مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

ويجب فيها الإخفات [١] في القراءة ، وإن كانت الصلاة جهرية ، حتى في البسملة [٢] على الأحوط ، وإن كان الأقوى جواز الجهر بها ، بل استحبابه [٣].

( مسألة ٢ ) : حيث أن هذه الصلاة مرددة بين كونها نافلة [٤] أو جزءاً أو بمنزلة الجزء فيراعى فيها جهة الاستقلال‌

______________________________________________________

[١] كما عن الدروس والبيان وغيرهما. ودليله غير ظاهر.

[٢] لاحتمال وجوبه فيها.

[٣] لإطلاق ما دل على استحباب الجهر بها ، كما تقدم.

[٤] التأمل في الاخبار الآمرة بالبناء على الأكثر والتسليم ثمَّ فعل الصلاة الاحتياطية بعد ذلك من قيام أو جلوس (١) ، يقتضي البناء على كون الصلاة الاحتياطية صلاة مستقلة ـ كما عن ابن إدريس وجماعة كثيرة من المتأخرين ـ فهي مرددة بين كونها نافلة وكونها تداركاً للنقص ، بنحو لا يكون بينها وبين الصلاة الأصلية التي سلم عليها تركب كتركب أجزاء الصلاة ، كما يظهر من جماعة ، وصرح به بعض ـ ولعله ظاهر الأكثر ـ بل هي نظير النافلة التي ورد : أنها يتدارك بها النقص المحتمل في الفريضة وهذا هو الوجه في دعوى : ظهور النصوص في وجوب تكبيرة الافتتاح لها ، كما عرفت ، بل لو تمَّ الإجماع على وجوبها كان شاهداً مستقلا بذلك كما استدل به في المدارك وغيرها عليه. وأما ما دل على وجوب السجود للسهو لو تكلم فغير ظاهر في الكلام فيما بين الصلاتين ليصلح دليلا على الجزئية ، بل من المحتمل أن يكون المراد به الكلام عند عروض الشك ، أو في صلاة الاحتياط ـ كما قيل ـ وعلى هذا يشكل البناء على وجوب المبادرة إلى صلاة الاحتياط ، وعلى حرمة المنافيات بينها وبين الصلاة.

__________________

(١) تقدمت الإشارة الى ذلك كله في المسألة الاولى من هذا فصل.

٥٠١

والجزئية ، فبملاحظة جهة الاستقلال يعتبر فيها النية ، وتكبيرة‌

______________________________________________________

اللهم إلا أن يكون الوجه في الأول : نفي الخلاف المدعى في الروضة والروض والمصابيح. وعن الذكرى : أنه ظاهر الفتوى والاخبار. وعن الكفاية : أنه ظاهر كلام الأصحاب ، بل عن المسالك : دعوى الإجماع صريحاً ، بل ادعى في الجواهر : أن الاخبار كادت تكون صريحة فيه ، خصوصاً المشتمل على الفاء المقتضية للتعقيب بلا مهلة. وحكى ـ أيضاً ـ هذه الدعوى السيد ـ في مفتاح الكرامة عن أستاذه. وقد تظهر من عبارة الإيضاح الاتية وغيرها.

لكن دعوى الإجماع موهونة بعدم نقل التصريح به من أحد من القدماء واستظهاره من كلامهم غير ظاهر الوجه ، كاستظهاره من النصوص (١) إذ هي ما بين ما اشتمل على ( ثمَّ ) وعلى ( الواو ) وعلى ( الفاء ) وما خلا عن ذلك كله. ولا وجه لاستظهاره من الأولين ، ولا من الأخير. وأما الفاء ـ فيما اشتمل عليها ـ فهي فاء الجزاء المقتضية لترتب الجزاء ـ وهو الطلب ـ على الشرط رتبة ، لا ترتب المطلوب زماناً. ولذا لم يكن بناؤهم على الفور في الجمل الشرطية المصدر جزاؤها بالفاء مثل : « إن أفطرت فكفر » و « من فاتته فريضة فليقضها ». نعم لو كانت ( الفاء ) فاء العطف اقتضت ذلك. لكنها ليست كذلك. وقد اعترف في الجواهر بذلك في مبحث الموالاة في الوضوء. فراجع.

ثمَّ لو تمت دلالة الاخبار وكلمات الأصحاب على وجوب المبادرة فالظاهر منه الوجوب وضعاً ، بمعنى اعتبارها في صحة الصلاة الاحتياطية ـ كما أصر عليه جماعة ـ لا مجرد الوجوب التكليفي ـ كما يظهر من آخرين ـ فان ذلك خلاف ظاهر الأمر في المقام وأمثاله. هذا والذي ينبغي أن يقال : إن‌

__________________

(١) تقدمت الإشارة الى ذلك في المسألة الاولى من هذا الفصل.

٥٠٢

الإحرام ، وقراءة الفاتحة ، دون التسبيحات الأربع ، وبلحاظ‌

______________________________________________________

المحتمل ـ بدءاً ـ في نصوص البناء على الأكثر والإتيان بصلاة الاحتياط (١) أمور : الأول : انقلاب الصلاة الرباعية التي اشتغلت بها الذمة قبل طروء الشك الى صلاتين مستقلين ـ وهما الصلاة البنائية وصلاة الاحتياط ـ بحيث لا ترتبط إحداهما بالأخرى ، إلا من جهة أن التكليف بهما واحد ، نظير صلاة جعفر (ع) القائمة بصلاتين مستقلتين ، كل واحدة منهما ركعتان. وهذا هو المنسوب الى ابن إدريس وجماعة.

