مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

ولو استبصر ثمَّ خالف ثمَّ استبصر فالأحوط القضاء [١] ، وإن أتى به بعد العود الى الخلاف على وفق مذهبه.

( مسألة ٦ ) : يجب القضاء على شارب المسكر [٢] ، سواء كان مع العلم أو الجهل [٣] ومع الاختيار على وجه العصيان أو للضرورة أو الإكراه.

( مسألة ٧ ) : فاقد الطهورين يجب عليه القضاء ويسقط عنه الأداء [٤] ،

______________________________________________________

« فليس عليه قضاء » لا يصلح قرينة على تخصيصه ، لكون المراد منه الفعل ثانيا ، بقرينة ذكر الزكاة ـ بل الحج ـ في أحدهما. مع أن مصحح الفضلاء موضوعه الإعادة مطلقاً. ونحوه خبر محمد بن حكيم (١). فالبناء على الصحة غير بعيد.

[١] كما قواه في الجواهر ، اقتصارا فيما خالف القواعد على المتيقن. لكن الإطلاق محكم. والانصراف الى المخالف الأصلي ليس بنحو يعتد به في رفع اليد عن الإطلاق.

[٢] لما سبق من العموم أو الاستصحاب.

[٣] قد يستشكل في وجوب القضاء معه ، لعدم الاختيار ، فيدخل في عموم : « ما غلب الله عليه .. ». وفيه : ما عرفت من أن الكلية المذكورة لا تنفي القضاء ، وإنما النافي له الحكم المتصيد منها ، بتوسط ورودها في مقام بيان نفي القضاء عن المغمى عليه. وقد عرفت أنه لا عموم فيه بنحو يصلح لمعارضة الأدلة والحكومة على الأصول. ومن هذا يظهر أنه لا مجال للإشكال المذكور في صورة الضرورة أو الإكراه.

[٤] كما هو مذهب الأصحاب ، لا نعرف فيه مخالفا ، كما عن الروض‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣١ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ٥.

٦١

______________________________________________________

أو مخالفاً صريحا ، كما عن المدارك. لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه. واحتمال اختصاصه ـ كغيره من الأجزاء والشرائط ـ بحال الاختيار ، لعموم : « لا تسقط الصلاة بحال » (١). في غاية الضعف كما في الجواهر ، لعموم دليل الشرطية ، مثل : « لا صلاة إلا بطهور » (٢) للحالين. والفرق بين الطهارة وسائر الاجزاء والشرائط التي تسقط في حال الاضطرار : هو استفادة شرطيتها من أمره ونحوه مما يختص بحال الاختيار ، لا مثل ما عرفت.

هذا ولا يخفى أن الدليل على الجزئية أو الشرطية ـ سواء كان بلسان الأمر أم بلسان النفي ـ يدل على الجزئية مطلقا. وتقييد الأمر عقلا بحال الاختيار ليس تقييدا لملاكه ، بل لفعليته لا غير. مع أن الأوامر في أمثال المقام إرشاد إلى الجزئية. فلا فرق بينها وبين مثل : « لا صلاة إلا بطهور » فان كان حديث : « لا تسقط الصلاة بحال » صالحا لتقييدها كان صالحا لتقييده.

ودعوى : أن مفاده نفي الحقيقة بدون الطهارة ، فلا مجال لتطبيق قوله (ع) : « لا تسقط » ، لأن تطبيقه يتوقف على إحراز عنوان الصلاة ، وهو منفي بدليل شرطية الطهارة. وكذا الحال في جميع الاجزاء والشرائط التي تكون أدلتها بهذا اللسان. غاية الأمر أنه قام الدليل الخارجي على سقوطها في حال الاضطرار ولم يقم ذلك الدليل هنا.

مندفعة : بأنه ـ لو سلم ذلك ، فحديث : « لا تسقط .. » ـ بعد ما كان ناظرا إلى أدلة الجزئية والشرطية على اختلاف ألسنتها ـ حاكم على النفي المذكور ، قاصر له على حال الاختيار ، كغيره من أدلة الاجزاء والشرائط. وإحراز عنوان الصلاة موكول بمقتضى الإطلاق المقامي ، الى تطبيق العرف ، لا الى الحديث المذكور ونحوه من أدلة الجزئية والشرطية ، لأنها ساقطة بالحكومة.

__________________

(١) مر ما له نفع في المقام في ج : ٦ من هذا الشرح ، المسألة : ١٠ من فصل تكبيرة الإحرام.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب الوضوء حديث : ١.

٦٢

وان كان الأحوط الجمع بينهما [١].

( مسألة ٨ ) : من وجب عليه الجمعة إذا تركها حتى مضى وقتها أتى بالظهر إن بقي الوقت [٢] ،

______________________________________________________

وبالجملة : لا فرق بين قوله تعالى ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ... ) (١) ، وقوله (ع) : « لا صلاة إلا بطهور » (٢) في العموم لحالتي الاختيار والاضطرار. كما لا فرق بينهما في المحكومية للحديث المذكور. ومقتضى ذلك وجوب الأداء عند تعذر الطهور ، كما عن جد السيد المرتضى. نعم الحديث المذكور غير ثابت الحجية ، لا رسالة ـ كقاعدة الميسور التي لم ينعقد الإجماع على مضمونها في المقام ـ فالرجوع إلى إطلاق دليل الشرطية المقتضي للسقوط في محله. أما وجوب القضاء ـ كما عن جماعة من القدماء وأكثر المتأخرين ـ فيقتضيه عموم القضاء أو الاستصحاب اللذان لا يمنع عن العمل بهما : عدم تنجز الأداء للعجز ، ولا قولهم (ع) : « كل ما غلب الله عليه فالله تعالى أولى بالعذر » (٣) ، كما عرفت. ولأجله يظهر ضعف ما عن جماعة من نفي القضاء. فلاحظ.

