الشيخ بهاء الدين محمّد بن حسين العاملي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار البشير
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-8373-07-8
الصفحات: ٤٨٦
مطّردا : و (١) معنى الاطّراد والانعكاس : التلازم بين الحدّ والمحدود في الوجود والعدم. والاطّراد : استلزام الحدّ للمحدود كلّيّا. والانعكاس : استلزام المحدود للحدّ كذلك.
بذاتيّاته : ظاهر الجمع المضاف ، العموم ؛ اي : جميع ذاتيّاته ؛ وحينئذ يكون المراد بالحقيقيّ ، الحقيقيّ التامّ. وامّا المنبئ ببعضها ، فهو حقيقيّ ناقص. ويمكن جعله داخلا في الرسميّ ، بان يراد باللازم : ما يعمّ الداخل والخارج ، ولا يرد جميع الذاتيّات. فانّه ليس لازما ؛ لعدم المغايرة.
والحاصل ؛ انّا لم نظفر للاصوليّين بتصريح في ذلك ؛ فالحكم باحد الامرين (٢) بعينه تحكّم. ولعلّه خال عن الاسم.
ببرهان : اي : لا يمكن تحصيل الحدّ في نفسه بالبرهان ، أو لا يمكن اقامة البرهان على ثبوته للمحدود ؛ لانّه يستلزم الدور ؛ اذ لا بدّ من تعقّل المستدلّ عليه من حيث هو (٣) مستدلّ عليه ـ اي : من حيث خصوصيّته المنفصلة ـ (٤) قبل الدليل ؛ فتصوّر الحدّ من حيث خصوصيّته المنفصلة متقدّم على الدليل ؛ فلو حصل به ، كان دورا. و ـ ايضا ـ تعقّل الحدّ تصوّر ، فلا يكتسب من التصديق ؛ لانّ تعقّل الحدّ التامّ نفس تعقّل حقيقة المحدود تفصيلا ، والبرهان ـ يقتضي محكوما عليه ومحكوما به ـ يستلزم ثبوته له ، فلو تحلّل بين الحدّ والمحدود في الثبوت ، لكان مستلزما لثبوت عين المحكوم عليه لنفسه ؛ وفيه تحصيل الحاصل.
والّا ، دار : لانّه لا بدّ في الدليل من تعقّل المعرّف ؛ لوجوب تعقّل حقيقة ما
__________________
(١) م ١ ، م ٢ ، و : ـ و.
(٢) م ٢ : الامور.
(٣) م ١ ، م ٢ : + انه.
(٤) م ١ ، م ٢ : + من.
يستدلّ عليه ـ من جهة ما يستدلّ عليه ـ قبل اقامة الدليل ؛ فلو حصل قبل تعقّل حقيقته بالدليل ، لتأخّر عنه ، فلزم الدور.
امّا في التصديق : هذا دفع لما يقال : انّ هذا المحذور كما يجيء في التصوّر ، يجيء في التصديق ؛ ايضا.
وجوابه : انّ المطلوب ليس هو تعقّل النسبة ؛ بل ، حالها في الاثبات والنفي الموقوف عليه تعقّلها ، لا هي ؛ بخلاف الحدّ ؛ فانّ المطلوب تعقّله ، لا ثبوته.
حال النسبة : بان يكون واقعة ، او مسلوبة.
لا تعقّلها : حتى لزم ما يلزم في اكتساب الحدّ.
فصل
[في القضيّة واقسامها]
القضيّة : قول يصدّق ، او يكذّب ؛ او كلام لنسبته خارج.
فان حكم فيها باثبات امر لآخر ، او نفيه ، فحمليّة ، والّا ، فشرطيّة.
وموضوع الحمليّة ، امّا مشخّص ، فشخصيّة ؛ او نفس الحقيقة ، فطبيعيّة ؛ او مبيّن كلّا او بعضا ، فمحصورة ؛ والّا ، فمهملة.
وان صرّح بكيفيّة النسبة ، فموجّهة ؛ بسيطة ، او مركّبة.
واوّل جزئي الشرطيّة مقدّم ، وثانيها ، تال.
