زبدة الأصول مع حواشي المصنّف عليه

الشيخ بهاء الدين محمّد بن حسين العاملي

زبدة الأصول مع حواشي المصنّف عليه

المؤلف:

الشيخ بهاء الدين محمّد بن حسين العاملي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار البشير
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-8373-07-8
الصفحات: ٤٨٦

فصل

[في شرط العمل بخبر الواحد]

يشترط للعمل بخبر الآحاد : بلوغهم ، وعقلهم ، وعدالتهم ، وضبطهم ، وايمانهم.

واكتفى «الشيخ» (١) عن الايمان ، بالعدالة ؛ محتجّا بعمل الطائفة بخبر «ابن بكير» (٢) ، و «سماعة» (٣) ، و «بني فضّال» واضرابهم.

وليس في آية «التثبّت (٤)» حجّة عليه ؛ لمنع صدق الفاسق على المخطئ

__________________

(١) العدّة في اصول الفقه ١ / ١٣٤ ، ١٥٢.

(٢) عبد الله بن بكير بن اعين الشيبانيّ. من الفقهاء الاجلّاء ؛ ومن اصحاب الصادقين عليهما‌السلام. عدّة الشيخ الطوسيّ في الفهرست فطحيّا ، لكنّ الجميع متّفقون على صدقه ، ووثاقته ، وجلالة قدره ، وكون حديثه بحكم الصحيح.

(٣) سماعة بن مهران بن عبد الرحمن الحضرميّ. روي عن الامامين : الصادق والرضا عليهما‌السلام. كان واقفيّا. وقد وثّقه الجميع وصدقوا رواياته. مات بالمدينة.

(٤) الحجرات / ٦ : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا).

٢٠١

في بعض الاصول بعد بذل مجهوده ، ونصّ الاصحاب على توثيقه (١) ؛ والّا (٢) ، لارتفع الوثوق بعدالة اكثر الموثّقين من اصحابنا.

وامّا ما ينقل عن بعض المحقّقين (٣) : من تفسيق «ابان بن عثمان» (٤) ، مع توثيق الاصحاب له ـ فلو ثبت ـ لم تنهض حجّة على «الشيخ» ؛ طاب ثراه.

وامّا الضبط ، فيراد به : غلبة الذكر على السهو.

وقد ظنّ : اغناء العدالة عن شرطه ؛ لمنعها (٥) عن نقل ما لم يضبطه.

وردّ : بعدم منعها عن نقله ساهيا عن انّه غير مضبوط ، او غير ضابط.

______________________________________________________

اكتفى «الشيخ» : اعلم : انّ المستفاد من كلام «الشيخ» رحمه‌الله في «العدّة» : انّ العدالة المشروطة في الرواية ، مغايرة للعدالة المشروطة (٦) في الشهادة ؛ فانّه قال : «انّ (٧) من كان مخطئا في بعض الاقوال (٨) ، او فاسقا في افعال الجوارح ، وكان ثقة في روايته متحرّزا فيها ، فانّ ذلك لا يوجب ردّ خبره ؛ ويجوز العمل به ؛ لانّ العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه. وانّما الفسق بافعال الجوارح ، يمنع من قبول

__________________

(١) في حاشية ل : ولو جامع التفسيق ، التوثيق ، وفي حاشية م ١ : ولو جامع التوثيق ، فسيق.

(٢) م ١ : ـ والّا.

(٣) رجال العلّامة الحلّيّ / ٢٢ ـ ٢١.

(٤) ابو عبد الله ابان بن عثمان الاحمر البجليّ. من الثقات. روى عن ابي عبد الله وابي الحسن عليهما‌السلام.

(٥) م ٢ : بمنعها.

(٦) م ١ : المشترطة.

(٧) في المصدر : امّا.

(٨) في المصدر : الافعال.

٢٠٢

شهادته ؛ وليس بمانع من قبول خبره» ؛ انتهى كلامه (١) ـ قدّس الله روحه ـ وهو غير بعيد.

«ابن بكير» : فطحيّ (٢).

«سماعة» : واقفيّ (٣).

«بني فضّال» : هم : «حسن بن عليّ» و «احمد بن حسن» و «محمّد بن حسن بن فضّال».

واضرابهم : اي : امثالهم. عدّ «الشيخ» رحمه‌الله في كتاب «العدّة» (٤) ممّن عملت الطائفة باخبارهم : «عليّ بن ابي حمزة» (٥) ، و «عثمان بن عيسى» (٦) و «الطاطريّون» (٧) ؛

__________________

(١) العدّة في اصول الفقه ١ / ١٥٢.

(٢) الفطحيّة : فرقة قالت : الامامة بعد جعفر بن محمّد عليه‌السلام في ابنه عبد الله بن جعفر.

