المدخل لعلم تفسير كتاب الله تعالى

أبي النصر أحمد بن محمّد بن أحمد السمرقندي [ الحدّادي ]

المدخل لعلم تفسير كتاب الله تعالى

المؤلف:

أبي النصر أحمد بن محمّد بن أحمد السمرقندي [ الحدّادي ]


المحقق: صفوان عدنان داوودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القلم ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٧٦

ف (حم) ههنا يحتمل وجهين :

أحدهما : يذكرني الرحم والقرابة التي ذكرها الله تعالى في حم عسق لقوله تعالى : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (١).

ووجه آخر : يذكرني الرحم ، فاقتصر على الحرفين من الجملة.

وقال الآخر في «طه» :

٨٠ ـ إنّ السفاهة طه من خلائقكم

لا قدّس الله أرواح الملاعين

وقال الآخر :

٨١ ـ هتفت بطه في القتال فلم يجب

فخفت لعمري أن يكون موائلا

* * *

__________________

(١) سورة الشورى : آية ٢٣.

٨٠ ـ البيت ليزيد بن المهلهل.

وهو في تفسير القرطبي ١١ / ١٦٦ ، وتفسير الماوردي ٣ / ٧.

والشاهد فيه كما قال قطرب : كون طه بمعنى يا رجل وهي لغة طيىء.

٨١ ـ البيت لمتمم بن نويرة.

وهو في تفسير الطبري ، وتفسير القرطبي ١١ / ١٦٥.

وقوله موائلا : أي طالبا للنجاة.

١٢١

باب

حذف جواب القسم

ـ فإن اعترض قائل على جعل (الم) وسائر الحروف المقطعات ، فقال : أين جوابها؟

ـ نقول له ـ وبالله التوفيق ـ :

إن العلماء رضي الله عنهم قد اختلفوا فيها :

ـ فمنهم من يقول : إنّ الجواب محذوف. وحذف الجواب جائز إذا كانت الحال تنبىء عنه كقوله تعالى : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) (١) جوابه : لتبعثنّ ، يدل عليه قوله تعالى : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) (٢).

وكقوله تعالى : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) (٣)... الآية.

قيل : إنّ جوابه : لتبعثنّ أو لتعرضنّ على الله ، أو لتحاسبنّ.

يدل عليه قوله تعالى : (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) (٤).

__________________

(١) سورة ق : آيتان ١ ـ ٢.

(٢) سورة ق : آية ٤.

(٣) سورة النازعات : آية ١.

(٤) سورة النازعات : آية ١٠.

١٢٢

وقوله تعالى : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) (١) يحتمل جوابه : إن ربكم واحد ، وإنّ محمدا عبده ورسوله ، يدل عليه قوله تعالى : (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) (٢) ، وقوله تعالى : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) (٣).

وقيل : إنّ أجوبتها مذكورات في خلال السّور ، حتى قيل : إن جواب (الم) قوله : (لا رَيْبَ فِيهِ) (٤) ، وجواب (كهيعص) (٥) : (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ) (٦).

(وَالشَّمْسِ وَضُحاها) (٧) جوابه : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) (٨) والمعنى : لقد أفلح ، فأضمر اللام.

وكذلك (ص وَالْقُرْآنِ ،) قيل : إن جوابه (كَمْ أَهْلَكْنا) (٩) وقيل : إنّ جوابه (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) (١٠).

وقوله تعالى : (وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ) (١١) ، جوابه : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) (١٢).

وكما قيل في : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) (١٣) ، جوابه قوله : (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) (١٤).

وكما قيل في قوله : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) (١٥). إنّ جوابه : في تقدير

__________________

(١) سورة ص : آيتان ١ ـ ٢.

(٢) سورة ص : آية ٤.

(٣) سورة ص : آية ٥.

(٤) سورة البقرة : آية ٢.

(٥) سورة مريم : آية ١.

(٦) سورة مريم : آية ٣٥.

(٧) سورة الشمس : آية ١.

(٨) سورة الشمس : آية ٩.

(٩) سورة ص : آية ٣.

(١٠) سورة ص : آية ٦٤.

(١١) سورة الفجر : آيتان ١ ـ ٢.

(١٢) سورة الفجر : آية ١٤.