فان حكم فيها بتعليق نسبة على اخرى ، فمتّصلة لزوميّة ، او اتّفاقيّة ؛ او بتنافيهما ، او عدمه ، فمنفصلة حقيقيّة ؛ او مانعة جمع ؛ او خلوّ.
______________________________________________________
قول يصدّق او يكذّب : اي : بالنظر الى مفهومه ، والاغماض عن الامور
الخارجة من المقصود (١) وغيرها. فيخرج نحو : «الانسان ، حيوان ناطق» ؛ اذا قصد التحديد. ويدخل ؛ اذا لم يقصد ؛ بل ، ابقي على مفهومه الظاهر ؛ اذا المطلوب في الاوّل توجّه الذهن الى معلوم بوجه ما ؛ لترتسم فيه صورة اخرى ، اتمّ من الاولى ؛ اذ التحديد تصوير ونقش يرسمه المحدّد على لوح الذهن ؛ لا تصديق بثبوت الحدّ للمحدود ليجري فيه الصدق والكذب ؛ بخلاف الثاني. وقريب من هذا ، ما قيل في نحو : «كلامي كاذب» ؛ اذا قصد به نفس هذا الكلام ، او ابقي على مفهومه الظاهر ؛ فانّه على الاوّل ، انشاء ؛ وعلى الثاني ، خبر.
باثبات امر لآخر : بانّ احدهما هو الآخر ؛ كما في حمل المواطاة. واحدهما معارض للآخر ؛ كما في حمل الاشتقاق.
فشخصيّة : سواء كان تشخّصه بحسب الوضع ، او بحسب الاستعمال ؛ ك : «أنا زيد» ، «وهذا عمرو».
فطبيعيّة : من غير تعدّ الى الافراد.
فمحصورة : اي : وان لم يكن مبيّنا كلّا ، او بعضا.
فمهملة : اي : مهملة السور ؛ لا متروكة الذكر في الاحكام. فللحكم الجزئيّ طريقان : ذكر السور ، فيفهم مطابقته ؛ وتركه ، فيفهم (٢) تحقّقه عقلا.
وان صرّح بكيفيّة النسبة : ك : الضرورة والدّوام ؛ مثلا. وما ليس كذلك يسمّى مهملة الجهة.
فان حكم فيها بتعليق نسبة : هذا على مذاق المنطقيّين : من انّ لفظة «إن» و «الفاء» اخرجتا الجزءين عن احتمال الصدق والكذب ، وصار الحكم بالتعليق ؛ لا غير. وامّا على مذاق اصحاب العربيّة ، فالاعتبار بالجزاء والشرط ، قيد له ؛ فان كان
__________________
(١) م ١ ، م ٢ : التصوّر.
(٢) م ١ ، م ٢ : فيعلم.
خبرا ، فالشرطيّة خبريّة ؛ وان كان انشاء ، فالشرطيّة (١) انشائيّة (٢).
وما يقال في ترجيح كلام المنطقيّين ، من : انّا نقطع بصدق قولنا : «ان كان زيد حجرا ، فهو جماد» مع استلزام كلام اصحاب العربيّة ، كذبه ـ ضرورة استلزام انتفاء المطلق ، انتفاء المقيّد ـ فجوابه مشهور.
وبعض المحقّقين انكر الفرق بين المذاقين ؛ وجعل كلام اهل العربيّة راجعا الى كلام المنطقيّين ؛ وشنّع على من ظنّ خلاف ذلك ؛ وجعل الشرطيّة الّتي جزاءها امر ، نحو : «ان جاء زيد ، فاكرمه» مأوّلة بالخبريّة ؛ اي : «فانت مأمور باكرامه» ؛ وهو كما ترى ؛ لانّ (٣) الخبر غير مراد قطعا.
__________________
(١) م ١ ، م ٢ : ـ فالشرطيّة.
(٢) م ١ ، م ٢ : فانشائيّة.
(٣) م ١ ، م ٢ : فانّ.
فصل
[في احكام القضايا]
البرهان ، ان خلا عن ذكر لازمه ونقيضه ، فاقترانيّ ، او شرطيّ ؛ والّا فاستثنائيّ.
