مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

أن يكون ذلك من جهة احتماله الخلل في عمل الأجير. وأما لو علم فراغ ذمته علما قطعياً فلا يجب وان أوصى به [١] ، بل جوازه ـ أيضا ـ محل اشكال [٢].

______________________________________________________

[١] الظاهر أن الوجوب وعدمه مبنيان على جوازه وعدمه ، فالجزم بعدم الوجوب لا يناسب الإشكال في الجواز.

[٢] أقول : الكلام تارة : في مشروعية القضاء عن الميت مع العلم بفراغ ذمته ، كما لو أدى الصلاة في وقتها ثمَّ مات. وأخرى : في جواز الأداء عنه بعد موته ـ كما لو مات ودخل وقت الصلاة بعد موته ، فيؤدي الولي أو غيره الصلاة نيابة عنه ـ ، وفي جواز قضاء ما فاته حال الموت عنه.

أما الأول : فلا ينبغي التأمل في عدم مشروعية النيابة عنه في القضاء ، لأنه فرع الفوت ، والمفروض عدمه. بل لا معنى لنية القضاء فضلا عن مشروعيته.

وأما الثاني : فقد يستدل له بما حكي عن صفوان وعبد الله بن جندب وعلي بن النعمان ، حيث تعاقدوا على أن من مات منهم يصلي من بقي منهم صلاته ويصوم عنه ويحج ، فبقي صفوان ، فكان يصلي كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة (١).

لكن استشكل فيه في الذخيرة بعدم ثبوت ذلك بنحو يحتج به. والمقدار المستفاد من النصوص ـ على تقدير تمامية دلالتها على عموم النيابة ـ هو جواز النيابة فيما يشرع من الصلاة في حق المكلف ، فكما يجوز الإتيان به عن نفسه يجوز الإتيان به نيابة عن الميت ، دون ما لا يكون كذلك ، مثل صلاة الظهر التي لا يجوز للمكلف الإتيان بها إلا مرة واحدة. وفي الحدائق : الجزم بالعدم ، لموثق أبي بصير عن الصادق (ع) : « سألته عن امرأة مرضت‌

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ٢٠ من أبواب الاحتضار حديث : ١٣.

١٢١

( مسألة ٧ ) : إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حج فمات قبل الإتيان به. فان اشترط المباشرة بطلت الإجارة [١]

______________________________________________________

في شهر رمضان وماتت في شوال ، فأوصتني أن أقضي عنها. قال (ع) : هل برئت من مرضها؟ قلت : لا ، ماتت فيه. قال (ع) : لا يقضى عنها ، فان الله تعالى لم يجعله عليها. قلت : فإني أشتهي أن أقضي عنها وقد أوصتني بذلك قال (ع) : كيف تقضي عنها شيئا لم يجعله الله تعالى عليها؟ » (١). ومورده وان كان هو الصوم ، إلا أن التعليل فيه والاستفهام في ذيله يقتضيان العموم. ويشكل : بأن مفاد الرواية الملازمة بين عدم مشروعية الأداء وعدم مشروعية القضاء ، ولا تدل على عدم مشروعية الأداء عن الميت ، كما هو مورد قضية صفوان وأصحابه. وحينئذ فلا تصلح لمعارضة ما دل على مشروعية الأداء عنه ، مثل النصوص المتقدمة في مشروعية النيابة التي لا فرق فيها بين الواجبات والمستحبات ، حسبما يقتضيه إطلاقها. بل يمكن الفرق بين الصوم والصلاة بأن وجوب قضاء الصوم مشروط بالبرء فيما بين الرمضانين فاذا لم يبرأ لم يجب القضاء وإن برئ بعد ذلك ، وليس وجوب قضاء الصلاة كذلك ، لإطلاق دليله. فعموم ما دل على النيابة بالإضافة الى كل من الأداء والقضاء محكم.

[١] هذا غير ظاهر ، إذ غايته أن يكون من باب تعذر الشرط المؤدي إلى تسلط المستأجر على الفسخ. نعم لو كان عقد الإجارة وارداً على منافع الميت كان البطلان في محله ، لعدم الموضوع ، كما لو انهدمت الدار أو ماتت الدابة المستأجرتان. ولعله المراد من المتن. لكنه خلاف الظاهر.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١٢.

١٢٢

بالنسبة الى ما بقي عليه ، وتشتغل ذمته [١] بمال الإجارة إن قبضه ، فيخرج من تركته. وان لم يشترط المباشرة وجب استئجاره من تركته إن كان له تركة ، وإلا فلا يجب على الورثة ، كما في سائر الديون [٢] إذا لم يكن له تركة. نعم يجوز تفريغ ذمته من باب الزكاة [٣] أو نحوها [٤] ، أو تبرعا.

( مسألة ٨ ) : إذا كان عليه الصلاة أو الصوم الاستئجاري ومع ذلك كان عليه فوائت من نفسه. فان وفت التركة بها فهو ، وإلا قدم الاستئجاري ، لأنه من قبيل دين الناس [٥].

______________________________________________________

[١] بمقتضى ضمان المعاوضة.

[٢] حيث لا يجب أداؤها من مال الورثة.

[٣] من سهم الغارمين. وقد استفاضت النصوص في جواز صرف الزكاة في وفاء الدين الذي على الميت (١) ، الشامل للمقام. وحينئذ يستأجر من الزكاة من يقوم بالعمل المستأجر عليه.

