تنقيح المقال - ج ١

الشيخ عبد الله المامقاني

تنقيح المقال - ج ١

المؤلف:

الشيخ عبد الله المامقاني


المحقق: الشيخ محمّد رضا المامقاني
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-382-9
ISBN الدورة:
978-964-319-380-5

الصفحات: ٥٢٨

الظنّ بعدالته.

ثمّ ذكر إنّ من ذلك : أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد .. وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار .. والحسين بن الحسن بن أبان .. وأبو الحسين علي بن أبي جيّد ، قال : فهؤلاء .. وأمثالهم من مشايخ الأصحاب لنا ظنّ بحسن حالهم ، وعدالتهم ، وقد عددت حديثهم في الحبل المتين ، وفي هذا الكتاب [في الصحيح] (١) جريا على منوال مشايخنا المتأخّرين ، ونرجو من اللّه سبحانه أن يكون اعتقادنا فيهم مطابقا للواقع. انتهى.

وقال السيّد الداماد قدّس سرّه في الرواشح السماوية (٢) : إنّ للصدوق رحمه اللّه أشياخا : .. كلّما سمّى واحدا منهم في سند (٣) الفقيه .. قال (رضي اللّه عنه)كجعفر بن محمّد بن مسرور. فهؤلاء أثبات أجلاّء ، والحديث من جهتهم صحيح ، نصّ عليهم بالتوثيق أو لم ينصّ. انتهى (٤).

__________________

(١) جاءت الزيادة في المصدر ، وهي ضرورية.

(٢) الرواشح السماوية : ١٠٧ ـ ١٠٨ [الحجرية ، وفي المحقّقة : ١٧٢] ، وهو نقل بالمعنى ولا يوجد نصّ ، بل هو ناقص حيث في الأصل(مشايخ عدّة) ، وكأنّ المصنف رحمه اللّه أخذ أوّل الكلام من رجال السيّد بحر العلوم ٧٠/٤ ، وأضاف عليه ؛ إذ لا توجد هذه الألفاظ فيه ولا في الرواشح.

(٣) في الرواشح : مسندة.

(٤) الظاهر هو انتهاء كلام السيّد الداماد ، وليس كذلك إذ ما بعده منه.

٤٦١

وقال في موضع آخر من الرواشح (١) ما لفظه : هل رواية الثقة الثبت عن رجل سمّاه تعديل ، أم لا؟قال في (٢) شرح العضدي : إنّ فيه مذاهب :

أولها : تعديل ؛ إذ الظاهر أنّه لا يروي إلاّ عن عدل.

الثاني : ليس بتعديل ؛ إذ كثيرا ترى من يروي ولا يذكر (٣) ممّن يروي.

وثالثها ـ وهو المختار ـ : [إنّه] إن علم من عادته أنّه لا يروي إلاّ عن عدل فهو تعديل ، وإلاّ فلا.

و (ثقة ثقة صحيح الحديث) في اصطلاح أئمة التوثيق والتّوهين من أصحابنا رضوان اللّه عليهم تعبير عن هذا المعنى (٤).

__________________

وله كلام آخر نظير هذا في الرواشح : ١٧٩ [الحجرية ، وفي المحقّقة : ٢٦١] ، قال : وممّا يجب أن يعلم ولا يجوز أن يذهل [يسهل] عنه : أنّ مشيخة المشايخ الذين هم كالأساطين والأركان أمرهم أجلّ من الاحتياج إلى تزكية مزكّ وتوثيق موثّق.

(١) الرواشح السماوية [الراشحة الثالثة والثلاثون] : ١٠٤ ـ ١٠٥ [الطبعة المحقّقة : ١٧٠ ـ ١٧١] ، ونقله بنصه السيّد بحر العلوم في خاتمة فوائده ٧٠/٤.

(٢) في الرواشح : صح ما في.

(٣) في المصدر : ولا يفكّر.

(٤) هنا سقط من عبارة الرواشح قد سلف قريبا ، وما بعده للسيّد في رواشحه أيضا.

أقول : لقد نسب الوحيد البهبهاني رحمه اللّه : ١٠٤ [من الطبعة المحقّقة] إلى جده العلاّمة المجلسي الأوّل رحمه اللّه دلالته على الوثاقة [انظر : روضة المتقين ٤٥/١٤] ، وكذا الأسترآبادي في منهج المقال : ١٠٣ [الطبعة الحجرية] في ترجمة : الحسن بن علي ـ

٤٦٢

ثمّ إنّ لمشايخنا الكبراء مشيخة يوقّرون ذكرها ، ويكثرون من الرواية عنهم والاعتناء بشأنهم ، ويلتزمون إرداف تسميتهم بالترضية

__________________

ـ ابن زياد .. وقد حكاه أبو علي الحائري في منتهى المقال ٨٥/١ [الطبعة المحقّقة] عنه ، ولم يوجد توثيق في روضة المتقين لمشايخ الإجازة ـ كما أفاده في هامش المنتهى ـ نعم ، هناك عدم إضرار جهالة مشايخ الإجازة ، كما في روضة المتقين ٤٣/١٤ في ترجمة علي بن الحسين السعدآبادي ، وانظر كلامه فيه ٣٢٨/١٤ ، وهذا أعم من الوثاقة.