ومبتداء المطلوب في الحمليّ ، موضوع واصغر ، وذاته صغرى ؛ وخبره محمول واكبر ، وذاته كبرى ؛ والمكرّر وسط.
وقد يستدلّ على المطلوب بابطال نقيضه ، او بتحقّق ملزوم حقّيّته (١) ؛ وهو عكسه.
فالنقيضان : قضيّتان ايّتهما صدقت ، كذبت اختها ؛ وبالعكس.
فالشخصيّة شرطها الوحدات الثمانيّة ؛ وغيرها معها ، التخالف كمّا وكيفا. فنقيض الموجبة كلّيّة ، سالبة جزئيّة ، وجزئية ، سالبة كلّيّة.
وعكس القضيّة : تبديل طرفيها مع بقاء الصدق والكيف. فعكس الموجبتين ، جزئيّة. وعكس السالبة الكلّيّة ، مثلها. ولا عكس لجزئيّتها.
وعكس النقيض : تبديل نقيضي طرفيها مع بقائهما. والسوالب كالموجبات في العكس ، وبالعكس.
__________________
(١) م ٢ : حقيقته.
لازمه : اي : ما يلزم منه ؛ وهو النتيجة.
نقيضه : اي : نقيض لازمه.
مبتداء : ولا يراد انّه ليس كلّ مبتداء عند النحاة.
المطلوب : (١) لمفردي مقدّمتي البرهان الحمليّ ـ عند كلّ قوم ـ اسم ؛ فالمنطقيّون : يسمّونهما موضوعا ومحمولا ؛ والمتكلّمون : ذاتا وصفة ؛ والفقهاء : محكوما به ومحكوما عليه ؛ والنحاة : مبتدأ وخبرا.
ولا يرد على المتكلّمين : «الكاتب انسان» ؛ لانّ المراد بالمحكوم عليه ، ما صدق عليه ، وبالمحكوم به ، المفهوم. نعم ؛ كلام النحاة غير شامل لنحو : «قام زيد» ؛ فلذلك عبّر (٢) بعضهم : بالمسند اليه والمسند.
وما يقال من : انّ المبتدأ والمسند اليه ـ عند النحاة ـ قد يكون سورا عند المنطقيّين ، فمندفع ؛ بانّ المحكوم عليه في الحقيقة ما اضيف اليه السور.
قد يستدلّ : كما في قياس الخلف.
بابطال نقيضه : كما في الضرب الاوّل من الثاني ؛ وهو مركّب من الكلّيّتين ، والكبرى سالبة ، وينتج سالبة كلّيّة ؛ كقولنا : «كلّ ح أ» ، و «لا شيء من ت أ» ؛ ينتج : «لا شيء من ح ت». فيقال : لو لم يصدق ، لصدق نقيضه ؛ وهو : «بعض ح ت». ونضمّه الى الكبرى ، فينتج ما يناقض الصغرى ؛ فنتيجته الاصليّ حقّ.
او بتحقّق ملزوم حقّيّته : كما في الضرب الثاني من الثاني ؛ وهو مركّب من الكلّيّتين ، والكبرى سالبة ، وينتج سالبة كلّيّة ؛ كقولنا : «لا شيء من ح ب» ، و «كلّ أ ب» ؛ ينتج : «لا شيء من ج أ». فينعكس الصغرى فتجعل كبرى ، والكبرى صغرى ؛ فينتج نتيجة تنعكس الى المطلوب.
__________________
(١) م ٢ : + الحمليّ.
(٢) م ١ ، م ٢ : غيّر.
حقّيّته : اي : صدقه ؛ اي : حقّيّة المطلوب. ويلزم منه صدق المطلوب ؛ ايضا. وذلك كما في ردّ الاشكال الى الاوّل المحتاج الى معرفة العكس. وهذا هو السبب الداعي للاصوليّين الى ان يبحثوا عن القياس والعكوس.
فالنقيضان : احسن ما يقال في تعريف التناقض : انّه اختلاف القضيّتين كيفا ، مستلزم لذاته صدق احداهما وكذب الاخرى.
