نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٨
الجزء ١ الجزء ٢

الفصل الثالث

( في المحل )

إنما تجب الزكاة عند علماء آل محمد عليهم‌السلام في تسعة أجناس : الإبل والبقر والغنم ، والحنطة والشعير والتمر والزبيب ، والذهب والفضة. لأصالة البراءة ، وقول الصادق عليه‌السلام : الزكاة على تسعة أشياء : الذهب والفضة ، والحنطة والشعير والتمر والزبيب ، والإبل والبقر والغنم. وعفا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عما سوى ذلك (١). ويستحب فيما يأتي :

فهنا مطالب :

المطلب الأول

( في زكاة الأنعام )

وفيه مباحث :

البحث الأول

( في زكاة الإبل )

وفيه مقامات :

__________________

(١) وسائل الشيعة ١ ـ ٣٤ ح ٤ و ٥.

٣٢١

المقام الأول

( في مقادير النصب والفرائض )

وهي اثنا عشر نصابا : الأول : خمس. الثاني : عشر. الثالث : خمسة عشر. الرابع : عشرون. الخامس : خمس وعشرون. السادس : ستة وعشرون. السابع : ستة وثلاثون. الثامن : ست وأربعون. التاسع : إحدى وستون. العاشر : ستة وسبعون. الحادي عشر : إحدى وتسعون. الثاني عشر : مائة وإحدى وعشرون.

للإجماع على أنه لا زكاة فيما دون الخمس. وقال الباقر والصادق عليهما‌السلام : ليس في الإبل شي‌ء حتى تبلغ خمسا ، فإذا بلغت خمسا ففيها شاة ، ثم في كل خمس شاة حتى تبلغ خمسا وعشرين ، فإذا زادت عن خمس وعشرين ففيها بنت مخاض ، فإذا لم يكن فيها بنت مخاض فابن لبون ذكرا إلى خمس وثلاثين ، فإذا زادت على خمس وثلاثين فابنة لبون إلى خمس وأربعين ، فإذا زادت فحقة إلى ستين ، فإذا زادت فجذعة إلى خمس وسبعين ، فإذا زادت فابنتا لبون إلى تسعين ، فإذا زادت فحقتان إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون (١). وليس في شي‌ء من الحيوان زكاة غير هذه الأصناف.

إذا عرفت هذا ففي كل خمس من الإبل شاة إلى خمس وعشرين ، فإذا بلغت ذلك ففيها خمس شياه ، فإذا زادت واحدة ففيها بنت لبون ، ثم ليس فيها شي‌ء إلى أن تبلغ ستة وأربعين ففيها حقة ، ثم ليس فيها شي‌ء إلى أن تبلغ إحدى وستين ففيها جذعة ، ثم ليس فيها شي‌ء إلى أن تبلغ ستة وسبعين ففيها بنتا لبون ، ثم ليس فيها شي‌ء إلى أن تبلغ إحدى وتسعين ففيها حقتان ، ثم ليس فيها شي‌ء إلى أن تبلغ مائة وإحدى وعشرين ففي كل خمسين حقة ، وفي كل أربعين بنت لبون ، وهكذا في الزائد مطلقا ، ففي كل مائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون. ثم ليس فيها شي‌ء إلى أن تبلغ مائة وثلاثين ففيها حقة وبنتا‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ ـ ٧٣ ح ٣.

٣٢٢

لبون ، ثم ليس فيها شي‌ء حتى تبلغ مائة وأربعين ففيها حقتان وبنت لبون وهكذا.

المقام الثاني

( في الأسنان )

الشاة المأخوذة في الإبل والغنم أقلها الجذع من الضأن ، وهو ما كمل سبعة أشهر. ومن المعز الثني ، وهو ما كمل سنة ودخل في الثانية ، لقول سويد بن غفلة : أتانا مصدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : نهينا أن نأخذ المواضع وأمرنا بالجذعة والثنية (١). والخيار إلى المالك (١) في إخراج أيهما شاء ، لإجزاء كل منهما. ويجزي الذكر والأنثى ، لصدق الإطلاق فيهما.

وبنت المخاض : ما كمل لها سنة ودخلت في الثانية ، فصارت أمها ماخضا أي حاملا.

وبنت اللبون : هي التي لها سنتان ودخلت في الثالثة ، فصارت أمها ذات لبن.

والحقة : ما كمل لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة ، فاستحقت أن يطرقها الفحل وأن تحمل.

والجذعة : ما كمل لها أربع سنين ودخلت في الخامسة ، وهي أعلى أسنان الإبل المأخوذة في الزكاة.

وليس كون الأم ماخضا شرطا في بنت المخاض ، وإنما ذكر ذلك للتعريف بغالب حالها. وكذا بنت اللبون.

__________________

(١) جامع الأصول ٨ ـ ٣٢٦.

(٢) في « س » الباذل.

