الشيخ بهاء الدين محمّد بن حسين العاملي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار البشير
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-8373-07-8
الصفحات: ٤٨٦
يكذّب اليهود : لانّهم قائلون بتحريمه. و (١) المراد بهم ، سوى العيسويّة.
وما نقلوه عن «موسى» عليهالسلام : من انّه قال : «تمسّكوا بالسبت ابدا» (٢). وقال ـ ايضا ـ : «هذه الشريعة مؤبّدة ما دامت السماوات والارض» (٣).
فرية : اي : كذب منهم عليه (٤).
كما تضمّنته التوراة في عتق العبد : قد ورد في التوراة : «يستخدم العبد ستّ سنين ؛ ثمّ ، يعرض عليه العتق ؛ فان اباه ، فليثقب أذنه ويستخدم ابدا» (٥). وورد فيها في موضع آخر : «يستخدم العبد خمس سنين ؛ ثمّ ، يعتق» (٦). فعلم انّ التأييد في الكلام الاوّل ، بمعنى : طول الزمان.
والمصلحة تختلف باختلاف الازمان : جواب عن قولهم : نسخ الحكم امّا لحكمة (٧) لم تكن ظاهرة ، او لا ؛ وكلاهما باطل. وقولهم : ان كان الفعل حسنا ، قبح النهي ؛ او قبيحا ، قبح الامر.
__________________
(١) د : ـ و.
(٢) التوراة / سفر الخروج ب ٢١ ، ٣١ ، سفر التثنية ب ٥ ، سفر اللاويّين ب ٢٤.
(٣) لم نعثر عليه في التوراة ؛ ولكن نقل في بعض الكتب الاصوليّة ك : اصول السرخسيّ ٢ / ٥٥.
(٤) م ١ : + عليهالسلام.
(٥) التوراة / سفر التثنية ب ١٥ ، سفر الخروج ب ٢١.
(٦) لم نعثر عليه في التوراة.
(٧) د : بحكمة.
فصل
[في نسخ الشيء قبل حضور وقته]
هل يجوز نسخ الشيء قبل حضور وقته؟
«المرتضى» (١) ، و «الشيخ» (٢) ، و «العلّامة» (٣) ، والمعتزلة (٤) : لا. و «المفيد» (٥) رحمهالله ، و «الحاجبيّ» (٦) ، واكثر الاشاعرة (٧) : نعم.
__________________
(١) الذريعة الى اصول الشريعة ١ / ٤٣١.
(٢) العدّة في اصول الفقه ٢ / ٥١٩.
(٣) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ١٣٨ / ب ، تهذيب الوصول الى علم الاصول / ٥٩.
(٤) المعتمد ١ / ٣٧٦.
(٥) العدّة في اصول الفقه ٢ / ٥١٩.
(٦) منتهى الوصول والامل / ١٥٦.
(٧) منتهى الوصول والامل / ١٥٦ ، شرح مختصر المنتهى ٢ / ٣٣١ ، الاحكام في اصول الاحكام ٣ / ١٣٨ ، المحرّر في اصول الفقه ٢ / ٥٠ ، المحصول ١ / ٥٤١ المستصفى ١ / ١١٢ ، روضة الناظر ١ / ٢٣٥ ، فواتح الرحموت ٢ / ٦١.
للاوّل (١) : لزوم البداء. وتعلّق الامر بمتعلّق النهي ؛ وان (٢) حسن ، قبح النهي ؛ او قبح ، قبح الامر.
وللثاني (٣) : قوله ـ تعالى ـ : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ ، وَيُثْبِتُ)(٤). وعود الخميس الى الخمس (٥). ونسخ تقديم الصدقة (٦). وذبح (٧) «اسماعيل» عليهالسلام (٨). ومساواة الرفع بالموت. وكلّ نسخ كذلك.
والحقّ : انّ المعترض على كلّ من الفريقين ، مستظهر.
______________________________________________________
و «المفيد» : نقله «الشيخ» في «العدّة» (٩).
عود الخميس الى الخمس : هذا ورد في قصّة ليلة معراج النبي صلىاللهعليهوآله (١٠).
