الشيخ بهاء الدين محمّد بن حسين العاملي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار البشير
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-8373-07-8
الصفحات: ٤٨٦
النبيذ احد جزئيها (١).
يدفع المناسبة الذاتيّة : ليس بين اللفظ ومدلوله مناسبة طبيعيّة.
لنا : القطع بصحّة وضع اللفظ للشيء ، ونقيضه ، وضدّه. وبوقوعه ؛ ك : القرء ، والجون.
قالوا : لو تساوت ، لم يختصّ.
قلنا : يختصّ بارادة الواضع المختار.
وارادة الواضع مخصّصة : جواب سؤال (٢). والممتنع ، هو الترجيح بلا مرجح ؛ لا الترجيح.
وهو امّا الله ـ سبحانه وتعالى ـ : كما ذهب اليه «الاشعريّ» وجمع (٣) من الفقهاء (٤).
الاسماء : والمراد بها : اعمّ من الاسم ، والفعل ، والحرف ؛ وانّها اسماء في اللغة.
و (اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ) : الآية هكذا : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ)(٥).
او البشر : كما ذهب اليه «البهشميّة» (٦) ، وجماعة من المتكلّمين (٧).
__________________
(١) د : اجزائها.
(٢) د : جواب عن سؤال مقدّر.
(٣) و : جماعة.
(٤) منتهى الوصول والأمل / ٢٨. تهذيب الوصول الى علم الاصول / ٦.
(٥) الروم / ٢٢.
(٦) البهشميّة ، طائفة من المعتزلة ، تبعت «عبد السلام بن محمّد بن عبد الوهّاب الجبائيّ» (٣٢١ ـ ٢٤٧). سمّيت البهشميّة نسبة الى كنيته ابي هاشم.
(٧) منتهى الوصول والامل / ٢٨. مبادى الوصول الى علم الاصول / ٥٨.
(إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) : الآية هكذا (١) : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ ، إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ)(٢).
او منه ـ تعالى ـ ضروريّ : كما ذهب اليه «القاضي ابو إسحاق الاسفراينيّ (٣)» (٤). والمراد بالضروريّ : القدر المحتاج اليه ، في تعريف بعضنا بعضا (٥) : انّ هذا موضوع لذاك.
ومنّا الباقي : هذا ما نقله «العلّامة» (٦) وغيره من مذهبه (٧). ونقل «الحاجبيّ» (٨) : انّ مذهبه : انّ الباقي محتمل ؛ لان يكون (٩) منه ـ تعالى ـ ، او منّا. والاعتماد على ما نقله «العلّامة» ـ طاب ثراه (١٠) ـ وغيره من علماء الاصول.
والّا ، دار او تسلسل : اي : لو لم يكن القدر الضروريّ في الاصطلاح بالتوقيف ، لزم الدور ، او التسلسل ؛ لتوقف الاصطلاح على سبق معرفة ذلك القدر. والمفروض ، انّه يعرف بالاصطلاح.
ولا قطع : اي : في طريق معرفتها.
__________________
(١) د : ـ الآية هكذا.
(٢) ابراهيم / ٤.
(٣) ابو اسحاق ابراهيم بن محمّد بن ابراهيم الاسفراينيّ. توفّي سنة ٤١٨ من الهجرة. له كتاب «الجامع في اصول الدين» ورسالة في اصول الفقه.
(٤) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ١٣ / الف.
(٥) م ٢ : ـ بعضا.
(٦) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ١٣ / الف.
(٧) شرح تهذيب الوصول / الورقة ٤٣ / ب.
(٨) منتهى الوصول والامل / ٢٨.
(٩) د : ـ يكون.
(١٠) م ٢ : ـ طاب ثراه.
في شيء منها : اي : كلّها ظنّيّات متعارفة. فالاولى ، التوقف ؛ كما هو مذهب «العلّامة» (١) ـ طاب ثراه (٢) ـ و «الغزّاليّ» (٣) و «الحاجبيّ» (٤).
لجواز الهام الوضع ، وارادة الحقائق : هما جوابان عن الاستدلال بالآية الاولى.
والتوقيف على سابق : اي : على اصطلاح سابق. وهذا جواب عن الاستدلال بقوله ـ تعالى ـ : (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ)(٥).
والاقدار : اي : اقدار الخلق على وضعها.
وتعليم آدم : ردّ لدليل المذهب الثاني.
والتعريف : ردّ لدليل المذهب الثالث.
__________________
(١) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ١٣ / الف ، تهذيب الوصول الى علم الاصول / ٧.