٣٢٣

المقام الثالث

( في الإبدال )

من وجب عليه سن من الإبل وليست عنده ، بل أرفع منها بدرجة ، أو أنزل بدرجة ، دفع ما عنده واسترجع من العامل شاتين ، أو عشرين درهما ، أو دفع ذلك إليه ، إلا في بنت المخاض فلا يأخذ أنزل منها ، لأنها أدون أسنان الإبل إلا بالقيمة السوقية ، وإلا الجذعة فإنه لا يأخذ أعلى منها إلا بالقيمة أيضا ، لأنها أعلى أسنان ما يؤخذ في الزكاة.

لقوله عليه‌السلام : ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة ، فإنه تقبل منه الحقة ، ويجعل معها شاتين إن استيسر ماله أو عشرين درهما. ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين (١).

ونحوه عن علي عليه‌السلام وساق في الحديثين أسنان الإبل ، فلو وجبت عليه بنت مخاض وعنده بنت لبون دفعها واسترجع شاتين أو العشرين.

وكذا بين بنت اللبون والحقة والجذعة ، ولا جبران بين بنت المخاض وابن اللبون ، بل يجبر علو سنه نقص ذكوريته.

فلو وجب عليه بنت مخاض وليست عنده وعنده ابن لبون ذكر دفعه ولا شي‌ء له ولا عليه ، لقول علي عليه‌السلام : ومن لم يكن عنده ابنة مخاض على وجهها وعنده ابن لبون ، فإنه يقبل منه وليس معه شي‌ء (٢).

فروع :

الأول : لو وجد من وجب عليه سن الأعلى والأدون ، تخير في دفع أيهما شاء ، فإن دفع الأعلى استرجع من المصدق وإن دفع الأدون دفع الجبران ، ولا‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ ـ ٨٧ ، جامع الأصول ٨ ـ ٣١٠.

(٢) نفس المصدر من الوسائل.

٣٢٤

خيار للعامل في ذلك بل للمالك ، لأن التخيير في الرواية له ، وكذا له أخذ الشاتين أو الدراهم وفي دفع الشياه أو الدراهم لاقتضاء « أو » ذلك.

الثاني : الظاهر أن الشرع بنى هنا على الغالب من مساواة المدفوع مع أخذ الجبران ، أو استرداده الفريضة ، أو نقصها عنه بشي‌ء يسير أو زيادتها عليه كذلك ، فلو نقصت نقصانا فاحشا أو زادت كذلك ، فالوجه الرجوع إلى القيمة السوقية ، أو دفع ما يساوي مع الجبران الفريضة.

فلو دفع عن بنت اللبون حقة واسترجع الشياه أو الدراهم فساوى الباقي من الحقة بعد دفع الراجع بنت المخاض ، فالأقرب عدم الإجزاء.

الثالث : لو تضاعفت الدرجة ، احتمل وجوب القيمة السوقية ، اقتصارا بالتقدير الذي لا يعقل معناه على مورده وتضاعف الشياه والدراهم ، لأن مساوي المساوي مساو.

الرابع : إنما يجزي ابن اللبون مع عدم بنت المخاض ، سواء تمكن من شرائها أو لا.

ولو كان عنده بنت مخاض مريضة فكالمعدومة ، لأنها غير مقبولة.

ولو كان عنده بنت مخاض أعلى صفة من الواجب فإن تبرع بها كان أفضل وإلا أجزأه ابن اللبون أو يشتري بنت مخاض على صفة الواجب.

ولو عدم بنت المخاض وعنده ابن لبون وبنت لبون ، تخير في دفع ابن اللبون من غير جبر ، ودفع بنت اللبون مع استرجاع الجبران.

ولو عدم بنت المخاض وابن اللبون ، جاز أن يشتري أيهما شاء ، لأنه مع ابتياعه يكون واجدا لابن اللبون فأجزأه.

الخامس : لا يجزي الحقة عن بنت اللبون ، ولا الجذع عن الحقة ، لأنه تخط عن موضع النص في التقديرات. نعم يجزي لو ساواه قيمة على سبيل القيمة ، كغيره من أنواع القيم.

٣٢٥

السادس : يجزي بنت اللبون عن بنت المخاض ، والحقة عن بنت اللبون ، والجذعة عن الحقة ، لأنها تجزي مع استرجاع الجبران ، فمع عدمه أولى. ويجزي عن أزيد من نصاب السفلى فعنه أولى.

وهل تجزي بنت المخاض عن خمس شياه مع قصور قيمتها عنها؟

إشكال ، ينشأ : من أنه غير الواجب ، فلا تجزي إلا بالقيمة والتقدير القصور ، فيكون قد أدى بعض الواجب. ومن أجزائها عن ست وعشرين ، فعن خمس وعشرين أولى. وعلى هذا لو أخرج بنت المخاض عن شاة واحدة لنقص قيمتها عنها ، فالإشكال بحاله ، والأول أقوى. وكذا البحث لو أخرج عن الجذعة بنتي لبون.

السابع : يخرج عن الإبل من جنسها ، فعن البخاتي بختية ، وعن العراب عربية ، وعن السمان سمينة وعن المهازيل مهزولة.

ولو اجتمع الصنفان في نصاب ، أخرج فريضة بالنسبة بعد التقسيط. ويحتمل إجزاء أيهما شاء إذا كانت بالصفة الواجبة ، لأنهما في الزكاة جنس واحد.