نعم ؛ قال المحقّق البحراني في معراج الكمال : ٦٤ في ترجمة إبراهيم ابن عثمان أبو أيوب الخزاز : ..أنّه من مشايخ الإجازات ؛ والظاهر أنّهم في أعلى طبقات الجلالة والوثاقة ، وحكاه الشيخ أبي علي الحائري في منتهى المقال ٨٥/١ ، وعلّق عليه بقوله : ولا يخلو من قرب ، ثمّ قال : لكن قوله : في أعلى درجاته غير ظاهر.

ولصاحب المعراج فيه : ١٢٦ كلام مفصّل في المقام ظاهر في المرام ، فراجعه. وقال في بلغة المحدثين : ٤٠٤ في ترجمة محمّد بن إسماعيل البندقي : مجهول ؛ إلاّ أنّ الظاهر جلالته ؛ لكونه من مشايخ الإجازة.

بل حكى العلاّمة الوحيد في تعليقته : ٩ عن صاحب المعراج أنّ مشايخ الإجازة في أعلى درجات الوثاقة.

أقول : ذكر المولى الوحيد رحمه اللّه في فوائده(الرابعة) : ٩ [الطبعة الحجرية ، وفي الطبعة المحقّقة ١٤١/١ ـ ١٤٢ من منهج المقال] ـ وحكاه عنه غير واحد منهم صاحب المنتهى ٨٦/١ ـ أنّه : إذا كان المستجيز ممّن يطعن بالرواية عن الضعفاء ، فالدلالة على الوثاقة في غاية الظهور ، سيّما إذا كان المجيز من المشاهير ، ثمّ قال : وربّما يفرق بينهم وبين غيرهم بكون الأوّل من الثقات ، ولعلّه ليس بشيء .. ثمّ أمر بالتأمل.

٤٦٣

عنهم به ، والرحمة (١) لهم ألبتة .. فأولئك ـ أيضا ـ ثبت فخماء ، وأثبات أجلاّء ، ذكروا في كتاب الرجال أو لم يذكروا .. والحديث من جهتهم صحيح [معتمد عليه ؛ نصّ عليهم بالتزكية والتوثيق أم لم ينصّ] (٢).

وهم : كأبي الحسين علي بن أحمد بن أبي جيد ، وأبي عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه الغضائري ، وأبي عبد اللّه أحمد بن عبدون المعروف ب‌ : ابن الحاشر .. أشياخ شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه ، والشيخ أبي العباس النجاشي رحمه اللّه (٣).

وشيخنا العلاّمة الحلّي رحمه اللّه في الخلاصة (٤) عدّ طريق الشيخ رحمه اللّه إلى جماعة ـ كمحمّد بن إسماعيل [بن بزيع] ، ومحمّد بن علي بن محبوب ، ومحمّد بن يعقوب الكليني رحمهم اللّه .. وغيرهم ـ صحيحا ، وأولئك الأشياخ في الطريق ، واستصحّ في مواضع كثيرة [عدّة] جملة (٥) من الأحاديث ، وهم في الطريق.

__________________

(١) في الرواشح : بالرضيلة .. والرحملة! ، وفي رجال السيّد بحر العلوم ب‌ : الرضيلة عنهم أو الرحملة لهم.

(٢) ما بين المعقوفين مزيد من المصدر ، وكذا الذي بعده.

(٣) وللكلام تتمة مربوطه بما نحن فيه ، جاءت في الراشحة الثالثة والثلاثين من الرواشح السماوية : ١٠٤ ـ ١٠٧ ، ونقلها السيّد أيضا في فوائده ٧١/٤ ـ ٧٢ ، فراجعهما.

(٤) لاحظ : الفائدة الثامنة من رجال العلاّمة الحلّي (الخلاصة : ٤٣٥ ـ ٤٣٦).

(٥) في المحقّقة ورجال السيّد : جمّة ، وهي نسخة على الحجرية.

٤٦٤

وابن أبي جيّد أعلى سندا من الشيخ المفيد رحمه اللّه ؛ فإنّه يروي عن محمّد بن الحسن بن الوليد بغير واسطة [والمفيد يروي عنه بواسطة] (١).

وكان ابن (٢) شاذان القاضي القمي رحمه اللّه أبي الحسن أحمد بن علي بن الحسن ، وابن الجندي أحمد بن محمّد بن عمران بن موسى الجرّاح ، شيخي [الشيخ] أبي العباس النجاشي رحمه اللّه يستند إليهما ، ويعظّم ذكرهما كثيرا (٣).

وعلي بن أحمد بن العباس النجاشي ، شيخه ووالده ، ذكره في ترجمة الصدوق رحمه اللّه أبي جعفر بن بابويه رضي اللّه عنه وطريقه إليه ، وذكر أنّه قرأ بعض كتب الصدوق رحمة اللّه عليه (٤).

وكأحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، وأبي علي أحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري ـ شيخي الشيخ المفيد أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان [رضي اللّه تعالى عنه] ـ فإنّ أمرهما أجلّ من الافتقار إلى تزكية مزّك ، وتوثيق موثّق.

[و] كأشياخ الصدوق ابن الصدوق عروة الإسلام أبي جعفر محمّد بن

__________________

(١) ما بين المعقوفتين مزيد من المصدر.

(٢) كذا ، والصحيح : وكابن .. وإلاّ لكان أبو الحسن أحمد.

