دروس في الكفاية - ج ٤

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الكفاية - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٧

ومنها : آية الكتمان : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا)(*) الآية.

______________________________________________________

أم غيره ، ومن المعلوم : أن الرواية التي لا تتضمن حكما إلزاميا ليس فيها إخبار عن العقاب ؛ حتى يكون إنذارا ، أو إشارة إلى أن وجوب الحذر مترتب على الإنذار الواجب ؛ لا على مجرد صحة الإنذار ، ومن المعلوم : عدم وجوب الإنذار على الرواة من حيث إنهم رواة كعدم وجوبه على نقلة الفتاوى ، والمفروض : وجوب الحذر في خصوص ما إذا وجب الإنذار ؛ دون ما إذا صح وإن لم يكن واجبا.

خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدس‌سره»

يتلخص البحث في أمور :

١ ـ ما يتوقف عليه الاستدلال بآية النفر على حجية خبر الواحد وهو حسب ما يلي :

الأول : أن يكون المراد من النفر : هو النفر إلى طلب العلم لا إلى الجهاد.

الثاني : أن يكون المراد من الإنذار : إنذار كل واحد من النافرين قومه لا مجموعهم مجموع القوم حتى يفيد العلم.

الثالث : أن يكون المراد من الحذر : هو العمل بقول المنذر لا الخوف النفساني.

الرابع : أن يكون الحذر بمعنى العمل واجبا.

وهذه الأمور ثابتة إلا الأمر الرابع ، وهو وجوب الحذر.

٢ ـ إثبات وجوب الحذر بأحد وجوه :

الأول : أن كلمة «لعل» لا يمكن أن يراد بها الترجي الحقيقي في المقام ؛ لاستحالته على الله تعالى ، فيراد بها الدلالة على محبوبية العمل ، وعليه : فالآية تدل على محبوبية الحذر ، وهو ملازم لوجوبه شرعا ؛ لعد الفصل ، فكلّ من قال بمحبوبيته قال بوجوبه.

وعقلا : لأنه إما أن يكون هناك مقتض للعقاب أو لا.

فعلى الأول : وجب الحذر ، وعلى الثاني : لم يحسن أصلا.

وهذا التقريب مشترك بين من يذهب إلى أن «لعل» موضوعة للترجي الحقيقي ، وقد أريد بها هنا المحبوبية مجازا ، كما هو المشهور ، وبين من يذهب إلى أنها موضوعة للترجي الإيقاعي الإنشائي والاختلاف إنما هو بحسب الداعي كما هو مختار المصنف.

الثاني : أن الإنذار واجب بظاهر الآية المباركة ؛ لأنه غاية للنفر الواجب ، فإذا لم يجب الحذر عند الإنذار كان وجوبه لغوا ، فلا بد من الالتزام بوجوب الحذر ؛ لئلا يكون الإنذار لغوا.

__________________

(*) البقرة : ١٥٩.

٣٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

الثالث : أن التحذر قد جعل غاية للإنذار الواجب ، وغاية الواجب واجبة ، فيكون التحذر واجبا. هذا خلاصة الكلام في وجوب الحذر.

٣ ـ الإشكال على الوجه الأول : هو منع الملازمة بين حسن الحذر ووجوبه عقلا وشرعا ؛ لأن الملازمة عقلا إنما هي فيما إذا كان الحذر عن العقوبة بقيام الحجة على التكليف ، فيكون منجزا حتى يكون على مخالفته عقوبة ، والمفروض : عدم قيام الحجة على التكليف ، فلا ملازمة عقلا بين حسن الحذر ووجوبه ؛ وذلك لحسن الحذر من باب الاحتياط ، من دون أن يكون واجبا.

وأما عدم الفصل بين حسن الحذر ووجوبه شرعا : فغير ثابت فيما لم يقم حجة على التكليف ، فإن الثابت في المقام : هو عدم القول بالفصل ؛ لا عدم الفصل في الواقع ، ولعل في الواقع فصل لم يقل به أحد ، فحينئذ : يكون الحذر حسنا من دون أن يكون واجبا.

٤ ـ الإشكال على الوجه الثاني والثالث :

أما على الوجه الثاني : فلأنه لا تنحصر فائدة الإنذار بوجوب التحذر تعبدا ، ولو لم يحصل العلم ؛ بل يمكن أن تكون فائدته هو وجوب التحذر عند حصول العلم بالمنذر به.

وأما على الوجه الثالث : فلأنه لا إطلاق يقتضي وجوب التحذر مطلقا ، سواء حصل العلم أم لا ؛ إذ ليس المتكلم في مقام بيان غايتية الحذر ، كي يتمسك بإطلاق الكلام من هذه الجهة ؛ بل في مقام بيان وجوب النفر ، فلا ينفع في إثبات الإطلاق في الغاية ؛ إذ من المحتمل أن تكون الغاية هو الحذر عند حصول العلم.

٥ ـ الإشكال على جميع الوجوه الثلاثة : بأن غاية المدلول الآية المباركة هو حجية الإنذار ، وهو الإبلاغ مع التخويف ، هذا أجنبيّ عن حجية خبر الواحد بمعنى : مجرد نقل الرواية إلى الغير من دون أن يكون مشتملا على التخويف ، فالآية لا تدل على اعتبار الخبر بما هو خبر ؛ بل تدل على اعتباره بما هو إنذار ، فالتوعيد والتخويف شأن الواعظ في مقام الإرشاد وشأن المجتهد في مقام الإفتاء. فالأولى الاستدلال بها على اعتبار الفتوى.

وخلاصة الجواب عن هذا الإشكال : أن الرواة في الصدر الأول كانوا نظير نقلة الفتاوى في هذا العصر ، فكما يصح التخويف من نقلة الفتاوى ، فكذلك يصح من نقلة الروايات.

٣٠٢

وتقريب الاستدلال بها (١) : أن حرمة الكتمان تستلزم القبول عقلا ؛ للزوم لغويته بدونه.

______________________________________________________

فإذا كان نقل الرواية مع التخويف حجة ، كان نقلها بدونه حجة أيضا ؛ لعدم القول بالفصل بينهما.

«فافهم» لعله إشارة إلى أن وجوب الحذر مترتب على الإنذار الواجب ؛ لا على مجرد صحة الإنذار ، ومن المعلوم : عدم وجوب الإنذار على الرواة من حيث إنهم رواة كعدم وجوبه على نقلة الفتاوى ، والمفروض : وجوب الحذر في خصوص ما إذا وجب الإنذار ، دون ما إذا صح وإن لم يكن واجبا.

٦ ـ رأي المصنف «قدس‌سره» :

عدم تمامية دلالة الآية على حجية خبر الواحد ، كما يظهر من وجوه الإشكال من دون الجواب المقنع.

