زبدة الأصول مع حواشي المصنّف عليه

الشيخ بهاء الدين محمّد بن حسين العاملي

زبدة الأصول مع حواشي المصنّف عليه

المؤلف:

الشيخ بهاء الدين محمّد بن حسين العاملي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار البشير
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-8373-07-8
الصفحات: ٤٨٦

ولا لمنع وجوب : هذا دفع للجواب الّذي هو مختار «الحاجبيّ» (١) حيث قال :

«و (٢) مخلص [منه] ، الّا بانّ ما لا يتمّ الواجب الّا به [ممّا هو لازم] عقلا ، او عادة (٣) ، فليس بواجب».

غير الشرعيّة : اي : غير المقدّمة الشرعيّة.

لثبوته : اي : لثبوت وجوب غير الشرعيّة ـ ايضا ـ كما مرّ.

والمباح ، كاخوته الثلاثة ، مقارنات : اي : الفعل الواجب ، والمندوب ، والمكروه امور مقارنة للكفّ.

وبطل كلام «الحاجبيّ» : حيث قال : لا مخلص الّا بكذا ، وكذا.

__________________

(١) منتهى الوصول والامل / ٤٠.

(٢) في المصدر : ـ و.

(٣) اثبتناها من المصدر. وفي النسخ كلّها : «من عقليّ او عاديّ».

١٦١
١٦٢

المنهج الثاني

في

الادلّة الشرعيّة

١٦٣
١٦٤

المنهج الثاني :

في الادلّة الشرعيّة.

وهي ـ عندنا ـ اربعة : الكتاب ، والسنّة ، والاجماع ، ودليل العقل.

اما القياس ، فليس من مذهبنا ؛ كما مرّ (١). وسنبطله (٢).

فهنا مطالب :

______________________________________________________

وهي عندنا اربعة : وجه الحصر : انّ الدليل على الحكم الشرعيّ :

امّا وحي ، أو لا ؛ والاوّل : امّا نوع لفظه معجز ، أو لا ؛ الاوّل ، الكتاب ؛ والثاني ، السنّة.

وغير الوحي : امّا كاشف عن تحقّق وحي ، أو لا ؛ الاوّل ، الاجماع ؛ والثاني ، دليل العقل.

وقال مخالفونا (٣) : الوحي : امّا متلوّ ، وهو الكتاب ؛ او لا ، وهو السنّة. وغير الوحي :

__________________

(١) زبدة الاصول / ١٢.

(٢) م ١ ، م ٢ : ـ وسنبطله.

(٣) شرح مختصر المنتهى ١ / ١٠٨ ، الاحكام في اصول الاحكام ١ / ٢٠٨ ـ ٢٠٧ ، فواتح الرحموت ٢ / ٣ ـ ٢ ، مناهج العقول ١ / ٣٦.

١٦٥

ان كان قول الكلّ ، فاجماع ؛ او مشاركة فرع لاصل في علّة ، فقياس ؛ والّا ، فاستدلال.

وذكروا : انّ الخمسة دالّة على الكلام النفسيّ ؛ والّا ، لم يكن شيء منها حجّة.

فانّ الكلام النفسيّ : هو حكم الله عندهم ؛ واللفظيّ دليله ؛ والّا ، اتّحدا الدليل والمدلول في نحو : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ)(١) ؛ مثلا.

قد يعترض ب : انّ دلالة كلّ من الخمسة على الكلام النفسيّ القائم بذاته ـ تعالى ـ انّما يستقيم على مذهب المصوّبة.

ويجاب : ب : انّ المراد به (٢) : ما يعمّ المعنى القائم بذات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبذات المجمعين ، والمجتهد ؛ كما يعطيه كلام «الحاجبيّ» (٣) و «العضديّ» (٤).

وفي كلّ من الاعتراض وجوابه ، نظر.

اما القياس ، فليس من مذهبا : فلا خامس للادلّة عندنا. وامّا عندهم ، فخمسة ؛ ولكن ما ذكروه في وجه الحصر ، يقتضي وجود سادس لقولهم ؛ لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الاجتهاد ؛ وهو دليل ، و (٥) ليس وحيا.

