الفوائد الأصوليّة

الشيخ مرتضى الأنصاري

الفوائد الأصوليّة

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: حسن المراغي « غفارپور »
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: شمس تبريزي
المطبعة: ايران يكتا
الطبعة: ١
ISBN: 969-94215-0-5
الصفحات: ٧٧٠

وينبغى التنبيه على امور :

الاوّل : انه لا فرق فى ظاهر كلمات الاكثر ومعاقد اتفاقهم (١) وموارد استدلالاتهم على عدم جواز تقليد الميت بين تقليده ابتداء والبقاء على تقليده واما ما كان منها مشتملا على لفظ الاخذ والعمل او التقليد الذى هو بمعنى احدهما فلان هذه العناوين ليست من الامور التى تنعدم بمجرد حدوثها كالتكلم مثلا بل هى قابلة للاستمرار صادقة على وجودها الاولى المعبر عنه بالحدوث والثانوى المعبر عنها بالبقاء ، واما باقى موارد اتفاقاتهم واستدلالاتهم فدلالته على الشمول للبقاء اوضح مثل استدلالهم على المنع بان مناط عمل المقلد هو ظن المجتهد وهو تزول بزواله فان هذا الاستدلال وان فرض فساده إلّا انه يكشف عن عموم المنع فى مورد الاستدلال للبقاء ايضا.

ونحوه استدلالهم بانعقاد اجماع الفقهاء على ان المجتهد اذا مات فلا حجة فى قوله ، وحكاية بعض المعاصرين عن شيخه الاحسائى اجماع الامامية على انه لا قول للميت وكذا ما اشتهر بين العوام والخواص من ان قول الميت كالميت ، وتاويل كل ذلك بما يرجع الى ابتداء التقليد من دون دليل صارف يوجب فتح باب التأويل وردّ الاستدلال بالظاهر فى كل كلام.

ومما ذكرنا يظهر انه لا وجه للتمسك للجواز بالاستصحاب مع انك قد عرفت الكلام على مثله فى التقليد الابتدائى مع ان الاستصحاب يوجب جواز

__________________

(١) ـ فى المطبوع : اجماعاتهم ، رجحنا فى المخطوط كما سيجيء.

٧٠١

الابتداء ايضا ودعوى خروجه بالاجماع شطط من الكلام لان الاجماع ان استفيد من الفتاوى فقد عرفت ظاهر كلماتهم فى عناوينهم وموارد اجماعاتهم واستدلالاتهم وان اخذ من غير ذلك فلا يعبأ بدعوى من يدعى الاجماع مع مخالفته لظواهر ما ذكرنا من الاصحاب.

وربما يتمسك بالسيرة المستمرة من زمان اصحاب الائمة ـ عليهم‌السلام ـ فانا لم نسمع بمن يامر الناس بالعدول عن قول بعد موت قائله ولا احدا عدل كذلك مع توفر دواعى نقله.

وفيه : ان فتاوى اصحاب الائمة ـ عليهم‌السلام ـ كانت على ضربين :

احدهما ما يعلم كونه من الرواية المعتبرة المنقولة فيؤخذ به كما يؤخذ بالرواية ويصنع به كما يصنع بها كما حكى غير واحد مثل ذلك فى فتاوى على ابن بابويه ـ رضوان الله عليه ـ وكذلك فى فتاوى الشيخ ـ ره ـ حيث ذكروا ان من تأخر عنه من العلماء مقلدون له فان المراد بالتقليد ذلك نظير قوله ـ عليه‌السلام فللعوام ان يقلدوه مع انه فى مقام تجويز اخذ الخبر والحكاية عن العلماء.

ومنها : ما كان من قبيل الرواية المنقولة بالمعنى مع اطمينان السامع بعدم وجود المعارض له وعدم صدوره بعينه لحسن ظنه بمن اخذه منه ، فيحصل الاجتهاد من نفس ذلك الخبر من غير حاجة الى شيء آخر وكأن من اوجب الاجتهاد عينا لاحظ ذلك ولاحظ سهولة تحصيل الاجماع فى الاجماعيات.

ومنها : ما يفيد القطع للسامع خصوصا ان كان ممن لا يلتفت الى الاحتمالات كالعوام والنسوان.

٧٠٢

ومنها : ما يكون بطريق محض التقليد مع عدم القطع بل الظن ايضا بمطابقته للواقع ، ولا يخفى ان دعوى السيرة فى الثلاثة الاولى لا ينفع وفى الرابع ممنوعة جدا ، واما دعوى حكم العادة بانه لو لم يجز البقاء لوصل المنع مع توفر الدواعى ، فيردها ان ما وصل من المنع عن تقليد الميت من الاجماعات والفتاوى الكاشفة عن وجود مستند شرعى كاف فى المنع عن البقاء.

