تنقيح المقال - ج ١

الشيخ عبد الله المامقاني

تنقيح المقال - ج ١

المؤلف:

الشيخ عبد الله المامقاني


المحقق: الشيخ محمّد رضا المامقاني
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-382-9
ISBN الدورة:
978-964-319-380-5

الصفحات: ٥٢٨

فتتبّع (١).

__________________

ـ الظاهر ـ كون حديثه يرد مرّة مقبولا للعقول ولظواهر الكتاب والسنة ..إلى آخر ما جاء به هنا.

(١) أقول : ويؤيد مختاره طاب رمسه أنّ هذه العبارة أوّل ما عرفت كانت على لسان ابن الغضائري ، الذي سبق وأن قلنا عنه في المقباس إنّه سار على شارع القميين في نسبة التضعيف والغلو لكلّ ما ليس بموافق لعقائده ومعتقداته الخاصة ومرتكزاتهم آنذاك فيما لو كانت الرواية مثلا ظاهرها الجبر أو التفويض أو الغلوّ أو التشبيه أو الرواية من غير إجازة أو الرواية عمّن لم يلقه ..أو غير ذلك.

أو يكون في الراوي ؛ كما لو كان أكثر رواياته أو كلّها عن الضعفاء أو المجاهيل .. أو لروايته عن خصوص فلان ، أو للإرسال ، أو قلّة الحفظ ، أو سوء الضبط .. أو غير ذلك.

ثمّ إنّ هذه اللفظة نسبت تارة للحديث واخرى للمحدّث ، والثاني أكثر ، كما قيل في صالح بن أبي حماد : كان أمره ملتبسا يعرف وينكر ، وفي ترجمة مقلاص أبي الخطاب رواية فيها : أنّه ضرب يده على لحية أبي عبد اللّه عليه السلام .. وعدّت من المناكير ..

فلو قلنا المراد من اللفظة يؤخذ به تارة ويردّ اخرى ، أو أن بعض الناس يأخذونه وبعضهم يردّونه ـ إما لضعفه أو لضعف حديثه ونكره ـ فلا ظهور فيها بقدح ولا جرح.

أو يراد منه أنّه مختلف فيه بين الأصحاب ، أو أنّه مضطرب الألفاظ ، أو مختلط ، أو أمره مظلم ، أو مخالف الأدلة .. وأكثر هذه المعاني لا تعارض توثيق علماء الرجال ، فتدبّر.

فتحصّل أنّه لا بد من التفريق في النسبة بين ما لو كانت قد جاءت في خصوص الراوي ، أو المروي ، أو من ابن الغضائري وغيره ، وبين ما لو كان لها معارض أم لا.

٤٨١
٤٨٢

الفائدة السادسة

إنّ من لاحظ الكتب الفقهيّة ، وسبرها (١) من البداية إلى النهاية ، وكان ذا خبرة بأحوال الرجال ، لا يبقى له وثوق بما صدر منهم فيها من الجرح في الرجال. وكأنّي أرى للأصحاب في الكتب الفقهيّة شوقا إلى تضعيف الرجال ، ويقدمون عليه بأدنى شيء ، ويرى منهم [ب‌] زعمهم كون ذلك احتياطا في الدين ، وتدقيقا في أحكام الشرع المبين ..!ذاهلين عن أنّ ترك الأخبار ـ من غير سبب متقن ـ يؤدي إلى الالتجاء إلى إعمال الاصول المقصور حجيّتها على صورة فقد الدليل ، ويختلّ به حكم اللّه الواقعي ، فلا تذهل كما ذهل من قبلك من الفحول.

وإن أردت أن أعدّد لك الموارد المذكورة لكان كتابا مستقلا .. إلاّ أنّه يكفيك منها رمي مثل كاشف الرموز (٢) الثقة النحرير محمّد ابن عيسى اليقطيني (٣) بالوقف ، مع خلوّ جميع كتب الرجال والفقه

__________________

(١) في الأصل : سيرها.

(٢) كذا ؛ والظاهر : كشف الرموز للفاضل الآبي ٥٤٥/١ (كتاب الرهن) ، أو يكون بمعنى وصفي.

(٣) انظر ترجمته في تنقيح المقال ١٧٠/٣ من الطبعة الحجرية.

٤٨٣

منه ، وعدم تعقلّ ذلك في حقّه ، من حيث إنّ الرجل من أصحاب الرضا والجواد عليهما السلام ، وليس للوقف بعد الكاظم عليه السلام مسرح ولا مسرى (١).

ولا يخفى عليك أنّ ما صدر منّا في منتهى المقاصد (٢) بالنسبة إلى جرح الرجال ـ حاله حال سائر الكتب الفقهيّة ـ لا يعتمد عليه ؛ لأنّي صنّفته قبل الخوض التام في هذا الفن ، واللّه الموفّق.