__________________
(١) المعتمد ١ / ٣٧٦ ، الذريعة الى اصول الشريعة ١ / ٤٣١ ، العدّة في اصول الفقه ٢ / ٥١٩.
(٢) د ، م ٢ : فان.
(٣) المحرّر في اصول الفقه ٢ / ٥١ ـ ٥٠ ، الاحكام في اصول الاحكام ٣ / ١٤٢ ـ ١٣٨ ، المحصول ١ / ٥٤١ ، روضة الناظر ١ / ٢٣٥ ، فواتح الرحموت ٢ / ٦٤ ـ ٦٣.
(٤) الرعد / ٣٩.
(٥) الجامع الصحيح ١ / ٤١٧ ب ١٥٩ ح ٢١٣ ، صحيح البخاريّ ١ / ٧٤ ـ ٧٣ ، سنن النسائيّ ١ / ٢٢٤ ـ ٢٢٠ ، وسائل الشيعة ٣ / ١٠ ب ٢ ح ١٠ ، ١١ ح ١١ ، ١٢ ، مستدرك الوسائل ٣ / ١٢ ح ٣ ، ١٣ ح ٤ ، ١٤ ح ٥.
(٦) المجادلة / ١٢ ، مجمع البيان ٥ / ٢٥٣ ، تفسير البيضاويّ ٤ / ٢٥٦ ، الدرّ المنثور ٨ / ٨٤.
(٧) الصافّات / ١٠٧ ـ ١٠٢.
(٨) د ، و ، م ١ ، م ٢ : عليهالسلام.
(٩) العدّة في اصول الفقه ٢ / ٥١٩.
(١٠) الجامع الصحيح ١ / ٤١٧ ب ١٥٩ ح ٢١٣ ، صحيح البخاريّ ١ / ٧٤ ـ ٧٣ ، سنن النسائيّ
فصل
[في نسخ الكتاب والسنّة والاجماع]
ينسخ الكتاب ، والسنّة ـ متواترة (١) وآحادا ـ بالمثل. والكتاب بالمتواترة. وهي به ؛ لا احدهما بآحادها.
والاجماع لا ينسخ ولا ينسخ ؛ الّا ، ان يحقّق قبل انقطاع الوحي.
وقد تنسخ التلاوة ؛ لا الحكم ؛ ولا بالعكس ، وهما معا.
ويجوز بالاثقل (٢) ـ ك : «عاشورا» ب : «رمضان» (٣) ـ وبلا بدل ـ ك : آية الصدقة (٤) ـ ومع قيد التأبيد ؛ ولا تناقض ؛ كالتخصيص.
وليس للمخالفين ما يعتدّ به.
__________________
ـ ١ / ٢٢٤ ـ ٢٢٠ ، وسائل الشيعة ٣ / ١٠ ب ٢ ح ١٠ ، ١١ ح ١١ ، ١٢ ، مستدرك الوسائل ٣ / ١٢ ح ٣ ، ١٣ ح ٤ ، ١٤ ح ٥.
(١) م ١ ، م ٢ : متواترا.
(٢) د ، و ، م ١ ، م ٢ : بالاشقّ.
(٣) وسائل الشيعة ٧ / ٣٣٩ ب ٢١ ح ١ ، سنن ابي داود ٢ / ٣٢٦ ح ٢٤٤٢ ، الموطّأ ١ / ٢٩٩ ب ١١ ح ٣٣ ، صحيح البخاريّ ١ / ٣٤١ ، الجامع الصحيح ٣ / ١٢٧ ب ٤٩ ح ٧٥٣ ، صحيح مسلم ٢ / ٤٩٢ ب ١٩ ح ١١٣ ، ٤٩٣ ح ١١٥ ، ١١٦ ، ١١٧ ، ٤٩٥ ح ١٢٥.
(٤) المجادلة / ١٢.
المنهج الرابع
في
الاجتهاد والتقليد
المنهج الرابع :
في الاجتهاد والتقليد
الاجتهاد : ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعيّ الفرعيّ من الاصل فعلا ، او قوّة قريبة.