وربما يستدل على البقاء بما يفهم من امثال قوله ـ عليه‌السلام ـ «واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانهم حجتى عليكم وانا حجة الله عليهم» حيث ان ظاهر الرجوع فى الوقائع كفايته لجميع افراد تلك الواقعة حتى المتجددة منها بعد موت المرجع.

وفيه بعد الاغضاء عن دعوى اختصاص الخبر باخذ الروايات ليستدل بها على الوقائع على ما هو شأن صاحب التوقيع وهو إسحاق ابن يعقوب وعن دعوى ظهورها فى المرافعات لانها التى يرجع فيها بعينها الى العلماء دون الحوادث الواقعة التى هى فرد من المسائل الكلية فيكون الرجوع الى العلماء فى عنوانها دون شخصها.

ويشهد لما ذكرنا ان وجوب رجوع العامى الى المفتى ورجوع العالم الى رواياتهم ـ عليهم‌السلام ـ ليس مما يشكل على مثل إسحاق ابن يعقوب الذى يروى عنه مثل الكلينى ، فانه ذكر انى سالت العمرى ان يوصل لى كتابا فيه مسائل اشكلت على ان الحجية من كلام الامام ـ عليه‌السلام ـ انما وقع محمولا على شخص الراوى للحديث الذى هو عبارة عن انسان حى وبقاء

٧٠٣

حجيته بعد موته لا يكون إلّا بالاستصحاب الذى قد عرفت حاله.

نعم لو حملت الحجية على قول الراوى لم يحتج لبقائها بعد الموت الى الاستصحاب ، لكن لو بنى على تقدير القول كان تقدير الرواية انسب.

ثم ان القائلين بالجواز بين مانع عن العدول عنه الى الحى مستندا الى استصحاب وجوب البقاء بناء على حرمة العدول عن التقليد كما سيجيء ، وبين مجوز له ، ولعل وجهه دعوى الاجماع على عدم وجوب البقاء لكنه ظاهر المنافاة لتمسك القائل فى اثبات الجواز بالاستصحاب المستصحب وجوب البقاء فى حال الحياة ، وهو مفروض الارتفاع حال الموت وبقاء اصل الجواز فى ضمن الوجوب العينى بعد ارتفاعه غير معقول.

اللهم إلّا ان يقال ان الموجود فى السابق شيئان :

احدهما وجوب العمل عينا بفتوى من قلده ما لم يختر غيره.

الثانى ـ انه لا يصحح له اختيار الغير بمعنى عدم ترتيب اثر عليه وكونه لغوا غير مفيد لجواز العمل على طبق المعدول اليه والامر.

الاوّل : ثابت سواء قلنا بجواز العدول ام لا فيستصحب.

والثانى : مبنى على جواز العدول عن الميت الى الحىّ وتوضيحه انا نفرض زيدا وعمرا مجتهدين وجاز لبكر تقليد كل وتعين عليه العمل على طبق قوله ما دام باقيا على تقليد المختار وهذا وجوب عينى ، وان قلنا بجواز العدول كما ان تعين الصلاة التام ما دام حاضرا لا ينافى جواز السفر.

ثم ان مقتضى الاستصحاب جواز العدول عنه واختيار غيره لان ذلك كان له قبل اختيار ما اختار (ره) لكن دل الدليل على عدم جواز العدول عن

٧٠٤

الحى الى الحى وعلى جواز الرجوع عن الميت فاستصحاب الوجوب العينى الثابت ما دام باقيا لا ينافيه جواز العدول.

نعم لو فرض ان المستصحب وجوب البقاء على تقليد هذا الذى مات لم يعقل الجمع بين هذا الاستصحاب والاجماع على جواز العدول وعدم وجوب البقاء نظير ذلك ما اذا ثبت افادة عقد لانتقال العوضين الى المتعاقدين وثبت وجوب البقاء على هذا وعدم جواز فسخه ثم ثبت بالاجماع جواز الفسخ وشك فى بقاء تاثير الانتقال فنستصحبه.

نعم لو كان الدليل على الصحة هو ما دل على اللزوم لم يكن معنى لارتفاع اللزوم وبقاء ما استكشف عنه.

وينبغى التنبيه على فروع :

الاول ـ لو قلد المجتهد الحى فى مسألة وجوب الرجوع فمات فرجع الى من يفتيه بوجوب البقاء لم تشمل فتواه تلك المسألة للزوم التناقض.

واما لو رجع فى المسائل عن مجتهده الذى مات بفتوى الحى ثم مات ذلك المفتى ، فرجع الى ثالث افتاه بوجوب البقاء على كل ما قلد فيه فهل يبقى على الاول او على الثانى وجهان اقواهما الثانى ، لان تقليده للثانى ورجوعه عن الاول بالنسبة الى المسائل التى رجع فى حال حيوة الثانى وقع صحيحا ، وان لم يجز له البقاء على مسئلة الرجوع بالنسبة الى ما بعد موته ، فلا ينافى ما ذكرنا من عدم شمول حكم الحى بالبقاء لمسألة وجوب الرجوع التى قلد فيها من مات ، وربما قيل بالاول ولعله لان تقليد الثانى فى المسائل المعدول عنها انما هو بتقليده فى وجوب الرجوع ، فاذا كان الافتاء بالبقاء لا

٧٠٥

يشمله فلا يشمل ما يترتب عليه والمسألة محل اشكال.

