مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

تذكر قبل ذلك رجع وأتى بهما [١] ، وأعاد ما فعله سابقا مما هو مرتب عليهما بعدهما. وكذا تبطل الصلاة لو نسيهما من الركعة الأخيرة حتى سلم وأتى بما يبطل الصلاة عمدا وسهوا ، كالحدث والاستدبار. [٢]. وإن تذكر بعد السلام قبل الإتيان‌

______________________________________________________

والركوع ، فهلا يسقط الترتيب بينهما بحديث : « لا تعاد الصلاة »؟ وحينئذ يأتي بالسجدتين بعد الركوع ، ثمَّ يأتي بسجدتي الركعة ذات الركوع. ولا يلزم زيادة ركن ولا نقيصته ، بل يلزم فوات الترتيب الذي هو شرط غير ركني. مندفع : بأن موضوع الحكم بالبطلان بالزيادة في كلام الأصحاب ( رض ) وفي حديث : « لا تعاد الصلاة .. » هو الجزء ذو المرتبة المعينة ، لا الجزاء في قبال الترتيب ، فالترتيب ـ سواء أكان شرطا للصلاة في عرض سائر الشرائط أم شرطاً للاجزاء نفسها ـ لم يؤخذ موضوعا لحكم مستقل ، في قبال نفس الأجزاء في أدلة وجوب الإعادة وعدمه ، بل أخذ ملحوظاً قيدا لنفس الأجزاء المأخوذة موضوعا لوجوب الإعادة وعدمه.

هذا والمحكي عن الشيخ (ره) في الجمل والاقتصاد : أنه إذا كانت السجدتان المنسيتان من الأخيرتين حذف الركوع اللاحق وبني على الركوع السابق. ولم يعرف له دليل ، كما عن جماعة من المتأخرين الاعتراف بذلك. نعم لو لم يتم قدح زيادة الركن سهواً كان كلاماً متينا. كما أنه لو أمكن إلحاقه بالسجدتين ـ بناء على جواز حذفهما للصحيح المتقدم في المسألة السابقة ـ كان ذلك أيضاً.

[١] على ما عرفت في المسألة السابقة. وتشير اليه النصوص المتضمنة لحكم نسيان السجدة إذا ذكر قبل الركوع (١).

[٢] لا ينبغي الإشكال في البطلان حينئذ ، إذ السلام إن كان موجبا‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٤ من أبواب السجود.

٤٠١

بالمبطل فالأقوى أيضا البطلان [١] ، لكن الأحوط التدارك ، ثمَّ الإتيان بما هو مرتب عليهما ، ثمَّ إعادة الصلاة. وإن تذكر قبل السلام أتى بهما وبما بعدهما من التشهد والتسليم وصحت صلاته ، وعليه سجدتا السهو لزيادة التشهد أو بعضه ، وللتسليم المستحب.

______________________________________________________

للخروج عن الصلاة كانت الصلاة حينئذ فاقدة لركن فتبطل ، وإن لم يكن السلام كذلك ـ لكونه في غير محله ـ كان فعل المبطل للصلاة ـ عمداً وسهواً ـ واقعاً في أثنائها فتبطل أيضاً.

[١] كما جزم به في المستند ـ ونسب الى ظاهر جماعة ـ لنقص الركن الحاصل بالخروج عن الصلاة بالسلام تعبدا وإن لم يكن في محله ، كما يشهد به جملة من النصوص ، كصحيح الحلبي : « قال أبو عبد الله (ع) : كل ما ذكرت الله ـ عز وجل ـ به والنبي (ص) فهو من الصلاة. وإن قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت » (١) وخبر أبي كهمس عنه (ع) : « سألته عن الركعتين الأولتين إذا جلست فيهما للتشهد فقلت ـ وأنا جالس ـ : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، انصراف هو؟ قال (ع) : لا ، ولكن إذا قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف » (٢) ونحوهما ما في كتاب الرضا (ع) الى المأمون (٣) ويعضدها ما عن العيون عن الرضا (ع) في علة التحليل بالتسليم (٤) وظاهر الجميع : أن تحقق الانصراف بالتسليم لخصوصية فيه ، لا لأنه الجزء الأخير.

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب التسليم حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب التسليم حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ١٢ من أبواب التشهد حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ١٠.

٤٠٢

( مسألة ١٦ ) : لو نسي النية أو تكبيرة الإحرام بطلت صلاته [١] سواء تذكر في الأثناء أو بعد الفراغ ـ فيجب‌

______________________________________________________

فما في الجواهر : « من أن دعوى : أن السلام مخرج عن الصلاة قهراً ممنوعة أشد المنع ، بل المعلوم منه ما كان في محله .. » غير ظاهر ، وإن وافقه عليه جماعة.

ومثله : ما ربما يقال من إمكان استفادة حكم المقام مما ورد في نسيان الركعة ، إذ لا قطع بعدم الفرق بين المسألتين. وإلحاق إحداهما بالأخرى لا قرينة عليه. كما أنه لا مجال لمعارضة ذلك بإجراء صحيح : « لا تعاد الصلاة .. » بالنسبة الى السلام ، لأن نقص الركن إنما لزم من فعل السلام. فإذا جرى الحديث لنفي مخرجيته لم يلزم فقد الركن ليترتب البطلان.

