مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

والنقيصة [١] ، حتى بالإخلال بحرف من القراءة أو الأذكار أو بحركة ، أو بالموالاة بين حروف كلمة ، أو كلمات آية ، أو بين بعض الأفعال مع بعض. وكذا إذا فاتت الموالاة سهواً أو اضطراراً ـ لسعال أو غيره ـ ولم يتدارك بالتكرار متعمدا [٢].

( مسألة ٣ ) : إذا حصل الإخلال ـ بزيادة أو نقصان ـ جهلا بالحكم [٣] ، فان كان بترك شرط ركن ، كالإخلال‌

______________________________________________________

والله سبحانه أعلم.

[١] إجماعا صريحا وظاهرا ، حكاه جماعة. لفوات الكل بفوات جزئه ، والمشروط بفوات شرطه ، مع قصور حديث : « لا تعاد .. » (١) عن شمول العامد.

[٢] لاطراد ما ذكر من جهة البطلان في جميع الصور المذكورة.

[٣] المعروف بين الأصحاب : أن الجاهل بالحكم بمنزلة العامد في جميع المنافيات من فعل أو ترك ، بل عن شرح الألفية للكركي : نسبته إلى عامة الأصحاب. والعمدة فيه : عموم أدلة الجزئية للعالم والجاهل ، بل اشتهر : امتناع اختصاصها بالأول ، للزوم الدور ـ فتأمل ـ ومقتضى ذلك هو البطلان بالإخلال للوجه المتقدم في العامد. وأما ما عن مسعدة بن زياد ـ في قوله تعالى : ( الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ... ) ـ (٢) « إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت عالماً؟ فان قال : نعم. قال تعالى له : أفلا عملت بعلمك؟ وإن قال : كنت جاهلا. قال تعالى : أفلا تعلمت حتى تعمل؟ فيخصمه ، فتلك الحجة البالغة » (٣) فإنما يدل على حسن عقاب‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ١٤.

(٢) الأنعام : ١٤٩.

(٣) كما في تفسير البرهان ج ٢ صفحة ٣٤٠ الطبعة القديمة ، نقلا عن أمالي الشيخ ( قده ) عن الصادق عليه‌السلام.

٣٨١

بالطهارة الحدثية ، أو بالقبلة ـ بأن صلى مستدبرا أو إلى اليمين أو اليسار ـ أو بالوقت ـ بأن صلى قبل دخوله ـ أو بنقصان ركعة أو ركوع أو غيرهما من الأجزاء الركنية ، أو بزيادة‌

______________________________________________________

الجاهل لانقطاع عذره ، ولا يدل على بطلان عمله الناقص ، لإمكان كون الصلاة ذات مراتب متفاوتة في الكمال والنقصان ، فيكون الشي‌ء جزءاً أو شرطا لبعضها فيفوت بفواته ، ولا يكون جزءاً أو شرطا لبعضها الآخر فيصح بدونه ، بنحو لا يمكن تدارك الفائت. ولذا نسب إلى الأصحاب : الحكم بصحة عمل الجاهل بالجهر والإخفات والقصر والتمام ، مع استحقاق العقاب فالعقاب لا يستلزم البطلان ووجوب التدارك.

كما أن مما ذكرنا يظهر : أن تسليم عموم أدلة الجزئية وامتناع تقييدها بالعلم لا ينافي قيام الدليل على صحة الناقص وعدم وجوب التدارك ، إذ على هذا يكون التكليف بالكامل مشتركا بين العالم والجاهل ، والتكليف بالناقص منوطاً بالجهل بالتكليف بالكامل. فالعمدة ـ إذا ـ إثبات ذلك الدليل الدال على الصحة فإن تمَّ ، وإلا فالحكم بالبطلان للقاعدة المتقدمة. والمصنف ( قده ) يرى تمامية ذلك الدليل. وكأنه إطلاق صدر صحيح زرارة ـ المروي في الفقيه والتهذيب ـ عن أبي جعفر (ع) : « لا تعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود ، ثمَّ قال : القراءة سنة والتشهد سنة ، ولا تنقض السنة الفريضة » (١) فإن إطلاقه شامل للجاهل بالحكم. ولأجله فصل بين الخلل في الركن ـ زيادة أو نقيصة ـ وبين الخلل في غيره ، فجزم بالبطلان في الأول ، لقيام الدليل بالخصوص على قدحه في الصحة ـ كالاستثناء في الصحيح المذكور ، وكغيره مما سنشير إليه في محله ـ فترفع به اليد عن صدر الصحيح. وقوى الصحة في الثاني ، أخذاً بالطلاقة.

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ١٤.

٣٨٢

ركن بطلت الصلاة. وإن كان الإخلال بسائر الشروط أو الأجزاء ـ زيادة أو نقصا ـ فالأحوط الإلحاق بالعمد في البطلان‌

______________________________________________________

وربما يستشكل فيه ، وتارة : بعدم وروده لبيان نفي الإعادة مطلقا بشهادة وجوب الإعادة على العامد إجماعا ، فيسقط إطلاقه عن الحجية. ويجب الاقتصار فيه على المتيقن ـ وهو نفي الإعادة في خصوص السهو والنسيان ـ كما فهمه الأصحاب. مع أنه لو سلم وروده في مقام البيان وظهوره في الإطلاق دار الأمر بين تقييده وتقييد إطلاق أدلة الجزئية والشرطية الشامل لحالي العلم والجهل ، والأول أولى. مع أنه يكفي في تقييده الإجماع ـ المستفيض بالنقل ـ على مساواة الجاهل للعالم.

