المدخل لعلم تفسير كتاب الله تعالى

أبي النصر أحمد بن محمّد بن أحمد السمرقندي [ الحدّادي ]

المدخل لعلم تفسير كتاب الله تعالى

المؤلف:

أبي النصر أحمد بن محمّد بن أحمد السمرقندي [ الحدّادي ]


المحقق: صفوان عدنان داوودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القلم ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٧٦

جاء في التفسير أنهما كانا ملكين (١).

وقوله تعالى : (قُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) (٢) ، قال بعضهم : هذا خطاب لآدم وحواء.

وقوله تعالى : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) (٣).

هما اثنتان وما فوقهما عند أكثر الفقهاء.

وقوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) (٤).

وقوله تعالى : (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٥).

قال مجاهد : رجلان.

وقال الله تعالى لعائشة وحفصة رضي الله عنهما : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) (٦) ، يعني : قلبيكما.

وقوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً) (٧).

جاء في التفسير أنّ المؤمن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، والفاسق الوليد بن عقبة (٨) ، ثم قال : (لا يَسْتَوُونَ.)

__________________

(١) راجع القصة في الدر المنثور ٧ / ١٥٨.

للسيوطي ٧ / ١٥٩.

(٢) سورة البقرة : آية ٣٥.

(٣) سورة النساء : آية ١١.

(٤) سورة الحج : آية ١٩.

(٥) سورة النور : آية ٢.

(٦) سورة التحريم : آية ٤.

(٧) سورة السجدة : آية ١٨.

(٨) أخرج الواحدي وابن عدي وابن مردويه وابن عساكر من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال الوليد بن عقبة لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : أنا أحدّ منك سنانا ، وأبسط منك لسانا ، وإملاء للكتيبة منك ، فقال له عليّ رضي الله عنه : اسكت فإنما أنت فاسق فنزلت (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ،) يعني بالمؤمن عليا ، وبالفاسق : الوليد بن عقبة أبي معيط.

٢٨١

وقوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ) (١) ، ثمّ قال : (أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (١).

وقوله تعالى : (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) (٢) ، أراد به ابنتيه.

وقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَخافا) (٣) ، ثم قال : (فَإِنْ خِفْتُمْ.)

ـ في مصحف ابن عباس رضي الله عنهما وما يعلّمون من أحد حتى يقولا إنّما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرّقون به (٤). هكذا وجد الشيخ الإمام الزاهد رضي الله عنه.

قال الشاعر :

٢٨٤ ـ يحيّي بالسلام غنيّ قوم

ويبخل بالسّلام على الفقير

٢٨٥ ـ أليس الموت بينهما سواء

إذا ماتوا وصاروا في القبور

* * *

__________________

(١) سورة الأحزاب : آية ٣٦.

(٢) سورة هود : آية ٧٨.

(٣) (إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ) [سورة البقرة : آية ٢٢٩].

(٤) سورة البقرة : آية ١٠٢ ، وهي قراءة شاذة ، وقراءة الجميع [وما يعلّمان].

٢٨٤ ـ ٢٨٥ ـ البيتان في تفسير القرطبي ٥ / ٧٣ من غير نسبة من المصحح ، وهما لشويعر الحنفي ، راجع معجم الشعراء ص ١٤٢.

٢٨٢

باب

ما يذكر بلفظ الجمع ويراد به الواحد

ـ إن سئل عن قوله تعالى : (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي) (١).

وقوله تعالى : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ) (٢).

أليس المفسرون قد أجمعوا على أنّ المنادي كان جبرئيل؟ فكيف ذكره بلفظ الجمع؟

ـ قلنا : سائغ في كلام العرب ذكر الواحد بلفظ الجمع ، وذكر الجمع بلفظ الواحد والتثنية بلفظ الجمع ، والجمع بلفظ التثنية على ما قدمنا في الأبواب.

ـ وأمّا نظائر هذا :

فمن ذلك قوله تعالى : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) (٣) ، قيل : إنّه أراد بها سماء واحدة.

وقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) (٤) ، وقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (٥).

__________________

(١) سورة آل عمران : آية ٣٩.