الثاني : انقلاب الصلاة الرباعية ـ التي اشتغلت بها الذمة ـ من كيفية إلى كيفية أخرى ، فتكون صلاة الاحتياط ـ على تقدير النقص ـ جزءاً من مجموع الصلاة البنائية والاحتياطية ، فيكون بين الصلاة تركب ، كتركب ركعاتها قبل طروء الشك. غاية الأمر أن الكيفية الواجبة بطروء الشك غير الكيفية السابقة على الشك ، من جهة زيادة تكبيرة الافتتاح وتعين الفاتحة. وربما يكون الاختلاف ـ أيضاً ـ بالقيام والجلوس وغير ذلك. وهذا هو ظاهر الأكثر أو المشهور.

الثالث : أن تكون الصلاة الرباعية باقية على حالها في الذمة لم تتغير بطروء الشك ، وإنما الانقلاب في مقام الأداء والفراغ عما في الذمة ، فإذا بنى على الأكثر وسلم ، وكان تسليمه على الثلاث واقعاً فصلاته الرباعية باقية في ذمته ، ولم يخرج عنها بالتسليم ، لكن الإتيان بركعة قائماً ـ أو ركعتين جالساً ـ مجزي عن الركعة المتصلة الباقية في ذمته ، فيكون وجوب البناء على الأكثر حكماً ظاهرياً ، لا واقعياً ، والوجوب الواقعي باق بحاله ، لكن ظاهريته بلحاظ وجوب التشهد والتسليم. أما عدد الركعات فلا نظر فيه اليه ، بل اللازم فيه البناء على الأقل ، ويجب لأجله الاحتياط. ولذا ورد في النصوص : إنه مع الشك في الركعات يبني على اليقين (٢).

__________________

(١) تقدمت الإشارة الى ذلك في المسألة الاولى من هذا الفصل.

(٢) تقدم ذلك في الأول من الشكوك الصحيحة.

٥٠٣

جهة الجزئية يجب المبادرة إليها ، بعد الفراغ من الصلاة ،

______________________________________________________

ومحصل هذا الوجه : أن مفاد النصوص حكم ظاهري ـ وهو البناء على الأكثر من جهة التسليم ونحوه ، والبناء على الأقل من جهة العدد ـ والحكم الواقعي بحاله باق ـ وهو وجوب الصلاة الرباعية ـ على حسب جعلها الاولي لا تغير فيه ولا انقلاب. وعلى الوجه الاولى لا موجب للمبادرة إلى الصلاة الاحتياطية ، ولا مانع من إيقاع المنافي من الحدث والكلام وغيرهما. بخلاف الوجهين الأخيرين ، إذ عليهما تجب المبادرة إلى صلاة الاحتياط لتحصيل الموالاة ، ولا يجوز إيقاع المنافي ، لأنه على تقدير النص يكون المنافي واقعاً في أثناء الصلاة فيبطلها. ولأجل أنه يحرم إبطال الصلاة ، يحرم فعل المنافي تكليفاً ، كما يحرم وضعاً. ومن ذلك يظهر أنه لا مجال للتفكيك بين وجوب المبادرة وبطلان الصلاة بفعل المنافي ، كما يظهر من المتن حيث جزم بوجوب المبادرة وتوقف في البطلان بتخلل فعل المنافي. وأشكل منه : الالتزام بحرمة فعل المنافي تكليفاً ، مع عدم البطلان به ، كما يظهر من بعضهم.

والظاهر إن الوجوه الثلاثة ـ التي أشرنا إليها ـ هي التي ذكرها في الإيضاح وجعلها أقوالا. وأنها مبنى للخلاف في قدح فعل المنافي قبل صلاة الاحتياط ، قال في محكي كلامه : « اعلم أن مبنى المسألة أن الاحتياط هل هو جزء ، أو صلاة برأسه؟ انحصر أقوال أهل العلم فيه في ثلاثة أقوال : ( الأول ) : أنه صلاة برأسه ـ وهو اختيار ابن إدريس وجماعة ـ لوجوب النية وتكبيرة الإحرام ، ولا شي‌ء من الجزء كذلك. ( الثاني ) : إنه تمام ، لقوله (ع) : « إذا لم تدر أربعاً صليت أم ركعتين فقم واركع ». وفيه : منع ، لجواز إرادة المجاز. ( الثالث ) : إنه تمام من وجه ، وصلاة منفردة من وجه ـ وهو اختيار والذي المصنف (ره) ذكره لي مذاكرة ـ جمعاً بين الأدلة وهو الأقوى » ويشير بالرواية ـ التي استشهد بها للقول الثاني ـ إلى رواية أبي‌

٥٠٤

وعدم الإتيان بالمنافيات بينها وبين الصلاة. ولو أتى ببعض‌

______________________________________________________

بصير ، قال (ع) فيها : « وقم واركع ركعتين ، ثمَّ سلم واسجد سجدتين ـ وأنت جالس ـ ثمَّ سلم بعدهما » (١) وكأن وجه الاستشهاد ظهور ( الفاء ) في قوله (ع) : « فقم » في لزوم المبادرة التي هي من لوازم الجزئية ، كما تقدم في كلام الجواهر وغيرها. ثمَّ ان أقرب الاحتمالات هو الأخير ، لكون الاحتمالين الأولين مبنيين على كون الحكم الطارئ بالشك حكما واقعيا. وهو خلاف الظاهر ، إذ المقام كأمثاله من الموارد التي ورد فيها ما ورد في المقام من ثبوت حكم في حال الشك ، مع بنائهم على كونه حكما ظاهرياً والحكم الواقعي بحاله محفوظ من دون تبدل ولا تغير. وليس الفرق ـ بين المقام وغيره ـ إلا في أن الركعة المأمور بها ظاهراً هنا ليست مطابقة للركعة المحتملة النقيصة. وهذا المقدار لا يوجب حمل الكلام على الحكم الواقعي ، لجواز حصول الاجزاء بها ـ كما هو صريح النصوص ـ وان لم تكن مطابقة وبالجملة : الاجزاء لا إشكال فيه ، وإنما الإشكال في كون الحكم ظاهريا أو واقعيا. والمنسبق الى الذهن هو الثاني. لا أقل من أن إطلاق الدليل الواقعي موجب لحمله على ذلك. هذا ولو بني على كونه واقعيا فحمله على الوجه الأول أولى ، لظهور النصوص في كون صلاة الاحتياط صلاة مستقلة مرددة بين الوجوب والاستحباب ، لا أنها مرددة بين كونها صلاة مستقلة وكونها متممة.