تعريف «الحاجبيّ» هكذا : «النقيضان كلّ قضيّتين اذا صدقت احداهما ، كذبت الاخرى ؛ وبالعكس» (١). وتعريف «التفتازانيّ» في «التهذيب» هكذا : «التناقض اختلاف القضيّتين بحيث يلزم لذاته من صدق كلّ ، كذب الاخرى ؛ وبالعكس» (٢).
ولو لا تصريحه في كتبه بانّ العكس لاخراج المتضادّين ، لامكن تنزيله على انّه اشارة الى تعريف ثان.
كذبت اختها : (٣) المراد بالاختيّة ، انتفاء التغاير بينهما ، الّا بتبديل الاثبات نفيا وبالعكس. وامّا التغاير كمّا ، فلا عبرة به. وانّما المعتبر ، الوصف العنوانيّ ؛ كما قالوه.
وبالعكس : (٤) المتبادر منه ، انّ صدق كلّ ـ هو وحده ـ منشأ كذب الاخرى ؛ فلا حاجة الى ما اشتهر من قولهم : «يلزم لذاته من صدق كلّ ، كذب الاخرى» ، ليخرج نحو : «زيد انسان» ، «زيد ليس بناطق» ؛ لانّه لم ينشأ كذب كلّ ، من صدق اختها وحده ؛ بل ، مع استلزامه نقيضها. وقولنا : «وبالعكس» ليس من تتمّة التعريف ؛ بل ، هو تعريف ثان ؛ بعكس الاوّل.
ولا يرد المتضادّان نحو : «هذا شجر» ، «هذا حجر» ، و «كلّ حيوان انسان» و «لا
__________________
(١) منتهى الوصول والامل / ١٠.
(٢) التهذيب / ٩.
(٣) م ١ ، م ٢ : + ثمّ.
(٤) م ١ ، م ٢ : + ثمّ.
شيء من الحيوان بانسان» ؛ لما عرفت. فانّ صدق كلّ ليس ـ وحده ـ منشأ الاخرى ؛ بل ، مع استلزامه صدق نقيضها. وظنّي ، انّ «الحاجبيّ» ـ ايضا ـ اراد بقوله : «وبالعكس» (١) ، الاشارة الى تعريف آخر ؛ لكنّ الظاهر من كلام «العضديّ» خلاف ذلك. وان ارجعته اليه ، لم يكن فيه كثير بعد. وهذه عبارته : «النقيضان كلّ قضيّتين يلزم من صدق ايّتهما فرضت ، كذب الاخرى ؛ ويلزمه العكس» (٢) ؛ لكنّ شارح الشرح ، وساير المحشّين لم يرجعوه اليه (٣).
الوحدات الثمانية : اي (٤) : وحدة الموضوع ، ووحدة (٥) المحمول ، ووحدة (٦) الشرط ، ووحدة (٧) الكلّ والجزء ، ووحدة الزمان ، ووحدة المكان (٨) ، ووحدة (٩) الاضافة ، ووحدة (١٠) القوّة والفعل. هذا ما ذكره القدماء ، وزاد بعض المتأخّرين وحدات أخر ؛ ك : وحدة الآلة وغيرها (١١). وبعضهم ارجع جميع الوحدات الى وحدة الموضوع
__________________
(١) منتهى الوصول والامل / ١٠.
(٢) شرح مختصر المنتهى ١ / ٢٠.
(٣) حاشية السيّد الشريف على شرح مختصر المنتهى ١ / ٩٢ ، حاشية سعد الدين التفتازانيّ على شرح مختصر المنتهى ١ / ٩٣.
(٤) ل ، و ، م ١ ، م ٢ : ـ اي.
(٥) د : ـ وحدة.
(٦) د : ـ وحدة.
(٧) د : ـ وحدة.
(٨) د : والمكان والزمان.
(٩) د : ـ وحدة.
(١٠) د : ـ وحدة.
(١١) الحاشية على تهذيب المنطق / ٣١٥ ، شرح الشمسيّة / ١١٥.
والمحمول (١). والكلام (٢) فيه مشهور.
كمّا وكيفا : هذا في غير الموجّهات. والقرينة عدم التعرّض لمباحثها في هذا الفنّ.
تبديل طرفيها : دخلت الحمليّة والشرطيّة.
فعكس الموجبتين : الكلّيّة والجزئيّة.