في آية الكتمان

(١) تقريب الاستدلال بآية الكتمان : يتوقف على أمور :

الأول : أن معاني القرآن عامة شاملة ، لا تختص بطائفة دون طائفة ، ولا تنحصر بعصر دون آخر ، فهذه الآية المباركة وإن كان مورد نزولها علماء اليهود ، الذين يكتمون ما كان موجودا في التوراة من البينات والشواهد الدالة على نبوة نبينا محمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» ؛ إلا إن ما يستفاد منها من حرمة كتمان الحق لا يختص بهم.

الثاني : هو كون المراد من البينات والهدى أعم من الأصول والفروع.

الثالث : أن الروايات الصادرة عن الأئمة «عليهم‌السلام» حق.

الرابع : أن حرمة الكتمان ووجوب الإظهار ملازم عقلا لوجوب القبول ؛ وإلا كان وجوب الإظهار لغوا.

إذا عرفت هذه الأمور فنقول : إن تقريب هذه الآية على حجية خبر الواحد يكون نظير ما ذكر في آية النفر حيث قلنا هناك : بأن وجوب الإنذار كان يستلزم لوجوب الحذر والعمل بقول المنذر مطلقا ، فيقال في تقريب هذه الآية : إن حرمة الكتمان تستلزم وجوب القبول عند الإظهار مطلقا ، فالآية تدل على حرمة كتمان البينات والهدى بعد العلم بها ، ومن جملة البينات والهدى : هي الأخبار الصادرة عن الأئمة «عليهم‌السلام» ؛

٣٠٣

ولا يخفى : أنه لو سلمت هذه الملازمة لا مجال (١) للإيراد على هذه الآية بما أورد على آية النفر من دعوى الإهمال ، أو استظهار الاختصاص بما إذا أفاد العلم ، فإنها (٢) تنافيهما ، كما لا يخفى.

لكنها (٣) ممنوعة ، فإن اللغوية غير لازمة ؛ ....

______________________________________________________

إذ المراد من الهدى : كل ما يوجب الهداية. والأخبار الصادرة عنهم «عليهم‌السلام» تكون موجبة للهداية ، وكذا الأخبار تكون شواهد على تكاليف العباد ، فحينئذ : يحرم على الرواة كتمان الروايات بعد سماعها من الأئمة «عليهم‌السلام» ، فيجب القبول والعمل بها مطلقا عند إظهارهم بالنقل ؛ إذ لو لا وجوب القبول عند الإظهار لكان وجوب الإظهار لغوا. هذا ما أشار إليه بقوله : «للزوم لغويته» أي : لغوية وجوب الإظهار ، المستفاد من حرمة الكتمان «بدونه» أي : بدون قبول السامع ؛ لأنه إنما أمر بالإظهار ليقبل السامع ؛ وإلا فما فائدة الإظهار المأمور به.

(١) دفع لما أورده الشيخ ـ من الإشكالين الأولين في آية النفر ـ على الاستدلال بهذه الآية ، حيث قال : «ويرد عليها ما ذكرنا من الإيرادين الأولين في آية النفر ، من سكوتها وعدم التعرض فيها لوجوب القبول ؛ وإن لم يحصل العلم عقيب الإظهار ، أو اختصاص وجوب القبول المستفاد منها بالأمر الذي يحرم كتمانه ويجب إظهاره ، فإن من أمر غيره بإظهار الحق للناس ليس مقصوده إلا عمل الناس بالحق ، ولا يريد بمثل هذا الخطاب تأسيس حجية قول المظهر تعبدا ووجوب العمل بقوله ؛ وإن لم يطابق الحق». «دروس في الرسائل ، ج ٢ ، ص ٨٣».

وحاصل هذين الإيرادين : هو التشكيك في الإطلاق المثبت لحجية الخبر ؛ وإن لم يفد العلم ، كما هو المطلوب في حجيته ودعوى استظهار اشتراط الحجية بما إذا أفاد العلم.

وحاصل دفعهما : أنه ـ بعد تسليم الملازمة العقلية بين وجوب الإظهار ووجوب القبول ـ لا مجال لدعوى الإهمال ، أو استظهار الاختصاص ؛ إذ لا يعقل الإهمال في موضوع حكم العقل ؛ لأنه إذا أحرز موضوع حكمه حكم به بنحو الإطلاق ؛ وإلا لم يحكم أصلا.

(٢) أي : الملازمة بين الإظهار ، وبين وجوب القبول. «تنافيهما» أي : تنافي هذين الإشكالين.

(٣) أي : ولكن الملازمة التي هي قوام دلالة الآية على الحجية «ممنوعة» ، وهذا إشكال من المصنف على الاستدلال بالآية على حجية خبر الواحد وحاصله : منع الملازمة ؛ لعدم

٣٠٤

لعدم (١) انحصار الفائدة بالقبول تعبدا ، وإمكان أن تكون حرمة الكتمان (٢) لأجل وضوح الحق بسبب كثرة من أفتاه وبيّنه ، لئلا يكون للناس على الله حجة بل كان له عليهم الحجة البالغة.

______________________________________________________

انحصار الفائدة في القبول تعبّدا كما هو المطلوب لتثبت الملازمة ، ويتم الاستدلال بها على حجية الخبر غير العلمي ؛ لإمكان أن تكون الفائدة في وجوب الإظهار إفشاء الحق وإتمام الحجة ؛ لا لأجل حجيته تعبدا.

(١) تعليل لعدم لزوم اللغوية ، وقوله : «فإن اللغوية» تقريب لمنع الملازمة.

(٢) الأولى أن يقال : «حرمة الكتمان ووجوب الإظهار يتضح الحق ...» الخ.

فالمتحصل : أنه يجب الإظهار حتى يوضح الحق ويعرفه الناس ، وهذا غير قبول خبر الواحد كي يكون حجة.

خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدس‌سره»

يتلخص البحث في أمور :

١ ـ ما يتوقف عليه الاستدلال بآية الكتمان على حجية خبر الواحد وهي أمور :

الأول : عدم اختصاص حرمة كتمان الحق بعلماء اليهود ؛ وإن كان مورد نزول الآية ذمهم لأجل كتمانهم ما في التوراة من شواهد نبوّة نبينا محمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم».

الثاني : أن المراد من البينات والهدى أعم من الأصول والفروع ، فالروايات الصادرة عن الأئمة «عليهم‌السلام» تكون من البينات والهدى ، ومن مصاديق الحق الذي يجب إظهاره.

الثالث : أن حرمة الكتمان ووجوب الإظهار ملازم عقلا لوجوب القبول ؛ لئلا يكون الإظهار لغوا.