* * *

__________________

أقول : ولعل هنا سبق قلم ، حيث قيل عنه : إنّه كان يذهب مذهب الغلاة ، كما في فهرست الشيخ رحمه اللّه : ١٤٠ تحت رقم ٦٠١.

(١) ليس هذا على إطلاقه ، وللوحيد البهبهاني رحمه اللّه وغيره هنا كلام لاحظه في بحث الواقفة في مقباس الهداية ، ومرّ له نظير هنا.

(٢) منتهى مقاصد الأنام في شرح شرائع الإسلام ، أكبر موسوعة فقهية عرفتها الطائفة الشيعية ، سبق الحديث عنها في مدخل الكتاب(مخزن المعاني) ، فلاحظ.

٤٨٤

الفائدة السابعة

إنّه كثيرا ما يطعن في سند الرواية باشتماله على رجال الفطحيّة (١) ـ وهم في السلسلة الذين رابعهم عمّار الساباطي ـ فإنّهم كانوا فطحيّة ، يقولون بإمامة عبد اللّه بن جعفر الأفطح (٢) ، نصّ على ذلك علماء الرجال (٣).

__________________

(١) انظر عنهم :

المقالات والفرق : ٨٧ ، والحور العين : ١٦٣ ، وريحانة الأدب ٢٢٣/٣ ، وخطط الشام ٣٥١/٢ ـ نقلا عن هامش مقباس الهداية ٣٢٥/٢ ـ وجامع المقال : ١٩١ ، ومعين النبيه : ٢٦ (خطي) ، ولاحظ : بحار الأنوار ١١/٣٧ ، و ١٤ ـ ١٥ ، والروايات الذامة لهم في رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال) : ٢٥٤ حديث ٤٧٢ ، وصفحة : ٣٨٥ حديث ٧٢٠ ، وصفحة : ٥٦٢ حديث ١٠٦١ .. وغيره.

وجملة من الروايات في تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال : ٤١٨ (من الطبعة الحجرية).

(٢) وقد يقال لهم ـ أيضا ـ : أفطحية ، ولعلّهما اثنان ، وثمة فيهم أقوال اخر ، وقيل : نسبوا إلى رئيس لهم يقال له : عبد اللّه بن فطيح من أهل الكوفة ، وذكرنا في المقباس ـ عن عدّة مصادر ـ وجه تسمّية الأفطح ، فلاحظ.

(٣) إلى هنا مقارب لما نصّ عليه السيّد بحر العلوم في خاتمة فوائده الرجالية ١٢٤/٤ ـ ١٢٦ الفائدة (١٢).

٤٨٥

وقد عدّ الكشي (١) من رجال الفطحيّة : محمّد بن الوليد الخزّاز (٢) ، ومعاوية بن حكيم (٣) ، ومصدّق بن صدقة (٤) ، ومحمّد بن سالم ابن عبد الحميد (٥) ، وعبد اللّه بن بكير (٦) ، والحسن بن علي بن فضّال (٧) ،

__________________

(١) ذكر الكشي في رجاله : ٢٥٤ ـ ٢٥٥ برقم ٤٧٢ [طبعة النجف : ٤٧١] منشأ مذهبهم وسبب التسمّية .. وغير ذلك ، وقد نقل هذا المضمون السيّد بحر العلوم في رجاله ١٥٢/٤ ـ ١٥٣ الفائدة(٣٠).

(٢) اختيار معرفة الرجال : ٥٦٣ [٨٣٥/٢] برقم ١٠٦٢.

(٣) اختيار معرفة الرجال : ٣٤٥ برقم ٦٣٩ ، وصفحة : ٥٦٣ [٨٣٥/٢] برقم ١٠٦٢.

(٤) رجال الكشي : ٥٦٣ [٨٣٥/٢] برقم ١٠٦٢.

(٥) رجال الكشي : ٥٦٣ برقم ١٠٦٢ ، قال ـ بعد ذكر هؤلاء الأربعة ـ : .. هؤلاء كلهم فطحية ، وهم من أجلة العلماء والفقهاء والعدول.

(٦) اختيار معرفة الرجال : ٣٤٥ [٦٣٥/٢] برقم ٦٣٩ ، قال في ترجمته : قال محمد بن مسعود ، عبد اللّه بن بكير وجماعة من الفطحية هم فقهاء أصحابنا منهم : ابن بكير وابن فضال ـ يعني الحسن بن علي ـ وعمار الساباطي ، وعلي بن أسباط ، وبنو الحسن ابن علي بن فضال ، علي وأخواه [أخوه] ويونس بن يعقوب ، ومعاوية بن حكيم .. وعدّ عدّة من أجلّة الفقهاء العلماء.