[٤] كالوقف الذي جعل مصرفه ما يشمل ذلك.

[٥] هذا وان اشتهر ، إلا أنه لا دليل عليه ظاهر ، كما يظهر من ملاحظة كلماتهم فيما لو لم تف التركة بالدين وحجة الإسلام ، فإن المعروف هو التوزيع بالحصص. بل ظاهر بعض النصوص تقديم الحج على الزكاة (٢) ومال الى العمل به في الحدائق. فراجع.

ثمَّ إنه ـ بناء على ما ذكرنا من عدم خروج الواجبات البدنية من الأصل ـ لا إشكال في إخراج الواجب الاستئجاري في الفرض ، لعدم المزاحمة بينه وبين الواجب البدني.

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ١٨ من أبواب مستحقي الزكاة.

(٢) الوسائل باب : ٤٢ من أبواب كتاب الوصايا حديث : ١.

١٢٣

( مسألة ٩ ) : يشترط في الأجير : أن يكون عارفا [١] بأجزاء الصلاة ، وشرائطها ، ومنافياتها ، وأحكام الخلل ، عن اجتهاد أو تقليد صحيح.

( مسألة ١٠ ) : الأحوط اشتراط عدالة الأجير [٢] ،

______________________________________________________

[١] لا دخل للمعرفة في صحة العمل ، كما تقدم في مبحث التقليد. نعم ربما يكون الجهل مؤديا الى عدم الإتيان بالعمل الصحيح فلا يجزي حينئذ. وعلى هذا فلو علم بأداء الأجير للعمل الصحيح جاز استئجاره. أما لو شك فيه ففي جريان أصل الصحة حينئذ إشكال ، وان كان الأقرب جريانها. وعليه فلو تبرع الجاهل واحتمل مطابقة عمله للواقع جرت أصالة الصحة واجتزئ به.

[٢] نسب هذا الشرط إلى المتأخرين. وليس المراد اشتراط صحة عمله بالعدالة ، إذ لا ريب في صحة عبادة غير العادل. بل المراد اشتراط قبول خبره بإتيان العمل المستأجر عليه بها ، إذ الفاسق لا تعويل على خبره وعليه فلا يقتضي إلا اعتبار العدالة حال الاخبار ، لا حال الإجارة أو العمل. كما أنه ـ لو بني على عدم تمامية دلالة آية النبإ ونحوها في إثبات حجية خبر العادل في الموضوعات ـ لا وجه للاكتفاء بالعدالة في قبول خبر الأجير.

فالتحقيق : أنه إن علم اشتغاله بالعمل للمنوب عنه وشك في كونه صحيحا أو فاسداً كفى أصالة الصحة في البناء على صحته ، من دون حاجة الى حجية خبره. وان شك في أصل الاشتغال ، أو علم الاشتغال وشك في كونه بعنوان النيابة عن المنوب عنه لم يبعد الاكتفاء بخبره. نفي الجواهر ـ في مبحث حجية إخبار ذي اليد ـ قال : « إن تتبع الاخبار بعين الانصاف والاعتبار يورث القطع بالاكتفاء بنحو ذلك ، وبأن كان ذي عمل مؤتمن على عمله ، كالأخبار الواردة في القصابين والجزارين ، والجارية المأمورة‌

١٢٤

وان كان الأقوى كفاية الاطمئنان بإتيانه على الوجه الصحيح وان لم يكن عادلا.

( مسألة ١١ ) ، في كفاية استئجار غير البالغ ولو بإذن وليه إشكال [١] ، وان قلنا بكون عباداته شرعية والعلم بإتيانه‌

______________________________________________________

بتطهير ثوب سيدها ، وأن الحجام مؤتمن في تطهير موضع الحجامة ونحو ذلك ». وقد تقدم ـ في مسألة طريق ثبوت النجاسة ـ بعض الكلام في ذلك (١). أما مجرد الوثوق بأدائه من دون اخباره فكفايته لا تخلو من اشكال.

[١] كأن منشأ الاشكال في عموم أدلة تشريع النيابة للصبي كالبالغ ، إذ لو فرض شرعية عباداته ، وكانت أدلة النيابة قاصرة عن شموله لم تصح نيابته ، ولا يترتب عليها فراغ ذمة الميت لكن الظاهر عمومها له. وعليه فيمكن القول بجواز استئجاره ، وان قلنا بكون عباداته تمرينية ، سواء أكانت شرعية أيضا ـ بأن كانت مأموراً بها شرعا لمصلحة التمرين ـ أم غير شرعية ـ بأن كان خطاب الشارع موجها إلى الولي بأمره بها ، من دون أن يتوجه اليه خطاب شرعي بها ـ لأن ذلك لا يقدح في صحة النيابة عن الغير ـ كنيابة غير المستطيع عن المستطيع في حجة الإسلام ـ فإن عدم مشروعية الفعل في حق النائب لا يمنع من صحة نيابته عن غيره المشروع في حقه الفعل ، لأن النائب ـ كما عرفت ـ إنما يفعل بقصد امتثال أمر المنوب عنه لا غير.