(٣) رجال النجاشي : ٨٤ ـ ٨٥ برقم(٢٠٤)و (٢٠٦).

(٤) انظر : رجال النجاشي : ٣٩٢ برقم ١٠٤٩.

٤٦٥

علي بن بابويه القمّي رضوان اللّه عليهما : الحسين بن أحمد بن إدريس أبي عبد اللّه الأشعري [القمي] ، أحد أشياخ التلعكبري [أيضا ، ذكره الشيخ في كتاب الرجال (١)] (٢) .. وغيره من أشياخه الذين ترضّى عليهم ، أو ترحّم لهم ..

ويأتي تعداد مشايخ الصدوق رحمه اللّه مع تمييز من ترضّى عليه أو ترحّم لهم في الفائدة الرابعة (٣) من خاتمة الكتاب إن شاء اللّه [تعالى] (٤).

__________________

(١) رجال الشيخ الطوسي رحمه اللّه : ٤٦٧ ، وصفحة : ٤٧٠ باب من لم يرو عنهم عليهم السلام.

(٢) إلى هنا كلام السيّد في الرواشح : ١٠٤ ـ ١٠٧ [المحقّقة : ١٧٠ ـ ١٧٤] ، وله كلام متمم لهذا أورد فيه أسماء مشايخه ، وكذا مشيخة ثقة الإسلام الكليني .. وقد نقله عنه السيّد في فوائده الرجالية ٧١/٤ ـ ٧٣ ، وما بعده من كلام المصنف رحمه اللّه.

(٣) كذا ، والظاهر : الثانية ، انظر تنقيح المقال ٨٤/٣ ـ ٨٥ من خاتمة الكتاب الفائدة الثانية (من الطبعة الحجرية).

(٤) وقد علّق المولى الدربندي في كتابه القواميس : ٦٦ (الخطي)على كلام السيّد الداماد ـ بعد نقله له ـ بقوله : .. ولا يخفى عليك أنّ ما ذكره في باب المشيخة وعدم احتياجهم إلى التوثيق لا يختص بمن يصدّر بهم الأسانيد ، بل إنّه جار في كل المشايخ وأصحاب الإجازات وإن كانوا من أصحاب الأئمة عليهم السلام ، لاتحاد الوجه في الكل .. ولا يخفى ما في كلامهما طاب رمسهما.

انظر : كلام الوحيد البهبهاني رحمه اللّه في تعليقته على منهج المقال : ٩ [الطبعة الحجرية ، وفي الطبعة المحقّقة من منهج المقال ١٤١/١ ـ ١٤٢] ، ونهاية الدراية ـ

٤٦٦

__________________

ـ للصدر : ١٥٥ (طبعة الهند) ، ولاحظ كلامه ونقده في صفحة : ١٥٨ ، وتوضيح المقال : ٤١ [الطبعة المحقّقة : ١٨١] ، وشعب المقال : ٢٦ ، ومنهج المقال : ٢٨٤ (في ترجمة محمّد بن سليمان البندقي) ، حيث نقل عن المعراج ، أنّه لا ريب في عدالة شيوخ الإجازة ، ثمّ قال : ومشايخنا من عهد الكليني رحمه اللّه إلى زماننا لا يحتاجون إلى التنصيص لما اشتهر في كل عصر من ثقتهم وورعهم .. وغيرها.

هذا ؛ وهناك جملة كتب ورسائل في هذا الباب ، منها : ما كان للمولى الميرزا أبو القاسم بن الحسن الجيلاني المعروف ب‌ : الميرزا القمي رحمه اللّه(المتوفّي سنة ١٢٣١) ، حيث ألّف رسالة في معرفة مشايخ الإجازة من الرواة ومن نصّ علماء الرجال على ذلك فيهم .. كما ولجمع من أعلامنا كتب ورسائل مستقلة في ذلك .. منها : كتاب الشمل المنظوم في مصنفي العلوم ، وقد ذكره المولى الكني في توضيح المقال : ٢٨٦ [الطبعة المحقّقة] في المبحث الرابع الذي أعده في أحوال المشايخ.

ومن هنا عقد الجزائري في خاتمة قسم الثقات من كتابه حاوي الأقوال ١٣/٣ ـ ٨٤ ، في من لم ينصّ على توثيقه ، ولكن يستفاد من قرائن اخر كرواية الأجلّة عنه ، أو كونه من مشايخ الإجازة ، أو كونه من مشايخ المفيد ..

أقول : ومن الغريب ما ذكره التستري في قاموس الرجال ٧٤/١ ـ ٧٥ ـ أيضا ـ ونقلناه في مستدركاتنا على مقباس الهداية ١٢٦/٦ ـ ١٢٧ [الطبعة المحقّقة الأولى] الفائدة الثانية ، قال : .. كما أنّ ما اشتهر عندهم من استغناء مشايخ الإجازة عن التوثيق أيضا كلام عن غير تحقيق ..!ثمّ قال : إنّ شيخ الإجازة ؛ إما يجيز كتاب نفسه ، وفيه يشترط ثبوت وثاقته كغيره من الرواة مطلقا ، إلاّ أن يكون جميع أحاديث كتبه مطابقا لأحاديث كتاب معتبر ، فتكون أحاديثه مقبولة وإن كان في نفسه ضعيفا ..