وفيه : أن وجوب الإعادة على العامد لا يدل على عدم وروده في مقام البيان كسائر العمومات المخصصة بالأدلة اللبية التي لا ينبغي الإشكال في حجيتها في الباقي. مع أن البناء على ذلك يمنع من التمسك به في السهو مطلقا وكون الحكم فيه متيقنا ـ لو سلم ـ فالاعتماد يكون على اليقين لا عليه. وكون تقييده أولى من تقييده إطلاق أدلة الجزئية والشرطية غير ظاهر ، بل العكس أولى ، لأنه حاكم عليها ، وهو مقدم على المحكوم. والإجماع في المقام بنحو يجوز به رفع اليد عن ظاهر الأدلة غير ظاهر ، لقرب دعوى كون مستنده ملاحظة القواعد الأولية ، وعدم ثبوت ما يوجب الخروج عنها عند المجمعين لا أنه إجماع على البطلان تعبدا.

وأخرى : بأن ظاهر ذيل الصحيح كون الوجه ـ في نفي الإعادة ـ كون ما عدا الخمسة سنة ، فيجب تقييده بما دل على وجوب الإعادة بترك السنة متعمدا ، كصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) : « إن الله ـ عز وجل ـ فرض الركوع والسجود. والقراءة سنة ، فمن ترك القراءة متعمداً أعاد الصلاة‌

٣٨٣

______________________________________________________

ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته ولا شي‌ء عليه » (١) وإطلاق العمد يشمل الجاهل ، لأنه عامد في ترك الجزء وإن كان عن جهل. وفيه : أن الظاهر من العمد صورة العلم ـ كما هو الشائع من استعماله في العرف وفي النصوص ـ فلا يشمل الجاهل. وكون المراد ما يقابل الناسي ـ ولو بقرينة المقابلة ـ غير ظاهر ، إذ هو ليس بأولى من أن يراد بالنسيان مطلق العذر والاقتصار عليه بالخصوص ، لكونه الشائع المتعارف. بل الثاني أولى ، لأن حمل اللاحق على ما يقابل السابق أولى من العكس. مع أن لازمه وجوب الإعادة في ناسي الحكم ، وفي جاهل الموضوع ، وفيمن اعتقد أنه فعل الجزء فتركه ثمَّ تبين له أنه لم يفعل وغير ذلك من أنواع الخلل عن سهو وعذر مما لم يكن نسيانا للقراءة ، ولا يظن الالتزام به ، فيتعين لذلك رفع اليد عن ظاهر التعبير بالنسيان ، وحمله على مطلق العذر العرفي المقابل للعمد ، فيدخل جميع ذلك فيه حتى الجاهل. لا أقل من المساواة بين الحملين ، الموجبة للإجمال والرجوع الى إطلاق حديث : « لا تعاد .. ».

وأما موثق منصور : « قلت لأبي عبد الله (ع) : إني صليت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلها ، فقال (ع) : أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ قلت : بلى. قال (ع) : فقد تمت صلاتك إذا كنت ناسياً » (٢) فيمكن أن يكون الحصر فيه في قبال العامد ، بقرينة عدم وجوب الإعادة على غيره من المعذورين في إيقاع الخلل.

وثالثة : بأن نفي الإعادة يراد به ما يقابل وجوبها. ومن المعلوم أن وجوب الإعادة ، تارة : يكون حكما تأسيسياً حادثا في ظرف صدق الإعادة وعدمها ، وذلك حيث يكون الفعل المعاد حين وقوعه لا حكم له يقتضي‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٧ من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ٢.

٣٨٤

______________________________________________________

الإعادة ـ كالفعل المشتمل على الخلل الناشئ عن نسيان الجزء أو الشرط ـ فان النسيان منشأ للعجز عن فعل المنسي وارتفاع القدرة عليه التي هي شرط التكليف ، فلا يكون مكلفا حال النسيان بالإعادة ، وأخرى : يكون تأكيداً ـ كوجوب الإعادة على العامد الملتفت أو الجاهل المقصر ـ فان الخطاب لما لم يكن مانع من ثبوته كان مقتضيا لوجوب الإعادة من حين وقوع الفعل من العامد أو الجاهل ، فاذا ورد الأمر بالإعادة كان تأكيداً لما قبله. وحينئذ نقول ـ « لا تعاد .. » المذكور في الصحيح ـ إما أن يراد به ما يقابل وجوب الإعادة مطلقاً. ولازمه أن يكون معارضا لجميع أدلة الجزئية والشرطية في المستثنى منه ، إذ لازمه نفي مفاد تلك الأدلة من الجزئية والشرطية ، وحيث انه لا يصلح لمعارضتها ، فاللازم حمله على ما يقابل وجوب الإعادة تأسيساً ، فلا يشمل العامد ، ولا الجاهل ولا الناسي للحكم.

وفيه : ما قد عرفت الإشارة إليه : من أن حمله على ما يقابل وجوب الإعادة مطلقا ـ الذي يقتضيه الإطلاق ـ لا يخرجه عن كونه حاكما على أدلة الجزئية والشرطية ، لأن الحكومة ناشئة عن كونه ناظرا إلى تلك الأدلة ولا يخرج عن كونه كذلك بمجرد حمله على نفي الإعادة في الجاهل. ودعوى : أنه لا يقوى على الحكومة على تلك الأدلة التي هي كالصريحة في الجزئية والشرطية على اختلاف ألسنتها. مدفوعة : إذ هو لا ينفي الجزئية والشرطية مطلقا ، وإنما ينفيها بالنسبة الى بعض مراتب الصلاة ، كما في سائر موارد تعدد المطلوب. ومقتضى الجمع ـ بينه وبين أدلة الجزئية ـ هو الالتزام بأن الصلاة ذات مرتبتين مثلا : إحداهما : كاملة متقومة بالشي‌ء المعين ، ويكون جزءاً لها. وأخرى : ناقصة غير متقومة به ، فاذا فات الشي‌ء المعين فاتت المرتبة الكاملة وفاتت مصلحتها أيضاً ، وبقيت الناقصة وحصلت مصلحتها على نحو لا يمكن التدارك. وليس حمل تلك الأدلة على‌

