مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

السفر يكفيه أربع صلوات ، ركعتان مرددتان بين الصبح والظهر [١] وركعتان مرددتان بين الظهر والعصر ، ثمَّ المغرب ، ثمَّ ركعتان مرددتان بين العصر والعشاء.

وإذا لم يعلم أنه كان حاضراً أو مسافراً يصلي سبع. صلوات ، ركعتين مرددتين بين الصبح والظهر والعصر [٢] ، ثمَّ الظهر والعصر تامتين ، ثمَّ ركعتين مرددتين بين الظهر والعصر ثمَّ المغرب ، ثمَّ ركعتين مرددتين بين العصر والعشاء ثمَّ العشاء بتمامه. ويعلم ـ مما ذكرنا ـ حال ما إذا كان أول يومه الظهر [٣] ، بل وغيرها.

______________________________________________________

[١] لأجل أنه يحتمل أن تكون الفوائت كلها ثنائيات ، وأنها صبح وظهر وعصر ، أو ظهر وعصر وعشاء ، يتعين عليه الترديد في كل ركعتين بين صلاتين ، فان كانت الفوائت ـ على النحو الأول ـ طابقت المحتملات الأول من الترديد ، وان كانت ـ على النحو الثاني ـ طابقت المحتملات الثواني.

[٢] لا حاجة الى ضم العصر في الترديد ، لإغناء ضمها الى الظهر في الثنائية. الثانية. ولذا لم يضمه اليه ـ فيما لو علم أنه مسافر ـ في الثنائية الاولى ولا فرق إلا في ضم الرباعيات الثلاث ، لاحتمال كونه حاضراً.

[٣] فإنه إن كان حاضراً وجب عليه الإتيان بالخمس ، لأنه يحتمل أن تكون الفوائت متفقة العدد ، ويحتمل أن تكون مختلفة ، أو أنه يحتمل أن تكون الفوائت الظهر والعصر والمغرب ، ويحتمل أن تكون المغرب والعشاء والصبح ، فيأتي بالجميع على الترتيب. وان كان مسافراً وجب عليه الإتيان بالخمس ـ أيضاً ـ لما عرفت ، ولا يكتفي بالأربع ، كما اكتفى بها لو كان أول يومه الصبح. وإن كان لا يعلم أنه حاضر أو مسافر يصلي‌

٨١

( مسألة ٢٤ ) : إذا علم أن عليه أربعا من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس ـ على الترتيب ، وان كان مسافراً فكذلك ـ قصراً ـ ، وأن لم يدر أنه كان مسافراً أو حاضراً أتى بثمان صلوات ، مثل [١] ما إذا علم أن عليه خمسا ولم يدر أنه كان حاضراً أو مسافرا.

( مسألة ٢٥ ) : إذا علم أن عليه خمسة صلوات مرتبة ولا يعلم أن أولها أية صلاة من الخمس أتى بتسع صلوات [٢]

______________________________________________________

ثمان صلوات ، الخمس المذكورة ، ويضم إليها رباعيات ثلاث ، اثنتين قبل المغرب ، وواحدة بعدها ، لأجل احتمال كونه حاضراً.

وإن كان أول يومه العصر فان كان حاضراً وجب عليه الإتيان بالخمس وإن كان مسافراً وجب عليه الإتيان بأربع صلوات ثنائية مرددة قبل المغرب مرددة بين العصر والعشاء ، ثمَّ المغرب ، ثمَّ ثنائية مرددة بين العشاء والصبح ، ثمَّ ثنائية مرددة بين الصبح والظهر. وان كان لا يعلم أنه مسافر أو حاضر صلى سبع صلوات الأربع المذكورة ، ورباعية قبل المغرب ، ورباعيتين بعدها. وإن كان أول يومه المغرب. فان كان حاضراً صلى الخمس ، وان كان مسافراً صلى المغرب وثلاث ثنائيات بعدها مرددة ، أولاها بين العشاء والصبح ، وثانيتها بين الصبح والظهر ، وثالثتها بين الظهر والعصر ، وان كان لا يعلم أنه حاضر أو مسافر ضم إلى الأربع المذكورة ثلاث رباعيات. وإن كان أول يومه العشاء ، فان كان حاضراً صلى الخمس ، وان كان مسافراً صلى ثلاث ثنائيات مرددة ، ثمَّ صلى المغرب ، وان كان لا يعلم أنه حاضر أو مسافر ضم إلى الثنائيات قبل المغرب ثلاث رباعيات أيضا.

[١] لعدم الحاجة الى تكرار الصبح والمغرب.

[٢] لأن العلم الإجمالي بفوات واحدة من الخمس مع أربع معها يقتضي‌

٨٢

ـ على الترتيب ـ ، وان علم أن عليه ستا ـ كذلك ـ أتى بعشر وان علم أن عليه سبعا ـ كذلك ـ أتى بإحدى عشر صلاة. وهكذا.

ولا فرق بين أن يبدأ بأي من الخمس شاء ، الا أنه يجب عليه الترتيب ـ على حسب الصلوات الخمس ـ الى آخر العدد. والميزان : أن يأتي بخمس ولا يحسب منها إلا واحدة فلو كان عليه أيام أو أشهر أو سنة ولا يدري أول ما فات ، إذا أتى بخمس ولم يحسب أربعا منها يتيقن أنه بدأ بأول ما فات.