الثانى : لو قلنا فى صورة رجوع المجتهد عن فتواه بانه يجب عليه وعلى مقلده رفع اليد عن آثار المعاملات التى وقعت على طبق الحكم المرجوع عنه كرفع اليد عن الزوجة والملك اللذين اخذهما بالعقد السابق فهل يجب عليه وذلك ايضا فيما اذا رجع وجوبا او جوازا عن الميت الى الحى المخالف له فى صحة تلك المعاملة الواقعة وجهان :

فلو قلنا بوجوب رفع اليد عن آثار ما وقع (عليه) بالتقليد السابق قوى فى الفرع السابق وجوب رفع اليد عن التقليد الثانى المترتب على فتوى الثانى بوجوب الرجوع فافهم.

الثالث ـ لو قلد مجتهدا فى جواز الرجوع عن مجتهد الى آخر ثم مات فرجع الى من اوجب البقاء فهل يجوز الرجوع عن الميت بقاء على تقليده فى مسئلة الرجوع ام لا؟ صرح بعض بالاول ويحتمل قويا الثانى لان معنى الفتوى بوجوب البقاء حرمة العدول فلا يشمل جواز العدول كما ذكرنا فى مسئلة الرجوع.

الرابع ـ لو قلد من يرى (ان) التقليد هو العمل لا مجرد الاخذ لاجله فاخذ ولم يعمل وعمل فى مسئلة الاخذ كان عدل عن بعض ما اخذ ولم يعمل بحكم مجتهده بانه ليس تقليدا ثم مات مجتهده فرجع الى من يرى وجوب البقاء على التقليد بمعنى الاخذ للعمل وان لم يعمل فهل يجب بقائه على ما اخذ ولم يعمل به لانه تقليد عن هذا الحى فيجب البقاء عليه ام لا ، لانه قلد تقليدا صحيحا اتفاقا فى ان هذا ليس تقليدا ليجب البقاء عليه وجهان ، و

٧٠٦

كذا الوجهان لو انعكس الامر ، بان قلد من يرى التقليد هو الاخذ لاجل العمل (وعمل ذلك بمعنى انه اتفق له العدول عن بعض ماخوذاته فاستغنى المجتهد فى ذلك فافتاه بحرمة العدول فرجع الى من عدل عنه) فمات فرجع الى من يوجب البقاء على التقليد مع كون التقليد عنده هو العمل لا مجرد الاخذ.

الخامس ـ لو قلد مجتهدا من صغره وقلنا بصحة تقليده لصحة عباداته ثم مات المجتهد قبل بلوغه فبلغ فهل يجب البقاء ـ على القول بوجوب البقاء ـ وجهان بل قولان : من عموم وجوب البقاء على التقليد الصحيح ومن ان حرمة العدول لم يثبت فى تقليد الصغير فاستصحاب التخيير فى حقه باق.

السادس ـ لو قلنا بوجوب البقاء وحرمة العدول عن تقليد الميت فهل يعم ذلك ما اذا كان الحى المرجوع اليه افضل او لا ، قيل بالاول وهو حسن لو قلد فى جواز تقليد غير الاعلم مجتهدا اعلم فى حال حيوة مجتهده او بعد مماته او قلد فى عدم جواز العدول ولو من غير الاعلم ، اما لو قلد فى وجوب تقليد الاعلم ولو بالعدول عن غيره اليه لكن فى حال الحياة لم يكن اعلم ممن قلده ، ثم حدث بعد موته وهو اعلم منه لم يكن وجه لوجوب البقاء على تقليد الميت المفضول.

السابع ـ لو قلنا بوجوب العدول وكان الرجوع الى مجتهد آخر واخذ واجباته المضيقة عنه متعذرا او متعسرا فهل يجوز البقاء حينئذ او حكمه حكم من تعذّر عليه التقليد وجهان والاحتياط لا يخفى.

الثامن ـ الظاهر انّ حكم صيرورة المجتهد فاسقا او كافرا او مجنونا او عاميا حكم موته فى وجوب العدول عنه كما صرح به المحقق الثانى فى

٧٠٧

حاشية الشرائع حيث قال : لو عرض للفقيه العدل ـ والعياذ بالله ـ فسق او جنون او طعن فى السن كثيرا بحيث اختل فهمه امتنع تقليده لوجود المانع ، ولو كان قد قلده مقلد قبل ذلك بطل حكم تقليده ، لان العمل بقوله فى مستقبل الزمان يقتضى الاستناد اليه حينئذ وقد خرج عن الاهلية لذلك فكان تقليده باطلا بالنسبة الى مستقبل الزمان» انتهى.