وتسبّب اجتهاده عن الوحي ، بان يجتهد ، لا يجعل قوله عن الاجتهاد وحيا ؛ والّا ، كان اجتهادنا وحيا ـ ايضا ـ لتسبّبه عن قوله ـ تعالى ـ : (فَاعْتَبِرُوا)(٦) ؛ وقد استدلّوا به على وجوب الاجتهاد علينا (٧).

وامّا ادراج قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الاجتهاد في الاستدلال ، فلا يخفى بطلانه.

__________________

(١) البقرة / ٤٣ ، ١١٠ ، الروم / ٣١.

(٢) م ١ ، م ٢ : ـ به.

(٣) منتهى الوصول والامل / ٤٥.

(٤) شرح مختصر المنتهى ١ / ١٠٩.

(٥) م ١ ، م ٢ : + هو.

(٦) الحشر / ٢.

(٧) المحصول ٢ / ٤٩٠ ، الاحكام في اصول الاحكام ٤ / ١٧٢ ، الابهاج ٣ / ٢٤٧.

١٦٦

المطلب الاوّل :

في الكتاب.

قيل (١) : القرآن : كلام منزل للاعجاز بسورة منه.

والتعليل ، لاخراج بقيّة الكتب والحديث القدسيّ.

وقيل (٢) : ما نقل بين دفّتي المصحف تواترا.

وهما دوريان ؛ مع خروج البعض عن ظاهر الاوّل ، وهو لا يلائم الغرض ؛ ودخول تراجم السور في الثاني.

وقيل : ما لا تصحّ الصلاة بدون تلاوة بعضه.

وهو كالاوّل في الثاني ، مع دخول التشهد ونحوه. فان أخرجا بقيد التلاوة ، فكالاوّلين في الاوّل.

ولو قيل : كلام ، بعض نوعه معجز ؛ او كلام ، يحرم مسّ خطّه محدثا ، لكان اولى.

__________________

(١) منتهى الوصول والامل / ٤٥.

(٢) الاحكام في اصول الاحكام ١ / ٢١١ ، اصول السرخسيّ ١ / ٢٨٠ ـ ٢٧٩ ، المستصفى ١ / ١٠١.

١٦٧

والسورة : طائفة من القرآن مصدّرة فيه بالبسملة ، او براءة.

ونقض طرده بصدور السور ؛ فزيد : متّصل آخرها فيه بإحداهما. فنقض عكسه بالاخيرة ؛ فزيد : او غير متّصل فيه بشيء. وظنّ ـ حينئذ ـ استقامته ؛ وهو عنها بمعزل ؛ لانتقاض طرده ببعض سورة «النمل» ، وبسورتين ؛ فصاعدا.

وقيل (١) : طائفة منه ذات ترجمة.

ونقض (٢) طرده ب : «آية الكرسي» (٣).

وردّ (٤) : بارادة الاسم ؛ وهي اضافة محضة.

وتعسّفه ظاهر. ولو اريد : المكتوب في العنوان ، لاستقام.

______________________________________________________

قيل : القرآن : هذا التعريف لبعض الاشاعرة ؛ واختاره «الحاجبيّ» (٥) ؛ وقالوا : يخرج بالمنزل ، غير المنزل ؛ كالكلام النفسيّ. وامّا نحن ، فلا نثبت النفسيّ ، فلا نحتاج الى ما يخرجه.

كلام : المراد بالكلام ـ هنا (٦) ـ : الفاظ ؛ على كلا المذهبين ؛ اعني : المعتزلة والاشاعرة.

منزل : وفي وصف القرآن بالنزول كلام طويل ؛ ولنا فيه بحث ذكرناه في

__________________

(١) شرح مختصر المنتهى ١ / ١٠٩ ، حاشية سعد الدين التفتازانيّ على شرح مختصر المنتهى ٢ / ١٨. مناهج العقول ١ / ٢١٦.

(٢) حاشية السيّد الشريف على الكشّاف ١ / ٢٣٩.

(٣) البقرة / ٢٥٧ ـ ٢٥٥.

(٤) حاشية السيّد الشريف على الكشّاف ١ / ٢٣٩.

(٥) منتهى الوصول والامل / ٤٥.