وذكر ذلك ـ أيضا ـ السيد الأعرجي في عدة الرجال ٣٠٥/١ ـ ٣٢٢ في الفائدة الأولى ، ثم ترجم كل واحد منهم وذكر ما ورد فيهم.

وكذا صفحة : ٥٣٠ برقم ١٠١٤ من رجال الكشي ، وفيه : .. فما رأيت فيمن لقيت بالعراق وناحية خراسان أفقه ولا أفضل من علي بن الحسين بالكوفة .. وكان من الثقات.

(٧) اختيار معرفة الرجال : ٣٤٥ برقم ٦٣٩ ، وصفحة : ٥٦٥ برقم ١٠٦٧ ذيل الحديث.

٤٨٦

وعمّار الساباطي (١) ، وعلي بن أسباط (٢) ، وبني الحسن بن علي بن فضّال (٣) ـ عليا وأخويه ـ ويونس بن يعقوب (٤) .. وغيرهم من أجلّة الفقهاء والعلماء (٥).

__________________

(١) نفس المصدر والصفحة ، وانظر عدّة الرجال ٣١٠/١ ـ ٣١٢ ، وصفحة : ٣١٤.

(٢) رجال الكشي : ٣٤٥ برقم ٦٣٩ ، وصفحة : ٥٦٣ برقم ١٠٦١ ، وانظر : رجال النجاشي : ٢٥٢ برقم ٦٦٣.

(٣) رجال الكشي : ٣٧٥ [٦٧٣/٢] برقم ٧٠٥ ، وترجم في عدّة الرجال ٣٠٦/١ ـ ٣٠٩ ، وصفحة : ٥٥٦ حديث ١٠٥٠ : أحمد بن الحسن وعلي ومحمّد إخوة .. حيث ذكر لهم ترجمة ضافية.

(٤) نفس المصدر والصفحة والرواية [٦٨٢/٢] .. وقال ـ بعد ذلك ـ : وعدّه من أجلّة العلماء.

وجاء أيضا في المصدر صفحة : ٣٨٥ برقم ٧٢٠ : ..إنّ يونس بن يعقوب فطحي كوفي ، مات بالمدينة وكفّنه الرضا عليه السلام ..إلى آخره.

(٥) كما في أحمد بن الحسن الذي ذكره الكشي في رجاله : ٥٣٠ برقم ١٠١٤ ، قال : إنّ أحمد ابن الحسن كان فطحيا أيضا ..

وعلي بن حديد بن حكيم ، كما جاء في اختيار معرفة الرجال : ٥٧٠ [٨٤٠/٢] برقم ١٠٧٨.

وعمرو بن سعيد المدايني ، كما في رجال الكشي : ٦١٢ [٨٦٩/٢] برقم ١١٣٧ ..

ويونس بن عبد اللّه .. على ما ذكره ابن داود في رجاله : ٢٨٥ برقم ٥٦٤ .. وغيرهم.

وقد عدّ السيّد الأعرجي في عدّته ٣٠٥/١ ـ ٣٢٢ (ضمن الفائدة الأولى)جمعا من الفطحية ، مع مجمل ما ورد فيهم.

أقول : من الغريب ما وقع لابن داود رحمه اللّه حيث عدّ في رجاله : ٢٨٥ برقم ٥٦٥ : يونس بن عبد الرحمن من الفطحية في موضعين حاكيا ذلك عن الكشي ، ولا يوجد له أثر في رجاله ولا غيره ، ولعلّه اشتبه ب‌ : يونس بن يعقوب ، فتدبّر.

٤٨٧

وفي حديث هشام بن سالم (١) : إنّ الفطحيّة رجعوا عن مقالتهم إلاّ طائفة منهم ، مثل : عمّار .. وأصحابه.

وقد ذكر الشيخ رحمه اللّه في الاستبصار (٢) : إنّ عمّارا ـ هذا ـ ضعيف ، فاسد المذهب ، لا يعمل على ما يختصّ بروايته.

ولكنّ العلاّمة الطباطبائي (٣) قد ناقش فيما ذكر ؛ بأنّ : .. هؤلاء وإن كانوا فطحيّة فاسدي العقيدة ، إلاّ أنّهم ثقات في النقل ، معتمد عليهم في الرواية ، و [قد نصّ] علماء الرجال كما نصّوا على فساد مذهبهم ، فكذا نصّوا على توثيقهم ، وأنّهم من أجلّة العلماء الفقهاء (٤) ، فالرواية ـ على هذا ـ من جهتهم موثّقة ، والموثّقة ـ عندنا ـ حجة.