(١٣) سورة البروج : آية ١.

(١٤) سورة البروج : آية ١٢.

(١٥) سورة الانشقاق : آية ١.

١٢٣

الكلام فاء مضمرة ، فالتأويل : إذا السماء انشقت فيا أيها الإنسان إنك كادح.

وقال المبرّد (١) : هذا على التقديم والتأخير ، كأنّه يقول : يا أيها الإنسان إنّك كادح كدحا فملاقيه ، إذا السماء انشقت تؤتى من الثواب والعقاب يا أيها الإنسان.

وقال الشيخ الإمام رضي الله عنه : يحتمل أن يقال : إذا السماء انشقت ورجعت إلى ربك أيّها الإنسان فملاق أنت جزاء ما أنت اليوم كادح.

وهذا من حذف الجواب عن الشرط لا عن القسم.

* * *

__________________

(١) هو أبو العباس محمد بن يزيد ، إمام النحو واللغة ، أخذ عن المازني والسجستاني ، وأخذ عنه نفطويه والزجاج ، وله كتاب «الكامل في الأدب» مطبوع ، و «المقتضب في النحو» مطبوع. ولد سنة ٢١٠ ه‍ وتوفي سنة ٢٨٦ ه‍.

١٢٤

باب آخر

من الحروف المقطّعات

ـ اعلم أنّ الحروف في أوائل السور لا تخلو من خمسة أوجه :

أحدها : أن تكون على حرف واحد ، كقوله تعالى : (ق) و (ن) و (ص.)

والثاني : على حرفين كقوله تعالى : (طه) و (يس) و (حم.)

والثالث : على ثلاثة أحرف كقوله تعالى : (الم) و (الر) و (طسم.)

والرابع : على أربعة أحرف مثل : (المص) و (المر.)

والخامس : على خمسة أحرف مثل (كهيعص) و (حم عسق.)

فنبدأ أولا بالآحاد ، فنقول ـ وبالله التوفيق :

إنّ (ن) فيه وجهان :

ـ أن تلفظ به على طريق التهجي ، فهو موقوف عليه ، وكذلك أخواتها.

قال الشاعر :

٨٢ ـ خرجت من عند زياد كالخرف

تخطّ رجلاي بخطّ مختلف

كأنّما تكتبان لام ألف

__________________

٨٢ ـ الرجز لأبي النجم العجلي.

وزياد : صديق لأبي النجم كان يسقيه الشراب ، فإذا انصرف من عنده انصرف ثملا. ـ

١٢٥

ـ وإن استعمل مسمّى به ، أو دالا على فعل متقدّم ، فقال الفرّاء : منصوب ، ولكنّه اسم خرج عن التمكن ، فأشبه الأدوات فاستحقّ البناء إلا أنّه اجتمع فيه ساكنان : الأول حرف من حروف المدّ واللين وهو الواو ، فاستحق ما بعده الفتحة مثل سوف وأين وكيف.

ولأنّه اسم في آخره نون ، وما قبله واو فاستحق الفتحة ، نظيره : المسلمون.

ـ وقال الأخفش : إنّه منصوب ؛ لأنه اسم على ثلاثة أحرف أوسطه ساكن سمّيت به مؤنثا ، فصار من باب دعد وهند وجمل.

وللعرب فيه قولان : الصرف ، والثاني : منع الصرف.

فإذا نصبنا النون أخذنا بالقول الأخير ، فيحنئذ معناه : اذكر نون.

ـ جئنا إلى قوله : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ.)

قال الفراء : إذا استعمل حرفا فإنّه موقوف على ما بيّنّا. وإذا استعمل اسما فإنّ من حقه أن يكسر ؛ لأنه اسم اجتمع فيه ساكنان. والأول ألف فيبنى على الكسر ، مثاله : ضراب ، وشتام ، ونزال ، وحذام.

قال قائلهم :

٨٣ ـ إذا قالت حذام فصدّقوها

فإنّ القول ما قالت حذام

__________________

ـ والخرف : الذي فسد عقله لكبر أو نحوه ، وقوله لام ألف بهمزة الوصل.

والبيت في شرح الشافية للرضي ٢ / ٢٢٣ ، وكتاب سيبويه ٢ / ٣٤ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٨ ، ومغني اللبيب ص ٢٤٤ ، ومجاز القرآن ١ / ٢٨.