فالبناء على عدم شرعية عبادات نفسه أصلا لا ينافي عقلا صحة نيابته‌

__________________

(١) تقدم تفصيل الكلام في ذلك في المسألة : ٦ من فصل ماء البئر ، ومرت الإشارة إليه في المسألة : ١٠ من فصل طريق ثبوت النجاسة من الجزء الأول. وقد مر بعض الروايات المرتبطة بذلك في المسألتين المشار إليهما. وبعضها في أوائل : فصل استصحاب النجاسة الى ان يثبت خلافه صفحة : ١٢٧ من الجزء : ٢. كما تقدم هناك نقل عبارة الجواهر ـ أيضا ـ فراجع.

١٢٥

على الوجه الصحيح. وان كان لا يبعد ذلك مع العلم المذكور. وكذا لو تبرع [١] عنه مع العلم المذكور.

( مسألة ١٢ ) : لا يجوز استيجار ذوي الأعذار [٢] ، خصوصا من كان صلاته بالإيماء ، أو كان عاجزا عن القيام ويأتي بالصلاة جالسا ونحوه ، وان كان ما فات من الميت [٣] ـ أيضا ـ كان كذلك. ولو استأجر القادر فصل عاجزاً وجب عليه التأخير إلى زمان رفع العذر. وان ضاق الوقت انفسخت الإجارة [٤].

______________________________________________________

لأن أدلة مشروعية النيابة كغيرها من أدلة التشريع. والاشكال ـ إن تمَّ ـ ففي الجميع على نسق واحد.

[١] لعموم أدلة النيابة ، كما عرفت.

[٢] لقصور أدلة البدل الاضطراري عن شمول صورة التمكن من الفعل الاختياري ، كما أشرنا الى ذلك في مبحث وضوء الجبيرة وغيره ، ولأجله قيل : بعدم جواز البدار لذوي الأعذار. نعم لو فرض عدم التمكن من استئجار المختار ففي جواز استئجار المعذور وعدمه ، أو التفصيل بين صورة رجاء زوال العذر وغيرها ، وغير ذلك وجوه مذكورة في مبحث جواز البدار لذوي الاعذار وعدمه ، فان المقام من صغريات تلك المسألة. ولا بد من ملاحظة أدلة الابدال فربما كانت مختلفة في ذلك ، فلاحظ.

[٣] سيأتي ـ إن شاء الله ـ بيان أن أدلة البدلية في الابدال الاضطرارية إنما تقتضي مشروعية البدل في ظرف الامتثال ، فاذا لم يمتثل المكلف وترك الواجب فالفائت هو الواجب الاولي لا غير. ولأجل ذلك لا يجزئ الناقص في القضاء ، وان كان لو أتى به في الأداء أجزأ.

[٤] هذا يتم لو كان المملوك بها العمل بمباشرة الأجير. أما لو كان‌

١٢٦

( مسألة ١٣ ) : لو تبرع العاجز عن القيام ـ مثلا ـ عن الميت ففي سقوطه عنه إشكال [١].

( مسألة ١٤ ) : لو حصل للأجير سهو أو شك‌يعمل بأحكامه [٢] على وفق تقليده أو اجتهاده ، ولا يجب عليه إعادة الصلاة.

( مسألة ١٥ ) : يجب على الأجير أن يأتي بالصلاة على مقتضى تكليف الميت اجتهاداً أو تقليداً ـ ولا يكفي الإتيان بها على مقتضى تكليف نفسه [٣].

______________________________________________________

العمل في ذمة الأجير جرى فيه ما سبق في المسألة السابعة.

[١] بل منع ، لما عرفت من قصور أدلة البدلية عن شمول مثل ذلك إلا في بعض الصور ، حسبما أشرنا اليه. ومنه يظهر أنه لا يناسب الإشكال في صحة التبرع الجزم بعدم صحة الإجارة ، لابتناء الثانية على الاولى.

[٢] لإطلاق أدلتها ، الشامل لصلاة النائب ، المقتضي لاجزائها عن الواقع ، كالصلاة عن نفسه.

[٣] لا ينبغي التأمل في صحة الإجارة على العمل بمقتضى تكليف الأجير ، وبمقتضى تكليف المستأجر ، أو بمقتضى تكليف المنوب عنه ، أو بمقتضى تكليف غيرهم ، فان العمل على أحد الأنحاء المذكورة ـ بعد ما كان مما يترتب عليه غرض مقصود ـ يصح بذل المال بإزائه ، فيصح أن يكون موضوعا للإجارة ، وتكون الإجارة عليه كسائر الإجارات الصحيحة. بل لأجل اختلاف الأغراض في ذلك يتعين تقييده بأحد الوجوه المذكورة ، ولا يجوز إبهامه وإهماله ، للجهل المانع من صحة الإجارة.

نعم مقتضى الإطلاق وعدم التقييد هو الرجوع الى نظر الأجير ، كما‌

١٢٧

فلو كان يجب عليه تكبير الركوع أو التسبيحات الأربع ثلاثا ، أو جلسة الاستراحة اجتهاداً أو تقليداً ، وكان في مذهب الأجير عدم وجوبها ، يجب عليه الإتيان بها.