( مسألة ٢٦ ) : إذا علم فوت صلاة معينة كالصبح أو الظهر مثلا ـ مرات ولم يعلم عددها يجوز الاكتفاء بالقدر المعلوم على الأقوى [١] ، ولكن الأحوط التكرار [٢] بمقدار‌

______________________________________________________

وجوب الاحتياط بالتسع ، لأن الفائتة الاولى إن كانت الأخيرة من الخمس فقد جاء بأربع بعدها ، وان كانت ما قبلها فقد جاء بها أيضاً ، وهكذا الخال في الفروض الأخر.

[١] كما مال إليه الأردبيلي وغيره ، بل لعله المشهور بين متأخري المتأخرين لقاعدة الشك بعد خروج الوقت. ودعوى : انصرافها عن صورة العلم الإجمالي ولو مع التردد بين الأقل والأكثر. ممنوعة : وهذا هو العمدة ، لا أصالة البراءة ، لما عرفت من إمكان صحة جريان الاستصحاب لإثبات وجوب القضاء. ولا ظهور حال المسلم ، فإنه لا دليل على حجيته في المقام.

[٢] كما عن جماعة من الأعيان الجزم به ، بل هو المنسوب إلى الأصحاب ، حملا لما في كلامهم ـ من وجوب القضاء حتى يغلب الظن بالوفاء ـ على صورة تعسر العلم لا مطلقاً. أو كون المراد من غلبة الظن العلم.

٨٣

يحصل منه العلم بالفراغ ، خصوصاً مع سبق [١] العلم بالمقدار وحصول النسيان بعده. وكذا لو علم بفوت [٢] صلوات‌

______________________________________________________

هذا ولكن لا وجه له ظاهر بعد ما عرفت. واستصحاب اشتغال الذمة بالقضاء لا مجال له ، إذ بعد الإتيان بالمقدار المعلوم يشك في وجوب الزائد عليه من أول الأمر. ووجوب الاحتياط ـ عقلا ـ في الشبهة المحصورة الوجوبية مختص بصورة تباين الأطراف ولا يعم صورة ترددها بين الأقل والأكثر ، لانحلال العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي بوجوب الأقل وشك بدائي في الزائد عليه ، والثاني مورد قاعدة الشك بعد خروج الوقت ، كما عرفت والإجماع على وجوب الاحتياط ـ تعبدا ـ غير ثابت ، ولا سيما بملاحظة ظهور كلماتهم في مستند الحكم من الروايات (١) الواردة في النوافل ـ التي لا مجال لحمل الفرائض عليها ، والأولوية ممنوعة ـ ومن قاعدة الاحتياط العقلية التي لا مجال لها في المقام ، كما عرفت.

[١] فقد زعم بعض : وجوب الاحتياط ـ حينئذ ـ بالخصوص ، لأن النسيان الطارئ مما لا يرفع التكليف المنجز بالعلم به ، فكل ما يحتمل من التكليف فهو ـ على تقدير ثبوته ـ منجز ، ولا مجال للتمسك بالبراءة لنفيه. وفيه : أن النسيان الطارئ وان كان لا يرفع التكليف المعلوم حين العلم به إلا أنه يرفع العلم به ويجعله مشكوكا فيرتفع تنجزه ، لأن العلم منوط به التنجز حدوثا وبقاء ، فاذا ارتفع العلم بطروء النسيان فقد ارتفع التنجز ، فيكون الشك في المقدار الواجب شكا في التكليف الذي هو مجرى البراءة. مع أنك قد عرفت أن المرجع ـ في المقام ـ قاعدة الشك بعد الوقت ، لا أصالة البراءة.

[٢] لاطراد جميع ما تقدم فيه.

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ١٩ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلهما.

٨٤

مختلفة ولم يعلم مقدارها ، لكن يجب تحصيل الترتيب بالتكرار في القدر المعلوم ، بل ـ وكذا ـ في صورة إرادة الاحتياط بتحصيل التفريغ القطعي.

( مسألة ٢٧ ) : لا يجب الفور في القضاء [١] بل هو‌

______________________________________________________

[١] كما هو المحكي عن كثير من الأساطين. لأصالة البراءة ، سواء كان واجبا نفسيا مستقلا أم غيريا قيدا في القضاء. وهو واضح على الأول. وكذا على الثاني ، بناءً على البراءة في الشك في الشرطية. ولإطلاق أدلة القضاء. ودعوى : عدم ورودها في مقام البيان. ممنوعة ، إذ لا قرينة عليه ، والأصل يقتضي كونها في ذلك المقام. وكونها لا تنفي وجوب المبادرة ـ كما قيل ـ مسلم ، إذا كانت المبادرة واجباً مستقلا. لكنها خلاف ظاهر القائلين بها ، وخلاف ظاهر أدلتهم على تقدير تماميتها.

ولرواية عمار : « عن الرجل يكون عليه صلاة في الحضر هل يقضيها وهو مسافر؟ قال (ع) : نعم يقضيها بالليل على الأرض ، فاما على الظهر فلا ، ويصلي كما يصلي في الحضر » (١). لظهورها في جواز التأخير إلى الليل وعدم وجوب المبادرة إليها في النهار بفعلها على الأرض إن أمكن أو عند النزول إن لم يمكن. ولو وجبت المبادرة لوجب التعرض لذلك ، فإنه أولى من التعرض لوجوب فعلها على الأرض تماما ، فإنه مفهوم من قوله (ع) : « يقضيها .. » ، فذكره بالخصوص تأكيد له ، بخلاف التعرض لوجوب المبادرة.

