زبدة الأصول مع حواشي المصنّف عليه

الشيخ بهاء الدين محمّد بن حسين العاملي

زبدة الأصول مع حواشي المصنّف عليه

المؤلف:

الشيخ بهاء الدين محمّد بن حسين العاملي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار البشير
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-8373-07-8
الصفحات: ٤٨٦

ـ اعني : الاعتاق ، ونفي تملّك الكافرة ـ مختلفين. وفي شرح «العضديّ» (١) : «وان كان الظهار والملك حكمين مختلفين» ؛ وهو سهو ظاهر.

والّا ، فان اتّحد موجبهما مثبتين ، حمل مطلقا ، اجماعا : نحو : «ان ظاهرت ، فاعتق رقبة» ، [و] «ان ظاهرت ، فاعتق رقبة مؤمنة». وهذا الاجماع ، نقله «العلّامة» في «النهاية» (٢). فلا يجزي اعتاق غير المؤمنة. ولو حملنا المقيّد على المطلق ، لأجزأ. والمراد بالحمل الاجماعيّ : العمل بالمقيّد. فلا ينافي الاجماع ، الخلاف في النسخ ؛ فتدبّر!

بقي ـ هنا ـ شيء : اشكال ، اشار اليه «العلّامة» ـ طاب ثراه ـ في «النهاية» (٣) ؛ وهو : قيام احتمال ان يراد من المقيّد ، الندب ؛ بمعنى : كونه افضل الواجبين. وهذا ، وان كان تجوّزا ، لكنّ ارادة المقيّد عن المطلق ، تجوّز ـ ايضا ـ فتعارض المجازان ؛ وبقي المطلق ، بلا معارض.

واجاب ـ قدّس الله روحه ـ ب : انّ براءة الذمّة ، انّما تحصل بالحمل على المقيّد (٤) ؛ هذا كلامه.

وقد يناقش في مجازيّة المطلق ـ اذا اريد به المقيّد ـ لكنّ الاظهر مجازيّته ؛ كما انّ اطلاق العامّ على الخاصّ ـ باعتبار الخصوصيّة ، لا باعتبار اندراج ـ مجاز عند المحقّقين.

والمنفيّين : عطف على مثبتين ؛ اي : وإن اتّحد موجبهما منفيّين ؛ نحو : «لا يعتق في الظهار ، المكاتب» ، [و] «لا يعتق في الظهار ، المكاتب الكافر». فلا يجزي

__________________

(١) شرح مختصر المنتهى ٢ / ٢٨٥.

(٢) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ١٠٩ / الف.

(٣) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ١٠٩ / الف.

(٤) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ١٠٩ / الف.

٣٨١

اعتاق المكاتب ؛ اصلا. هذا ، اذا لم يقصد بالمكاتب الاوّل ، الاستغراق من قبيل : «اشتر اللحم!» والّا ، كان من تخصيص العامّ ؛ كما في مثال «الحاجبيّ» (١).

وان اختلف ، فهم مختلفون في الحمل : فبعضهم على الحمل ، عملا بالقياس ؛ ان اجتمعت شرائطه ؛ وهو : قول الشافعيّة (٢). وبعضهم (٣) على الحمل ، مطلقا ؛ لانّ القرآن بمنزلة كلمة واحدة. وبعضهم (٤) يوافقوننا في عدم الحمل ؛ وهو : الحنفيّة.

__________________

(١) منتهى الوصول والامل / ١٣٦.

(٢) الاحكام في اصول الاحكام ٣ / ٨ ، المحصول ١ / ٤٥٩ ، شرح مختصر المنتهى ٢ / ٢٨٦.

(٣) الاحكام في اصول الاحكام ٣ / ٨ ، المحصول ١ / ٤٥٩ ، شرح مختصر المنتهى ٢ / ٢٨٦.

(٤) فواتح الرحموت ١ / ٣٦٤ ، ٣٦٥ ، الاحكام في اصول الاحكام ٣ / ٨ ، المحصول ١ / ٤٥٩ ، شرح مختصر المنتهى ٢ / ٢٨٦ ، التنقيح ١ / ١١٥.

٣٨٢

المطلب الرابع :

في المجمل والمبيّن.