[١] بل حكي القول بوجوب ذلك ، وكأنه إما للعلم الإجمالي بوجوب أحدهما. أو للجمع بين الحقين. وضعفه ظاهر.

[٢] إجماعاً ، كما عن جماعة. ويشهد له ـ في الجملة ـ مصحح الحلبي : « فإن فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعاً » (٤). ونحوه غيره. لكن‌

__________________

(١) المائدة : ٦.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب الوضوء حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب قضاء الصلاة حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب صلاة الجمعة حديث : ٣.

٦٣

وان تركها أيضاً وجب عليه قضاؤها لا قضاء الجمعة [١].

( مسألة ٩ ) : يجب قضاء غير اليومية [٢] ـ سوى العيدين ـ [٣] حتى النافلة المنذورة [٤] في وقت معين.

______________________________________________________

مورده : صورة انعقاد الجمعة وعدم إدراكها ، ففي صورة عدم انعقاد الجمعة رأساً يكون المستند في القضاء ظهراً الإجماع.

[١] لوجوب مطابقة القضاء للمقضي.

[٢] لما عرفت من العموم والاستصحاب.

[٣] كما هو المشهور ، لصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « من لم يصل مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ، ولا قضاء عليه » (١).وعن بعض : وجوب قضائها. لصحيح محمد بن قيس : « فان شهد بعد زوال الشمس أمر الإمام بإفطار ذلك اليوم وأخر الصلاة الى الغد » (٢). لكن لا يخفى أن مورد الصحيحين مختلف. فان مورد الأول : من لم يدرك الجماعة المنعقدة لصلاة العيد وان كان الوقت باقياً. ومورد الثاني : ما إذا خرج الوقت ولم تنعقد جماعة العيد ، فلا تعارض بينهما ، ولا يمنع أحدهما من العمل بالآخر في مورده. ويأتي في صلاة العيد ما له نفع في المقام إن شاء الله تعالى.

[٤] كما استظهره في الجواهر. وكأنه لإطلاق أدلة القضاء. وفيه : أن الظاهر من الفريضة ـ التي أخذت موضوعاً لوجوب القضاء ـ ما كانت فريضة بعنوان كونها صلاة لا بعنوان آخر ، كالنذر والإجارة ونحوهما. مع أنه إذا كونت في نفسها غير مؤقتة وكان نذرها في وقت معين ، فاذا لم يؤت بها في الوقت لا يصدق الفوت بالنسبة إليها ، وإنما يصدق بالنسبة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب صلاة العيد حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب صلاة العيد حديث : ١.

٦٤

( مسألة ١٠ ) : يجوز قضاء الفرائض في كل وقت ، من ليل أو نهار [١] أو سفر‌

______________________________________________________

الى عنوان الوفاء بالنذر ، فوجوب قضائها يتوقف على عموم قضاء الفائت ولو كان وفاء بالنذر. وهو غير ظاهر. اللهم إلا أن يتمسك في وجوب قضائها بالاستصحاب. فتأمل.

[١] للأخبار الكثيرة ، بل لعلها متواترة ، كمصحح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار » (١). وأما موثق عمار عن أبي عبد الله (ع) : « عن الرجل ينام عن الفجر حتى تطلع الشمس ـ وهو في سفر ـ كيف يصنع ، أيجوز له أن يقضي بالنهار؟ قال (ع) : لا يقضي صلاة نافلة ولا فريضة بالنهار ولا يجوز له ولا تثبت ، ولكن يؤخرها فيقضيها بالليل » (٢). فقد قال الشيخ : « إنه خبر شاذ ، فلا تعارض به الأخبار المطابقة لظاهر القرآن ».

أقول : لعله وارد مورد التقية ، كما قد يشير اليه قول الصادق (ع) ـ في خبر جميل في قضاء صلاة الليل بالنهار وصلاة النهار بالليل ـ : « هو من سر آل محمد (ص) المكنون » (٣). أو في مورد المشقة المانعة من حصول الإقبال ، كما قد يشير اليه صحيح ذريح : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : فاتتني صلاة الليل في السفر فأقضيها بالنهار؟ فقال (ع) : نعم إن أطقت ذلك » (٤). أو في القضاء على الدابة ، كما يشهد به موثقة عمار : « نعم يقضيها بالليل على الأرض ، فأما على الظهر فلا ويصلي كما‌

__________________

(١) تقدم ذلك في أول هذا الفصل.

(٢) الوسائل باب : ٥٧ من أبواب المواقيت حديث : ١٤.

(٣) الوسائل باب : ٥٧ من أبواب المواقيت حديث : ١٦.

(٤) الوسائل باب : ٥٧ من أبواب المواقيت حديث : ١٣.