وأما لو انعكس فالأحوط الإتيان بها أيضا ، لعدم الصحة عند الأجير على فرض الترك. ويحتمل الصحة إذا رضي المستأجر بتركها. ولا ينافي ذلك البطلان في مذهب الأجير إذا كانت المسألة اجتهادية ظنية ، لعدم العلم بالبطلان فيمكن قصد القربة الاحتمالية. نعم لو علم علما وجدانيات بالبطلان‌

______________________________________________________

لو وكله على البيع ، فإن إطلاق الوكالة يقتضي الرجوع في الخصوصيات التي يقع عليها البيع الى نظر الوكيل ، المستتبع وجوب العمل على مقتضى تكليف الأجير.

نعم قد يكون اختلافه مع المستأجر في النظر والصحة والبطلان قرينة على ارادة العمل على التكليف المستأجر. كما قد يكون اختلاف صاحب المال مع المستأجر ـ إذا كان وكيلا أو وصياً عنه ـ قرينة على تقييده وصايته أو وكالته بصورة الاستيجار على العمل بمقتضى تكليف الموصي والموكل. فيكون ذلك قرينة على وقوع الإجارة على خصوص العمل بمقتضى تكليف صاحب المال ، فاذا كان هو المنوب عنه تعين العمل بمقتضى تكليفه. فاذا لم يصلح شي‌ء من هذا الاختلاف قرينة على شي‌ء من ذلك ، وكانت الإجارة مطلقة تعين العمل على مقتضى تكليف الأجير. وإذا صلح شي‌ء من ذلك قرينة على مقتضى تكليف المستأجر أو صاحب المال أو المنوب عنه عمل عليه.

هذا إذا كانت الإجارة على الصلاة عن زيد ـ مثلا. وأما إذا‌

١٢٨

لم يكف ، لعدم إمكان قصد القربة حينئذ [١] ، ومع ذلك لا يترك الاحتياط.

( مسألة ١٦ ) : يجوز استيجار كل من الرجل والمرأة [٢]

______________________________________________________

كانت على تفريغ ذمة زيد ، فقد يتوهم : وجوب العمل على مقتضى تكليف زيد ، لأن العمل على مقتضى تكليف غيره لا يعلم به الفراغ. وفيه : أنه يجري في الفراغ ما يجري في الصلاة ، فإذا كان مقتضى الإطلاق الفراغ بنظر الأجير فهو حاصل بالفعل على مقتضى تكليفه ، فيعمل به ما لم تقم قرينة على إرادة الفراغ بنظر غيره ، إما المستأجر أو صاحب المال أو المنوب عنه أو غيرهم.

هذا كله الكلام في تعيين المراد من موضوع الإجارة. وأما الكلام في الاجتزاء به ، فهو انه لا ينبغي التأمل في اجتزاء الولي به إذا كان العمل موافقا لتكليف نفسه ، وان كان مخالفا لتكليف الميت. أما لو كان موافقا لتكليف العامل مخالفا لتكليف الولي ، فاجتزاء الولي به ، بحيث لا يجب عليه القضاء لا يخلو من تأمل ، لتوقفه على تمامية قاعدة الاجزاء في المقام. وهي غير ظاهرة. وعليه فلو تبرع متبرع عن الميت فقضى على حسب اجتهاده أو تقليده ، لم يجز للولي الاجتزاء في ترك القضاء عنه إذا كان ذلك مخالفا لاجتهاده أو تقليده. وكذا الحال في غير الولي إذا كان لاجتزائه أثر عملي كالوصي والوكيل وغيرهما. فلاحظ.

[١] في هذا الفرض تبطل الإجارة ، لعدم القدرة على العمل المستأجر عليه.

[٢] الظاهر أن هذا من المسلمات. وهو مقتضى إطلاق بعض نصوص النيابة (١). وقد صرح في بعضها : بجواز نيابة الرجل عن كل من الرجل والمرأة (٢).

__________________

(١) راجع أول فصل صلاة الاستيجار.

(٢) لعل المراد به مثل حديث محمد بن مروان. المتقدم في أوائل الكلام من هذا الفصل.

١٢٩

للآخر. وفي الجهر والإخفات يراعى حال المباشر [١] ، فالرجل يجهر في الجهرية وان كان نائبا عن المرأة ، والمرأة مخيرة وان كانت نائبة عن الرجل.

( مسألة ١٧ ) : يجوز ـ مع عدم اشتراط الانفراد ـ الإتيان بالصلاة الاستيجارية جماعة ، إماماً كان الأجير أو مأموما لكن يشكل الاقتداء [٢] بمن يصلي الاستيجاري. إلا إذا علم اشتغال ذمة من ينوب عنه بتلك الصلاة ، وذلك لغلبة كون الصلوات الاستيجارية احتياطية.

( مسألة ١٨ ) : يجب على القاضي عن الميت ـ أيضا ـ مراعاة الترتيب [٣] في فوائته مع العلم به.

______________________________________________________

[١] لأن الظاهر من دليل اعتبار الخصوصية اعتبارها بلحاظ حال المؤدي. وإطلاقه يقتضي عدم الفرق بين حالتي الأصالة والنيابة.

[٢] لعدم إحراز صحة صلاة الإمام مع احتمال عدم الأمر بها. نعم يمكن الاقتداء به رجاءً ، والإتيان بالقراءة بقصد القربة المطلقة. لكن يشكل ترتيب سائر أحكام الجماعة إذا كانت مخالفة للاحتياط.