(٦) م ١ ، م ٢ : هاهنا.

١٦٨

حواشينا على تفسير «البيضاويّ» (١).

والتعليل : اي : قولنا للاعجاز.

ذكر فائدة التعليل ، ولم يذكر فائدة قوله : «بسورة منه» ؛ لاشارة الى عدم الاحتياج اليه ؛ بل ، تركه اولى ؛ كما يجيء.

ان قلت : فيخرج البعض ؛ كالآية والآيتين ؛ اذ المعجز هو السورة ؛

قلت : يصدق على ذلك : انّه منزل للاعجاز ؛ اذ هو جزء المعجز.

بقيّة الكتب : اي : السماويّة ؛ من التوراة ، والانجيل ، وغيرهما.

والحديث القدسيّ : وتخرج به ، السنّة ؛ بمعنى الحديث ، لا بالمعنيين الآخرين ؛ لخروجهما ب : «الكلام». وامّا غير الحديث القدسيّ ، من الاحاديث ، فقد خرج ب : «المنزل» ؛ اذ المنزل ، مضمونه ؛ لا لفظه.

وظاهر كلام «العضديّ» (٢) يعطي انّ لفظه منزل ؛ لانّه فرق بين الحديث القدسيّ وغيره في نزول (٣) لفظه. فانّه قال : «فخرج الكلام الّذي لم ينزل ، والّذي انزل ، لا للاعجاز ؛ ك : سائر الكتب السماويّة والسنّة (٤)» ؛ انتهى.

وقد يوجّه كلامه : بانّه لفّ ونشر مشوّش ؛ فالسنّة (٥) مثال للكلام الّذي لم ينزل. هذا ؛ ان قرئ بالجرّ. ويمكن الرفع ، بالعطف على : «الكلام الّذي لم ينزل» ؛ لكن ، لا يخفى ما فيه.

__________________

(١) الحاشية على انوار التنزيل / الورقة ٢ / ب ، ٣ / الف.

(٢) شرح مختصر المنتهى ١ / ١٠٩.

(٣) م ١ ، م ٢ : ـ نزول.

(٤) شرح مختصر المنتهى ١ / ١٠٩.

(٥) م ١ ، م ٢ : والسنّة.

١٦٩

وكيف كان ؛ فلا بدّ من حمل السنّة ـ بخلافه (١) ، في كلامه ـ على ما عدا الحديث القدسيّ.

وهما دوريان : امّا الاوّل ، فانّ القرآن مأخوذ في تعريف السورة ؛ كما يأتي ، وامّا الثاني ، فلذكر المصحف. وفي دفع الدور كلام يطلب من حواشينا (٢) على شرح «العضديّ».

مع خروج البعض : اي : بعض الكتاب ؛ ك : السورة الواحدة ، والآية ، والآيتين ؛ مع انّ الاصوليّ اذا قال : دليل مسألة الفلانيّة ، الكتاب والسنّة ، انّما يراد (٣) به (٤) من الكتاب : بعضه ؛ لا كلّه.

عن ظاهر الاوّل : الّا ان يراد «بسورة منه» ، نوعه. فينبغي حذف قوله : «بسورة منه» ؛ فانّ لزوم الدور وخروج البعض ، انّما نشأ منه. اذا كان المعرّف ما يشمل الكلّ والبعض ؛ ولو خصّ بالكلّ ، فلا بدّ منه (٥) ؛ لاخراج البعض ؛ لكنّ الحقّ ، انّه لا يخرج به كلّ بعض ؛ بل ، يبقى ما يشتمل على سورتين ؛ فصاعدا.

وما تكلّفه «العضديّ» لاخراجه [حيث قال : «فانّ التحدّي وقع بسورة من كلّ القرآن ؛ اي : سورة كانت غير مختصّة ببعض»](٦) ، غير خال عن التعسّف ؛ فتأمّل!

وهو لا يلائم الغرض : اي (٧) : غرض الاصوليّ ـ من حيث هو اصوليّ ـ اذ دليل

__________________

(١) م ١ ، م ٢ : ـ بخلافه.

(٢) مع بذل جهدي ـ الى الآن ـ لم نعثر على نسخة منها.

(٣) و : يريد.