إذ فيه : أن الظاهر من الحديث كونه مساقا لنفى اعتبار ما يعتبر ـ وجوداً أو عدماً ـ في الصلاة إذا كان يلزم من اعتباره الإعادة ، وليس اقتضاء فعل التسليم للزوم فوت الركن من جهة اعتبار عدمه أو وجوده ، بل من جهة كونه مخرجا شرعا عن الصلاة. وهذه الحيثية لم تكن ملحوظة في الحديث كي يقال : إنه يلزم من مخرجية التسليم الإعادة فتنتفي ، كما لعله ظاهر بأدنى تأمل.

[١] أما في نسيان النية فلأنها ركن بإجماع العلماء كافة ـ كما عن المنتهى والتذكرة ـ وبالإجماع ـ كما عن الوسيلة والتحرير ـ ولم يقل أحد بأنها ليست بركن ـ كما عن التنقيح ـ بل عن التذكرة والنهاية والذكرى وقواعد الشهيد والتنقيح وفوائد الشرائع وغيرها : الإجماع على بطلان الصلاة بتركها عمداً وسهواً. وبذلك يخرج عن عموم : « لا تعاد الصلاة .. ». مع قرب كون الحديث في مقام التمييز بين الركن وغيره فيما يعتبر في الواجب والنية خارجة عنه ، كما تقدم في الوضوء.

٤٠٣

الاستئناف. وكذا لو نسي القيام حال تكبيرة الإحرام. وكذا لو نسي القيام المتصل بالركوع [١] ، بأن ركع لا عن قيام.

( مسألة ١٧ ) : لو نسي الركعة الأخيرة فذكرها بعد التشهد قبل التسليم قام وأتى بها [٢]. ولو ذكرها بعد التسليم‌

______________________________________________________

وأما في نسيان التكبير فهو إجماع ، كما عن جماعة. بل عن الذكرى وجامع المقاصد والمدارك : إجماع الأصحاب وإجماع الأمة ، إلا شاذا. وعن المعتبر : إجماع علماء الإسلام ، عدا الزهري والأوزاعي ـ وقريب منه ما عن المنتهي ـ وعن التذكرة : مذهب عامة العلماء. والنصوص به وافية ، كصحيح زرارة : « سألت أبا جعفر (ع) عن رجل ينسى تكبيرة الافتتاح قال (ع) : يعيد » (١). ونحوه غيره. نعم ينافي ذلك بعض النصوص الأخر ، مما يجب تأويله أو طرحه في قبال ما عرفت. وبه ـ أيضا ـ يخرج عن عموم : « لا تعاد الصلاة .. » ، كما يخرج عنه أيضا بالاتفاق الآتي بيانه في نسيان القيام.

[١] فإنه ركن باتفاق العلماء ، كما عن التحرير والمنتهى وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية والروض وشرح نجيب الدين وكشف اللثام وظاهر الوسيلة وغيرها. وقد عرفت : أن المتيقن من معنى الركن ما تفسد الصلاة بنقصه ولو سهوا. والظاهر أن المتيقن من الاتفاق المذكور مقامان : حال التكبير وقبل الركوع ، فيكون تركه في كل منهما مفسدا. وقد ورد في موثق عمار : « أنه إذا كبر للافتتاح قاعدا ناسيا فعليه أن يقطع صلاته ويستأنفها » (٢).

[٢] لما عرفت : من عدم قدح زيادة التشهد سهواً.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١٣ من أبواب القيام حديث : ١.

٤٠٤

الواجب قبل فعل ما يبطل الصلاة عمداً وسهواً قام وأتم [١].

______________________________________________________

[١] بلا خلاف ظاهر لو كان الذكر قبل صدور ما يبطل عمداً أو سهواً. لا لأنه مقتضى القاعدة ـ لما عرفت : من أن مقتضى مخرجية التسليم هو البطلان لنقصان جملة من الأركان ـ بل للنصوص ، كصحيح العيص : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثمَّ ذكر أنه لم يركع. قال (ع) : يقوم فيركع ويسجد سجدتي السهو » (١). ونحوه ـ في الشهادة بذلك ـ غيره ، مما يأتي إلى بعضه الإشارة. وحينئذ فما عن الحلبي : من إطلاق وجوب الإعادة على من نقص ركعة ولم يذكر حتى ينصرف في غير محله.

أما لو كان بعد فعل ما يبطل عمداً لا سهواً ـ كالكلام ـ فعن النهاية والجمل والعقود والاقتصاد والوسيلة والمهذب والغنية : وجوب الإعادة ، للإجماع المحكي عن الأخير ، ولأنه من الكلام عمداً ـ ولذا يصح لو كان عقداً أو إيقاعا ـ ولمرسل المبسوط حيث قال في محكي كلامه : « متى اعتقد أنه فرغ من الصلاة لشبهة ثمَّ تكلم عامداً فإنه لا تفسد صلاته ، مثل أن يسلم في الأوليين ناسيا ثمَّ يتكلم بعده عامدا ثمَّ يذكر أنه صلى ركعتين فإنه يبني على صلاته. وقد روي : انه إذا كان عامدا قطع الصلاة ، والأول أحوط » (٢) مضافا الى القاعدة ـ المتقدمة في نسيان السجدتين الى ما بعد التسليم ـ المقتضية للبطلان.

لكن الإجماع موهون بمصير الأكثر إلى خلافه. وكونه من الكلام عمدا بالمعنى القادح في الصلاة ـ ممنوع. وكونه عمدا ـ بمعنى : كونه مقصودا له لا ككلام السكران ـ مسلم. ولذا يصح لو كان عقدا أو إيقاعا‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب الركوع حديث : ٣.