المجمل : ما دلالته غير واضحة. وهو امّا فعل ، او لفظ ؛ مفرد ، او مركب.

ولا اجمال في نحو قوله ـ تعالى ـ : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)(١) ؛ لظهور المراد.

ولا في نحو قوله ـ تعالى ـ (٢) : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ)(٣) ؛ اذ الباء للتبعيض ؛ كما مرّ (٤).

امّا نحو قوله ـ سبحانه ـ (٥) : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا)(٦) ، ف : «المرتضى» (٧) : مجمل في اليد ، لاطلاقها على كلّ العضو وبعضه.

__________________

(١) المائدة / ٣.

(٢) د ، و : جلّ وعلا.

(٣) المائدة / ٦.

(٤) زبدة الاصول / ٨٤.

(٥) و : تعالى.

(٦) المائدة / ٣٨.

(٧) الذريعة الى اصول الشريعة ١ / ٣٥٠.

٣٨٣

قيل (١) : وفي القطع ـ ايضا ـ لاطلاقه على الابانة والجرح.

و «العلّامة» (٢) ، و «الفخريّ» (٣) و «الحاجبيّ» (٤) : لا اجمال فيهما (٥) ؛ لانّها حقيقة في العضو الى المنكب. وفهم البعض بالقرينة. والقطع ظاهر في الابانة.

وما له مجمل لغويّ وشرعيّ ـ كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٦) : «الطواف بالبيت صلاة» (٧) ، «الاثنان فما فوقهما جماعة» (٨) ـ ليس بمجمل. فيحمل على الشرعيّ ، بقرينة بعثته صلى‌الله‌عليه‌وآله لتبليغ الاحكام ؛ لا لتعليم اللغة.

______________________________________________________

اذ الباء للتبعيض : كما لا يخفى : انّ لقائل ان يقول : هذا انّما يستقيم لو لم يرد الباء لغير التبعيض ، او كانت ظاهرة فيه. امّا ورودها للالصاق كورودها له ، فلا. وامّا دلالة الرواية السابقة (٩) على كونها في الآية للتبعيض ، فلا يدفع الاجمال الاصليّ كسائر المجلات بعد البيان.

__________________

(١) المحصول ١ / ٤٧١ ، الاحكام في اصول الاحكام ٣ / ٢٢.

(٢) تهذيب الوصول الى علم الاصول / ٤٩.

(٣) المحصول ١ / ٤٧١.

(٤) منتهى الوصول والامل / ١٣٩ ـ ١٣٨.

(٥) د ، م ١ ، و : فيها.

(٦) م ٢ : + وسلم.

(٧) الجامع الصحيح ٣ / ٢٩٣ ب ١١٢ ح ٩٦٠ ، كنز العمّال ٩ / ٥٨ ح ١٢٠٣٨ ، مستدرك الوسائل ٩ / ٤١٠ ب ٣٨ ح ٢.

(٨) بحار الأنوار ٨٥ / ٧٢ ح ٢٣ ، سنن ابن ماجة ١ / ٣١٢ رقم ٩٢٢ ب ٤٤ ، كنز العمّال ٧ / ٥٥٥ ح ٢٠٢٢٤.

(٩) وسائل الشيعة ١ / ٢٩٠ ب ٢٣ ح ١.

٣٨٤

فصل [في البيان وتأخيره عن وقت الحاجة]

المبيّن نقيض المجمل. والبيان بالقول اجماعيّ ، وبالفعل عند الاكثر.

وتأخيره عن وقت الحاجة ممتنع ؛ اجماعا. واليه ، جائز. «الغزّاليّ» (١) : ممتنع. «المرتضى» (٢) : فيما يراد به غير ظاهره ؛ ك : العامّ. امّا المجمل ، فيجوز.

لنا : تأخير البيان في كثير ؛ ك : صلاة والحجّ.

للاوّل (٣) : هو كخطاب العربيّ بالتركيّ في عدم الفهم.

لـ : «الغزّاليّ» (٤) : لزوم اغراء بالجهل (٥).

__________________

(١) المستصفى ١ / ٣٦٨.

(٢) الذريعة الى اصول الشريعة ١ / ٣٦٣.

(٣) م ١ ، م ٢ : للغزّاليّ.

(٤) م ١ ، م ٢ : للمرتضى.