«العلّامة» في «النهاية» (١) : «استفراغ الوسع في طلب الظنّ بشيء (٢) من الاحكام الشرعيّة ، بحيث ينفي اللوم عنه بسبب التقصير».
«الحاجبيّ» (٣) : «استفراغ الفقيه ، الوسع في تحصيل (٤) الظنّ بحكم شرعيّ». ووافقه «العلّامة» في «التهذيب» (٥). ويراد بالفقيه ، من مارس الفنّ ؛ اذ الاجنبيّ بعيد عن الاستنباط.
وينتقضان طردا بالمستفرغ العاجز عن الاستنباط.
__________________
(١) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ٢٦٤ / الف.
(٢) في المصدر : لشيء.
(٣) منتهى الوصول والامل / ٢٠٩.
(٤) في المصدر : لتحصيل.
(٥) تهذيب الوصول الى علم الاصول / ١٠٠.
والتجزّي جائز ؛ لرواية «ابي خديجة» (١) عن «الصادق» عليهالسلام (٢) ، ولفرض المساواة في الاطّلاع على دلائل الحكم ؛ فلا فرق (٣).
والنقض عن المطلق غير قادح ؛ كالعالم والاعلم. وتوهّم الدور باطل. و (٤) الاجتهاد المختلف في تجزّيه ، هو : الاجتهاد في الفروع.
______________________________________________________
ويراد بالفقيه ، من مارس الفنّ : كما قاله بعض شرّاح المنهاج (٥).
اذ الاجنبيّ بعيد عن الاستنباط : فالمنطقيّ المحض في غاية البعد عن استنباط الحكم الشرعيّ ؛ كما انّه في غاية البعد عن استنباط مسألة نحويّة ، او طبّيّة ؛ مثلا.
والتجزّي جائز ؛ لرواية «ابي خديجة» : اوردها شيخنا «الشهيد» في اوائل «الذكرى» (٦).
والنقض عن المطلق غير قادح ؛ كالعالم والاعلم : اي : (٧) كما لا يقدح في اجتهاد العالم ، نقضه ، عن الاعلم.
انّ كلّا منهما مجتهد ؛ فانّ الاجتهاد له مراتب. فانّ المجتهد العالم لا يجب عليه العمل بقول من هو اعلم منه ؛ بل ، يعمل بقول نفسه.
وتوهّم الدور : تقرير الدور : انّ صحّة اجتهاد المتجزّي في مسألة استحباب
__________________
(١) ابو خديجة سالم بن مكرم ، يروي عن ابي عبد الله عليهالسلام.
(٢) وسائل الشيعة ١٨ / ٤ ب ١ ح ٥.
(٣) و : بلا فرق.
(٤) و ، م ١ ، م ٢ : اذ.
(٥) الابهاج ١ / ٨.
(٦) ذكرى الشيعة في احكام الشريعة ١ / ٤٣.
(٧) م ١ : ـ اي.
السورة ـ مثلا ـ موقوفة على صحّة اجتهاده في مسألة تجزّي الاجتهاد ، وصحّة اجتهاده في هذه المسألة موقوفة على صحّة اجتهاده في تجزّي الاجتهاد ؛ فتجزّي الاجتهاد باطل ؛ فتأمّل!
باطل : هذا تعريض ببعض المعاصرين (١) حيث ظنّ انّ التجزّي في هذه المسألة موقوف على صحّة القول بجواز التجزّي.
__________________
(١) وهو صاحب المعالم رحمهالله ؛ معالم الدين / ٢٣٩.
فصل
[في اجتهاد النبي]
احكام النبي صلىاللهعليهوآله ليست عن اجتهاد ؛ باجماعنا. ولقوله ـ تعالى (١) ـ : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ؛ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)(٢) ـ والوحي اليه ان يجتهد ، لا يجعل ما ينطق به وحيا ؛ كاجتهادنا بقوله ـ تعالى ـ : (فَاعْتَبِرُوا!)(٣) ـ ولعلمه صلىاللهعليهوآله بعصمته عن الخطأ ؛ فاحكامه قطعيّة ؛ لا اجتهادية. وهذا يعمّ سائر المعصومين ؛ سلام الله عليهم.