(٢) المبسوط : فصل تروك الصلاة وما يقطعها صفحة : ١٣٤.

٤٠٥

ولو ذكرها بعده استأنف الصلاة من رأس [١] ، من غير فرق‌

______________________________________________________

إلا أنه بهذا المعنى ليس بقادح ، كما يشهد به صحيح ابن الحجاج : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة ، يقول : أقيموا صفوفكم قال (ع) : يتم صلاته » (١). مع أنه لو سلم فلا دليل على القدح به في قبال النصوص الكثيرة الدالة على الصحة معه ، كصحيح محمد بن مسلم : « في رجل صلى ركعتين من المكتوبة ، فسلم وهو يرى أنه قد أتم الصلاة وقد تكلم ، ثمَّ ذكر أنه لم يصل غير ركعتين ، فقال (ع) : يتم ما بقي من صلاته ولا شي‌ء عليه » (٢). ونحوه صحيح زرارة (٣) وغيره. ومنه يظهر حال المرسل ، ولا سيما مع وهنه في نفسه ، وعدم عمل مرسله به. والقاعدة يعمل عليها ما لم يقم ما يوجب الخروج عنها. وقد عرفته.

[١] كما هو المشهور شهرة عظيمة ، بل لا يعرف الخلاف فيه ، إلا من الصدوق في المقنع ـ على ما حكاه غير واحد من أصحابنا ـ كما في الحدائق ، وإن كان ما حكاه المجلسي وكاشف اللثام عنه غير ظاهر في الخلاف ويشهد للمشهور جملة من النصوص ، كصحيح جميل : « سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى ركعتين ثمَّ قام. قال (ع) : يستقبل. قلت : فما يروي الناس؟ ـ فذكر حديث ذي الشمالين ـ فقال : إن رسول الله (ص) لم‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٩.

(٣) لم نعثر على صحيحة لزرارة بمضمون صحيح محمد بن مسلم. نعم روايته المذكورة في الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل حديث : ٥ قريبة من صحيح ابن مسلم ، لكنها غير مشتملة على التسليم. إلا أن تحمل عليه. فراجع. نعم في الباب المذكور روايات أخر دلت على هذا المعنى وهو عدم قدح التسليم بتوهم الفراغ من الصلاة ولزوم إتمامها. فراجع.

٤٠٦

______________________________________________________

يبرح من مكانه ، ولو برح استقبل » (١). ونحوه روايتا أبي بصير (٢) وسماعة (٣).

لكن ظاهرها : أن مجرد الانتقال من الموضع موجب للبطلان ، فيعارضها ما دل على الصحة معه ، كصحيح محمد عن أبي جعفر (ع) : « عن رجل دخل مع الإمام في صلاته ـ وقد سبقه الإمام بركعة ـ فلما فرغ الامام خرج مع الناس ، ثمَّ ذكر بعد ذلك أنه فاتته ركعة. قال (ع) : يعيدها ركعة واحدة » (٤). ونحوه غيره. إلا أن يجمع بينهما بما في الحدائق عن الشيخ (ره) : من تذييل صحيح محمد بقوله (ع) : « يجوز له ذلك إذا لم يحول وجهه عن القبلة ، فإذا حول وجهه عن القبلة فعليه أن يستقبل الصلاة استقبالا » (٥). لكن ظاهر الوسائل : أن ذلك من كلام الشيخ رحمه‌الله (٦). ولو تمَّ كفى في البطلان القاعدة المتقدمة. وتكون النصوص المذكورة ـ كالنصوص الصريحة في الصحة ، مثل صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « عن رجل صلى بالكوفة ركعتين ثمَّ ذكر ـ وهو‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٧.

(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١٠.

(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١١.

(٤) الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١٢.

(٥) لاحظ التهذيب ج ٢ صفحة ١٨٤ ح : ٧٣٢ وصفحة : ٣٤٨ ح : ١٤٤١ طبع النجف. وروى الخالي عن الذيل المذكور في صفحة ٣٤٦ ح : ١٤٣٦ ، وحمله على عدم التحويل بقرينة رواية سماعة. فراجع.

(٦) ويؤيده : استشهاد الشيخ ( قده ) لحمل الخبر ـ غير المذيل ـ على عدم التحويل برواية سماعة ، فلو كان الذيل المذكور ـ في الرواية المذيلة ـ جزءا من الحديث لكان ذلك أولى بالاستشهاد به للحمل. لاحظ التهذيب ج ٢ صفحة ٣٤٦ طبع النجف الأشرف. نعم روى صاحب الوسائل في باب : ٦ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١٢ عن الشيخ ( قده ) الخبر المذيل. فلاحظ.

٤٠٧

بين الرباعية وغيرها [١]

______________________________________________________

بمكة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلد من البلدان ـ أنه صلى ركعتين. قال (ع) : يصلي ركعتين » (١).وما في موثق عمار : « يتمها ولو بلغ الصين » ـ (٢) مطروحة أو محمولة على التقية ، لإعراض المشهور عنها المسقط لها عن الحجية ، ومعارضتها بما يأبى الحمل على الاستحباب أو التخيير. فتأمل. ولو لا ذلك لكان المتعين العمل بها. ولا ينافيها ما دل على قدح المبطل ، لإمكان الالتزام بكون السلام مخرجا عن الصلاة ، وتكون الركعة اللاحقة تداركا للفائت متممة للصلاة.