[٣] قد بنى شيخنا الأعظم ـ في رسالة القضاء عن الميت ـ وجوب ذلك على كون فعل النائب تداركا للقضاء الواجب على الميت ، إذ حينئذ يجب فيه ما يجب في قضاء الميت نفسه. ومنه الترتيب بين الفوائت. أما لو كان تداركا للأداء الواجب على الميت ـ ويكون في عرض قضاء الميت ـ فلا يجب فيه الا ما يجب في الأداء ، وليس الترتيب منه. وما دل على اعتبار الترتيب في القضاء مختص بقضاء المكلف عن نفسه لا مطلقا. ثمَّ استظهر الثاني.

١٣٠

ومع الجهل يجب اشتراط التكرار المحصل له ، خصوصا إذا علم [١] أن الميت كان عالماً بالترتيب.

( مسألة ١٩ ) : إذا استؤجر لفوائت الميت جماعة ، يجب أن يعين الوقت لكل منهم ، ليحصل الترتيب الواجب.

وأن يعين لكل منهم أن يبدأ في دوره بالصلاة الفلانية ، مثل الظهر. وان يتم اليوم والليلة في دوره [٢]. وأنه إن لم يتم اليوم والليلة ، بل مضى وقته ـ وهو في الأثناء ـ أن لا يحسب ما أتى به ، والا لاختل الترتيب. مثلا : إذا صلى الظهر والعصر فمضى وقته. أو ترك البقية مع بقاء الوقت ، ففي اليوم الآخر يبدأ بالظهر ، ولا يحسب ما أتى به من الصلاتين.

( مسألة ٢٠ ) : لا تفرغ ذمة الميت بمجرد الاستيجار [٣] ،

______________________________________________________

أقول : مقتضى ما ذكره في كيفية تقرب النائب. من أن النائب ينزل نفسه منزلة المنوب عنه فيتوجه إليه أمره ـ هو الأول ، فإن أمر الأداء ساقط بخروج الوقت ، فلا يدعو الميت بعد الوقت فضلا عن أن يدعو نائبه ، فلا بد أن يكون الأمر الذي يقصد النائب امتثاله هو أمر القضاء لا غير. مع أنه لو بني على الثاني ، فاختصاص أدلة اعتبار الترتيب بالقضاء عن النفس غير ظاهر ، بل الظاهر كونه من أحكام القضاء مطلقاً لبعض الأحكام المختصة بالقضاء. وقد اعترف ( قده ) بعدم بعد التعميم.

[١] وجه الخصوصية : هو التفصيل المتقدم من بعضهم في وجوب الترتيب وعدمه بين العلم والجهل.

[٢] المقصود : التمثيل ، والا فلا يتوقف حصول الترتيب على ذلك بل يحصل بأن يعين لبعضهم : يوما ونصفاً ، ولاخر : نصفاً ويوما.

[٣] إذ الاستيجار ليس مصداقا لما في الذمة ليكون مفرغا لها ، بل‌

١٣١

بل يتوقف على الإتيان بالعمل صحيحاً. فلو علم عدم إتيان الأجير ، أو أنه أتى به باطلا وجب الاستيجار ثانيا. ويقبل قول الأجير [١] بالإتيان به صحيحا. بل الظاهر جواز الاكتفاء ما لم يعلم عدمه. حملا لفعله على الصحة [٢] إذا انقضى وقته [٣] وأما إذا مات قبل انقضاء المدة فيشكل الحال ، والأحوط تجديد استيجار مقدار ما يحتمل بقاؤه من العمل.

( مسألة ٢١ ) : لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل الا مع إذن المستأجر [٤] ،

______________________________________________________

إنما يقتضي اشتغال ذمة الأجير بالعمل. وذلك لا ينافي اشتغال ذمة الميت ، بل ذمته باقية على اشتغالها الى أن يحصل الأداء.

[١] على ما عرفت.

[٢] بل حملا له نفسه على الصحة لا لفعله ، للشك في تحقق فعله.

[٣] ظاهر العبارة التمسك بقاعدة : ( الصحة ) لإثبات الأداء. لكن دليله غير ظاهر. وليس بناء الفقهاء عليها في أمثال المقام في موارد الدعاوي ، كما لو ادعى الدائن عدم وفاء المديون وادعت الزوجة عدم الإنفاق ونحوهما ، فإن القاعدة لو جرت اقتضت كون القول قول مدعي الأداء.

هذا ويحتمل أن يكون الوجه ـ في البناء على تحقق الفعل منه ـ : قاعدة الشك في الفعل بعد خروج وقته. وموردها وان كان شك الفاعل نفسه ، الا أنه يمكن استفادة التعميم لغيره بإلغاء خصوصية مورده عرفا. إلا أن يدعى : اختصاص الحكم بالموقت بحسب أصل الشرع ، لا بجعل المكلف بإجارة أو نذر أو نحوهما. لكنه بعيد ، وان كان لا يخلو من وجه.

[٤] إذا كانت المباشرة شرطاً في العقد فمرجع الاذن الى إسقاط‌

١٣٢

أو كون الإجارة واقعة على تحصيل العمل [١] ، أعم من المباشرة والتسبيب ، وحينئذ فلا يجوز أن يستأجر بأقل من الأجرة المجعولة له [٢] ، إلا أن يكون آتيا ببعض العمل ولو قليلا [٣].