٦٥

أو حضر. ويصلي في السفر ما فات في الحضر تماما ، كما أنه يصلي في الحضر ما فات في السفر قصرا [١].

( مسألة ١١ ) : إذا فاتت الصلاة في أماكن التخيير فالأحوط قضاؤها قصراً. مطلقا ، سواء قضاها في السفر أو في الحضر ، في تلك الأماكن أو غيرها ، وان كان لا يبعد جواز الإتمام [٢] أيضا ،

______________________________________________________

يصلي في الحصر » (١).

[١] عن المدارك : « أنه مذهب العلماء كافة الا من شذ ». وكأنه يشير إلى المزني من العامة ـ كما قيل ـ ويشهد له صحيح زرارة أو حسنه : « قلت له : رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر. قال (ع) : يقضي ما فاته كما فاته ، إن كانت صلاة السفر أداها في الحضر مثلها ، وان كانت صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر كما فاتته » (٢). ونحوه غيره.

[٢] كما قواه في الجواهر ، وحكي عن المحقق الثاني وصاحب المعالم في حاشيته على الاثنى عشرية. وفي المدارك : احتماله مطلقاً أو إذا أوقعه فيها. ثمَّ احتمل تعين القصر لأنه فرض المسافر ، ثمَّ قال : « وهو أحوط وان كان الثاني لا يخلو من قوة ».

أقول : إن بني على كون التمام أحد عدلي الواجب التخييري ـ كما هو ظاهر جملة من النصوص ـ فلا ينبغي التأمل في جواز القضاء تماماً كجوازه قصراً. وان بني على كونه بدلا عن القصر لمصلحة اقتضت ذلك ـ نظير الابدال الاضطرارية التي اقتضاها الاضطرار كما قد يقتضيه (٣) ما في‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٦ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١.

(٣) لعل الوجه في التعبير المذكور هو احتمال صدور الرواية تقية. كما يقتضيه صدرها فلاحظ.

٦٦

إذا قضاها في تلك الأماكن [١] ، خصوصاً إذا لم يخرج [٢] عنها بعد وأراد القضاء.

______________________________________________________

صحيح ابن مهزيار : قد علمت ـ يرحمك الله ـ فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما ، فأنا أحب لك إذا دخلتهما أن لا تقصر وتكثر فيهما من الصلاة » (١) فاللازم تعين القضاء قصرا ، لأن موضوع وجوب القضاء فوات الواجب الأصلي لا البدلي ، والمفروض كونه القصر. وان أجمل الدليل كان المقام من الدوران بين التعيين والتخيير ، والمرجع فيه أصالة التعيين ، فيتعين القصر. اللهم الا أن يرجع الى استصحاب الاجتزاء بالتمام.

والذي يقتضيه التأمل في النصوص : أنها لو كانت ظاهرة في الوجوب التخييري ، فظاهرها مشروعية التمام في ظرف الإتيان به ، لا مشروعيته ـ بقول مطلق ـ كالقصر ، فمع عدم الإتيان به لا تشريع ولا فوات إلا للقصر. ومن هنا يشكل القضاء تماما.

[١] التفصيل في مشروعية التمام بين القضاء في تلك الأماكن وغيرها ، مبني على عموم دليل مشروعيته للأداء والقضاء ، نظير دليل الابدال الاضطرارية ولا فلو كان دليل مشروعيته مختصاً بالأداء ، فالتفصيل المذكور غير ظاهر ، سواء بني على ظهوره في الوجوب التخييري. أم على ظهوره في البدلية ، أم على الاجمال ، كما أشرنا إليه آنفا.

ومن ذلك يظهر لك ضعف التفصيل المذكور ، لقصور الأدلة عن شمول القضاء. اللهم إلا أن يستفاد من عموم التعليل في الصحيح المتقدم ، ولازمه حينئذ مشروعية التمام في القضاء فيها ، وان كان الفوت في غيرها من الموضع. لكن لا يظن الالتزام به من أحد.

[٢] لا يظهر الفرق بين الخروج وعدمه ـ في جريان الاستصحاب ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب صلاة المسافر حديث : ٤.

٦٧

( مسألة ١٢ ) : إذا فاتته الصلاة في السفر الذي يجب فيه الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام فالقضاء كذلك [١].

( مسألة ١٣ ) : إذا فاتت الصلاة وكان في أول الوقت حاضراً وفي آخر الوقت مسافرا أو بالعكس ، لا يبعد التخيير في القضاء بين القصر والتمام [٢] ، والأحوط اختيار ما كان واجبا في آخر الوقت ، وأحوط منه الجمع بين القصر والتمام.

______________________________________________________

ولا في غيره ، إلا في احتمال تعدد الموضوع المانع من جريان الاستصحاب على تقدير الخروج ، بخلاف تقدير عدم الخروج ، فإنه لا مجال لاحتمال تعدد الموضوع. لكنه لا يهم ، لضعف الاحتمال المذكور. فلاحظ.

[١] لأن المناط الموجب للاحتياط ـ وهو العلم الإجمالي بالتكليف ـ حاصل في القضاء بنحو حصوله في الأداء.