جزئيّة : لا كلّيّة ؛ لانّ المحمول ، قد يكون اعمّ ؛ كقولنا : «كلّ انسان حيوان». وكذا التالي ؛ كقولنا : «إن كان هذا نارا ، فهو حارّ».
وعكس السالبة الكلّيّة ، مثلها : والّا ، لزم سلب الشيء عن نفسه ؛ لانّ (٣) قولنا (٤) : «لا شيء من الانسان بفرس» و «ليس البتّة (٥) ، ان كانت الشمس طالعة ، فالليل موجود» ، لو لم يصدق عكسهما ـ [اي] : سالبة كلّيّة ـ لصدق نقيضه ـ الّذي هو موجبة جزئيّة ـ فنضمّها الى الاصل ، ويلزم سلب الشيء عن نفسه (٦).
ولا عكس لجزئيّتها : اي : في غير الموجّهات ؛ كما مرّ. لانّ الموضوع ، او المقدّم يجوز ان يكون اعمّ. وفي الموجّهات ، فان الخاصّتين منها ينعكس الى العرفيّة الخاصّة.
مع بقائهما : اي : الصدق والكيف.
والسوالب كالموجبات في العكس : اي : حكم السوالب في عكس النقيض ، حكم الموجبات في العكس المستوي ؛ كما انّ الموجبة في المستوي لا تنعكس
__________________
(١) اساس الاقتباس / ٩٧ ، شرح الاشارات ١ / ١٨٠.
(٢) ل : + هو.
(٣) ل : ـ لانّ.
(٤) ل : نحو.
(٥) ل : ـ البتّة.
(٦) ل : ـ لو لم يصدق ... عن نفسه.
الّا جزئيّة ، كذلك السالبة ـ هاهنا ـ لا تنعكس الّا جزئيّة ؛ لجواز ان يكون نقيض المحمول في السالبة اعمّ من الموضوع ، ولا يجوز سلب نقيض الاخصّ من عين الاعمّ كلّيّا. مثلا ، يصحّ : «لا شيء من الانسان بلا حيوان» ، ولا يصحّ : «لا شيء من الحيوان بلا انسان» ، ويصدق : «بعض الحيوان لا انسان» ؛ ك : الفرس.
فصل
[في الاشكال الاربعة]
هيئة وقوع الوسط عند الحدّين شكل.
فما هو محمول صغراه ، موضوع كبراه ، الاوّل. وشرطه ايجابها وكلّيّة كبراه. وينتج المحصورات الاربع. فموجبتاه مع موجبة ، موجبتيها. ومع سالبة ، سالبتيها.
وما هو محمولهما ، الثاني. وشرطه اختلافهما كيفا وكلّيّة كبراه. ولا ينتج الّا سالبة. فكلّيّتاه كلّيّة. ومختلفتاه جزئيّة.
وما هو موضوعهما ، الثالث. وشرطه ايجاب صغراه وكلّيّة إحداهما. ولا ينتج الّا جزئيّة. فموجبتاه مع موجبة ، كلّيّة. وبالعكس موجبة. ومع سالبة ، سالبة.
وعكس الاوّل ، الرّابع. وشرطه ايجابهما مع كلّيّة صغراه ، او اختلافهما مع كلّيّة إحداهما. وينتج سوى اولى الاربع. فموجبته الكلّيّة معها موجبتها وسالبتيها ، وسالبته الكلّيّة مع اولييها ، سالبة كلّيّة (١) ، او (٢) جزئيّة : كجزئيّته مع خلافيهما كلّيّا.
__________________
(١) د ، ل : ـ كلّيّة.
(٢) د ، ل : ـ او.
فما : اي : الشكل.
هو : اي : حدّ وسط.
ايجابها : اي : الصغرى.
وكلّيّة كبراه : ليتعدّى الحكم من الاكبر الى الاصغر.
وينتج المحصورات الاربع : وهي الموجبة الكلّيّة والجزئيّة ، والسالبة الكلّيّة والجزئيّة. وتختصّ بانتاج اوّلها ؛ وامّا الثلاثة الباقية ، فلا تتعدّى الثلاثة الباقية.