وتقريب الاستدلال بها على حجية خبر الواحد ـ بعد هذه الأمور ـ أنه يحرم على الرواة كتمان الروايات ، فيجب عليهم إظهارها بالنقل إلى غيرهم ، ويجب على غيرهم القبول والعمل بها مطلقا ؛ لئلا يلزم كون الإظهار بالنقل لغوا.

٢ ـ دفع ما أورده الشيخ من الإشكالين على الاستدلال بها على الحجية :

الإشكال الأول : الإهمال والسكوت في الآية ، والإشكال الثاني : «اختصاص وجوب القبول بالأمر الذي يحرم كتمانه ...» الخ.

وحاصل الإيرادين : التشكيك في الإطلاق المثبت لحجية الخبر وإن لم يفد العلم ،

٣٠٥

ومنها : آية السؤال عن أهل الذكر : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(*).

وتقريب الاستدلال بها (١) ما في آية الكتمان.

______________________________________________________

ودعوى استظهار الحجية بما إذا أفاد العلم.

وحاصل الدفع : أنه لا يعقل الإهمال في حكم العقل ، والمفروض : هي الملازمة عقلا بين الإظهار ووجوب القبول.

٣ ـ إشكال المصنف على الاستدلال بها على حجية خبر الواحد : بمنع الملازمة بين الإظهار ووجوب القبول مطلقا تعبدا وذلك لعدم انحصار الفائدة في القبول تعبدا ؛ لإمكان أن تكون الفائدة في وجوب إظهار لأجل إفشاء الحق بين الناس ، وإتمام الحجة عليهم. وهذا غير قبول خبر الواحد تعبدا ؛ كي يكون حجة.

٤ ـ رأي المصنف «قدس‌سره» :

عدم تمامية الاستدلال بهذه الآية على حجية خبر الواحد ؛ لما عرفت من الإشكال على الاستدلال بها على الحجية.

في آية السؤال

(١) أي : بآية السؤال. والاستدلال بها يتضح بعد بيان أمور :

الأول : أن يكون المراد من أهل الذكر في الآية : مطلق أهل العلم ، الشامل لعلماء أهل الكتاب كما هو ظاهرها موردا ، والأئمة «عليهم‌السلام» كما في الروايات الواردة في تفسير الآية : إن المراد بأهل الذكر هم الأئمة «عليهم‌السلام» والرواة والفقهاء ، فأهل الذكر عنوان عام يشمل الجميع ، يختلف باختلاف الموارد ، ففي مقام إثبات النبوة الخاصة لنبينا محمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» يكون المراد من أهل الذكر علماء اليهود والنصارى.

وفي زمان الأئمة «عليهم‌السلام» ، بعد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» يكون المراد منهم الأئمة «عليهم‌السلام» ، فيجب السؤال منهم «عليهم‌السلام» فيما يتعلق بالأحكام الشرعية.

كما إن أهل الذكر في زمان الغيبة هم الرواة بالنسبة إلى الفقهاء ، والفقهاء بالنسبة إلى العوام ، والمعنى في الجميع واحد ، وإنما الاختلاف في المصاديق بحسب الموارد.

الثاني : أن يكون مورد السؤال أعم من الأصول والفروع.

__________________

(*) النحل : ٤٣ ، الأنبياء : ٧.

٣٠٦

وفيه (١) : أن الظاهر منها إيجاب السؤال لتحصيل العلم ؛ لا للتعبد بالجواب.

وقد أورد عليها (٢) : بأنه لو سلّم دلالتها على التعبد بما أجاب أهل الذكر فلا دلالة

______________________________________________________

الثالث : أن يكون وجوب السؤال ملازما لوجوب القبول مطلقا تعبدا ؛ بأن لا يكون للسؤال فائدة إلا القبول تعبدا.

الرابع : أن يكون حجية الخبر سببا لوجوب السؤال ، بمعنى : أن الشارع أوجب السؤال من جهة كون الخبر حجة دون العكس ، أي : لم يكن وجوب السؤال والقبول سببا لحجية الخبر حتى يقال : إن مقتضى الآية ـ حينئذ ـ هو حجية الإخبار المسبوقة بالأسئلة لا مطلقا.

إذا عرفت هذه الأمور يتضح لك : حجية مطلق الخبر ، سواء كان مفيدا للعلم أم لا ، وسواء كان مسبوقا بالسؤال أم لا ، وهو المطلوب ، هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال.

(١) أي : الإشكال في الاستدلال بآية السؤال ، «أن الظاهر منها إيجاب السؤال لتحصيل العلم» ؛ لأن السؤال ظاهر في طلب العلم عما لا يعلم ، فالأمر به ظاهر في وجوب تحصيل العلم ؛ إذ الظاهر من وجوب السؤال في صورة الجهل ـ كما يقتضيه قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ـ هو كون السؤال لتحصيل العلم ويؤيده قول القائل : «سل إن كنت جاهلا».

وما قيل من : «إن لكل داء دواء ودواء الجهل السؤال» فإن الدواء رافع للمرض ، فالسؤال يوجب ارتفاع مرض الجهل ، وصيرورة الجاهل عالما ، فلا تدل الآية على وجوب الأخذ بقول أهل الذكر تعبدا ؛ بل في خصوص صورة إفادة العلم.

فالمتحصل : أن تعليق السؤال على عدم العلم يدل بالدلالة العرفية على كونه لأجل حصول العلم ؛ لا لأجل العمل بالجواب تعبدا ، وإن لم يفد العلم فلا ربط للآية بالمقام.

(٢) أي : على الاستدلال بالآية ، أعني : أورد الشيخ في «الرسائل» حيث قال : «إن المراد من أهل العلم ليس مطلق من علم ولو بسماع رواية من الإمام «عليه‌السلام» ...» الخ.

وحاصل الإيراد : أن الآية ـ بعد تسليم دلالتها على وجوب القبول تعبدا ـ تدل على حجية قول أهل العلم ؛ لا حجية ما يروي الراوي الذي لا يكون ـ من حيث كونه راويا ـ من أهل العلم ؛ وذلك لأن المراد من أهل العلم الذين يجب السؤال منهم ليس مطلق من علم ، ولو من طريق الحواس الظاهرية ، حتى تشمل الرواة ؛ بل المراد بهم : من علم بالأدلة

٣٠٧

لها على التعبد بما يروي الراوي ، فإنه بما هو راو لا يكون من أهل الذكر والعلم ، فالمناسب إنما هو الاستدلال بها على حجية الفتوى لا الرواية.