(٢) د : ـ طاب ثراه.
(٣) المستصفى ١ / ٣٢٠ ـ ٣١٨.
(٤) منتهى الوصول والامل / ٢٨.
(٥) الروم / ٢٢.
فصل
[في اقسام الدلالة اللفظيّة وتقسيمات الالفاظ]
دلالة اللفظ على معناه ، مطابقة. وجزئه الضمنيّ ، تضمّن. وخارجه اللازم ـ ولو عرفا ـ التزام.
ثمّ ؛ ان قصد بجزئه ، جزئه (١) ، فمركّب ؛ والّا ، فمفرد. فان استقلّ ولم يدلّ بهيئته على زمان ، فاسم ؛ او دلّ ، ففعل ؛ والّا ، فحرف.
ان اتّحد معناه متساويا في كثرة ، فمتواطئ ؛ ومتفاوتا ، فمشكّك. وان كثر ، فمشترك (٢) ؛ ان وضع لكلّ. والّا ، فمنقول ؛ ان اشتهر في الثاني. والّا ، فحقيقة ، ومجاز. واذا كثرا ، فمتباينة. او اللفظ فقط ، فمترادفة.
______________________________________________________
دلالة اللفظ : اصطلاحات المتداولة في تقسيم الدلالات خمسة :
الاوّل : المشهور الّذى عليه الاكثر ؛ وهو : انّ الدلالة : امّا لفظيّة ، او لا. والثانية : عقليّة ، ووضعيّة. والاولى : وضعيّة ، وعقليّة ، وطبيعيّة. والوضعيّة : امّا مطابقة ، او تضمّن ، او التزام.
__________________
(١) م ١ : ـ جزئه.
(٢) م ٢ : ـ وان كثر ، فمشترك.
الاصطلاح الثاني : ما عليه اكثر اهل العربيّة ؛ وهو : انّ دلالة اللفظ : امّا وضعيّة ، او عقليّة. والوضعيّة : مطابقة ، وتضمّن ، والتزام. وهذا كالاوّل في تقسيم اللفظيّة الوضعيّة الى الثلاثة.
الثالث : اصطلاح اكثر الاصوليّين ؛ وهو : انّ دلالة اللفظ : امّا وضعيّة ، او عقليّة.
والاولى ، المطابقة. والثانية (١) ، على الجزء ، تضمّن ؛ وعلى الخارج ، التزام.
الرابع (٢) : اصطلاح بعض الاصوليّين ـ ك : «الحاجبيّ» (٣) ـ ؛ وهو كاصطلاح اكثرهم ؛ الّا انّهم يجعلون التضمّنيّة ، لفظيّة ؛ والالتزاميّة ، عقليّة.
الخامس : اصطلاح «الاشراقيّين» ؛ وهو : انّ (٤) دلالة اللفظ على معناه ، دلالة قصد. وعلى جزئه (٥) ، دلالة حيطة. وعلى لازمه ، دلالة تطفّل (٦). وهو قريب من اصطلاح الاصوليّين. والفرق بالتسمية.
ونحن اخترنا ما يوافق المذهبين الاوّلين.
الضمنىّ : وانّما قيّد بالضمنيّ ، اشارة الى انّ الدلالة التضمّنيّة ، دلالة على الجزء في ضمن الكلّ ؛ والذهن ينتقل الى الجزء في ضمن انتقاله (٧) الى الكلّ. والانتقال (٨) واحد ، والتغاير اعتباريّ.
__________________
(١) د ، م ٢ : الثانى.
(٢) د ، م ١ ، م ٢ : والرابع.
(٣) منتهى الوصول والامل / ١٧.
(٤) و : ـ انّ.
(٥) م ١ ، م ٢ : جزء.
(٦) حكمة الاشراق / ١٤.
(٧) د ، م ١ ، م ٢ : الانتقال.
(٨) و : فالانتقال.
ان اتّحد : اللفظ.
فمتواط : ك : الانسان.
وان كثر : عطف على «ان اتّحد».
فمشترك : ك : العين.
ان وضع لكلّ : (١) المراد : انّه وضع لكلّ (٢) ابتداء ؛ لانّ المنقول موضوع.