(٤) و : ـ به.

(٥) م ١ ، م ٢ : فيه.

(٦) شرح مختصر المنتهى ١ / ١٠٩.

(٧) م ١ ، م ٢ : والمراد بالغرض.

١٧٠

الحكم هو البعض ؛ لا الكلّ.

ودخول تراجم السور : لصدق الحدّ عليها. اللهمّ! الّا ان يدّعى عدم تواترها (١).

في الثاني : يمكن الجواب عن هذا ب : انّ المراد : النقل عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ والتراجم ، لم يكن في زمنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ بل ، هي مستحدثة ؛ ك : الاخماس والاعشار.

ما لا تصحّ الصلاة بدون تلاوة بعضه : لا يخفى : انّ هذا التعريف ، انّما ينطبق بظاهره على كلّ القرآن ؛ بدون تلاوة بعضه ؛ اذ يلي بعضا آخر. اللهمّ ، الّا ان يراد «بدون تلاوة بعضه» ، بعض نوعه ؛ وتكلّفه ظاهر.

كالاوّل في الثاني : اي : يرد عليه : (٢) خروج البعض عن ظاهره ؛ لانّ ارادة بعض نوعه خلاف الظاهر.

مع دخول التشهد : لانّه يصدق على التشهد : انّه ما لا يصحّ الصلاة بدون تلاوة بعضه ؛ اي : بعض الّذي هو في ضمن الكلّ.

ونحوه : كذكر الركوع والسجود.

فان اخرجا : اي : التشهد ونحوه.

بقيد التلاوة : اذ لا تطلق التلاوة على تلفّظ شيء منهما ؛ وانّما تختصّ بالقرآن.

فكالاوّلين في الاوّل : وهو لزوم (٣) الدور.

بعض نوعه : اعني : السورة.

لكان اولى : لسلامته عن الدور ، ودخول التراجم ، وخروج البعض.

والاولى من ذلك ان يقال : هو كلام الله المنزل للاعجاز. وانّما كان اولى من التعريف الاخير ؛ لانتقاض طرده بنحو : «محمّد نبيء ، وعليّ امام».

__________________

(١) م ١ ، م ٢ : ـ اللهمّ! الّا ان يدّعى عدم تواترها.

(٢) د : وهو.

(٣) م ١ ، م ٢ : اي.

١٧١

فان قيل : المحرّم ، مسّ بعض كلّ من هذين الكلامين ـ اعني : اسم المعصوم ـ لا مسّ كلّ بعض ، فاستقام الطرد ؛

قلنا : تنتقض بنحو : «الله رحمان» ؛ لتحريم كلّ بعض.

مصدّرة فيه : زيادة لفظ «فيه» في آخر التعريف ، لئلّا تخرج السورة الخالية عن الترجمة.

بصدور السور : لصدق الحدّ على الآية الّتي بعد البسملة ، او براءة.

متّصل آخرها فيه : انّما زادوا قولهم «فيه» ، لئلّا تخرج السورة المنفردة بالكتابة ؛ فتأمّل!

بإحداهما : اي : بالبسملة وبراءة.

بالاخيرة : اي : السورة الاخيرة من القرآن ؛ اذ ليس آخرها متّصلا بإحداهما.

او غير متّصل فيه : اي في القرآن ؛ اعني : ما بين دفّتيه.

وهو عنها : اي : عن الاستقامة.

بمعزل : اي : في جانب.

لانتقاض طرده ببعض سورة «النمل» : اعني : اوائلها المتّصل بالبسملة (١) واواخرها المتّصل بها اوائلها.

وبسورتين : اذ مجموعهما ليس سورة (٢).

طائفة منه : اي : القرآن.

ذات ترجمة : اي : لها لفظ مأخوذ من الشارع ، يدلّ عليها بخصوصها ؛ وهذا التعريف منقول في بعض شروح «المنهاج» (٣).

__________________

(١) و : + آخرها.

(٢) م ١ ، م ٢ : بسورة.

(٣) مناهج العقول ١ / ٢١٦.

١٧٢

عرّف «العضديّ» : (١) السورة ببعض القرآن المترجم وآخره توقيفا (٢).

