مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

( مسألة ١٣ ) : إذا شك في فعل من أفعاله ، فإن كان في محله أتى به [١] ، وإن تجاوز لم يلتفت [٢].

( مسألة ١٤ ) : إذا شك في أنه سجد سجدتين أو

______________________________________________________

ومقتضى أصالة بقاء النسيان نفي الجزئية ، فهي حاكمة على القاعدة. اللهم إلا أن يقال : ذلك جار بعينه في الشك في الإتيان بالجزء في محله الشكي ، لأن جزئيته قبل الدخول فيما بعده أيضا مشروطة بعدم النسيان ، فلو بني على اختصاص قاعدة الفراغ بالشك في الجزء الثابتة جزئيته حتى بلحاظ النسيان لم تجر في الشك في الإتيان بالجزء في محله الشكي ، إذا كان ناسيا له قبل ذلك واحتمل طروء الالتفات إليه في المحل. وهو بعيد ، ولا سيما بعد البناء على جريان القاعدة مع احتمال وجود الجزء من باب الاتفاق ، وإن علم عدم الالتفات إليه ـ كما هو الظاهر ـ كما تقدم في محله.

فالأولى أن يقال : تختص القاعدة في الشك في وجود الخلل ، لا في الشك في تداركه. نعم لو علم أنه ذكر قبل الدخول في الركن وشك في أنه تدارك الجزء المنسي كان إجراء القاعدة حينئذ في محله ، لأنه بالذكر يحكم بزيادة ما جاء به من الأجزاء في غير محله ، ويشك في وجود خلل آخر من أجل ترك الجزء المنسي وما بعده. وإذ أن الشك حينئذ في أصل وجود الخلل كان المرجع فيه القاعدة. هذا مع أنه في الفرض يعلم بأحد الأمرين : من الزيادة والنقيصة ، لأنه إن ذكر وتدارك كان ما أتى به قبل الذكر زيادة ، وإن لم يذكر فقد نقص ، فهو يعلم إجمالا بوجود الخلل ، ووجوب سجود السهو على كل حال.

[١] لقاعدة الاشتغال. نعم مقتضى بعض محتملات : « لا سهو في سهو » هو العدم.

[٢] لقاعدة التجاوز.

٥٦١

واحدة بنى على الأقل [١]. إلا إذا دخل في التشهد. وكذا إذا شك في أنه سجد سجدتين أو ثلاث سجدات. وأما إن علم بأنه زاد سجدة وجب عليه الإعادة [٢] ، كما أنه إذا علم أنه نقض واحدة أعاد [٣]. ولو نسي ذكر السجود وتذكر بعد الرفع لا يبعد عدم وجوب الإعادة ، وإن كان أحوط.

فصل في الشكوك التي لا اعتبار بها

وهي في مواضع : الأول : الشك بعد تجاوز المحل. وقد مر تفصيله [٤].

______________________________________________________

[١] لأصالة عدم المشكوك ، أو قاعدة الاشتغال به. إلا أن يبني على بعض المحتملات في : « لا سهو في سهو » كما تقدم.

[٢] قد عرفت : عدم الدليل على قدح الزيادة فيها ، فأصالة البراءة من مانعيتها محكمة.

[٣] يعني : من رأس ، لأجل الزيادة. لكن عرفت الإشكال في قدحها ، فالواجب الإعادة ، على نحو يحصل الترتيب بين أجزائها لا غير. نعم على بعض محتملات : « لا سهو في سهو » يتم عدم لزوم ذلك أيضا كما يتم ما ذكره بقوله : « لا يبعد عدم وجوب الإعادة ». لكن حيث عرفت ضعفه ، فاللازم إعادة السجدة لا غير.

فصل في الشكوك التي لا اعتبار بها‌

[٤] يعني : في المسألة العاشرة من فصل الشك.

٥٦٢

الثاني : الشك بعد الوقت ، سواء كان في الشروط ، أو الافعال ، أو الركعات ، أو في أصل الإتيان [١]. وقد مر الكلام فيه أيضا [٢].