__________________

(١) كما جاء في حديث مفصّل أورده شيخنا الكليني أعلى اللّه مقامه في اصول الكافي ٣٥١/١ ـ ٣٥٢ حديث ٧ ، ولاحظ : رجال الكشي : ٢٨٢ ، وكشف الغمة ٢٢٢/٢ ، والإرشاد للشيخ المفيد ٢٢١/٢ ، والمناقب لابن شهر آشوب ٣٢١/٤ ، والخرائج والجرائح ٣٣٢/١ ، وإعلام الورى : ٣٠٠ .. وغيرها.

ونقل هذا السيّد في فوائده الرجالية ١٢٤/٤ ، ولاحظ أيضا منه ٤٠٧/١.

(٢) الاستبصار ٣٧٢/١ باب السهو في صلاة المغرب حديث ٨.

وقد ذكره الشيخ في رجاله : ٢٥٠ برقم ٤٣٦ ، وكذا في فهرسته : ١١٧ برقم ٥١٥ ، وذكر أنّ كتابه معتمد ، ولم يرمه النجاشي في رجاله : ٢٩٠ برقم ٧٧١ بشيء!.

(٣) رجال السيّد بحر العلوم ١٢٥/٤ ـ ١٢٦ باختلاف يسير وتقديم وتأخير.

(٤) هنا تقديم وتأخير فيما نقله عن المصدر : حيث فيه : وقد نصّ علماء الرجال على توثيقهم ، وأنّهم من أجلّة العلماء والفقهاء ، كما نصوا على فساد مذهبهم ، فالرواية .. إلى آخره.

٤٨٨

وأمّا عمّار ؛ فمجمع على توثيقه وفضله وفقاهته وقبول روايته [قال الشيخ في الفهرست (١) : ..] ، وله كتاب كبير جيّد معتمد.

وقال في التهذيب (٢) : إنّه ثقة في النقل ، لا يطعن عليه فيه.

وقال المحقّق في المعتبر (٣) : إنّ الأصحاب عملوا بروايته.

وحكي عن الشيخ رحمه اللّه (٤) أنّه قال ـ في غير موضع (٥) من كتبه ـ : إنّ الإمامية مجمعة على العمل برواية (٦) السكوني ، وعمار .. ومن ماثلهما

__________________

(١) فهرست الشيخ الطوسي رحمه اللّه : ١٤٣ برقم ٥٢٧ [طبعة النجف الأشرف : ١٣٨].

(٢) نصّ عبارة الشيخ رحمه اللّه في تهذيب الأحكام ١٠٠/٧ ـ ١٠١ ذيل حديث ٤١ كتاب البيع ـ باب بيع الواحد بالاثنين ـ هكذا : .. وهذه الأخبار أربعة ؛ منها الأصل فيها عمّار ابن موسى الساباطي ، وهو واحد قد ضعّفه جماعة من أهل النقل ، وذكروا أنّ ما ينفرد بنقله لا يعمل به ؛ لأنّه كان فطحيا.

ثمّ قال : غير أنا لا نطعن عليه بهذه الطريقة ؛ لأنّه وإن كان كذلك ، فهو ثقة في النقل ، لا يطعن عليه فيه ..

وحكاه السيّد الأعرجي في عدّة الرجال ٣١٥/١.

(٣) المعتبر ٦٠/١ سطر ١٤ (الطبعة الحجرية) [وفي طبعة : ١٤ باب نزح ماء البئر بالتراوح] ، قال : عمل الأصحاب على رواية عمّار الثقة ، حتّى أنّ الشيخ رحمه اللّه ادّعى في العدة إجماع الإمامية على العمل بروايته ورواية أمثاله ممّن عدّدهم.

(٤) كما جاء في عدّة الاصول ٥٦/١ ، وقد حكاه عنه أولا المحقّق الحلّي في كتابه المسائل العزّية ، كما قيل.

(٥) في المصدر : في مواضع من كتبه.

(٦) في رجال السيد : بما يرويه.

٤٨٩

من الثقات.

ومن هذا يعلم أنّ ما ذكره الشيخ رحمه اللّه في الاستبصار [من أنّ عمّارا ـ هذا ـ ضعيف فاسد المذهب ، لا يعمل على ما يخص بروايته ..] (١)

محمول على المنع من العمل بروايته مع وجود معارض صحيح السند لا مطلقا (٢) ، كما يستفاد من كلامه في العدّة (٣).

وقال أبو عمرو الكشي (٤) : قال محمّد بن مسعود العيّاشي : عبد اللّه بن بكير وجماعة (٥) من الفطحيّة هم فقهاء أصحابنا .. وعدّ منهم : عمّار بن موسى الساباطي ، وبني الحسن بن [علي بن] فضّال ـ عليّا ، وإخوته : أحمد بن الحسن ، ومحمّد بن الحسن (٦) ـ.