فموجبتاه : اي : الكلّيّة والجزئيّة الصغريان.
مع موجبة : اي : مع موجبة (١) كبرى. ولم يقيّدها بالكلّيّة ؛ لذكرها في الشرط.
موجبتيها : هذا اشارة الى الضرب الاوّل والثالث. نحو : «كلّ مسكر مزيل للعقل» و «كلّ مزيل للعقل ناقض للوضوء» ؛ «فكلّ مسكر ناقض للوضوء». ونحو : «بعض الدجاج جلّال» و «كلّ جلّال حرام» ؛ «فبعض الدجاج حرام».
مع سالبة سالبتيها : فمنتج ضروبه اربعة. هذا اشارة الى الضرب الثاني والرابع. نحو (٢) : «كلّ صلاة حقيقيّة مشروطة بالطهارة» ، و «لا شيء من المشروطة بالطهارة صلاة اموات» ؛ «فلا شيء من الصلاة الحقيقيّة ، بصلاة اموات». ونحو : «بعض البالغات العاقلات حيّض» ، و «لا شيء من الحيّض مكلّفة بالصلاة» ؛ «فبعض البالغات العاقلات ليست مكلّفة بالصلاة».
لا ينتج الّا سالبة : لتبعيّة النتيجة اخسّ المقدّمتين.
فكلّيّتاه : الموجبة مع السالبة ، والسالبة مع الموجبة.
كلّيّة : هذا اشارة الى الضرب الاوّل والثاني. نحو : «كلّ مسكر مزيل للعقل» ، و «لا شيء من الحلال مزيل للعقل» ؛ «فلا شيء من المسكر حلال». ونحو : «لا
__________________
(١) د ، و : ـ مع موجبة.
(٢) د : ـ نحو.
شيء من صلاة الاموات ، مشروطة بالطهارة» ، و «كلّ صلاة حقيقيّة مشروطة بالطهارة» ؛ «فلا شيء من صلاة الاموات صلاة حقيقيّة».
مختلفتاه : الموجبة الجزئيّة مع السالبة الكلّيّة ، والسالبة الجزئيّة مع الموجبة الكلّيّة.
جزئيّة : فمنتج الضروب (١) اربعة : كالاوّل (٢). وهذا اشارة الى الضرب (٣) الثالث والرابع. نحو : «بعض الدجاج جلّال» ، و «لا شيء من المحلّل جلّال» ؛ «فبعض الدجاج ليس محلّلا». ونحو : «بعض النساء ليست طاهرة من الحيض» ، و «كلّ مكلّفة بالصلاة طاهرة من الحيض» ؛ «فبعض النساء ليست مكلّفة بالصلاة».
الّا جزئيّة : لتبعيّة الاخسّ.
فموجبتاه : اي (٤) : (٥) الصغريان (٦) الكلّيّة والجزئيّة (٧).
مع موجبة : اي : كبرى.
كلّيّة : هذا اشارة الى الضرب الاوّل والثالث. نحو : «كلّ مسكر مزيل للعقل» ، و «كلّ مسكر ناقض للوضوء» ؛ «فبعض المزيل للعقل ناقض للوضوء». ونحو : «بعض الجلال دجاج» ، و «كلّ جلّال حرام» ؛ «فبعض الدجاج حرام».
وبالعكس : اي : الموجبة الكلّيّة مع موجبتين كلّيّة وجزئيّة. لكنّ الكلّيّتان ، قد
__________________
(١) و ، م ١ ، م ٢ : ضروبه.
(٢) د : ـ فمنتج الضروب اربعة ؛ كالاوّل.
(٣) د : ـ الضرب.
(٤) و : ـ اي.
(٥) و ، م ١ ، م ٢ : + كلّ من.
(٦) و : موجبتيه.
(٧) و : الصغريان.
ذكرا ؛ فتعيّن ان يراد من العكس ، الشقّ الآخر ؛ اعني : الكلّيّة مع الجزئيّة. اي : الموجبة الكلّيّة ، الصغرى ، مع موجبة جزئيّة ، كبرى. وامّا عكس هذا ـ اعني : موجبة جزئيّة ، صغري ، مع موجبة كلّيّة ، كبرى ـ فغير مراد ؛ لسبق ذكره ؛ فلا يكرّر. فظهر من العبارة ، ضروب ثلاثة ، نتائجها موجبات.