(٣) الواقفيّة : فرقة وقفت في ابو الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام وانكرت إمامة عليّ بن موسى عليه‌السلام.

(٤) العدّة في اصول الفقه ١ / ١٥٠.

(٥) عليّ بن ابي حمزة البطائنيّ الكوفيّ. من اصحاب الامامين الصادق والكاظم عليهما‌السلام ، ومن رواة احاديثها. يعدّ البطائنيّ اعمدة الواقفيّة. وثّقه جماعة وضعّفه آخرون ؛ لوقفه. تعمل الاماميّة باخباره ؛ اذا لم يكن هناك خبر آخر يخالفه من طريق الموثوقين.

(٦) ابو عمرو عثمان بن عيسى العامريّ الكلابيّ. من اصحاب الامام الكاظم والرضا عليهما‌السلام ، ومن الفقهاء والمحدّثين الثقات. عدّ من اعمدة الواقفيّة وشيوخهم ؛ ولكنّه تاب وعاد الى الحقّ.

(٧) من البيوتات الشيعيّة المعروفة في القرن الثاني من الهجرة ؛ اذ برزت منهم شخصيّات معروفة في الفقه والحديث ؛ واشهرهم ابو الحسن عليّ بن الحسن بن محمّد الطائيّ المعروف ب : الطاطريّ الفقيه المحدّث ؛ ومن اصحاب الامام الكاظم عليه‌السلام. كان واقفيّا شديد العناد في مذهبه. وصّف بالصدق والوثاقة ، وعملت الاماميّة برواياته.

٢٠٣

وهؤلاء (١) هم المراد بقولنا : «واضرابهم».

عن بعض المحقّقين : هو «العلّامة» ـ طاب ثراه ـ كما نقله عنه ولده «فخر المحقّقين» (٢) ؛ قدّس الله روحيهما.

على الشيخ : لانّه لم يسلم تفسيق من خالف في الاصول بعد بذل جهده فيه (٣).

قد ظنّ : الظانّ : «الشهيد الثاني» (٤) ؛ قدّس الله روحه.

او غير ضابط : في قوله : «او غير ضابط» ما يقارب الاستخدام ؛ لرجوع ضمير : «انّه» تارة الى الحديث ، وتارة الى المحدّث.

__________________

(١) م ١ : فهؤلاء.

(٢) فخر الدين ابي طالب محمّد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّيّ. ولد سنة ٦٨٢ وتوفّي سنة ٧٧١ من الهجرة. له تصانيف ؛ منها : ايضاح الفوائد ، الكافية الوافية ، غاية السئول في شرح تهذيب الاصول.

(٣) العدّة في اصول الفقه ١ / ١٤٩ ـ ١٤٨.

(٤) الرعاية / ١٨٦ ـ ١٨٥.

٢٠٤

فصل

[في تزكية الراوي]

تزكية العدل الواحد الاماميّ ، كافية في الرواية ـ وفاقا ل : «الشيخ» (١) ، و «العلّامة» (٢) ، وسائر المتأخّرين (٣) ؛ وخلافا ل : «المحقّق» (٤) واتباعه (٥) ـ والّا ، زاد الاحتياط في الفرع على الاصل. ولدلالة آية «التثبّت» (٦) على عموم قبول (٧) خبر الواحد ؛ الّا ، ما خرج بدليل ؛ ك : الشهادة.

__________________

(١) العدّة في اصول الفقه ١ / ١٢٦.

(٢) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ١٨٩ / الف ، تهذيب الوصول الى علم الاصول / ٧٩.

(٣) الرعاية / ١٩٨.

(٤) معارج الاصول / ١٥٠.

(٥) معالم الدين / ٢٠٤.

(٦) الحجرات / ٦.

(٧) م ١ : قبوله ، م ٢ : ـ قبول.

٢٠٥

قالوا (١) : كلّ خبر شهادة ؛ فلا يكفي الواحد.

قلنا : ممنوع ؛ بل ، اكثرها ، غيرها ؛ ك : الرواية ، ونقل الاجماع ، وتفسير المترجم ، واخبار الطبيب باضرار الصوم ، والاجير بايقاع الحجّ ، الى غير ذلك. وقد بسطنا الكلام فيه في «مشرق الشمسين» (٢).

واذا تعارض الجارح والمعدّل ، ولم ينحصر نفيه ، رجّح الجارح. ومعه الاكثر ، الاورع. والقول بالاطلاق متّجه.

______________________________________________________

واتباعه : منهم صاحب «المعالم (٣)» (٤).

والّا زاد الاحتياط في الفرع على الاصل : توضيحه : انّ قول الراوي : «قال المعصوم كذا». لا ريب انّه خبر ؛ وكذلك قول المزكّي : «فلان ثقة» خبر ـ ايضا ـ فالاكتفاء في الخبر الاوّل بالخبر الواحد [و] اشتراط تعدّده في الخبر الثاني ، يوجب زيادة الاحتياط في الفرع ، على الاحتياط في الاصل.