٨٣ ـ البيت لديسم بن طارق ، أحد شعراء الجاهلية ، والشاهد فيه بناء حذام على الكسر. وصار هذا البيت مثلا يضرب لكل من يعتد بكلامه ، ويتمسك بمقاله ، ولا يلتفت إلى ما يقوله غيره. وهو في شرح ابن عقيل ١ / ١٠٥ ، واللسان ـ مادة (حذم) ، وقطر الندى ص ١٤ ، والخصائص ١ / ٥٦٩.

١٢٦

وإن اعتبر فيه الإعراب فيكون خفضا لا غير ، نظيره : رجلان. قال الشاعر :

٨٤ ـ إذا اجتمعوا على ألف وياء

وواو هاج بينهم الجدال

وقال الأخفش : يجوز أن يحرّك بالفتح والنصب أيضا :

أما الفتح ؛ فلأنّه اسم اجتمع فيه ساكنان ، والأول ألف ، فأشبه سبحان ، ومعاذ ، والآن.

وأمّا النصب ؛ فلأنّه قد أتى ساكنا سميت به مؤنثا ، فصار من باب هند ودعد.

وأمّا (ص) فإن استعمل حرفا فهو موقوف على ما بينا. وإن استعمل اسما ، فمذهب الفرّاء أنّه بالكسر لا غير ، كما قلنا في (ق.)

واعلم أنّ مذهب الأخفش مفتوح ومنصوب أيضا ، كما ذكرنا في (ق.)

وكان الحسن يقرأ «صاد» بالكسر (١) ، كأنه أمر من صادى يصادي ، عملك بالقرآن.

__________________

٨٤ ـ البيت ليزيد بن الحكم يهجو النحويين.

ومعناه أنهم إذا اجتمعوا للبحث عن إعلال حروف العلة ثار بينهم الجدال والقتال ويروى [القتال] بدل [الجدال].

وهو في شرح ابن يعيش ٩ / ٢٩ ، والمقتضب ١ / ٣٧١ ، والخزانة ١ / ٥٣.

(١) وهي قراءة شاذة.

قال أبو جعفر النحاس وقراءة الحسن صاد بكسر الدال بغير تنوين ، ولقراءته مذهبان : أحدهما : أنه من صادى يصادي إذا عارض ، ومنه «فأنت له تصدى» ، فالمعنى : صاد القرآن بعملك ، أي : قابله به.

والمذهب الآخر : أن تكون الدال مكسورة لالتقاء الساكنين.

راجع إعراب القرآن للنحاس ٢ / ٧٧٧.

١٢٧

ـ وأمّا إذا كان على حرفين ، فإنه يلفظ بالحرفين ، فهما ساكنان ، منه : (حم) و (يس) و (طس.)

ـ وإن استعمل اسما فالفرّاء على الفتح ، كما قال في : أين ، وكيف.

وقال أيضا : إنّه اسم غير متمكن ، فأشبه الأدوات. والأدوات إذا كانت بهذه المثابة بنيت على الفتح ، فكذلك هذه.

وقال الأخفش : هو منصوب لا مفتوح. والعلة فيه أنّه أشبه الأسماء الأعجمية مثل : هابيل ، وقابيل ، كأنه يقتضي : اذكر (حم) و (يس.)

ـ وأمّا إذا كان على ثلاثة أحرف أو أكثر ، فهو موقوف عليه سواء ، يلفظ به اسما كان أو حرفا ، والله أعلم.

ـ فإن قيل : قوله تعالى : (الم اللهُ) (١) على ما ذا انتصب الميم منه؟

قلنا : يجوز أن يجزم الميم على التهجي ، وقد روي في الروايتين : آلم الله بتسكين الميم ، وقطع الألف ، وذكره الفراء وقال : بلغني عن عاصم أنه قرأ بقطع الألف.

وقال الزّجّاج : المضبوط عن عاصم (٢) في رواية أبي بكر ابن عياش (٣)

__________________

(١) سورة آل عمران : آية ١.