٣٨٥

______________________________________________________

الجزئية بلحاظ بعض مراتب الصلاة مما تأباه ، حتى يجب التصرف بالحديث الشريف. كيف لا! والناسي ـ الذي هو المورد المتيقن للحديث ـ يتعين الالتزام فيه بذلك أيضا ، لأن الجزء المنسي في حال النسيان لم يخرج عن كونه جزءاً ذاتا ضرورة ، وإنما ثبت الاجتزاء بدونه ، نظير موارد قاعدة الميسور. فاذاً الأخذ بإطلاق الحديث متعين.

فان قلت : ظاهر الصحيح كون نفي الإعادة لأجل صحة الصلاة مطلقا وتماميتها مطلقا ، وهذا ينافي عدم تمامية الصلاة ببعض مراتبها ، فلا يكون الجمع المذكور عرفيا.

قلت : لا يظهر من الصحيح ذلك ، لأن عدم لزوم الإعادة أعم من ذلك ، بل لعل ظاهر قوله (ع) ـ في ذيله ـ : « ولا تنقض السنة الفريضة » هو عدم بطلان الفريضة ـ من الأجزاء والشرائط ـ بالخلل الاتي من قبل السنة ، لا عدم الخلل أصلا بفوات السنة ، فيكون في نفسه ظاهرا في الجمع المذكور ، لا أنه آب عنه.

وأما ما في صحيح ابن مسلم المتقدم : « فقد تمت صلاته » ـ ونحوه في موثق منصور ـ فالمراد منه تمامية صلاته المأتي بها وصحتها ، وهو لا ينافي عدم بطلان صلاة الجاهل بالحكم بفوات بعض مراتب المصلحة ، كما ورد في صحيح زرارة ـ الوارد في فوات الجهر والإخفات جهلا (١) مع بنائهم على نقص صلاته في الجملة ، وفوات بعض مراتب مصلحتها واستحقاق العقاب لذلك ، فلا مانع من أن يكون الحديث الشريف وارداً هذا المورد.

نعم لا تبعد دعوى انصرافه إلى صورة صدور الفعل المعاد بداعي الامتثال الجزمي ، فلا يشمل العامد في الترك ، ولا المتردد في الصحة والفساد. والوجه فيه : أن الظاهر كونه مسوقا لإحداث الداعي إلى الإعادة ، فلا يشمل من‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ١.

٣٨٦

لكن الأقوى إجراء حكم السهو عليه.

( مسألة ٤ ) : لا فرق ـ في البطلان بالزيادة العمدية ـ بين أن يكون في ابتداء النية أو في الأثناء ، ولا بين الفعل والقول [١] ، ولا بين الموافق لأجزاء الصلاة والمخالف لها [٢] ولا بين قصد الوجوب بها والندب [٣]. نعم لا بأس بما يأتي [٤] به من القراءة والذكر في الأثناء.

______________________________________________________

كان له داع إلى الإعادة.

[١] لإطلاق النص في جميع ذلك.

[٢] خلافا للمستند لأنه لا يقال ـ لمن أمر ببناء معين على نحو معين ـ « إنه زاد فيه » إلا إذا زاد في اللبن أو الجص أو نحوهما ، ولا يقال : « إنه زاد فيه » إذا قرأ حين البناء شعراً أو فعل فعلا آخر ، فيعتبر في الزيادة أن يكون المزيد من جنس المزيد فيه. ولما كان مفهوم الصلاة من المفاهيم الشرعية ـ التي لا يعرف ما هو منه وما ليس منه إلا بالرجوع الى الشارع ـ فلا يمكن الجزم بتحقق الزيادة إلا إذا كان الزائد من أجزاء الصلاة. وفيه : أن الزيادة كما تكون بلحاظ حدود الأجزاء المعتبرة تكون بلحاظ ذوات الأجزاء فالمركب من أجزاء محدودة ـ بحسب الكم ـ كما تكون الزيادة فيه بالإتيان ببعض أجزائه زائداً على المقدار المعتبر فيه ، تكون ـ أيضا ـ بالإتيان بما يباين أجزاءه ، كما يظهر من ملاحظة المركبات الخارجية من المعاجين ونحوها.

[٣] قد عرفت في الحاشية الأولى : أن نية الندب ملازمة لعدم نية الجزئية. وحينئذ لا تكون زيادة ، إذ يعتبر فيها قصد الجزئية. نعم يمكن قصد الندب تشريعا فيما يؤتى به بقصد الجزئية. وكذا العكس.

[٤] بل هو الأفضل.

٣٨٧

ـ لا بعنوان أنه منها ـ [١] ما لم يحصل به المحو للصورة. وكذا لا بأس بإتيان غير المبطلات من الأفعال الخارجية المباحة ـ كحك الجسد ونحوه ـ إذا لم يكن ماحيا للصورة.

( مسألة ٥ ) : إذا أخل بالطهارة الحدثية ساهيا بأن ترك الوضوء أو الغسل أو التيمم ـ بطلت صلاته [٢] وإن تذكر في الأثناء. وكذا لو تبين بطلان أحد هذه من جهة ترك جزء أو شرط [٣].