الثامن : يجوز أن يدفع عن الإبل من شياه البلد وغيرها وإن كان أدون قيمة ، لتناول الاسم لهما ، أما الغنم فالفريضة تجب في العين ، فلا تدفع من غير صنفها إلا بالتقويم على إشكال.

التاسع : أسنان غير الإبل إنما تنتقل عنها إلى غيرها بالتقويم ، فلو وجب عليه تبيع أو تبيعة وعنده مسنة أو بالعكس ، دفعها إن شاء أو غيرها بالقيمة.

العاشر : لو كان النصاب كله مراضا وفريضته معدومة ، فله أن يعدل إلى السن السفلى مع دفع الجبران ، وليس له أن يصعد مع أخذ الجبران ، لأن الجبران أكثر من الفضل الذي بين الفرضين. وقد يكون الجبران من الأصل ، فإن قيمة الصحيحين أكثر من قيمة المريضين ، وكذلك قيمة ما بينهما ، فلم يجز الصعود وجاز النزول ، لأنه متطوع.

٣٢٦

ولو كان المخرج ولي يتيم ، لم يجز له دفع الفضل ، فيجب شراء الفضل من غير المال.

الحادي عشر : لو اجتمع نصابان ، تخير المالك ، كما في مائتين يجوز له دفع أربع حقاق ، أو خمس بنات لبون. ولا يجزي حقتان وبنتا لبون ونصف إلا بالقيمة ، لأن التشقيص عيب. ويجزي في أربعمائة أربع حقاق وخمس بنات لبون ، لانتفاء المانع.

البحث الثاني

( في زكاة البقر )

للبقر نصابان :

الأول : ثلاثون ، وفيه تبيع أو تبيعة ، وهو ما كمل سنه ودخل في الثانية فيتبع أمه في الرعي ، أو تبع قرنه أذنه.

الثاني : أربعون وفيها مسنة ، وهي ما كمل لها سنتان ودخلت في الثالثة ، وهكذا فيما زاد في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة ، وفي كل أربعين مسنة. ولا يجز المسن عن أربعين ، ويجزي عن ثلاثين لإجزاء التبيع فالمسن أولى ، ولا شي‌ء فيما نقص عن ثلاثين إجماعا.

ولما بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معاذا أمره أن يأخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين مسنة (١).

وقال الباقر والصادق عليهما‌السلام في البقر في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة ، وليس في أقل من ذلك شي‌ء حتى تبلغ أربعين ففيها مسنة ، ثم ليس فيها شي‌ء حتى تبلغ ستين ففيها تبيعان أو تبيعتان ، ثم في سبعين تبيع أو تبيعة ومسنة ، وفي ثمانين مسنتان ، وفي تسعين ثلاث تبايع (٢).

__________________

(١) جامع الأصول ٨ ـ ٣٢٢.

(٢) وسائل الشيعة ٦ ـ ٧٧ ب ٤.

٣٢٧

والجاموس كالبقر بالإجماع.

ولا يجزي الذكر في الزكاة أصلا إلا في البقر ، وابن اللبون ليس بأصل بل هو بدل عن ابنة مخاض. وإنما يجزي الذكر في البقر عن الثلاثين ، وما تكرر منها كالستين والسبعين ، وما تركب من الثلاثين وغيرها كالتسعين. وأما الأربعون وما تكرر منها فلا يجزي في فرضها الذكور ، إلا أن يخرج عن المسنة تبيعين.

ولو بلغت البقر مائة وعشرين اتفق الفرضان ، فيتخير المالك بين إخراج ثلاث مسنات أو أربعة أتبعة.

هذا كله إذا كانت البقر أناثا ، ولو كانت كلها ذكورا أجزأ الذكر منها بكل حال ، لأن الزكاة مواساة فلا يكلف المشقة بالإخراج من غير ماله. ويحتمل عدم إجزاء الذكور في الأربعينات ، لورود النص على المسنة.

ولا زكاة في بقر الوحش ، لعدم انصراف الإطلاق إليه ، ولأنها ليست من بهيمة الأنعام ، فأشبهت الوحوش.

البحث الثالث

( في زكاة الغنم )

وللغنم خمس نصب :

الأول : أربعون ، وفيها شاة.

الثاني : مائة وإحدى وعشرون ، وفيها شاتان.

الثالث : مائتان وواحدة ، وفيها ثلاث شياه.

الرابع : ثلاثمائة وواحدة ، وفيها أربع شياه على الأقوى.

الخامس : أربعمائة ، ففي كل مائة شاة. وهكذا فيما زاد أبدا في كل مائة شاة.

ولا خلاف في النصب الثلاثة السابقة ، بل في الرابع ، فقيل : إنه ينتقل‌

٣٢٨

الفرض إليه في كل مائة شاة ، وتظهر الفائدة في الوجوب والضمان.