وفيه (١) : أن كثيرا من الرواة يصدق عليهم أنهم أهل الذكر والاطّلاع على رأي الإمام «عليه‌السلام» ؛ كزرارة ومحمد بن مسلم ومثلهما (٢) ، ويصدق على السؤال عنهم أنه (٣) السؤال عن أهل الذكر والعلم ، ولو كان السائل من ...

______________________________________________________

بعد إعمال الفكر والاجتهاد بما يستفاد منها. وأهل العلم بهذا المعنى هم الفقهاء ، فالآية تدل على وجوب حجية الفتوى ، ووجوب التقليد ؛ لا على وجوب العمل بالخبر وحجيته بما هو خبر لعارف بألفاظ الإمام «عليه‌السلام» ؛ لعدم صدق أهل العلم عليه ؛ لأن أهل العلم يطلق على من علم بالقوة الناطقة ، ولا يصدق على من علم بالقوة الباصرة والسامعة.

فالمناسب جعل الآية من أدلة حجية الفتوى لا الرواية.

(١) جواب عن الإيراد المذكور ، توضيحه : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٤٨٩» ـ إن أهل العلم وإن كان لا يطلق اصطلاحا على من علم من طريق الحواس الظاهرية كما في المقام ، حيث إن الراوي يعلم كلام المعصوم «عليه‌السلام» بالسمع ، فلا يطلق عليه أهل العلم ، وإنما يطلق على خصوص من علم بالقوة الناطقة ؛ إلا إن عدة من الرواة كانوا واجدين لمرتبتين : الفتوى والرواية ، فالآية تدل على حجية قوله من حيث إنه من أهل الذكر ، ويثبت اعتبار قوله من حيث كونه راويا : بعدم الفصل في اعتبار الرواية بينه وبين من لا يكون إلا راويا ، كجملة من الرواة الذين لم يكونوا من أهل الذكر ، يعني : كل من قال باعتبار رواية من كان واجدا لمرتبتين قال باعتبار رواية الواجد لمرتبة الرواية فقط.

كما يثبت اعتبار قول الراوي مطلقا بعدم الفصل أيضا بين ما يكون مسبوقا بسؤال ، وبين غيره ، فإن مقتضى هذه الآية وإن كان حجية قول أهل الذكر ـ دون الرواة ـ في خصوص ما يكون مسبوقا بالسؤال ، فيكون أخص من المدعى ؛ ولكن بعدم الفصل المزبور يتم المطلوب ، ويندفع إشكال الأخصية.

(٢) الأولى أن يقال : «أمثالهما». وضمائر الجمع من قوله : «عنهم» إلى «غيرهم» راجعة على زرارة ومحمد بن مسلم ومثلهما.

(٣) فاعل «يصدق» أي : يصدق أن السؤال عنهم سؤال عن أهل الذكر.

لا يقال : إن سؤال الجهال عن مثل زرارة يعد سؤالا عن أهل الذكر ، أما سؤال مثل محمد بن مسلم عن زرارة أو العكس ، مما يكون السائل هو من العلماء لا يكون مشمولا

٣٠٨

أضرابهم (١) ، فإذا وجب قبول روايتهم في مقام الجواب بمقتضى هذه الآية وجب قبول روايتهم ورواية غيرهم من العدول مطلقا (٢) ؛ لعدم (٣) الفصل جزما في وجوب القبول بين المبتدأ والمسبوق بالسؤال ، ولا بين أضراب زرارة وغيرهم ممن لا يكون من أهل الذكر ، وإنما يروي ما سمعه أو رواه ، فافهم (٤).

______________________________________________________

للآية ؛ لظهورها في سؤال الجهال من أهل الذكر ؛ لا سؤال العلماء منهم ، وبذلك تسقط جملة كبيرة من الرواة عن كونها مشمولة للآية ؛ إذ الرواة كثير منهم علماء يسأل بعضهم من بعض ، ويروي بعضهم عن بعض.

فإنه يقال : لا خصوصية في سؤال الجهال ؛ فإن المعيار كون المسئول عنه أهل الذكر ، فقوله حجة ولو كان السائل من أمثالهم.

(١) كهشام بن الحكم ، ويونس بن عبد الرحمن ، وأبان بن تغلب.

(٢) يعني : سواء كان في مقام الجواب بما هو راو ، أم بما هو مفت ، وسواء كان مسبوقا بالسؤال أم لم يكن. فالصور أربع.

(٣) تعليل لقوله «وجب قبول روايتهم». والحاصل : أن الآية عامة تشمل جميع أخبار المطلع ، سواء كان أهل الذكر من أهل كتاب ، أم إمام معصوم ، وسواء كان راويا أو مفتيا. وسواء كان في الأصول أو الفروع ، وإنما نقول بوجوب العلم في أصول الدين لدليل آخر ، وسواء كان علمه حاصلا من الحواس الظاهرة أم الباطنة ، وكل تقييد في الآية يحتاج إلى دليل ؛ كما في «الوصول إلى كفاية الأصول ، ج ٤ ، ص ٥٤».

(٤) لعله إشارة إلى إن الآية ليست في صدد القبول إطلاقا ، وإنما هي إرشاد إلى طريقة عقلائية في السؤال من أهل العلم ، فلا تعبد شرعي في المقام لقبول قول الراوي مطلقا ، فالقدر المتيقن هو كون المجيب من أهل الذكر ومسبوقا بالسؤال.

خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدس‌سره»

يتلخص البحث في أمور :

١ ـ تقريب الاستدلال بآية السؤال : يتوقف على أن يكون المراد بأهل الذكر مطلق أهل العلم ، الشامل للرواة ، وأن يكون مورد السؤال أعم من الأصول والفروع ، وحينئذ : فيقال في تقريب الاستدلال : أن وجوب السؤال يستلزم وجوب القبول عند الجواب ؛ وإلا لكان السؤال لغوا. وبضميمة العلم بعدم دخالة خصوصية السؤال في وجوب القبول ؛ بل الموضوع هو نفس الجواب بما هو جواب يثبت وجوب قبول الخبر الابتدائي غير المسبوق بالسؤال.

٣٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

٢ ـ وفيه : أن ظاهر الآية لزوم السؤال لأجل تحصيل العلم ؛ لا للقبول تعبدا ، كما يقال عرفا : «سل إن كنت جاهلا» ، فإنه ظاهر في كون السؤال طريقا إلى تحصيل العلم.

ويؤيد ذلك : أن مورد الآية هو معرفة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» وعلاماته ، فلا يعقل تكفلها جعل الحجية لقول المخبر. هذا مع إنه لا يكتفى في مثل ذلك بغير العلم ؛ لأنه من أصول الدين.