(٢) سورة آل عمران : آية ٤٢.

(٣) سورة نوح : آية ١٦.

(٤) سورة الحجر : آية ٩.

(٥) سورة القدر : آية ١.

٢٨٣

وقوله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ) (١) ، ونظائرها.

وكذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) (٢).

قيل : إنّه خطاب للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقوله تعالى : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) (٣) ، يعني : نعيم بن مسعود.

وقوله تعالى : (قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) (٤) ، ولم يقل : ربّ أرجعني.

وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى) (٥) ، يعني : عباس بن عبد المطلب (٦).

وقوله تعالى : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) (٧).

وكان القائل جلاس بن سويد ، حين قال : إن كان ما يقول محمد حقا فنحن شر من الحمير ، ثم حلف بعد ذلك أنّه ما قال.

وقوله تعالى : حكاية عن آسية حيث قالت لفرعون : (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ) (٨).

__________________

(١) سورة يوسف : آية ٣.

(٢) سورة المؤمنون : آية ٥١.

(٣) سورة آل عمران : آية ١٧٣.

(٤) سورة المؤمنون : آية ٩٩.

(٥) سورة الأنفال : آية ٧٠.

(٦) أخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان العباس رضي الله عنه قد أسر يوم بدر ، فافتدى نفسه بأربعين أوقية من ذهب ، فقال حين نزلت : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى :) لقد أعطاني الله خصلتين ما أحبّ أن لي بهما الدنيا ، إني أسرت يوم بدر ففديت نفسي بأربعين أوقية فأعطاني الله أربعين عبدا ، وإني أرجو المغفرة التي وعدنا الله.

راجع الدر المنثور ٤ / ١١٢.

(٧) سورة التوبة : آية ٧٤.

(٨) سورة القصص : آية ٩.

٢٨٤

وقوله تعالى : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) (١) ، ثم قال :(وَاعْمَلُوا صالِحاً) الآية.

وقوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ) (٢) ، وإنّما هو ميزان واحد ، ولها نظائر في القرآن.

ـ أمّا من الأبيات فقول الشاعر :

٢٨٦ ـ جاء الشتاء وقميصي أخلاق

شراذم يضحك منها التوّاق

يعني : خلقا.

وقال الآخر :

٢٨٧ ـ تسمع للحليّ إذا ما وسوسا

والتجّ في أجيادها وأجرسا

يعني : في جيدها.

وقال ذو الرّمة :

٢٨٨ ـ برّاقة الجيد واللّبات واضحة

كأنّها ظبية أفضى بها لبب

إنما هي لبّة واحدة ، وذكرها بلفظ الجمع.

__________________

(١) سورة سبأ : آية ١١.

(٢) سورة الأنبياء : آية ٤٧.

٢٨٦ ـ البيت لم ينسب ، وهو في جمهرة اللغة ٢ / ٢٤٠ ، ومعاني القرآن للفراء ١ / ٤٢٧ ، واللسان مادة : توق ، والصاحبي ٣٥١ ، وتفسير القرطبي ١٣ / ١٠٣ ، والاقتضاب ١٢ ، والتواق : هو الذي يرد الأمور ويصلحها.

٢٨٧ ـ الرجز للعجاج ، وهو في ديوانه ص ٢٠ ، وبصائر ذوي التمييز ٢ / ٣٧٨ ، والعباب حرف الفاء ٢٤٨ ، ولسان العرب مادة : وسوس. والوسواس صوت الحلي.

٢٨٨ ـ البيت لذي الرمة وهو في أساس البلاغة مادة فضو. وقد تقدم ص ٢٠٩.

٢٨٥

وقال امرؤ القيس :

٢٨٩ ـ مهفهفة بيضاء غير مفاضة

ترائبها مصقولة كالسّجنجل

وإنما هي تريبة واحدة.

وقال أيضا :

٢٩٠ ـ يزلّ الغلام الخفّ عن صهواته

ويلوي بأثواب العنيف المثقّل

وإنما هي صهوة واحدة.