والمتحصل من نصوص المقام : أن صلاة الاحتياط صلاة مستقلة ، يجري عليها ما يجري على الصلاة المستقلة في اعتبار الاجزاء والشرائط. وأنها تدارك للنقص المحتمل في الرباعية الواقعية المشغولة بها ذمة المكلف ، بلا انقلاب للواقع إلى الصلاة المستقلة على تقدير النقص ، بل يكون المكلف حينئذ قد فرغ‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٨.

٥٠٥

المنافيات فالأحوط إتيانها ثمَّ إعادة الصلاة. ولو تكلم سهواً فالأحوط الإتيان بسجدتي السهو [١]. والأحوط ترك الاقتداء فيها [٢] ، ولو بصلاة احتياط ، خصوصاً مع اختلاف سبب احتياط الامام والمأموم ، وإن كان لا يبعد جواز الاقتداء مع اتحاد السبب ، وكون المأموم مقتدياً بذلك الإمام في أصل الصلاة.

______________________________________________________

من بعض الصلاة وبقي عليه البعض الأخر ، فيكون فعل المنافي بين الصلاتين واقعا في أثناء الصلاة الواقعية ـ على تقدير نقصها واقعا ـ فيكون مبطلا فلا يجوز إيقاعه ، لا وضعا ـ بمعنى : منعه عن تدارك النقص بصلاة الاحتياط ـ ولا تكليفا ، لأنه إبطال. واحتمال تمام الصلاة ، فلا يكون فعل المنافي إبطالا ، واستصحاب بقائه في الصلاة لا يثبت عنوان الإبطال. إلا بناء على الأصل المثبت. مندفع : بأن الظاهر أن المراد من الابطال المحرم فعل ما يوجب عدم الاكتفاء بها في نظر العقل. فتأمل. على أن نصوص صلاة الاحتياط ـ بناء على ما عرفت من معناها ـ تكون ظاهرة في ترتيب آثار البقاء في الصلاة. ومنها حرمة فعل المنافي ظاهراً ، المترتبة على قادحيته ظاهراً هذا ومن هنا يظهر أن وجوب الإعادة ـ على تقدير فعل المنافي ـ أوضح من حرمة فعله. فكان الاولى بالجزم من الثاني ، لا كما في المتن. ولا سيما مع ما عرفت : من أن أدلة حرمة فعل المنافي من إجماع أو غيره ـ على تقدير تماميتها ـ ظاهرة في الحكم الوضعي ، لا مجرد التكليف. فلاحظ وتأمل.

[١] بل هو الأقوى. لا لرواية ابن أبي يعفور (١) ـ لما عرفت من إجمالها ـ بل لان موضوع سجود السهو التكلم في الصلاة ، ويمكن إثباته بالاستصحاب.

[٢] تقدم الكلام في ذلك في صلاة الجماعة. فراجع.

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢.

٥٠٦

( مسألة ٣ ) : إذا أتى بالمنافي قبل صلاة الاحتياط ، ثمَّ تبين له تمامية الصلاة لا تجب إعادتها [١].

( مسألة ٤ ) : إذا تبين ـ قبل صلاة الاحتياط ـ تمامية الصلاة لا يجب الإتيان بالاحتياط [٢].

( مسألة ٥ ) : إذا تبين ـ بعد الإتيان بصلاة الاحتياط ـ تمامية الصلاة تحسب صلاة الاحتياط نافلة [٣] ، وإن تبين التمامية في أثناء صلاة الاحتياط جاز قطعها [٤] ، ويجوز إتمامها نافلة. وإن كانت ركعة واحدة ضم إليها ركعة أخرى [٥].

______________________________________________________

[١] لصحتها واقعا.

[٢] لان وجوب الإتيان حكم ظاهري لا مجال له مع انكشاف الحال.

[٣] كما هو صريح النص (١) بل لا يبعد الاكتفاء بها نافلة مرتبة لو نواها ـ كذلك ـ على تقدير عدم الاحتياج إليها ، بل لا يبعد الاكتفاء بها فريضة لو نواها كذلك.

[٤] لجواز قطع مطلق النافلة.

[٥] بناء على عدم مشروعية النافلة ركعة إلا الوتر. ونصوص المقام لا تصلح لتشريعها ، لاختصاصها بحال الشك. لكن قد يشكل احتسابها بعضا من النافلة بعد ارتفاع الشك ، لقصور أدلة تشريعها عن إثبات ذلك ، بل صلاحيتها لإثباته أبعد من صلاحيتها لإثبات مشروعيتها نافلة ركعة ، بلا ضم ركعة أخرى إليها. نعم لو نواها أول الأمر بعضها من النافلة ـ على تقدير عدم الاحتياج إليها ـ كان ضم ركعة أخرى إليها في محله ، بل وكذا لو نواها فريضة ، كما أشرنا إليه.

__________________

(١) تقدم ذلك في الأمر الثالث من الشكوك الصحيحة.