( مسألة ٦ ) : إذا صلى قبل دخول الوقت ساهيا بطلت [٤] وكذا لو صلى إلى اليمين أو اليسار أو مستدبرا [٥] ، فيجب‌

______________________________________________________

[١] وإلا كان زيادة ، لعدم كونه منها. وما في رواية الحلبي : « قال أبو عبد الله (ع) : كل ما ذكرت الله ـ عز وجل ـ به والنبي (ص) فهو من الصلاة » (١) لا بد أن يكون محمولا على خلاف ظاهره. وإلا فقد عرفت أن لازم ذلك الإتيان بقصد الوجوب لا الندب ، ولا يظن الالتزام به.

[٢] فان ذلك من ضروريات الفقه. وتدل عليه النصوص المتفرقة الكثيرة ، المذكور بعضها في وضوء الوسائل (٢) وبعضها في قضاء الصلاة منها (٣) وغيرهما.

[٣] لاحظ وضوء الوسائل.

[٤] والنصوص به كثيرة مذكورة في المواقيت (٤).

[٥] تحقيق الكلام في ذلك موكول الى مبحث القبلة (٥).

__________________

(١) الوسائل باب : ١٣ من أبواب قواطع الصلاة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١ ، ٢ ، ٣ من أبواب الوضوء.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب صلاة القضاء.

(٤) راجع المسألة : ١ من فصل أحكام الأوقات ج : ٥ من هذا الشرح.

(٥) راجع المسألة : ١ من فصل احكام الخلل ج : ٥ من هذا الشرح.

٣٨٨

عليه الإعادة أو القضاء.

( مسألة ٧ ) : إذا أخل بالطهارة الخبثية ـ في البدن أو اللباس ـ ساهيا بطلت. وكذا إن كان جاهلا بالحكم أو كان جاهلا بالموضوع وعلم في الأثناء ، مع سعة الوقت ، وإن علم بعد الفراغ صحت. وقد مر التفصيل سابقا [١].

( مسألة ٨ ) : إذا أخل بستر العورة سهوا فالأقوى عدم البطلان [٢] ، وإن كان هو الأحوط [٣]. وكذا لو أخل بشرائط الساتر ـ عدا الطهارة ـ من المأكولية ، وعدم كونه حريراً أو ذهباً ، ونحو ذلك [٤].

______________________________________________________

[١] في أحكام النجاسات (١) ومر بيان الوجه فيه.

[٢] لصحيح : « لا تعاد الصلاة .. » ‌

[٣] بل هو الأقوى ، كما عن الشهيد ، بل عن ظاهر التذكرة والمنتهى والتحرير : الإجماع عليه. لكنه غير ظاهر الوجه. والإجماع ـ بنحو يعتمد عليه أو يوهن الصحيح ـ غير ثابت. ومن هنا حكي عن المدارك وشرح المفاتيح للوحيد وغيرهما : الصحة. ويؤيده ـ أو يعضده ـ صحيح ابن جعفر (ع) : « عن الرجل يصلي وفرجه خارج لا يعلم به ، هل عليه إعادة أو ما حاله؟ قال (ع) : لا إعادة عليه ، وقد تمت صلاته » (٢) وقد تقدم الكلام في ذلك في مبحث الساتر (٣).

[٤] للصحيح المتقدم أيضا. لكن تقدم ـ في مبحث اللباس ـ تقريب البطلان في الخلل بالمأكولية في غير الجاهل بالموضوع (٤).

__________________

(١) لاحظ فصل الصلاة في النجس ج : ١ من هذا الشرح.

(٢) الوسائل باب : ٢٧ من أبواب لباس المصلي حديث : ١.

(٣) راجع المسألة : ١١ ، ١٢ من فصل الستر والساتر ج : ٥ من هذا الشرح.

(٤) راجع المسألة : ١٩ من فصل شرائط لباس المصلي ج : ٥ من هذا الشرح.

٣٨٩

( مسألة ٩ ) : إذا أخل بشرائط المكان سهوا فالأقوى عدم البطلان ، وإن كان أحوط فيما عدا الإباحة ، بل فيها ـ أيضا ـ إذا كان هو الغاصب [١].

( مسألة ١٠ ) : إذا سجد على ما لا يصح السجود عليه سهوا إما لنجاسته أو كونه من المأكول أو الملبوس ـ لم تبطل الصلاة [٢] ، وإن كان هو الأحوط. وقد مرت هذه المسائل‌

______________________________________________________

[١] للتفصيل من جماعة بينه وبين غيره في البطلان وعدمه. ولا وجه له ظاهر ، لعموم حديث : رفع النسيان (١) الموافق لحكم العقل بعذريته نعم يمكن الإشكال في الصحة في صورة نسيان الغاصب عن تقصير ، لأن جريان الحديث حينئذ لرفع الحكم خلاف الامتنان في حق المالك. ولعل الحال كذلك في بعض صور نسيان غير الغاصب إذا كان عن تقصير. إلا أن يقال ـ بعد فرض النسيان ـ يكون الضرر وارداً على المالك على كل حال والرفع والوضع لا أثر لهما فيه ، فلا مانع من الأخذ بإطلاق الحديث. والكلام فيه موكول الى محله (٢).

[٢] الظاهر أنه لا إشكال فيه. ووجهه ـ في فوات طهارة المسجد ـ ظاهر ، لأن العمدة في اعتبارها الإجماع ، وثبوته في حال السهو محل إشكال أو منع ، فلا موجب للتدارك. نعم يشكل وجهه في فوات كونه على غير المأكول والملبوس ، فإن إطلاق دليل شرطية ذلك يقتضي بطلان السجود بفواته. لكن ظاهر الأصحاب الإجماع على عدم وجوب التدارك وجواز المضي ولعل ذلك كاف في تقييد دليل الشرطية بحال الذكر ، فلا يكون شرطا في حال السهو.