ولرواية حريز عن زرارة عن أبي جعفر (ع) : « قلت له رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه ، فخاف أن يدركه الصبح ولم يصل صلاة ليلته تلك.

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٢.

٨٥

______________________________________________________

قال (ع) : يؤخر القضاء ويصلي صلاة ليلته تلك » (١). وظهورها في الفريضة مما لا ينبغي أن ينكر. مع أن ترك الاستفصال كاف في العموم ، وقوله : « صلاة ليلته تلك » لا اقتضاء له في صرفه إلى النافلة ، إذ غاية اقتضاء اسم الإشارة رفع توهم إرادة صلاة ليلته الماضية من قوله : « صلاة ليلته ».

ولرواية جابر : « قال رجل : يا رسول الله (ص) كيف أقضي؟ قال (ص) : صل مع كل صلاة مثلها » (٢). وظهورها في عدم المضايقة ظاهر. واحتمال خصوصية للسائل لا يلتفت اليه ، كما يظهر من ملاحظة النظائر. نعم لا بد من صرف الأمر عن ظاهره الى الإرشاد إلى بيان طريق يسهل فيه القضاء.

ولصحيح ابن مسكان ـ فيمن نام أو نسي أن يصلي المغرب والعشاء ـ : « وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ، ثمَّ المغرب ، ثمَّ العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس » (٣). والظاهر أن التقييد ـ بما قبل طلوع الشمس ـ استحبابي لدفع محذور الحزازة الحاصلة من الصلاة حال الطلوع ، كما يفهم من الخبر الاتي وغيره.

ولصحيح أبي بصير ـ فيمن نام ولم يصل المغرب والعشاء ـ قال (ع) : « وان استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصل الفجر ، ثمَّ المغرب ، ثمَّ العشاء قبل طلوع الشمس. فان خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدى الصلاتين فليصل المغرب ، ويدع العشاء الآخرة حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ، ثمَّ ليصلها » (٤). ودلالتها ظاهرة.

__________________

(١) الوسائل باب : ٦١ من أبواب المواقيت حديث : ٩.

(٢) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب المواقيت حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب المواقيت حديث : ٣.

(٤) مستدرك الوسائل باب : ١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٩.

٨٦

______________________________________________________

ولا يقدح في صحة التمسك بها ما في ذيلها من الأمر بتأخير القضاء حتى يذهب الشعاع ، لمخالفته للنصوص الكثيرة ، بل والإجماع ـ كما قيل ـ الموجب حمله على التقية ، إذ لا تلازم بين فقرات الرواية في الحجية ، كما. هو أوضح من أن يخفى. مع أن في الجزم بنفي الكراهة في القضاء إشكالا إذ هو خلاف مقتضى الجمع بين النصوص.

ولرواية جميل ـ المتقدمة في الترتيب بين الفوائت ، فيمن تفوته الاولى والعصر والمغرب وذكرها عند العشاء الآخرة ـ : « يبدأ بالوقت الذي هو فيه ، فإنه لا يأمن الموت ، فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخل ، ثمَّ يقضي ما فاته الأول فالأول » (١).

ولا يقدح في صحة الاستدلال بها ما تضمنته من فوات المغرب بدخول وقت العشاء ، لما عرفت مع أنه ليس فيها إلا استعمال الفوت في المغرب ، لكن بقرينة قول السائل : « عند العشاء » يتعين حمله على فوت الفضيلة ، وقد عرفت سابقا أن المراد من قوله : « يبدأ .. » أنه يتعين عليه فعل المغرب أولا ثمَّ يقضي الظهر والعصر. فلا حظ ما تقدم في الترتيب بين الفوائت.

ولرواية العيص بين القاسم ـ فيمن نسي أو نام عن صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى ـ فقال (ع) : « إن كانت صلاة الأولى فليبدأ بها. وان كانت صلاة العصر فليصل العشاء ثمَّ يصلي العصر » (٢). فان ظاهر الشرطية الثانية ـ بقرينة السؤال ـ أنه إذا فاتت العصر ودخل وقت العشاء صلى العشاء ثمَّ صلى العصر ، فيثبت به المطلوب ، ويكون ضمير ( كانت ) راجعا إلى الفائتة. ولو كان المراد من ضمير ( كانت ) هي الحاضرة ـ كضمير ( بها ) أيضا ـ ثمَّ الاستدلال بالشرطية الأولى.

__________________

(١) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب المواقيت حديث : ٦ وتقدمت في صفحة : ٧٣.

(٢) مستدرك الوسائل باب : ١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٦.

٨٧

______________________________________________________

وبالجملة : ظاهر الرواية كون إحدى الشرطيتين مسوقة لبيان جواز تأخير القضاء عن الأداء على أي معنى حملت ، وإن كان الأقرب حملها على المعنى الثاني ، بقرينة الرواية الاتية ونحوها ، فيكون وجه الفرق ـ بين الظهر الحاضرة والعصر الحاضرة ، في تأخير الفائتة عن الأولى ، وتأخيرها عن الثانية ـ : أن الظهر بعدها صلاة ، والعصر ليس بعدها صلاة.