ويمكن الاستدلال له باطلاق معاقد الاجماعات فى اعتبار العلم والعدالة عند العمل من غير فرق بين الابتداء والاستدامة ، والمحكى عن غير واحد من المعاصرين البقاء فى ذلك كله.

ويدل عليه ـ مضافا الى ذلك والى ظهور الاجماع المركب بل البسيط ـ ما روى عن عبد الله الكوفى خادم الشيخ ابى القاسم ابن روح انه سئل عن كتب ابن ابى العذافر بعد ما خرجت اللعنة فى حقه فقيل : ما نصنع بكتبه وبيوتنا منها ملأ؟ فقال الشيخ : اقول فيها ما قاله ابو محمد العسكرى ـ عليه‌السلام ـ حيث سئل عن كتب بنى فضال فقيل له : ما نصنع بكتبهم وبيوتنا منها ملأ؟ فقال : «خذوا ما رووا وذروا ما رأوا» فان امر الشيخ بترك رأى ابن ابى العذافر يشمل الفتوى الماخوذ منه المعلول عليها حال (استقامته) وحجية قول الشيخ المشار اليه يعلم بالتتبع فى احواله وفيما ورد فى حقه.

التاسع ـ لو لم يتمكن من تقليد مجتهد حىّ فهل يجوز له تقليد الميت ام يجب عليه الاحتياط مع التمكن او يجب عليه الاخذ بالظنون المعتد بها لو تمكن منها ، مثل العمل على فتوى المشهور وما ادعى فيه الاجماع واشبه ذلك وجوه :

٧٠٨

من اطلاق بعض ادلة التقليد كمعاقد الاجماعات المجوزة له فيقتصر فى تقييدها بالحى على صورة التمكن التى هى معقد الادلة المتقدمة.

ومن الرجوع الى الظن الذى لم يقم عليه ـ بالخصوص ـ دليل انما يصار اليه بعد بطلان الاحتياط فيها وهو فى حقه غير ثابت خصوصا لو كانت المسألة او المسائل التى فرض الحاجة اليها مع عدم التمكن من الرجوع الى الحى فيها مما لا يلزم من الاحتياط فيها حرج.

ومن ان وجوب الاحتياط وتقديمه على العمل بالظنون المطلقة غير معروف ولذا اتفقوا ظاهرا على ان المرجع ـ مع فقد الظنون الخاصة ـ هو الظن المطلق كما تقدم فى مسئلة حجية الظن فتأمل والمسألة محل اشكال والاحتياط غير خفى بل هو قوى مع قلة موارده وكون المورد مورد وجوب الاحتياط.

العاشر ـ لو قلنا بوجوب الرجوع الى المجتهد الفاقد للشرائط بعد تعذر المجتهد الجامع لها ودار الامر بين فاقدى بعض الشرائط كغير البالغ مع المخالف او الفاسق او الميت ففى تقديم بعضهم على بعض اشكال وينبغى الجزم بتقديم غير المخالف عليه ، لاطلاق ما دل على المنع عن الرجوع اليهم مثل قوله عليه‌السلام. «لا تأخذن معالم دينك من غير شيعتنا» وما تقدم من قول العسكرى ـ عليه‌السلام وعلى آبائه الطاهرين وولده ـ فى بنى فضال : «ذروا ما رأوا» والى غير ذلك.

واما ما ورد من الامر بمخالفة العامة فى الفتاوى والروايات فهى مسوقة لبيان كون فتاويهم ورواياتهم مخالفا للحق وليس الكلام فى ذلك ، اذ الكلام

٧٠٩

فيمن علم موافقة فتواه واجتهاده لفتاوى الخاصة واجتهادهم لكونه منهم حين الاستنباط ثم رجع عن الحق.

بقى الكلام فى دوران الامر بين الصغير والفاسق والميت ولا يبعد ترجيح غير الفاسق عليه لا لعدم الامن من كذبه لما عرفت من ان الكلام فى اشتراط العدالة حين العمل وان فرض القطع بصدقه فى فتواه بل لعلوّ منصب الافتاء وعدم كون الفاسق لائقا به لان العمل بقوله ركون الى الظالم منهى عنه.

وفى ترجيح غير البالغ على الميت ومن صار عاميا والعكس وجهان ولا يبعد للاول بناء على ما استدلوا به من ان مناط التقليد هو الظن القائم بنفس المجتهد الذى ينتفى بالموت لكن المنتفى فى الصغير (هو) وصفه وهو كون الظن قائما ببالغ فالامر حينئذ يدور بين فوات الموصوف والصفة وارتكاب الثانى اولى.