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٥٦ من أبواب جهاد النفس.

(٢) راجع أوائل الكلام من فصل شرائط لباس المصلي ج : ٥ من هذا الشرح.

٣٩٠

في مطاوي الفصول السابقة.

( مسألة ١١ ) : إذا زاد ركعة أو ركوعا أو سجدتين من ركعة ، أو تكبيرة الإحرام سهواً بطلت الصلاة [١].

______________________________________________________

[١] أما في الأول فلا إشكال فيه ـ في الجملة ـ ولا خلاف. ويدل عليه ـ مضافا إلى عموم قدح الزيادة المتقدم ـ موثق زيد الشحام : « سألته عن الرجل يصلي العصر ست ركعات أو خمس ركعات. قال (ع) : إن استيقن أنه صلى خمساً أو ستاً فليعد » (١) ومصحح زرارة ـ المروي عن الكافي في باب السهو في الركوع ـ عن أبي جعفر (ع) : « إذا استيقن أنه قد زاد في صلاته المكتوبة ركعة فليستقبل صلاته استقبالا » (٢) وصحيح منصور عن أبي عبد الله (ع) : « سألته عن رجل صلى فذكر أنه زاد سجدة. قال (ع) : لا يعيد صلاة من سجدة ، ويعيدها من ركعة » (٣) ونحوها رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) (٤) سواء أحملت الركعة على ما يشمل السجدتين ، أم ما يقابل السجدة. نعم عن التهذيب والتحرير والمعتبر والمختلف وموضوع من القواعد والمنتهى والألفية والميسية والروض والمسالك وغيرها ـ بل عن المسالك : نسبته إلى المتأخرين ـ : أنه إن كان جلس آخر الرابعة بقدر واجب التشهد صحت صلاته ، لصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « عن رجل صلى خمسا ، فقال (ع) : إن كان قد جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته » (٥). ونحوه صحيح‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٩ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ١٤ من أبواب الركوع حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ١٤ من أبواب الركوع حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ١٤ من أبواب الركوع حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ١١٩ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٤.

٣٩١

______________________________________________________

جميل (١). وفي رواية محمد بن مسلم : « سألت أبا جعفر (ع) عن رجل استيقن ـ بعد ما صلى الظهر ـ أنه صلى خمسا. قال (ع) : وكيف استيقن؟ قلت : علم. قال (ع) : إن كان علم أنه كان جلس في الرابعة فصلاة الظهر تامة ، فليقم فليضف إلى الركعة الخامسة ركعة وسجدتين ، فتكونان ركعتين نافلة ، ولا شي‌ء عليه » (٢). وصحيحه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « عن رجل صلى الظهر خمسا. قال (ع) : إن كان لا يدري جلس في الرابعة أم لم يجلس فليجعل أربع ركعات منها الظهر ويجلس ويتشهد ، ثمَّ يصلي ـ وهو جالس ـ ركعتين وأربع سجدات ويضيفها إلى الخامسة فتكون نافلة » (٣).

هذا ولكن يشكل الخروج بها ـ بعد إعراض القدماء عنها ـ عن إطلاق النصوص المتقدمة ، مع قرب حمل الأخيرين منها على الجلوس مع التشهد والتسليم. بل لعل ذلك متعين فيهما ، لأنه لا يمكن الأخذ بإطلاق الجلوس ولو آناً ما. فاما أن يحمل على الجلوس المعهود في الصلاة. وهو المشتمل على التشهد والتسليم ـ أو يحمل على الجلوس بقدر التشهد ، كما يراه الجماعة المتقدمة. لكن حمل المطلق على المعهود الذهني أولى من تقييده عرفا عند الدوران بينهما. وعليه يسهل حمل الأولين على الجلوس مع التشهد فيكون المراد ـ من قدر التشهد ـ التشهد الفعلي الخارجي الصادر من المكلف مع التسليم ، لتكون الركعة الزائدة بعد الفراغ من الصلاة. وندرة ذلك ليست بأظهر من ندرة الجلوس ساكتا قدر التشهد. لا أقل من أن يكون إطلاق النصوص المتقدمة ـ الموافقة للقواعد المسلمة في الجملة ـ

__________________

(١) الوسائل باب : ١٩ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٦.

(٢) الوسائل باب : ١٩ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٥.

(٣) الوسائل باب : ١٩ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٧.

٣٩٢

______________________________________________________

قرينة على حمل هذه النصوص على ما ذكر. ولعل التعبير عن ذلك بمثل هذا اللسان كان تقية من بعض العامة ، فقد حكي التفصيل المذكور : عن سفيان الثوري وأبي حنيفة ، فينبغي العمل على ما يوافق المشهور.

وأما البطلان في الثاني فيمكن أن يكون مستنده من النصوص روايتي منصور وعبيد المتقدمتين ـ بناء على حمل الركعة فيهما على الركوع ـ بقرينة المقابلة بالسجود ، كما هو الظاهر ، فإن الركعة ـ كما تطلق على ما يشمل السجدة ـ تطلق أيضا على نفس الركوع ، كما في صحيحتي محمد بن مسلم المذكورتين (١) ، وغيرهما مما هو كثير. ولو لم يتم ذلك انحصر المستند فيه ـ وفي الأخيرين ـ بالإجماع على ركنيتها ـ بناء على تفسير الركن بما تبطل الصلاة بالإخلال به زيادة ونقيصة عمداً وسهواً كما هو المنسوب إلى المشهور ، بل عن المهذب البارع : نسبته إلى الفقهاء.