٣ ـ خلاصة ما أورده عليه الشيخ «قدس‌سره» : من إن موضوع السؤال أهل الذكر وهم أهل العلم ، وبمناسبة الحكم والموضوع يستكشف أن وجوب القبول من باب أنهم أهل علم ولجهة علمهم ومعرفتهم ، فلا تدل الآية على حجية خبر الراوي الذي لا ينقل سوى رواية ما صدر عن المعصوم «عليه‌السلام» ، بدون أن يكون له معرفة بكلامه «عليه‌السلام».

٤ ـ يمكن أن يقال في الجواب عن هذا الإيراد : بأن كثيرا من رواة الصدر الأول يصدق عليهم أنهم أهل العلم ؛ كزرارة ومحمد بن مسلم وغيرهما ، فإذا وجب قبول روايتهم وجب قبول رواية غيرهم ؛ لعدم الفصل جزما.

٥ ـ «فافهم» لعله إشارة إلى عدم تمامية الاستدلال بها على حجية خبر الواحد بوجوه :

الأول : أن ظاهرها بحسب المورد والسياق هو : كون المراد من أهل الذكر علماء اليهود ، فهي أجنبية عن حجية الخبر.

الثاني أن ظاهر بعض النصوص كون المراد من أهل الذكر أهل البيت «عليهم‌السلام».

الثالث : أن ما ذكر في الجواب عن الإيراد من عدم الفصل بين رواية مثل زرارة وبين رواية غيره غير سديد ؛ لأن موضوع القبول ليس رواية العالم حتى يقال بعدم الفصل ؛ بل موضوع القبول هو جواب أهل العلم لجهة علمهم ؛ بحيث يكون لذلك دخل في القبول ، ومعه لا قطع بعدم الفصل بينهم وبين من لا يكون من أهل الذكر ؛ لعدم ملاك القبول في خبره.

٦ ـ رأي المصنف «قدس‌سره» :

هو عدم تمامية الاستدلال بهذه الآية على حجية خبر الواحد ؛ لما عرفت من وجوه الإشكال.

٣١٠

ومنها : آية الأذن (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ)(*).

______________________________________________________

في آية الأذن

قبل بيان تقريب الاستدلال بها على حجية خبر الواحد ، ينبغي بيان وجه نزولها. عن القمي في تفسيره : «أنه نمّ منافق على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» فأخبره الله ذلك ، فأحضره النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» وسأله ، فحلف أنه لم يكن شيء مما ينمّ عليه ، فقبل منه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» ، فأخذ هذا الرجل بعد ذلك يطعن على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» ويقول : إنه يقبل كل ما يسمع ، أخبره الله أني أنمّ عليه وأنقل أخباره ، فقبل ، فأخبرته أني لم أفعل فقبل» ز فمعنى الآية : من المنافقين من يؤذي النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» بالقول حيث يقول : هو أذن أي قوة سامعة ؛ لأنه يستمع إلى كل ما يقال ، ويصغي إليه ويقبله ، ووصف الله تعالى نبيه «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» بقوله : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ)(١) الآية.

وتقريب الاستدلال بها على حجية خبر الواحد : يتوقف على أمور :

الأول : أن يكون المراد من إيمانه للمؤمنين : هو التصديق الحقيقي بمعنى : ترتيب الأثر الواقعي على قولهم وكلامهم ؛ لا التصديق الصوري بمعنى : إظهار القبول ، وعدم المبادرة إلى التكذيب.

الثاني : أن يكون وجوب تصديقهم ملازما لحجية قولهم ؛ إذ لا معنى لوجوب التصديق إلا الحجية.

الثالث : أن يكون مدحه تعالى لنبيه «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» بتصديقه للمؤمنين تصديقا حقيقيا ، حتى يكون التصديق الحقيقي حسنا بسبب المدح ، والعمدة هو : إثبات الأمر الأول ، وهو : أن يكون التصديق حقيقيا.

إذا عرفت هذه الأمور من باب المقدمة ، فيقال في تقريب الاستدلال بها على حجية خبر الواحد : إن الله تعالى مدح نبيه «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» بأنه يصدق المؤمنين ، وتسرية الحكم من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» إلى غيره إما من جهة دلالة الآية على حسن التصديق مطلقا ، من غير فرق بين النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» وغيره ، وإما من جهة ما دل على حسن المتابعة والتأسي بالنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» ،

__________________

(*) التوبة : ٦١.

(١) تفسير القمي ١ : ٣٠٠ ، بحار الأنوار ٢٢ : ٩٥ / ٤٨.

٣١١

فإنه (١) «تبارك وتعالى» مدح نبيه بأنه يصدق المؤمنين ، وقرنه (٢) بتصديقه تعالى.

وفيه (٣) : أولا : أنه إنما مدحه بأنه أذن ، وهو سريع القطع لا الأخذ بقول الغير تعبدا.

______________________________________________________

وحسن التصديق يلازم حجية الخبر ، والمصدق كل واحد من المؤمنين لا جميعهم بعنوان الاجتماع ، فدلت الآية على حجية كل خبر مؤمن وإن لم يفد العلم ، ولا يمكن حمله على ما إذا أفاد العلم ؛ لأن التصديق في صورة إفادة العلم ليس من جهة تصديق المؤمن من حيث إنه مؤمن حتى يكون مدحا ، وإنما هو من جهة العلم بالواقع ، فلا يكون مدحا ، وظاهر الآية : أنها في مقام المدح ، فيكون تصديق المؤمن بما هو تصديق المؤمن محبوبا ، خصوصا مع اقترانه بتصديقه له «تبارك وتعالى».

ومن المعلوم : أن تصديقه تعالى لازم ، فكذا ما بعده من تصديق المؤمنين ، فدلت الآية المباركة على حجية قول المؤمن.

قال الشيخ ما هذا لفظه : «مدح الله «عزوجل» رسوله بتصديقه للمؤمنين ؛ بل قرنه بالتصديق بالله «جل ذكره» ، فإذا كان التصديق حسنا يكون واجبا ...» الخ. راجع «دروس في الرسائل ، ج ٢ ، ص ٩٠».

(١) هذا تقريب الاستدلال بالآية على حجية خبر الواحد ، وقد عرفت توضيح ذلك.

(٢) أي : وقرن الله تصديق النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» للمؤمنين بتصديق النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» له «تبارك وتعالى» ، فكما لا يتصف تصديق النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» لله تعالى إلا بالحسن ، فكذا تصديق النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» للمؤمنين ليس إلا حسنا ، ولازم ذلك : أن قول المؤمن لا بد أن يكون معتبرا في نفسه حتى يتصف بالحسن.

(٣) أورد المصنف على الاستدلال بالآية بوجهين ، ذكرهما الشيخ في الرسائل :

أولهما : ما تعرض له الشيخ بقوله : «إن المراد بالأذن سريع التصديق ، والاعتقاد بكل ما يسمع ؛ لا من يعمل تعبدا بما يسمع من دون حصول الاعتقاد بصدقه ، فمدحه بذلك بحسن ظنه بالمؤمنين وعدم اتهامهم».