(ثم هل تمضى تصرفات المجتهد مما يتعلق بالمنصب كالحكومات وغيرها بعد الموت مطلقا اولا مطلقا او يفصّل بين ما كان من قبيل الوكالة كوكيله فى بيع مال الصغير فتبطل وغيره فلا ، وجوه؟ اوجهها الاخير فيما يرجع من تصرفاته الى فعل الله تعالى كحكمه وسائر تصرفاته المنصبية يمضى ، وامّا ما الى فعله كوكالته واستنابته وقيمومته وتوليته فلا بمعنى عدم بقاء النيابة بعد الموت لا عدم مضى ما مضى من تصرفات النواب لرجوعه الى تصرفات الراجع الى فعله ايضا) (١)

__________________

(١) ـ ما بين القوسين زيادة فى المطبوع

٧١٠

فى تقليد الاعلم وبيان انه واجب مطلقا او فى صورة اختلاف فتواه لفتوى غير الاعلم

وحيث قد عرفت شروط المقلّد ـ بالفتح ـ فلو كان متحدا فهو المتعين وان كان متعددا فان تساووا واتفقوا فى الفتوى جاز العمل بجنس الجميع وبكل واحد معين لا بواحد لا بعينه ولا بالمجموع بحيث يلاحظ فى كل واحد انضمام الآخر.

فان قلد على احد الوجهين لزمه ذلك ما دام احدهم على صفة صحة تقليده فى تلك الفتوى ولا يبعد ذلك فيما لو قلد المجموع.

وبالجملة فالظاهران حال المتفقين حال الامارتين المتعاضدتين والاحوط تعيين المجتهد فى جميع الصور.

وان اختلفوا فى الفتوى كان مخيرا بينهما وان كان احدهما اعلم فان اختلفوا فى الفتوى تعين العمل بقول الاعلم على المشهور ، بل لم يحك الخلاف فيه عن معروف وان تأمل فيه او فى دليله بعض المتاخرين.

وقد اعترف الشهيد الثانى فى منية المريد بانه لا يعلم فى ذلك خلافا ونحوه غيره بل صرح المحقق الثانى فى مسئلة تقليد الميت بالاجماع على تعيين تقليد الاعلم ومثله المعتضد بالشهرة المحققة ينبغى ان يكون هو الحجة بعد الاصل على ما سيأتى توضيحه ، ويدل عليه مقبولة ابن حنظلة ورواية

٧١١

داود ابن الحصين ورواية موسى ابن اكيل (١) مضافا الى بنا ، العقلاء على ترجيح الاعلم من اهل الخبرة فى كل مقام من المقامات الشريعة والعرفية فلاحظ.

وقد يورد على الاصل بانه ان اريد اصالة عدم براءة الذمة وبقاء الاشتغال بدون تقليد الاعلم ، ففيه : مع معارضته بما سيجيء من تمسك المخالف بالاستصحاب ، منع جريانه بناء على ان المرجع فى امثال ذلك الى اصالة البراءة.

وان اريد اصالة عدم حجية قول غير الاعلم فى مقابل الاعلم ، ففيه : ان حجية قول غير الاعلم ثابتة بما ثبت من حجية قول المجتهد ـ لو خلى وطبعه ـ انما الكلام هنا فى ترجيح معارضته عليه وهو فتوى الاعلم فدعوى مرجحية الاعلمية يحتاج الى البيّنة لان المرجحية توقيفية يحتاج الى دلالة عقلية او نقلية.

وعلى الشهرة والاجماع المحكى ان الاطلاع على فساد مدرك المشهور يوجب الوهن فيهما وسقوطهما عن الحجية مع ان مدعى الاجماع قد ادعاه على تقديم الاعلم والاورع والظاهر عدم الاجماع فى الاورع.

وعلى المقبولة واخواتها باختصاص موردها بالحكم فتعديته الى الفتوى يحتاج الى تنقيح مناط او اجماع مركب وهما مفقودان على ان المرجحات المذكورة فيها غير معمولة فى تعارض الفتويين اجماعا.

واما بناء العقلاء فهو مسلم فيما كان من قبيل الامارات التى تؤخذ فيها

__________________

(١) ـ وسائل الشيعة : ج ١٨ صص ٩٩ ـ ٨٨ ـ ٨٠.

٧١٢

عند التعارض بأقواهما وحيث كان التقليد عندهم من هذا القبيل كان عملهم فيه على الترجيح بالقوة وكونه كذلك عند المشهور ممنوع ، بل الظاهران الرجوع الى اهل الخبرة عند العرف من قبيل الامارات حيث يرجعون فيه عند التعارض الى الاعلم وعند المشهور من قبيل البينة التى (هى) من قبيل الاسباب ولا يرجع فيه عند التعارض الى الاقوى وحينئذ فالتقليد وان كان عند العقلاء من باب الامارات لانه من قبيل الرجوع الى اهل الخبرة إلّا انه لا يبعد ان يكون عند الشارع من باب البينة كالرجوع الى اهل الخبرة فى الموضوعات.