وآية العفو (٤) ، تلطّف ؛ ك : «رحمك الله». وآية المشاورة (٥) ، في غير المسائل الدينيّة ، والّا ، كان مقلّدا لهم. ونمنع (٦) كون الإذن حكما شرعيّا. والتخيير ـ اوّلا ـ في سوق الهدى ؛ ثمّ ، إيحاء فضل التمتّع ، ممكن. وكذا سرعة الوحي ، باستناد
__________________
(١) ل ، و ، د : ـ لقوله ؛ تعالى.
(٢) النجم / ٤ ـ ٣.
(٣) الحشر / ٢.
(٤) التوبة / ٤٣.
(٥) آل عمران / ١٥٩.
(٦) م ٢ : يمنع.
«الإذخر» (١). وليس ابعد من سرعة الاجتهاد. وسبق سماع «العبّاس» (٢) استثنائه منه صلىاللهعليهوآله محتمل. وربّ فضيلة تترك لما فوقها ، او لغرض ؛ كحسم قولهم : «لو كان وحي ، لما اجتهد» ؛ كما حسم بالاميّة ، طعنهم بالنقل من الكتب.
______________________________________________________
كاجتهادنا : اي : كاستناد اجتهادنا الى قوله ـ تعالى ـ : (فَاعْتَبِرُوا!)(٣) ؛ كما قالوه (٤).
بقوله ـ تعالى ـ : (فَاعْتَبِرُوا!) : فانّه لا يجعل اجتهادنا وحيا.
ولعلمه صلىاللهعليهوآله بعصمته عن الخطاء ؛ فاحكامه قطعيّة : فكما انّه صلىاللهعليهوآله اذا اخبرنا بحكم من احكام الشرع ، نكون قاطعين بانّه حكم الله ـ تعالى ـ لعلمنا بعصمته ، فهو ـ ايضا ـ قاطع في كلّ احكامه ؛ لعلمه بانّه معصوم.
وآية العفو : اي : آية : (عَفَا اللهُ عَنْكَ! لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ؟)(٥).
كحسم : اي : قطع المادّة.
__________________
(١ ، ٢). صحيح مسلم ٣ / ١٦٠ ب ٨٢ ح ٤٤٥ ، صحيح البخاريّ ١ / ٣١٥ ، ٣ / ٦٥ ، سنن ابي داود ٢ / ٢١٢ ح ٢٠١٧ ، سنن النسائيّ ٥ / ٢٠٤ ـ ٢٠٣ ، بحار الأنوار ٢١ / ١٣٥ ح ٢٦ ، وسائل الشيعة ٩ / ١٧٥ ب ٨٨ ح ١ ، ١٧٦ ح ٤.
(١ ، ٢). صحيح مسلم ٣ / ١٦٠ ب ٨٢ ح ٤٤٥ ، صحيح البخاريّ ١ / ٣١٥ ، ٣ / ٦٥ ، سنن ابي داود ٢ / ٢١٢ ح ٢٠١٧ ، سنن النسائيّ ٥ / ٢٠٤ ـ ٢٠٣ ، بحار الأنوار ٢١ / ١٣٥ ح ٢٦ ، وسائل الشيعة ٩ / ١٧٥ ب ٨٨ ح ١ ، ١٧٦ ح ٤.
(٣) الحشر / ٢.
(٤) المحصول ٢ / ٤٩٠ ، الاحكام في اصول الاحكام ٤ / ١٧٢.
(٥) التوبة / ٤٣.
فصل
[في التصويب والتخطئة]
المشهور عدم التصويب ؛ لشيوع تخطئة السلف بعضهم بعضا ؛ بلا نكير. ولما روي : «انّ للمصيب اجرين ، وللمخطي واحد» (١). وللزوم اجتماع النقيضين.
وليس مشركا (٢) ؛ لاختلاف المتعلّق. ولاستلزام اعتقاد كلّ منهما ، رجحان امارته ، تخطئة احدهما فيه.
وللبحث في الكلّ مجال.