ولرواية ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع) : « عن رجل نسي المغرب حتى دخل وقت العشاء الآخرة. قال (ع) : يصلي العشاء ، ثمَّ يصلي المغرب » (١). « وسألته عن رجل نسي العشاء فذكر بعد طلوع الفجر. قال (ع) : يصلي العشاء ، ثمَّ يصلي الفجر » (٢). « وسألته عن رجل نسي الفجر حتى حضرت الظهر. قال (ع) : يبدأ بالظهر ، ثمَّ يصلي الفجر. كذلك كل صلاة بعدها صلاة » (٣). ولا يقدح فيها ما سبق من فوات المغرب بدخول وقت العشاء ، لما سبق. كما أن الظاهر من ذيلها جواز تأخير القضاء عن الأداء إذا كان بعده صلاة ـ كالظهر والعشاء ـ بخلاف الصبح والعصر ، كما يستفاد من بعض النصوص أيضاً.

ولخبر إسحاق بن عمار ـ الذي رواه الصدوق والشيخ (ره) : « قلت لأبي عبد الله (ع) : تقام الصلاة وقد صليت ، فقال (ع) : صل واجعلها لما فات » (٤). وحملها على صورة نسيان القضاء بعيد ، كحملها على محتمل الفوت. نعم لا بد من حمل الأمر على الاستحباب. ويمكن كون ظهور السؤال في السؤال عن طريق مشروعية الجماعة حينئذ‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٧.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٨.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٩.

(٤) الوسائل باب : ٥٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

٨٨

______________________________________________________

قرينة عليه ، إذ يكون الأمر واردا مورد توهم المنع. ولما أرسله الواسطي عن الصادق (ع) : « من كان في صلاة ثمَّ ذكر صلاة أخرى فاتته أتم التي هو فيها ثمَّ قضى ما فاتته » (١). وقد يؤيد هذه النصوص بما عن أصل الحلبي (٢) الذي هو مضمون رواية أبي بصير (٣) وبما عن الجعفي : « والصلوات الفائتات تقضي ما لم يدخل عليه وقت صلاة ، فإذا دخل وقت صلاة بدأ بالتي دخل وقتها وقضى الفائتة متى أحب » (٤).

وقد يستدل للمضايقة بأصالة الاحتياط التي لا مجرى لها في المقام. وبدلالة الأمر بالقضاء على الفور المحقق في محله عدمها. وبقوله تعالى : ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ... ) (٥) الذي هو غير ظاهر الدلالة ، ولا سيما بملاحظة كون الخطاب لموسى (ع). وثبوت الفوت في حق مثله محل الاشكال. ولذا ذكر في تفسيرها معان كثيرة كلها أجنبية عما نحن فيه. والأقرب : أن المراد منها إقامة الصلاة لأجل الذكر الله سبحانه والتوجه اليه والإقبال عليه وبما ورد في تفسير الآية الشريفة ، كصحيحة زرارة الواردة في نوم النبي (ص) عن صلاة الصبح ـ وفيها ـ : قوله (ع) : « من نسي شيئا من الصلوات فليصلها إذا ذكرها ، إن الله تعالى يقول : وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي » (٦). وقريب منها النبوي (٧). وكرواية زرارة عن أبي جعفر (ع) : « إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى ،

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١٠.

(٢) مستدرك الوسائل باب : ١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٥.

(٣) مستدرك الوسائل باب : ١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٨.

(٤) راجع الجواهر ج : ١٣ صفحة : ٤٩ طبع النجف الأشرف.

(٥) طه : ١٤.

(٦) الوسائل باب : ٦١ من أبواب المواقيت حديث : ٦.

(٧) مستدرك الوسائل باب : ١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١١ ، ١٢.

٨٩

______________________________________________________

فان كنت تعلم أنك إذا صليت التي فاتتك كنت من الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك ، فان الله عز وجل يقول وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي » (١).

لكن الصحيحة مشتملة على ارتحال النبي (ص) عن مقامه وتقديم النافلة وذلك مناف للفورية. إلا أن يدعى : أن ذلك مما له دخل في مصلحة الصلاة ، فلا ينافي الفورية المدعاة ـ كسائر مستحباتها ـ وإنما المنافي لها ما هو أجنبي عنها بالمرة.

فالعمدة ـ إذا ـ في الاشكال عليها : ان قوله (ع) : « إذا ذكرها » يمتنع أن يكون توقيتاً بحدوث الذكر ، إذ لا وقت للقضاء. ولا شرطا لوجوبه ، فان السبب التام فيه نفس الفوت والمصلحة المبعضة ـ كما عرفت ـ ولا دخل للذكر فيها. ولذا يجب القضاء مع الغفلة عنه. فلا بد أن يحمل على كونه شرطاً لفعليته وتنجزه ، نظير قولك. « يقضي النائم إذا استيقظ والغافل إذا التفت ». وحمله على الفورية ـ بالمعنى الذي يقول به أهل المضايقة ـ خلاف الظاهر جدا ، بل العبارة الظاهرة فيه أن يقال : « يقضي أول ما يذكر ، فان ترك فليقض أولا فأولا ». وأين هذا من العبارة المذكورة في الرواية. وأما الرواية الثانية فليس فيها إلا الأمر بالبدأة ، وذلك إنما يقتضي الترتيب ـ الذي يأتي الكلام فيه ـ لا المضايقة والفورية.

ومن ذلك يظهر الإشكال في النبوي. وكأن تطبيق الآية الشريفة في المقام بلحاظ تشريع أصل القضاء ، يعني : إذا كانت الغاية من الأمر بإقامة الصلاة هو الذكر لم يفرق بين أدائها وقضائها ، فكما يجب الأول يجب الثاني ـ وفيما عن السرائر من الخبر المجمع عليه : « من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يذكرها » (٢). وفي رواية نعمان الرازي : « سألت‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب المواقيت حديث : ٢.