وملخص هذا الإيراد : أن الاستدلال بالآية مبني على أن يكون المراد من الأذن : استماع القول ثم التصديق والعمل به ، وإن لم يحصل العلم منه ، فيرد عليه : بأن المراد بالأذن : ليس مجرد استماع الكلام ؛ بل المراد به : سرعة الاعتقاد بالخبر ، فمفاده ـ حينئذ ـ أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» كان سريع الاعتقاد ، وكان يحصل له العلم من

٣١٢

وثانيا (١) : أنه إنما المراد بتصديقه للمؤمنين : هو ترتيب خصوص الآثار التي تنفعهم ،

______________________________________________________

إخبار المؤمنين ، فيصدقهم بعد العلم بصدقهم ، ومن المعلوم : أن العلم حجة ، فآية الأذن أجنبية عن المقام ؛ لأن محل الكلام في المقام هو : اعتبار قول المؤمن تعبدا ؛ لا لأجل حصول العلم بقوله.

لا يقال : إن سرعة القطع والاعتقاد ممدوحة في غير النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» ، فإنها فيه منافية للعصمة.

فإنه يقال : إن المدح على إبرازه نفسه الشريفة بمنزلة سريع القطع ، أو إنه تعلق بأخلاقه الحميدة ؛ وهي حسن معاملته ومعاشرته مع المؤمنين ، وحسن ظنه بهم ، وعدم اتهامه بالكذب.

وكيف كان ؛ فهذه الآية أجنبية عما نحن فيه ، ولا ربط لها بالمقام أصلا.

(١) هذا هو الوجه الثاني الذي ذكره الشيخ بقوله : «وثانيا : إن المراد من التصديق في الآية ليس جعل المخبر به واقعا ...» الخ. وتوضيح هذا الإيراد يتوقف على مقدمة وهي : إن التصديق على قسمين :

الأول هو الصوري.

والثاني : هو الحقيقي. والفرق بينهما : أن معنى التصديق الصوري : هو إظهار تصديق وقبول ما أخبر به المخبر ؛ ولو مع العلم بكذبه في مقابل إظهار كذبه وردّه.

ومعنى التصديق الحقيقي : هو جعل المخبر به واقعا ، ثم ترتيب آثار الواقع عليه.

إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الاستدلال بالآية على حجية خبر الواحد يكون مبنيا على أن يكون المراد من التصديق هو المعنى الثاني ؛ لأن التصديق الحقيقي يستلزم حجية قول المخبر ، والتصديق الصوري لا يستلزم حجية قول المخبر ؛ لأن المفروض : هو إظهار التصديق لا العمل بقول المخبر.

ثم التصديق مع قطع النظر عن القرينة وإن كان المتبادر منه التصديق الحقيقي ؛ إلا إن المراد من التصديق في الآية بمقتضى القرائن : هو التصديق الصوري ، ومن القرائن : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» قد جعل أذن خير لجميع الناس حتى المنافقين ، كما يقتضيه عموم الخطاب بقوله تعالى : (أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) ، وكون النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» أذن خير لجميع الناس لا يصح إلا أن يكون المراد من التصديق التصديق الصوري ؛ إذ على فرض التصديق الحقيقي لا يكون النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» أذن خير لجميع الناس ؛ بل للمخبر فقط ، مثلا : إذا أخبر شخص بأن بكرا شرب الخمر ،

٣١٣

ولا تضر غيرهم ؛ لا التصديق بترتيب جميع الآثار ، كما هو المطلوب في باب حجية الخبر ، ويظهر ذلك من تصديقه للنمّام بأنه ما نمّه ، وتصديقه لله تعالى بأنه نمّه كما هو

______________________________________________________

فإن التصديق المطلوب في حجية الخبر هو ترتيب آثار الصدق على إخباره ؛ بأن يجري على بكر حد شرب الخمر ، ومن المعلوم : أنه ليس خيرا لبكر ؛ بل هو خير للمخبر فقط لتصديقه.

ومن القرائن ما في تفسير العياشي عن الصادق «عليه‌السلام» من تعليل تصديق المؤمنين بقوله : «لأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» كان رءوفا رحيما بالمؤمنين» (١) حيث إن الرأفة بجميع المؤمنين تنافي قبول قول أحدهم على الآخر بمعنى ترتيب الآثار على قوله : وإن أنكر المخبر عنه وقوع ما نسب إليه ، فمع الإنكار لا بد من تكذيب أحدهما ، فلا يكون أذن خير للجميع.

فكون النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» رأفة ورحمة للناس كافة لا يناسب التصديق الحقيقي ؛ بأن يقبل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» قول بعضهم على ضرر بعضهم الآخر.

فالمراد من التصديق بالنسبة إلى المؤمنين : هو التصديق الصوري ، فلا تدل الآية على حجية خبر الواحد ؛ لأن دلالتها على الحجية مبنية على أن يكون المراد من التصديق هو : التصديق الحقيقي ، وليس الأمر كذلك ؛ بل المراد منه هو الصوري لا التصديق بمعنى : ترتيب جميع آثار الصدق.

ويؤيده أيضا ـ كما أفاده الشيخ ـ بل يشهد له ما في تفسير القمي «قدس‌سره» : من أن الآية الشريفة نزلت في عبد الله بن نفيل أو نوفل. أنه كان يسمع كلام النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» وينقله إلى المنافقين ، فأوقف الله نبيه «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» على هذه النميمة ، فأحضره النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» وسأله عنها ، فحلف له أنه لم يكن شيء مما نمّ عليه ، فقبل منه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» فرجع إلى أصحابه فقال : إن محمدا أذن ، أخبره الله أني أنمّ عليه وأنقل أخباره ، فقبل ، وأخبرته أني لم أفعل ذلك فقبل ، فأنزل الله على نبيه «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ...)(٢) الآية».

ومن المعلوم : أن تصديقه «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» للمنافق لم يكن إلا إظهارا

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ : ٩٥ / ٨٣ ، بحار الأنوار ١٠٠ : ٨٥ / ١٣.

(٢) تفسير القمي ١ : ٣٠٠ ، بحار الأنوار ٢٢ : ٩٥ / ٤٨.