فمنقول : لغويّا كان ؛ ك : الغائط. فانّه اسم الارض المنخفضة ؛ ثمّ ، جعل اسما للحدث. او شرعيّا ؛ ك : الصلاة. فانّها بمعنى الدعاء ؛ ثمّ ، جعلت اسما للاذكار المخصوصة ، او عرفيّا عامّا ؛ ك : الدابة لذات القوائم الاربع. او خاصّا اصطلاحيّا ؛ ك : الفعل. فانّه اسم لما صدر عن الفاعل من الحدث ؛ ك : الأكل والضرب ؛ ثمّ ، جعل اسما لما دلّ على معنى في نفسه مقترن باحد الازمنة الثلاثة. او نظريّا ؛ كالدوران ، فانّه للحركة في الكواكب ؛ ثمّ ، جعل لترتيب الشيء على الشيء الّذي له صلوح العلّيّة ؛ ك : ترتيب الاسهال على شرب «السقمونيا» (٣).
والّا ، فحقيقة ومجاز : اي : حقيقة ، ان استعمل في المنقول عنه ؛ ومجاز ، ان استعمل في المنقول اليه.
فان قلت : اللفظ بعد الوضع وقبل الاستعمال ، ليس حقيقة ولا مجازا ؛ فقد وجد قسم ثالث. فكيف اغمضت عنه؟
قلت : هذا القسم في غاية الندرة ؛ حتى قال بعض اللغويّين انّه غير موجود في اللغة. فلذلك ضربنا عنه صفحا. فانّ النادر ، كالمعدوم ، وستسمع كلاما في الحاشية في اسم «الرحمن» (٤).
__________________
(١) م ١ ، م ٢ : + اي.
(٢) م ١ ، م ٢ : ـ المراد انّه وضع لكلّ.
(٣) نبات يستخرج منه دواء مسهل للبطن ومزيل لدوده.
(٤) زبدة الاصول / ٧٩.
فصل
[في احوال المعنى]
اللفظ ، لم يحتمل غير ما يفهم منه ـ لغة ـ فنصّ ؛ والّا ، فالراجح ، ظاهر ؛ والمرجوح ، مأوّل ؛ والمساوي (١) مجمل. والمشترك بين الاوّلين ، محكم ؛ وبين الاخيرين متشابه.
وان دلّ على الطلب من مستعل ، فامر ؛ ومن مساو ، فالتماس ؛ ومن سافل ، فسؤال ، ودعاء.
______________________________________________________
لغة : اي : بحسب متفاهم اللغة. نحو : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)(٢).
فقوله : «لغة» ، قيد لقوله : «لم يحتمل». ويجوز ان تكون قيدا للفعلين معا. اما جعله قيدا للاخير ـ اعني : «يفهم» ـ دون الاوّل ، فلا ؛ لقيام الاحتمال العقليّ في اكثر النصوص.
والمرجوح ، مأوّل : كقولنا : «للمرأة قرء» ، و «رغبت ان اقوم» (٣).
والمساوي ، مجمل : كما في قوله ـ تعالى ـ : «وامسحوا برءوسكم وارجلكم» (٤).
__________________
(١) و : المتساوي.
(٢) البقرة / ٢٥٥ ، النساء / ١٧١ ، يونس / ٦٨ ، ابراهيم / ٢. طه / ٦ ، الحجّ ٦٤ / ، سبأ / ١ ، الشورى ٤ / ، ٥٣.
(٣) د : ـ ورغبت ان اقوم.
(٤) المائدة / ٦.
فانّ حمل المسح في المتعاطفين على حقيقته ، ظاهر. وحمل الوارد على الرجلين ، على الغسل الخفيف المتشابه (١) للمسح ـ كما قاله صاحب «الكشّاف» (٢) ـ مأوّل (٣). وكذا عطف «الأرجل» في قراءتي الجرّ والنصب ، على «الوجوه» ؛ لمرجوحيّة الجرّ ، الجواز ؛ وقبح قولنا : «ضربت زيدا وعمروا ، واكرمت خالدا ، وبكرا» ؛ بارادة انّ «بكرا» مضروب ، لا مكرم.
بين الاوّلين : اي : النصّ والظاهر.
محكم : وهو مطلق الرجحان ؛ سواء منع النقيض ، ام لا.
بين الاخيرين : اي : بين المأوّل والمجمل. وما به اشتراكهما ، هو (٤) نفي الرجحان.
وان دلّ على الطلب من مستعل : ليست لفظة «من» صلة للطلب ؛ بل ، المراد : انّ اللفظ ، ان دلّ على الطلب ـ حال كونه صادرا عن مستعل ـ فأمر. ولا يشترط العلوّ في نفس الامر ؛ لقوله ـ تعالى ـ حكاية عن قول «فرعون» لاصحابه : (فَما ذا تَأْمُرُونَ)(٥). ويمكن جعله في هذه الآية للعلوّ الحقيقيّ. وربّما يفهم (٦) ذلك من كلام «الكشّاف» (٧).