(٥) المستصفى ١ / ٣٦٨.

٣٨٥

(١) لـ : «المرتضى» (٢) : هو في الثاني ؛ لا الاوّل (٣). (٤)

قلنا : فرق بين عدم الفهم اصلا ، والترديد. وتجويز التخصيص مقرّر. والنسخ وارد

______________________________________________________

وبالفعل عند الاكثر : لانّه ادلّ من القول ؛ كما قيل : «ليس الخبر كالعيان». والاطوليّة ، غير مضرّة ؛ مع انّه يمكن الاقصريّة ؛ ك : بيان افعال الصلاة بالنسبة الى قبلها.

عبارة «العضديّ» (٥) هكذا : «ولنا ـ ايضا ـ : انّ مشاهدة الفعل ادلّ في بيانه من الاخبار عنه. ولذلك قيل في المثل السائر : (ليس الخبر كالمعاينة). فلا بعد في العدول اليه ؛ روما لزيادة الدلالة».

«المرتضى» : وهنا مذاهب اخرى ؛ تركنا التعرض لها (٦).

كـ : العامّ : اذا اريد به الخاصّ. وك : الاسماء الشرعيّة ؛ فانّ ظاهرها المعاني اللغويّة. وك : النكرة ؛ اذ اريد بها معيّن ؛ فانّ ظاهرها ، الفردة المنتشرة.

اما المجمل : كـ : القرء ، وسائر الاسماء المشتركة بالاشتراك اللفظيّ ، او المعنويّ ؛ فانّها عند الاطلاق غير ظاهرة في معنى معيّن.

__________________

(١) م ١ ، م ٢ : + و.

(٢) م ٢ : ـ المرتضى.

(٣) م ١ ، م ٢ : الاوّل ؛ لا الثاني.

(٤) الذريعة الى اصول الشريعة ١ / ٣٧٩.

(٥) شرح مختصر المنتهى ٢ / ٢٩٤.

(٦) المستصفى ١ / ٣٦٨ ، المحصول ١ / ٤٧٨ ، الاحكام في اصول الاحكام ٣ / ٣٦ ، الفصول في الاصول ١ / ٢٥٩ ، منتهى الوصول والامل / ١٤١.

٣٨٦

المطلب الخامس :

في الظاهر والمأوّل.

الظاهر : ما دلالته مظنونة ، لرجحانها.

والمأوّل : المحصول على المرجوح لمقتض.

والتأويل ، منه قريب ؛ ك : حمل آية : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ)(١) على بيان المصرف (٢).

وبعيد ؛ ك : تأويل (فَإِطْعامُ سِتِّينَ)(٣) ، باطعام طعامهم (٤) ؛ وامساك الاربع بابتداء النكاح ، او الاول.

وابعد ؛ ك : تأويل خبر «فيروز» (٥) بذلك ؛ وتأويل المسح في آية الوضوء ،

__________________

(١) التوبة / ٦٠.

(٢) فواتح الرحموت ٢ / ٣٠.

(٣) المجادلة / ٤.

(٤) فواتح الرحموت ٢ / ٢٤.

(٥) مسند احمد ٤ / ٢٣٢ ، الجامع الصحيح ٣ / ٤٣٦ ب ٣٤ ح ١١٢٩ ، ١١٣٠ ، سنن ابن ماجة ١ / ٦٢٧ ب ٣٩ ح ١٩٥٠ ، ١٩٥١ ، سنن ابي داود ٢ / ٢٧٣ ح ٢٢٤٣.

٣٨٧

بالغسل. قد بسطنا الكلام عليه (١) في «مشرق الشمسين» (٢).

______________________________________________________

كـ : تأويل «اطعام ستّين» : [عند] الحنفيّة (٣).

وامساك الاربع بابتداء النكاح او الاول : اي : الاربع الاوّل. في قصّة «عيلان» : وقد اسلم على عشر نسوة ؛ فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «امسك اربعاء ، وفارق سائرهنّ!» (٤).

الحنفيّة (٥) : اولو الامساك بتجديد العقد ، ان يزوّجهنّ دفعة ؛ وبابقاء الاربع ، ان ترتّبن.