* * *

__________________

٢٨٩ ـ البيت في ديوانه ص ١١٥ وهو من معلقته ، وقوله : مهفهفة : خفيفة اللحم ، المفاضة : مسترحية البطن ، السجنجل : المرآة الصافية.

راجع شرح المعلقات ١ / ٢١.

٢٩٠ ـ البيت من معلقته أيضا ، والخف : الخفيف الحاذق بالركوب.

راجع شرح المعلقات ١ / ٣٥ ، وديوانه ص ١١٩.

٢٨٦

باب

حذف «يا» من النّداء

ـ إن قيل : ما وجه قراءة من قرأ : (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (١)؟

قلنا : هذا على النداء ، تقديره : يا مالك يوم الدين.

فالعرب تنادي ب «يا» وب «أي» و «الهمزة» و «أيا» و «هيا».

ـ وقد تحذف «يا» من النداء كقوله تعالى : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) (٢). أي : يا يوسف.

وكقوله تعالى : (فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٣). يعني : يا فاطر.

وكقوله تعالى : (عالِمَ الْغَيْبِ) (٤). يعني : يا عالم ، وقوله تعالى : (رَبَّنا ظَلَمْنا) (٥).

وقوله تعالى : (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً) (٦) ، وأشباه ذلك.

وكذلك قوله تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) (٧). يعني : يا ذرية من حملنا.

__________________

(١) سورة الفاتحة : آية ٤ ، وهي قراءة شاذة ، قرأ بها المطوعي بالنصب على القطع ، أي : أمدح أو أعني أو منادى مضاف.

راجع الإتحاف ١٢٢.

(٢) سورة يوسف : آية ٢٩.

(٣) سورة الزمر : آية ٤٦.

(٤) سورة الزمر : آية ٤٦.

(٥) سورة الأعراف : آية ٣٢.

(٦) سورة إبراهيم : آية ٣٦.

(٧) سورة الإسراء : آية ٣.

٢٨٧

وقوله تعالى : (قُلِ اللهُمَ) (١).

جاء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما معناه : يا الله ألهمهم.

قال الشاعر :

٢٩١ ـ تميم بن زيد لا تكوننّ حاجتي

بظهر فلا يخفى عليّ جوابها

وقال الآخر :

٢٩٢ ـ أمير المؤمنين ألست حقا

بأكرم من أظلّته السماء

٢٩٣ ـ بلى وابن الأطايب من قريش

ملوك النّاس ليس بهم خفاء

وقال الآخر :

٢٩٣ ـ محمد تفد نفسك كلّ نفس

إذا ما خفت من أمر تبالا

وقال الآخر :

٢٩٤ ـ إن كنت أزننتني بها كذبا

جزء فلاقيت مثلها عجلا

__________________

(١) سورة آل عمران : آية ٢٦.

٢٩١ ـ البيت للفرزدق وقد تقدم رقم ٩.

٢٩٢ ـ ٢٩٣ ـ البيتان ذكرهما ابن الأنباري في الزاهر ٢ / ٢٦٣ ولم ينسبهما.

٢٩٣ ـ البيت لأبي طالب عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وهو من شواهد سيبويه ١ / ٤٠٨ ، ومغني اللبيب ٢٩٧ ، والقصيدة كلها في الروض الأنف. والشاهد فيه حذف «يا» النداء فيه وفيه شاهد آخر وهو : حذف لام الأمر ، إذ الأصل : لتفد. وهذا جائز في الشعر ، ومنعه المبرد.

راجع مغنى اللبيب ٢٩٧.

٢٩٤ ـ قال الطبري : البيت لشاعر من بني أسد ، وهو شاعر جاهلي فيما يقال ، وهو لحضرمي بن عامر ، وكان له تسعة إخوة ماتوا جميعا وورثهم ، وجزء ابن عمه ، وكان ينافسه فزعم أن حضرميا سرّ بموت أخوته ، لأنّه ورثهم ، فأنكر عليه حضرمي ذلك. ـ

٢٨٨

وأمّا النداء بالهمزة :

فكقول القائل :

٢٩٥ ـ أخليفة الرحمن إنّ عشيرتي

أمسى سراتهم عزين فلولا

* * *

__________________

ـ راجع تفسير الطبري ١ / ٦٧ ، وما يجوز للشاعر في الضرورة ص ١٧٣ ، واللسان مادة : زمن.