( مسألة ٢٢ ) : إذا تبرع متبرع عن الميت قبل عمل الأجير ففرغت ذمة الميت انفسخت الإجارة [٤] ، فيرجع‌

______________________________________________________

الشرط. وان كانت المباشرة عنوانا للعمل فمرجع الاذن الى المعاوضة على ما في ذمة الأجير الأول بفعل الأجير الثاني.

[١] فيكون فعل الأجير الثاني مصداقا للعمل المستأجر عليه.

[٢] على ظاهر الأشهر ، أو المشهور. لبعض النصوص الظاهرة في المنع ، كصحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع) : « عن الرجل يتقبل بالعمل فلا يعمل فيه ويدفعه الى آخر فيربح فيه. قال (ع) : لا ، الا أن يكون قد عمل فيه شيئا » (١). ونحوه صحيحه الأخر عن أبي حمزة عن الباقر (ع) (٢) لكنه خال عن الاستثناء. وقريب منهما غيرهما.

وليس لها معارض سوى ما حكي عن الحلي والفاضل من روايتهما رواية أبي حمزة ـ بدل قوله (ع). « لا » ـ : « لا بأس » (٣). لكن الظاهر أنه سهو ، كما في مفتاح الكرامة. واحتمال تخصيص الحكم بالعمل في شي‌ء دون العمل الصرف ـ كالصلاة والصوم ـ بعيد جدا عن ظاهر تلك النصوص. فلاحظ.

[٣] كما هو مقتضى الاستثناء في النصوص (٤).

[٤] لتعذر المنفعة. هذا إذا كان العمل المستأجر عليه تفريغ ذمة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب كتاب الإجارة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب كتاب الإجارة حديث : ٤.

(٣) راجع السرائر باب الإجارة صفحة : ٤.

(٤) راجع الوسائل باب : ٢٣ من أبواب كتاب الإجارة.

١٣٣

المؤجر بالأجرة ، أو ببقيتها إن أتى ببعض العمل. نعم لو تبرع متبرع عن الأجير [١] ملك الأجرة.

( مسألة ٢٣ ) : إذا تبين بطلان الإجارة بعد العمل استحق الأجير أجرة المثل [٢] بعمله ، وكذا إذا فسخت الإجارة من جهة الغبن لأحد الطرفين.

( مسألة ٢٤ ) : إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال من يوم معين الى الغروب ، فأخر حتى بقي من الوقت مقدار أربع ركعات ولم يصل صلاة عصر ذلك اليوم ، ففي وجوب صرف الوقت في صلاة نفسه أو الصلاة الاستيجارية إشكال ، من أهمية صلاة الوقت ، ومن كون صلاة الغير من قبيل حق الناس المقدم على حق الله [٣].

______________________________________________________

الميت. أما إذا كان الصلاة عنه ، فان امتنعت النيابة عنه بغير ما اشتغلت به ذمته ـ كما تقدم ـ فالحكم كذلك. وان جازت ، فان كان المستأجر عليه طبيعة العمل عنه فالإجارة صحيحة ، وان كان خصوص العمل عنه فيما اشتغلت به ذمته فالإجارة باطلة.

[١] يعني : حيث يمكن ، كما إذا لم تكن الإجارة على عمله بالمباشرة.

[٢] لقاعدة : ( ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ) ـ التي عمدة ما يستدل عليها به في المقام الإجماع الموافق لمرتكزات المتشرعة ـ فإن استيفاء منفعة العامل بلا أجرة مع عدم قصده التبرع يعد ظلما وعدوانا.

[٣] قد عرفت أنه مما هو مشهور غير ظاهر المأخذ. ولو سلم فلا يجدي في المقام ، لأن بقاء صحة الإجارة مشروط بالقدرة على العمل بقاء فاذا تعذر العمل ـ ولو لمانع شرعي ـ انفسخت الإجارة. فلا يصلح وجوب‌

١٣٤

( مسألة ٢٥ ) : إذا انقضى الوقت المضروب للصلاة الاستيجارية ولم يأت بها أو بقي منها بقية ، لا يجوز له أن يأتي بها بعد الوقت ، إلا بإذن جديد [١] من المستأجر.

( مسألة ٢٦ ) : يجب تعيين الميت المنوب عنه [٢]. ويكفي الإجمالي ، فلا يجب ذكر اسمه عند العمل ، بل يكفي من قصده المستأجر أو صاحب المال أو نحو ذلك.

( مسألة ٢٧ ) : إذا لم يعين كيفية العمل من حيث الإتيان بالمستحبات يجب الإتيان على الوجه المتعارف [٣].

( مسألة ٢٨ ) : إذا نسي بعض المستحبات التي اشترطت عليه [٤] ، أو بعض الواجبات ـ مما عدا الأركان ـ فالظاهر نقصان الأجرة بالنسبة [٥] ، إلا إذا كان المقصود تفريغ الذمة على الوجه الصحيح [٦].

______________________________________________________

العمل بها لمزاحمة الواجب الموقت ، لارتفاع الموضوع.

[١] لأنه غير العمل المستأجر عليه ، فلا يكون وفاء عنه ، كما تقدم‌

[٢] إذ لا يقع العمل عنه الا بقصده ، لأنه من الأمور القصدية.

[٣] لأنه منصرف الإطلاق ، حيث لم يتعرض لكيفية خاصة.