والأصل في ذلك الرواية الصحيحة عن الباقر والصادق عليهما‌السلام في الشياه في كل أربعين شاة شاة ، وليس فيما دون الأربعين شي‌ء حتى تبلغ عشرين ومائة ، فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها شاتان ، وليس فيها أكثر من شاتين حتى تبلغ مائتين ، فإذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك ، فإذا زادت على المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياه ، ثم ليس فيها شي‌ء أكثر من ذلك حتى تبلغ ثلاثمائة فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياه ، فإذا زادت واحدة ففيها أربع حتى تبلغ أربعمائة ، فإن بلغت أربعمائة كان على كل مائة شاة وسقط الأمر الأول ، وليس على ما دون المائة بعد ذلك شي‌ء ، وليس في النيف (١) شي‌ء وقالا : كل ما لا يحول عليه الحول عند ربه فلا شي‌ء عليه ، فإذا حال عليه الحول وجب عليه (١).

البحث الرابع

( في الأشناق )

كل ما نقص عن النصاب يسمى في الإبل « شنقا » وفي البقر « وقصا » وفي الغنم وباقي الأجناس « عفوا ».

فلو كان عنده تسع من الإبل ، كان النصاب فيها خمسا والأربع شنق لا شي‌ء فيه ، ولا يتعلق الزكاة به. فلو تلف بعد الحول أربع بغير تفريط ، وجبت الشاة كملا.

لقوله عليه‌السلام : ليس في الزائد شي‌ء حتى تبلغ ستا وثلاثين ، فإذا بلغتها ففيها بنت لبون (٢). وقول الباقر والصادق عليهما‌السلام في زكاة الإبل ليس في النيف شي‌ء ، وليس في الكسور شي‌ء (٣). ولو تلف خمس بغير‌

__________________

(١) في « ق » الوصف.

(٢) وسائل الشيعة ٦ ـ ٧٨ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٦ ـ ٧٤ ح ٦.

(٤) وسائل الشيعة ٦ ـ ٧٤ ح ٦.

٣٢٩

تفريط ، سقط خمس الشاة.

ولو حال الحول على ثلاثمائة وواحدة من الغنم ، ثم تلف بغير تفريط مائة ، سقطت من أربع شياه مائة جزء من ثلاثمائة جزء. ولو تلفت واحدة لا غير ، سقط من ثلاثمائة جزء وجزء من أربع شياه جزء واحد.

هذا إن أوجبنا في ثلاثمائة وواحدة أربع شياه ، وإن أوجبنا في كل مائة شاة ، فتلفت من ثلاثمائة وواحدة شاة واحدة ، لم تسقط من ثلاث شياه شي‌ء ، لأنهم أوجبوا في كل مائة شاة ، والشاة التالفة زائدة على ما علقوا الوجوب به ، ولا يلزم من كون الشاة شرطا في تغير الفرض ووجوب شاة في كل مائة تعلق الوجوب فيها ، وهو المراد بقولنا « وتظهر الفائدة في الوجوب والضمان ».

ولو تلف مائة ، وجب شاتان ، لانعقاد النصاب أولا على وجوب كل مائة. ويحتمل وجوب ثلاث ، لأنه مالك لمائتين وواحدة حولا.

ولو اشترك اثنان في نصاب واحد ، فلا زكاة ، سواء كانت الخلطة خلطة أعيان أو أوصاف ، لأن كل واحد منهما يقصر نصيبه عن النصاب ، فلا زكاة لعدم الشرط ، ولأن النصاب شرط كالحول ، فكما لا يبنى حول شخص على آخر ، فكذا في النصاب.

ولا فرق بين الأنعام وغيرها في عدم الاعتداد بالخلطة.

ولا يفرق بين مالي شخص واحد وإن تباعدا ، فلو كان له عشرون من الغنم في بلد ومثلها في آخر وسامت حولا ، وجبت الشاة. كما لا يجمع بين مالي شخصين ، وإن اتفقا في المرعى والمسرح والراعي والفحل وغيرها.

ولو باع صاحب النصاب نصفه قبل الحول ، فلا زكاة.

ولو استأجر راعيا بشاة من النصاب قبل الحول ، سقط الحول ، سواء أفردها أو خلطها ، لنقصان الملك عن النصاب.

٣٣٠

البحث الخامس

( في صفة الفريضة )

لا تؤخذ المريضة من الصحاح ، لأنها أقل من الواجب ، فلا تكون مجزية ، لقوله تعالى ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) (١).

ولا الهرمة ، ولا ذات العوار وهي المعيبة ، لقوله عليه‌السلام : لا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا ما شاء المصدق (٢). والمراد بتيس الغنم فحلها ، لنقصه وفساد لحمه ، أو للانتفاع بضرابه ، إلا أن يكون جميع المال من جنس المأخوذ ، فيجوز.

ولا تؤخذ الذكر من الإناث في الإبل والبقر ، لأن في الأنوثة رفق في الذر والنسل ، إلا في التبيع من البقر وابن اللبون عوضا عن بنت المخاض. والأقرب جواز الذكر في الغنم ، لقوله عليه‌السلام في أربعين شاة (٣). والشاة تقع على الذكر والأنثى.