__________________
(١) و : المشابه.
(٢) ابو القاسم جار الله محمود بن عمر بن محمّد الزمخشريّ. ولد سنة ٤٦٧ وتوفّي سنة ٥٣٨ من الهجرة. له تصانيف ؛ منها : اساس البلاغة ، الفائق فى غريب الحديث ، المفصّل ، ربيع الابرار ، الكشّاف ، القسطاس في العروض.
(٣) الكشّاف ١ / ٦١١ ـ ٦١٠.
(٤) و : ـ هو.
(٥) الاعراف / ١١٠ ، الشعراء / ٣٥.
(٦) د : فهم.
(٧) الكشّاف ٣ / ٣١٠.
فصل
[في الاشتراك والترادف]
المشترك ، واقع في اللغة ؛ لثبوت العين وامثالها ؛ لا لخلوّ الاكثر عن الاسم لولاه ، واشتراك الموجود بين الحادث والقديم. ولا اختلال مع القرينة. والاجمال ، قد يقصد.
وفي القرآن : كقوله ـ تعالى ـ : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(١). والاستعداد للامتثال ، فائدة.
والترادف ، واقع ؛ ك : اسد ، وسبع. ويجوز تبادلهما. ولا يرد : «خداي اكبر». ويفيد التوسعة والتزيين وتثنية العلامة. وليس منه الحدّ والتابع.
______________________________________________________
المشترك : قد يعرف (٢) بانّه : «اللفظ الموضوع لمعنيين معا ، على البدل ، من غير ترجيح» (٣). وهذا التعريف يظهر من كلام «الحاجبيّ» (٤). وجعل «العضديّ» لفظة (٥)
__________________
(١) البقرة / ٢٢٨.
(٢) د ، م ١ ، م ٢ : وقد يعرف.
(٣) حاشية السيّد الشريف على شرح مختصر المنتهى ١ / ١٢٨.
(٤) منتهى الوصول والامل / ١٨.
(٥) م ١ ، م ٢ : لفظ.
«معا» ، احترازا عن المنفرد. و «على البدل» ، عن المتواطي ؛ لانّه للقدر المشترك ؛ وعن الموضوع للجميع ؛ ك : المزّ. و «من غير ترجيح» ، عن الحقيقة والمجاز (١).
واورد عليه : انّ المنفرد والمتواطي ، خرجا بالوضع للمعنيين (٢). وانّ الطرد مختلّ لمجازي المنفرد المتساويين ؛ ان قلنا بوضع المجاز. ولا حاجة الى : «من غير ترجيح» ؛ ان قلنا بعدمه ؛ بل ، العكس به مختلّ ؛ لجواز رجحان احد معنيي المشترك ، لاشتهاره ؛ ك : العين.
وقد تدفع هذه الايرادات ، بتكلّفات. والاولى ، الاقتصار على قولنا : «هو : اللفظ الموضوع لمعنيين فصاعدا على البدل». وهو يستقيم على القول بعدم وضع المجاز ؛ كما لا يخفى.
عرّفه «العلّامة» ـ طاب ثراه ـ (٣) في «التهذيب» : «بانّه اللفظ الموضوع لحقيقتين ، فما زاد ، وضعا اوّلا من حيث هما كذلك» (٤). ثمّ ، قال : «فخرج المرادف بتعدّد الحقيقة. وخرج (بالوضع الاوّل [لهما]) ، المجاز. و (من حيث هما كذلك) خرج به (٥) المتواطى المتناول للمختلفين ، لا من حيث الاختلاف» (٦). انتهى كلامه.
__________________
(١) شرح مختصر المنتهى ١ / ٤٠.
(٢) حاشية السيّد الشريف على شرح مختصر المنتهى ١ / ١٢٩.
(٣) د : ـ طاب ثراه.
(٤) تهذيب الوصول الى علم الاصول / ١٠.
(٥) في المصدر : منه.
(٦) تهذيب الوصول الى علم الاصول / ١١ ـ ١٠.
ولم يعلم الى الآن وجه تخصيص المرادف ، بالخروج من بين سائر الالفاظ المتّحدة المعاني. واراد بالحقيقتين المختلفين ، وبالتواطى : ما ، يعمّ المشكّك. واخرجهما ـ قدّس الله روحه ـ (١) في «النهاية» بقوله : «فما زاد ، لوضعها لمعنى واحد ، مشترك» (٢). ولم يخصّص المرادف بالخروج بتعدّد الحقيقة. هذا ؛ وظنّي : انّ الاحسن ، ان يقال : «انّه لفظ موضوع لمعنيين ابتداء». فخرج المتواطى ، او المشكّك ، والمجاز ـ على القول بوضعه ـ والمنقول.