خبر «فيروز» : «الديلميّ». قد اسلم على اختين ؛ فقال له صلى‌الله‌عليه‌وآله : «امسك ايّتهما شئت ، وفارق الاخرى!» (٦). ووجه الابعديّة ، الردّ الى مشيّته (٧).

وتأويل المسح في آية الوضوء ، بالغسل : كما فعله صاحب «الكشّاف» (٨) حيث جعل المسح الوارد في الآية الكريمة.

__________________

(١) و : فيه.

(٢) رسائل الشيخ بهاء الدين العامليّ / ٢٩٢ ـ ٢٨٧.

(٣) فواتح الرحموت ٢ / ٢٤.

(٤) سنن ابن ماجة ١ / ٦٢٨ ب ٤٠ ح ١٩٥٢ ، الموطّأ ٢ / ٥٨٦ ب ٢٩ ح ٧٦ ، الجامع الصحيح ٣ / ٤٣٥ ب ٣٣ ح ١١٢٨ ، مسند احمد ٢ / ٤٤.

(٥) المبسوط ٥ / ٥٣.

(٦) مسند احمد ٤ / ٢٣٢ ، الجامع الصحيح ٣ / ٤٣٦ ب ٣٤ ح ١١٢٩ ، ١١٣٠ ، سنن ابن ماجة ١ / ٦٢٧ ب ٣٩ ح ١٩٥١ ، سنن ابي داود ٢ / ٢٧٢ ح ٢٢٤٣.

(٧) د ، و : المشيّة.

(٨) الكشّاف ١ / ٦١١ ـ ٦١٠.

٣٨٨

المطلب السادس :

في المنطوق والمفهوم.

المنطوق : ما دلّ عليه اللفظ في محلّ النطق.

وصريحه : مطابقيّ ، وتضمّنيّ ؛ وغيره ، التزاميّ.

فان قصد وتوقّف عليه صدق ، او صحّة ـ عقلا ، او شرعا ـ فدلالة اقتضاء ؛ وبدونه مع اقترانه بما لو لا التعليل ، لبعد ، تنبيه وايماء ؛ والّا فدلالة اشارة.

والمفهوم : ما دلّ لا في محلّه.

فان كان مفهوم موافقه ، ففحوى الخطاب ولحن الخطاب ؛ او مخالفه ، فدليل الخطاب ؛ وهو : مفهوم الشرط ، والصفة ، والغاية ، واللقب ، والحصر.

______________________________________________________

في محلّ النطق : الظرف حال من الموصول. يعبّر عن المذكور ، ب : محلّ النطق ؛ وعن المسكوت عنه ، ب : غير محلّ النطق.

وصريحه : اي : صريح (١) المنطوق.

__________________

(١) ل : ـ صريح.

٣٨٩

وغيره ، التزاميّ : وهو المنقسم الى الاقتضاء واخويه.

فان قصد : بالبناء للمفعول. والمستتر يعود الى «الالتزاميّ» ؛ اي : ان قصد المتكلم ، [الالتزاميّ].

وتوقّف عليه : اي : توقّف صدق الكلام على قصده ؛ والّا ، كان كاذبا.

صدق : اي صدق ذلك الخبر ؛ كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «رفع عن امّتي : الخطأ والنسيان» (١) ؛ اذ لو لم يقدر «المؤاخذة» ، لم يستقم.

عليه : اي : التزاميّ.

او صحّة ـ عقلا : توقّف الصحّة العقليّة ؛ [نحو] قوله ـ تعالى ـ : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(٢). [و] لو لا اضمار «الأهل» ، لم يستقم.

او شرعا : وتوقّف الصحّة الشرعيّة ؛ نحو : «اعتق عبدك عنّي على الف». ولو لا التقدير «ملكا ايّاه على الف» ، لم يستقم ؛ اذ لا عتق ، الّا في ملكه.

وبدونه : اي : بدون (٣) التوقّف.

مع اقترانه : اي (٤) : اقتران الملفوظ ، المقصود.