موجبة : اشارة الى الضرب الرابع. نحو : «كلّ حائض محرّمة الوطي» ، و «بعض الحائض محرّمة الطلاق» ؛ «فبعض محرّمة الوطي ، محرّمة الطلاق».
ومع سالبة : اي : (١) موجبتاه مع سالبة. ولم يقيّدها بكلّيّة ولا جزئيّة ؛ لانّها مع جزئيّة الاولى ، كلّيّة ؛ لا محالة. ومع كلّيّتها ، جزئيّة ، او كلّيّة ؛ كما يقتضيه ثاني الشرطين. فظهر من العبارة ، ضروب ثلاثة اخرى ، نتائجها سالبات. فمنتج ضروبه ستّة ، نتائجها متّصفة بالايجاب والسلب.
سالبة : اشارة الى الضرب الثاني والخامس والسادس. نحو : «كلّ صلاة حقيقيّة مشروطة بالطهارة» ، و «لا شيء من الصلاة الحقيقيّة ، صلاة اموات» ؛ «فبعض المشروطة بالطّهارة ليس صلاة اموات». ونحو : «كلّ مزيل للعقل ناقض للطهارة» ، و «لا شيء من المزيل للعقل حلال» ؛ «فبعض الناقض للطهارة ليس بحلال». ونحو : «بعض الحائض محرّمة الوطي» ، و «لا شيء من الحائض محلّلة الصلاة» ؛ «فبعض محرّمة الوطي ليست محلّلة الصلاة».
الرابع : اي : الشكل الرابع.
ينتج : قدماء المنطقيّين جعلوا ضروب الرابع ، خمسة (٢) ؛ لابتغاء انتاج الثلاثة الاخرى على انعكاس السالبة الجزئيّة ؛ وهم اعتبروها غير منعكسة. والمتأخّرون
__________________
(١) و : + و.
(٢) اساس الاقتباس / ٢١٠ ـ ٢٠٩ ، ٢٣٩ ، شرح الشمسيّة / ١٥٥ ـ ١٥٤.
جعلوها ثمانيّة (١) واشترطوا في الثلاثة الزائدة ، كون السالبة الجزئيّة مشروطة خاصّة ، او عرفيّة خاصّة ، وبيّنوا انعكاسها. وحينئذ وافقنا القدماء في بحث العكس ؛ واهملنا انعكاس السالبة الجزئيّة ، رؤساء المتأخّرين.
[و] في عدد الضرب تنبيها على اختلاف الفريقين ، وإيماء الى ثمرة الخلاف في الجملة.
سوى اولى الاربع : الّتي في الشكل الاوّل.
الكلّيّة معها : اي : المحصورات الاربع.
موجبتها : اي : الجزئيّة ؛ بقرينة قوله : «سوى اولى الاربع».
وسالبتيها : وبهذا حصلت الاشارة الى اربعة ضروب : الاوّل ، والثاني ، والرابع والسابع.
وسالبته الكلّيّة : الصغرى.
مع اولييها : اي : اوليي الاربع ؛ وهما الموجبتان. وهذا (٢) اشارة الى ضربين آخرين ؛ وهما : الثالث والثامن.
كجزئيّته : الصغريان الموجبة والسالبة.
مع خلافيهما : اي : في الكمّ والكيف معا. وبهذين الضربين يتمّ الضروب الثمانيّة. والمراد بالضربين : الخامس والسادس.
__________________
(١) شرح الشمسيّة / ١٥١ ـ ١٥٠ ، الحاشية على تهذيب المنطق / ٩٧ ، ٩٦.
(٢) و : ـ وهذا.
فصل
[في القياس الاستثنائيّ]
الاستثنائيّ : امّا متّصل ؛ فيلزم استثناء مقدّمه ، تاليه. واكثره ب : «إن». ونقيضه ، نقيضه. واكثره ب : «لو».