[٢] يأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ الخلاف في كيفية الأداء ، فقيل : بوجوب القصر ، وقيل : بالتمام ، وقيل : بالتخيير ، وقيل : بالتفصيل : بين سعة الوقت للتمام فيجب ، وضيقه فيجب القصر. والكلام هنا مبني على القول الأول الراجع الى أن العبرة بحال الأداء. والذي اختاره في الشرائع ـ ونسب الى المشهور ، خصوصاً بين المتأخرين ، واختاره في الجواهر ـ أن العبرة في القضاء بحال الفوت ، لأن الواجب حاله هو الفائت ، لا الأول الذي قد ارتفع وجوبه في الوقت برخصة الشارع له في التأخير. وعن الشهيد ـ ونسبه في الجواهر الى ظاهرهم ـ : أن التمام إذا تعين في وقت من أوقات الأداء كان هو المراعى في القضاء وان كان المخاطب به حال الفوت القصر. وفيه : أنه غير ظاهر. وكون الأصل التمام لا يجدي في إثبات ذلك ، لاختصاصه بالأداء ، وقد وجب الخروج عنه بما دل على وجوب القصر على المسافر.

٦٨

______________________________________________________

وأما ما في الجواهر من التعليل المتقدم ، فأشكل عليه : بأن آخر الوقت زمان صدق الفوت ، لكنه لا يلازم كون الواجب حينئذ هو الفائت كيف! والواجب الموسع بعد ما كان له أفراد تدريجية نسبته الى كل واحد منها عين نسبته إلى الأخر. فتطبيقه بلحاظ الفوت على واحد منها بعينه ترجيح بلا مرجح ، فلا بد أن يكون فوته بلحاظ فوت جميع أفراده. فإذا كانت أفراده بعضها تمام وبعضها قصر ، يكون فوته بفوت جميعها ، لا بفوت القصر بعينه ، ولا بفوت التمام بعينه.

وأشكل منه : ما عن الإسكافي ، والحلي في السرائر ـ حاكيا له عن رسالة ابن بابويه ، ومصباح المرتضى ، وبعض كتب المفيد ، والمبسوط ، قائلا : أنه الموافق للأدلة والإجماع أصحابنا : ـ من أن العبرة في القضاء بحال الوجوب ، لأن الفائت هو ما خوطب به في الحال الأولى ، لأنه لو صلاها حينئذ لصلاها كذلك ، فيجب أن يقضي كما فاته. إذ هو كما ترى غير ظاهر الموافقة للأدلة. والإجماع الذي ادعاه ممنوع جداً ، لشهرة الخلاف.

نعم في خبر زرارة عن أبي جعفر (ع) : « عن رجل دخل وقت الصلاة وهو في السفر ، فأخر الصلاة حتى قدم ـ وهو يريد يصليها إذا قدم إلى أهله ـ فنسي حين قدم إلى أهله أن يصليها حتى ذهب وقتها. قال (ع) : يصليها ركعتين ـ صلاة المسافر ـ لأن الوقت دخل وهو مسافر كان ينبغي أن يصلي عند ذلك » (١). لكن الرواية ـ مع أن سندها لا يخلو من خدش ـ أشبه بالروايات الدالة على أن العبرة في الأداء بحال الوجوب ، فيشكل ـ لذلك ـ العمل بها ، لمعارضتها لغيرها (٢) مما يجب تقديمه عليها‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٦ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١ ، ٢ ، ٤ ، ٥.

٦٩

( مسألة ١٤ ) : يستحب قضاء النوافل [١] الرواتب‌

______________________________________________________

والتحقيق أن ما ذكره المشهور هو المتعين. ( أولا ) : من جهة أنه ـ بناء على تعدد المطلوب في الأداء ـ تكون صلاة القصر بعد خروج الوقت مشتملة على المصلحة التي اقتضت الأمر بها تعيينا في وقت بعينها ، فتكون واجبة تعيينا. ولا مجال لاجزاء صلاة التمام أو وجوبها. ( وثانيا ) : أن الظاهر من قوله : « افعل الفائت » : افعله على الكيفية التي كان عليها حين الاتصاف بالفوت. وكون الواجب موسعا منطبقا على الافراد التدريجية الزمانية ـ التي كان بعضها السابق التمام ـ لا يجدي في إجزاء التمام ، لأن وصفي التمام والقصر ـ بعد ما كانا داخلين في موضوع الوجوب ، وقد فهم من دليل القضاء وجوب مطابقته للأداء فيهما ـ فمع زوال أحدهما بطروء الأخر يكون الظاهر من إطلاق الدليل وجوب الوصف الذي كان عليه حين الفوت الذي أخذ عنوانا للمقضي.

مع أنه ـ لو سلم عدم ظهور الدليل في ذلك ـ يكون الواجب الجمع بين القصر والتمام ، للشك في المكلف به. ولا وجه للتخيير ، لأنه يتوقف على ثبوت الوجوب التخييري بين القصر والتمام في الأداء. أو وجوب الجامع بينهما فيه. وكلاهما معلوم الانتفاء. ولو فرض صدق الفوت على كل منهما ، كان اللازم وجوبهما معا.

[١] إجماعا كما عن جماعة. ويشهد له كثير من النصوص ، منها : صحيح ابن سنان : « سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : إن العبد يقوم فيقضي النافلة ، فيعجب الرب ملائكته منه فيقول : ملائكتي عبدي يقضي ما لم افترضه عليه » (١). وصحيحه الآخر عنه (ع) : « قلت له : أخبرني عن رجل عليه من صلاة النوافل ما لا يدري ما هو ـ من كثرتها ـ كيف

__________________

(١) الوسائل باب : ١٨ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث : ١.