(٢) هو عاصم بن أبي النجود ، أحد القراء السبعة ، والمشار إليه في القراءات ، أخذ القراءة عن أبي عبد الرحمن السلمي ، وزر بن حبيش ، وأخذ عنه أبو بكر بن عياش وحفص وأبو عمر البزار ، توفي بالكوفة سنة ١٢٧ ه‍.

(٣) هو شعبة بن عياش الحناط الكوفي ، راوي القراءة عن عاصم ، وعرض القرآن عليه ثلاث مرات ، وكان إماما كبيرا ، بقي خمسين سنة لم يفرش له فراش ، ولما حضرته الوفاة بكت أخته ، فقال لها : ما يبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية فقد ختمت فيها ثمان عشرة ألف ختمة ، وعمّر طويلا ، توفي سنة ١٩٣ ه‍.

١٢٨

وأبي عمر (١) : (الم اللهُ) بفتح الميم ، وأكثر القرّاء على ذلك.

ثم اختلف النحويون في علة فتح الميم.

قال بعض البصريين : من جائز أن يكون فتح الميم لالتقاء الساكنين.

قال الشيخ الإمام رضي الله عنه : هو سكون الياء الداخلة في اللفظ إذا قلت : ميم ، وسكون الميم ، فلما استثقلوا اجتماع الساكنين حركوا الميم. والساكن إذا حرّك حرّك إلى الكسر ، إلا أنهم استثقلوا اجتماع الكسرة بعد الياء الساكنة ، فصرف إلى الفتح ؛ لأنه أخفّ الحركات ، كما فعلوا في أين وكيف. والله أعلم.

وقال بعضهم : طرحت حركة الهمزة على الميم ، كما فعلوا في : من امك ، ومن ابوك ، وإنما هو : من أمك ، ومن أبوك ، فطرحت الهمزة على الساكن.

ومن ذلك قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ) (٢) النون كان ساكنا ، فنقل إليه حركة الهمزة من الناس.

وفي قولك : من ابنك ، كسرت النون ؛ لأنّه نقل إليه حركة الهمزة من الابن وفيه لغة أخرى : من ابنك منصوبة ، كما قال الشاعر :

__________________

(١) واسمه دينار بن عمر الأسدي البزار ، نسبة إلى بزر الكتان ، أخذ القراءة عن عاصم وروايته عنه ليست مشهورة في الصحيح ، وإنما الراوي عن عاصم في الصحيح المتواتر شعبة وحفص من طريق الشاطبية والطيبة.

(٢) سورة البقرة : آية ٨.

١٢٩

٨٥ ـ وأنت مكانك من غالب

مكان القراد من است الجمل

يروى بفتح النون وكسرها.

ومن ذلك قوله تعالى : (أَرِنا مَناسِكَنا) (١).

وإنما هو أرنا (٢) بسكون الراء ، لكنّه نقلت حركة الهمزة إلى الراء ، وكذلك قالوا في مسلة ، وإنما هي مسألة (٣).

__________________

٨٥ ـ البيت لعتبة بن الوعل التغلبي يخاطب كعب بن جعيل. وقيل هو للأخطل وقبله بيت وهو :

سميت كعبا بشرّ العظام

وكان أبوك يسمى الجعل

والبيت من شواهد سيبويه ١ / ٢٠٧ ، وشرح الأبيات لابن السيرافي ١ / ٣٧٨ ، وخزانة الأدب ٣ / ٥٠ ، ومعجم الشعراء ٨٤ ، وديوان الأخطل ص ٣٣٥.

(١) سورة البقرة : آية ١٢٨.

(٢) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ، بخلف عنه ، ويعقوب. راجع الإتحاف ص ١٤٨.

(٣) كانت الهمزة ساكنة فنقلت حركتها إلى السين قبلها.

١٣٠

باب

ذكر الجماعة بلفظ الواحد

ـ فإن سأل سائل عن قوله تعالى : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ) (١) ، لأيّ معنى ذكر القلوب والأبصار بلفظ الجمع ووحّد السمع؟

ـ الجواب عنه من وجوه :

أحدها : أنّ السمع ههنا بمعنى المصدر ، والمصدر ينوب عن الوحدان والتثنية والجمع ، والمذكر والمؤنث ، كما يقال : يعجبني ضربكم ، ويسوؤني شتمكم.