واقع في اللغة : يعني : انّ اثبات الاشتراك اللفظيّ ، انّما يكون بنصّ اللغة ؛ لا بالقياس العقليّ.
لا لخلوّ الاكثر : المسمّيات.
عن الاسم : اشارة الى فساد الاستدلال بهذا ، على وجود الاشتراك. وحاصله تناهي الالفاظ ؛ لتركّبها من الحروف المتناهية ، وعدم تناهي المعاني ؛ لانّ منها مراتب (٣) الاعداد ، فلو لا الاشتراك ، لم يكن لاكثر المعاني لفظ ؛ وهو يخلّ بغرض التفاهم.
وردّ بمنع الاخلال ؛ اذ ما نتعقّله (٤) ونحتاج الى التعبير عنه ، متناه. و ـ ايضا ـ لا يلزم وجود المشترك ؛ لا مكان الوضع العامّ ؛ ك : اسم الإشارة. و ـ ايضا ـ يلزمكم (٥) اشتراك اللفظ بين معان غير متناهية ؛ وهو يخلّ بالتفاهم ؛ فافهم (٦)!
__________________
(١) م ١ ، م ٢ : قدسسره.
(٢) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ٢٠ / ب.
(٣) د : ـ مراتب.
(٤) م ٢ : نتعقل.
(٥) د ، و : يلزم.
(٦) د : ـ فافهم.
لولاه : اي : لو لا الاشتراك.
واشتراك الموجود بين الحادث والقديم : قالوا : لولاه ، لاشترك الموجود بينهما اشتراكا معنويّا ؛ فيكون الواحد بالحقيقة واجبا ، وممكنا.
والجواب : يجوز ان يكون امر واحد واجبا ، نظرا الى موصوف. وممكنا ، نظرا الى موصوف آخر ؛ ك : العالم ، والمتكلّم.
لا اختلال : جواب عن استدلال من نفى الاشتراك ، باخلاله بالتفاهم.
والاجمال قد يقصد : بدليل اسماء الاجناس.
وفي القرآن : عطف على قوله : «في اللغة».
والترادف : هو توارد لفظين ـ فصاعدا ـ على الانفراد ـ اصالة ـ على مفهوم واحد ، من جهة واحدة. فخرج بالانفراد ، التابع مع متبوعه. وبالاصالة ، المجازان لمعنى واحد. وبوحدة المعنى ، التأكيد والمؤكّد. وبوحدة الجهة ، الحدّ والمحدود.
تبادلهما : اي : وقوع كلّ من المترادفين مكان الآخر. فرّعوا على هذا ، جواز نقل الحديث بالمعنى ؛ لكن ، انّما يجوز ذلك للعارف بعلوم العربيّة ومواقع الالفاظ. ألا ترى انّه يجوز ان يقال : «مررت بصاحب زيد» ، ولا يقال : «مررت بذي زيد» ؛ مع انّ «ذو» بمعنى : «صاحب»؟
ولا يرد : «خداي اكبر» : لانّ الكلام (١) في المترادفين (٢) ، في لغة واحدة. وان كان في الصلاة ، فلدليل آخر.
يفيد التوسعة : في القافية والوزن.
__________________
(١) و : كلامنا.
(٢) ل ، د : ـ في المترادفين.
والتزيين : لما في قولنا : «خسّنا خير من خياركم». قيل : كان رجلان باع احدهما خسّا ، والآخر خيارا. فقال بائع الخيار : «خيارنا خير من خسّكم». فاجاب الآخر : «خسّنا خير من خياركم». فالاوّل قصد بهما العلميّة ؛ والآخر ، الوضعيّة.
تثنية العلامة : اي : نصب علامة ثانية. جواب عن قولهم : يلزم تعريف المعروف.
ليس منه : من المترادف.
الحدّ : يعنى : لا يقال : لفظ «الانسان» مع لفظ «حيوان ناطق» مترادفان ؛ فانّ لفظ «الانسان» يدلّ على الماهيّة اجمالا ، ولفظ «حيوان ناطق» تفصيلا ؛ فلا يكونان مترادفين.
والتابع : نحو : عطشان وبطشان ، وحسن وبسن (١).
__________________
(١) د ، و : ـ وحسن وبسن.