٥٠٧

( مسألة ٦ ) : إذا تبين بعد إتمام الصلاة قبل الاحتياط أو بعدها ، أو في أثنائها ـ زيادة ركعة ـ كما إذا شك بين الثلاث والأربع والخمس [١] فبنى على الأربع ، ثمَّ تبين كونها خمساً ـ تجب إعادتها مطلقاً [٢].

( مسألة ٧ ) : إذا تبين بعد صلاة الاحتياط نقصان الصلاة فالظاهر عدم وجوب إعادتها [٣] ، وكون صلاة الاحتياط جابرة : مثلا إذا شك بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع. ثمَّ بعد صلاة الاحتياط تبين كونها ثلاثاً صحت ، وكانت الركعة من قيام ـ أو الركعتان من جلوس ـ عوضاً عن الركعة الناقصة.

( مسألة ٨ ) : لو تبين بعد صلاة الاحتياط نقص الصلاة أزيد مما كان محتملا ، ـ كما إذا شك بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع وصلى صلاة الاحتياط ، فتبين كونها ركعتين‌

______________________________________________________

[١] يعني : حال القيام ، الذي تقدم : أن حكمه الهدم. وحينئذ فتبين أنها خمس لا يراد منه الخمس التي كانت طرفا للشك ، إذ هي قد هدمت بل المراد أنها خمس لم تكن محتملة حال الشك. والعبارة توهم الأول.

[٢] لما تقدم : من بطلان الصلاة بزيادة ركعة ، من دون فرق بين الصور‌

[٣] كما عن جماعة التصريح به ، بل نسب الى ظاهر النص والفتوى ـ وهو كذلك ـ ويقتضيه ـ أيضا ـ صريح رواية عمار : « وإن ذكرت انك كنت نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت » (١) وعن الموجز : البطلان مع المخالفة ، كما لو صلى ركعتين من جلوس في الشك بين الثلاث والأربع‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣.

٥٠٨

وأن الناقص ركعتان ـ فالظاهر عدم كفاية صلاة الاحتياط [١] بل يجب عليه إعادة الصلاة. وكذا لو تبينت الزيادة عما كان محتملا ، كما إذا شك بين الاثنتين والأربع فبنى على الأربع وأتى بركعتين للاحتياط فتبين كون صلاته ثلاث ركعات.

والحاصل : أن صلاة الاحتياط إنما تكون جابرة للنقص الذي كان أحد طرفي شكه. وأما إذا تبين كون الواقع بخلاف كل من طرفي شكه فلا تكون جابرة.

______________________________________________________

ولكنه غير ظاهر ، بل عن كشف الالتباس : « لم أجد له موافقا ».

[١] أما عدم الاكتفاء بها بدون ضم شي‌ء إليها فظاهر ، لعدم الدليل عليه ، فقاعدة الاشتغال بالنقص محكمة. وأما عدم الاكتفاء بها ـ ولو بضم ركعة أخرى إليها في الفرض ـ فالظاهر أنه كذلك ، لاختصاص أدلة التدارك بغير المقام. نعم لو فرض عمومها له أمكن ضم ركعة أخرى إليها والاكتفاء بها ، ويكون السلام على صلاة الاحتياط من قبيل السلام نسيانا. فتأمل.

وأما وجوب الإعادة وعدم الاكتفاء بتدارك النقص بعد صلاة الاحتياط فلتخلل الفصل بصلاة الاحتياط ، بناء على عدم جواز إدخال صلاة في صلاة ، الذي يساعده ارتكاز المتشرعة. مضافا الى مفرغية التسليم الموجبة للنقص ، وإلحاقه بالتسليم نسيانا غير ظاهر. وظهور أدلة البناء على الأكثر في عدم مفروغيته وإن كان مسلما ، إلا أنه لا يجدي في المقام ، لاختصاصه بصورة تدارك صلاة الاحتياط للنقص ، وهو في المقام منتف ، كما تقدم.

اللهم إلا أن يقال : لم يثبت المنع من الفصل بمثل صلاة الاحتياط في فرض العذر ، والقدر المتيقن صورة العمد ، كما تقدمت الإشارة إلى وجهه في مبحث قواطع الصلاة. ويؤيد ذلك : ما ورد في كيفية عمل الاحتياط‌

٥٠٩

( مسألة ٩ ) : إذا تبين قبل الشروع في صلاة الاحتياط نقصان صلاته لا تكفي صلاة الاحتياط [١] ، بل اللازم حينئذ إتمام ما نقص [٢] ، وسجدتا السهو للسلام في غير محله إذا لم يأت بالمنافي. وإلا فاللازم إعادة الصلاة ، فحكمه حكم من نقص من صلاته ركعة أو ركعتين ، على ما مر سابقا.

( مسألة ١٠ ) : إذا تبين نقصان الصلاة في أثناء صلاة الاحتياط ، فاما أن يكون ما بيده من صلاة الاحتياط موافقاً لما نقص من الصلاة في الكم والكيف ـ كما في الشك بين الثلاث والأربع إذا اشتغل بركعة قائماً وتذكر في أثنائها كون صلاته ثلاثا. وإما أن يكون مخالفا له في الكم والكيف ـ كما إذا‌

______________________________________________________

في الشك بين الثنتين والثلاث والأربع. والظاهر من أدلة البناء على الأكثر عدم مفرغية السلام لو صدر حال الشك ، بلا دخل لبقائه في ذلك. والبناء على الاقتصار في ذلك على خصوص صورة حصول التدارك بصلاة الاحتياط جمود لا يساعده المتفاهم العرفي. ولذا حكي الإجماع على الصحة لو تذكر النقص قبل الشروع في الاحتياط ـ كما سيأتي ـ إذ ليس بناء الأصحاب على ذلك إلا من أجل فهم ما ذكرنا من الأدلة. ومما ذكرنا يظهر الكلام في الفرع الاتي. كما أن منه يظهر الإشكال في جزم المصنف (ره) بوجوب الإعادة في الفرض ، مع توقفه في جواز الفصل بصلاة الاحتياط ، كما قد يظهر من المسألة الحادية عشرة من فصل الشك في عدد الركعات. فلاحظ.