والحاصل ، انّ الرواية تثبت بخبر الواحد ؛ وشرطها : تزكية الراوي ؛ وشرط الشيء لا يزيد على أصله.

وبعبارة أخرى : اشتراط العدالة في مزكّي الراوي ، فرع اشتراطها في الراوي ؛ اذ

__________________

(١) معالم الدين / ٢٠٤ ، معارج الاصول / ١٥٠.

(٢) رسائل الشيخ بهاء الدين العامليّ / ٢٧٢ ـ ٢٧١.

(٣) جمال الدين ابو منصور الحسن بن زين الدين بن عليّ العامليّ. ولد سنة ٩٥٩ وتوفّي سنة ١٠١١ من الهجرة. له تصانيف ؛ منها : معالم الدين وملاذ المجتهدين ، منتقى الجمان ، التحرير الطاوسيّ ، مشكاة القول.

(٤) معالم الدين / ٢٠٤.

٢٠٦

لو لم يشترط فيه ، لم يشترط في مزكّيه (١) ؛ فكيف يحتاط في الفرع بازيد ممّا يحتاط في الاصل.

فان قلت : مرجع هذا الاستدلال الى القياس ؛ فلا تنهض حجّة علينا.

قلت : هو طريق قياسيّ بطريق الاولويّة ؛ وهو معتبر عندنا.

ولا يخفى : انّه يمكن ان يناقش في عدم زيادة الفرع على الاصل : ألا ترى انّ «العلّامة» في «الارشاد» (٢) اكتفى على ثبوت هلال رمضان بشهادة العدل الواحد ، مع انّ تزكية الشاهد عنده لا تحصل الّا بعدلين؟ وكذا شهادة المرأة الواحدة في ربع الوصيّة (٣) ، مع انّ عدالتها لا تثبت الّا بعدلين؟

ولعل مراده : انّ الشيء لا مزيد له على أصله ؛ الّا ، ما خرج بدليل ؛ والصورتان المذكورتان من ذلك القبيل ؛ وامّا ما نحن فيه ، فلا.

خبر الواحد : اي : في الشرعيّة ، وغيرها.

كـ : الشهادة : اي : الشهادة في الطلاق ؛ اذ لا يقبل فيها ، الاخير ؛ الّا ، اثنان ، او اربع على تفصيل مبيّن في موضعه.

قالوا : اي : «المحقّق» (٤) واتباعه (٥).

بل اكثرها : اي : اكثر الاخبار (٦).

__________________

(١) م ١ : مزكّي الراوي.

(٢) ارشاد الاذهان ٢ / ١٦٠. عبارته في كتاب الصوم هكذا : «ويعلم رمضان : برؤية الهلال ، وبشياعه ، وبمضى ثلاثين من شعبان ، وبشهادة عدلين مطلقا ؛ على رأي».

(٣) ارشاد الاذهان ٢ / ١٦٠.

(٤) معارج الاصول / ١٥٠.

(٥) معالم الدين / ٢٠٤.

(٦) م ١ ، د : اكثر اخبار الآحاد.

٢٠٧

غيرها : اي : غير الشهادة.

تفسير المترجم : عند القاضي الّذي يفسّر له كلام من لا يعرف القاضي لغته ؛ فانّه يحكم عليه بقوله ، مع انّه واحد.

الى غير ذلك : كـ : اخبار المقلّد مثله بفتوى المجتهد ، واعلام المأموم الامام بوقوع ما شكّ فيه ، واخبار العدل العارف بالقبلة جاهل العلامات ؛ الى غير ذلك من الاخبار الّتي اكتفوا فيها بخبر الواحد ؛ ك : اخبار المفتي بالحكم ، والطفل بدخول الدار ، والوكيل بالشراء ؛ (١) مثلا.

واذا تعارض الجارح والمعدّل : اذا اجتمع الجارح والمعدّل ، فالصورة المجوّزة اربعة ، والممتنعة اثنتان :

__________________

(١) معالم الدين / ٢٠٤.

٢٠٨

قد اشتهر : انّه اذا تعارض الجرح والتعديل ، قدّم الجرح. وهذا كلام مجمل غير محمول على اطلاقه ـ كما قد يظنّ ـ بل ، لهم تفسير مشهور ؛ وهو : انّ التعارض بينهما على نوعين :

الاوّل : ما يمكن الجمع فيه بين كلامي المعدّل والجارح ؛ ك : قول «المفيد» ـ قدّس الله روحه ـ في «محمّد بن سنان» (١) : «انّه ثقة» (٢) ؛ وقول «الشيخ» (٣) : «انّه ضعيف». فالجرح مقدّم ؛ لجواز اطّلاع «الشيخ» على ما لم يطّلع عليه «المفيد».