٤٦٧

__________________

وإمّا أن يجيز كتاب غيره ؛ فإن أجاز ما يكون نسبته الى مصنّفه مقطوعة ـ كإجازة الكافي وسائر الكتب الأربعة وما يكون نظيرها .. ـ فلا احتياج في مثله إلى التوثيق ؛ لأنّ المراد مجرد اتّصال السند ، لا تحصيل العلم لنسبته إلى مصنفه ، وإن أجاز ما لا تكون نسبته مقطوعة يحتاج أيضا جواز العمل بما أجازه إلى توثيقه كسائر الرواة ..

ثمّ قال في صفحة : ٧٧ : وبالجملة ؛ شيخ الإجازة لا أثر له في نفسه أصلا ، وأما فيما أجازه هل يكون معتبرا أم لا؟فبتفصيل قد مرّ.

ثمّ قال التستري في قاموس الرجال ٧٧/١ ـ أيضا ـ وأوردناه في مستدرك مقباس الهداية ١٢٨/٦ ـ ١٢٩ [الطبعة المحقّقة الأولى] الفائدة السابعة ما نصه : لو كنّا نعرف الاصول المشهورة والمصنفات المعروفة كالقدماء لكنّا حكمنا بصحة كثير من أحاديث الكافي التي حكموا بعدم صحتها بالاصطلاح الحادث المتأخّر ؛ فإنّ أكثر رواتها مشايخ إجازة ، وأكثر أحاديثه مأخوذة من مصنفات أصحاب الأئمّة عليهم السلام واصولهم ، وذكر سائر المشايخ لمجرد اتصال السلسلة ـ كما هو ديدن أصحاب الحديث ـ كالإرشاد في الأخذ من الكافي ، ومنهم الصدوق في غير الفقيه ، والشيخ في الجزءين الأولين من استبصاره ـ كما عرفت ـ لكنّ الأسف في ضياع تلك الاصول والمصنّفات ..!

أقول : ولا يخفى ما فيه صدرا وذيلا ، وعدم التفرقة بين الأمارة والدلالة ، وقضاء الوجدان بافتراق صرف الرواية عن كونه شيخ الإجازة ، فتدبّر.

ثمّ إنّ هنا بحث أخصر وأخصّ وأنفع ، وهو توثيق مشايخ الشيوخ ؛ خاصة النجاشي ، الذي بلغ عدد مشايخه ثمانية وعشرون رجلا ، وقيل : واحد وثلاثين ، وقيل : واحد وأربعين ـ كما في معجم رجال الحديث ١٥٧/٢ وما بعدها ـ .. وقيل ـ

٤٦٨

__________________

ـ غير ذلك ، روى الاصول عنهم ولم يوثّق منهم إلاّ أربعة.إذ عرف عن النجاشي أنّه يتحرز عن الرواية عن الضعفاء بغير واسطة ، كما صرّح بذلك في رجاله : في ترجمة محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن عبيد اللّه البهلول [رجال النجاشي : ٨٥ ـ ٨٦ برقم(٢٠٩)] بقوله : .. كان سمع الحديث وأكثر واضطرب في آخر عمره ، وكان جدّه وأبوه من وجوه أهل بغداد أيّام آل حمّاد والقاضي أبي عمر .. رأيت هذا الشيخ [وكان صديقا لي ولوالدي] ، وسمعت منه شيئا كثيرا ، ورأيت شيوخنا يضعفّونه ، فلم أرو عنه [شيئا] وتجنبته ، وكان من أهل العلم والأدب القوي .. ونقل بعض هذا العلاّمة في رجاله : ٢٠٤.

بل تعجب هو رحمه اللّه من رواية الثقة عن الضعيف ؛ كما في ترجمة جعفر بن محمّد ابن مالك بن علي بن سابور [رجال النجاشي : ١٢٢ برقم(٣١٣) في طبعة جماعة المدرسين ، وفي طبعة بيروت ٣٠٢/١ ـ ٣٠٣ برقم(٣١١)] ، قال : .. كان ضعيفا في الحديث ، قال أحمد بن الحسين : كان يضع الحديث وضعا ، ويروي عن المجاهيل ، وسمعت من قال : كان أيضا فاسد المذهب والرواية ، ولا أدري كيف روى عنه شيخنا النبيل الثقة أبو علي بن همام ، وشيخنا الجليل الثقة أبو غالب الزراري رحمهما اللّه.

وأيضا توصيفه لبعض الأسانيد ب‌ : الاضطراب أو ب‌ : الغرابة أو الظلمة .. يستشمّ منه سلامة سائر طرقه وتوثيق مشايخه.

وأيضا ؛ فقد قال رحمه اللّه في ترجمة أبي المفضّل محمّد بن عبد اللّه ابن محمّد بن عبيد اللّه الشيباني [رجال النجاشي : ٣٠٩ ، وفي طبعة جماعة المدرسين : ٣٩٦ برقم(١٠٥٩) ، وطبعة بيروت ٣٢١/١ ـ ٣٢٢ برقم(١٠٦٠)] : رأيت هذا الشيخ وسمعت عنه كثيرا ، ثمّ توقفت عن الرواية عنه إلاّ بواسطة ـ

٤٦٩

__________________

ـ بيني وبينه ..!

وفي هذا ما لا يخفى.