وقيل : إنّ معناه على مواضع سمعهم ، فحذف المواضع ، ودلّ السمع عليها كما يقال : أصحابك عدل ، أي : ذوو عدل.

والجواب الثالث : يجوز أنّه لما أضاف السمع إليهم ، دلّت الهاء والميم على معنى أسماعهم.

والجواب الرابع : قلنا إنّ هذا جائز في إتباع الكلام ، بأن يذكر الواحد ويراد به الجمع.

قال أبو عمرو : وهذا إنّما يجوز إذا كان اسما من لفظ الفعل ، مثل السمع من سمع يسمع ، والعدل من عدل يعدل.

__________________

(١) سورة البقرة : آية ٧.

١٣١

أمّا إذا كان موضوعا مصرّحا فلا يجوز أن يذكر بلفظ الوحدان ؛ لأنّه لا يقال : حسن أولئك رجلا ، بل يقال : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (١).

قال الشيخ الإمام رضي الله عنه : لأنّ الاسم إذا كان من لفظ الفعل كان مصدرا ، والمصدر يقوم مقام الواحد في الجمع والتثنية والتذكير والتأنيث على ما بيّنّا.

ـ وقال بعضهم : بل يجوز ذلك في جميع الأحوال. أي : ذكر الواحد والمراد به الجمع وقد نزل القرآن بجميع هذه الأوجه ، وأشعار الجاهلية دالّة عليها.

أمّا القرآن ، فقوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَ) (٢).

وقيل : إنّ السماء جمع ، واحدها سماءة (٣) ، والسموات جمع الجمع.

وقيل : إن السماء واحد بمعنى الجمع (٤).

وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ) (٥) ، وقوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا) (٦).

__________________

(١) سورة النساء : آية ٦٩.

(٢) سورة البقرة : آية ٢٩.

(٣) قال ابن منظور : والسماء التي تظلّ الأرض أنثى عند العرب ؛ لأنها جمع سماءة ، وسبق الجمع الوحدان فيها ، والسماءة أصلها سماوة.

(٤) وقال أبو إسحاق : السماء لفظه لفظ الواحد ، ومعناه الجمع ، قال : والدليل على ذلك قوله : (فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) فيجب أن تكون السماء جمعا كالسموات. كأن الواحد سماءة وسماوة.

وزعم الأخفش أن السماء جائز أن يكون واحدا كما تقول : كثر الدينار والدرهم بأيدي الناس.

راجع لسان العرب مادة سما ١٤ / ٣٩٩.

(٥) سورة البقرة : آية ٢٥٧.

(٦) سورة الأنعام : آية ١١٢.

١٣٢

وقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ) (١) ، إلى قوله : (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ ،) وقوله : (وَآتُوا حَقَّهُ.)

وقوله تعالى : (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ) (٢) ، وقوله تعالى : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) (٣) ، وقوله تعالى : (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ) (٤).

وقد قيل : إن الموج جمع موجة ، وقيل : لا بل هو واحد بمعنى الجمع (٥).

وقوله تعالى : (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) (٦) ، وقوله تعالى : (فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ) (٧) ، أي : في ضياء وسعة ، وقال ابن عباس : يعني : أنهارا.

وقوله تعالى : (هَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ) (٨) ، وقوله تعالى : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) (٩).

وقوله تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) (١٠) ، وقوله تعالى : (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) (١١).

__________________

(١) الآية : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [سورة الأنعام : رقم ١٤١].

(٢) سورة الأنبياء : آية ٨.

(٣) سورة النور : آية ٣١.

(٤) سورة هود : آية ٤٢.

(٥) قال ابن منظور : الموج : ما ارتفع من الماء فوق الماء ، والفعل ماج الموج ، والجمع أمواج. راجع اللسان مادة موج ٢ / ٣٧٠.

(٦) سورة مريم : آية ٨٢.

(٧) سورة القمر : آية ٥٤.

(٨) سورة ص : آية ٢١.

(٩) سورة الذاريات : آية ٢٤.

(١٠) سورة الزمر : آية ٥.

(١١) سورة إبراهيم : آية ٤٣.

١٣٣

وقوله تعالى : (فَجَعَلْناها حَصِيداً) (١) ، وقوله تعالى : (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ) (٢).