لكنه محل تأمل ، فعن جامع المقاصد والروض : تفسيره بما تبطل الصلاة بتركه عمداً وسهواً ، بل حكي تفسيره بذلك عن الشيخ في المبسوط وجميع من تأخر عنه. ويشهد به كثير من عباراتهم في مبحث الأركان ، فتراهم يقولون : التكبير ركن تبطل الصلاة بتركه عمداً وسهواً. وكذا كلامهم في غير التكبير من الأركان ، فإنه ظاهر في أن معنى الركن عندهم ما يقدح تركه في الصلاة عمداً وسهواً ، من دون دخل للزيادة في معناه. ويشهد به ـ أيضا ـ ما عن ابن بابويه والشيخ وغيرهما : من التلفيق الاتي إليه الإشارة في المسألة الرابعة عشرة. وصحيح محمد بن مسلم الاتي فيها الأمر بإلقاء السجدتين اللتين لا ركوع لهما. اللهم إلا أن يقال : إن خروجهم عن القاعدة في بعض الموارد ـ لحجة أو شبهة ـ لا ينافي البناء عليها كلية‌

__________________

(١) المراد بذلك الروايتان المتقدمتان في صدر التعليقة. وقد عبر هناك عن إحداهما بالرواية وعن الأخرى بالصحيحة ، فلاحظ.

٣٩٣

نعم يستثنى من ذلك : زيادة الركوع أو السجدتين في الجماعة [١] وأما إذا زاد ما عدا هذه من الاجزاء غير الأركان ـ كسجدة‌

______________________________________________________

في غيره. ولعل هذا الوجه فيما عن تعليق الإرشاد ومجمع البرهان من دعوى : الإجماع على قدح زيادة الركوع والسجدتين. وما عن المدارك : من أنه لا يعلم فيه مخالفاً. وما عن الرياض وغيره : من نفي الخلاف فيه. هذا وربما يلوح من نصوص نسيان الركوع قدح زيادة السجدتين سهوا. فلاحظ (١)

كما أنه ربما يستدل على ذلك بعموم قدح الزيادة ، إذ لا موجب للخروج عنه إلا صحيح : « لا تعاد الصلاة .. ». لكنه يتوقف على ظهور المستثنى في خصوص النقيصة ، لتكون الزيادة داخلة في المستثنى منه وهو ممنوع ، بل هو إما ظاهر في مطلق الخلل ولو بنحو الزيادة ـ أو هو مجمل. وحينئذ يسري إجماله إلى المستثنى منه لاتصاله به ، فلا يصلح للحكومة على عموم ما دل على قدح الزيادة ولو سهوا. وفيه : مع أن منصرف النص هو النقيصة ـ : أن نسبة المقدر إلى كل من الخمسة نسبة واحدة ، فإذا تعذرت نسبة الزيادة إلى ثلاثة منها كان المقدر في الجميع ـ بحسب المتفاهم العرفي ـ هو النقيصة لا غير. وبالجملة : لا ينبغي التأمل في ظهور المستثنى في النقيصة. مع أن ذلك لا يتم في زيادة تكبيرة الافتتاح لعدم ذكرها في المستثنى ، فتبقى داخلة في المستثنى منه ، ويكون مقتضى الحديث عدم البطلان بزيادتهما ، فيحتاج في الحكم بالبطلان بزيادتها سهوا إلى الإجماع. ولعله فيها أخفى منه في زيادة الركوع والسجدتين. ولذا خالف فيها من لم يخالف في زيادتهما فراجع.

[١] كما تقدم في الجماعة. وتقدم الإشكال في صدق الزيادة على الجزء المأتي به للمتابعة.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الركوع.

٣٩٤

واحدة [١] أو تشهد أو نحو ذلك مما ليس بركن ـ فلا تبطل [٢] بل عليه سجدتا السهو [٣]. وأما زيادة القيام الركني فلا تتحقق إلا بزيادة الركوع أو بزيادة تكبيرة الإحرام [٤] ، كما أنه لا تتصور زيادة النية ، بناء على أنها الداعي ، بل على القول‌

______________________________________________________

[١] بلا خلاف فيه ظاهر. وقد تقدمت رواية منصور ـ ونحوها رواية عبيد ـ (١) الدالتان على ذلك. مضافا إلى عموم : « لا تعاد .. » الشامل للسجدة وغيرها بناء على ما عرفت من ظهور المستثنى في النقيصة. أما بناء على عمومه للزيادة فيدل على البطلان لزيادة السجدة. لكنه مقيد برواية منصور ونحوها.

[٢] لعموم حديث : « لا تعاد .. » بناء على عمومه للزيادة والنقيصة ـ كما هو الظاهر ـ لإطلاقه. وإلا فلو بني على اختصاصه بالنقيصة كان مقتضى عموم قدح الزيادة البطلان ولو سهوا. وتقييده بالمرسل عن سفيان بن السمط : « تسجد سجدتي السهو لكل زيادة تدخل عليك أو نقصان » (٢) غير ظاهر ، لقرب وروده في مقام إيجاب سجود السهو فارغا عن صحة الصلاة ، فلا يدل على الصحة ولو بالالتزام. نعم يدل على صحة الصلاة مع الزيادة في الجملة ، فيقتضي سقوط أصالة الإطلاق في عموم قدح الزيادة ، لو لم يكن منحلا بالعلم التفصيلي في الصحة في الموارد المعينة. مع أن ظاهر المشهور عدم العمل بالمرسل المزبور.

[٣] سيأتي الكلام فيه.

[٤] لأن الركن منه ما يكون مقارنا للتكبير ، أو ما يكون متصلا بالركوع على ما مضى في محله.