٣١٤

المراد (١) من التصديق في قوله «عليه‌السلام» : «فصدّقه وكذبهم» ، حيث قال ـ على ما في الخبر ـ «يا محمد كذّب سمعك وبصرك عن أخيك ، فإن شهد عندك خمسون قسامة (٢) أنه قال قولا ، وقال : لم أقله ، فصدقه وكذبهم» ، فيكون مراده تصديقه بما ينفعه ولا يضرهم ، وتكذيبهم فيما يضره ولا ينفعهم ، وإلا (٣) فكيف يحكم بتصديق

______________________________________________________

للقبول وعدم مبادرته لتكذيبه ، وهو معنى التصديق الصوري الظاهري ، فيكون المراد من تصديقه بالله : هو التصديق الحقيقي ، ومن تصديقه «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» للمؤمنين هو التصديق الظاهري ، وربما يشهد بتغاير معنى الإيمان في الموضعين : تعديته في الأول : بالباء ، وفي الثاني : باللام.

وكيف كان ؛ فبعد ملاحظة هذه القرائن وغيرها لا يبقى مجال لتوهم إرادة التصديق المطلوب في باب حجية الخبر ، وهو التصديق الحقيقي بمعنى : ترتيب جميع آثار الصدق على المخبر به تعبدا من قوله تعالى : (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) ، فلا تدل هذه الآية أيضا على حجية خبر الواحد.

(١) أي : ترتيب خصوص الآثار النافعة دون الضارة هو المراد من التصديق في قوله : «فصدّقه وكذّبهم».

(٢) القسامة : هو عدلان ، فخمسون قسام مائة عادل ، وفي بعض الكتب : إن القسامة هم الجماعة الذين يحلفون خمسين حلفا على الدم في باب القتيل المجهول ، بمعنى : إذا اجتمعت جماعة من أولياء القتيل ، فادعوا على رجل أنه قتل صاحبهم ، ومعهم دليل دون البينة ، فحلفوا خمسين يمينا أن المدعى عليه قتل صاحبهم ، فهؤلاء الذين يقسمون على دعواهم يسمّون قسامة.

وكيف كان ؛ فمعنى الرواية : أنه إن شهد عندك خمسون رجلا ، مع حلفهم بالله أن مؤمنا فعل كذا أو قال كذا ، وقال لك ذلك المؤمن إني لم أفعله أو لم اقله «فصدّقه» ، أي : ترتب على قوله ما يوجب نفعه ، وقل له : إنك ما فعلت أو ما قلت بما شهد خمسون قسامة عليه وتعتبر هذه الشهادة منهم كأنها لم تكن ، وهذا المعنى ينفعه ولا يضرهم ، ويكون مراد الإمام «عليه‌السلام» من قوله : «وكذبهم» هو تكذيبهم فيما يضره أي : لا ترتب على شهادتهم أثرا بالنسبة إلى ذلك الأخ.

فالحاصل : إنه ليس المراد من تصديق الأخ هو : التصديق الحقيقي ، كما إنه ليس المراد من تكذيب القسامة هو : التكذيب الحقيقي ؛ لئلا يلزم ترجيح المرجوح على الراجح.

(٣) أي : وإن لم يكن المراد بالتصديق في الآية الشريفة ترتيب خصوص الآثار النافعة

٣١٥

الواحد وتكذيب خمسين؟ وهكذا المراد بتصديق المؤمنين في قصة إسماعيل (١) فتأمل جيدا.

______________________________________________________

دون الضارة ؛ بل كان المراد : ترتيب جميع الآثار الضارة والنافعة ـ كما هو مقتضى التصديق الحقيقي ، وهو المطلوب في باب حجية خبر الواحد ـ فكيف يحكم بتصديق الواحد وتكذيب خمسين؟ والاستفهام إنكاري ، يعني : لا يحكم بتصديق الواحد وتكذيب خمسين على فرض التصديق الحقيقي ؛ لأنه مستلزم لترجيح المرجوح على الراجح.

(١) خلاصة قصة إسماعيل ابن الإمام الصادق «عليه‌السلام» : أنه كان لإسماعيل دنانير ، وأراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن ، فقال له الإمام «عليه‌السلام» : «يا بني : أما بلغك أنه يشرب الخمر؟». قال : سمعت الناس يقولون. فقال : «يا بني إن الله «عزوجل» يقول : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) ، يقول يصدق الله ويصدق للمؤمنين ، فإذا شهد عندك المسلمون فصدقهم» (١). فإنه ليس المراد بتصديقهم في المقام ترتيب آثار شرب الخمر على الرجل ؛ بل المراد : عدم ائتمانه ، فليس المراد ترتيب الأثر الضار ؛ بل ترتيب أثر ينفعه ولا يضر غيره ، «فتأمل جيدا» حتى لا تقول : إن الرواية تؤيد ظاهر الآية من ترتيب جميع الآثار على قول المؤمنين ، فتدل على حجية خبر الواحد. وتركنا بعض الكلام في المقام رعاية للاختصار.

خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدس‌سره»

ويتلخص البحث في أمور :

١ ـ تقريب الاستدلال بآية الأذن على حجية الواحد : يتوقف على أن يكون المراد بإيمان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» للمؤمنين هو : التصديق الحقيقي ، وأن يكون وجوب تصديقهم ملازما لحجية قولهم ، وأن يكون مدحه تعالى للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» بتصديقه للمؤمنين تصديقا حقيقيا ، ثم تسرية الحكم من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» إلى غيره من جهة دلالة الآية على حسن التصديق مطلقا ، من غير فرق بين النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» وغيره ، فتدل الآية على حجية خبر كل مؤمن ؛ وإن لم يفد العلم.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٢٩٩ / ١ ، الفصول المهمة في أصول الأئمة «عليهم‌السلام» ١ : ٦١١ / ٩٦٤.

٣١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

٢ ـ الإشكال على الاستدلال بها بوجهين :

الأول : أن الأذن يكون بمعنى : سريع القطع ، بمدحه الله تعالى بأنه سريع القطع لأجل حسن ظنه بالمؤمنين ، ومن المعلوم : أن القطع حجة ، فلا ربط للآية بالمقام وهو أخذ قول الغير تعبدا.

الثاني : أن المراد بتصديقه للمؤمنين هو : التصديق الصوري الظاهري ، بمعنى : تصديقهم فيما ينفعهم ولا يضر غيرهم ، وليس المراد من تصديقهم : ترتيب جميع آثار الخبر ، كما هو المطلوب في باب حجية الخبر.

ويشهد لذلك : أنه صدق النمام بأنه لم ينمّ عليه ، في الوقت الذي أخبره الله بأنه نمّ عليه ، فلا معنى لتصديقه إلا عدم ترتيب آثار النميمة الشخصية.