[١] في جميع صور المسألة. لإطلاق بعض النصوص ، وللتصريح بالثنائية في رواية عبيد : « في رجل صلى الفجر ثمَّ ذهب وجاء ـ بعد ما أصبح ـ وذكر أنه صلى ركعة. قال (ع) : يضيف إليها ركعة » (٣) فتأمل. وقريب منه الحسن المروي في الجواهر (٤) وكذا بالثلاثية في رواية الحرث بن المغيرة النضري (٥) ورواية علي بن نعمان الرازي (٦) بناء على جواز الاستدلال بها على الإتمام ، بحمل الكلام فيها على مثل حديث النفس فما عن بعض أصحابنا : من التفصيل بين الرباعية وغيرها ـ لما دل على نفي السهو في غير الرباعية (٧) ضعيف ، إذ لو تمت دلالة ذلك لا يصلح لمعارضة ما عرفت.

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١٩.

(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٢٠.

(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١٨.

(٤) ذكره في الجواهر ج : ١٢ صفحة : ٢٦٧ طبع النجف الأشرف ورواه في الوسائل باب : ٦ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١.

(٥) الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٢.

(٦) الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٣.

(٧) الوسائل باب : ١ من أبواب الخلل في الصلاة.

٤٠٨

وكذا لو نسي أزيد من ركعة [١].

( مسألة ١٨ ) : لو نسي ما عدا الأركان من أجزاء الصلاة لم تبطل صلاته [٢]. وحينئذ فان لم يبق محل التدارك وجب عليه سجدتا السهو للنقيصة [٣]. وفي نسيان السجدة الواحدة والتشهد يجب قضاؤهما أيضا بعد الصلاة [٤].

______________________________________________________

[١] ففي رواية القماط عن الصادق (ع) : « إنما هو بمنزلة رجل سهل فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاث من المكتوبة ، فإنما عليه أن يبني على صلاته » (١).

[٢] لصحيح : « لا تعاد الصلاة .. » ونحوه.

[٣] بناء على ما يأتي : من وجوبها لكل زيادة ونقيصة.

[٤] أما في السجدة فهو المشهور ، كما عن جملة من كتب أصحابنا بل عن الغنية والمقاصد العلية : الإجماع عليه. ويشهد له صحيح ابن جابر عن أبي عبد الله (ع) : « في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتى قام فذكر وهو قائم أنه لم يسجد. قال (ع) : فليسجد ما لم يركع ، فاذا ركع فذكر بعد ركوعه أنه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلم ثمَّ يسجدها فإنها قضاء » (٢) ونحوه خبر أبي بصير المروي عن الفقيه بطريق صحيح (٣) وموثق عمار (٤) وخبر علي بن جعفر (ع) (٥). وعن العماني والكليني : بطلان الصلاة بنسيان السجدة. وعن التذكرة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١٥.

(٢) الوسائل باب : ١٤ من أبواب السجود حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ١٤ من أبواب السجود ملحق حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ١٤ من أبواب السجود حديث : ٢.

(٥) الوسائل باب : ١٤ من أبواب السجود حديث : ٨.

٤٠٩

______________________________________________________

والذكرى : الإجماع على خلافهما. وإن كان قد يشهد لهما خبر المعلى بن خنيس : « سألت أبا الحسن الماضي (ع) في الرجل ينسى السجدة من صلاته. قال (ع) : إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ، ثمَّ سجد سجدتي السهو بعد انصرافه. وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة ونسيان السجدة في الأولتين والأخيرتين سواء » (١) لكن مع ضعفه في نفسه ، وإشكاله من جهة : أن المعلى قتل في حياة الصادق (ع) فكيف يروي عن أبي الحسن الماضي وهو الكاظم (ع)؟ وحمله على الرواية عنه في أيام حياة أبيه (ع) بعيد ، ولا سيما بملاحظة توصيفه (ع) بالماضي. إلا أن يكون التوصيف من غير المعلى ، ومخالفته للإجماع المتقدم والنصوص التي هي أصح منه وأصرح ـ لا مجال للاعتماد عليه. نعم عن المفيد والشيخ ـ قدس‌سرهما ـ التفصيل بين الأوليين فتبطل الصلاة بنسيان السجدة منهما والأخيرتين فتقضي. وقد يشهد لهما صحيح البزنطي قال : « سألت أبا الحسن (ع) عن رجل يصلي ركعتين ، فذكر في الثانية ـ وهو راكع ـ أنه ترك السجدة في الأولى. قال (ع) : كان أبو الحسن (ع) يقول : إذا ترك السجدة في الركعة الأولى فلم يدر أواحدة أو اثنتين استقبلت حتى يصلح لك ثنتان وإذا كان في الثالثة والرابعة فتركت سجدة ـ بعد أن تكون قد حفظت الركوع ـ أعدت السجود » (٢).

لكن إعراض المشهور عنه ، ومعارضته بخبر جعفر بن بشير ـ المروي في المحاسن ـ الذي لا يبعد أن يكون صحيحا قال : « سئل أحدهم (ع) عن رجل ذكر أنه لم يسجد في الركعتين الأولتين إلا سجدة ، وهو في التشهد الأول. قال (ع) : فليسجدها ثمَّ لينهض. وإذا ذكرها ـ وهو في التشهد‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٤ من أبواب السجود حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ١٤ من أبواب السجود حديث : ٣.