[٤] يعني : بنحو كانت جزءاً من العمل المستأجر عليه. وكذا في الواجبات عدا الأركان ، إذ لو كانت مأخوذة بنحو الشرط الاصطلاحي فتخلفها لا يوجب جواز الرجوع ببعض الأجرة ، بل يوجب الخيار في الفسخ.

[٥] لفوات بعض العمل المستأجر عليه.

[٦] بأن يكون هو المستأجر عليه ، لا كونه داعيا على الإجارة. وحينئذ لا وجه للرجوع ، لحصول المستأجر عليه. هذا والاستثناء في العبارة‌

١٣٥

( مسألة ٢٩ ) : لو آجر نفسه لصلاة شهر ـ مثلا ـ فشك في أن المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر ، ولم يمكن الاستعلام من المؤجر ـ أيضا ـ فالظاهر وجوب الاحتياط بالجمع [١]. وكذا لو آجر نفسه لصلاة ، وشك أنها الصبح أو الظهر ـ مثلا ـ وجب الإتيان بهما.

( مسألة ٣٠ ) إذا علم أنه كان على الميت فوائت ولم يعلم انه أتى بها قبل موته أولا فالأحوط الاستيجار عنه [٢].

فصل في قضاء الولي

يجب على ولي الميت [٣]

______________________________________________________

من قبيل المنقطع ، ولو كان المراد من العبارة كونه داعيا لا موضوعاً فالحكم كما سبق في جواز الرجوع ببعض الأجرة ، لأن تخلف الدواعي لا يوجب الفساد ، ولا حصولها موجبا للصحة.

[١] للعلم الإجمالي الموجب للموافقة القطعية.

[٢] لأصالة عدم الإتيان بها وبقائها في ذمته. وكأن وجه توقف المصنف. احتمال جريان أصل الصحة ، المتقدم إليه الإشارة في المسألة العشرين. أو لأن تكليف الوارث بالإخراج فرع تكليف الميت به وهو غير ثابت ، لأنه فرع شكه ليجري فيه استصحابه. لكن شك الميت غير معلوم ، كما أشار الى ذلك في المسألة الخامسة من ختام الزكاة. وقد أشرنا في شرح ذلك المقام الى ضعفه. فراجع.

فصل في قضاء الولي‌

[٣] إجماعا. والنصوص به متظافرة ، كرواية ابن سنان ـ المحكية عن‌

١٣٦

ـ رجلا كان الميت أو امرأة على الأصح [١] ، حرا كان أو عبدا ـ [٢]

______________________________________________________

ابن طاوس (ره) : « قال : الصلاة التي دخل وقتها قبل أن يموت الميت يقضي عنه أولى الناس به » (١) ، وصحيح حفص : « في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام. قال (ع) : يقضي عنه أولى الناس بميراثه. قلت : فان كان أولى الناس به امرأة. قال (ع) : لا ، إلا الرجال » (٢) ، وغيرهما. والمشهور : وجوبه تعيينا. وعن صريح السيدين : التخيير بينه وبين الصدقة. وربما حكي عن العماني. وعبارته المنقولة لا تساعده. وليس لهم دليل غير الإجماع الذي ادعياه السيدان الممنوع جدا. بل عن الخلاف وغيره : دعوى الإجماع على الأول.

[١] كما عن المحقق في بعض رسائله ، وعن الذكرى والموجز. لإطلاق رواية ابن سنان المتقدمة ، لأن الميت يستوي فيه المذكر والمؤنث. لكن المحكي عن المشهور : العدم ، لاختصاص أكثر النصوص بالرجل ، كما ستأتي وانصراف الرواية المذكورة إليه. لكن اختصاص أكثر النصوص بالرجل لا يقتضي تقييد الأقل به إذا كان مطلقا ليرجع في المرأة إلى أصالة البراءة والانصراف ممنوع. بل يمكن الاستدلال في المرأة بما دل من النصوص على وجوب قضاء الولي عنها في الصوم ـ لو تمَّ ـ كما هو المنسوب الى المعظم ، بناء على عدم الفرق بينه وبين الصلاة.

[٢] على ما هو ظاهر المشهور. لإطلاق النصوص. وفي القواعد : « في القضاء عن العبد إشكال ». وعن الفخر : الجزم بالعدم. ولا وجه له ظاهر غير دعوى الانصراف الممنوعة ، وغير كون الاولى بالعبد هو‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٢ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٢٨.

(٢) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث :

١٣٧

أن يقضي عنه ما فاته من الصلاة لعذر [١] ، من مرض أو سفر أو حيض [٢] ، فيما يجب فيه القضاء ولم يتمكن من قضائه [٣] ، وان كان الأحوط قضاء جميع ما عليه [٤]. وكذا في الصوم لمرض [٥].

______________________________________________________

المولى ، ولا يجب عليه القضاء عنه إجماعا ، المدفوع بما قيل : من أن المراد من الاولى به الاولى به من الأقارب. ولذا خصه المشهور بالولد الذكر الأكبر لا مطلق الاولى ، كي يختص بالسيد المجمع على عدم وجوب قضائه. نعم حكي عن الفخر توجيهه بما لو تمَّ لاقتضى قصور بعض النصوص عن إثبات الحكم في العبد ، لا تقييد المطلق منها بالحر. فالعمل على الإطلاق.