بما لو لا التعليل : اي : بوصف لو لم يكن ذلك الوصف لتعليل ذلك المقصود ، لكان اقترانه به بعيدا. مثاله ما قال الاعرابيّ : «هلكت واهلكت». فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما ذا

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٢ / ٢١٦ ح ٢٨٠١ ، كنز العمّال ٤ / ٤٣٥ ح ١١٢٨٩ ، سنن ابن ماجة ١ / ٦٥٩ ب ١٦ ح ٢٠٤٣ ، ٢٠٤٥ ، بحار الأنوار ٨٥ / ٢٦٥ ، وسائل الشيعة ٣ / ٢٧٠ ب ١٢ ح ٦ ، ١١ / ٢٩٥ ب ٥٦ ح ١ ، ٢ ، ٣.

(٢) يوسف / ٨٢.

(٣) ل : ـ اي : بدون.

(٤) ل : ـ اي.

٣٩٠

صغت؟» قال : «واقعت اهلي في نهار رمضان». فقال : «اعتق رقبة» (١). فانّ الهلاك بالوقاع الّذي لو لم يكن علّة لوجوب العتاق ، لكان اقترانه به بعيدا.

لبعد : اي : لكان صدوره عن الشارع بعيدا.

والّا ، فدلالة اشارة : اي : وان لم يقصد.

المفهوم : ما دلّ لا في محلّه : فانّ التأفيف محلّ النطق في قوله ـ تعالى ـ : (فَلا تَقُلْ لَهُما : أُفٍّ!)(٢). ويفهم منه حال الضرب ؛ وهو غير محلّ النطق.

واللقلب : اللقلب تعليق الحكم بالاسم ـ طلبا كان ، ام خبرا ـ مثل : «اكرم زيدا!» و «قام عمرو» ؛ فانّه يفهم منه : لا تكرم غير زيد ولم يقم غير عمرو.

الحصر : مثل : «انّما الاعمال بالنيّات» (٣).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٧ / ٢٩ ب ٨ ح ٢ ، ٣٠ ح ٥ ، صحيح البخاريّ ١ / ٣٣١ ، صحيح مسلم ٢ / ٤٨١ ب ١٤ ح ٨١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٥٣٤ ب ١٤ ح ١٦٧١ ، سنن ابي داود ٢ / ٣١٣ ح ٢٣٩٠ ، الموطّأ ١ / ٢٩٦ ب ٩ ح ٢٨ ، ٢٩٧ ح ٢٩.

(٢) الاسراء / ٢٣.

(٣) بحار الأنوار ٦٧ / ٢١٠ ح ٣٢ ، ٢١٢ ح ٣٨ ، ٤٠ ، ٢١١ ح ٣٥ ، ٢٤٩ ح ٢٤ ، ٨١ / ٣٨١ ح ٣٦ ، ٣٧١ ح ٢٣ ، وسائل الشيعة ١ / ٣٤ ب ٥ ح ٦ ، ٧ ، ١٠ ، ٤ / ٧١١ ب ١ ح ٢ ، ٣ ، ٧ / ٧ ب ٢ ح ١١ ، ١٢ ، صحيح البخاريّ ١ / ٦ ، ٣ / ٢٧٢ ، مسند احمد ١ / ٢٥ ، ٤٣ ، كنز العمّال ٣ / ٧٩٣ ح ٨٧٧٩.

٣٩١

فصل

[في مفهوم الشرط]

مفهوم الشرط حجّة عند الاكثر. وعليه «المحقّق» (١) ، و «العلّامة» (٢) ؛ خلافا ل : «المرتضى» (٣) وموافقيه (٤).

لنا : التبادر. وسؤال عن سبب القصر مع الأمن. وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) : «لازيدنّ على السبعين» (٦).

__________________

(١) معارج الاصول / ٦٨.

(٢) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ٥٢ / الف ، تهذيب الوصول الى علم الاصول / ٢٣.

(٣) الذريعة الى اصول الشريعة ١ / ٤٠٦.

(٤) غنية النزوع ٢ / ٣٣٩ ، الاحكام في اصول الاحكام ٣ / ٩٦ ، شرح تهذيب الوصول الى علم الاصول / الورقة ١٤٩ / الف.

(٥) م ٢ : + وسلم.

(٦) الجامع الصحيح ٥ / ٢٧٩ ب ١٠ ح ٣٠٩٧ ، صحيح البخاريّ ٣ / ١٣٧ ، مجمع البيان ٣ / ٥٥ ، الدرّ المنثور ٤ / ٢٥٤.