وقد ذهب جمع إلى ذلك ، كما حكاه المولى عبد اللّه أفندي في رياض العلماء ٣٥١/٣ ـ ٣٥٢ عن المولى نظام الدين القرشي المتوفّى سنة ١٠٣٨ ه‌ في كتابه نظام الأقوال ، وفصل القول به سيدنا بحر العلوم في رجاله ٩٧/٢ ـ ٩٩ في ترجمة النجاشي ، وذكر الأدلة على ذلك ، وكذا في ١٤٥/٤ الفائدة(٢٦) ، فقال ـ فيما قال ـ عن النجاشي : ..

وهذه طريقته في نقد الرجال ، وانتقاد الطرق ، والتجنّب عن الضعفاء والمجاهيل ، والتعجب من ثقة يروي عن ضعيف .. لا يليق به أن يروي عن ضعيف أو مجهول ويدخلهما في الطريق ، خصوصا مع الإكثار وعدم التنبيه على ما هو عليه من الضعف أو الجهالة ؛ فإنّه إغراء بالباطل وتناقض واضطراب في الطريق ، ومقام هذا الشيخ ـ في الضبط والعدالة ـ يجلّ عن ذلك ..

ثمّ قال : فتعيّن أن يكون مشايخه الذين روى عنهم ثقات جميعا.

هذا ؛ ولو تمّت هذه الأدلة وثبت التزامه طاب رمسه بذلك عملا ، فهي تفيد شيوخ روايته خاصة ممّن روى عنهم لا مطلق مشايخه وأساتذته ممّن تعلّم عليهم الأنساب أو الفقه والكلام ؛ إذ المدار على الرواية والنقل ..

ثمّ إنّه قد سلف أنّ المشهور قد ذهب إلى توثيق مشايخ الإجازات ، بل قيل : أنّهم في غنى عن ذلك ، فلا خصوصيّة في مشايخه رحمه اللّه.

ولا يخفى ـ كما سلف ـ إلى أنّه قد جنح جمع إلى القول بعدم الدلالة على الوثاقة ، بل الدلالة على الحسن والمدح ، بل نسبه الوحيد في تعليقته : ٩ إلى المشهور ، وأنّه من أسباب الحسن ، بل حكى عن ظاهر المشهور عدم دلالة شيخوخة الإجازة ـ

٤٧٠

__________________

ـ على الوثاقة ، بل ربّما يفرق بين ما لو كان شيخ الإجازة من المشاهير ، فشيخوخة الإجازة تدلّ على الوثاقة ، وغيره فلا .. قاله في التعليقة : ٩ ، وقال : وعليه جرى سيدنا.

وعلق الكلباسي في رسائله الرجالية ١٤٤/٤ ـ ١٤٥ بقوله : إنّه لا ينبغي الإشكال في أنّ الظاهر عدالة الشيخ المجيز لو كان مرجعا للمحدّثين في الإجازة والإستجازة ، حيث إنّ الظاهر أنّ رجوع المحدّثين إليه في الإجازة ، واشتهاره بينهم بالإستجارة منه كان من جهة اعتمادهم على عدالته ، وإنّ فرض كون الكتاب المستجاز لروايته متواترا عند بعضهم ، فكأنّ الإستجازة من جهة اتصال السند ، فكان في المستجيزين جماعة من المعتمدين ـ وإن لم نعرفهم بأعيانهم ـ كانت استجازتهم من جهة الاعتماد على المجيز قطعا ، ولا أقلّ من ظهور ذلك .. فالظاهر في هذه الصورة أنّ الاشتهار بالإجازة كان من جهة الوثاقة.

إلى أن قال : ولو كان المستجيز ممّن يطعن بالرواية عن المجاهيل وغير الثقات ، وإن لم يكن من المشاهير ، فيمكن القول بدلالة [كذا ، والظاهر : بعدم دلالة] استجازته على وثاقة المجيز.

ثم قال : إلاّ أن يقال : إنّ الظاهر من الطعن في الرواية عن غير الثقات هو الطعن على أخذ الرواية من غير ثقة بحيث كان غير الثقة طريقا في وصول الخبر إلى الراوي ، وها هنا يمكن أن يكون الكتاب المستجاز لروايته متواترا عند المجيز ، وكانت الاستجازة من جهة مجرّد اتصال السند ..

أقول : لنا مباحث مفصّلة في طرق معرفة شيخوخة الإجازة وشرائطها وآدابها .. وغير ذلك ذكرناها في مستدركاتنا على المقباس ، فراجع.

٤٧١

تذييل (١)

قد جرى على ألسنة أهل الفن وصف بعض الرجال بكونه : شيخ الإجازة (٢) ، وآخر بأنّه : شيخ الرواية ، وفرّق صاحب التكملة (٣) بينهما بأنّ :

الأوّل : من ليس كتاب له يرويه ولا رواية تنقل ، بل يجيز برواية كتاب غيره (٤) ، ويذكر في السند لمجرد (٥) اتّصال السند ، قال : فلو كان ضعيفا لم يضر ضعفه.

__________________

(١) وقد جاء بألفاظ مقاربة في مقباس الهداية ٢٢٢/٢ ـ ٢٢٣ [في طبعته المحقّقة الاولى] من دون نسبته لقائله.