وقوله تعالى : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٣) ، وقوله تعالى : (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (٤) ، يعني : بالنجوم.

وقوله تعالى : (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً) (٥) ، وقرىء «سقفا» (٦) على الوحدان.

وقوله تعالى : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) (٧) بمعنى : بهائم الأنعام.

وقوله تعالى : (بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (٨). يعني : بآيات من ربكم ، وقوله تعالى : (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) (٩).

وقوله تعالى : (وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (١٠). يعني : الأدبار ، وقوله تعالى : (فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً) (١١). يعني : لحوما.

وقوله تعالى : (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) (١٢). يعني : العظام.

وقوله تعالى : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) (١٣) ، وقوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ) (١٤).

__________________

(١) سورة يونس : آية ٢٤.

(٢) سورة الأعراف : آية ٧٨.

(٣) سورة النساء : آية ٦٩.

(٤) سورة النحل : آية ١٦.

(٥) سورة الزخرف : آية ٣٣.

(٦) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وأبي جعفر بالإفراد على إرادة الجنس ، ووافقهم الحسن وابن محيصن.

(٧) سورة المائدة : آية ١.

(٨) سورة آل عمران : آية ٤٩.

(٩) سورة الشورى : آية ٤٥.

(١٠) سورة القمر : آية ٤٥.

(١١) سورة المؤمنون : آية ١٤.

(١٢) سورة مريم : آية ٤.

(١٣) سورة النساء : آية ٤٣.

(١٤) سورة النجم : آية ٢٦.

١٣٤

وقوله تعالى : (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) (١) ، وقوله تعالى : وما تخرج من ثمرة من أكمامها (٢).

وقوله تعالى : (وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا) (٣). يعني : أمتعتنا.

وقال تعالى : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا) (٤). يعني : صفوفا ، ولها نظائر في القرآن ، والله أعلم.

ـ وأمّا الأشعار فمنها قول ابن مرداس :

٨٦ ـ فقلنا أسلموا إنّا أخوكم

فقد برئت من الإحن الصدور

وقول الآخر :

٨٧ ـ إن تقتلوا اليوم فقد سبينا

في حلقكم عظم وقد شجينا

أي : في حلقكم عظام.

__________________

(١) سورة الحاقة : آية ١٧.

(٢) سورة فصلت : آية ٤٧ ، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب وخلف والكسائي وشعبة وحمزة ، وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر وحفص (ثمرات) بالجمع.

(٣) سورة يوسف : آية ١٧.

(٤) سورة الكهف : آية ٤٨.

٨٦ ـ البيت للعباس بن مرداس ، من قصيدة له ذكرها ابن هشام في السيرة.

قال المبرد في المقتضب : أراد : إنا إخوتكم ، فوضع الواحد موضع الجمع.

والبيت في المقتضب ٢ / ١٧١ ، وكتاب سيبويه ٢ / ١٠١ ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ٣٨ ، وتأويل مشكل القرآن ص ٢١٩ ، وخزانة الأدب ٢ / ٢٧٧ ، والدر المصون ٢ / ١٣١ ، ولم يعرفه المحقق.

٨٧ ـ البيت للمسيب بن زيد بن مناة الغنوي ، وصف قوما أنهم قتلوا قوما كانوا قد سبوا من قومه ، ففي حلوقهم عظم بقتلنا لهم ، وقد غصصنا نحن أيضا بسبيهم منا.

والبيت من شواهد سيبويه ١ / ١٠٧ ، والمخصص ١ / ٣١ ، والمقتضب ٢ / ١٧٠ ، وابن يعيش ٦ / ٢٢ ، وخزانة الأدب ٣ / ٣٧٩.

١٣٥

وقال الآخر :

٨٨ ـ فإن تصلوا ما قرّب الله بيننا

فإنّكم أعمام أمي وخالها

يعني : وأخوالها.

وقال الآخر :

٨٩ ـ بها جيف الحسرى فأمّا عظامها

فبيض وأمّا جلدها فصليب

يعني : جلودها.