٢٩٥ ـ البيت للراعي :

وهو في ديوانه ٢٢٨ ، وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٩٣ ، ومجاز القرآن ٢ / ٢٧٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٣١ ، وفي الديوان :

أوليّ أمر الله إنّ عشيرتي

أمسى سوامهم عزين فلولا

٢٨٩

باب

المصادر التي جاءت بخلاف الصّدر

ـ إن سئل عن قوله تعالى : (فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) (١) ، أليس كان ينبغي على ظاهر الكلام أن يقول : بتقبّل حسن وأنبتها إنباتا حسنا؟

الجواب عن هذا :

ـ قلنا : إنّ النحويين قد تفوّه فيه كلّ واحد منهم بشيء.

حكي عن الخليل أنّه قال : هذا مصدر جاء على غير صدره ، مجازه : وأنبتها فنبتت نباتا حسنا.

ـ وقال قطرب النحوي : إنّ هذا مثل قوله تعالى : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (٢) ، أي : أنبت لكم من الأرض نباتا.

قال الشيخ الإمام الزاهد رضي الله عنه : هذا مما لا يتأتى في كلّ موضع ، خصوصا في قوله : (فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ.)

لكن الوجه عندي أن الفعلين إذا اختلف لفظاهما واتفق معناهما ، ناب

__________________

(١) سورة آل عمران : آية ٣٧.

(٢) سورة نوح : آية ١٧.

٢٩٠

مصدر أحدهما عن الآخر ، ومن ذلك قوله تعالى : (إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) (١) ، أي : إقامة. يقال : أقام يقيم إقامة ، وقلّما سمع : مقاما.

وقوله تعالى : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) (٢). أي : تبتّلا.

وقوله تعالى : (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) (٣). أي : تكذيبا.

وقوله تعالى : (فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) (٤).

وقوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) (٥).

وقوله تعالى : (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ) (٦) ، ولم يقل : بمداينة.

وقوله : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً) (٧) ، ولم يقل : تعاليا.

قال الشاعر :

٢٩٦ ـ وخير الأمر ما استقبلت منه

وليس بأن تتبعه اتباعا

ولم يقل : تتبعا.

وقال امرؤ القيس :

٢٩٧ ـ فصرنا إلى الحسنى ورقّ كلامنا

فرضتّ فذلّت صعبة أيّ تذلال

__________________

(١) سورة الفرقان : آية ٦٦.

(٢) سورة المزمل : آية ٨.

(٣) سورة النبأ : آية ٢٨.

(٤) سورة المرسلات : آية ٢٣.

(٥) سورة البقرة : آية ٢٤٥.

(٦) سورة البقرة : آية ٢٨٢.

(٧) سورة الإسراء : آية ٤٣.

٢٩٦ ـ البيت للقطامي ، واسمه عمير بن شييم ، شاعر أموي.

والبيت في مجمع الأمثال ١ / ٣٥٩ ، ومعجم الشعراء ٢٤٤ ، والشعر والشعراء ٤٨٣.

٢٩٧ ـ البيت في لاميته التي أولها :

ألا عم صباحا

أيها الطلل البالي

وقوله : رضتّ : من الرياضة ، أي : ذللت الصعب منها ، فذلّت : لانت.

راجع ديوانه ص ١٢٥.

٢٩١

ولم يقل : تذللا.

وقال الآخر :

٢٩٨ ـ أنت الفداء لكعبة هدّمتها

ونقرتها بيديك كلّ منقّر

وقال الآخر :

٢٩٩ ـ...

فإن شئتم تعاودنا عوادا

ولم يقل : تعاودا.

* * *

__________________

٢٩٨ ـ البيت لم يعلم قائله ، وبعده :

منع الحمام مقيله من سقفها

ومن الحطيم فطار كلّ مطيّر

وهو في معاني القرآن للأخفش ٢ / ٣٩٠ ، والمحتسب لابن جني ١ / ٨١.