الثاني : ما لم يمكن الجمع بينهما ؛ ك : قول الجارح : «انّه قتل فلانا في اوّل الشهر» ؛ وقول المعدّل : «انّه رأيته في آخره حيّا». وقد وقع مثله في كتب الجرح والتعديل كثيرا ؛ ك : قول «ابن الغضائريّ» (٤) في «داود الرقّيّ» (٥) : «انّه كان فاسد المذهب ؛ لا يلتفت اليه» (٦) ؛ وقول غيره (٧) : «كان ثقة» ؛ قال فيه «الصادق» عليه‌السلام :

__________________

(١) ابو جعفر محمّد بن سنان الزاهريّ. عدّ من اصحاب موسى الكاظم والرضا والجواد عليهم‌السلام. قيل : توفّي سنة ٢٢٠ من الهجرة.

(٢) مصنّفات الشيخ المفيد ١١ / الارشاد ٢ / ٢٤٨. والحقّ ، انّ لشيخنا المفيد رحمه‌الله قولين : وثّقه في الارشاد ، وجرحه في رسالته المسمّى : بالردّ على أهل العدد والرؤية. (مصنفات الشيخ المفيد ٩ / الردّ على اهل العدد والرؤية / ٢٠).

(٣) رجال الطوسيّ / ٣٦٤.

(٤) احمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائريّ. توفّي سنة ٤١١ من الهجرة. من مصنّفاته : الضعفاء.

(٥) ابو سليمان داود بن كثير بن ابي خالد الرقيّ. عدّ من اصحاب ابي عبد الله عليه‌السلام. توفّي بعد المائتين ؛ بقليل بعد وفاة الرضا عليه‌السلام.

(٦) الرجال / ٥٨.

(٧) رجال الطوسيّ / ٣٣٦.

٢٠٩

«انزلوه منّي منزلة مقداد من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١). فههنا ، لا يصحّ اطلاق القول بتقديم الجرح على التعديل ؛ بل ، يجب الترجيح بكثرة العدد وشدّة الورع.

والقول باطلاق متّجه : اي : اطلاق الترجيح بالاكثر الاورع ؛ سواء انحصر النفي ، او لم ينحصر. وقد اطلنا الكلام في هذا المقام في كتاب «مشرق الشمسين» (٢) ؛ فعليك بالرجوع اليه!

واختلفوا : في انّه هل يكفي في الجرح والتعديل ، اطلاق الفسق والعدالة بدون ذكر سببها ، أو لا؟

فذهب البعض الى انّ المعدّل والجارح ، ان كانا عالمين لسبب الفسق والعدالة ، كفى الاطلاق فيهما ؛ وهذا هو المتّجه.

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال ٢ / ٧٠٤ ، بحار الأنوار ٤٧ / ٣٩٥ ح ١٢٠.

(٢) رسائل الشيخ بهاء الدين العامليّ / ٢٧٣.

٢١٠

فصل

[في السند وانحاء التحمّل]

رجال السند : امّا اماميّون ممدوحون بالتوثيق ، فالحديث صحيح ؛ او بدونه كلّا ، او بعضا ، مع توثيق الباقين ، فحسن ؛ او غير اماميّين كذلك ، مع توثيق الكلّ ، فموثّق.

وتترتّب الثلاثة في القوّة. وسواها ، او سوى الاوّلين ، ضعيف.

وانحاء التحمّل في هذا الزمان ستّة : السماع من الشيخ ، والقراءة عليه ، والسماع بقراءة الغير ، والاجازة ، والمناولة ، والمكاتبة.

واوّلها أوليها ؛ ومع تالييه اقواها ؛ والبواقي ادناها ؛ والكلّ مرتّبة.

وقد يزاد سابع ؛ وهو : الوجادة.

ولا عمل بالمرسل ، الّا مع ظنّ عدم ارساله عن غير الثقة ك : «ابن ابي عمير» (١).

ولا تقدح روايته عنه احيانا ؛ كما ظنّ (٢) ؛ اذ المنقول : عدم ارساله عنه ؛ لا عدم روايته عنه.

__________________

(١) محمّد بن زياد بن عيسى الازديّ البغداديّ. من اصحاب الامامين الكاظم والرضا عليهما‌السلام. صنّف ٩٤ كتابا في مختلف المجالات. توفّي سنة ٢١٧ من الهجرة.

(٢) معالم الدين / ٢١٥.

٢١١

السند : السند : طريق المتن. وقيل : الاخبار عن طريقه. والاسناد رفع الحديث.