(٢) قد سلف الحديث في شيخوخة الإجازة وكونها من ألفاظ المدح ، والاستفادة من إطلاقها حسن الرواية مطابقة ومدح الراوي وحسن حاله التزاما ، والاختلاف على دلالتها على الوثاقة وعدمها .. ممّا علّقناه على كتاب مقباس الهداية ١٣٩/٢ ، وصفحة : ٢١٨ ، وكون هذه الصفة لها دخل في السنة كما جاء فيه ١٦٦/١ ، ولاحظ : منه ٢٢٢/٢ ومستدركاته في ١٢٦/٦ [من الطبعة المحقّقة الاولى].

(٣) تكملة الرجال ١٤٩/١ في ترجمة أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، باختلاف يسير غير مضرّ.

(٤) في المقباس : بل يخبر كتب غيره.

(٥) في المصدر : لمحض.

٤٧٢

والثاني : هو من تؤخذ الرواية منه ، ويكون في الأغلب صاحب كتاب ، بحيث يكون هو أحد من تستند إليه الرواية ، وهذا تضرّ جهالته في الرواية ، ويشترط في قبولها عدالته.

وطريق العلم بأحد الأمرين هو أنّه إن ذكر له كتاب كان من مشايخ الرواية ، وإلاّ كان من مشايخ الإجازة (١).

ولي فيما ذكره من الفرق نظر ؛ لانتقاضه فيهما جميعا في موارد كثيرة لا تخفى على المتتبّع (٢).

__________________

(١) ثمّ قال : على إشكال في الثاني. واحتمل المعلّق وجهه له ؛ بأنّ كثيرا من مشايخ الإجازة ذكر لهم كتاب بل كتب ، ومع ذلك يعدّونهم من مشايخ الإجازة.

هذا ؛ مع أن عدم ذكر كتاب له لا يدل على عدم وجود كتاب له ؛ إذ لعلّهم لم يطّلعوا عليه ، وعدم الوجدان لا يدلّ على عدم وجود الكتاب له.

قال الكلباسي في رسائله الرجالية ١٤٥/٤ : ثمّ إنّ شيخوخة الإجازة أعم من الرواية ـ أعني الإسناد ـ وعدمها ، ومن هذا أنّه يتأتى الكلام في المقام في أن مشيخة الفقيه والتهذيبين وسائط الإسناد أو صرف مشايخ الإجازة؟

وعلى الأوّل ، يتأتى الكلام في أنّهم مشايخ الإجازة بعد كونهم وسائط الإسناد ، أو لم يثبت كونهم مشايخ الإجازة؟

(٢) والأهم من كل هذا أنّه من أين لنا إحراز رسوخ هذا الاصطلاح عندهم بحيث تنتزع منه قاعدّة كلية.

أقول : أدرجنا في المقام في ضمن مستدركاتنا على المقباس برقم(١٧٦) ١٢٤/٦ ـ ١٢٥ إشكالان هنا ، أحدهما للسيّد الصدر في نهاية الدراية ، والثاني لبعض أساتذتنا .. وأجبنا عنهما ، فراجع ، ولاحظ صفحة : ١٢٦ [من الطبعة الاولى المحقّقة].

٤٧٣
٤٧٤

الفائدة الخامسة (١)

إنّه قد تكرّر من أهل الرجال ـ سيّما ابن الغضائري رحمه اللّه ـ في حقّ جماعة من رجالنا قولهم : يعرف حديثه وينكر ، أو يعرف تارة وينكر اخرى (٢).

__________________

(١) راجع : تكملة الرجال ٣٨٣/١ ، و ٢٧٠/٢ ، وصفحة : ٣٩٠ ـ ٣٩١.

ولاحظ : شرح المازندراني للكافي ٧٢/٢ ، والفوائد الرجالية للوحيد البهبهاني على منهج المقال : ٤٣ [من الطبعة الحجرية ، وفي الطبعة المحقّقة ١٣٧/١ ـ ١٣٨] ، وتوضيح المقال في علم الرجال للمولى الكنّي : ٢١١ ـ ٢١٢.

(٢) أو يقال : يعرف وينكر ، كما قاله النجاشي في رجاله : ١٣٥ [وفي طبعة جماعة المدرسين : ١٧٨ برقم ٤٦٨ ، وفي طبعة بيروت ٤٠٤/١ برقم(٤٦٦)] في سعد(سعيد) ابن طريف(ظريف)القاضي إنّه : يعرف وينكر .. مع أنّ الشيخ في رجاله : ٩٢ عدّه صحيح الحديث.

أو يقال : تعرف وتنكر ؛ أي يأتي مرّة بالمناكير ومرّة بالمشاهير ، كما نصّ عليه السيوطي في تدريب الراوي ٣٥٠/١.

وقد يرد بقولهم : حديثه يعرف وينكر ، كما يقال : حديثه نعرفه وننكره كما في أبي محمّد القاسم بن الحسن بن علي بن يقطين ، حيث عبّر عنه ابن الغضائري بذلك ثمّ قال : ذكر القميون أن في مذهبه ارتفاعا ، والأغلب عليه الخير ، كما حكاه العلاّمة في الخلاصة : ٢٤٨ برقم ٧.

وقال في ترجمة إسماعيل بن مهران بن محمّد بن أبي نصر السكوني يكنّى أبا محمّد قال : ليس حديثه بالنقي ، يضطرب تارة ويصلح أخرى.