ويلزم معتزلة ، المخطّئة ـ عند تغيّر الرأي ـ سبق امر المقلّد والمقلّد (٣) باتّباع الخطاء ؛ وهو قبيح عقلا ؛ وفيه تأمّل (٤).
__________________
(١) الجامع الصحيح ٣ / ٦١٥ ب ٢ ح ١٣٢٦ ، صحيح مسلم ٣ / ٥٥٢. ب ٦ ح ١٥ ، مسند احمد ٤ / ١٩٨ ، ٢٠٤ ، جامع بيان العلم وفضله ٢ / ٧٢.
(٢) و ، م ٢ : مشتركا.
(٣) د ، م ١ ، م ٢ : المقلّد والمقلّد.
(٤) و ، م ٢ : ـ وفيه تأمّل.
المشهور عدم التصويب : ممّا يتفرّع على هذا الاصل ، الخلاف في جواز اقتداء من يعتقد وجوب السورة ـ مثلا ـ بمن يعتقد استحبابها ؛ وجواز امضاء المجتهد حكم آخر ، مع مخالفته بمعتقده (١).
وفيه تأمّل : وجه التأمّل : انّ في مثل هذا لازم على المصوّبة ـ ايضا ـ فيما اذا ظهر كذب الشاهدين ؛ فانّ الحكم ، رجوع عن حكمه ؛ مع انّه كان مأمورا به ؛ فتأمّل!
__________________
(١) د : لمعتقده.
فصل
[في تحصيل ما يتوقّف عليه الاجتهاد]
لا بدّ لمن يجتهد في مسألة ، من تحصيل ما يتوقّف عليه الاجتهاد فيها من : علوم العربيّة ، والمنطق ، والاصول ، والتفسير ، والحديث ، والرجال ، وظنّ عدم الاجماع على خلافها.
ولا بدّ ـ مع ذلك ـ من انس بلسان الفقهاء ، وقوّة على ردّ الفرع الى الاصل ؛ وهي العمدة في هذا الباب.
ولا يجب تكرّر النظر (١) بتكرّر (٢) القضية ؛ بل ، يستصحب الحكم. والتفصيل ـ بمضيّ زمان زادت فيه القوّة بكثرة الممارسة والاطّلاع ـ غير بعيد.
واجتهاد الفاسق ، نافع له ؛ لا لغيره.
والمتجزّي يقلّد فيما لم يتجزّأ فيه ؛ اذا ضاق وقته.
وتقليد الافضل متعيّن عندنا ؛ وهم مختلفون. ويتخيّر مع التساوي ؛ كالمجتهد (٣)
__________________
(١) م ٢ : ـ تكرّر النظر.
(٢) م ١ : بتكرار.
(٣) م ٢ : ـ ويتخيّر مع التساوي كالمجتهد.
مع التعارض والتكافؤ.
______________________________________________________
علوم العربيّة : يدخل فيها : اللغة ، والعرف ، والنحو ، والمعاني ، والبيان. امّا البديع ، فالظاهر انّه لا دخل له في الاجتهاد.
من انس بلسان الفقهاء : وربّما قيل : انّ هذا هو الباعث على ادراج الفقيه في تعريف الاجتهاد ؛ كما فعله «ابن حاجب» (١) وغيره (٢).
بل يستصحب الحكم : قال «المحقّق» (٣) ـ قدّس الله روحه (٤) ـ : «اذا افتى المجتهد [عن نظر] في واقعة ، ثمّ ، وقعت بعينها في وقت آخر ، فان كان ذاكرا لدليلها ، جاز له الفتوى ؛ وان نسيه ، افتقر الى استئناف النظر» ؛ هذا كلامه رحمهالله ؛ ولا ريب انّه أحوط.
وتقليد الافضل متعيّن عندنا : لانّ الظنّ في جانبه اقوى ؛ واتّباع اقوى الظنّين واجب عقلا (٥).
ويتخيّر مع التساوي : او هو يتوقّف ؛ ذكره «الشهيد» في «قواعده» (٦). قال : «وقيل : بل ، الدليلان (٧) يتساقطان ؛ ويرجع الى البراءة الاصليّة».