__________________

(١) مر ذكر الروايتين في أوائل الكلام في هذه المسألة.

(٢) الوسائل باب : ٣٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣.

٣٩٥

بالإخطار لا تضر زيادتها.

( مسألة ١٢ ) : يستثنى من بطلان الصلاة بزيادة الركعة ما إذا نسي المسافر سفره أو نسي أن حكمه القصر فإنه لا يجب القضاء إذا تذكر خارج الوقت ، ولكن يجب الإعادة إذا تذكر في الوقت ، كما سيأتي إن شاء الله [١].

( مسألة ١٣ ) : لا فرق في بطلان الصلاة بزيادة ركعة بين أن يكون قد تشهد في الرابعة ثمَّ قام إلى الخامسة أو جلس بمقدارها كذلك أولا [٢] ، وإن كان الأحوط ـ في هاتين الصورتين ـ إتمام الصلاة لو تذكر قبل الفراغ ثمَّ إعادتها.

( مسألة ١٤ ) : إذا سها عن الركوع حتى دخل في السجدة الثانية بطلت صلاته [٣] ، وإن تذكر قبل الدخول‌

______________________________________________________

[١] ويأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ تفصيل الكلام فيه.

[٢] كما عرفت في المسألة الحادية عشرة.

[٣] على المشهور ، للصحيح عن رفاعة عن أبي عبد الله (ع) : « سألته عن رجل ينسى أن يركع حتى يسجد ويقوم. قال (ع) : يستقبل » (١) ‌والآخر عن أبي بصير عنه (ع) : « إذا أيقن الرجل أنه ترك ركعة من الصلاة ـ وقد سجد سجدتين وترك الركوع ـ استأنف الصلاة » (٢) و‌خبر أبي بصير : « سألت أبا جعفر (ع) عن رجل نسي أن يركع. قال (ع) : عليه الإعادة » (٣) مضافا إلى‌ حديث : « لا تعاد الصلاة .. » فتأمل.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الركوع حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الركوع حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الركوع حديث : ٤.

٣٩٦

فيها رجع وأتى به وصحت صلاته [١].

______________________________________________________

هذا ولكن ظاهر المحكي عن ابن بابويه : التفصيل بين الركعة الأولى فيعيد ، وغيرها فيحذف السجدتين ، ويجعل الثالثة ثانية ، والرابعة ثالثة. وفي محكي النهاية : التفصيل بين أن يذكره في السجود فيعيد ، وأن يذكر بعد ما دخل في الركعة اللاحقة فتسقط الركعة التي قد نسي ركوعها ويتم صلاته. وفي محكي المبسوط والجمل والاقتصاد : الحكم بإسقاط السجود وإعادة الركوع ثمَّ السجود بعده وخصه وبالأخيرتين. ونسب في الأول الى بعض أصحابنا : القول به مطلقا. ويشهد ـ له في الجملة ـ صحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع) : « في رجل شك ـ بعد ما سجد ـ أنه لم يركع. قال (ع) : فان استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما فيبني على صلاته على التمام ، وإن كان لم يستيقن إلا بعد ما فرغ وانصرف فليقم وليصل ركعة وسجدتين ولا شي‌ء عليه » (١) بل لا يبعد كونه شاهدا لما حكاه في المبسوط عن بعض أصحابنا ، المختار له في النهاية. لكنه لا يصلح لمعارضة النصوص المتقدمة التي هي ـ كما في الوسائل ـ أكثر وأوضح وأوثق وأحوط ، والعمل بها أشهر.

[١] كما مال إليه في الحدائق ـ وحكاه عن المدارك ـ بل هو المختار لجماعة ممن عاصرناه أو قارب عصرنا. والمشهور البطلان ، لإطلاق خبر أبي بصير المتقدم. وضعفه بمحمد بن سنان ـ لو تمَّ ـ فيجبر بالشهرة. وفيه : أن إطلاقه ضعيف ، لظهور النسيان في نسيانه في تمام المحل. وقد عرفت أن مقتضى القواعد الأولية أنه لا قدح في زيادة السجدة سهواً ، فلا مانع من فعله لعدم فوات محله. ولو سلم فيمكن تقييده بالتعليل في مصحح إسحاق :

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب الركوع حديث : ٢. وفي التهذيب ج ٢ صفحة ١٤٩ طبع النجف الأشرف ، والاستبصار ج ١ ص ٣٥٦ طبع النجف ، والفقيه ج ١ صفحة ٢٢٨ طبع النجف : رواية ذلك عن أبي جعفر (ع) وكذا في السرائر ، على ما في تعليقة الوسائل.

٣٩٧

______________________________________________________

« سألت أبا إبراهيم (ع) عن الرجل ينسى أن يركع. قال (ع) : يستقبل حتى يضع كل شي‌ء من ذلك موضعه » (١) إذ بعد البناء على عدم قدح زيادة السجدة لا مانع من أن يضع كلام من الركوع والسجود في موضعه.

وأما ما قيل : من تقييده بمفهوم الشرط المذكور في الصحيح المتقدم عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) فيتوقف على أن يكون الشرط فيه : ترك الركوع وذكره بعد السجدتين. أما لو كان الشرط فيه مجموع ما ذكر وترك الركعة ، فمقتضى إطلاق المفهوم عدم الاستئناف إذا لم يترك ركعة وإن ترك الركوع وذكره بعد السجدتين ، وهو مما لا يقال به الخصم. وإذا تعذر الأخذ بإطلاق المفهوم ، كان رفع اليد عن المفهوم بالمرة والبناء على كون الشرطية مسوقة لمجرد ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط أولى عرفا من البناء على المفهوم وتقييده ، هذا ولما كان الظاهر من متن الصحيح كون الشرط مجموع الأمرين ـ كما يشهد به التكرار واختلاف التعبير بالركعة والركوع ـ تعين رفع اليد عن مفهومه. وأما ما في الجواهر : من أن مفهومه رفع اليقين ، فيدل على عدم وجوب الاستئناف إذا لم يتيقن بالشرط ، وليس مما نحن فيه. ففيه : أن اليقين في المقام طريق لا موضوع للحكم ، فالشرط في الحقيقة هو المتيقن الذي عرفت ظهوره في كونه مجموع الأمرين.