صحيح : عرّفنا «الشيخ الشهيد» في «الذكرى» ، الصحيح ب : «ما اتّصلت روايته الى المعصوم بعدل اماميّ» (١). واراد رحمه‌الله بالاتّصال : ان تكون روايته متّصلة في كلّ وقت بعدل اماميّ ؛ اي : غير منقطعة بتوسيط غيره في وقت من الاوقات.

ولا يرد عليه ما اورده «الشهيد الثاني» (٢) : من صدق التعريف على ما اشتملت سلسلته على عدل واحد اماميّ ؛ لا غير.

او بدونه : اي : اماميّون ممدوحون بدون التوثيق.

كلّا او بعضا : قيد للمدح ، لا للتوثيق ؛ اي : كلّهم ممدوحون بدون التوثيق ، او بعضهم ممدوح بدون التوثيق ، لكن يشترط توثيق الباقين ؛ ليخرج ما اذا كان الباقون مسكوتا عنهم ، او مضعفين.

فان قلت : المناسب للاختصار ، كونه قيدا للتوثيق ؛ فيستغني عن قولنا : «مع توثيق الباقين» ؛ ويصير المعنى : او ممدوحون مع عدم التوثيق كلّا ، او بعضا. فالباء بمعني : «مع» ؛ ومجيئها بهذا المعنى شايع في كلامهم ؛

قلت : لا ريب ، انّ قولنا : «او بدونه» قرينة لقولنا : «امّا اماميّون ممدوحون بالتوثيق». فالمراد : امّا ممدوحون بالتوثيق ، او ممدوحون بدونه. والباء في القرينة الاولى صلة للممدوح ، لا بمعنى : «مع». فالمناسب ان يكون في اختها ـ ايضا ـ كذلك ؛ لتتوافق القرينتان.

ان قلت : التوافق يحصل بجعلها في الاولى ـ ايضا ـ بمعنى : «مع» ؛

قلت : لا سبيل الى ذلك ؛ لصيرورة المعنى : انّ الصحيح ما اجتمع في الرجال ، المدح مع التوثيق ؛ وهو غير صحيح ؛ فتأمّل!

__________________

(١) ذكرى الشيعة في احكام الشريعة ١ / ٤٨.

(٢) الرعاية / ٧٧.

٢١٢

او غير اماميّين كذلك : اي : كلّا ، او بعضا.

مع توثيق الكلّ : لو نفى المعدّل ما اثبته الجارح ، لم يقبل ـ لانّه شهادة على نفي ـ الّا مع سبب يكون معدّله.

فموثّق : فظهر من هذا : انّ التسمية ب : «الحسن» و «الموثّق» تابعة لاخسّ رجال السند ؛ كما انّ النتيجة تتّبع اخسّ المقدّمتين.

فلو كان بعض رجاله اماميّين ممدوحين بدون التوثيق ، والباقي غير اماميّين ، ولكنّهم موثّقون ، فان رجّحنا الحسن على الموثّق ـ كما هو الظاهر ـ فموثّق ؛ وان عكسنا ، فحسن.

وكيف كان ؛ فهذا النوع غير مندرج في تعريف «الحسن» ؛ ولا «الموثّق». وكلام القوم خال عن تسميته باسم ؛ لكنّ «الشهيد الثاني» ـ رحمة الله عليه ـ ادرجه في «الموثّق» ، حيث عرّفه ب : «ما دخل في طريقه من نصّ الاصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته. [...] ولم يشتمل باقيه ـ [اي : باقي الطريق] ـ على ضعف» (١).

ولا يخفى : انّ تعريفه هذا ، انّما يتمّ اذا اطلقنا على الرجل المجهول الحال : «انّه ضعيف» ؛ وفيه ما فيه ؛ فتدبّر!

وقد يزاد في آخر التعريفات : «بلا معارض» ؛ وقد زاده «الشهيد الثاني» (٢) ؛ رحمة الله عليه.

وظنّي : انّه لا حاجة اليه ؛ اذ من المعلوم انّ المراد ثبوت الاتّصاف بالاوصاف الثلاثة ؛ لا ثبوت مع المعارض.

تترتّب الثلاثة : كترتيب «الذكرى» (٣).

وسواها : اشارة الى الاصطلاحين في اطلاق «الضعيف».

__________________

(١) الرعاية / ٨٤.

(٢) الرعاية / ٨٥.

(٣) ذكرى الشيعة فى احكام الشريعة ١ / ٤٨.

٢١٣

هذا الزمان : اي : زمان غيبة الامام. التقييد ب : «هذا الزمان» ، ليخرج زمان التوصّل الى المعصوم ؛ لزيادة الاقسام.

السماع من الشيخ : اي : من لفظ الشيخ.

والسماع بقراءة الغير : اي : سماع غير القاري من القاري حال قراءته على الشيخ.

والاجازة : بان يقول : «اجزتك في مسموعاتي».