٤٧٥

وإنّا وإن ذكرنا في مقباس الهداية (١) ما ذكروه في المراد بالعبارة ، إلاّ أنّا لكثرة وقوعه في كلمات أصحابنا أهمّنا شرح الكلام فيه هنا أيضا فنقول : قد صدر منهم في المراد بالعبارة [وجوه] :

أحدها : إنّ بعض أحاديثه معروف ، وبعضها منكر.

__________________

أقول : قد عدّ ابن داود في رجاله : ٥٤٧ ستة من الرواة قيل فيهم : يعرف حديثه وينكر ، وهم :

١ ـ سهيل [كذا] بن زياد الواسطي أبو يحيى ، قاله ابن الغضائري.

٢ ـ صالح بن أبي حمّاد أبو الحسين الرازي ، قاله النجاشي.

٣ ـ عبد الرحمن بن أحمد بن نهيك السمرقندي ، الملقب ب‌ : دحمان ، قاله النجاشي.

٤ ـ علي بن جعفر الهماني ، قاله النجاشي.

٥ ـ محمّد بن حسان الرازي أبو عبد اللّه الزيدي ، قاله النجاشي.

٦ ـ محمّد بن خالد بن عبد الرحمن بن علي البرقي ، قاله ابن الغضائري. إلاّ إن ما أورده هو في رجاله أكثر من هذا ، فراجع.

(١) مقباس الهداية ٢٩٩/٢ [الطبعة المحقّقة الاولى] ، والغريب أنّه أحال هناك إلى ما هنا بقوله في الحاشية : قد بسطنا الكلام في قولهم : يعرف حديثه وينكر في الفائدة الخامسة من فوائد مقدمة تنقيح المقال ، فلاحظ.

أقول : ما حصّلنا عليه ممّن أطلق عليه ابن الغضائري هذه اللفظة هم جمع أدرجناهم في مستدرك مستقل.

وقد عدّت هذه اللفظة من الألفاظ المفيدة للذم في الحديث ، وفي إفادتها للقدح في العدالة خلاف. انظر مستدرك رقم(١٩٥) من مستدركات مقباس الهداية ١٩٠/٦ ـ ١٩٣ ، والفوائد هناك برقم ٣٩٧ و ٣٩٨ و ٣٩٩.

٤٧٦

وإنّ المراد بالمنكر : ما لا موافق له في مضمونه من الكتاب والسّنة ، وبالمعروف : ما يوافق مضمونه بعض الأدلّة ، وعلى هذا ، يراد بالمنكر ما تفرّد (١) بروايته (٢).

وينافي ذلك قوله في بعض المواضع : ويجوز أن يخرج شاهدا ، [فإنّ تخريج المنكر شاهدا] (٣) إذا كان له موافق في المضمون.

ثانيها : إنّ بعض أحاديثه منكر مخالف للأدلّة في مضمونه ، وبعضها معروف له موافق فيها ، وهذا يقرب من سابقه (٤).

ويمكن الجواب بأنّ ضمير(يجوز)يرجع إلى أصل حديثه لا إلى خصوص المنكر لترد المنافاة والمدافعة ؛ فإنّ التخريج يكون بالنسبة إلى بعض أحاديثه ، وهو ما يعرف.

ثالثها : إنّ المراد بالمنكر الأعاجيب ، على حدّ ما قاله الشيخ رحمه اللّه في ترجمة جعفر بن محمّد بن مالك (٥) ، ويقابله قوله : (يعرف).

__________________

(١) في التكملة : المنفرد ، بدل : ما تفرّد.

(٢) قاله بنحو الاحتمال المحقّق الكاظمي في تكملة الرجال ٣٨٣/١ ـ ٣٨٤ في ترجمة خلف بن حمّاد بن ناشر ، وانظر ما جاء في ترجمة صالح بن أبي حمّاد الرازي في فهرست الشيخ : ١٦٧ برقم ٣٥٣ (أوفست مشهد ، ولا يوجد في سائر الطبعات!) ، قال : .. وكان أمره ملتبسا يعرف وينكر.

(٣) لا يتمّ المعنى إلاّ بما جاء بين المعقوفين.

(٤) أي أنّه ينافيه قوله : (ويجوز أن يخرج شاهدا).

(٥) قال الشيخ الطوسي رحمه اللّه في رجاله في باب من لم يرو عنهم عليهم السّلام : ٤٥٨ برقم ٢ ـ بعد العنوان ـ : .. كوفي ثقة ، ويضعّفه قوم ، روى في مولد القائم عليه السّلام أعاجيب.

٤٧٧

رابعها : إنّ المراد بالعبارة احتمالات (١) أنّه يقبل تارة ، ولا يقبل اخرى.

احتمله بعضهم ، ولم أفهم معناه ؛ لأنّ قبول الرواية يتوقّف على كونه ثقة ، فإذا قبلت له رواية لزم قبول جميع رواياته (٢) ، إلاّ أن يريد قبول بعض الأصحاب وعدم قبول بعض آخر ، فيرجع إلى بيان أنّه مختلف فيه بين الأصحاب.

ولعلّه يساعد على ذلك قوله : (أمره مختلط) ، وقوله : (يجوز أن يخرج شاهدا) ، وقوله : (أمره مظلم) (٣).

وعلى هذا الاحتمال لا يعارض قول ابن الغضائري : (يعرف وينكر)توثيق النجاشي .. وغيره.