فالمتحصل مما ذكرنا : قصور النصوص عن إثبات البطلان في الفرض فالمرجع فيه القواعد المقتضية للصحة لعدم قدح زيادة السجدة الواحدة.

اللهم إلا أن يقال : إن مقتضى حديث : « لا تعاد الصلاة » هو البطلان لأن الإعادة ـ من قبل نقص الركوع ـ لو كان المراد بها أن يفوت محله بالدخول في ركن آخر كانت الإعادة من قبل زيادة الركن الأخر ، لا من قبل نقص الركوع. وبعبارة أخرى : فوت محل الركوع بفعل السجدتين‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الركوع حديث : ٢.

٣٩٨

______________________________________________________

إنما كان من جهة أن فعل السجدتين زيادة ركن مبطلة للصلاة ، ففوات الركوع كان ناشئا من قبل بطلان الصلاة ، فلا يعقل أن يكون موجبا للبطلان ، للزوم الدور. وحينئذ فلا بد أن يكون الموجب للبطلان ـ بمقتضى الاستثناء ـ ليس هو فوات الركوع الحاصل من الدخول في ركن آخر ، بل هو مجرد ترك الركوع الحاصل بالدخول في جزء مرتب عليه غير ركن ـ كالسجدة الواحدة ـ إذا في هذه الحال يمكن أن تستند الإعادة إلى ترك الركوع. وحينئذ يكون مقتضى الحديث الشريف هو الإعادة بنسيان الركوع والدخول في سجدة واحدة.

وفيه : أن زيادة السجدتين إنما جاءت من قبل ترك الركوع مع بناء الشارع على جزئيته ، ضرورة أنه لو كان قد ركع ، أو أن الشارع أسقط جزئيته كان السجود في محله ، غاية الأمر أنه بالسجود بطلت الصلاة ، فتعذر فعل الركوع وفات محله. وحينئذ فاستناد البطلان إلى الزيادة عين استناده بالواسطة إلى ترك الركوع المؤدي إلى تلك الزيادة. وعليه فلا مانع من إبقاء الحديث على ظاهره : من إرادة ترك الركوع ، غاية الأمر لا يراد مطلق الترك بل خصوص المؤدي إلى الزيادة. وحمله على خصوص الترك إلى زمان الدخول في جزء آخر مرتب عليه ـ كما صنع في الاشكال ـ ليس أولى من حمله على ما ذكرنا ، بل الثاني هو المتعين. أولا : للنقض بفوات السجدتين إذا ذكرهما بعد الدخول في جزء ، فإنه لا يحكم ببطلان الصلاة ما لم يدخل في الركوع بعدهما ، مع تقرير الاشكال المذكور بعينه فيه. وثانيا : لأن الظاهر من الحديث الشريف ـ كغيره مما ورد في وجوب الإعادة ونفيها مثل : « فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة » (١) ، « ومن نسي‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٧ من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ١.

٣٩٩

ويسجد سجدتي السهو لكل زيادة [١] ، ولكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة لو كان التذكر بعد الدخول في السجدة الأولى.

( مسألة ١٥ ) : لو نسي السجدتين ولم يتذكر إلا بعد الدخول في الركوع من الركعة التالية بطلت صلاته [٢] ، ولو‌

______________________________________________________

القراءة فقد تمت صلاته ولا شي‌ء عليه » ـ (١) إثبات الجزئية ونفيها ، يعني : أن جزئية الركوع والسجود لا تسقط في حال من الأحوال وإن أدى ذلك إلى البطلان ، من جهة لزوم زيادة ركن سهواً أو زيادة جزء عمداً. فاذا يصلح الحديث الشريف لإثبات البطلان فيما نحن فيه ـ كالنص المتقدم ـ بل المرجع فيه القواعد. وقد عرفت : أن مقتضاها الصحة ، لعدم بطلان الصلاة بزيادة سجدة ونحوها مما لم يكن ركنا ، فلا مانع من امتثال أمر الركوع بفعله ثمَّ الإتيان بالسجدتين بعد ذلك. مضافا إلى أن ذلك مقتضى الجمع العرفي بين ما تقدم من النص وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) : « إذا نسيت شيئاً من الصلاة ـ ركوعا أو سجوداً أو تكبيرا ـ ثمَّ ذكرت فاصنع الذي فاتك سهوا [ سواء ] » (٢). فإن إطلاق الصحة وعدم الإعادة فيه مقيد بما تقدم مما تضمن لزوم الإعادة لو ذكر فوت الركوع بعد السجدتين ، فتبقى صورة ما إذا ذكر بعد سجدة داخلة في إطلاقه بلا معارض.

[١] بناء على ما سيأتي : من وجوبها لكل زيادة ونقيصة.

[٢] على المشهور ، كما عن غاية المرام والكفاية ، بل عن النجيبية : إنه مما لا خلاف فيه. لزيادة الركوع الذي هو ركن ، على ما عرفت. وتوهم : أن لزوم زيادة الركن موقوفة على اعتبار الترتيب بين السجدتين‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٧ من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١.

٤٠٠