__________________

(١) ما بين المعقوفين مزيد من المصدر ، وبه يتم الكلام.

(٢) في الفوائد الرجالية للسيد : مع وجود المعارض لا مطلقا.

(٣) عدّة الاصول ٣٨٠/١ [صفحة : ٥٦ طبعة بمبئ ـ مبحث العدالة] ، قال : ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث .. والسكوني .. وغيرهم من العامة عن أئمتنا عليهم السلام فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه ..

(٤) رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال) : ٣٤٥ [٦٣٥/٢] برقم ٦٣٩ ترجمة : عبد اللّه بن بكير ، نقلا بالمعنى .. ثمّ قال : وعدّ عدّة من أجلّه العلماء ..

(٥) كذا في المصدر ، وفي بعض نسخ الكشي : وجماعته.

(٦) نصّه هو : منهم : ابن بكير وابن فضّال ـ يعني الحسن بن علي ـ وعمّار الساباطي وعلي ابن أسباط ، وبنو الحسن بن علي بن فضّال ـ علي وأخواه ـ ويونس بن يعقوب ومعاوية ابن حكيم .. وعدّ عدّة من أجلّة العلماء.

٤٩٠

وذكر المفيد رحمه اللّه في رسالته الهلاليّة (١) أنّه : من أصحاب الاصول المعروفة ، ومن جملة الفقهاء والرؤساء الأعلام ، المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام ، والذين لا مطعن عليهم ولا طريق إلى ذمّ واحد منهم.

وقال النجاشي (٢) رحمه اللّه : عمّار بن موسى [الساباطي أبو الفضل ، مولى] ، وأخواه ـ قيس وصباح ـ رووا عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام ، [وكانوا] ثقات في النقل (٣) .. ولم يتعرّض لذكر مذهبه.

واستظهر العلاّمة الطباطبائي (٤)رحمه اللّه منه وممّا سمعته من الشيخ المفيد رحمه اللّه استقامته في المذهب ، و (٥) رجوعه إلى الحقّ كغيره من الفطحيّة ، واستشهد لذلك بما رواه الكشّي في كتاب الرجال بإسناده عن متروك (٦) ، عن أبي الحسن [الأوّل] عليه السلام ، قال : «واستوهبت عمّار الساباطي من ربّه

__________________

(١) الرسالة الهلالية (الرد على أهل العدد والرؤية) : ٢٥ (المجلّد التاسع ، الرسالة السابعة من مجموعة مصنفات الشيخ المفيد المطبوعة من قبل المؤتمره العالمي) باختلاف يسير.

(٢) رجال النجاشي : ٢٠٦ (طبعة الهند ـ أوفست الداوري ـ وفي طبعة إيران الاولى : ٢٢٣ ، وصفحة : ٢٩٠ ترجمة برقم(٧٧٩) من طبعة جماعة المدرسين) ، و ١٣٧/٢ ـ ١٣٨ برقم ٧٧٧ (دار الأضواء بيروت).

(٣) في رجال النجاشي ـ بجميع طبعاته الأربعة ـ : ثقات في الرواية.

(٤) رجال السيّد بحر العلوم ١٢٦/٤ نقلا بالمعنى ، ولاحظ منه ٤٠٧/١ ـ ٤١٣.

(٥) في الفوائد : أو ، بدلا من الواو.

(٦) كذا ، والظاهر : مروك ، كما في المصدر.

٤٩١

فوهب لي» (١).

وبالجملة ؛ فلا ينبغي طرح الرواية بمجرد كون راويها فطحيّا ونحوه ، بل بنى بعض أساطين هذا الفنّ من الأواخر (٢) على صحّة الأخبار المرويّة عن الموثّقين ـ وإن كان الراوي فاسد المذهب ، سيّما إذا كان الرجل واقفيّا ـ نظرا منه إلى أنّ الواقفيّة ونظائرهم كانوا أصحابنا يتجنّبون عنهم حال وقفهم وعدم استقامتهم ، وكانوا يسمّونهم : الكلاب الممطورة ـ تشبيها بها في وجوب الاجتناب عنها ـ. فيظهر من ضبط أصحابنا روايات بعض الواقفية ، والاعتناء بها ، واستجازتهم منهم فيها أنّ تلك الروايات قد صدرت منهم في حال الاستقامة ، سيّما لو كانت الروايات عن الصادق عليه السلام ، أو

__________________

(١) رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال) : ٢٥٣ برقم ٤٧١ [وفي طبعة : ٣٤٧ ، وصفحة : ٤٢٥] ، وفيه : «.. استوهبت عمارا من ربّي تعالى فوهبه لي». وهو يقارب ما جاء في رجال السيّد رحمه اللّه. وقريب لما في المتن في صفحة : ٤٠٦ برقم ٧٦٣ ، وقد ذكره مسندا ، وكذا في صفحة : ٥٠٤ برقم ٩٦٨ ، وفي الكلّ : «من ربّي فوهبه لي».