وامّا منفصل ؛ ويلزمه التنافي ؛ امّا اثباتا ونفيا ؛ فمن اثبات كلّ ، نقيض الآخر ؛ ومن نقيضه ، عينه ؛ او اثباتا ، فالاوّلان ؛ أو نفيا ، فالاخيران.
ويردّ الاقترانيّ الى الاستثنائيّ ؛ وبالعكس.
______________________________________________________
بـ : «إن» : فانّها وضعت لتعليق الوجود بالوجود. قد علّق وجود التالي بوجود المقدّم ، ليتوصّل من الموجود المعلّق به ، الى الآخر ؛ فناسب استعمالها. وقد تستعمل «إن» فيما يستثنى فيه نقيض التالي ؛ اذ هناك ـ ايضا ـ يرتبط وجود التالي بوجود المقدّم ؛ لكن لا يتوصّل باحدهما الى الآخر ؛ بل ، ينتقل من انتفاء وجود التالي الى انتفاء وجود المقدّم ؛ فيجوز استعمالها فيه.
ونقيضه ، نقيضه : اي : [يلزم] استثناء نقيض التالي ، نقيض المقدّم. ولا يلزم (١) من
__________________
(١) م ٢ : فلا يلزم.
استثناء نقيض المقدّم ، نقيض التالي ، ولا من استثناء عين التالي ، عين المقدّم ؛ لجواز اعمّيّة اللازم ؛ نحو : «ان كان هذا انسانا ، فهو حيوان».
المطلب الثاني :
في المبادي اللغويّة.
اللغة : لفظ وضع لمعنى.
وطريقها : تواتر وآحاد. ولا تثبت قياسا. والدّوران منقلب.
والوضع لنقيضين يدفع المناسبة الذاتيّة. وارادة الواضع مخصّصة.
وهو : امّا الله ـ سبحانه وتعالى (١) ـ ؛ بدليل : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها)(٢) ، و (اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ)(٣) ؛ او البشر ؛ بدليل : (إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ)(٤) ؛ او منه ـ تعالى ـ ضروريّ ، ومنّا الباقي ؛ والّا ، دار ، او تسلسل.
ولا قطع في شيء منها ؛ لجواز الهام الوضع ، وارادة الحقائق ، والتوقيف على
__________________
(١) د : ـ تعالى.
(٢) البقرة / ٣١.
(٣) الروم / ٢٢.
(٤) ابراهيم / ٤.
سابق ، والاقدار ، وتعليم آدم ، والتعريف ؛ كما في الاطفال.
______________________________________________________
اللغة لفظ وضع لمعنى : سواء كان مفردا ، او مركّبا ؛ وسواء كان الوضع نوعيّا ، او شخصيّا.
وطريقها تواتر : هذا ردّ على من انكر ثبوت شيء من اللغات بالتواتر ؛ اذ انكار تواتر نحو : السماء ، والارض ، والحرّ ، والبرد ، وامثالها ، مكابرة في الضروريّات.
وآحاد : كالالفاظ الغير المشهورة ، المحتاج في معرفة معانيها الى الرجوع الى كتب اللغة.
قياسا : كما (١) تقول : سمّي ماء العنب المغطّي للعقل خمرا ؛ لانّه يخمر العقل ؛ فيسمّى النبيذ ـ ايضا ـ خمرا ، قياسا عليه ؛ لانّه يخمر العقل ؛ ايضا.
والدّوران منقلب : استدلّوا على جواز القياس في التسمية ب : انّ التسمية بالخمر (٢) دائرة (٣) معه التخمير وجودا وعدما ؛ فقبله يسمّى عصيرا ، وبعده يسمّى خلّا ، ومعه يسمّى خمرا (٤). والدوران يفيد ظنّ العلّيّة ؛ فاينما وجدت ، ظنّت التسمية ؛ فالنبيذ يسمّى خمرا.
وردّ (٥) ، ب : انّ التسمية دارت مع المحلّ ؛ وهو كونه ماء العنب. فالعلّة مركّبة ، وفي
__________________
(١) ل : كان.
(٢) م ١ ، م ٢ : ـ بالخمر.
(٣) م ١ ، م ٢ : ـ دائرة.
(٤) د : ـ ومعه يسمّى خمرا.
(٥) ل : يردّ.