٣٩٢

قالوا : قد يكون للشرط بدل. وقال ـ تعالى ـ : (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً)(١).

قلنا : فهو احدهما. وانتفاء التحريم لامتناع المنهيّ عنه ؛ او الغرض ، المبالغة ؛ او الاجماع عارض الظاهر (٢).

______________________________________________________

مفهوم الشرط : ممّا يتفرّع على ذلك ، قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اذا بلغ الماء قلّتين ، لم يحمل خبثا» (٣). فعلى حجّيّة مفهوم الشرط ينجس القليل بالملاقاة ؛ ويندفع كلام «ابن ابي عقيل» (٤). (٥)

«لازيدنّ على السبعين» : هذا اشارة الى قوله ـ تعالى ـ : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ، فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ)(٦). فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لازيدنّ على السبعين» (٧).

لامتناع المنهيّ عنه : اي الكراهة.

__________________

(١) النور / ٣٣.

(٢) م ٢ : ايضا.

(٣) الجامع الصحيح ١ / ٩٧ ب ٥٠ ح ٦٧ ، سنن ابي داود ١ / ١٧ ح ٦٣ ، ٦٥ ، مستدرك الوسائل ١ / ١٩٨ ب ٩ ح ٧ ، ٨ ، عوالي اللئالي ١ / ٧٦ ح ١٥٥ ، وسائل الشيعة ١ / ١٢٣ ب ١٠ ح ٨.

(٤) حسن بن عليّ ـ او عيسى ـ بن ابي عقيل العمّانيّ الحذّاء ، من اعيان فقهاء الشيعة في القرن الثالث والرابع الهجريّ. من تصانيفه : المتمسّك بحبل آل الرسول.

(٥) الدروس الشرعيّة ١ / ١١٨ ، مختلف الشيعة ١ / ١٧٧ ـ ١٧٦.

(٦) الجامع الصحيح ٥ / ٢٧٩ ب ١٠ ح ٣٠٩٧ ، صحيح البخاريّ ٣ / ١٣٧ ، مجمع البيان ٣ / ٥٥ ، الدرّ المنثور ٤ / ٢٥٤.

(٧) التوبة / ٨٠.

٣٩٣

فصل

[في مفهوم الصفة]

مفهوم الصفة حجّة عند «الشيخ» (١) ، «والشهيد» في «الذكرى» (٢). ونفاه الاكثر ؛ ك : «المرتضى» (٣) ، و «المحقّق» (٤) ، و «العلّامة» (٥).

__________________

(١) في هذا الانتساب الى «الشيخ» نظر ؛ لانّه رحمه‌الله لم يذكر نظره. وليس له تصريح به ؛ وان يوهمه ظاهر كلامه. وكلامه قدس‌سره في «العدّة» هكذا : «هذه المسألة اوردناها على وجهها ؛ لانّها مستوفاة. وفيها بيان نصرة كلّ واحد من المذهبين ، وما يمكن الاعتماد عليه لكلّ فريق.

وفي هذه المسألة نظر». العدّة في اصول الفقه ٢ / ٤٨١.

(٢) ذكرى الشيعة في احكام الشريعة ١ / ٥٣.

(٣) الذريعة الى اصول الشريعة ١ / ٣٩٤ ـ ٣٩٢.

(٤) معارج الاصول / ٧٠.

(٥) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ٥٣ / الف ، تهذيب الوصول الى علم الاصول / ٢٣.

٣٩٤

للاوّل : لولاه ، للغى الوصف ؛ ك : «الانسان الابيض حيوان». وقول «ابي عبيدة» في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ليّ الواجد ، يحلّ عقوبته وعرضه» (١).

للثاني : انتفاء الثلاث.

والوصف قد يكون لاهتمام ، او للسؤال عن محلّه ، او سبق حكم غيره ، او خطوره نحوها.

ووجود ما لا يحتمل شيئا منها ، ممنوع. ولعلّ قوله ، عن اجتهاد.

______________________________________________________

مفهوم الصفة حجّة : فينبغي الحكم بانتفائها ؛ نحو : «في الغنم السائمة زكاة» (٢) ؛ فانّه يدلّ على انّه : لا زكاة في المعلوفة.