واعتراضه التفتازانيّ (٣) ب : انّه «لا معنى للمترجم [له] الّا المبيّن» فيدخل الآية ؛ ثمّ ، اختار : «ان يقال : هي الطائفة المترجمة توقيفا ؛ اى المسماة باسم خاصّ» فدخلت «آية الكرسي» ؛ كما قلنا.

واجاب بعض المتأخّرين بما حاصله : انّ المراد تسمية الشارع ؛ وكون التسمية ب : آية الكرسي ، منه ، ممنوع ؛ لجواز ان يكون من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله او غيره. هذا ملخّص كلامه ؛ وهو كما ترى. (٤)

ويرد عليه الحديث المشهور : «من قرأ آية الكرسي دبر كلّ صلاة ، لم يمعنه دخول الجنّة ، الّا الموت» ؛ (٥) فتدبّر! (٦)

__________________

(١) شرح مختصر المنتهى ١ / ١٠٩.

(٢) م ١ ، م ٢ : + ثمّ ، انّه.

(٣) حاشية سعد الدين التفتازانيّ على شرح مختصر المنتهى ٢ / ١٨.

(٤) م ١ ، م ٢ : ـ وهو كما ترى.

(٥) بحار الانوار ٨٩ / ٢٦٩ ب ٣٠ ح ١٨ ، ٣٥٤ ب ٣ ح ٢٣ ، كنز العمّال ٢ / ٣٠٠ ح ٤٠٥٦ ، مجمع الزوائد ١٠ / ١٠٥ ، الموضوعات ١ / ٢٤٣ ، ٢٤٤.

(٦) ل ، و : ـ ويرد عليه ... فتدبّر ؛ م ١ ، م ٢ : ـ فتدبّر ؛ د : في شرح «العضديّ» : «المراد بالسورة : البعض المترجم اوّله وآخره توقيفا» واعترضه «التفتازانيّ» بدخول الآية ؛ اذ المراد بالمترجم : المبيّن ؛ ثمّ قال : «الاولى ، ان يقال : هي الطائفة المترجمة توقيفا ؛ اي : المسمّاة باسم خاصّ» ؛ انتهى.

وانتقاضه ب : «آية الكرسي» ظاهر.

ودعوى : انّ تسمية السور بالاسامي المشهورة ، رائجة في الاحاديث ؛ فهي توقيفيّة ؛ بخلاف

١٧٣

وردّ : هذا الردّ مذكور فى حاشية «المحقّق الشريف» على «الكشّاف». (١)

بارادة الاسم : اي : اردنا بالترجمة : الاسم العلمي ؛ لا مطلق ما دلّ على الشيء.

وهي : اي قولنا : «آية الكرسي».

اضافة محضة : لم تبلغ حدّ العلمية.

وتعسّفه ظاهر : اذ دعوى : انّ سورة (٢) «الكهف» و «العنكبوت» ـ مثلا ـ بلغتا حدّ التسمية ؛ دون «آية الكرسي» ، لا يخفى تعسّفها.

لو اريد : اي : لو اريد بلفظ «الترجمة» في هذا التعريف : ما هو مكتوب في عنوان السور [من] عدد الآيات ، ونسبتها الى احد الجزءين الشريفين ، لاستقام التعريف.

والترجمة تطلق على : ما يكتب على عنوان المكاتبات من اسم المرسل اليه ، ونحوه.

وفي هذا المقام كلام ؛ فيطلب من حواشينا على تفسير «البيضاويّ» (٣).

المكتوب في العنوان : ومنه : ترجمة الكتاب لما يكتب على عنوانها من اسم المرسل اليه. فترجمة السورة : ما يكتب على عنوانها من عدد آياتها ، ونسبتها الى «مكّة» ، او «المدينة».

ولا يرد خروج السورة قبل اعتياد كتابة ذلك ؛ كما ذكرناه في حواشينا على

__________________

ـ «آية الكرسي» ، يردّها الحديث المشهور : «من قرأ آية الكرسي دبر كلّ صلاة ، لم يمنعه دخول الجنّة ، الّا الموت» ؛ فتدبّر!

(١) حاشية السيّد الشريف على الكشّاف ١ / ٢٣٩.

(٢) د : سورتي.