٤١٠

______________________________________________________

الثاني قبل أن يسلم ـ فليسجدها ثمَّ يسلم ، ثمَّ يسجد سجدتي السهو » (١) وخبر محمد بن منصور : « سألته عن الذي ينسى السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها ، فقال (ع) : إذا خفت أن لا تكون وضعت وجهك إلا مرة واحدة ، فإذا سلمت سجدت سجدة واحدة وتضع وجهك مرة واحدة ، وليس عليك سهو » (٢) كل ذلك يمنع عن العمل به. ولا سيما مع إشكال متنه واضطرابه. ولذا حمله في الوسائل : على أن المراد بالواحدة والثنتين الركعات لا السجدات ، بقرينة قوله (ع) : « بعد أن حفظت الركوع » فتأمل.

وأما في التشهد فهو المشهور أيضا ، بل عن الخلاف والغنية المقاصد العلية : الإجماع عليه. ويشهد له ـ مضافا الى صحيح حكم بن حكيم قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل ينسى من صلاته ركعة أو سجدة أو الشي‌ء منها ثمَّ يذكر بعد ذلك. قال (ع) : يقضي ذلك بعينه. قلت أيعيد الصلاة؟ قال (ع) : لا (٣) ـ صحيح محمد عن أحدهما (ع) : « في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهد حتى ينصرف ، فقال (ع) : إن كان قريباً رجع الى مكانه فتشهد ، وإلا طلب مكانا نظيفا فتشهد فيه » (٤) وخبر علي ابن أبي حمزة : « قال أبو عبد الله (ع) : إذا قمت في الركعتين الأولتين ولم تتشهد فذكرت قبل أن تركع فاقعد فتشهد ، وان لم تذكر حتى تركع فامض في صلاتك كما أنت ، فإذا انصرفت سجدت سجدتين لا ركوع فيهما ، ثمَّ تشهد التشهد الذي فاتك » (٥).

__________________

(١) الوسائل باب : ١٤ من أبواب السجود حديث : ٧.

(٢) الوسائل باب : ١٤ من أبواب السجود حديث : ٦.

(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٦.

(٤) الوسائل باب : ٧ من أبواب التشهد حديث : ٢.

(٥) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٢.

٤١١

______________________________________________________

لكن يخدش صحيح ( حكم ) بعدم العمل بعمومه في غير التشهد ، فالحكم بإجماله في غير الركعة والسجدة أولى. وأما صحيح محمد ـ فلو سلم إطلاقه بنحو يشمل التشهد الوسط ، ولم يناقش فيه كما في الحدائق : بأن مورده التشهد الأخير. فتأمل ـ ففيه : أن رفع اليد عن إطلاقه وحمله على التشهد الأخير ـ بقرينة سكوت النصوص المستفيضة عن التعرض لقضاء التشهد الأول ـ أولى من الأخذ بإطلاقه. ففي صحيح سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسي أن يجلس في الركعتين الأولتين ، فقال : إن ذكر قبل أن يركع فليجلس ، وإن لم يذكر حتى يركع فليتم الصلاة ، حتى إذا فرغ فليسلم وليسجد سجدتي السهو » (١) ونحوه صحاح ابن أبي يعفور (٢) وابن سنان (٣) وأبي بصير (٤) والفضيل بن يسار (٥) والحلبي (٦) وحسن الحسين بن أبي العلاء (٧) وخبر الحسن الصيقل (٨)

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب التشهد حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٧ من أبواب التشهد حديث : ٤.

(٣) لم نعثر في مظانه من الوسائل ومستدركة والجواهر على حديث لابن سنان خال عن قضاء التشهد ، بل المروي عنه ـ كما في الوسائل باب : ٢٦ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١ ـ ما يقتضي بإطلاقه وجوب القضاء. نعم في الحدائق : نسب الى بن سنان متن رواية ابن أبي يعفور ـ بطريق الصدوق. ولعل هذا هو الموجب لما ذكره دام ظله فراجع الحدائق ج ٩ صفحة ١٤٠ طبع النجف الأشرف ، الوسائل باب : ٧ من أبواب التشهد ملحق حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ٧ من أبواب التشهد حديث : ٦. وبما ان الراوي عن أبي بصير هو سماعة فكانت الرواية ـ حسب القاعدة ـ موثقة لا صحيحة. وقد عبر عنه ـ دام ظله ـ بالموثقة في ما يأتي في المسألة : ٢ من فصل حكم قضاء الأجزاء المنسية.

(٥) الوسائل باب : ٩ من أبواب التشهد حديث : ١.

(٦) الوسائل باب : ٩ من أبواب التشهد حديث : ٣.

(٧) الوسائل باب : ٧ من أبواب التشهد حديث : ٥.

(٨) الوسائل باب : ٨ من أبواب التشهد حديث : ١.

٤١٢

قبل سجدتي السهو [١]. وإن بقي محل التدارك وجب العود للتدارك [٢] ، ثمَّ الإتيان بما هو مرتب عليه مما فعله سابقاً ،

______________________________________________________

ومنه يظهر الخدش في خبر ابن أبي حمزة ، فإن مقتضى الجمع بينه وبين النصوص المذكورة حمل التشهد فيه على تشهد السجدتين ، كما قد يقتضيه عطفه على السجدتين المناسب لكونه من توابع السجدتين لا توابع الصلاة. ولا سيما مع بناء القائلين بقضائه على فعله قبل السجدتين. وكون العطف ( بثم ) لا ينافي ذلك. وكأنه لأجل ذلك كله ما حكي عن المقنع والفقيه ورسالة المفيد : من الاجتزاء بتشهد سجود السهو.

وعلى هذا فالمتحصل من ظاهر مجموع النصوص : أنه إن كان المنسي التشهد الأخير رجع اليه فتلافاه. وكذا لو كان الوسط وذكره قبل الركوع ، وان ذكره بعده فليس عليه إلا سجود السهو.