٢٩٩ ـ العجز لشقيق بن جزء.

وشطره : [بما لم تشكروا المعروف عندي].

وهو في الاقتضاب ص ٤٥٢ ، وخزانة الأدب ٣ / ١٣٥ ، والخصائص ٢ / ٣٠٩ ، وفرحة الأديب.

وقد رواه الفارسي بالدال المهملة ، وابن جني بالذال المعجمة في المحتسب ١ / ١٨٢.

قال ابن جني : وكما جاؤوا بالمصدر فأجروه على غير فعله لما كان في معناه ، وأنشد الشطر :...

لما كان التعاود أن يعاود بعضهم بعضا.

٢٩٢

باب آخر من هذا النوع

وهو أنّه يجوز أن يكون المصدر بخلاف صدره

إذا كان في المصدر نفسه معنى الصدر بعينه

كقوله تعالى : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) (١).

يحتمل أن يقال : معناه : والعاديات عدوا.

ويحتمل أن يكون معناه : والضابحات ضبحا ؛ لأنّ الضبح من موجب العدو ، والعدو موجبه.

وكذلك قوله تعالى : (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) (٢).

وكذلك قوله : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) (٣).

وقوله : (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً) (٤).

يحتمل أن يقال : أفنصفح عنكم صفحا.

ويحتمل : أفنضرب عنكم الذّكر ضربا.

قال الشاعر :

٣٠٠ ـ

يعجبه السخون والبرود

والتّمر حبّا ما له مزيد

__________________

(١) سورة العاديات : آية ١.

(٢) سورة العاديات : آية ٢.

(٣) سورة النازعات : آية ١.

(٤) سورة الزخرف : آية ٥.

٣٠٠ ـ البيت تقدم برقم ٢.

٢٩٣

لما كان الحبّ من نتيجة الإعجاب ، والإعجاب مسبّب الحبّ ، جعل الحبّ مصدرا للإعجاب كأنّه قال : يعجبه السخون والبرود والتمر إعجابا ما له من مزيد.

* * *

٢٩٤

باب التكرار

ـ إن سئل عن قوله تعالى : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) (١) ، أليس جبريل وميكائيل عليهما‌السلام من جملة الملائكة؟

فلأيّ معنى كرّر ذكرهما؟

ـ الجواب عن هذا ـ وبالله التوفيق ـ :

إنّ للعرب طريقة في الحذف والتكرار ، فالحذف للإيجاز والتقصير ، والتكرار للتقسيم والتفصيل. وقد قيل : إنّ في التكرار ربّما يكون زيادة فائدة كقوله تعالى : (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) (٢) الفائدة في ذكر الرّمان والنخل وعطفه على الفاكهة : تشريف لهما على الفواكه.

وهذه الآية من جملتها ، عطف جبريل وميكائيل عليهما‌السلام على الملائكة تشريفا لهما.

وكذلك قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) (٣) عطفهم على النبيين تشريفا لهم.

__________________

(١) سورة البقرة : آية ٩٨.

(٢) سورة الرحمن : آية ٦٨.

(٣) سورة الأحزاب : آية ٧.

٢٩٥

وإمّا التوكيد والتفهيم كقوله تعالى : (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ) (١) لأنّ المداينة قد تكون من القرض ، وتكون من المجازاة ، يقال : دنته لما صنع ، أي : جازيته.

وكقوله تعالى : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) (٢) ليعلم أنّ السقف قد خرّ.

وقوله تعالى : (فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ) (٣) ، الفائدة فيه أنّ «من» للتبعيض ، أي : غشيهم من ماء اليم ، أي : بعض الماء غشيهم لا جميع المياه.

وقيل أيضا : غشيهم من ماء البحر ما غشي موسى وقومه ، ولكن نجا موسى ، وغرق فرعون.

وقوله تعالى : (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) (٤) لأنّ الطيران قد يكون بالرّجل وهو المشي ، حتى قيل : طر في حاجتي بأرجل.