٧٠

استحباباً مؤكداً ، بل لا يبعد استحباب [١] قضاء غير الرواتب من النوافل المؤقتة ، دون غيرها.

والأولى قضاء غير الرواتب من المؤقتات بعنوان احتمال المطلوبية. ولا يتأكد قضاء ما فات حال المرض [٢].

______________________________________________________

يصنع؟ قال (ع) : فليصل حتى لا يدري كم صلى من كثرتها ، فيكون قد قضى بقدر علمه من ذلك. قلت له : فإنه لا يقدر على القضاء. فقال عليه‌السلام : إن كان شغله في طلب معيشة لا بد منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شي‌ء عليه. وان كان شغله لجمع الدنيا والتشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء ، وإلا لقي الله وهو مستخف متهاون مضيع لسنة ( لحرمة خ ل ) رسول الله (ص). قلت : فإنه لا يقدر على القضاء فهل يجزئ أن يتصدق؟ فسكت مليا. ثمَّ قال : فليتصدق بصدقة. قلت : فما يتصدق؟ قال (ع) بقدر طوله ، وأدنى ذلك : مد لكل مسكين مكان كل صلاة. قلت : وكم الصلاة التي يجب فيها مد لكل مسكين؟ قال (ع) : لكل ركعتين من صلاة الليل مد ، ولكل ركعتين من صلاة النهار مد. فقلت : لا يقدر. فقال : مد ـ إذاً ـ لكل أربع ركعتين من صلاة النهار ، ومد لكل أربع ركعات من صلاة الليل. قلت : لا يقدر. قال : فمد ـ إذاً ـ لصلاة الليل ، ومد لصلاة النهار. والصلاة أفضل. والصلاة أفضل. والصلاة أفضل » (١).

[١] كما قد يستفاد من الصحيح الأول ونحوه. ودعوى الانصراف الى الرواتب ـ كما ترى ـ ممنوعة. مع أن الاستصحاب كاف في إثبات الاستحباب.

[٢] ففي صحيح مرازم انه قال : « إني مرضت أربعة أشهر لم أتنفل فيها ، فقلت لأبي عبد الله (ع) ، فقال (ع) : ليس عليك قضاء ، إن‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث : ٢.

٧١

ومن عجز عن قضاء الرواتب استحب له الصدقة [١] عن كل ركعتين بمد ، وان لم يتمكن فعن كل أربع ركعات بمد وإن لم يتمكن فمد الصلاة الليل ومد لصلاة النهار ، وان لم يتمكن فلا يبعد مد لكل يوم وليلة [٢]. ولا فرق في قضاء النوافل ـ أيضاً ـ بين الأوقات [٣].

( مسألة ١٥ ) : لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت من غير اليومية لا بالنسبة إليها [٤] ، ولا بعضها مع البعض [٥] الأخر. فلو كان عليه قضاء الايات وقضاء اليومية يجوز تقديم‌

______________________________________________________

المريض ليس كالصحيح ، كل ما غلب الله عليه فإنه أولى بالعذر » (١) المحمول على نفي التأكد ، جمعا بينه وبين ما دل من النصوص على استحباب القضاء للمريض وأنه خير يفعله (٢).

[١] المراتب الثلاث الأول مذكورة في صحيح ابن سنان المتقدم.

[٢] هذا ذكره الأصحاب ـ كما في الحدائق ـ مرتبة ثانية بعد الاولى واقتصروا عليهما. ومن البعيد جدا : أن لا يكون به رواية. والجمع بينها وبين ما سبق : جعلها مرتبة رابعة ، كما في المتن.

[٣] للنصوص الصريحة بذلك.

[٤] فيجوز قضاء اليومية المتأخرة فواتا قبل قضاء غيرها السابق فواتا على المشهور ، بل لم يعرف القول بخلافه إلا من بعض مشايخ الوزير العلقمي ـ ره. وليس له دليل ظاهر ، عدا النبوي المشهور : « من فاتته فريضة فليقضها إذا ذكرها فذلك وقتها ». وفي دلالته منع ، والأصل البراءة.

[٥] إجماعا محكيا عن المهذب البارع وغيره. نعم حكي اعتبار الترتيب‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٠ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٢٠ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث : ١.

٧٢

أيهما شاء تقدم في الفوات أو تأخر. وكذا لو كان عليه كسوف وخسوف [١] يجوز تقديم كل منهما ، وإن تأخر في الفوات.

( مسألة ١٦ ) : يجب الترتيب في الفوائت اليومية [٢] ،

______________________________________________________

هنا عن بعض مشايخ الوزير أيضا. وعن التذكرة : احتماله. وعن الذكرى : نفي الباس عنه ، للنبوي المتقدم أيضا. وفيه : ما عرفت.

[١] هذا بناء على اختلاف الحقيقة بين الصلاتين ، وإلا فلا يصلح مثالا لما نحن فيه.