والجواب : اما عن الاصل فبان المقام ليس مما اختلف فيه فى الحكم بالتخيير عملا بالبراءة ، او بالتعيين عملا بالاحتياط ، لان مرجع الشك فى جواز العمل بفتوى المفضول الى الشك فى تحقق العبادة المطلوبة يقينا ، اذ لو اخذ فيها بقول المفضول نظير ما اذا علمنا يقينا بوجوب عبادة مجملة ودار الامر بين الرجوع فى تعيينها الى خصوص زيد وبين التخيير فى الرجوع الى زيد او عمرو لا الى الشك فى مقدار ما اشتغلت الذمة به عن العبادة المطلوبة فى الجملة ، نظير ما اذا علمنا بوجوب شيء فى الجملة ودار الواجب بين شيء بالخصوص وبين احد الشيئين منه ومن الآخر والمختلف فيه من حيث الحكم بالتخيير او التعيين هو ما كان من قبيل الثانى دون الاول.

هذا كله لو اردنا اجراء الاصل من حيث الحكم التكليفى المتعلق بالتقليد من حيث كونه من باب المقدمة العلمية لامتثال الواجبات الواقعية وإلّا فالشك انما هو فى طريقية فتوى المفضول لاثبات الاحكام الشرعية مع

٧١٣

مخالفتها لفتوى الفاضل ، ومعلوم ان المرجع فى هذا الشك الى اصالة عدم جواز العمل ، ومجرد ثبوت حجيتها فى نفسها لو خلت عن معارضة فتوى الفاضل لا يجدى لان الحجية بذلك المعنى وهو تعين العمل قد ارتفعت قطعا بسبب المعارضة وبقاء الجواز بعد ارتفاع الوجوب غير معقول فلا يثبت جواز العمل إلّا بدليل جديد من العقل او النقل.

والمفروض انتفاء الاول والثانى غير حاكم بالتخيير الا بعد القطع بعدم المرجح او احتماله فى كلام المتعارضين وهذا مفقود فيما نحن فيه ، فالمرجع الى ادلة عدم جواز العمل بما لا ينتهى الى العلم وتعين العمل بفتوى الفاضل لان جوازه يقينى.

فان قلت : قد ثبت ان كون الشيء مرجحا ككونه حجة توقيفى يحتاج الى توقيف ومع عدمه فيعامل معه معاملة عدم المرجحية فاذا ثبت كون كل من فتوى المفضول والفاضل حجة والمفروض عدم العلم بكون الاعلمية مرجحة فمقتضى القاعدة بل اصالة العدم عدم كونها مرجحة فيثبت التخيير لان تعارض الحجتين مع عدم المرجح يوجب التخيير.

قلت : ثبوت التخيير عند تعارض الحجتين مع المرجح حكم يستقل به العقل ومعلوم ان العقل لا يستقل به بمجرد اصالة عدم المرجح لان من جملة مقدمات ذلك الحكم العقلى استقلال العقل بعدم المرجح او احتمال المرجح فى كل منهما على السواء واصالة عدم مرجحية الاعلمية لا يوجب استقلال العقل به فيكون حكم العقل بالتخيير من الاحكام المجعولة للشارع حتى يترتب على حكم الشارع باصالة عدم المرجح واما حكم الشارع

٧١٤

بالتخيير فهو لو ترتب على عدم المرجح فهو من جهة تقرير حكم العقل فهو تابع له والمفروض انتفاء المتبوع.

وبالجملة فقد تقرر فى محله ان الاصول لا يترتب على مجاريها الا احكامها الشرعية الثابتة بثبوتها الواقعى لا الاحكام الشرعية التابعة لاحكام عقلية او عادية ثابتة بثبوتها الواقعى.

واما الجواب عن الايراد على الشهرة والاجماع المحكى فيما يدفع به الايراد على حجج المشهور ... (١)

واما الجواب عما اورد على المقبولة واخواتها فبان الناقل فيها وفى القواعد الشرعية يشهد بكون الترجيح لحكم الاعلم فيها من جهة ترجيح فتواه وكون مورد السؤال تعارض الفتويين لا الحكمين ، فان المرجحات المذكورة فى تلك الروايات : منها ما يرجع الى الترجيح بقوة الاستنباط كالترجيح بالاعلمية ، ومنها ما يرجع الى ترجيح الرواية التى استند اليه احدهما على ما استند اليه الآخر ، ومعلوم ان الترجيح بهما انما يوجب الترجيح فى الفتوى اولا ثم فى الحكم الناشى عن ذلك الفتوى.

وبالجملة فما ذكرنا من ان الترجيح للحكم فى تلك الروايات انما هو من جهة رجحان الفتوى امر ظاهر للمتامل ، ولعله لذا ادعى الشهيد الثانى ان المقبولة نص فى المطلوب.

واما ما ذكر فى الايراد اخيرا من المرجحات المذكورة فى تلك الروايات لا يعمل فيها فى تعارض الفتويين او الحكمين.