و «الشهيد» في «الذكرى» : قال «الشيخ الشهيد» في «الذكرى» ـ بعد ذكر مفهومي الوصف والشرط ـ : «وهما حجّتان عند بعض الاصحاب ؛ ولا بأس به ؛ خصوصا الشرطيّ ، والعدديّ» (٣).

لولاه ، للغى الوصف : اي : لكان لغوا.

«ليّ الواجد : اي : مطلّ الغنيّ ؛ اي : دفع الوقت.

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٠ / ١٤٦ ح ٤ ، وسائل الشيعة ١٣ / ٩٠ ب ٨ ح ٤ ، صحيح البخاريّ ٢ / ٥٨ ، مسند احمد ٤ / ٢٢٢ ، ٣٨٨ ، ٣٨٩ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٨١١ ب ١٨ ح ٢٤٢٧ ، سنن النسائيّ ٧ / ٣١٧ ـ ٣١٦ ، سنن ابي داود ٣ / ٣١٣ ح ٣٦٢٨.

(٢) مستدرك الوسائل ٧ / ٦٣ ب ٦ ح ١ ، عوالي اللئالي ١ / ٣٩٩ ح ٥٠ ، صحيح البخاريّ ١ / ٢٥٣ ، سنن النسائيّ ٥ / ٢٩.

(٣) ذكرى الشيعة في احكام الشريعة ١ / ٥٣.

٣٩٥

يحلّ عقوبته وعرضه» : وهذا يدلّ على : انّ ليّ غير الواجد ، لا يحلّ عقوبته وعرضه.

انتفاء الثلاثة : اي : الدلالات الثلاث. فانّ اثبات الزكاة في السائمة لا يدلّ على نفيها عن غير السائمة بشيء من الدلالات الثلاث. امّا المطابقة ، والتضمّن ، فلانّ نفيها في المعلوفة ليس على اثباتها للسائمة ، ولا جزئه ؛ وامّا الالتزام ، فلعدم اللزوم عقلا ؛ ولا عرفا.

والوصف قد يكون للاهتمام : ببيان حكم ذي الوصف.

او للسؤال عن محلّه : اي : محلّ الوصف ؛ فاجيب عنه.

او سبق حكم غيره : اي : غير محلّ الوصف.

او خطوره : اي : سبق خطور محلّ الوصف الى ذهن القائل على خطور غيره.

ونحوها : كأن يكون المخاطب غير مالك لسوى السائمة ؛ او يكون غرض القائل اعلامه حكم محلّ الوصف بالنصّ ، وحكم غيره بالفحص والبحث بمصلحة رآها.

ووجود ما لا يحتمل شيئا منها : جواب عمّا يقال : انّ القائل ينفي الحكم عن غير محلّ الوصف. انّما يقول هذا ، اذا لم يظهر للوصف فائدة سواء ؛ لا مطلقا.

ولعلّ قوله : اي : قول ابي عبيدة.

٣٩٦

فصل

[في مفهوم الغاية واللقب والحصر]

مفهوم الغاية حجّة عند الاكثر ؛ الّا «المرتضى» (١) وبعض العامّة (٢).

لنا : انّ المتبادر من نحو : «صوموا الى الليل» ، بيان آخر وجوبه.

قالوا ما مرّ في الصفة.

قلنا : الصوم المقيّد بكون آخره الليل ، يعدم فيه البتّة ؛ بخلافها.

ومفهوم اللقب ليس حجّة ؛ والمخالف نادر.

واختلف في : «انّما» ، ونحو : «العالم زيد». والاظهر حجّيّتهما.

__________________

(١) الذريعة الى اصول الشريعة ١ / ٤٠٧.

(٢) شرح مختصر المنتهى ٢ / ٣٢٠ ، الاحكام في اصول الاحكام ٣ / ١٠١ ، روضة الناظر ٢ / ١٣٠.

٣٩٧

المطلب السابع :

في النسخ.

وهو رفع الحكم الشرعيّ بدليل شرعيّ (١) متأخّر.

ووقوعه اجماعيّ. ونفاه «الاصفهانيّ» (٢) ؛ سيّما في القرآن (٣).