[٢] على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعاً ، بل عن الخلاف والمعتبر والتذكرة والتنقيح والذكرى وغيرها : الإجماع عليه. ويشهد له الصحيح لزرارة عن أبي جعفر (ع) : « إذا نسيت صلاة. أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات ، فابدأ بأولاهن فأذن لها وأقم ثمَّ صلها ، ثمَّ صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة .. ( الى أن قال ) : وان كانت المغرب والعشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة ، ابدأ بالمغرب ثمَّ العشاء » (١) ‌وما في المعتبر عن جميل عن أبي عبد الله (ع) « قلت تفوت الرجل الاولى والعصر والمغرب ويذكر عند العشاء. قال (ع) : يبدأ بالوقت الذي هو فيه ، فإنه لا يأمن من الموت ، فيكون قد ترك الفريضة في وقت قد دخل ، ثمَّ يقضي ما فاته الأول فالأول » (٢). وصحيح ابن سنان عنه (ع) ـ فيمن نام أو نسي أن يصلي المغرب والعشاء الآخرة ـ قال (ع) : « وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثمَّ المغرب ثمَّ العشاء الآخرة » (٣). ونحوه صحيح ابن مسكان (٤) وموثق‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦٣ من أبواب أعداد المواقيت حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب أعداد المواقيت حديث : ٦.

(٣) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب أعداد المواقيت ملحق حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب المواقيت حديث : ٤.

٧٣

______________________________________________________

أبي بصير (١).

لكن صحيح ابني سنان ومسكان والموثق موردها الفوائت المترتبة في الأداء. فالتعدي إلى غيرها يتوقف على عدم الفصل. ولا يبعد ذلك ـ أيضاً ـ في خبر جميل ، فان مقتضى التعليل فيه بقوله (ع) : « فإنه لا يأمن من الموت » ، بضميمة ما يظهر من قول السائل : « عند العشاء » من كون الوقت يسع فعل المغرب ، وجوب حمل قوله (ع) : « يبدأ بالوقت » على إرادة البدأة بالمغرب ، ويكون المراد مما فاته في قوله (ع) : « يقضي ما فاته » الاولى والعصر ـ يعني : الظهرين. بل هو صريح في ذلك ، بناء على ما يحضرني من نسخة الوسائل : « ويذكر بعد العشاء » (٢) بدل : « ويذكر عند العشاء ».

وأما الصحيح الأول فيمكن المناقشة في دلالته : بعدم القرينة على كون المراد من أولاهن أولاهن فوتا ، بل من الجائز أن يكون المراد أولاهن في القضاء. كما ورد في خبر ابن مسلم : عن رجل صلى الصلوات ـ وهو جنب ـ اليوم واليومين والثلاثة ، ثمَّ ذكر بعد ذلك. قال (ع) : يتطهر ويؤذن ويقيم في أولاهن ثمَّ يصلي ، ويقيم ـ بعد ذلك ـ في كل صلاة » (٣) ويشير الى ذلك : عدم تعرضه للترتيب بين ما عدا الاولى من الصلوات ، وإدخال الفاء على قوله (ع) « فأذن .. » ، إذ لو كان المراد بالأولى الفائتة كان المناسب « الواو » لا « الفاء » الظاهرة في التفسير. مضافاً الى أن الحكم المذكور من أحكام الاولى من كل ورد من القضاء.

__________________

(١) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب الصلاة المواقيت حديث : ٣.

(٢) هكذا جاءت الرواية في طبعه الوسائل الحديثة في إيران. ولكن هذه الفقرة ساقطة من الرواية في الوسائل طبعة : ( عين الدولة ). واما المعتبر فقد ذكر فيه : « عند » بدل : ( بعد ) لاحظ المصدر : صفحة ٢٣٦.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٣.

٧٤

بمعنى : قضاء السابق في الفوات على اللاحق. وهكذا. ولو جهل الترتيب وجب التكرار [١] ، إلا أن يكون مستلزما للمشقة التي لا تتحمل من جهة كثرتها ، فلو فاتته ظهر ومغرب ولم يعرف السابق صلى ظهرا بين مغربين أو مغربا بين ظهرين وكذا لو فاتته صبح وظهر أو مغرب وعشاء من يومين ، أو صبح وعشاء أو صبح ومغرب ونحوها ، مما يكونان مختلفين في عدد الركعات. وأما إذا فاتته ظهر وعشاء ، أو عصر وعشاء ، أو ظهر وعصر من يومين ـ مما يكونان متحدين في‌

______________________________________________________

وبالجملة : لا يبعد أن يكون المراد من البدأة بالأولى ـ في الصحيح الشريف ـ : أن يبدأ بالأذان والإقامة لأولاهن ثمَّ يصليها ثمَّ يصلي الباقي بالإقامة وحدها. ولأجل ذلك يشكل إثبات الترتيب بالنصوص. والانصاف أن إهمال التعرض في النصوص ـ لكيفية قضاء الفوائت مع الجهل بترتيبها ـ مع كثرة الابتلاء به وكثرة صورة ـ كما يظهر من ملاحظة الصور المذكورة في المتن ـ دليل قطعي على عدم اعتباره.