وقال الشاعر :

٣٠١ ـ لقاء أكثر من يأتيك أوزار

فلا تبال أصدّوا عنك أم زاروا

٣٠٢ ـ لهم إليك إذا جاؤوك أوطار

فإن قضيتهم ملّوك أو طاروا

وكقوله تعالى : (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ) (٥) ، لأنّ القول قد يكون بغير الفم.

يقال : قال برأسه ، وقال بيده ، وقد يكون بظنّ القلب ، يقال : قلت عبد الله خارجا ، أي : ظننت ، كما قال الشاعر :

٣٠٣ ـ أمّا الرحيل فدون بعد غد

فمتى تقول الدار تجمعنا

أي : تظن.

__________________

(١) سورة البقرة : آية ٢٨٢.

(٢) سورة النحل : آية ٢٦.

(٣) سورة طه : آية ٧٨.

(٤) سورة الأنعام : آية ٣٨.

٣٠١ ـ ٣٠٢ ـ البيتان لأبي فتح البستي وهما في يتيمة الدهر ٤ / ٣٢٤.

(٥) سورة آل عمران : آية ١٦٧.

٣٠٣ ـ البيت لعمر بن أبي ربيعة من قصيدة في ديوانه ص ٤٩٣ ، وهو من شواهد سيبويه ١ / ٦٣ ، والمقتضب ٢ / ٣٤٨ ، وشرح الجمل لابن عصفور ١ / ٤٦٢.

٢٩٦

وقال الآخر :

٣٠٤ ـ ألا يا صفيّ النفس كيف تقولها

لو أنّ طريدا خائفا يستجيرها

٣٠٥ ـ يخبّر إن شطت به غربة النوى

ستنعم ليلى أو يفكّ أسيرها

فمعنى قوله : تقولها أي : تظنّها.

وقوله تعالى : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) (١) ، لو اكتفى بقوله : وواعدنا موسى أربعين ليلة ، لتوهم أنّ هذه الأربعين كانت من شهرين أو من ثلاثة أشهر.

ولو لم يذكر الأربعين بعد العشر والثلاثين ، لكان ربّما يتوهم أنّ الأربعين من العشر الآخر ، فقال : (فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ،) ليعلم أنّ وقت الوعد تمّ بالعشر المزيد على الثلاثين ، فإنه لا زيادة بعدها.

وكقوله تعالى : (فَغَشَّاها ما غَشَّى) (٢). أي : غشّى المؤتفكات ما غشّى ، أي : الذي غشّى غيرهم من الأمم.

وقوله تعالى : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) (٣). أي : أوحى جبريل عليه‌السلام إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما أوحى الله تعالى إليه.

وقوله تعالى : (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) (٤) ، ف «قبل» الأول للنزول ، والثاني : للمطر.

تقديره : وإن كانوا من قبل نزول المطر لمبلسين ، كما يقال : أحبك من قبل أن تجلس ، أي : من قبل أن تبلغ إلى المجلس.

__________________

٣٠٤ ـ ٣٠٥ ـ البيتان لتوبة بن الحميّر ، وهما في وضح البرهان ١ / ٢٥٧ ، بتحقيقنا ، وأمالي المرتضى ١ / ٣٦٣.

(١) سورة الأعراف : آية ١٤٢.

(٢) سورة النجم : آية ٥٤.

(٣) سورة النجم : آية ١٠.

(٤) سورة الروم : آية ٤٩.

٢٩٧

قال الشاعر :

٣٠٦ ـ إذا ما راية رفعت لمجد

تلقّاها عرابة باليمين

وقوله تعالى : (قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ قالُوا : جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (١). الكنايات كلها عن السارق ، أي : للسارق جزاء السرقة بأن يستعبد.

وقال الشاعر :

٣٠٧ ـ لا أرى الموت يسبق الموت شيء

نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا

وقال جرير :

٣٠٨ ـ ليت الغراب غداة ينعب دائبا

كان الغراب مقطّع الأوداج

* * *

__________________

٣٠٦ ـ البيت للشماخ من قصيدة يمدح بها عرابة الأوسي صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وهو في تفسير القرطبي ١٤ / ١٤٧ ، وتأويل مشكل القرآن ٢٤٢ ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ١٦٥ ، ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٣٨٥ ، وديوانه ص ٣٣٦.