والمكاتبة : بان يكتب الشيخ مروّيته بغائب ، او حاضر يحظر ؛ او يأذن بثقة يعرف خطّه ، يكتبه.

واوّلها : اي : اوّل الستّة ؛ وهو : السماع من الشيخ.

اوليها : اي : احسنها واشرفها.

ومع تالييه اقواها : اي : الاوّل مع تالييه ـ وهما : القراءة على الشيخ ، والسماع بقراءة الغير ـ اقوى الانحاء الستّة.

والكلّ مرتّبة : اي : في القوّة. فمراتبها ستّ ؛ والاقوى هو (١) الاوّل ؛ فالاوّل.

الوجادة : بالكسر ؛ ان يجد انسان كتابا ، او حديثا يروي انسان بخطّ معاصره ، او غير معاصر ، ولم يسمعه منه هذا الواجد ، ولا منه اجازة ، ولا نحوها ، فيرويه ويقول : «وجدت بخطّ فلان».

كـ : «ابن ابي عمير» : وكذا «صفوان بن يحيى» (٢) و «احمد بن محمّد بن ابي نصر البزنطيّ» (٣) ؛ كما قاله «شيخ الطائفة» في «العدّة» (٤).

__________________

(١) ل ، م ١ : ـ هو.

(٢) صفوان بن يحيى البجليّ الكوفيّ بيّاع السابريّ. كان من اصحاب الامامين : الكاظم والرضا عليهما‌السلام. صنّف ثلاثين كتابا. توفّي سنة ٢١٠ من الهجرة.

(٣) احمد بن محمّد بن عمرو البزنطيّ الكوفيّ. صحب الامامين : عليّ بن موسى الرضا والجواد عليهما‌السلام. توفّي سنة ٢٢١ من الهجرة.

(٤) العدّة في اصول الفقه ١ / ١٥٤.

٢١٤

المطلب الثالث :

في الاجماع.

قيل (١) : هو اجتماع المجتهدين من هذه الامّة في عصر على امر.

والانسب بمذهبنا : ـ من عدم قول المعصوم عن (٢) الاجتهاد ـ تبديل المجتهدين برؤساء الدين.

وحجّته ـ عندنا ـ : لكشفه عن دخوله.

وعندهم : للاجماع على القطع بتخطئة المخالف ـ ولا دور ـ وللوعيد على اتّباع (غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ)(٣) ، وجعلهم (وَسَطاً)(٤) ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) : «لا تجتمع امّتي على

__________________

(١) منتهى الوصول والامل / ٥٢.

(٢) م ٢ : من.

(٣) النساء / ١١٥.

(٤) البقرة / ١٤٣.

(٥) م ٢ : + وسلم.

٢١٥

الخطاء» (١) ، ونحوه (٢) ممّا تواتر معنى.

وليس السكوتيّ حجّة ؛ لاحتمال التصويب ، والتوقّف ، والتمهّل للنظر ، وخوف الفتنة بالانكار.

وخرق المركّب باطل ـ عندنا ـ مطلقا ؛ لمخالفة المعصوم قطعا.

وعندهم (٣) : ان رفع متّفقا عليه ؛ ك : ردّ البكر مجّانا ، والّا ، ك : الفسخ ببعض الخمسة.

__________________

(١) لم نعثر على هذه الرواية ـ بعينها ـ في مسانيد العامّة ؛ لعلّ شيخنا «البهائيّ» نقلها عن بعض كتب الاصول ؛ ك : «المحصول» وغيره.

(٢) بحار الأنوار ٢ / ٢٢٥ ح ٣ ، ٥ / ٢٠ ح ٣٠ ، ٢٨ / ١٠٤ ، ٥ / ٦٨ ح ١ ، سنن ابي داود ٤ / ٩٨ ح ٤٢٥٣ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١٣٠٣ ب ٨ ح ٣٩٥٠ ، الجامع الصحيح ٤ / ٤٦٦ ب ٧ ح ٢١٦٧.

منتهى الوصول والامل / ٥٣ ، ٥٤ ، المحصول ٢ / ٣٧ ، ٣٨ ، ٣٩ ، فواتح الرحموت ٢ / ٢١٥ ، ٢١٦ ، المنخول / ٤٠٢ ، اصول السرخسيّ ١ / ٢٩٩ ، الاحكام في اصول الاحكام ١ / ٢٧٨ ، المحرّر في اصول الفقه ١ / ٢٢٥ ، ٢٢٤ ، الفصول في الاصول ٢ / ١١٨ : ماراه المسلمون حسنا ، فهو عند الله حسن. من فارق الجماعة قدر شبر ، فقد خلع ربقة الاسلام. من سرّه بحبوحة الجنّة ، فليلزم الجماعة. من فارق الجماعة ، مات ميتة الجاهليّة. لا تجتمع امّتي على الضلالة. من اخرج من جماعة قدر شبر فقد خلع ربقة الاسلام عن عنقه. يد الله على الجماعة. لم يكن الله ليجمع امّتي على الضلالة. سألت ربّي ان لا تجتمع امّتي على الضلالة فاعطيتها.