[١] كما نسب إلى جماعة. والعمدة فيه : إطلاق الصحيح الأول ، إذ ما عداه مورده صورة العلم ، فلا يمكن الاستدلال به في حال الجهل. وعن جماعة : العدم ، بل نسب إلى الأكثر للأصل. واستلزام التكليف المحال أو الحرج ، كما عن الذكرى. لكن الأصل لا مجال له مع الدليل. والتكليف بالمحال ممنوع ، لعدم اعتبار الجزم بالنية. وكذا لزوم الحرج من التكرار في غالب الموارد. والسقوط في بعضها ـ لأدلة نفي الحرج (١) ـ لا يقتضي السقوط في غيره. وعدم القول بالفصل غير‌

__________________

(١) تقدم التعرض لها في ج : ١ من هذا الشرح صفحة ١٨١.

٧٥

عدد الركعات ـ فيكفي الإتيان بصلاتين بنية الاولى في الفوات. [١] والثانية فيه. وكذا لو كانت أكثر من صلاتين ، فيأتي بعدد الفائتة بنية الأولى فالأولى.

( مسألة ١٧ ) : لو فاتته الصلوات الخمس غير مرتبة ولم يعلم السابق من اللاحق يحصل العلم بالترتيب : بأن يصلي خمسة أيام [٢]. ولو زادت فريضة أخرى يصلي ستة أيام.وهكذا كلما زادت فريضة زاد يوما.

( مسألة ١٨ ) : لو فاتته صلوات معلومة سفراً وحضراً [٣]

______________________________________________________

ثابت ، بل ممنوع ، ومثله : دعوى انصراف الصحيح إلى صورة العلم ، إذ ليس حاله إلا حال سائر أدلة الأحكام ، فالفرق بين المقام وغيره غير ظاهر.

[١] لكفاية القصد الإجمالي في حصول العبادية. نعم يشكل ذلك لو اختلفت الفائتتان في الجهر والإخفات ـ كما لو فاتته ظهر وعشاء ـ لعدم العلم بالموافقة بدون التكرار. إلا أن يستفاد سقوطهما من النص الآتي في الفائتة المرددة : لأن الفائتة الاولى ـ بوصف كونها أولى ـ مرددة كالفائتة الثانية. لكنه لا يخلو من تأمل.

[٢] لأن الفائتة الاولى مرددة بين الفرائض الخمس اليومية ، فيجب عليه الجمع بينها احتياطاً ، وهكذا الحال في الثانية وما بعدها. نعم بناءً على جواز التعدي عن النص الاتي في الفائتة المرددة ذاتاً إلى صورة التردد ـ من حيث أنها أولى أو ثانية ـ يكتفى عن كل يوم بثنائية وثلاثية ورباعية مرددة بين الظهرين والعشاء.

[٣] بأن علم فوات بعضها في السفر وبعضها في الحضر.

٧٦

ولم يعلم الترتيب صلى بعددها من الأيام ، لكن يكرر [١] الرباعيات من كل يوم بالقصر والتمام.

( مسألة ١٩ ) : إذا علم أن عليه صلاة واحدة لكن لا يعلم أنها ظهر أو عصر يكفيه إتيان أربع ركعات بقصد ما في الذمة.

( مسألة ٢٠ ) : لو تيقن فوت إحدى الصلاتين ـ من الظهر أو العصر لا على التعيين ، واحتمل فوت كلتيهما ـ بمعنى أن يكون المتيقن إحداهما لا على التعيين ، ولكن يحتمل فوتهما معا ـ فالأحوط الإتيان بالصلاتين ، ولا يكفي الاقتصار على واحدة بقصد ما في الذمة ، لأن المفروض احتمال تعدده [٢] ، إلا أن ينوي ما اشتغلت به ذمته أولاً ، فإنه ـ على هذا التقدير ـ يتيقن إتيان واحدة صحيحة [٣] ، والمفروض أنه القدر المعلوم اللازم إتيانه [٤].

( مسألة ٢١ ) : لو علم أن عليه إحدى الصلوات الخمس يكفيه صبح ومغرب وأربع ركعات [٥] ـ بقصد ما في‌

______________________________________________________

[١] بناء على ما سبق لا حاجة الى التكرار ، بل يكتفي عن يوم الحضر بثنائية وثلاثية ورباعية مرددة بين الثلاث ، وعن يوم السفر بثلاثية وثنائية مرددة بين الأربع ، كما سيأتي.

[٢] يعني : ومع التعدد لا بد من التعيين.

[٣] لحصول التعيين الإجمالي بذلك.

[٤] إذ الزائد عليه لا يجب إتيانه ، لقاعدة الشك بعد خروج الوقت.

[٥] على المشهور. بل عن الخلاف والسرائر وغيرهما : الإجماع‌

٧٧

الذمة ـ مرددة بين الظهر والعصر والعشاء مخيراً فيها بين الجهر والإخفات. وإذا كان مسافراً يكفيه مغرب وركعتان مرددة بين الأربع [١]. وان لم يعلم أنه كان مسافراً أو حاضرا‌

______________________________________________________

عليه. لمرسل علي بن أسباط عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) : « من نسي من صلاة يومه واحدة ولم يدر أي صلاة هي ، صلى ركعتين وثلاثا وأربعاً » (١). ومرفوع الحسين بن سعيد : « سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل نسي صلاة من الصلوات لا يدرى أيتها هي : قال (ع) : يصلي ثلاثة وأربعة وركعتين ، فان كانت الظهر أو العصر أو العشاء فقد صلى أربعا ، وان كانت المغرب أو الغداة فقد صلى » (٢).