(١) سورة يوسف : آيتان ٧٤ ـ ٧٥.

٣٠٧ ـ البيت لعدي بن زيد العبادي ، وهو من شواهد سيبويه ١ / ٣٠ ، والأمالي الشجرية ١ / ٢٤٣ ، ومغني اللبيب ٥٠٠ ، والخصائص ٣ / ٥٣ ، وخزانة الأدب ١ / ١٨٣ ، ومعاني القرآن للأخفش ١ / ٢١٢.

٣٠٨ ـ البيت في خزانة الأدب ٤ / ١٦٢ ، وشرح الجمل لابن عصفور ١ / ٣٤٥ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ٤٣ ، وديوانه ص ٦٩. والأوداج : عروق الدم في العنق.

٢٩٨

باب آخر من التكرار

ـ تقول العرب : والله لا أفعل ، والله لا أفعله ، وكقوله تعالى : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (١) ، وقوله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (٢).

وقوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ* ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) (٣) ، وقوله تعالى : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٤) ، وقوله تعالى : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) (٥)... إلى آخر السورة.

وقوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦) إلى آخر السورة.

وكذلك قوله تعالى : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٧) ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) (٨) في السورة مرارا.

قال الشاعر :

٣٠٩ ـ نعق الغراب ببين لبنى غدرة

كم كم وكم بفراق لبنى ينعق

__________________

(١) سورة التكاثر : آيتان ٣ ـ ٤.

(٢) سورة الانشراح : آيتان ٤ ـ ٥.

(٣) سورة الانفطار : آيتان ١٧ ـ ١٨.

(٤) سورة القيامة : آيتان ٣٤ ـ ٣٥.

(٥) سورة الكافرون : آيتان ٢ ـ ٥.

(٦) سورة الرحمن : آية ١٣.

(٧) سورة المرسلات : آية ١٥.

(٨) سورة القمر : آية ١٧.

٣٠٩ ـ البيت لقيس بن ذريح صاحب لبنى ، وهو في أمالي المرتضى ١ / ١٢١.

٢٩٩

وقال :

٣١٠ ـ وكادت فزارة تصلى بنا

فأولى فزارة أولى فزارا

وقال :

٣١١ ـ كم نعمة كانت

لكم كم كم وكم

وقال الآخر :

٣١٢ ـ من اللواتي واللتي واللاتي

يزعمن أن قد كبرت لداتي

وقال الآخر :

٣١٣ ـ نحن أرحنا الناس من عذابه

ضربنا بالسيف على نطابه

٣١٤ ـ أتى به الدّهر بما أتى به

قلنا به قلنا به قلنا به

* * *

__________________

٣١٠ ـ البيت لعوف بن عطية بن الخرع التميمي ، وهو شاعر مخضرم عدّه ابن سلام من الطبعة الثامنة.

وهو من شواهد سيبويه في الترخيم ١ / ٣٣١ ، والمفضليات ١٢٤ ، وتأويل مشكل القرآن ص ٢٣٦.

٣١١ ـ الرجز لم ينسب ، وهو في الصناعتين ١٩٣ ، وتأويل مشكل القرآن ٢٣٦ ، والصاحبي ١٧٧.

٣١٢ ـ الرجز لم ينسب ، وهو مجاز القرآن ١ / ١١٩ ، وتفسير القرطبي ٥ / ٨٣ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ٢٤.

٣١٣ ـ ٣١٤ ـ الرجز لزنباع المرادي ، وقيل : لهبيرة بن عبد يغوث ، وهو الأصح ، وانظر شرح السبع الطوال لابن الأنباري ص ٥١.

وهو في الصناعتين ١٩٣ ، والصاحبي ١٧٧ ، وتأويل مشكل القرآن ٢٣٦ ، ومثلث البطليوسي ٢ / ٣٦٧ ، والثاني في اللسان : قول ، وشطره الأول في سر صناعة الإعراب ١ / ١٣٨ ولم ينسبه محقق الصاحبي وتأويل المشكل ومحقق المثلث.

٣٠٠