(٣) منتهى الوصول والامل / ٦١ ، المحصول ٢ / ٦٢ ، الاحكام في اصول الاحكام ١ / ٣٣١.

٢١٦

هو اجتماع المجتهدين : هذا التعريف ل : «الحاجبيّ» (١) ؛ وعرّفه «الفخريّ» في «المحصول» : باتّفاق اهل الحلّ والعقد من أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله على امر من الامور» (٢).

واعترض عليه ب : انّه لا بدّ من تقييد الحلّ والعقد ب : «الدينيّ».

وعرّفه «الغزّاليّ» ب : «اتّفاق أمّة «محمّد» صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ [خاصّة] ـ على امر من الامور الدينيّة» (٣). وعليه اعتراضات مشهورة.

والانسب بمذهبنا : ان قلت : التعبير ب : «الانسب» يعطي كون التعريف الاوّل مناسبا لمذهبنا ـ ايضا ـ وليس كذلك ؛ لما ذكرته.

قلت : كلّ واحد من رؤساء الدين ، في بادي النظر المتفحّص عن اقوالهم ، يجتهد ، ثمّ ، اذ ظنّ ـ بعد التتبّع التامّ والفحص الشديد ـ انّه استوعبهم ، يحصل له ـ بعد ذلك ـ ظنّ بكون المعصوم في جملتهم ؛ فاجتماع المجتهدين في بادي نظره ، متحقّق.

عن الاجتهاد : ستسمع الاستدلال على هذا في آخر الكتاب ؛ كما سيجيء في المنهج الرابع (٤).

برؤساء الدين : وهو اولى من قولهم : «اهل الحلّ والعقد» ؛ لانّه اخصّ ؛ ولما قيل : من صدقه على امراء العرف ، فلا بدّ من تقييده بقولنا : «في الدين» (٥).

ولا يحتاج الى قولنا : «من هذه الامّة» ؛ لانّ مذهبنا : انّه لا بدّ من دخول المعصوم في كلّ عصر ؛ اما نبيء ، او وصيّ نبيء.

__________________

(١) منتهى الوصول والامل / ٥٢.

(٢) المحصول ٢ / ٣.

(٣) المستصفى ١ / ١٧٣.

(٤) زبدة الاصول / ٤١٢.

(٥) و ، م ١ : هذا اخصر من قولنا : «اجتماع اهل الحلّ والعقد» ؛ مع سلامته من دخول اجتماع اهل الحلّ والعقد الدنيويّ ـ ك : اكابر العسكر ؛ مثلا ـ فلا بدّ من قولنا : «اهل الحلّ والعقد الدينيّ».

٢١٧

فجعل «العلّامة» في «النهاية» (١) هذا القيد لاخراج الامم السابقة ، لا يخفى ما فيه (٢).

و ـ ايضا ـ لو اسقطنا قولنا : «من هذه الامّة» ، لم يكن مضرّا ؛ بناء على ما نعتقده من عدم خلوّ الزّمان عن المعصوم ؛ فليس عصمة الامّة عن الخطاء من خواصّ نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله. وامّا مخالفونا ـ فحيث جوّزوا الخلوّ عن المعصوم ـ جعلوا عصمة الامّة عن الخطاء من خواصّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ وخصّوا العصمة عن الخطاء بهذه الامّة ؛ فاختصّ الاجماع الّذي هو حجّة ، بهم. وامّا نحن ، فلا نخصّه بهم ؛ لدخول المعصوم في كلّ زمان فيهم.

فان قلت : كلام «العلّامة» في اوّل كتاب النكاح من «القواعد» (٣) وغيره (٤) ، صريح في انّ عصمة الامّة من خواص نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛

قلت : الّذي نقلته عن والدي ـ قدّس الله روحه ـ وهو نقله عن مشايخه : انّ المراد بتلك العبارة : انّ أمّة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله معصومون عن المسخ والخسف ؛ دون امم الانبياء السابقين.

وبهذا يندفع اعتراض الشارح المحقّق «الشيخ عليّ» (٥) ـ طاب ثراه ـ على

__________________

(١) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ١٥٠ / ب.

(٢) و : + فتأمّل.

(٣) قواعد الاحكام ٢ / ٣.

(٤) تذكرة الفقهاء ٢ / ٥٦٨.