وقد فصّل المرحوم الجد قدّس سرّه في تنقيح المقال ٣١٨/٢ (الطبعة الحجرية) في ترجمته ، فراجع.

أقول : لا ينافي كل هذا كون عمّار فطحيا ، كما نصّ عليه الشيخ في الفهرست : ١٤٣ برقم ٥٢٧ ، والكشي في رجاله في الموارد السالفة ، لما ذهب إليه الأكثر من قبول روايات أصحاب الفرق الضالة كالفطحية والواقفية لو كانوا ثقات.

(٢) وهو المحقّق الكاظمي في كتابه تكملة الرجال ١٩٣/١ الفائدة السابعة.

٤٩٢

الكاظم عليه السلام ؛ فإنّ ظاهرهم أنّهم كانوا يأخذون تلك الروايات ويروونها لغيرهم ، حرصا عليها وتحفّظا عن الخطأ والنسيان ، ولو كان بالضبط في الاصول في حال الاستقامة فإنّه أداء أيضا ، ومخالفة الراوي بعد الأداء لا تقدح فيه ؛ ضرورة عدم اشتراط الاستمرار على العدالة في قبول الرواية حال الاستقامة ـ كما أوضحناه في مقباس الهداية (١) ـ فمتى وردت رواية لأصحابنا عن بعض الواقفيّة يغلب على الظنّ أن تلك الرواية كانت في حال الاستقامة ـ شفاها أو كتابة ـ لما عرفت من أنّ الكتابة أيضا نوع أداء ، بل ربّما يكشف رواية الواقفي عمّن لا يقول بإمامته عن عدوله عن الوقف ، كما سيجيء (٢) في ذيل ترجمة إبراهيم بن عبد الحميد الأسدي البزّاز إن شاء اللّه تعالى.

بل وكذلك الأمر لو روى واقفي عن واقفي مع كون الراوي عن الأوّل عدلا إماميّا ؛ فإنّ الظاهر أنّ الأداء إلى الإمامي كان في زمان استقامة الأول ، والأداء إليه كان في حال استقامة الثاني ، وبذلك ينفتح لك باب عظيم في حجيّة الموثّقات المعهودة ، وكونها بحكم الصّحاح (٣).

__________________

(١) مقباس الهداية ٥٦/٢ ـ ٦١ [الطبعة المحقّقة الاولى].

(٢) تنقيح المقال ٢٢/١ ـ ٢٣ [من الطبعة الحجرية ، وفي المحقّقة ١١٠/٤ ـ ١٢٦ برقم(٣٤٥)].

(٣) قال المحقّق الأعرجي في العدة ٤١٥/١ : هذا ؛ واعلم أنّ الأصحاب لم يزالوا يأخذون بما ترويه هذه الطوائف عن أئمتنا عليهم السلام في الجملة ، كما لا يخفى على من راعى ـ

٤٩٣

وتوهّم أنّه ـ على هذا ـ لا تبقى ثمرة لقول أهل الرجال : فلان واقفي ، أو فلان فطحي ، أو ناووسي ..أو غير ذلك ؛ مدفوع بأنّ الثمرة تظهر في موارد :

فمنها : عند التعارض بين هذا الخبر وبين الخبر الصحيح المصطلح ؛ فإنّ الظنّ بصدور الخبر الصحيح في حال العدالة أقوى من الظن الحاصل بصدور الموثّق كذلك.

وإن قلنا : بأنّ كلّ راو يعلم علما إجماليّا بوجود حالة له خالية عن العدالة ، فإنّ الاحتمال المذكور فيهما سواء.

ومنها : فيما لو علم أنّ الرواية قد صدرت في حال وقف الراوي ، فإنّها بناء على عدم حجيّة الموثّق ليست بحجّة.

ومنها : أنّ الراوي لو روى ما يؤيّد مذهب الوقف لم يعبأ به في قبال ما دلّ على بطلان الوقف ، بخلاف ما لو كان الراوي عدلا ؛ فإنّه يجب التأويل له حينئذ.

لا يقال : إنّ ظاهر أهل الرجال ذكر أوصاف الراوي من حيث إنّه راو ، فمعنى الإخبار بكونه واقفيا هو الحكم بوقفه حال الرواية ، كما أنّ الظاهر من الحكم بالعدالة هو الحكم بها كذلك.

