازة ، متبعا لها أو إلى أحد جانبيها من غير تقدم عليها ، لأن المستحب التشييع والمشيع متأخر ، ولأنها متبوعة فكانت متقدمة. وسأل أبو سعيد الخدري أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أخبرني يا أبا الحسن عن المشي مع الجنازة؟ فقال : فضل الماشي خلفها على الماشي قدامها كفضل المكتوبة على المتطوع ، فقلت : أتقول هذا برأيك أم سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فقال : بل سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

وقال الباقر عليه‌السلام : المشي خلف الجنازة أفضل من بين يديها (٢).

وإذا رأى مع الجنازة منكرا ، أنكره إن تمكن. فإن لم يقدر على إزالته ، لم يمتنع لأجله من الصلاة عليه ، لسقوط الإنكار مع العجز ، فلا يسقط الواجب ، قال زرارة : حضرت في جنازة فصرخت صارخة ، فقال عطاء : لتسكتن أو أرجع ، فلم تسكت فرجع ، فقلت ذلك للباقر عليه‌السلام فقال : امض بنا فلو أنا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحق تركنا له الحق لم نقض حق مسلم (٣).

ويجوز للمشيع أن يجلس إذا تبع الجنازة قبل أن توضع في اللحد من غير كراهة ، للأصل ، ولقول علي عليه‌السلام : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمر بالقيام ، ثم جلس وأمر بالجلوس (٤).

وقال عبادة بن الصامت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان في جنازة لم يجلس حتى توضع في اللحد ، فاعترض بعض اليهود وقال : إنا لنفعل‌

__________________

(١) بحار الأنوار ٨١ ـ ٢٨٤.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٢٤ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨١٨ ح ١.

(٤) جامع الأصول ١١ ـ ٤٢٦.

٢٥٩

ذلك ، فجلس وقال : خالفوهم (١).

ويستحب لمن رأى جنازة أن يقول : « الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم ».

ويستحب تربيع الجنازة ، وهو حملها من جوانبها الأربع عند جميع علمائنا ، لقول الصادق عليه‌السلام : يبدأ في الحمل من الجانب الأيمن ، ثم يمر عليه من خلفه إلى الجانب الآخر ، حتى يرجع إلى المقدم ، كذلك دور الرحى (٢).

وينبغي أن يبدأ بمقدم السرير الأيمن ، ثم يمر عليه إلى مؤخره ، ثم بمؤخر السرير الأيسر ويمر عليه إلى مقدمه.

وينبغي أن يمشي بالجنازة وسطا بغير إسراع ، لقوله عليه‌السلام : عليكم بالقصد في جنائزكم ، ولأنه قد ورد : من مشى خلف جنازة كتب له بكل خطوة قيراطا من الأجر (٣).

البحث الثاني

( في المكروهات )

يكره الركوب خلف الجنازة مع القدرة على المشي ، لأنه عليه‌السلام خرج في جنازة ، فرأى ناسا ركبانا ، فقال : ألا تستحيون أن ملائكة الله على أقدامهم وأنتم على ظهور الدواب (٤). وقال الصادق عليه‌السلام : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جنازة يمشي ، فقال بعض أصحابه : ألا تركب؟فقال : إني أكره أن أركب والملائكة يمشون (٥).

ولو احتاج إلى الركوب ، زالت الكراهة إجماعا. والكراهة إنما تثبت في‌

__________________

(١) جامع الأصول ١١ ـ ٤٢٣.

(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٣٠ ح ٥.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٢١ ح ٦.

(٤) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٢٧ ح ٣ ، جامع الأصول ١١ ـ ٤٢٠ ـ ٤٢١.

(٥) وسائل الشيعة ٢ ـ ٨٢٧ ح ١ ، جامع الأصول ١١ ـ ٤٢١.

٢٦٠