(٢) راجع السرائر أوائل باب صلاة الكسوف ، والجواهر ج : ١٣ صفحة : ٨٤ طبع ـ

٩٠

______________________________________________________

أبا عبد الله (ع) عن رجل فاته شي‌ء من الصلاة فذكرها عند طلوع الشمس وعند غروبها. قال (ع) : فليصلها حين ذكره » (١). إذ في جميعها يجري ما عرفت.

وبرواية يعقوب بن شعيب : « عن الرجل ينام عن الغداة حتى تبزغ الشمس أيصلي حين يستيقظ أو ينتظر حتى تنبسط الشمس؟ قال (ع) : يصلي حين يستيقظ » (٢). ونحوها غيرها. وفيه : أنها مسوقة لبيان عدم المانع من القضاء في الأوقات المذكورة ، فالجملة ـ أعني : قوله (ع) « يصلي حين يستيقظ » ـ وارد مورد الرخصة.

وبصحيحة أبي ولاد ـ فيمن رجع عن قصد السفر بعد ما صلى قصراً ـ وفيها : « إن عليك أن تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل أن تؤم من مكانك » (٣). وفيه : ـ مع أنها غير دالة على المضايقة ، وأنها لم يعرف قائل بها ـ أنها معارضة بما دل على الاجتزاء بالصلاة قصراً ، الموجب ذلك لحملها على الاستحباب أو طرحها ، فلا تصلح حجة في المقام.

وبصحيحة زرارة : « عن رجل صلى بغير طهور ، أو نسي صلاة لم يصلها ، أو نام عنها ، فقال (ع) : يقضيها إذا ذكرها ، في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار ، فاذا دخل وقت الصلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض‌

__________________

ـ النجف الأشرف. وأخرجه المعلق في تعليقه على الجواهر من سنن البيهقي ج : ٢ صفحة : ٢١٩ ولكنا ـ بعد المراجعة ـ لم نعثر فيه إلا على ما يوافق ما رواه في كنز العمال ج : ٤ صفحة : ١١٦ حديث : ٢٤٨٣ : « من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها ».

(١) الوسائل باب : ٣٩ من أبواب المواقيت حديث : ١٦.

(٢) الوسائل باب : ٦١ من أبواب المواقيت حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٥ من أبواب صلاة المسافر حديث : ١.

٩١

موسع ما دام العمر إذا لم ينجر إلى المسامحة في أداء التكليف والتهاون به [١].

( مسألة ٢٨ ) : لا يجب تقديم الفائتة على الحاضرة [٢] ،

______________________________________________________

ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت ، وهذه أحق بوقتها فليصلها ، فاذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضى. ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها » (١). وفيه : أن الاستدلال إن كان بالفقرة الأولى فقد عرفت حال أمثالها. وقوله (ع) : « في أي ساعة .. » وارد لبيان عدم اعتبار المطابقة بين الأداء والقضاء في الزمان ، لا لبيان وجوب المبادرة في أول الأزمنة. وان كان بالفقرة الثانية فهو مبني على عدم كون المورد مورد توهم الحظر. لكن الظاهر ذلك ، لكون الحاضرة صاحبة الوقت ولا تشاركها فيه الفائتة.

ولا ينافيه قوله (ع) : « وهذه أحق بوقتها ». بتوهم : أنه لو كان المورد كذلك لم يكن حاجة لذكره. وجه عدم المنافاة : أن ذلك ذكر بعد الحكم بمشروعية فعل الفائتة الموهم لانتفاء الأحقية للحاضرة. فتأمل جيدا. وان كان بالفقرة الثالثة فهي أجنبية عن المضايقة بالمرة. وإنما تدل على بطلان النافلة لمن عليه فائتة ، الملازم الاعتبار الترتيب بينهما. هذا ولو سلم دلالة الصحيحة على المضايقة أمكن الخروج عن ظاهرها بما سبق من أدلة المواسعة فتحمل على الاستحباب. ومن ذلك يظهر لك حال بعض النصوص المستدل بها على المضايقة التي هي من قبيل ما سبق. فلاحظ وتأمل والله سبحانه أعلم.

[١] كما لو ظن العجز على تقدير التأخير. فتأمل.

[٢] كما هو المعروف بين القائلين بالمواسعة. لأصالة عدم اشتراط‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٣.

٩٢

______________________________________________________

الترتب على الفائتة في الحاضرة ، بناء على جريان البراءة عند الشك في الشرطية ، كما هو المحقق في محله. ولكثير من النصوص المتقدمة دليلا على المواسعة. وقيل باعتبار الترتيب ، كما هو المعروف بين القائلين بالمضايقة.

ويستدل له بأصالة الاحتياط ـ الجارية عند الشك في شرطية شي‌ء للواجب ـ التي قد عرفت منعها. وبجملة من النصوص : منها : ما تقدم في أدلة القول بالمضايقة.

ومنها : ما تقدم في أدلة القول بالمضايقة.