[١] ليس في الأخبار المتقدمة في نسيان السجدة ما يدل على وجوب سجود السهو له ـ فضلا عن قضائها قبله ـ سوى خبر جعفر بن بشير المروي عن المحاسن (١) لكن مفاده السجود قبل التسليم لا بعده. وفي صحيح أبي بصير : « فاذا انصرف قضاها وليس عليه سهو » (٢) وظاهره عدم وجوب السجود له. وأما نسيان التشهد فان كان المعتمد في قضائه خبر ابن أبي حمزة (٣) فقد عرفت : أنه يدل على كون قضائه بعد السجود للسهو. وإن كان المعتمد صحيح محمد (٤) فلم يتعرض للسجود للسهو ، ولا للترتيب بينهما. وربما يأتي ما له نفع في المقام.

[٢] من باب وجوب الامتثال عقلا بعد حرمة القطع. وكذا الحال‌

__________________

(١) تقدم ذكر الرواية في التعليقة السابقة.

(٢) الوسائل باب : ١٤ من أبواب السجود حديث : ٤.

(٣) تقدم في صفحة : ٤١١.

(٤) تقدم في صفحة : ٤١١.

٤١٣

وسجدتا السهو لكل زيادة [١].

وفوت محل التدارك إما بالدخول في ركن بعده على وجه لو تدارك المنسي لزم زيادة الركن [٢]. وإما يكون محله في فعل خاص جاز محل ذلك الفعل [٣] ، كالذكر في الركوع‌

______________________________________________________

في الإتيان بما هو مرتب عليه.

[١] بناء على ما يأتي إن شاء الله.

[٢] لما عرفت : من أن بناء الشارع الأقدس على جزئية المنسي في هذه الحال يوجب كون الركن المأتي به زيادة ، لكونه في غير محله فتبطل الصلاة بها ، فلا بد من الحكم برفع اليد عن جزئيته ، لحديث : « لا تعاد الصلاة .. » (١) الذي قد عرفت أن المستفاد منه أن كل ما يلزم من البناء على جزئيته أو شرطيته أو مانعيته الإعادة للصلاة فليس هو بجزء أو شرط أو مانع ، فاذا سقطت جزئية المنسي أو شرطيته كان الركن المأتي به في محله ليس زيادة في الصلاة ولا قادحا فيها ، فلا موجب للتدارك.

ولا مجال لمعارضة ذلك بتطبيق حديث : « لا تعاد الصلاة .. » بالإضافة إلى الترتيب المعتبر في الركن المأتي به ، فترفع اليد عن اعتبار الترتيب فيه ويكون مقتضى ذلك عدم فوات محل المنسي بل يؤتى به بعد الركن ، لما عرفت سابقا : من أن ظاهر الحديث التعرض لخصوص الاجزاء المترتبة ، بلا نظر الى الترتيب في قبالها. كما أن مما ذكرنا ظهر أن البطلان ـ على تقدير عدم سقوط جزئية المنسي ـ ناشئ من نفس الركن المأتي به في غير محله ، لأنه بنفسه زيادة ، وليس يستند البطلان إلى زيادة الركن المأتي به بعد التدارك ، كما قد يظهر من عبارة المتن.

[٣] فان فوات المحل بذلك ظاهر ، إذ لو أريد امتثال المنسي ، فاما‌

__________________

(١) تكررت الإشارة الى الحديث المذكور ، وتقدم ذكره بالتفصيل في المسألة : ٣ من هذا الفصل‌

٤١٤

______________________________________________________

أن يتمثل باستئناف الصلاة من رأس ، أو بتكرار الفعل الذي جازه. والأول منفي بحديث : « لا تعاد الصلاة .. » لأن موضوعه الفوات مع قطع النظر عن الإعادة ، وهو متحقق ، فإذا جرى اقتضى نفي الإعادة وعدم لزوم تدارك الفائت. والثاني ليس إتيانا له في محله بل في غيره ، لأن محله الجزء الملحوظ جزءاً بنحو صرف الوجود المنطبق على الوجود الأول ، والفعل المأتي به ثانيا خارج عنه ، بل يلزم من فعله ثانيا الزيادة العمدية ، مضافا الى النقصان السهوي.

فإن قلت : كون الثاني زيادة وليس محلا للجزء المنسي موقوف على كون الفعل الأول محتسبا جزءاً من الصلاة ، وهو أول الكلام ، فلم لا يكون الأول زيادة سهوية ويكون الثاني هو الجزء؟ فيجب الإتيان به مقرونا بالجزء المنسي.

قلت : كون الفعل المأتي به في الصلاة جزءاً وزيادة موقوف على كونه مطابقا لموضوع الأمر الضمني ومخالفا له. فالفاتحة المأتي بها بعد التكبير وقبل السورة جزء لكونها مطابقة الموضوع الأمر الضمني ، والسورة المأتي بها قبل الفاتحة ليست جزءاً بل زيادة ، لكونها مخالفة لموضوع الأمر الضمني إذ أن السورة الواجبة في الصلاة هي المأتي بها بعد الفاتحة لا قبلها ، فاذا وجب الجهر في الفاتحة فقرأ الفاتحة بلا جهر كانت جزءاً لا زيادة ، لمطابقتها لموضوع الأمر.

فإن قلت : مقتضى تلازم الوجوبات الضمنية في الثبوت والسقوط كون الفاتحة المأتي بها بلا جهر ليست مطابقة لموضوع الأمر الضمني ، فتكون زيادة في الصلاة.