[١] لقصور الأدلة عن ذلك ، واختصاصها بصورة بقاء الشك الى ما بعد الفراغ.

[٢] بلا خلاف أجده ـ كما في الجواهر ـ بل حكي عليه الإجماع.

٥١٠

اشتغل في الفرض المذكور بركعتين جالسا فتذكر كونها ثلاثاً ـ وأما أن يكون موافقاً له في الكيف دون الحكم. كما في الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع إذا تذكر كون صلاته ثلاثا في أثناء الاشتغال بركعتين قائما ـ وإما أن يكون بالعكس كما إذا اشتغل في الشك المفروض بركعتين جالسا ـ بناء على جواز تقديمهما ـ وتذكر كون صلاته ركعتين ، فيحتمل إلغاء صلاة الاحتياط في جميع الصور والرجوع الى حكم تذكر نقص الركعة [١]. ويحتمل الاكتفاء بإتمام صلاة الاحتياط‌

______________________________________________________

واستوضحه غير واحد ، لا لأنه من قبيل من تذكر النقص ـ لاختصاص أدلته بصورة التسليم نسيانا ـ بل لما عرفت من ظهور أدلة البناء على الأكثر في عدم مفروغية التسليم الواقع في حال الشك ، وإن زال الشك بعد ذلك والجمود على صورة بقاء الشك إلى ما بعد صلاة الاحتياط لا يساعده المتفاهم العرفي‌

[١] لقصور أدلة الاكتفاء بها عن صورة التذكر في الأثناء ، كما عرفت فيما قبله. واستصحاب التدارك بها ـ الثابت قبل التذكر ـ لا مجال له ، للشك في ثبوت ذلك من أول الأمر.

وتوضيح ذلك : أن الحكم المعلق على عنوان إذا كان ظاهراً في كونه منوطا به حدوثا وبقاء ـ كما في مثل : « المسافر يقصر » أو « إذا سافرت فقصر » فان كان يحتاج إلى أمد مستمر اعتبر في موضوعه الاستمرار بمقدار أمده ، إذ لو لم يستمر بمقدار أمد الحكم لزم ثبوت الحكم في حال عدمه ، وهو خلاف فرض كونه منوطا بموضوعه حدوثا وبقاء. مثلا : إذا قال : « الغني يصوم خمسة أيام » اعتبر في موضوعه الاستمرار خمسة أيام ، وإلا لزم المحذور المذكور. وحينئذ يتعين البناء في المقام على اعتبار استمرار‌

٥١١

في جميعها. ويحتمل وجوب إعادة الصلاة في الجميع [١]. ويحتمل التفصيل بين الصور المذكورة [٢]. والمسألة محل الإشكال ، فالأحوط الجمع بين المذكورات بإتمام ما نقص ، ثمَّ‌

______________________________________________________

الشك إلى نهاية صلاة الاحتياط ، فاذا ارتفع الشك في الأثناء قبل ذلك انكشف عدم ثبوت الحكم من أول الأمر. لا يقال : يلزم حينئذ عدم وجوب العمل بحكم الشك عند الشك في استمراره ، للشك في عنوان العام. لأنه يقال : يمكن البناء على الاستمرار ظاهرا بالاستصحاب في الزمان اللاحق. أو للإجماع الكاشف عن ثبوت الحكم بالاستمرار ظاهرا.

ومما ذكرنا يظهر أنه لا حاجة في رفع اليد عن الاستصحاب السابق إلى دعوى : عدم جريانه من جهة تبدل موضوعه ـ وهو الشك ـ ليتوجه عليها : بأن مجرد زوال الشك غير كاف في الحكم بتبدل الموضوع عرفا ، ولا إلى دعوى : معارضة الاستصحاب بإطلاق ما دل على لزوم الركعة المتصلة ، ليتوجه عليها : توقفها على القول بأن الرجوع في مثل المقام الى عموم العام ، لا الى استصحاب حكم المخصص. ثمَّ إنه إذا ثبت عدم صحة التدارك بصلاة الاحتياط تعين الرجوع إلى حكم تذكر النقص ، على ما عرفت في المسألة السابقة. ولا يضر تخلل المقدار المأتي به من صلاة الاحتياط ، كما عرفت في المسألة الثامنة. ومن ذلك تعرف وجه الاحتمال الثاني ، وأنه لا فرق بين صور المسألة.

[١] كأن وجهه ما تقدم : من قصور أدلة الاكتفاء بالاحتياط عن شمول الفرض. وامتناع تدارك النقص مستقلا ـ لاختلال الموالاة ، أو لمفرغية التسليم ـ مما عرفت في المسألة الثامنة الإشكال فيه.

[٢] بالاكتفاء بصلاة الاحتياط مع الموافقة في الكم والكيف ، وعدمه مع المخالفة. أما الأول : فلانه لا مانع منه إلا زيادة تكبيرة الافتتاح. لكن‌

٥١٢

الإتيان بصلاة الاحتياط ، ثمَّ إعادة الصلاة. نعم إذا تذكر النقص بين صلاتي الاحتياط ـ في صورة تعددها ـ مع فرض كون ما أتى به موافقا لما نقص في الكم والكيف لا يبعد الاكتفاء به [١] ، كما إذا شك بين الاثنتين والثلاث والأربع ، وبعد الإتيان بركعتين قائما تبين كون صلاته ركعتين.