كالمجتهد : كما انّ المجتهد يتخيّر بالافتاء بايّ الحكمين شاء ؛ اذا تنافيا
__________________
(١) منتهى الوصول والامل / ٢٠٩.
(٢) تهذيب الوصول الى علم الاصول / ١٠٠ ، شرح مختصر المنتهى ٢ / ٤٦٠ ، فواتح الرحموت ٢ / ٣٦٢.
(٣) معارج الاصول / ٢٠٢.
(٤) م ١ : رحمة الله عليه.
(٥) م ١ : ـ عقلا.
(٦) تمهيد القواعد / ٢٨١.
(٧) المصدر : ـ بل ، الدليلان.
وتعارضا دليلاهما ، بحيث لا يمكن الترجيح.
هذا ؛ وظنّي : انّه ينبغي في هذه الصورة ، التوقّف ؛ ان امكن ؛ لانّه غير ظانّ بحكم الله ؛ فإفتاؤه بغير علم شرعيّ. امّا لا بدّ من العمل باحد الامرين ؛ كما لو دلّ احد الدليلين على الوجوب ـ مثلا ـ والآخر على الحرمة ، ولا يمكن خلوّ المكلّف عن الفعل ، او الترك ؛ فيكون مخيّرا.
مع التعارض : يعني : اذا تعارض أمارة الثبوت وأمارة النفي ، يخيّر المجتهد بالعمل بايّهما شاء.
فصل
[في التقليد في اصول الدين]
هل يكفي التقليد في الاصول ، ام يجب ، ام يحرم؟
للاوّل ، والثالث : لزوم الدور ؛ ان وجب. واكتفائه صلىاللهعليهوآله (١) من الكفّار بكلمتي الشهادة ؛ بلا تكليف استدلال (٢). وقوله (٣) : «عليكم بدين العجائز» (٤). ونهيه الصحابة عن الكلام في مسألة القدر (٥). وعدم نقل الاستدلال عن احد منهم (٦). وعدم امر
__________________
(١) م ١ : ـ صلىاللهعليهوآله.
(٢) صحيح البخاريّ ١ / ٢٤٣ ، صحيح مسلم ١ / ٨٢ ـ ٨٠ ب ٨ ح ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٧ ، سنن ابي داود ٢ / ٩٣ ح ١٥٥٦ ، ٣ / ٤٤ ح ٢٦٤٠ ، ٢٦٤١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٥٦٨ ب ١ ح ١٧٨٣ ، سنن النسائيّ ٥ / ٣ ـ ٢.
(٣) م ٢ : + صلىاللهعليهوآله.
(٤) بحار الأنوار ٦٦ / ١٣٦ ـ ١٣٥.
(٥) بحار الأنوار ٦٦ / ١٣٦ ـ ١٣٥ ، الجامع الصحيح ٤ / ٤٤٣ ب ١ ح ٢١٣٣.
(٦) م ٢ : ـ وعدم نقل الاستدلال عن احد منهم.
احدهم ، احدا به. وانّ الاصول اغمض ادلّة من (١) الفروع ، فهي اولى بالتقليد. وانّ الشبهات كثيرة ، والنظر مظنّة الوقوع في الضلالة ، والتقليد اسلم. وانّ قول من يوثق به (٢) ـ ك : النبي (٣) والامام (٤) ، بل ، العدل العارف ـ اوقع في النفس ممّا تفيده هذه الدلائل المدوّنة. وانّ قوله ـ تعالى ـ : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ! إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٥) مطلق ؛ غير مقيّد بالفروع.
للثاني : ذمّ التقليد في الكتاب المجيد (٦) ؛ خرجت الفروع بالاجماع ، فبقيت الاصول. وايجاب النظر على النبي صلىاللهعليهوآله بقوله ـ تعالى ـ : (فَاعْلَمْ! أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ)(٧) ؛ فالامّة اولى ، او للتأسّي. والاجماع على وجوب العلم باصول الدين ، والتقليد لا يحصله ؛ لجواز الكذب ، واجتماع النقيضين.