(٣) الحاشية على انوار التنزيل / الورقة ٩ / الف.

١٧٤

تفسير «البيضاويّ». (١)

لاستقام : لكن مع زيادة لفظ «فيه» في آخر التعريف ؛ لئلّا تخرج السورة الخالية عن الترجمة.

__________________

(١) الحاشية على انوار التنزيل / الورقة ٩ / الف.

١٧٥

فصل

[في تواتر القرآن والقراءات السبع]

القرآن متواتر ؛ لتوفّر الدواعي على نقله.

والبسملات في محالّها ، اجزاء منه ؛ لاجماعنا ؛ وتظافر النصوص عن ائمّتنا (١) عليهم‌السلام (٢) ؛ وللروايتين عن «ابن عبّاس» (٣) ؛ ولاتّفاق الكلّ على اثباتها بلون خطّه ك : (وَيْلٌ)(٤) و (فَبِأَيِّ)(٥) ؛ مع مبالغة السلف في تجريده.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٤ / ٧٤٥ ب ١١ ، مستدرك الوسائل ٤ / ١٦٤ ب ٨ ، بحار الأنوار ٨٢ / ٢١ ـ ٢٠ ب ٤٥ ح ١٠.

(٢) و : + به.

(٣) الدرّ المنثور ١ / ٢٠ ، الكشّاف ١ / ١.

(٤) المرسلات / ١٥ ، ١٩ ، ٢٤ ، ٢٨ ، ٣٤ ، ٣٧ ، ٤٠ ، ٤٥ ، ٤٧ ، ٤٩.

(٥) الرحمن / ١٣ ، ١٦ ، ١٨ ، ٢١ ، ٢٣ ، ٢٥ ، ٢٨ ، ٣٠ ، ٣٢ ، ٣٤ ، ٣٦ ، ٣٨ ، ٤٠ ، ٤٢ ، ٤٥ ، ٤٧ ، ٤٩ ، ٥١ ، ٥٣ ، ٥٥ ، ٥٧ ، ٥٩ ، ٦١ ، ٦٣ ، ٦٥ ، ٦٧ ، ٦٩ ، ٧١ ، ٧٣ ، ٧٥ ، ٧٧.

١٧٦

والسبع متواترة ؛ ان كانت جوهريّة ؛ ك : «ملك» و «مالك» (١). امّا الادائيّة (٢) ، كالمدّ والامالة ، فلا. ولا عمل بالشواذّ.

قيل : هي كاخبار الآحاد.

ولا بحث للمجتهد عن غير أحكامي الآيات ؛ وهي خمسمائة تقريبا. وقد بسطنا الكلام فيها ، في «مشرق الشمسين» (٣).

______________________________________________________

للروايتين : الاولى : ما روي : انّه لمّا ترك النّاس قراءة البسملة في اوائل السور ، قال «ابن عبّاس» : «سرق الشيطان من النّاس آية» (٤).

والثانية : ما روي عنه ـ ايضا ـ انّه قال : «من تركها ، فقد ترك مائة واربع عشرة آية من كتاب الله» (٥).

وفي متن هذه الرواية بحث مشهور ؛ بسطنا الكلام فيه في تفسيرنا الموسوم ب : «العروة الوثقى» (٦).

كـ : «ويل» : في قوله ـ تعالى ـ (وَيْلٌ ـ يَوْمَئِذٍ ـ لِلْمُكَذِّبِينَ!)(٧).

و «فبأيّ» : في قوله ـ تعالى ـ : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ؟)(٨).

__________________

(١) الفاتحة / ٣.

(٢) و : الآدابية.

(٣) ليس في «مشرق الشمسين» بسط الكلام في خمسمائة.

(٤) الدرّ المنثور ١ / ٢٠. وفي المصدر : استرق.

(٥) الكشّاف ١ / ١.

(٦) رسائل الشيخ بهاء الدين العامليّ / ٣٩٢.

(٧) المرسلات / ١٥ ....

(٨) الرحمن / ١٣ ...