قلت : عدم المطابقة لم يكن لقصور في الفاتحة المأتي بها ، لأن المفروض أن الفاتحة الواجبة ليست مقيدة بالجهر ، بل الجهر واجب فيها ،

٤١٥

والسجود إذا نسيه وتذكر بعد رفع الرأس منهما. وإما بالتذكر بعد السلام الواجب [١] ، فلو نسي القراءة ، أو الذكر ، أو بعضهما ، أو الترتيب فيهما [٢] ، أو إعرابهما ، أو القيام فيهما ،

______________________________________________________

فعدم المطابقة إنما كان لقصور في الأمر ، من جهة ملازمته لأمر الجهر المنفي لعدم تحقق موضوعه ، فعدم المطابقة إنما كان ـ في الحقيقة ـ من جهة عدم انضمام الأجزاء بعضها الى بعض ، وليس مثل عدم مطابقة السورة المأتي بها قبل الفاتحة ، فإنها لقصور في نفسه السورة ، لأن السورة المأخوذة جزءا هي المترتبة على الفاتحة ، فلا تطابقها السورة المأتي بها قبلها ، فاذا كان القصور ـ في الفاتحة المأتي بها بلا جهر ـ من جهة تلازم الوجوبات الضمنية كان في الحقيقة قصوراً من جهة النقص ـ أعني : نقص الجهر وعدم انضمامه الى الأجزاء المأتي بها ـ فلا يختص القصور من الجهة المذكورة بالفاتحة ، بل يطرد في تمام الأجزاء المأتي بها ، فاذا كان ذلك موجباً لزيادة القراءة كان موجبا لزيادة تمام الأجزاء من أول الصلاة ، فلا تكون مطابقة لموضوع الأمر فلا يجتزأ بها عنه ، وذلك عين البطلان المنفي بحديث « لا تعاد الصلاة .. ». فلاحظ.

[١] بناء على ما عرفت : من كون التسليم مخرجا عن الصلاة تعبداً.

[٢] قد عرفت : أن الترتيب لم يلحظ في حديث : « لا تعاد .. » موضوعا لنفي الإعادة ، فنسيانه راجع الى زيادة سهوية ونقيصة كذلك ، فلو قدم السورة على الفاتحة سهواً وذكر قبل الركوع كان ذلك منه زيادة للسورة ونقيصة للفاتحة. أما لو ذكر ذلك بعد الركوع فلما كان مقتضى الحديث سقوط جزئية الفاتحة المنسية كان الإتيان بالسورة في محله ، وجرى حكم نقيصة الفاتحة لا غير. والترتيب يسقط اعتباره ـ ضرورة ـ بسقوط جزئية الفاتحة المنسية ، لأن الترتيب إنما يعتبر بين الأجزاء المعتبرة فعلا ،

٤١٦

أو الطمأنينة فيه وذكر بعد الدخول في الركوع فات محل التدارك [١] ، فيتم الصلاة ويسجد سجدتي السهو [٢] للنقصان إذا كان المنسي من الأجزاء [٣] ، لا لمثل الترتيب والطمأنينة‌

______________________________________________________

ولا مجال لاعتباره مع سقوط جزئية الفاتحة ، فيجري حكم النقيصة في الفرض ، ولا يجري حكم الزيادة. والتفكيك بين الركوع والسورة ـ فيبنى على سقوط جزئية الفاتحة بالنسبة إلى الركوع فيكون فعله في محله ، ولا يبنى على سقوط جزئيتها بالنسبة إلى السورة ، فيكون فعل السورة في غير محله ليكون الإتيان بها زيادة ـ خلاف ظاهر الحديث.

[١] بمقتضى حديث : « لا تعاد الصلاة .. » كما عرفت. ويعضده جملة من النصوص الواردة في نسيان القراءة ، كموثق منصور : « إني صليت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلها ، فقال : أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ قلت : بلي. قال (ع) : تمت صلاتك إذا كان نسيانا » (١) وصحيح معاوية : « الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأوليين فيذكر في الركعتين الأخيرتين أنه لم يقرأ. قال (ع) : أتم الركوع والسجود؟ قلت : نعم. قال (ع) : إنى أكره أن أجعل آخر صلاتي أولها » (٢) الى غير ذلك مما تقدم بعضه في أوائل الفصل.

[٢] لما يأتي إن شاء الله تعالى.

[٣] لظهور النقصان في مرسل سفيان : « تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان » (٣) في نقصان الأجزاء ، لا شروطها ، كالترتيب والطمأنينة. فتأمل.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٣٢ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٣.

٤١٧

مما ليس بجزء. وإن ذكر قبل الدخول في الركوع رجع وتدارك وأتى بما بعده ، وسجد سجدتي السهو لزيادة ما أتى به من الأجزاء. نعم في نسيان القيام ـ حال القراءة أو الذكر ـ ونسيان الطمأنينة فيه لا يبعد فوت محلهما قبل الدخول في الركوع أيضا ، لاحتمال كون القيام واجباً حال القراءة لا شرطا فيها [١] وكذا كون الطمأنينة واجبة حال القيام لا شرطاً فيه. وكذا الحال في الطمأنينة حال التشهد وسائر الأذكار ، فالأحوط العود والإتيان بقصد الاحتياط والقربة ، لا بقصد الجزئية. ولو نسي الذكر في الركوع أو السجود أو الطمأنينة حاله وذكر بعد رفع الرأس منهما فات محلهما [٢]. ولو تذكر قبل الرفع‌

______________________________________________________

[١] قد تقدم في أوائل فصل القيام : أن الظاهر من النصوص كون القيام شرطا لا واجبا في القراءة أو الذكر مثلا ، فإذا قرأ جالسا سهواً فعليه إعادة القراءة. لكن الذوق العرفي يساعد على كونه واجبا صلاتيا في قبال القراءة ، لكونه مثولا بين يدي المولى وخضوعا له ، فهو في نفسه عبادة في قبال الذكر والقراءة. وكأنه لأجل ذلك كان بناء الأصحاب على عد القيام واجبا في قبال القراءة. فلاحظ كلماتهم.