فصل
[في الحقيقة والمجاز ، والحقيقة الشرعيّة والمتشرعة]
الحقيقة : لفظ مستعمل في وضع اوّل. والمجاز : في غيره ؛ لعلاقة. ولا شيء منهما قبله.
وحصرت في خمسة وعشرين. وتكفي عن نقله.
وقد يعرف بالسلب ، ولا دور ؛ وبعدم اطّراده ، ولا عكس.
وفي القرآن كثير.
واسمائه ـ تعالى ـ توقيفيّة.
وهو اولى من الاشتراك. واغلبيّته تغلب مزاياه مع معارضتها بمثلها. ولا يستلزم الحقيقة ؛ ك : «الرحمن». والفائدة صحّته. وفي نحو : «انبت الربيع البقل» وجوه اربعة مشهورة.
والحقيقة الشرعيّة للمتشرعة شايعة ؛ وللشارع محلّ كلام. والظاهر ثبوتها ؛ للتبادر ؛ وفيه ما فيه.
ولا يلزم عدم عربيّة القرآن ، وفيه المعرّب ؛ ك : «مشكاة» ، و «سجّيل» ؛ دون «ابراهيم» ؛ فانّه علم.
الحقيقة : لفظ مستعمل في وضع اوّل : اي : بالفعل من لافظه. ولفظة «في» للسببيّة (١). (٢) كقولهم (٣) : «يجب في الوضوء ، النيّة». والمتبادر ، السببيّة القريبة. فخرج المجاز الّذي له حقيقة ؛ فانّه ، وان كان مستعملا بالفعل من لافظه بسبب وضع اوّل ، لكنّ بسبب هذا الاستعمال بعيد. واخرجه «المحقّق الشريف» (٤) باخذ قيد الحيثيّة (٥). اي : من حيث انّه مستعمل بسبب وضع اوّل ؛ وفيه ما فيه. وقولنا : «من لافظه» لاخراج هذا المجاز عند تلفّظ الغير بحقيقته. وقولنا : «بالفعل» لاخراجه بعد تلفّظ لافظه بحقيقته.
والمجاز : عبارة «المحقّق الشريف» في تعريف المجاز هكذا : «واعلم ؛ انّه لا بدّ في تعريف الحقيقة والمجاز ، على ايّ وجه كان ، من اعتبار حيثيّة الاستعمال. اي : الحقيقة : اللفظ المستعمل بسبب وضع اوّل من حيث هو كذلك. اي : من حيث هو مستعمل بسبب الوضع (٦) الاوّل ؛ لئلا ينتقض بالمجاز الّذي له حقيقة ؛ اذ يصدق عليه : انّه لفظ مستعمل بسبب وضع اوّل (٧) في الجملة (٨) ؛ وان لم يكن استعماله (٩)
__________________
(١) د : سببية.
(٢) م ١ ، م ٢ : + كما في قوله صلىاللهعليهوآله : «انّ امرأة دخلت النار في هرّة».
(٣) م ١ ، م ٢ : وقول الفقهاء.
(٤) السيّد الشريف عليّ بن محمّد بن عليّ الجرجانيّ. ولد سنة ٧٤٠ وتوفّي سنة ٨١٦ من الهجرة. له تصانيف. منها : التعريفات ، حاشية على شرح مختصر المنتهى ، حاشية المطوّل ، شرح مواقف الايجيّ.
(٥) حاشية السيّد الشريف على شرح مختصر المنتهى ١ / ١٣٩.
(٦) م ١ ، م ٢ : باللفظ.
(٧) م ١ ، م ٢ : الاوّل.
(٨) م ١ ، م ٢ : ـ في الجملة.
(٩) م ١ ، م ٢ : + في.
المجازيّ بسببه وعلى هذا القياس.» (١٠) انتهى.
في غيره : اي : لفظ مستعمل في غير وضع اوّل.
لعلاقة : يمكن وجه العدول عن قولهم : «على وجه يصحّ» (١١) الى هذا ، انّ العلاقة مقتضية للصحّة ؛ وتخلّف الصحّة عنها لا يقدح فيه ؛ فانّه ربّما كان لمانع مخصوص. فانّ عدم المانع ليس جزأ من المقتضي ؛ والتخلّف المانع عن المقتضي جائز.
ولا شيء منهما قبله : اي : قبل الاستعمال. فاللفظ قبله وبعد الوضع ، لا حقيقة ، ولا مجاز ؛ لعدم صدق احدهما عليه (١٢).