ومنها : الصحيح الطويل لزرارة ـ الأمر بفعل الفائتة قبل الحاضرة ، وبالعدول منها إليها لو ذكرها في الأثناء ـ الذي رواه عن أبي جعفر (ع) : « إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولاهن فأذن لها وأقم ثمَّ صلها ، ثمَّ صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة. وقال : قال أبو جعفر (ع) : وان كنت قد صليت الظهر ـ وقد فاتتك الغداة فذكرتها ـ فصل الغداة أي ساعة ذكرتها ولو بعد العصر. ومتى ما ذكرت صلاة فاتتك صليتها. وقال (ع) : إذا نسيت الظهر حتى صليت العصر فذكرتها ـ وأنت في الصلاة أو بعد فراغك ـ فانوها الاولى ثمَّ صل العصر ، فإنما هي أربع مكان أربع. وان ذكرت أنك لم تصل الاولى ـ وأنت في صلاة العصر وقد صليت منها ركعتين ـ فانوها الاولى ثمَّ صل الركعتين الباقيتين ، وقم فصل العصر. وان كنت ذكرت أنك لم تصل العصر حتى دخل وقت المغرب ولم تخف فوتها فصل العصر ثمَّ صل المغرب فان كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثمَّ ذكرت العصر فانوها العصر ، ثمَّ قم فأتمها ركعتين ، ثمَّ تسلم ثمَّ تصلي المغرب ، فان كنت قد صليت العشاء الآخرة ونسيت المغرب فقم فصل المغرب. وان كنت ذكرتها وقد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثمَّ سلم ، ثمَّ قم فصل العشاء الآخرة ، فان كنت قد نسيت العشاء الآخرة حتى صليت الفجر‌

٩٣

______________________________________________________

فصل العشاء الآخرة ، وان كنت ذكرتها وأنت في الركعة الأولى أو في الثانية من الغداة فانوها العشاء ثمَّ قم فصل الغداة وأذن وأقم ، وإن كانت المغرب والعشاء قد فاتتاك جميعاً فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة ، ابدأ بالمغرب ثمَّ العشاء. فان خشيت أن تفوتك الغداة ـ إن بدأت بهما ـ فابدأ بالمغرب ثمَّ الغداة ، ثمَّ صل العشاء. وان خشيت أن تفوتك الغداة ـ إن بدأت بالمغرب ـ فصل الغداة ثمَّ صل المغرب والعشاء ، ابدأ باولاهما ، لأنهما جميعا قضاء ، أيهما ذكرت فلا تصلهما الا بعد شعاع الشمس. قلت : ولم ذلك؟ قال (ع) : لأنك لست تخاف فوتها » (١).

وفيه : ـ مع اشتماله على ما يشعر أو يظهر في عدم لزوم الترتيب ، مثل قوله (ع) : « ولم تخف فوتها فصل العصر » ، حيث أن الظاهر من الفوت فيه فوت وقت الفضيلة ، بقرينة عدم تعرضه لصورة فعل المغرب مع كون الغالب فعلها في أوائل الوقت. واشتماله على ما لا يقول به أحد من العدول بعد الفراغ. وعلى ما هو ظاهر في المواسعة الملازمة ولعدم الترتيب ، لعدم القول بالفصل ـ كما ادعي ـ مثل قوله (ع) : « فلا تصلهما الا .. » أنه يمكن دعوى : كون الأمر وارداً مورد توهم الحضر ، لامتناع العدول في الأثناء ارتكازا ، لمخالفته للقواعد العامة. ولأولوية فعل الحاضرة في وقتها.

ومنها : صحيح صفوان عن أبي الحسن (ع) : « عن رجل نسي الظهر حتى غربت الشمس وقد كان صلى العصر. فقال : كان أبو جعفر (ع) أو كان أبي (ع) يقول : إن امكنه أن يصليها قبل أن تفوته المغرب بدأ بها وإلا صلى المغرب ثمَّ صلاها » (٢). وفيه : أن ظهوره في كون المراد‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦٣ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب المواقيت حديث : ٧.

٩٤

______________________________________________________

من فوات المغرب فوات الفضيلة واضح.

ومنها : خبر أبي بصير : « عن رجل نسي الظهر حتى دخل وقت العصر. قال (ع) : يبدأ بالظهر. وكذلك الصلوات تبدأ بالتي نسيت ، إلا أن تخاف أن يخرج وقت الصلاة ، فتبدأ بالتي أنت في وقتها » (١). وفيه : أن الظاهر منه تعدد وقت الظهرين والعشاءين ـ كما قيل ـ ولا نقول به. وحمله على دخول وقت الفضيلة ، يوجب كون المراد من وقت الصلاة ـ الذي يخاف فوته ـ هو وقت الفضيلة ، ومقتضاه وجوب البدء بالحاضرة عند خوف فوت فضيلتها ، وهو أجنبي عن القول بالترتيب.

مع أنك قد عرفت أن الأمر بالبدأة يمكن أن يكون في مورد توهم الحضر ، كالأمر في رواية البصري : « عن رجل نسي صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى ، فقال (ع) : إذا نسي الصلاة أو نام عنها صلاها حين يذكرها ، فاذا ذكرها وهو في صلاة بدأ بالتي نسي. وان ذكرها مع إمام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثمَّ صلى المغرب ثمَّ صلى العتمة » (٢). وكذا في رواية معمر بن يحيى (٣).

نعم لا مجال لاحتماله في رواية زرارة المتقدمة (٤) في تفسير قوله تعالى : ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ... ) لكن الجواب عنها وعما تقدم ـ على تقدير عدم تمامية المناقشة فيها ـ : معارضتها بما تقدم في أدلة المواسعة ، فإنها صريحة في جواز فعل الحاضرة قبل الفائتة ، وفي عدم جواز العدول منها إليها. والجمع العرفي يقتضي الحمل على الاستحباب. أو حمل الأمر‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب المواقيت حديث : ٨.

(٢) الوسائل باب : ٦٣ من أبواب المواقيت حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٩ من أبواب القبلة حديث : ٥.