ولو كان نصاب الغنم ذكرانا كله ، أجزأ الذكر قطعا ، وهل يجزي في البقر والإبل لو كانت ذكرانا كلها؟ إشكال ، ينشأ : من نصه عليه‌السلام على الأنثى في فرائض الإبل والبقر ، وقال : من لم يجد بنت مخاض أخرج ابن لبون ذكرا (٤). ولأن فرائض الإبل تتغير بزيادة السن ، فإذا جوزنا إخراج الذكر أفضى إلى التسوية بين الفريضتين ، لأنه يخرج ابن اللبون عن ست وعشرين ويخرجه عن ست وثلاثين.

ومن أن الزكاة تجب في العين ، فلا يكلف شراء الأنثى كالمعيب ، وحينئذ فالأقرب عدم وجوب الأخذ بالنسبة ، فلا يشترط أخذ ابن لبون من ست وعشرين قيمته دون قيمة ابن لبون يأخذه من ستة وثلاثين ، ويكون بينهما في‌

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٦٧.

(٢) جامع الأصول ٨ ـ ٣٢١.

(٣) وسائل الشيعة ٦ ـ ٧٨.

(٤) جامع الأصول ٨ ـ ٣١٠.

٣٣١

القيمة كما بينهما في العدد ، ويكون الفرض بصفة المال للأمر بالمطلق.

ولو كثرت قيمة المعيبة ، فالأقرب عدم إجزائها عن الصحيحة ، للنهي عن أخذها ، ولاشتماله على الإضرار بالفقراء ، ولهذا يستحق ردها في البيع وإن كثرت قيمتها. ويحتمل قويا الإجزاء إذا اشتمل على قيمة الصحيحة.

ولو اشتمل المال على صحاح ومراض ، أخرج صحيحة قيمتها على قيمة المالين ، أو معيبة كذلك.

ولو كان النصاب كله مراضا إلا بقدر الفرض ، فإن تطوع به وإلا أخرج مريضة على قدر النسبة أو صحيحة كذلك. فلو كان الأربعون مراضا إلا واحدة أخرج شاة بقيمة تسعة وثلاثين جزءا من أربعين جزءا من مريضة وجزءا من أربعين من صحيحة.

ولو كان نصف النصاب صحاحا ونصفه مراضا ، ووجب فيه حقتان أو ابنتا لبون ، جاز إخراج حقة مريضة وأخرى صحيحة ، أو بنتي لبون كذلك.

ولا اعتبار بقلة المعيب وكثرته على إشكال ، فله إخراج ما عيبه أفحش عن النصاب المعيب.

ولو وجد المعيب وزيادة آخر مغاير ، فالوجه عدم الإجزاء ، لأن النصاب كالصحيح بالنسبة إلى الزائد.

ولا تؤخذ الربى ، وهي التي قد وضعت ولدها وهي تربيه إلى خمس عشر يوما ، وقيل : إلى خمسين.

والضابط استغناء الولد عنها ، لما فيه من الإضرار بالمالك.

ولا الماخض وهي الحامل. ولا الأكولة وهي السمينة المعدة للأكل. لقوله عليه‌السلام : إياك وكرائم أموالهم (١).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ ـ ٨٤ و ٩١.

٣٣٢

البحث السادس

( في اللواحق )

الأول : قد سبق أن نصب الإبل إنما تستقر إذا زادت على مائة وعشرين ، ولا يكفي الزيادة بشقص واحدة ، بل لا بد من زيادة واحدة كملا ، لأن في بعض الروايات عن الباقر والصادق عليهما‌السلام تفسير الزيادة بالواحدة قالا عليهما‌السلام : فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها حقتان طروقة الفحل ، فإذا زادت واحدة على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون (١).

الثاني : في مائة وعشرين حقتان ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث بنات لبون ، وهل للواحدة قسط من الواجب؟ يحتمل العدم ، لقوله عليه‌السلام : في كل أربعين بنت لبون (٢). ولو كان لها قسط ، لكان في كل أربعين وثلث بنت لبون ، والأقوى الثبوت ، لأن الواجب بالواحدة يتعلق الوجوب بها كالعشارة وغيرها.

فلو تلفت الواحدة بعد الحول وقبل إمكان الأداء ، سقط من الواجب جزء من مائة وإحدى وعشرين جزءا.

الثالث : لا يتعين الواجب بعد الثلاثين إلا بزيادة عشر ، فإذا وجب عدد من بنات اللبون ثم زادت عشر أبدلت بنت اللبون بحقة ، فإن زادت عشرا أخرى أبدلت أخرى. وهكذا إلى أن يصير الكل حقاقا.

فإذا زادت بعد ذلك ، أبدلت الحقاق كلها بنات اللبون وزيدت واحدة ، ففي مائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات.

فإذا صارت مائة وثلاثين ففيها بنتا لبون وحقة ، وإذا صارت مائة وأربعين ففيها بنت لبون وحقتان ، فإذا صارت مائة وخمسين ففيها ثلاث حقاق ، فإذا‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ ـ ٧٢ ح ١.

(٢) نفس المصدر.

٣٣٣

صارت مائة وستين ففيها أربع بنات لبون ، فإذا بلغت مائة وسبعين ففيها ثلاث بنات لبون وحقة.

فإذا بلغت مائة وثمانين ففيها بنتا لبون وحقتان ، فإذا بلغت مائة وتسعين ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون ، وهكذا دائما.