١٧٧

في تجريده : اي : عن كلّ ما يوهم انّه منه ؛ حتّى انّهم غايروا (١) لون التراجم ؛ لئلّا يتوهّم انّها منه. وتواتر البسلمة في اوائل السور عند قوم دون آخرين جائز ؛ ككثير من المتواترات. فجزم «الحاجبيّ» (٢) بعدمه ـ محتجّا بالاختلاف فيها مع الاتّفاق في «النمل» ـ غير جيّد.

والسبع : اي : القراءات السبع.

كالمدّ : اي : مطلق المدّ ، والمدّ المتّصل.

والامالة ، فلا : اي : ليست المتواترة.

ولا عمل بالشواذّ : اي : لا عمل بقراءته ، ولا باحكامه ، لو ترتّب عليه حكم.

كاخبار الآحاد : في العمل ؛ فمن عمل باخبار الآحاد ، فعمل بها ـ ايضا ـ والّا ، فلا.

__________________

(١) م ١ ، م ٢ : غيّروا.

(٢) منتهى الوصول والامل / ٤٦.

١٧٨

المطلب الثاني :

في السنّة.

وهي قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) ، او فعله ، او تقريره ، غير قرآن ولا عاديّ (٢).

وما يحكي احدها حديث نبويّ.

وقد يحدّ مطلقه ب : كلام يحكي قول المعصوم ، او فعله ، او تقريره.

وينتقض طرده ببعض عبارات الفقهاء ؛ لنقل (٣) الحديث بالمعنى ؛ الّا بأخذ الحيثيّة. وعكسه بالمسموع من المعصوم ، غير محكيّ عن مثله. والتزام خروجه ، يقتضي عدم سماع احد منه حديثا اصلا ، الّا ما حكاه عن مثله.

فالاولى : هو قول المعصوم ، او حكاية قوله ، او فعله ، او تقريره.

وما لا ينتهي الى المعصوم ، ليس حديثا عندنا.

__________________

(١) م ١ ، م ٢ : + سلم.

(٢) م ١ ، م ٢ : ـ غير قرآن ولا عاديّ.

(٣) و : ولنقل ، م ٣ : كنقل.

١٧٩

هي قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله او فعله او تقريره : هكذا عرّف السنّة بعض الاصوليّين (١) ؛ من دون اضافة قولنا : «غير قرآن وعاديّ».

واورد عليه : انتقاض طرده بالقرآن.

واجيب : بـ : انّه قول الله ـ تعالى (٢) ـ والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد حكاه ، وليس قولا له.

ولا يخفى : انتقاض عكسه ـ حينئذ ـ بالحديث القدسيّ ، وبما (٣) حكاه صلى‌الله‌عليه‌وآله من كلام الانبياء عليهم‌السلام ؛ مثلا.

وبعضهم (٤) عرّفها بـ : ما صدر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غير القرآن من قول ، او فعل ، او تقرير.

ويرد على طرده الاقوال ، والافعال ، والتقريرات العاديّة ؛ ك : طلب الماء والغذاء ، والقعود ، والقيام (٥) ، والتقرير عليها ، وامثالها ؛ فينبغي ان يقال : «غير قرآن ولا عاديّ» ؛ كما قلناه.

وما يحكي احدها : امّا نفس الفعل ، او التقرير ، فلا يطلق عليهما اسم الحديث ، انّما يطلق عليهما اسم السنّة فقط ؛ فهي اعمّ من الحديث (٦).

حديث نبويّ : فعلى هذا ، بين السنّة والحديث تباين ؛ لانّها نفس احد الثلاثة ، وهو حكاية احدها ؛ لكنّ الحقّ ، انّ بينهما عموما من وجه ؛ على ما سيجيء في

__________________

(١) قواطع الادلّة / ٥١ ، البحر المحيط ٤ / ١٦٤ ، منهاج الوصول / ٤٩٦.

(٢) م ١ : ـ تعالى.

(٣) م ١ : ممّا.

(٤) منتهى الوصول والامل / ٤٧ ، فواتح الرحموت ٢ / ٩٧ ، الاحكام في اصول الاحكام ١ / ٢٢٣ ، مناهج العقول ٢ / ٢٦٩.

(٥) م ١ : والقيام والقعود.

(٦) و ، م ١ : ـ فقط ؛ فهي أعمّ من الحديث.

١٨٠