(٤) راجع المسألة : ٢٧ من هذا الفصل.

٩٥

فيجوز الاشتغال بالحاضرة ـ في سعة الوقت ـ لمن عليه قضاء وإن كان الأحوط تقديمها عليها ، خصوصاً في فائتة [١]

______________________________________________________

على الجواز أو غير ذلك. ولو فرض تعذر الجمع العرفي فالترجيح لتلك النصوص ، لموافقتها لإطلاق أدلة القضاء ومخالفتها للعامة ـ كما قيل ـ بل قيل : إنها أصح سنداً وأكثر عدداً ، ولو فرض التساوي جاز اختيار الأول فتكون هي الحجة ، فلا مجال لدعوى وجوب الترتيب.

[١] ففي المختلف : « إنه إن ذكر الفائتة في يوم الفوات وجب تقديمها على الحاضرة إذا لم يتضيق وقت الحاضرة ، سواء اتحدت أم تعددت. وان لم يذكرها حتى يمضي ذلك اليوم جاز له فعل الحاضرة في أول وقتها .. ». واستدل على ذلك بصحيح صفوان ـ المتقدم ـ (١) الذي قد عرفت أنه على نفي الترتيب أدل. وبصحيح زرارة ـ الطويل ـ الذي قد عرفت الإشكال في دلالة الفقرة المتعرضة لفوات العصر وذكرها عند المغرب.

مع أن دلالة ذيله على وجوب الترتيب في فائتة اليوم السابق أتم. وقد اعترف بذلك ، لكنه أجاب عنه : بوجوب الخروج عن ظهور الذيل بالدليل ، مؤيداً به : ما دل على نفي الترتيب في فائتة اليوم السابق ، مما أطال في تفصيله وبيانه. وأكثره مشترك بين فائتة اليوم الحاضر والسابق. وقد تقدم في نصوص المواسعة ما هو نص في نفي الترتيب في فائتة اليوم الحاضر ، كرواية جميل (٢) ورواية ابن جعفر (ع) (٣). بل ومحتمل رواية العيص (٤). وهذا ومقتضى فرض تعدد الفائتة ، والاستدلال بالصحيحين ، وتعرضه للإشكال ودفعه. أن المراد من اليوم ما يعم الليلة اللاحقة.

__________________

(١) راجع التعليقة السابقة.

(٢) تقدمت الروايات المذكورة في المسألة : ٢٧ من هذا الفصل.

(٣) تقدمت الروايات المذكورة في المسألة : ٢٧ من هذا الفصل.

(٤) تقدمت الروايات المذكورة في المسألة : ٢٧ من هذا الفصل.

٩٦

ذلك اليوم ، بل إذا شرع في الحاضرة قبلها استحب له العدول [١] منها إليها إذا لم يتجاوز محل العدول.

( مسألة ٢٩ ) : إذا كانت عليه فوائت أيام ، وفاتت منه صلاة ذلك اليوم ـ أيضا ولم يتمكن من إتيان جميعها‌

______________________________________________________

ثمَّ إن في المسألة أقوالا أخرى : منها : وجوب الترتيب في المتحدة دون غيرها. ومنها : وجوب الترتيب في المتحدة في يوم الذكر دون غيرها. ومنها : وجوب الترتيب في الفائتة نسياناً ، دون غيرها. ومنها : وجوب الترتيب في معلومة العدد دون غيرها. وربما يحكى غير ذلك. وضعف الجميع ـ مما ذكر ـ ظاهر بعد التأمل.

[١] بناء على كون الجمع ـ بين نصوص الأمر بالعدول ونصوص نفي الترتيب. بحمل الأمر على الاستحباب. وقيل : باستحباب تقديم الحاضرة حملا للأمر على الجواز. وقيل : بالتفصيل بين صورة ضيق وقت فضيلة الحاضرة فالثاني وغيرها فالأول. والوجه فيه : صحيح زرارة الطويل ، الأمر بتقديم المغرب عند خوف فوت وقتها على العصر المنسية ، بناء على كون الظاهر من الوقت وقت الفضيلة. ومثله : صحيح صفوان ، المعتضدان بما دل على تأكد فعل الحاضرة في الوقت المذكور حتى ذهب بعض الى تعينه ، وفي غيره يرجع الى أوامر العدول.

أقول : مرسلة الوشاء عن جميل (١) صريحة في رجحان تقديم الحاضرة بملاحظة التعليل في ذيلها. ولعل من أجلها يتعين حمل الأمر بالعدول على الجواز ، ولو سلم انه بعيد في نفسه. ويمكن حينئذ حمل الخبرين على تأكد الفضل. اللهم الا أن لا يكون ذلك من الجمع العرفي ، فيتعين سقوط المرسل لعدم صلاحيته لمعارضة الصحيحين ، ولا بد من التأمل.

__________________

(١) المراد رواية جميل المتقدمة في المسألة : ٢٧ من هذا الفصل.

٩٧

أو لم يكن بانيا على إتيانها فالأحوط ـ استحباباً [١] أن يأتي بفائتة اليوم قبل الأدائية ، ولكن لا يكتفي بها بل بعد الإتيان بالفوائت يعيدها ـ أيضا ـ مرتبة عليها.

( مسألة ٣٠ ) : إذا احتمل اشتغال ذمته بفائتة أو فوائت يستحب له [٢] تحصيل التفريغ بإتيانها احتياطا [٣]. وكذا لو احتمل خللا فيها ، وإن علم بإتيانها.