الرابع : لا تجزي الخنثى عن الأنثى في الإبل ، والمسنة تجزي عن الذكر فيهما ، فتجزي الخنثى من أولاد اللبون ، لأنه إما ذكر ويؤخذ بدلا من بنت المخاض ، أو أنثى وهو بالجواز أولى ، ولا جبران له لجواز الذكورية.

الخامس : الضأن والمعز جنس واحد ، يكمل أحدهما بالآخر في نصاب الغنم. كما أن الجاموس والعراب في البقر جنس. وكما في الإبل العراب والبخاتي بالإجماع.

السادس : الأقرب أنه لا يتعين عليه غالب غنم البلد ، فلو كان الغالب الضأن أجزأه المعز وبالعكس ، لقوله عليه‌السلام في خمس من الإبل شاة (١). واسم الشاة يقع عليهما ، فصار كالأضحية لا يتعين فيها غنم البلد.

السابع : قد بينا أن الأقرب إجزاء بعير عن شاة ، وهل يقع الكل فرضا؟ يبنى على أن الشاة الواجبة في الإبل أصل بنفسها أو بدل عن الإبل ، احتمال ينشأ : من أن اقتضاء ظاهر النص الأول. ومن أصالة وجوب جنس المال ، إلا أن إيجاب بعير قبل كثرة الإبل إجحاف برب المال ، وإيجاب شقص بعير يشق عليه ، لنقصان القيمة وعسر الانتفاع ، فعدل الشارع إلى الشاة إرفاقا وتسهيلا.

فإن جعلنا الشاة أصلا ، فإذا أخرج البعير كان كله فرضا كالشاة. وإن جعلناها بدلا ، فإذا أخرج بعيرا كان الواجب أقل من خمسة ، لأنه يجزي عن ستة وعشرين ، وحصة كل خمس خمس إلا خمس خمس.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ ـ ٧٢.

٣٣٤

ولو أخرج بعيرا عن عشر من الإبل ، أو خمس عشرة ، أو عشرين. فإن قلنا إنه يقع فرضا كله لو أخرجه عن الخمس لم يجزيه عن العشر ، بل لا بد من بعيرين أو بعير وشاة ، وفي الخمس عشرة ثلاثة أبعرة ، أو بعيرين أو شاة ، أو شاتين وبعير ، أو ثلاث شياه. وإن قلنا الفرض أقل من خمسة ، أجزأ ويكون متبرعا في العشر الزائد.

الثامن : يجوز أن يخرج حقا عن بنت مخاض ، لإجزاء ابن اللبون فالحق أولى.

ولو أخرجه بدلا عن بنت اللبون ، لم يجز لاختصاص النص بمورده ، وليس هو في معناه ، لأن تفاوت السن بين بنت المخاض وابن اللبون متفاوت يوجب ورود الماء والشجر والامتناع من صغار السباع.

والتفاوت بين بنت اللبون والحق لا يوجب اختصاص الحق بهذه القوة ، بل هي موجودة فيهما جميعا ، فلا يلزم من جبر تلك الزيادة الفضيلة الأنوثية جبر هذه الزيادة هنا لها.

التاسع : لو فقد صاحب المائتين الحقاق وبنات اللبون ، تخير في شراء أيهما شاء ، كما يتخير في إخراج أيهما شاء لو وجدهما ، لكن الأفضل إخراج الحقاق ، لأن الاعتبار في زكاة الإبل بزيادة السن ما أمكن ، إلا أن الشرع ارتقى في نصبها إلى منتهى الكمال في الأسنان ، ثم عدل بعد ذلك إلى زيادة العدد ، وذلك يشعر بزيادة الرغبة في علو السن. ولا يجب عليه تحصيل الصنف الأفضل وإن كان أنفع للمساكين.

ويجوز أن لا يحصل الحقاق ولا بنات اللبون ، بل ينزل أو يصعد مع الجبران ، فإن شاء جعل بنات اللبون أصلا وينزل منها إلى خمس بنات مخاض ، فأخرجها مع خمس جبرانات. وإن شاء جعل الحقاق أصلا وصعد منها إلى أربع جذاع ، فأخرجها وأخذ أربع جبرانات.

وفي جواز جعل الحقاق أصلا والنزول منها إلى أربع بنات مخاض مع ثمان جبرانات ، أو جعل بنات اللبون أصلا والصعود منها إلى خمس جذاع ويأخذ‌

٣٣٥

عشر جبرانات مع جواز التضعيف ، إشكال ينشأ : من الجواز هناك فليجوّز هنا ، لأنه هو بعينه. ومن إمكان تقليل الجبران بجعل الجذاع بدل الحقاق ، وبنات المخاض بدل بنات اللبون.

ولو كان عنده أحد الصنفين ، لم يجز له العدول إلى بدل الآخر مع الجبران.

العاشر : لو بلغت البقر مائة وعشرين ، كان حكمها في التخيير بين إخراج أيّ الفرضين شاء حكم المائتين في الإبل.