( مسألة ١١ ) : لو شك في إتيان صلاة الاحتياط بعد‌

______________________________________________________

لا دليل على القدح بها بعد صدورها بإذن الشارع واقعاً. وأما الثاني : فللمخالفة ، فالاكتفاء معها يحتاج الى دليل مفقود. وفيه : أن التكبيرة صدرت بعنوان افتتاح صلاة جديدة ـ لما عرفت من أن صلاة الاحتياط صلاة مستقلة ـ فالاكتفاء بها عن الصلاة الواقعية الأولية محتاج إلى إقامة دليل عليه ، لأنه خلاف الأصل. نعم لو بنى على كون صلاة الاحتياط جزءا حقيقة من الصلاة الواقعية ، وأن التكبير والتسليم زيادتان مغتفرتان كان الاكتفاء حينئذ في محله. لكن لازمه الاكتفاء ـ أيضا ـ لو ذكر في أثناء المخالف له في الكم والكيف ـ كما لو شك بين الثنتين والثلاث والأربع فشرع في الركعتين من قيام ، وبعد الفراغ من واحدة منهما ذكر أنها ثلاث ـ إذ يقال أيضاً فيه : إن الركعة المأتي بها مطابقة للركعة الناقصة ، ولا فرق بينهما إلا في زيادة التكبير التي هي غير قادحة. وكأنه لأجل ذلك اختار في محكي الذكرى : الصحة والاكتفاء فيه.

[١] لظهور الدليل في الاكتفاء به على تقدير مطابقته للنقص ، فاذا علم بالتقدير فقد علم بالاكتفاء. واحتمال كون مجموع الاحتياطين تداركا للنقص المحتمل المردد بين الركعة والركعتين خلاف المتفاهم منه عرفا ، بل لعله خلاف المقطوع به عندهم.

٥١٣

العلم بوجوبها عليه فان كان بعد الوقت لا يلتفت اليه ويبني على الإتيان [١] ، وإن كان جالساً في مكان الصلاة ، ولم يأت بالمنافي ، ولم يدخل في فعل آخر بنى على عدم الإتيان [٢]. وإن دخل في فعل آخر ، أو أتى بالمنافي ، أو حصل الفصل الطويل ـ مع بقاء الوقت ـ فللبناء على الإتيان بها وجه [٣].

______________________________________________________

[١] إذ الظاهر أن صلاة الاحتياط ـ سواء أكانت جزءاً ، أم صلاة مستقلة ـ موقتة بوقت الفريضة المشكوكة ، فالشك فيها بعد الوقت كالشك في الفريضة بعده محكوم بعدم الالتفات ، لإطلاق ما دل على عدم الالتفات الى الشك في الفريضة بعد خروج الوقت ، كما تقدم.

[٢] للاستصحاب أو لقاعدة الاشتغال ، لو لم نقل بحجية الاستصحاب مطلقا ، أو في خصوص المقام ـ كما في سائر موارد جريان قاعدة الاشتغال مع الاستصحاب ـ فان في جريانها دونه ، أو جريانها دونها خلافا محرراً في الأصول.

[٣] تقدم في المسألة الرابعة عشرة من فصل الشك : أن فعل المنافي لا يصحح جريان قاعدتي التجاوز والفراغ ، إذ يعتبر في الأولى : الدخول فيما هو مرتب على المشكوك ، وليس من فعل المنافي. ويعتبر في الثانية : الفراغ البنائي ، ومجرد فعل المنافي لا يحققه ، وإن كان يتفق معه غالباً ، فعدم الالتفات الى الشك ـ في فرض فعل المنافي يختص بصورة فعله بعنوان الفراغ لا غير. وكذلك الحال في الفعل الأخر والفصل الطويل. لكن المقام ليس من موارد جريان قاعدة الفراغ ، لأن الشك في أصل الوجود ، لا في تمامية الموجود. نعم بناء على جزئية صلاة الاحتياط للصلاة البنائية يكون الشك في تمامية الموجود. كما أن من محتملات قوله (ع) : « لا سهو في سهو » عدم الاعتناء بالشك في المقام مطلقاً. لكنه غير ظاهر ، كما يأتي إن شاء الله تعالى.

٥١٤

والأحوط البناء على العدم والإتيان بها ، ثمَّ إعادة الصلاة [١].

( مسألة ١٢ ) : لو زاد فيها ركعة أو ركنا ولو سهواً ـ بطلت [٢] ، ووجب عليه إعادتها ، ثمَّ إعادة الصلاة [٣].

( مسألة ١٣ ) : لو شك في فعل من أفعالها. فإن كان في محله أتى به. وإن دخل في فعل مرتب بعده بنى على أنه أتى به [٤] ، كأصل الصلاة.

( مسألة ١٤ ) : لو شك في أنه هل شك شكا يوجب صلاة الاحتياط أم لا بنى على عدمه [٥].

______________________________________________________

[١] لاحتمال بطلانها بالأمور المذكورة. أما بناء على بطلانها بذلك فلا حاجة الى فعل صلاة الاحتياط ، بل الاحتياط بالإعادة لا غير.

[٢] لعدم الفرق بينها وبين الصلاة في ذلك ، لاطراد أدلة البطلان فيهما بنحو واحد. نعم من محتملات قوله (ع) : « لا سهو في سهو » عدم البطلان بزيادة الركن ـ هنا ـ سهوا. لكن في مفتاح الكرامة : « لعله لم يخالف في البطلان أحد ».

[٣] هذا يتم بناء على قدح الفصل ـ بين الصلاة الأصلية وبين صلاة الاحتياط ـ بمثل الصلاة المذكورة. لكن عرفت في المسألة الثامنة أنه محل تأمل.