٣ ـ المراد من التصديق في قوله «عليه‌السلام» : «فصدقه وكذبهم» ، وملخص ما ورد في الخبر : قال الإمام «عليه‌السلام» : «يا محمد كذّب سمعك وبصرك عن أخيك ، فإن شهد عندك خمسون قسامة أنه قال قولا ، وقال : لم أقله «فصدقه». أي : ترتّب على قوله : ما يوجب نفعه ولا يضرهم ، «وكذبهم» فيما يضره ، فليس المراد من تكذيب القسامة هو التكذيب الحقيقي ، كما إنه ليس المراد من تصديق الأخ هو التصديق الحقيقي.

وكذا الكلام في قصة إسماعيل ابن الإمام الصادق «عليه‌السلام» ، قال : «يا بني إن الله «عزوجل» يقول : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) ، فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم» ، فإنه ليس المراد بتصديقهم : ترتيب آثار شرب الخمر على الرجل ؛ بل المراد عدم ائتمانه ، فليس المراد ترتيب الأثر الضار ؛ بل ترتيب أثر ينفعه ولا يضر غيره.

٤ ـ رأي المصنف «قدس‌سره» :

عدم تمامية الاستدلال بآية الأذن على حجية خبر الواحد ؛ لما عرفت من : الإشكال على الاستدلال ، من دون جواب عنه أصلا.

٣١٧
٣١٨

فصل

في الأخبار التي دلت على اعتبار الآحاد.

وهي وإن كانت طوائف كثيرة (١) ؛ كما يظهر من مراجعة الوسائل وغيرها ؛ إلا إنه

______________________________________________________

في الأخبار الدالة على حجية خبر الواحد

(١) أي : كلها بين ما يدل على اعتبار خبر العادل ، وخبر الثقة العادل ، وخبر الثقة ، وخبر الشيعة. ونكتفي بذكر بعض الروايات من كل طائفة رعاية للاختصار.

الطائفة الأولى هي الأخبار العلاجية ، الدالة على أن حجية أخبار الآحاد في نفسها كانت مفروغا عنها عند الأئمة «عليهم‌السلام» وأصحابهم ، وأنهم اتفقوا على العمل بها ، وإنما توقفوا عن العمل بها من جهة المعارضة ، ولذا سأل الأصحاب منهم «عليهم‌السلام» عن حكمها حال التعارض ، فأرجعهم الأئمة «عليهم‌السلام» على العمل بالمرجحات إن كانت ، أو التخيير إن لم تكن ، فهذه الأخبار تدل على حجية الأخبار المتعارضة تعيينا أو تخييرا. فالمستفاد منها : هو كون أصل حجية الأخبار المتعارضة مسلّمة بين الأصحاب ـ وهو المطلوب ـ وإنما الكلام في التعيين أو التخيير عند التعارض ؛ وإلا لم يكن معنى لبيان العلاج.

منها : مقبولة عمر بن حنظلة وفيها : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقهما وأصدقهما في الحديث» (١) ، وموردها وإن كان في الحاكمين إلا إن الترجيح فيها يرجع إلى ترجيح إحدى الروايتين اللتين استند إليهما الحاكمان على الأخرى ، فيجب الأخذ بالحكم المستند إلى ما له مرجّح.

ومنها : صحيحة جميل بن دراج عن أبي عبد الله «عليه‌السلام» قال : «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا ،

__________________

(١) الكافي ١ : ٦٧ / جزء من ح ١٠ ، تهذيب الأحكام ٦ : ٣٠١ / جزء من ح ٨٤٥ ، الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، جزء من ح ٣٣٣٤.

٣١٩

يشكل الاستدلال بها على حجية أخبار الآحاد بأنها (١) أخبار آحاد ، فإنها غير متفقة

______________________________________________________

فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه» (١).

الطائفة الثانية : التي تدل على حجية أخبار الآحاد هي : الأخبار الآمرة برجوع الناس إلى أشخاص معينين من الأصحاب والرواة ؛ كقول الإمام «عليه‌السلام» : «إذا أردت حديثا فعليك بهذا الجالس» مشيرا إلى زرارة (٢). وفي رواية أخرى : «ما رواه زرارة عن أبي جعفر «عليه‌السلام» فلا يجوز رده» ، وقوله «عليه‌السلام» : «عليك بزكريا بن آدم المأمون على الدين والدنيا» (٣).

الطائفة الثالثة : التي تدل على حجية أخبار الآحاد هي : الأخبار الآمرة بوجوب الرجوع إلى الثقات ، وعدم جواز التشكيك فيما يروى عنهم ؛ كقوله «عليه‌السلام» : «لا عذر لأحد في التشكيك فيما يؤدّيه ثقاتنا» ، ومثل قول الحجة «عجل الله فرجه الشريف» : «وأما الحوادث الواقعة : فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنهم حجتي عليكم ، وأنا حجة الله عليهم» (٤).

الطائفة الرابعة : هي الأخبار الآمرة بحفظ الروايات وضبطها والاهتمام بشأنها ، مثل موثقة عبيد بن زرارة قال : قال أبو عبد الله «عليه‌السلام» : «احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها» (٥).

ومثل : النبوي المستفيض ؛ بل المتواتر : «إنه من حفظ على أمتي أربعين حديثا بعثه الله فقيها عالما يوم القيامة» (٦). وإطلاق هذا الحديث يدل على مطلوبية حفظ الحديث للعمل به ، سواء كان خبرا واحدا أو متواترا.

فالمتحصل : أن دلالة هذه الأخبار على حجية أخبار الآحاد واضحة لا تحتاج إلى البيان والتوضيح.

(١) أي : بأن الأخبار المتقدمة أخبار آحاد ، بيان للإشكال ومتعلق ب «يشكل».

وحاصل الإشكال في المقام : أن الاستدلال بالأخبار المتقدمة على حجية أخبار

__________________

(١) الوسائل ٢٧ : ١١٩ / ٣٣٣٦٨ ، عن رسالة الراوندي.

(٢) اختيار معرفة الرحال ١ : ٣٤٧ / ذيل ح ٢١٦ ، الوسائل ٢٧ : ١٤٣ / ٣٣٤٣٤.

(٣) اختيار معرفة الرحال ٢ : ٨٥٨ / ١١١٢ ، الاختصاص : ٨٧٠ ، بحار الأنوار ٢ : ٢٥١ / ٦٨.

(٤) كمال الدين : ٣٨٣ / ذيل ح ٤ ، الوسائل ٢٧ : ١٤٠ / ٣٣٤٢٤.

(٥) الكافي ١ : ٥٢ / ١٠ ، الوسائل ٢٧ : ٨١ / ٣٣٢٦٢.

(٦) مسند زيد بن علي «عليه‌السلام» : ٤٤٣ ، الأربعون للشهيد : ١٩ ، الوسائل ٢٧ : ٩٩ / ٣٣٣١٧.

٣٢٠