[٢] أما الذكر فلأنه واجب في الركوع والسجود ، وقد عرفت : أن فوات محل الواجب في شي‌ء يحصل بفعل ذلك الشي‌ء خاليا عنه. ويشهد بذلك ـ في الذكر ـ صحيح ابن يقطين : « عن رجل نسي تسبيحه في ركوعه وسجوده. قال (ع) : لا بأس بذلك » (١). وخبر القداح : « عن رجل ركع ولم يسبح ناسيا. قال (ع) : تمت صلاته » (٢).

__________________

(١) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الركوع حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الركوع حديث : ١.

٤١٨

أو قبل الخروج عن مسمى الركوع وجب الإتيان بالذكر [١].

______________________________________________________

وأما الطمأنينة فإن كانت واجبة فيهما جرى فيها ما سبق ، وإن كانت شرطا لهما فمقتضى فوات المشروط بفوات شرطه فواتهما بفواتها. ولازمه وجوب التدارك لو أمكن ، فلو ركع بلا طمأنينة سهواً تداركه ، فيرجع مع الطمأنينة ـ وكذا لو سجد بلا طمأنينة ـ فلو تعذر التدارك ـ بالدخول في ركن ـ فان كان المشروط الفائت بفواتها ركنا بطلت الصلاة ، كما لو نسي الطمأنينة في الركوع حتى سجد السجدتين ، أو في السجدتين حتى ركع. وكذا في بقية الأركان.

ودعوى : أن ذلك خلاف ظاهر صحيح : « لا تعاد الصلاة .. » لأن المستثنى فيه ذات الركوع والسجود ، وهما حاصلتان لا فائتتان غير واضحة ، لأن الظاهر من الركوع والسجود خصوص المأخوذين جزءا ، لا مطلقاً ، فيصدق فوتهما بمجرد فوات شرطهما. كما أن لازم ذلك : عدم بطلان الصلاة بزيادة الركوع بلا طمأنينة ـ وكذا زيادة السجدتين ـ لأن ما تبطل الصلاة بزيادة هو الذي تبطل بنقصه ، وهو خصوص المشروط. ولازمه أن نقول بوجوب تدارك الركوع لو وقع منه بلا طمأنينة سهوا ـ وكذا في السجدتين لو وقعا كذلك ـ ويكون المأتي به منها بلا طمأنينة زيادة سهوية غير قادحة. لكن الظاهر أنه لم يقل به أحد. نعم حكي القول به ـ في الجملة ـ عن الشيخ (ره) ، فاما أن يجعل ذلك كاشفا عن كونها من الواجب في الواجب. أو يقال : بعدم شرطيتها حال النسيان ، لعدم الدليل عليها ، إذ العمدة في دليلها الإجماع ، ولم يثبت في حال النسيان. وهذا هو الأظهر.

[١] لبقاء محله.

٤١٩

ولو كان المنسي الطمأنينة حال الذكر فالأحوط إعادته [١] ، بقصد الاحتياط والقربة ، وكذا لو نسي وضع أحد المساجد حال السجود [٢]. ولو نسي الانتصاب من الركوع وتذكر بعد الدخول في السجدة الثانية فات محله [٣]. وأما لو تذكر قبله فلا يبعد وجوب العود اليه ، لعدم استلزامه إلا زيادة سجدة واحدة ، وليست بركن [٤]. كما أنه كذلك لو نسي الانتصاب من السجدة الأولى وتذكر بعد الدخول في الثانية‌

______________________________________________________

[١] لما تقدم : من احتمال كون الطمأنينة من قبيل الواجب في الذكر فيفوت محلها بفعله.

[٢] يعني : إن ذكره بعد رفع الرأس فات محله ، وإن ذكره قبله وجب تداركه ، لأنه من الواجب في الواجب. وهذا الحكم في الجملة مما لا إشكال فيه ولا خلاف ظاهر. نعم ظاهر المتن وكثير : عدم الفرق بين المساجد السبعة في ذلك. وعن غير واحد : أنه في غير وضع الجبهة ، أما هو ففواته يوجب فوات السجود ، لأنه متقوم به. واستشكل فيه في الجواهر بدعوى : صدق السجود بوضع مقدم الرأس.

وفيه : أن وضع الجبهة لم يكن له وجود عيني يمتاز عن وجود السجود في الخارج ، بخلاف وضع بقية الأعضاء فإن له وجودا ممتازا. وبذلك افترق وضع الجبهة عن وضع بقية الأعضاء في أن وجوبه راجع الى تقييد وجود السجود ، بخلاف بقية الأعضاء ، فإن وجوب وضعها يمكن أن يكون واجبا آخر فيه.

[٣] للدخول في الركن.

[٤] كما عرفت. نعم ظاهر كلامهم في المقام المفروغية عن عدم‌

٤٢٠