( مسألة ٣١ ) : يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل‌

______________________________________________________

[١] لاحتمال وجوب تقديم فائتة اليوم ، وعدم وجوب الترتيب بينها وبين الفوائت السابقة عليها فواتا ، حيث لا يمكن تقديم الجميع على الحاضرة لكن هذا الاحتمال في غاية من الوهن والسقوط ، ولا سيما في فرض إمكان الإتيان بها جميعها ، فان مقتضى ما دل على اعتبار الترتيب بين الفوائت بطلان فائتة اليوم لو اقتصر عليها ، فالاحتياط إنما يكون بالتأخير إلى ضيق وقت الحاضرة.

[٢] كما هو المشهور بين المتأخرين. وعن الذكرى : إن للبحث فيه مجالا. وذكر أموراً لا تصلح للشك فيه ، مثل ما دل على نفي العسر (١) والحرج (٢). وأنه (ص) بعث بالحنيفية السمحة (٣). وأنه ما أعاد الصلاة فقيه (٤). ثمَّ إنه ـ رحمه‌الله ـ قرب الأول لأنه من الاحتياط المشروع ، وادعى إجماع شيعة عصره وما راهقه عليه.

[٣] بيان لوجه الاستحباب.

__________________

(١) البقرة : ١٨٥.

(٢) الحج : ٧٨.

(٣) كنز العمال ج : ٦ حديث : ١٧٢١ صفحة : ١١١.

(٤) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١.

٩٨

على الأقوى [١] كما يجوز الإتيان بها ـ بعد دخول الوقت ـ قبل إتيان الفريضة ، كما مر سابقا [٢].

( مسألة ٣٢ ) : لا يجوز الاستنابة [٣] في قضاء الفوائت ما دام حيا وان كان عاجزا عن إتيانها أصلا.

______________________________________________________

[١] قيل : لعله ظاهر الأكثر. ويدل عليه خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال : « سألته عن رجل نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس ، فقال (ع) : يصلي ركعتين ثمَّ يصلي؟ الغداة » (١). وما دل على افتتاح القضاء بركعتين تطوعا (٢). ورواية حريز عن زرارة المتقدمة في أخبار المواسعة (٣) ، وأخبار رقود النبي (ص) (٤) المتضمنة أنه تنفل قبل القضاء. ولا سيما صحيح زرارة (٥) المشتمل على قصة الحكم بن عتيبة ، المعلل بفوات الوقت. وردها من جهة النوم لا ينافي قبولها فيما نحن فيه. وبذلك يخرج عن ظاهر صحيح زرارة المتقدم (٦) في نصوص المضايقة وغيره. وقد تقدم الكلام في ذلك في المواقيت. فراجع.

[٢] ومر وجهه (٧) من موثق سماعة (٨) وغيره.

[٣] لظهور الأدلة في لزوم المباشرة على نحو لا تدخلها النيابة.

__________________

(١) الوسائل باب : ٦١ من أبواب المواقيت حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٦١ من أبواب المواقيت حديث : ٥.

(٣) تقدمت في المسألة السابعة والعشرين من هذا الفصل‌

(٤) الوسائل باب : ٦١ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٥) الوسائل باب : ٦١ من أبواب المواقيت حديث : ٦.

(٦) راجع أواخر المسألة : ٢٧ من هذا الفصل.

(٧) راجع الجزء السادس من هذا الشرح المسألة : ١٦ من فصل أوقات الرواتب.

(٨) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب المواقيت حديث : ١.

٩٩

( مسألة ٣٣ ) : يجوز إتيان القضاء جماعة ، سواء كان الامام قاضيا أيضا أو مؤديا [١] ، بل يستحب ذلك. ولا يجب اتحاد صلاة الامام والمأموم ، بل يجوز الاقتداء من كل من الخمس بكل منها.

( مسألة ٣٤ ) : الأحوط لذوي الأعذار [٢] تأخير القضاء الى زمان رفع العذر ، إلا إذا علم بعدم ارتفاعه [٣]

______________________________________________________

والظاهر أن ذلك مما لا اشكال فيه ، كما يظهر من ملاحظة كلماتهم في كتاب الوكالة. وعن ظاهر جامع المقاصد : الإطباق عليه. نعم ورد في بعض النصوص : جواز النيابة عن الحي في الحج (١) والصوم المنذور (٢) عند عدم التمكن منهما. ومن الأول : ركعتا الطواف.

[١] بناء على إطلاق أدلة الجماعة. وخصوص بعض النصوص ، مثل خبر إسحاق : « تقام الصلاة وقد صليت. قال (ع) : صلها واجعلها لما فات » (٣). ورواية البصري في ناسي العصر : « وان ذكرها مع إمام أتمها بركعة ثمَّ صلى المغرب » (٤). والأخبار الواردة في رقود النبي (ص) فتأمل.

[٢] لعدم الإطلاق في أدلة الابدال الاضطرارية ، سواء كان قاعدة الميسور. أم الأخبار الخاصة الواردة في البدلية ، لورودها مورد ثبوت البدلية في الجملة. فإطلاق دليل تعين التام بحاله.

[٣] لثبوت البدلية بدليلها. واحتمال لزوم التأخير تعبداً الى آخر الوقت ساقط قطعاً.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب وجوب الحج وشرائطه.

(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب النذر حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٥٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

(٤) لاحظ أواخر التعليقة الأولى على المسألة : ٢٨ من هذا الفصل.

١٠٠