الحادي عشر : الشاة المأخوذة جبرانا بين الأسنان بصفة المخرج عن خمس من الإبل. ولا يشترط فيها الأنوثة ، فالدراهم المخرجة هي النقرة المضروبة بسكة المعاملة ، وكذلك دراهم الشرعية حيث وردت.

ولو افتقر الإمام إلى إعطاء الجبران ولم يكن في بيت المال دراهم ، باع شيئا من مال المساكين وصرفه إلى الجبران.

الثاني عشر : لو أخرج بدل الجذعة ثنية ولم يطلب جبرانا ، جاز وقد زاد خيرا. ولو طلب الجبران فالقيمة السوقية ، ولا يسترد الشاتين أو العشرين درهما ، لأن المؤدى ليس من أسنان الزكاة ، فأشبه ما لو أخرج فصيلا لم يبلغ أسنان الزكاة ، مع الجبران الناقص عن القيمة السوقية.

الثالث عشر : على ما اخترناه من جواز الجبران في الدرجتين لو ارتقى إلى ثلاث درج ، بأن يعطي بدل الجذعة عند فقدها وفقد الحقة وبنت اللبون بنت مخاض مع ثلاث جبرانات ، أو يعطي مكان بنت المخاض عند فقدها وفقد بنت اللبون والحقة جذعة ويأخذ ثلاث جبرانات جاز.

وهل يجوز الصعود والنزول بدرجتين أو ثلاث مع القدرة على الدرجة القريبة؟ الأقرب المنع ، للاستغناء عن أخذ الجبرانيين ببدل الأدنى. ويحتمل الجواز ، كما لو لم يجد الدنيا فإنها ليست واجب ماله ، فوجودها بمثابة عدمها.

ولو وجب عليه بنت لبون وعنده حقة وبنت مخاض ، احتمل وجوب بنت‌

٣٣٦

المخاض مع دفع الجبران ، لأنها أقرب وجواز دفع الحقة واسترجاع ضعف الجبران.

الرابع عشر : يجوز أن يخرج عن جبرانيين شاتين وعشرين درهما ، كما يخرج عن كفارتين صنفين ولا يجوز أن يخرج عن جبران واحد شاة وعشرة دراهم ، لاقتصاء النص التخيير بين شاتين وعشرين درهما ، فلا يثبت خيار ثالث ، كما لا يكسوا خمسة ويطعم خمسة.

ولو كان المالك هو الآخذ ورضي بالتفريق جاز ، لأنه حقه وله إسقاطه بالكلية.

الخامس عشر : في جواز إخراج قيمة الشاتين ، أو العشرين درهما من غيرهما مع النقصان عن القمية السوقية في المجبور والقيمة إشكال ، أقربه المنع.

أما لو ساوى المجبور كبنت مخاض مثلا مع قيمة الشاتين من غير الدراهم ، فإنه يجزي على أنه قيمة [ بنت اللبون ] (١).

السادس عشر : لو وجب عليه بنت لبون ولم يجدها ، ووجد ابن لبون وحقة ، فأراد أن يعطي ابن اللبون مع الجبران ، احتمل الجواز ، لأنه بمنزلة بنت المخاض في نظر الشرع ، والأقرب المنع.

ولو كان له ثلاثون من الإبل نصفها مراض ونصفها صحاح ، وقيمة الصحيحة أربعة والمعيبة دينارين ، قسط المأخوذ على ست وعشرين ، خمسة عشرة منها صحاح ، لأن الزكاة لا تقسط على الشق عندنا.

السابع عشر : لو باع السائمة بيعا فاسدا ، لم يزل الملك ، ووجب الزكاة عليه إن لم يمنع من الاسترداد ، وهل يقوم ترك الاسترداد لجهله بالحكم مقام المنع؟ إشكال.

ولو علفها المشتري ، فالأقوى انقطاع الحول ، لأنه مأذون في التصرف‌

__________________

(١) الزيادة من « ق ».

٣٣٧

من جهة المالك ، فأشبه علف الوكيل.

ولو باع معلوفة بيعا فاسدا فأسامها المشتري ، فهو كما لو أسامها الغاصب لا ينقطع به الحول إلا باعتبار الغصب ، فلو غصب من يتمكن المالك من الانتزاع منه ، لم تسقط الزكاة.

الثامن عشر : لو باع المالك النصاب قبل الحول ، فرده المشتري بعيب سابق قبل كمال الحول ، استأنف المالك الحول ولا يبني ، سواء ردّه بعد القبض أو قبله ، وسواء رده بقضاء القاضي أو لا.

ولو مضى الحول في يد المشتري ، وجبت الزكاة عليه ، لأنه مالك نصاب حال عليه الحول ، فإن لم يخرج الزكاة فليس له الرد ، لأن للساعي أخذ الزكاة من العين لو تعذر أخذها من المشتري ، فلا يخلو وجوب الزكاة فيه من عيب حادث ، ولا يبطل حق الرد بالتأخير إلى أن يؤدي الزكاة ، لعدم تمكنه من الرد قبله ، وإنما يبطل الحق بالتأخير مع التمكن.

ولا فرق بين ما يجب أخذ الزكاة من جنسه كالغنم والبقر ، أو من غير جنسه كالإبل التي تجب فيها الغنم.