وآية القبلة (٤) ، والعدّة (٥) ، والصدقة (٦) ، والثبات (٧) ، تكذّبه. وقوله ـ تعالى ـ :

__________________

(١) م ١ ، م ٢ : فرعيّ.

(٢) ابو مسلم محمّد بن بحر الاصفهانيّ المعتزليّ. ولد سنة ٢٥٤ وتوفّي سنة ٣٢٢ من الهجرة.

كان نحويّا متكلّما مفسّرا. له مصنّفات ؛ منها تفسيره سمّاه ب : «جامع التأويل لمحكم التنزيل».

(٣) منتهى الوصول والامل / ١٥٤ ، شرح مختصر المنتهى ٢ / ٣٢٨ ، الاحكام في اصول الاحكام ٣ / ١٢٧ ، المحصول ١ / ٥٣٨.

(٤) البقرة / ١٥٠ ، ١٤٩ ، ١٤٤.

(٥) البقرة / ٢٤٠.

(٦) المجادلة / ١٢.

(٧) الرعد / ٣٩.

٣٩٨

(لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، وَلا مِنْ خَلْفِهِ)(١) ، لا يصدّقه (٢).

وما في التوراة ـ من امر «آدم» عليه‌السلام بتزويج بناته ببنيه (٣) ـ يكذّب اليهود. وما نقلوه عن «موسى» عليه‌السلام ، فرية ، او يراد طول الزمان ؛ كما تضمّنته التوراة في عتق العبد (٤). والمصلحة تختلف باختلاف الازمان.

وسائر شبههم ظاهرة الدفع.

______________________________________________________

نفاه : اي : نفى وقوعه ؛ وان جوّزه عقلا. وامّا اليهود ، فنفوا جوازه عقلا (٥).

«الاصفهانيّ» : واسمه (٦) : «ابو مسلم بن بحر» ؛ وليس هو «ابو مسلم المروزيّ» (٧) المشهور.

آية القبلة : مبتداء. وهي (٨) قوله ـ تعالى ـ : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(٩).

__________________

(١) فصّلت / ٤٢.

(٢) المحصول ١ / ٥٤١.

(٣) لم نعثر عليه في التوراة ؛ بل ، فيها زواج ابناء الله مع بنات آدم. (سفر التكوين ب ٦).

(٤) التوراة / سفر التثنية ب ١٥ ، سفر الخروج ب ٢١.

(٥) المحصول ١ / ٥٣٢ ، الاحكام في اصول الاحكام ٣ / ١٢٧.

(٦) م ١ : اسم الاصفهانيّ.

(٧) ابو مسلم عبد الرحمن بن مسلم المروزيّ الخراسانيّ ، مؤسّس الدولة العبّاسيّة. ولد سنة ١٠٠ وتوفّي سنة ١٣٧ من الهجرة.

(٨) ل : ـ وهي.

(٩) البقرة / ١٤٤ ، ١٤٩ ، ١٥٠.

٣٩٩

فانّه صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) كان مأمورا بالتوجّه الى «بيت المقدّس».

والعدّة : اي : عدّة الوفاة ؛ فانّها كانت حولا ؛ لقوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ)(٢) ؛ ثمّ ، نسخ بقوله ـ تعالى (٣) ـ : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً ، يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)(٤).

والصدقة : اي : قوله ـ تعالى (٥) ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا! إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ ، فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً)(٦).

تكذّبه : خبر مبتداء. اي : الآيات المذكورة ، تكذّب «الاصفهانيّ».

«لا يأتيه : الضمير يعود الى القرآن.

ولا من خلفه» : اذ (٧) ليس المراد ابطال حكمه ؛ بل ، المراد انّه ليس فيه ما لا يطابق الواقع ؛ لا في الماضي ، ولا في المستقبل ، ولا في الحال ؛ كما روي عن ائمّة اهل البيت عليهم‌السلام (٨).

لا يصدّقه : اي : «الاصفهانيّ».

__________________

(١) ل ، م ١ : ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢) البقرة / ٢٤٠.

(٣) د : سبحانه.

(٤) البقرة / ٢٣٤.

(٥) ل : ـ اي : قوله ـ تعالى ـ.

(٦) المجادلة / ١٢.

(٧) د : و.

(٨) مجمع البيان ٥ / ١٥.

٤٠٠