__________________

ـ كتب الحديث .. ثمّ قال : وقد حكى الشيخ [كما في العدة ٥٦/١] ذلك عن الأصحاب على وجه يؤذن بدعوى الإجماع .. ثمّ نقل عبارة العدة .. ولا بأس من مراجعتها ، إذ هي الأسّ والأساس في هذا الباب كالشيخ طاب ثراه.

٤٩٤

لأنّا نقول : إنّ المعهود من استقصاء موارد كلماتهم خلاف ذلك ؛ فإنّهم كثيرا ما يذكرون أحوال الراوي التي لا مدخليّة لها في الرواية ـ كقولهم : فلان نزيل البلدة الفلانيّة ، أو منسوب إلى بلدة فلان ، أو شاعر أديب .. أو غير ذلك ـ ممّا لا مدخليّة له في قوة الرواية وضعفها ، بل نظرهم إلى ذكر أحوال الرجل بما اطّلعوا عليه.

وبما ذكر يندفع اعتراض الوحيد البهبهاني قدّس سرّه (١) ـ في ترجمة : إبراهيم بن صالح ـ على العلاّمة رحمه اللّه بأنّه : .. بعد اعتباره الإيمان في الراوي لا وجه لإيراد كثير من أهل العقائد الفاسدة في القسم الأول ، وتصريحه بالاعتماد على رواياتهم ، مثل الحسن بن علي بن فضال وابنه .. وغيرهما.

ثمّ لا يخفى عليك أنّه إذا تعارض الخبر الموثّق ـ المزبور الذي بنينا على صحّته ـ مع الخبر الصحيح المصطلح ، فالظاهر تقديم الثاني ؛ لاندراجه في قوله عليه السلام : «خذ بأعدلهما (٢) عندك ، وأوثقهما (٣) في نفسك» (٤).

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال : ٢٢ ، وصفحة : ٥٩ [الحجرية ، وفي الطبعة المحقّقة من منهج المقال ٢٩٥/١].

(٢) في المتن : أعدلهما.

(٣) في المتن : وأوثقتهما.

(٤) كما في عوالي اللآلي ١٣٣/٤ ، قال : وروى العلاّمة قدست نفسه مرفوعا إلى زرارة بن ـ

٤٩٥

مضافا إلى أنّ العدول عن الدين ينبىء عن نقصان في الرجل ، وأنّ منشأ عدوله أنّه لم يكن متثبّتا في اعتقاده الأوّل.

وأمّا لو اختار الخلاف في الأمور المستحدثة ـ كالوقف .. ونحوه ـ فالظاهر ذلك أيضا ؛ لأنّ ذلك ينبىء عن عدم تمييز العادل عن الدين ، وحذاقة من لم يعدّل ، حيث ميّز الحق عن الباطل ، سيّما إذا كانت الشبهة قوية ، فتدبّر جيّدا ، فإنّه دقيق نافع ، واللّه الموفّق.

* * *

__________________

ـ أعين .. وعنه في بحار الأنوار ٢٤٥/٢ ـ ٢٤٦ حديث ٥٧ ، ومستدرك الوسائل ٣٠٣/١٧ حديث ٢١٤١٢.

٤٩٦

تذييل

لا يخفى عليك أنّ القول بالفطحيّة أقرب مذاهب الشيعة إلى الحق (١) ، من وجهين :

أحدهما : إنّ كلّ مذهب من المذاهب الفاسدة يتضمّن إنكار بعض الأئمّة عليهم السلام ، ومن المعلوم بالنصوص القطعيّة وضرورة المذهب أنّ من أنكر واحدا منهم كان كمن أنكر جميعهم ، والفطحي يقول بإمامة الاثني عشر جميعا ، ويزيد : (عبد اللّه)بين الصادق والكاظم عليهما السلام ، فهو يقول بإمامة ثلاثة عشر ويحمل أخبار الاثني عشر إماما على الاثني عشر من ولد أمير المؤمنين عليه السلام ، فلا يموت الفطحي إلاّ عارفا بإمام زمانه ، بخلاف من مات من أهل سائر المذاهب ، فإنّه يموت جاهلا بإمام زمانه.

__________________

(١) قد سلف منه(قدّس سرّه)الإحالة إلى ماههنا في الطبعة الثانية من مقباس الهداية ، وموارد متعددة من التراجم في التنقيح ، لاحظ : مقباس الهداية ٣٢٥/٢ [الطبعة المحقّقة الاولى] .. وغيره ، ومن هنا ذهب المحقّق الكاظمي رحمه اللّه في تكملة الرجال ١٩٣/١ (الفائدة السابعة)إلى أنّ صرف وجود رجل من الفطحية لا يضرّ في السند ولا يوجب الطعن فيه.

٤٩٧

نعم ؛ من مات من الفطحيّة في السبعين يوما ـ زمان حياة عبد اللّه بعد أبيه ـ مات غير عارف لإمام زمانه ، فمات ميتة جاهلية ، بخلاف من مات بعد وفاة عبد اللّه (١).