(٥) نور الدين ابو الحسن عليّ بن الحسين بن عبد العالي العامليّ الكركيّ ، المشتهر ب :

المحقّق الكركيّ. ولد سنة ٨٦٨ وتوفّي سنة ٩٤٠ من الهجرة. له تصانيف ؛ منها : جامع المقاصد ، حواشي ارشاد الاذهان ، صيغ العقود والايقاعات ، النجميّة ، الاثنى عشريّة و ...

٢١٨

«العلّامة» ـ عطّر الله مرقده (١) ـ : من انّ اختصاص العصمة بامّة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يوافق مذهب الاماميّة ؛ من عدم خلوّ عصر من الاعصار عن المعصوم (٢).

فانّ «العلّامة» لم يقيّد عصمتهم بكونها عن الخطاء ؛ فحمل كلامه على ما نقلناه عن المشايخ ، لازم ؛ لئلّا يلزم مخالفته لما اجمع عليه الاماميّة.

وعندهم : اهل الخلاف.

للاجماع على القطع بتخطئة المخالف : اي : مخالف الاجماع (٣) ؛ لانّ المراد : انّ اتّفاق الامّة على هذا القطع لا بدّ من كونه صادرا عن دليل قاطع.

ولا دور : دفع لما قد يظنّ من : انّ هذا الدليل ، اثبات الاجماع بالاجماع.

ووجه الدفع : انّ العادة قاضية بانّ هؤلاء العلماء الكثيرين ، لو لم يجدوا نصّا قاطعا على تخطئة مخالف الاجماع ، لما قطعوا بتخطئته. فنحن لم نستدلّ على حجّيّة الاجماع بحجّيّته ؛ بل ، بقضاء العادة بوجود نصّ قاطع يدلّ على حجّيّته ؛ ووجود ذلك النصّ ، انّما يتوقّف على الاجماع ؛ لا على حجّيّته ؛ فلا تغفل!

وللوعيد : هذا الاستدلال منسوب الى «الشافعيّ» (٤).

على اتّباع غير سبيل المؤمنين : اشارة الى قوله ـ تعالى ـ : «وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ، نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ

__________________

(١) م ١ : ـ عطّر الله مرقده.

(٢) جامع المقاصد ١٢ / ٦٥. عبارة «المحقّق الكركيّ» هكذا : «وفي عدّ هذا من الخصائص نظر ؛ لانّ الحديث غير معلوم الثبوت. وامّته صلى‌الله‌عليه‌وآله مع دخول المعصوم فيهم لا تجتمع على ضلالة ؛ لكن باعتبار المعصوم فقط. ولا دخل لغيره في ذلك ؛ وبدونه هم كسائر الامم. على انّ الامم الماضين مع اوصياء انبيائهم كهذه الامّة مع المعصوم ؛ فلا اختصاص».

(٣) د : ـ اي مخالف الاجماع.

(٤) المنخول / ٤٠١ ، الاحكام في اصول الاحكام ١ / ٢٥٨.

٢١٩

وَساءَتْ مَصِيراً)(١) ؛ الآية.

ومعنى «نولّه ما تولّى» : نجعله واليا لما تولّى من الضلالة (٢) ، ويخلّي بينه وبين ما اختاره.

لا يقال : يجوز ان يكون الوعيد على مجموع المتعاطفين ؛

لانّا نقول : لا معنى لضمّ المباح الى الحرام في الوعيد.

نعم ؛ يرد على هذا الدليل : انّه يراد ب : «سبيل المؤمنين» : نصرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، او سبيلهم فيما صاروا به مؤمنين ، او الدليل الّذي هو مستند اتّفاقهم ؛ فالآية تدلّ على نقيض المطلوب.

وجعلهم وسطا : اي : جعل المؤمنين وسطا. الآية هكذا : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ؛ لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ)(٣).

وجه الاستدلال : انّ الوسط بمعنى : الخير ؛ ولا خير في المتّفقين على الخطاء.

«وجعلهم وسطا» ، اشارة الى ما استدلّ به المخالفون ك : «الفخريّ» في «المحصول» (٤) وغيره (٥) ؛ وهو : قوله ـ تعالى ـ : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)(٦).

قالوا : «الوسط من كلّ شيء ، خياره ؛ فيكون الله ـ [عزوجل (٧) ـ قد] اخبر عن

__________________

(١) النساء / ١١٥.

(٢) م ١ : الظلالة.

(٣) البقرة / ١٤٣.

(٤) المحصول ٢ / ٢٩.

(٥) الاحكام في اصول الاحكام ١ / ٢٧٠ ، اصول السرخسيّ ١ / ٢٩٧ ، المحرّر في اصول الفقه ١ / ٢٢٣ ، الفصول في الاصول ٢ / ١٠٧.

(٦) البقرة / ١٤٣.

(٧) وقد اثبتنا من المصدر ، وفي نسخة ل : تعالى.

٢٢٠