وحصرت في خمسة وعشرين : الحصر في هذا العدد للقدماء. وهذا تفصيله :
١) السبب للمسبّب ؛ ك : المطر للنبات.
٢) عكسه ؛ ك : الاثم للخمر.
٣) الكلّ للجزء ؛ ك : الاصابع للانامل.
٤) عكسه ؛ ك : الوجه للذات.
٥) الملزوم للازم ؛ ك : النطق للدلالة.
٦) عكسه ؛ ك : شدّ الازار لاعتزال النساء.
٧) المشابه للمشابه ؛ ك : الاسد للشجاع.
٨) المطلق للمقيّد ؛ ك : اليوم ليوم القيامة.
٩) عكسه ؛ المشفر للشفة.
١٠) الخاصّ للعامّ ؛ ك : زيد للعلماء.
__________________
(١٠) حاشية السيّد الشريف على شرح مختصر المنتهى ١ / ١٤٢ ـ ١٤١.
(١١) المطوّل / ٣٥٣.
(١٢) ل : ـ فاللفظ قبله ... احدهما عليه.
١١) عكسه ؛ كعكسه.
١٢) حذف المضاف ؛ نحو : قوله ـ تعالى ـ : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١).
١٣) حذف المضاف اليه ؛ نحو : «انا ابن جلا».
١٤) المجاورة ؛ ك : «جرى الميزاب».
١٥) الأول اليه ؛ [نحو] : (أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً)(٢).
١٦) ما كان عليه ؛ [نحو] : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ)(٣).
١٧) المحلّ للحالّ ؛ ك : المجلس لحضّاره.
١٨) عكسه ؛ كعكسه.
١٩) الآلة لذيها ؛ اللسان للذكر.
٢٠) المبدل (٤) لمبدله ؛ ك : الدّم للدية.
٢١) النكرة المثبتة للعموم ؛ [نحو] : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما [قَدَّمَتْ وَ] أَخَّرَتْ)(٥).
٢٢) الضدّ للضدّ (٦).
٢٣) المعرّف باللام ، لواحد ؛ [نحو] : (ادْخُلُوا الْبابَ)(٧).
٢٤) الحذف ؛ [نحو] : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا)(٨) ؛ اي : «لئلّا تضلّوا».
__________________
(١) يوسف / ٨٢.
(٢) يوسف / ٣٦.
(٣) النساء / ٢.
(٤) و ، م ١ ، م ٢ : البدل.
(٥) الانفطار / ٥.
(٦) د : ـ الضدّ للضدّ.
(٧) البقرة / ٥٨ ، النساء / ١٥٤ ، الاعراف / ١٦١.
(٨) النساء / ١٧٦.
٢٥) الزيادة ؛ [نحو] : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(١).
ولا يخفى : امكان ردّ هذا العدد الى الاقلّ منه ؛ كردّ «الحاجبيّ» (٢) و «الآمديّ» (٣) الى خمسة (٤) ، وردّ غيرهما الى اثنين.
وقد يعرف بالسلب ، ولا دور : كما اذا كان كلّ من المعنى الحقيقيّ والمجازيّ معلوما واشتبه ما اراده القائل ؛ كقول من لا ازار له : «انا مشدود الازار». وانّما عبّر ب : «قد» التقليليّة ، لقلّة ذلك.
وبعدم اطّراده : فلا يقال : «اسأل الدابة!».
ولا عكس : اي : لا يعرف الحقيقة بالاطّراد ؛ فانّ المجاز يطّرد ؛ ك : الاسد.
وفي القرآن كثير : نحو : (يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ)(٥). قيل : ومنه : (جَزاءُ سَيِّئَةٍ ، سَيِّئَةٌ مِثْلُها)(٦) ، و (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(٧). وفي كلّ منهما كلام مشهور.
وأسمائه ـ تعالى ـ توقيفيّة : فلا يلزم (٨) اطلاق التجوّز عليه ؛ تعالى.
وهو اولى من الاشتراك : فاذا دار اللفظ بينهما ، حمل على المجاز.
واغلبيّته : اي : اغلبيّة وقوع المجاز في اللغة تغلب مزايا الاشتراك ؛ وهي الّتي اشرنا الى بعضها في الفصل السابق ؛ مع انّ للمجاز ـ ايضا ـ مزايا تعارض مزايا
__________________
(١) الشورى / ١١.
(٢) منتهى الوصول والامل / ٢٠.
(٣) الاحكام في الاصول الاحكام ١ / ٥٤.
(٤) م ١ ، م ٢ : + والرازيّ الى اثنى عشر. (المحصول ١ / ١٣٤).