__________________

(١) ـ كما ترى قد بقى كلام المصنف (ره) ناقصا.

٧١٥

ويمكن دفعه بالتزام وجوب اعمال تلك المرجحات فى تعارض الفتويين فى ذلك الزمان بالنسبة الى الجاهل بالحكم الشرعى القادر على الاستنباط اذا وصل اليه الروايات او الفتوى النازلة منزلة الروايات ، زمان فتاوى المفتين فى ازمنة صدور هذه الروايات كانت بمنزلة الروايات يعمل بها العامى وغيره عند سلامتها من المعارض وعند معارضتها مع فتوى اخرى التى هى ايضا بمنزلة رواية كان وظيفة المستفتى القادر على اعمال التراجيح العمل بها اجمع ، ووظيفة العامى العاجز عن ذلك الاقتصار على المرجح الذى يقدر على معرفته اعنى اعلمية احد المفتين او اورعيته ، دون ما لا يقدر على معرفته على ما ينبغى ومعرفة ما لا يوهنه ويعارضه اذ المرجح مثل الدليل فى وجوب الفحص عن معارضه الى ان يتحقق المجتهد المعجز عن نفسه ، فوظيفة العامى الترجيح بالاعلمية لا غير فيتنجز مع التساوى فى العلم فيتخيره حينئذ نظير تخيير المجتهد اذا تساوت الفتويان عنده من جميع الجهات.

وبالجملة فالمقبولة واخواتها محمولة على تعارض الفتويين المستندتين الى الروايات بالنسبة الى القادر على اعمال التراجيح المذكورة فالتراجيح المذكورة مقيدة بالقدرة عليها واما العاجز وهو العامى فيقتصر على ما فى وسعه من المرجح الذى يقدر على معرفته وهى الاعلمية دون غيرها.

فان قلت : قد تقرر فى باب التعارض والتراجيح ان الاقتصار على المرجحات المذكورة فى المقبولة ونحوها والجمود على الترتيب المذكور فيها خلاف ما اجمع عليه العلماء عملا فيحمل على ارادة بيان تلك المذكورات إراءة بطريق الترجيح بالقوة والضعف ، فحينئذ يجب على المقلد

٧١٦

الترجيح بين الفتويين بجميع ما يقدر على معرفته من المرجحات مثل اعتضاد احدهما بفتوى المشهور او بفتوى اعلم الاموات ونحو ذلك الاقتصار على الترجيح بالاعلمية او بها وبالاورعية.

قلت : بعد تسليم ما ذكرنا من المجمل فى المقبولة واخواتها يدفع الرجوع الى غير الاعلمية من المرجحات بالاجماع ولولاه لقلنا به فتامل وسيجيء تتمة الكلام فى ذلك.

واما الجواب عمّا اورد على بناء العقلاء فبان الظاهر من ادلة التقليد من الكتاب والسنة والاجماع والعقل كونه من باب الامارات.

اما الكتاب : فلان امر المقلدين بالسؤال والحذر ، وامر المجتهدين بالتفقه والانذار يدل على ان المقصود وصول المقلد وايصاله الى الواقع من اوامر الله ونواهيه ـ جلّ ذكره.

واما الاخبار : فظاهرها وجوب اخذ معالم الدين فيكون المقصود ايضا الوصول اليها.

واما الاجماع : فالعمدة منه هو العمل الثابت باستقرار السيرة واستمرارها على ذلك من زمان الائمة ـ عليهم‌السلام ـ الى زماننا هذا ومعلوم ان رجوع الناس من جهة قصد الوصول الى الواقع.

واما العقل : فدلالته على كونه من باب الامارة الكاشفة عن الواقع اوضح من الكل.

فالمستفاد من ادلة التقليد باسرها انه مطلوب لمجرد التوصل به الى الواقع لكونه اقرب الطرق بعد العلم ومثل هذا يصار عند تعارض فردين منه الى

٧١٧

الاقوى باتفاق العقلاء واجماع العلماء على ما يظهر منهم فى تعارض الامارات عند المجتهد.

هذا مع انه لو شك فى كون التقليد من باب امارات المجتهد او من باب البينة وجب المعاملة معه معاملة الامارات اخذا بالمتقين ، بل الاصل فى تعارض ما كان من قبيل الاسباب العمل بما يحتمل كونه راجحا فى نظر الشارع وعدم اعمال الترجيح بقوة الظن فى تعارض البينتين لو ثبت فانما هو بالاجماع.

وهذا وان كان راجعا الى الاستناد الى الاصل إلّا انه دليل مستقل آخر ، إلّا انه يكفى فى المقام ولو لم يكن ما عداه لعدم ما يتمسك به للتخيير بين الاعلم وغيره الذى قواه بعض متاخرى المتاخرين ، عدا استصحاب التخيير الثابت للمقلد فى بعض الفروض المتعدى منه الى غيره بالاجماع المركب.