[٤] لعدم الفرق بينها وبين الصلاة الأصلية في جريان قاعدتي الشك في المحل والشك بعد التجاوز. نعم من محتملات قوله (ع) : « لا سهو في سهو » عدم الاعتناء بالشك في المحل ، بل نسبه في محكي الدروس : إلى ظاهر المذهب. وسيأتي وجه الاشكال فيه.

[٥] لأصالة عدمه. هذا لو كان بعد الفراغ. أما لو كان في أثناء الصلاة رجع الى حالته الفعلية ، كما تقدم. هذا ولو كان الشك في كون‌

٥١٥

( مسألة ١٥ ) : لو شك في عدد ركعاتها فهل يبني على الأكثر إلا أن يكون مبطلا فيبني على الأقل أو يبني على الأقل مطلقاً؟ وجهان [١] ، والأحوط البناء على أحد الوجهين ،

______________________________________________________

التسليم الواقع منه صادرا بعنوان الفراغ ـ بأن احتمل كونه واقعا منه على الركعة البنائية ـ أشكل الرجوع إلى أصالة العدم السابقة ، لأنه لا توجب العلم بالفراغ. وقاعدة الفراغ يشكل جريانها ، لعدم إحراز الفراغ البنائي ، فقاعدة الاشتغال بالصلاة محكمة.

[١] مبنيان على ظهور قوله (ع) : « لا سهو في سهو » في عدم الاعتناء بالشك وعدمه.

وتوضيح ذلك : أنه ورد في مرسل يونس عن رجل عن أبي عبد الله (ع) « ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه بإيقان منهم ، وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام ، ولا سهو في سهو ، وليس في المغرب والفجر سهو ، ولا في الركعتين الأوليين من كل صلاة سهو ، ولا سهو في نافلة » (١). ونحوه ما عن إبراهيم بن هاشم في نوادره (٢) وفي مصحح حفص بن البختري عنه (ع) : « ليس على الامام سهو ، ولا على من خلف الامام سهو ، ولا على السهو سهو ، ولا على الإعادة إعادة » (٣). وفي محكي كلام كثير من القدماء والمتأخرين : أنه لا حكم للسهو في السهو. وعن ظاهر المعتبر : نسبته إلى الأصحاب. وفي محكي المنتهى وغيره : نسبته الى الفقهاء. وحيث أن السهو يطلق على‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ملحق حديث : ٨.

(٢) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٨.

(٣) لاحظ صدر الرواية في الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣ وذيله في باب : ٢٥ من أبواب الخلل حديث : ١.

٥١٦

______________________________________________________

السهو ـ بالمعنى المقابل للشك ـ وعلى الشك ، وعلى ما يعمهما كانت محتملات كل من السهو الأول والثاني ثلاثة ، فتكون محتملات ـ الجملة بلحاظ ضرب محتملات الأول في محتملات الثاني ـ تسعة.

ثمَّ إنه لا ريب في كون المراد من السهو الأول موجبه. أما السهو الثاني فيحتمل أن يكون المراد نفسه ، ويحتمل أن يكون المراد موجبه ، فتكون محتملات الجملة ثمانية عشر ، بلحاظ ضرب التسعة المتقدمة. في المحتملين المذكورين. إلا أن قرينة السياق في النصوص تقتضي كون المراد به الشك ، كما اعترف به جماعة. نعم يبقى احتمال أن يكون المراد من السهو الثاني نفس الشك أو موجبة. لكن هذا الاحتمال لا مجال له في قوله (ع) في مصحح حفص ـ : « ولا على السهو سهو » إذ ليس معناه : لا شك متعلق بالشك ـ سواء أكان الظرف لغواً متعلقاً بالسهو أم مستقرا خبرا ل ( ليس ) ـ بل المتعين فيه تقدير الموجب. ثمَّ إن نفي السهو في الرواية الأولى يحتمل ـ بدءاً ـ أن يكون المراد منه أنه مبطل ، نظير قوله (ع) : « ليس في المغرب والفجر سهو ». وأن يكون المراد عدم الاعتناء به ، نظير قوله (ع) : « ليس على الامام سهو ولا سهو في نافلة ». إلا أن الظاهر منه في الرواية الثانية ـ بقرينة حرف الاستعلاء والسياق ـ هو الثاني ، فيكون المتحصل من الروايات ـ بعد ضم بعضها الى بعض ـ هو عدم الاعتناء بالشك في موجب الشك. وإطلاقه وإن كان يقتضي عدم الاعتناء بالشك في الوجود ، والشك في الأجزاء والشرائط ، والشك في عدد الركعات. إلا أن الذي يستفاد من النصوص الكثيرة ـ الواردة في عدد الركعات أن للسهو معنى آخر غير المعنى العرفي واللغوي وهو خصوص الشك في الركعات. وكأن الوجه فيه : مزيد الاهتمام بتلك الأحكام ، وكثرة التعرض لها في لسان المتشرعة ، فصار كأنه معنى عرفي‌

٥١٧

______________________________________________________

شرعي. فلاحظ من النصوص ما ورد في الشكوك المبطلة والشكوك الصحيحة (١) وما ورد في كثرة الشك (٢) ، وما ورد في ضبط عدد الركعات بالحصى وغيرها (٣) ، وغير ذلك مما هو كثير جدا ، فان من البعيد جداً أن يكون المراد به المعنى العرفي الذي هو الغفلة وغروب الشي‌ء عن الذهن. لا أقل من احتمال ذلك الموجب لإجمال المراد ووجوب الاقتصار على المتيقن ، فيتعين الرجوع في الشك في الأوليين إلى قواعد أخر ، كما عرفت في المسألة الحادية عشرة والثالثة عشرة.