وقال الآخر :

٩٠ ـ فلولا حصين عينه أن أسوءه

وإنّ بني عمي صديق ووالد

وقال الآخر :

٩١ ـ يا عاذلاتي لا تطلن ملامتي

إنّ العواذل ليس لي بأمير

__________________

٨٨ ـ البيت لعمرو بن البراء وهو في كتاب ما يجوز للشاعر في الضرورة للقزاز القيرواني ص ١٤٠ ، والنوادر ص ١٢٧ ، وضرائر الشعر ص ٢٥٢.

يريد : فإنكم أعمام أمي وأخوالها ، فدل على ذلك قوله [أعمام].

٨٩ ـ البيت لعلقمة بن عبدة ، يصف طريقا بعيدة ، فجيف الحسرى : وهي المعيبة من الإبل يتركها أصحابها فتموت مستقرة فيها ، وعظامها بيض أكلت السباع ما عليها فتعرت ، وجلدها يابس صلب.

والبيت في المقتضب ٢ / ١٧٠ ، وكتاب سيبويه ١ / ١٠٧ ، وخزانة الأدب ٣ / ٣٧٩ ، والجليس الصالح ٢ / ٣٨٨ ، وديوان ص ٤٠.

٩٠ ـ البيت لزهير بن مسعود الضبي وذكره ابن الأنباري في المذكر والمؤنث ص ٢٣٤ ، وصاحب اللسان باب لو لا ١٥ / ٤٧١ ، وسيكرر ثانية. وفي اللسان [وأنّ بني سعد صديق ووالد] ، وذكره المزني في كتاب الحروف ٨١ ، والمالقي في رصف المباني ٣٢١ ، وقال محققه : لم أهتد إلى قائله وكذا محقّق المذكر والمؤنث لم يجده ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٤٠٨ ولم يعرفه المحقق د. هنداوي.

٩١ ـ البيت لم ينسب.

وهو في تفسير الطبري ١٩ / ٥٤ ، ومغني اللبيب رقم ٣٨٠ ، والخصائص ٣ / ١٧٤.

وفي مغني اللبيب [لا تردن ملامتي] قال ابن هشام : هو أبلغ من [لا تلمنني] لأنه نهي عن السبب ، والنهي عن إرادة الفعل أبلغ من النهي عن الفعل.

١٣٦

يعني : بأمراء.

وقول الآخر :

٩٢ ـ كأنّه وجه تركيّين قد عصبا

مستهدف لطعان غير تذبيب

وقول الآخر :

٩٣ ـ ألكني إليها وخير الرسو

ل أعلمهم بنواحي الخبر

وقول الآخر :

٩٤ ـ الواردون وتيم في ذرا سبإ

قد عضّ أعناقهم جلد الجواميس

وقول الآخر :

٩٥ ـ كلوا في نصف بطنكم تعيشوا

فإنّ زمانكم زمن خميص

__________________

٩٢ ـ البيت للفرزدق.

وهو في الجليس الصالح ٢ / ٣٨٨ ، وخزانة الأدب ٧ / ٥٣٨ ، ومعاني القرآن للفراء ١ / ٣٠٨ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ١٢ ، والإفصاح للفارقي ٣٧٣ بتحقيق سعيد الأفغاني. وذبّب في الطعن : إذا لم يبالغ فيه. وقد تصحّف على الشيخ سعيد الأفغاني فرواه [غير ترتيب] وقال : لم أجده. وكذا محقق كتاب الحلل في إصلاح الخلل من كتاب الجمل لم يعرفه ص ٣٣٧.

٩٣ ـ البيت للهذلي أبي ذؤيب.

وهو في تفسير القرطبي ١٣ / ٩٢ ، ولسان العرب مادة ألك ١٠ / ٣٩٤ ، والخصائص ٣ / ٢٧٤ ولم ينسبه المحقق ، وفي اللسان :

ألكني إليها بخير الرسو

ل أعلمهم بنواحي الخبر

٩٤ ـ البيت لجرير.

وهو في ديوانه ص ٢٥٢ ، ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٣٥٨ ، وتفسير الطبري ١٤ / ١١٧ ، والجليس الصالح الكافي ٢ / ٣٨٨.

وأراد : أنهم أسرى في أعناقهم أطواق من جلد الجواميس.

٩٥ ـ البيت لم يعلم قائله.