[١] كما هو المحكي عن المحقق ـ في بعض رسائله ـ وعن عميد الدين والشهيدين. لانصراف نصوص القضاء اليه. لكنه ممنوع. ولذا حكي عن المشهور : وجوب قضاء جميع ما فاته ولو عمدا ، بل نسب الى ظاهر النص وإطلاق الفتوى. وعن ظاهر الغنية : الإجماع عليه. وقيل ـ كما عن الحلي وابن سعيد ـ : لا يقضي إلا ما فاته في مرض الموت. ولكنه غير ظاهر الوجه.

[٢] المرض والسفر ليسا عذرا في الصلاة ، وإنما يكونان عذرا في الصوم. والحيض عذر في الصلاة ، لكن تركها فيه لا يوجب القضاء.فكأن المراد من العذر فيه ما هو أعم من العذر الشرعي والعرفي ، مقابل الفوات لا عن عذر ، ولكن العبارة لا تساعد عليه.

[٣] هذا قيد زائد على ما ذكره المحقق ومن تبعه. ومنشؤه : دعوى الانصراف المتقدمة مع منعها.

[٤] بل هو الذي يقتضيه إطلاق الأدلة.

[٥] بلا خلاف. لصحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع) : « عن رجل‌

١٣٨

تمكن من قضائه وأهمل ، بل وكذا لو فاته من غير المرض ـ من سفر ونحوه ـ وان لم يتمكن من قضائه [١].

______________________________________________________

أدركه شهر رمضان وهو مريض فتوفي قبل أن يبرأ. قال (ع) : ليس عليه شي‌ء ، ولكن يقضى عن الذي يبرأ ثمَّ يموت قبل أن يقضي » (١). وفي مرسل ابن بكير عن الصادق (ع) : « في رجل يموت في شهر رمضان. قال (ع) : ليس على وليه أن يقضي عنه .. فان مرض فلم يصم شهر رمضان ثمَّ صح بعد ذلك فلم يقضه ثمَّ مرض فمات فعلى وليه أن يقضي عنه ، لأنه قد صح فلم يقض ووجب عليه » (٢). وقريب منهما غيرهما. وبه يقيد ما دل على القضاء مطلقا.

[١] أما في السفر فهو المحكي عن التهذيب وجامع ابن سعيد وظاهر المقنع. لموثق ابن مسلم عن أبي عبد الله (ع) : « في امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل أن يخرج رمضان ، هل يقضى عنها؟ فقال (ع) : أما الطمث والمرض فلا. وأما السفر فنعم » (٣). ونحوه صحيح أبي حمزة (٤) ، ورواية منصور بن حازم عن الصادق (ع) : « في الرجل يسافر في شهر رمضان فيموت. قال (ع) : يقضى عنه. وان امرأة حاضت في شهر رمضان فماتت لم يقض عنها. والمريض في شهر رمضان لم يصح حتى مات لا يقضى عنه » (٥).

هذا ولكن المشهور : عدم القضاء عنه الا مع تمكنه منه ، طرحا منهم‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١٣.

(٣) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١٦.

(٤) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٤.

(٥) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١٥.

١٣٩

______________________________________________________

للنصوص المذكورة من دون وجه ظاهر ، غير مخالفتها للتعليل المتقدم في المرسل‌ (١). ولرواية أبي بصير ـ المتقدمة في المسألة السادسة من الفصل السابق ـ ، لاشتراك الصحة والحضر في كونهما شرطا للوجوب. وفيه : أن مقتضى وجوب قضاء ما فات فيهما كونهما معا شرطا للواجب. ولا ينافيه جواز السفر اختيارا في شهر رمضان ، لإمكان كون المأخوذ شرطا للواجب هو الوجود من باب الاتفاق ، كما أشرنا الى ذلك في كتاب الصوم من هذا الشرح. هذا بالنسبة إلى الأداء.

وأما بالنسبة إلى القضاء ، فالذي يقتضيه الجمع بين ما دل على نفي القضاء باستمرار المرض (٢) وما دل على وجوب القضاء مع استمرار السفر (٣) هو : أن الصحة شرط في الوجوب ، والحضر شرط في الواجب. بل لو أغمض النظر عن نصوص ثبوت القضاء باستمرار السفر لم يصلح التعليل للبناء على سقوط القضاء فيه ، لعدم الدليل على الاشتراك بين الصحة والحضر بالنسبة إلى القضاء.

ومن ذلك يظهر وهن الطعن في نصوص القضاء عن المسافر بالشذوذ وأما الطعن فيها باعراض المشهور. ففيه : أنه لم يثبت الاعراض المعتد به في رفع اليد عن الحجية ، لإمكان أن يكون لشبهة ، كما لا يخفى.

__________________

(١) تقدم ذكر الرواية في التعليقة السابقة.

(٢) راجع الوسائل باب : ٢٣ ، ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٣) لم نعثر في الروايات الا على التفصيل بين المسافر وغيره ، فيمن مات في شهر رمضان.

وقد مرت الإشارة إليها في صدر التعليقة. واما في خصوص المستمر سفره ـ ويراد به : من استمر سفره الى بعد انقضاء شهر رمضان بزمان يتمكن فيه من القضاء ، ـ فلم نجد ما يدل عليه من النصوص. بل ان مقتضى ما في الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٨ هو عدم الفرق بين المسافر وغيره. نعم مقتضى التعليل فيه : ارادة الاستمرار القهري. فراجع وتأمل.

١٤٠