وإن كان قد أخرج الزكاة ، فإن كان من غير المال فله الرد ، لأنه لم يتصرف في المبيع. ويحتمل عدم الرد ، لأن الذي أخرجه عوضا قد يخرج مستحقا ، فيتبع الساعي عين النصاب ، وإن كان من العين سقط الرد ، لحدوث العيب عنده بالتشقيص وله الأرش.

التاسع عشر : لو مات المالك ، استأنف ورثته الحول من حين موته وتمكنهم منه. ولا يشترط علمهم بالسوم ، فلو سامت حولا بعد موت المالك ولم يعلم الورثة ، وجبت الزكاة ، لوجود السبب التام.

المطلب الثاني

( في زكاة النقدين )

أما الذهب فله نصابان :

٣٣٨

الأول : عشرون مثقالا ، وفيه نصف مثقال ، فلا شي‌ء فيما نقص عن عشرين مثقالا بالإجماع ، ولقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليس عليك في الذهب شي‌ء حتى يبلغ عشرين دينارا ويحول عليها الحول ففيها نصف دينار (١). وقال الباقر عليه‌السلام : ليس فيما دون العشرين مثقالا من الذهب شي‌ء ، فإذا كملت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال (٢).

الثاني : أربعة مثاقيل ولا شي‌ء في الزائد على العشر مثقالا من الذهب حتى تبلغ أربعة مثاقيل وفيها قيراطان ، وهكذا ليس في الزائد على أربعة وعشرين مثقالا شي‌ء إلا أن تزيد أربعة مثاقيل أخر فيكون فيها قيراطان ، وهكذا دائما بالغا ما بلغ.

لقول الباقر والصادق عليهما‌السلام : ليس فيما دون العشرين مثقالا شي‌ء ، فإذا بلغ ففيه نصف مثقال ، إلى أربعة وعشرين ففيها ثلاثة أخماس دينار ، إلى ثمانية وعشرين ، فعلى هذا الحساب كل ما زاد أربعة (٣). ولأصالة البراءة فيما نقص عن الأربعة.

ولا يعتبر في نصاب الذهب نصاب الفضة ، فلو قصرت قيمة العشرين عن نصاب الفضة ـ وهو مائتا درهم ـ وجبت الزكاة ، للخبر (٤).

وأما الفضة فلها نصابان :

الأول : مائتا درهم ، فلا شي‌ء فيما نقص عن مائتي درهم ، بالإجماع المنعقد بين علماء الإسلام ، فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم بالإجماع.

الثاني : أربعون درهما ، ولا شي‌ء في الزائد على المائتين إلى أن يبلغ الزائد على المائتين أربعين درهما. وهكذا ليس في الزائد على المائتين والأربعين شي‌ء‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ ـ ٩٤.

(٢) وسائل الشيعة ٦ ـ ٩٣ ح ٥.

(٣) نفس المصدر.

(٤) وسائل الشيعة ٦ ـ ١٠١ ب ٥.

٣٣٩

إلى أن يبلغ مائتي درهم وثمانين درهما ففيها سبعة دراهم. وهكذا بالغا ما بلغ.

فروع :

الأول : لو نقص أحد النصب في النقدين ، سقطت الزكاة فيه وإن خرج بالتام ، لعدم مناط الوجوب. ولا فرق بين النقص اليسير والكثير ، فلو نقص ولو حبة فلا زكاة. أما لو اختلفت الموازين فنقص يسيرا في بعضها وكمل في الباقي ، وجبت الزكاة عملا بالاحتياط.

الثاني : الاعتبار في الوزن بميزان أهل مكة ، وفي الكيل بمكيال المدينة ، والدنانير لم تختلف المثقال فيها في جاهلية ولا إسلام.

وأما الدراهم فإنها كانت مختلفة الأوزان. والذي استقر عليه الأمر في الإسلام أن وزن الدرهم الواحد ستة دوانيق ، كل عشرة منها سبعة مثاقيل من ذهب ، والدانق ثمان حبات من أوسط حب الشعير.

والسبب فيه أن غالب ما كانوا يتعاملون به من أنواع الدراهم في عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والصدر الأول بعده نوعان : البغلية والطبرية ، والدرهم الواحد من البغلية ثمانية دوانيق ، ومن الطبرية أربعة دوانيق ، فأخذوا واحدا من هذه وواحدا من هذه وقسموها نصفين وجعلوا كل واحد درهما في زمن بني أمية وأجمع أهل ذلك العصر على تقدير الدراهم الإسلامية بها.

فإذا زادت على الدرهم الواحد ثلاثة أسباعه كان مثقالا ، وإذا نقصت من المثقال ثلاثة أعشاره كان درهما ، وكل عشرة دراهم سبعة مثاقيل ، وكل عشرة مثاقيل أربعة عشر درهما وسبعان.

قال المسعودي : إنما جعل كل عشرة دراهم بوزن سبعة مثاقيل من الذهب ، لأن الذهب أوزن من الفضة ، فكأنهم جربوا قدرا من الفضة ومثله من الذهب ، فوزنوهما فكان وزن الذهب زائدا على وزن الفضة بمثل ثلاثة‌

٣٤٠