وعن جماعة ـ منهم ابنا زهرة وحمزة ـ : وجوب فعل الخمس ، وكأنه لعدم صحة الخبرين ، مع بنائهم على وجوب التعيين التفصيلي. لكن لا دليل عليه ، بل يكفي التعيين الإجمالي. بل التردد في العنوان مع الجزم بالوجه أولى بالصحة من الجزم بالعنوان مع التردد في الوجه. ولذا بنى المشهور على اعتبار الجزم بالنية ولم يبنوا على اعتبار الجزم بالعنوان.

نعم مقتضى إطلاق دليل وجوب الجهر والإخفات وجوب التكرار : بفعل رباعية جهرية ، ورباعية إخفاتية مرددة بين الظهرين ، فيكفي في الاحتياط فعل أربع فرائض. لكن يجب الخروج عنه بالخبرين ، المنجبر ضعفهما بالعمل ، فيكونان مقيدين له. ويحتمل أن يكون مفادهما الاكتفاء. بأحد محتملات المعلوم بالإجمال من باب جعل البدل. لكن الظاهر الأول ، ويترتب عليه الصحة واقعا ولو انكشف الخلاف.

[١] كما هو المعروف ، بل عن الروض : الإجماع عليه. وكأن وجهه‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٢.

٧٨

يأتي بركعتين مرددتين بين الأربع ، وأربع ركعات مرددة بين الثلاث ومغرب.

( مسألة ٢٢ ) : إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس مرددتين في الخمس من يوم وجب عليه الإتيان بأربع صلوات فيأتي بصبح إن كان أول يومه الصبح ، ثمَّ أربع ركعات مرددة بين الظهر والعصر ، ثمَّ مغرب ، ثمَّ أربع ركعات مرددة بين العصر والعشاء.

وأن كان أول يومه الظهر ، أتى بأربع ركعات مرددة بين الظهر والعصر والعشاء [١] ، ثمَّ بالمغرب ، ثمَّ بأربع ركعات مرددة بين العصر والعشاء [٢] ، ثمَّ بركعتين للصبح. وان كان مسافراً يكفيه ثلاث صلوات ركعتان مرددتان بين الصبح والظهر والعصر [٣] ، ومغرب ، ثمَّ ركعتان مرددتان بين الظهر والعصر والعشاء [٤] ، إن كان أول يومه الصبح.

______________________________________________________

التعدي عن مورد الخبرين بإلغاء خصوصيته ، ولو بملاحظة ذيل المرفوع الذي هو كالتعليل.

[١] لا حاجة الى ملاحظة العشاء في هذه الرباعية ، لإغناء ملاحظة العشاء في الرباعية المأتي بها بعد المغرب.

[٢] ولا وجه لملاحظة الظهر معهما ، لأنه ـ على تقدير فوتها ـ كان قضاؤها بالرباعية الأولى.

[٣] لاحتمال كون الفائتة الأولى كل واحدة من الثلاث.

[٤] لاحتمال كون الفائتة الثانية كل واحدة من الثلاث. ولا وجه لملاحظة الصبح معها ، لأنها ـ على تقدير فوتها ـ يكون قضاؤها بالثانية‌

٧٩

وان كان أول يومه الظهر يكون الركعتان الأوليان مرددة بين الظهر والعصر والعشاء والأخيرتان مرددتان بين العصر والعشاء والصبح. وان لم يعلم أنه كان مسافراً أو حاضراً أتى بخمس صلوات ، فيأتي ـ في الفرض الأول ـ بركعتين مرددتين بين الصبح والظهر والعصر ، ثمَّ اربع ركعات مرددة بين الظهر والعصر ، ثمَّ المغرب ، ثمَّ ركعتين مرددتين بين الظهر والعصر والعشاء ، ثمَّ أربع ركعات مرددة بين العصر والعشاء. وان كان أول يومه الظهر ، فيأتي بركعتين مرددتين بين الظهر والعصر [١] ، واربع ركعات مرددة بين الظهر والعصر والعشاء ، ثمَّ المغرب ، ثمَّ ركعتين مرددتين بين العصر والعشاء والصبح ، ثمَّ أربع ركعات مرددة بين العصر والعشاء.

( مسألة ٢٣ ) : إذا علم أن عليه ثلاثا من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس [٢] ـ على الترتيب ـ وان كان في‌

______________________________________________________

الأولى. ومن ذلك تعرف الوجه فيما ذكره بعد ذلك.

[١] كان اللازم ملاحظة العشاء معهما ، إذ يمكن أن تكون الفائتتان العشاء والصبح ، وعلى ما في المتن لا تصح منه إلا العشاء ، كما أنك عرفت ـ فيما سبق ـ أنه لا حاجة الى ملاحظة العشاء في الرباعية الأولى ، لإغناء ملاحظتها في الرباعية الثانية.

[٢] لأنه ـ كما يحتمل أن تكون مختلفة في العدد ، بأن تكون ثنائية وثلاثية ورباعية ـ يحتمل أن تكون متفقة فيه ، بأن تكون كلها رباعية ، فلا بد من تثليث الرباعية ـ مضافاً الى الثنائية والثلاثية ـ ليحرز الإتيان بثلاث متفقات وثلاث مختلفات.

٨٠