(٥) الكهف / ٧٧.
(٦) الشورى / ٤٠.
(٧) الشورى / ١١.
(٨) م ١ ، م ٢ : ولا يلزم.
الاشتراك.
مع معارضتها بمثلها : نحو : «حمار ثرثار» ، و «اتّخذت للاشهب ادهم» ، و «رأيت سبع سباع» ، وغير ذلك ؛ فلو قال : «بليد» ، لفات السجع ؛ او «قيد» ، لفات التورية ؛ او «شجعان» ، لفات التجنيس.
ولا يستلزم الحقيقة ؛ ك : «الرحمن» : فيجوز ان يكون للفظ معنى مجازيّ ، من غير ان يكون له معنى حقيقيّ. فانّ «الرحمة» : رقّة القلب. و «الرحمن» لا يطلق على غيره ـ تعالى ـ فاطلاقه عليه ـ سبحانه ـ مجاز ؛ ولا حقيقة له. او يقال : «الرحمن» : ذو الرحمة مطلقا ؛ فهو موضوع لمعنى عامّ ، ولم يستعمل فيه ؛ وانّما استعمل في خاصّ ؛ واستعمال العامّ في الخاصّ مجاز. هذا ؛ وربّما يناقش في المجاز على التقريرين ؛ لاحتمال ان يكون منقولا ؛ اذ هو مشهور في المعنى الثاني ، ولا يخطر المعنى الاوّل بالبال عند سماعه ؛ فهو حقيقة عرفيّة في الثاني (١).
والفائدة صحّته : اي : فائدة الوضع من غير الاستعمال. وهذا (٢) جواب عمّا يقال : اذا لم يكن اللفظ حقيقة ، فلا فائدة في وضعه للمعنى. والجواب : فائدته صحّة التجوز.
وجوه اربعة مشهورة :
اوّلها : انّه هو قول «عبد القاهر (٣)» (٤) و «الفخريّ» (٥).
__________________
(١) و ، م ١ ، م ٢ : ـ او يقال ... في الثاني.
(٢) د ، و ، : ـ وهذا.
(٣) ابو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمّد الجرجانيّ. توفّي سنة ٤٧١ من الهجرة. من تصانيفه : دلائل الاعجاز ، اسرار البلاغة.
(٤) دلائل الاعجاز / ٣٣٩ ـ ٣٣٠ ، اسرار البلاغة / ٣٢٢ ، ٣٥٦.
(٥) المحصول ١ / ١٣٩.
و (١) الثاني : انّ المسند مجاز عمّا يصحّ اسناده الى المسند اليه ؛ وهو قول «الحاجبيّ» (٢).
الثالث : انّ المسند اليه استعارة بالكناية. واسناد (٣) الانبات اليه (٤) قرينة لها. وهو قول «السكّاكيّ (٥)» (٦).
الرابع : انّه لا تجوّز في شيء من المفردات ؛ بل ، هو استعارة تمثيليّة للهيئة التركيبيّة. نحو : «أراك تقدّم رجلا وتؤخّر اخرى». وهذا وجه غير بعيد ؛ ولكنّه لم ينقل عن احد من علماء العربيّة.
والحقيقة الشرعيّة للمتشرعة شايعة : في كلام «الحاجبيّ» في هذا المقام خبط عظيم ، على ما في شرح «العضديّ» (٧) ؛ ولكن كلام (٨) جمهور اهل الفنّ موافق بظاهره لما يظهر من كلام «الحاجبيّ» (٩) ؛ ونحن بسطنا الكلام في هذا المقام في حواشينا على شرح «العضديّ» (١٠) ؛ ونقلنا ما وصل الينا من كلام الاصوليّين ، ليتّضح
__________________
(١) و : ـ و.
(٢) منتهى الوصول والامل / ٢١.
(٣) م ١ ، م ٢ : اثبات.
(٤) م ١ ، م ٢ : ـ اليه.
(٥) سراج الدين ابو يعقوب يوسف بن ابو بكر السكّاكيّ. ولد سنة ٥٥٥ وتوفّي سنة ٦٢٦ من الهجرة. من مصنفاته : مفتاح العلوم ، ورسالة في علم المناظرة.
(٦) مفتاح العلوم / ١٦٩.
(٧) شرح مختصر المنتهى / ٥٣.
(٨) د ، و : ـ كلام.
(٩) منتهى الوصول والامل / ٢١.
(١٠) مع بذل جهدي ـ الى الآن ـ لم نعثر على نسخة منها.