ثمَّ إن عدم الاعتناء بالشك في عدد ركعات الاحتياط ملازم للبناء على الأكثر ، لأن البناء على الأقل اعتناء بالشك. نعم لو كان البناء على الأكثر مبطلا كان لازم عدم الاعتناء بالشك البناء على الأقل حينئذ. وهذا هو المنسوب الى المشهور. وعن الأردبيلي (ره) : الميل إلى البناء على الأقل. وعن المجلسي : « إنه لا يخلو من قوة. لكن لم نطلع على أحد من الأصحاب قال به ». وكأنه لذلك توقف المصنف (ره) في المقام. لكن عرفت : أن ظاهر النص هو الأول.

هذا كله الكلام في النصوص. وأما الكلام الأصحاب فقد اختلف في المراد منه ، قال في محكي المنتهى : « معنى قول الفقهاء : ( لا سهو في السهو ) أنه لا حكم للسهو في الاحتياط الذي أوجبه السهو. ( إلى أن قال ) : وقيل معناه : إن من سها فلم يدر سها أم لا لا يعتد به. والأول أقرب » ونحوه كلام التنقيح. إلا أنه قال : « وكلاهما لا حكم له ». وعن الغنية قال : « لا حكم للسهو في جبران السهو ، بدليل الإجماع ». ومع هذا‌

__________________

(١) تقدم ذلك في أوائل فصل الشك في عدد الركعات.

(٢) راجع الوسائل باب : ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

(٣) راجع الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

٥١٨

ثمَّ إعادتها ثمَّ إعادة أصل الصلاة.

( مسألة ١٦ ) : لو زاد فيها فعلا من غير الأركان أو نقص فهل عليه سجدتا السهو أو لا؟ وجهان [١] ، فالأحوط الإتيان بهما.

( مسألة ١٧ ) : لو شك في شرط أو جزء منها بعد السلام لم يلتفت [٢].

( مسألة ١٨ ) : إذا نسيها وشرع في نافلة أو قضاء فريضة أو نحو ذلك فتذكر في أثنائها قطعها وأتى بها [٣] ،

______________________________________________________

الاختلاف يشكل الاعتماد عليه. فتأمل.

[١] أحدهما : الوجوب ، لإطلاق ما دل على وجوبهما لكل زيادة ونقيصة ، كما سيأتي. وثانيهما : العدم ، كما عن جماعة ـ بل نقل عليه الشهرة ـ لاختصاص دليل سجود السهو باليومية ، ولقوله (ع) : « لا سهو في سهو » بناء على بعض محتملاته. لكن فيه ـ مضافا الى التأمل في منع الإطلاق ـ أن صلاة الاحتياط من اليومية ، وعدم ظهور قوله (ع) : « لا سهو في سهو » فيما يعم المقام.

[٢] لقاعدة الفراغ.

[٣] لا يخفى أن إدخال صلاة في صلاة ، تارة نقول : بأنه مناف للموالاة العرفية بين أجزائها. وأخرى نقول : إنه من قبيل الفعل الماحي للصورة ، فعلى الأول لا يقدح في صحة الصلاة الأولى ، إلا بناء على اعتبار الموالاة العرفية بين أجزائها ، وحيث أن الظاهر عدمه فلا مانع منه. وعلى الثاني ـ كما هو الظاهر ـ فقدحه في الصلاة مطلقاً ، أو في خصوص حالي العمد مبني على الخلاف في قادحية الفعل الكثير وأنه قادح مطلقا ـ كما لعله‌

٥١٩

ثمَّ أعاد الصلاة على الأحوط. وأما إذا شرع في صلاة فريضة مرتبة على الصلاة التي شك فيها ـ كما إذا شرع في العصر فتذكر أن عليه صلاة الاحتياط للظهر ـ فان جاز عن محل العدول قطعها ، كما إذا دخل في ركوع الثانية مع كون احتياطه ركعة ، أو ركوع الثالثة مع كونها ركعتين [١] ،

______________________________________________________

المشهور ـ أو في خصوص العمد. وقد تقدم : أن الظاهر هو الثاني. وعليه فلو أدخل صلاة في أثناء صلاة عمدا بطلت وأبطلت. ولو كان سهواً صحت الصلاتان معا ، فان التفت بعد الفراغ من الثانية أتم الاولى ولا شي‌ء عليه ، وإن التفت في أثناء الثانية تخير بين إتمامها واستئناف الاولى وبين العكس ، لأن نسبة حرمة القطع الى كل منهما نسبة واحدة من دون ترجيح ولو شرع في صلاة فضاق وقت أخرى وجب الشروع في الثانية ، فتبطل الاولى وعليه استئنافها ، لما عرفت من عموم القادحية للصورة المذكورة. ومجرد الوجوب لا يقتضي عدمها. وما ورد في صلات الايات ـ من الدخول في اليومية وبعد الفراغ منها يبني على الصلاة الاولى ـ لا يمكن استفادة قاعدة كلية منه. هذا ويظهر مما ذكرنا : أنه لو كانت الصلاة التي شرع فيها نافلة يتعين عليه رفع اليد عنها والشروع في الصلاة الاحتياطية. وإن كانت فريضة تخير بين ذلك وبين إتمامها واستئناف الصلاة الأصلية ، لأن إتمام الفريضة التي شرع فيها من قبيل فعل المنافي ـ عمداً ـ بين الصلاة الأصلية والاحتياطية.

[١] هذا ظاهر ـ بناء على اعتبار الترتيب حينئذ ـ لفقد الترتيب. أما لو بني على سقوط عند تجاوز محل العدول كان الكلام فيه هو الكلام فيما سبق بعينه.

٥٢٠