واطلاقات الرجوع الى المجتهد مثل آيتى السؤال والنفر ومثل قوله ـ صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين ـ فى توقيع إسحاق بن يعقوب فى مقام تعليل الرجوع الى رواة الحديث «فانهم حجتى عليكم» ، فانه يدل على ان كل واحد منهم حجة. (١)

ومثل قوله ـ عليه‌السلام ـ «واما من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا مخالفا لهواه مطيعا لامر مولاه فللعوام ان يقلدوه» (٢) ومثل قوله ـ عليه‌السلام ـ فى مكاتبته لمن سألاه عمن يعتمد عليه فى امور الدين :

«فاصمدا فى دينكما على كل مسنّ فى حبّنا وكل كثير القدم فى امرنا

__________________

(١) ـ تقدم تخريج الحديث

(٢) ـ تقدم تخريج الحديث

٧١٨

[فانهما كافوكما إن شاء الله تعالى]» (١)

ومثل مشهورة ابى خديجة : «انظروا الى رجل [منكم] يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم قاضيا فانى قد جعلته عليكم قاضيا ...» (٢) الدالة على عدم اعتبار الاعلمية فى المعنى بالاجماع المركب بل بالاولوية.

وما دل على ان «العلماء امناء الرسل وانهم خلفاء رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٣) و «انتم كانبياء بنى اسرائيل» (٤) وما دل على الامر باخذ معالم الدين (٥) من اشخاص خاصة كمحمد بن مسلم والاسدى ويونس بن عبد الرحمن وابان بن تغلب وزكريا ابن آدم مع عدم التقييد بتعذر الرجوع الى الاعلم منهم الى غير ذلك من الاخبار المؤيدة باستمرار سيرة العوام من زمان الائمة ـ عليهم‌السلام ـ الى زماننا على الرجوع الى كل مجتهد من دون فحص عن مجتهد آخر اعلم منه ، وبلزوم الحرج فى الاقتصار على تقليد الاعلم لعسر تشخيص الاعلم مفهوما ومصداقا وتعسر تحصيل فتاويه غالبا.

لكن الذى يقتضيه الانصاف ان شيئا منها لا ينهض الورود على الاصل فضلا عن معارضة ما تقدم من الادلة الأخر اما الاستصحاب فلما مر مرارا من ان شرط القطع ببقاء موضوع الحكم الذى تعلق به الحكم السابق ولم يعلم ان التخيير فى الزمان السابق كان متعلقا بالمجتهدين من حيث هما مجتهدان فانه

__________________

(١) ـ وسائل الشيعة : ج ١٨ ص ١١٠

(٢) ـ المصدر : ج ١٨ ص ٤.

(٣) ـ مستدرك الوسائل : ج ٣ ص ١٨٧

(٤) ـ المصدر ـ ج ٣ باب ١١

(٥) ـ وسائل الشيعة : ١١٠ / ١٨

٧١٩

عين المدعى بل القائل بتقليد الاعلم يدعى ان التخيير كان متعلقا بهما من حيث انهما متساويان فى العلم وقد يعارض هذا الاستصحاب باستصحاب تعين الاعلم اذا كان المجتهد منحصرا فيه ثم حدث مجتهد آخر دون الاول فى العلم وفيه نظر.

واما الاطلاقات المذكورة ففيها بعد الغض عن النظر فى دلالة كثير منها على حجية الفتوى ولذا لم يعول بعض الاصحاب فى ذلك الّا على الاجماع وقضاء الضرورة ان اطلاقها موهون بوجهين :

احدهما : عدم افادتها الا لحجية قول المفتى فى نفسه ـ لو خلى وطبعه ـ كما هو الشأن فى دليل حجية كل امارة واما حكم صورة التعارض فلا بدّ فيه من الرجوع الى العقل او النقل.

الثانى : انها باسرها خطابات شفاهية مختصة بالمشافهين واطلاق الحكم بالرجوع فى حقهم خصوصا المخاطبين بآيتى السؤال والنفر محمول على ما هو الغالب فى احوالهم من حصول العلم او الاطمينان لهم بالرجوع مع عدم التفات العوام منهم الى الاختلاف بين المفتين فى ذلك الزمان لوضوح المدارك عندهم ، لكثرة الاخبار المتواترة وان وجدت فى الكتب مودعة بطريق الآحاد مع تمكنهم من رفع الاختلاف اذ اتفق الرجوع الى الائمة ـ عليهم‌السلام ـ كما اتفق فى مسائل مختلف فيها حيث رجعوا فيها اليهم ـ صلوات الله عليهم.

ومما ذكرنا يعلم الجواب عن السيرة المدعاة فانها محمولة على صورة عدم العلم بالاختلاف بل اعتقاد الاتفاق ولذا لو منعت الناس عن الرجوع الى

٧٢٠