وهو من شواهد سيبويه ١ / ١٠٨ ، وخزانة الأدب ٣ / ٣٧٩ ، وشرح ابن يعيش ٦ / ٢٢ ، والصاحبي ص ١٤٠ ، والمقتضب ٢ / ١٧٠ ، وإعراب القرآن للنحاس ٣ / ٨٩.

١٣٧

وقال الآخر :

٩٦ ـ هم المولى وإن جنفوا علينا

وإنّا من لقائهم لزور

وقال الآخر :

٩٧ ـ إذا أنا لم أنفع صديقي بودّه

فإنّ عدوي لا يضرّهم بغضي

وقال الآخر :

٩٨ ـ بفي الشامتين الترب إن كان هدّني

رزية شبلي مخدر في الضراغم

يعني : بأفواه.

وقال الآخر :

٩٩ ـ فإذا هم طعموا فألأم طاعم

وإذا هم جاعوا فشرّ جياع

__________________

٩٦ ـ البيت لعامر الخصفي.

وهو في تفسير الماوردي ١ / ١٩٥ ، والقرطبي ٢ / ١٦٨ ، وتأويل مشكل القرآن ص ٢٨٤ ، ومجاز القرآن ١ / ٦٦. قال أبو عبيدة : المولى هنا في موضع الموالي ، أي : بني العم ، والجنف : الميل والجور.

٩٧ ـ البيت للنابغة الذبياني ، وهو في ديوانه ص ٩٣.

٩٨ ـ البيت للفرزدق يرثي ابنين له.

وهو في معاني القرآن للفراء ٢ / ١٠٢ ، وديوانه ص ٥٣٤.

والمخدر : الأسد.

٩٩ ـ البيت لم يعلم قائله.

وهو في معاني القرآن للفراء ١ / ٣٣ ، وتفسير الطبري ١ / ٢٥٢ ، والمساعد شرح تسهيل الفوائد ٢ / ١٨١.

١٣٨

باب

ردّ الكناية تارة إلى اللفظ وتارة إلى المعنى

ـ إن سأل سائل عن قوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) (١) ، إلى قوله : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ ،) أليس كلمة «الذي» للوحدان؟

وكيف يفي عنه بالجماعة حتى قال : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ.)

الجواب عنه ـ وبالله التوفيق :

قلنا : إنّ كل كلمة تضمّنت جمعا ووحدانا ، فلك أن تردّها إلى اللفظ تارة ، وإلى المعنى تارة. فمنها «الذي» و «من» و «ما» و «كل» و «أحد».

فهذه خمسة أحرف ، لفظها للواحد ، ولإبهامها تصلح للجماعة ، حتى قال بعض النحويين : إن «من» تصلح للواحد والتثنية والجمع ، والمذكر والمؤنث.

قال الله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) (٢) أجراه على الوحدان ، ثم قال : (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) رده إلى المعنى ؛ لأن معناه يصلح للجنس.

وقال تعالى : (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) (٣) ، وقوله تعالى :

__________________

(١) سورة البقرة : آية ١٧.

(٢) سورة البقرة : آية ٨.

(٣) سورة الأنبياء : آية ٨٢.

١٣٩

(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ) (١) ، ثم قال : (خالِدِينَ فِيها.)

وقوله تعالى : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) (٢) ، ثم قال : (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.)

وقوله تعالى : (وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً) (٣) ، ثم قال : (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها.)

وقوله تعالى : (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) (٤) ، ثم قال : (ادْخُلُوها.)

وقوله تعالى : (مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ) (٥) ، ثم قال : (وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) (٥).

وقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) (٦) ، ثم قال : (حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ.)

وقوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) (٧) أجراه على الجمع ، ثم قال : (فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ) (٧) أجراه على الوحدان ، ثم قال : (وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ) (٧) أجراه على الجمع ، وقوله تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ) (٨) ، إلى قوله : (وَمَنْ

__________________

(١) سورة الطلاق : آية ١١.

(٢) سورة البقرة : آية ١١٢.

(٣) سورة الفرقان : آية ١١.

(٤) سورة ق : آية ٣٣.

(٥) سورة المائدة : آية ٦٠.

(٦) سورة محمد : آية ١٦.

(٧) سورة العنكبوت : آية ١٠.

(٨) الآية : (مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً* وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) [سورة الأحزاب : الآيتين ٣٠ ـ ٣١].

١٤٠