خامسها : إنّ المراد به أنّه يعرف معنى حديثه وينكر ؛ بمعنى أنّه مضطرب الألفاظ .. على حدّ ما قيل في ترجمة الحسن بن العبّاس (٤).

ويساعد على ذلك قوله (٥) في ترجمة حميد بن شعيب ـ بعد العبارة ـ : وأكثر

__________________

(١)كذا ، ولعلّه : احتمال ، أو يقال : أن يراد به.

(٢) وعليه ؛ فالذي لم يقبل ؛ إن بنى على أنّه ليس بثقة بعد منه القبول.

(٣) إذ الأمر هنا بمعنى الحال.

(٤) رجال النجاشي : ٤٨.

(٥) المراد هنا من ضمير(قوله) : هو قول صاحب النقد ، حيث الكلام مضمون ما أورده المحقّق الكاظمي رحمه اللّه في تكملة الرجال ، انظر فيه ١٢١/١ ، حيث تعرّض هناك إلى كلام التفرشي في ترجمة حميد بن شعيب.

٤٧٨

تخليطه فيما يرويه عن جابر.

وقد اختار هذا التفسير بعضهم (١) ، حيث قال : إنّ الظاهر من قول ابن الغضائري : (يعرف وينكر) ، اضطراب الحديث.

سادسها : إنّ قوله : (يعرف وينكر)تفسير لقوله : (مختلط) ، ومعنى اختلاط الحديث أنّه لا يحفظه على وجهه.

ويدلّ عليه ما في العيون (٢) ، عن الزيّات (٣)بن الصّلت : وكنت أخلط الحديث بعضه ببعض لا أحفظه على وجهه (٤).

__________________

(١) يراد منه الشيخ محمّد سبط الشهيد الثاني في شرحه على الاستبصار .. كما حكاه عنه المحقّق الكاظمي في تكملة الرجال ٣٨٤/١.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١٥٣/٢ (طبعة قم ١٣٧٧ ه‌).

(٣) كذا ، والظاهر : الريّان.

(٤) قال السيّد الأعرجي في عدّة الرجال ٢٤٤/١ ـ ٢٤٥ : .. وكثيرا ما يقولون : فلان يعرف حديثه وينكر ، والمراد أنّه يؤخذ به تارة ويردّ اخرى ، أو أنّ من الناس من يأخذ به ومنهم من يردّه ، وذلك إما لضعفه ـ كما قالوا في عبد الرحمن بن نهيك السمري المعروف ب‌ : دحمان : لم يكن في الحديث بذاك يعرف منه وينكر ، ورماه ابن الغضائري بارتفاع القول ؛ [كما في رجال النجاشي : ٢٣٦ برقم(٦٢٤)] : وفي إسماعيل بن علي الخزاعي ، [قال النجاشي : ٣٢ برقم(٦٩)] : كان مخلطا يعرف منه وينكر ، [وفي الفهرست : ١٣ برقم ٣١] : كان مختلط الأمر في الحديث ، يعرف منه وينكر. وفي أحمد ابن الحسن بن سعيد : غال ، وحديثه يعرف وينكر ؛ [كما في الفهرست للشيخ : ٢٢ برقم(٥٧) ..].

٤٧٩

والذي تحصّل لي بسير (١) كلماتهم في التراجم واستقصائها أنّ المراد ورود حديث الرجل تارة مقبولا للعقول موافقا لظاهر الكتاب والسنة ، واخرى غير مقبول للعقول وغير موافق لظواهر الكتاب والسنة ، ككون الصلاة تتكلّم ، وكون الفحشاء والمنكر أسماء رجال ، وكون ذكر اللّه الأكبر هم الأئمّة عليهم السلام .. وقد تتبّعت كثيرا من موارد قولهم في رجل : (يعرف وينكر) ، فوجدتها على هذه الصّفة ، ووجدت ما ينكر منها عندهم قد ثبتت صحّته بالبراهين الواضحة ، وصار من ضروريات مذهب الإمامية اليوم (٢) ،

__________________

وتارة لضعف حديثه ؛ كما قالوا في محمّد بن خالد البرقي : حديثه يعرف وينكر ويروي عن الضعفاء كثيرا ويعتمد المراسيل.

وقال النجاشي في سهل بن زياد الواسطي : ١٩٢ برقم ٥١٣ : لم يكن سهل بكل الثبت في الحديث ، له كتاب حديثه يعرف تارة وينكر اخرى.

وربّما قالوا في الراوي نفسه أنّه يعرف وينكر ، كما قال النجاشي : ١٩٨ برقم ٥٢٦ في صالح بن أبي حمّاد أبي الخير ، قال : كان أمره ملتبسا ، يعرف وينكر.

(١) كذا ، والظاهر : بسبر ..

(٢) وبألفاظ مقاربة جدا هو الذي اختاره المصنف طاب ثراه في ترجمة سعد ابن طريف الحنظلي الإسكافي الكوفي [تنقيح المقال ١٥/٢ من الطبعة الحجرية] بقوله ـ في معرض بيان قول النجاشي فيه : يعرف وينكر ، قال ـ بعد أن ذكر أنّ مراد النجاشي هو أنّه يعرف حديثه الذي صدر منه في زمان استقامته ، وينكر حديثه الذي رواه في حال انحرافه ـ : .. وقول النجاشي أنّه : يعرف وينكر .. يراد به ـ على ـ

٤٨٠