والخروج عن التقليد ، ووجوب النظر ـ عندنا ـ عقليّ.
والاكتفاء بالشهادتين ، اعتمادا على ما تشهد به عقولهم. و «دين العجائز» من كلام «سفيان (٨)» (٩). والنهي للصحابة عن الجدال ، وعدم النقل ، والالزام ، لوضوح
__________________
(١) م ١ : عن.
(٢) م ١ : ـ به.
(٣) م ٢ : + صلّى الله عليه.
(٤) م ٢ : + عليهالسلام.
(٥) النحل / ٤٣.
(٦) ومن آياته : الزخرف / ٢٣ ـ ٢٢.
(٧) محمّد / ١٩.
(٨) ابو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريّ. ولد سنة ٩٧ وتوفّي سنة ١٦٢ من الهجرة. له : الجامع الكبير ، الجامع الصغير ، الفرائض.
(٩) بحار الأنوار ٦٦ / ١٣٦.
الامر عندهم ؛ مع قلّة الشبه. واغمضيّة ما تطمئنّ به النفس ممنوعة ؛ بل ، انّما هي فيما تردّ به الشبه. والمظنّة تجري في المقلّد ؛ فيتسلسل ؛ او ينتهي الى ناظر. ويلزم المحذور مع زيادة احتمال كذبه. والرجوع الى المعصوم ، ليس تقليدا. والاوقعيّة في غيره ، ممنوعة. والسؤال ، عن بشريّة الأنبياء السابقين.
هذه (١) خلاصة ادلّة الطرفين. وللبحث في اكثرها مجال. والى اشتراط القطع يرجع الكلام. واثباته مشكل. وبالله الاعتصام.
______________________________________________________
هل يكفي التقليد في الاصول : فلا يجب النظر وجوبا عينيّا ؛ بل ، وجوبا تخييريّا ؛ ولعلّه افضل الوجوبين.
ام يحرم؟ : لا يخفى : انّ البحث في هذه المسألة يؤوّل عند التحقيق الى : انّ الاصول ، هل يجب فيها القطع ، ام يكفي الظنّ؟
وهذه المسألة من المشكلات. فان اوجبنا القطع ، منعنا التقليد ؛ لعدم حصوله به.
وان اكتفينا بالظنّ ، فلا ريب في حصوله بتقليد من يوثق به. والى هذا اشرنا في هذا الفصل بقولنا (٢) : «والى اشتراط القطع يرجع الكلام».
لزوم الدور : لانّ العلم بايجاب الله ـ تعالى ـ النظر ، موقوف على العلم بوجود الله ـ تعالى ـ والعلم بوجوده ـ تعالى ـ موقوف على النظر ؛ والنظر موقوف على العلم بايجاب الله ـ تعالى ـ النظر.
والجواب : منع المقدّمة الاخيرة.
واكتفائه صلىاللهعليهوآله من الكفّار بكلمتي الشهادة ؛ بلا تكليف استدلال : هذا مبنيّ على انّ وجوب النظر ، بالسمع ؛ لا بالعقل. وتقريره : انّ وجوبه علينا موقوف على
__________________
(١) ل : هذا.
(٢) ل : ـ بقولنا.
وجوب اتّباعنا ، السمع ، ووجوب اتّباعه موقوف على وجوب النظر ؛ فتأمّل!
ولا يخفى : جريانه في وجوب التقليد ؛ فتدبّر!
خرجت الفرع بالاجماع : الحكم بالاجماع نظرا الى عدم الاعتداد بخلاف معلوم النسب ؛ والّا ، فالحلبيّون من اصحابنا ، على عدم جواز التقليد مطلقا ؛ سواء الاصول والفروع (١).
فالامّة اولى ، او للتأسّي : يعنى : ان منعت الاولويّة ، فالتأسّي به صلىاللهعليهوآله واجب على الامّة.
من كلام «سفيان» : اي : ليس حديثا.
__________________
(١) غنية النزوع ٢ / ٤١٤ ، ذكرى الشيعة في احكام الشريعة ١ / ٤١.