ثانيهما : إنّ كلّ ذي مذهب من المذاهب الفاسدة قد تلقّى ممّن يعتقده إماما من غير الاثني عشر فروعا مخالفة لفروعنا بخلاف الفطحيّة ؛ فإنّ عبد اللّه لم

__________________

(١) قال الميرزا النوري في خاتمة مستدركه ٥ (٢٣)١٣/ ـ ١٤ : اعلم أولا : أنّ الفطحية أقرب المذاهب الباطلة إلى مذهب الإمامية ، وليس فيهم معاندة وإنكار للحق ، وتكذيب لأحد من الأئمة الاثني عشر عليهم السلام ، بل لا فرق بينهم وبين الإمامية ـ أصولا وفروعا ـ أصلا إلاّ في اعتقادهم إمامة إمام بين الصادق والكاظم عليهما السلام في سبعين يوما ، لم تكن لهم راية فيحضروا تحتها ، ولا بيعة لزمهم الوفاء بها ، ولا أحكام في حلال وحرام ، وتكاليف من فرائض وسنن وآداب كانوا يتلقونها .. ولا غير ذلك من اللوازم الباطلة ، والآثار الفاسدة الخارجية ـ المريبة غالبا ـ على إمامة الأئمة الذين يدعون إلى النار .. سوى الاعتقاد المحض الخالي عن الآثار الناشئ عن شبهة حصلت لهم عن بعض الأخبار ، وأنّما كان مدار مذهبهم على ما أخذوه من الأئمة السابقة واللاحقة صلوات اللّه عليهم كالإمامية.

ثمّ قال : ومن هنا تعرف وجه عدم ورود لعن وذمّ فيهم ، وعدم أمرهم عليهم السلام بمجانبتهم ، كما ورد في ذم الزيدية والواقفية .. وأمثالهم ولعنهم ..إلى أن قال : هذا ؛ ولم نعثر الى الآن على ورود ذمّ في الفطحية ، بل كانت معاملتهم عليهم السلام معهم في الظاهر كمعاملتهم مع الإمامية ، وقد أمروا بأخذ ما رووه بنو فضال ـ وهم عمدهم ـ ورواياتهم لا تحصى كثرة .. إلى آخره.

٤٩٨

يبق إلاّ سبعين يوما ، ولم يتلقّوا منه حكما فرعيّا ، وإنّما يعملون في الفروع بما تلقّوه من الاثني عشر ، فالفطحيّة قائلون بالاثني عشر ، عاملون بما تلقّوه من الاثني عشر ، فليس خطأهم إلاّ زيادة(عبد اللّه)سبعين يوما بين الصادق والكاظم عليهما السلام ، وإيراث ذلك الفسق محلّ تأمل (١) ، ولعلّه لذا لم يرد في الفطحيّة ما ورد في الواقفية وغيرهم من اللّعن والتوبيخ ، كالتعبير عن الفطحيّة (٢) ب‌ : الكلاب الممطورة (٣).

* * *

__________________

(١) لا يخفى أنّه : ليس البحث في فسق الراوي ، بل وثاقته ، فتدبّر.

(٢) كذا ، والصواب : الواقفية.

(٣) أقول : عقد بعض أعلام الرجاليين بابا في ذكر الرواة المنحرفين ؛ كما فعله السيّد الأعرجي رحمه اللّه في عدّة الرجال ٢٥٨/١ ـ ٢٩٩ حيث عقد الفائدة الاولى في ذكر كثير من الرواة المنحرفين ، ومن طعن عليه ليسهل ضبطهم والرجوع إليهم عند الحاجة ـ على حد تعبيره ـ ثمّ ذكر جمعا من الواقفية بعد ذكره معنى الوقف وما فيه من روايات قادحة ٣٠٠/١ ـ ٣٠٥ ، ثمّ عدّ جمعا من الناووسية(٣٢٢/١ ـ ٣٢٥) ، مثل : أبان بن عثمان الأحمر ، وسعد بن ظريف الإسكاف ، وعبد اللّه(عبيد اللّه)بن أبي زيد أبو طالب الأنباري .. وغيرهم ، ثمّ عدّ بعض أعلام الزيدية(٣٢٥/١ ـ ٣٣٧) ، وجمعا من رجالات الكيسانية(٣٣٧/١ ـ ٣٤٥) .. ثمّ عدّ زمرة من رواة العامة (٣٥٥/١ ـ ٣٥٧) ، ثمّ ثلة من الغلاة(٣٥٧/١ ـ ٤١٥) .. كل ذلك مرتبا على حروف الألف باء.

٤٩٩
٥٠٠