الثالث : الشك بعد السلام الواجب [٣] وهو إحدى الصيغتين الأخيرتين ـ سواء كان في الشرائط ، أو الافعال ، أو الركعات في الرباعية أو غيرها ، بشرط أن يكون أحد طرفي الشك الصحة. فلو شك في أنه صلى ثلاثا أو أربعا أو خمسا بنى على أنه صلى أربعا. وأما لو شك بين الاثنتين والخمس والثلاث والخمس بطلت ، لأنها إما ناقصة [٤] ركعة أو زائدة. نعم لو شك‌

______________________________________________________

[١] عدم الاعتبار بالشك في الثلاثة الأول لقاعدة الفراغ ، وقاعدة التجاوز في بعضها وفي الأخير لقاعدة الشك بعد الوقت ، فان الظاهر قصور دليل هذه القاعدة عن شمول الشك في الأول. اللهم إلا أن يستفاد حكمه بالأولوية. أو يستفاد منه عموم الحكم لكل موقت إذا شك في وجوده سواء أكان جزءاً شرطا ، أم كلا ، أم مشروطاً.

[٢] يعني : في مسائل حكم الشك.

[٣] لكونه من الشك بعد الفراغ.

[٤] قد عرفت في المسألة السادسة عشرة من مسائل فصل الشك : أن مجرد نقص الركعة لا يوجب البطلان ، بل لا ريب في الصحة لو ضم إليه محتمل النقص. نعم احتمال الزيادة يستلزم احتمال البطلان. وحينئذ فالحكم بالبطلان في الفرض يتوقف على رجوعه إلى الشك في الأثناء ـ للعلم بعدم وقوع التشهد والتسليم في محلهما ـ وعلى كون الشك المذكور مبطلا إذا كان في الأثناء ـ لعدم جريان أصالة عدم الزيادة ـ فلو لم تثبت المقدمة‌

٥٦٣

في المغرب بين الثلاث والخمس ـ أو في الصبح بين الاثنتين والخمس ـ يبني على الثلاث في الأولى ، والاثنتين في الثانية. ولو شك بعد السلام في الرباعية بين الاثنتين والثلاث ، بنى على الثلاث ولا يسقط عنه صلاة الاحتياط ، لأنه يعد في الأثناء ، حيث أن السلام وقع في غير محله ، فلا يتوهم : أنه يبني على الثلاث ويأتي بالرابعة ـ من غير أن يأتي بصلاة الاحتياط ـ لأنه مقتضى عدم الاعتبار بالشك بعد السلام [١].

الرابع : شك كثير الشك [٢]

______________________________________________________

الأولى أمكن نفي الزيادة بقاعدة الفراغ التي لا ريب في جريانها لنفي الزيادة ولا تعارض بقاعدة الفراغ في نفي النقيصة ، للعلم بعدم الإتيان بالرابعة في محلها ، إما لتركها بتا ، أو لفعلها في صلاة باطلة ، فلا يمكن إثبات وجودها بقاعدة الفراغ ، وحيث أنه لا موجب لبطلان الصلاة يجوز الاكتفاء بها ، بعد ضم ركعة رابعة. أما ثبوت المقدمة الثانية فقد عرفت الكلام فيه. وأما ثبوت المقدمة الأولى فلما ذكرنا. ودعوى : أن موضوع قاعدة الفراغ هو الفراغ البنائي ، وهو حاصل. مدفوعة : بالمنع ، لأن الظاهر من الفراغ البنائي ما هو حاصل حال الشك لو لا الشك ، وليس كذلك في المقام ، للعلم بكونه في الأثناء.

[١] بأن يكون المراد من الفراغ الفراغ البنائي آنا ما ، فتجري القاعدة لإثبات الثالثة المشكوكة ، ولا تجري بالنسبة إلى الرابعة ، للعلم بعدم فعلها ، فيجوز له أن يكتفي بضم ركعة واحدة. لكن عرفت : أن الظاهر من أدلة قاعدة الفراغ هو الفراغ البنائي حال الشك لو لا الشك ، وهو غير حاصل ، للعلم بالنقص.

[٢] بلا خلاف. وعن الغنية والمصابيح : دعوى الإجماع عليه ، بل‌

٥٦٤

وإن لم يصل إلى حد الوسواس [١] ، سواء كان في الركعات [٢] أو الأفعال [٣] ،

______________________________________________________

عن الثاني : أنه ضروري. ويشهد به جملة من النصوص : منها : مصحح زرارة وأبي بصير : « قلنا له : الرجل يشك كثيرا في صلاته حتى لا يدري كم صلى ولا ما بقي عليه. قال (ع) : يعيد. قلنا : فإنه يكثر عليه ذلك كلما أعاد الشك. قال (ع) : يمضي في شكه ، ثمَّ قال (ع) : لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ، فان الشيطان خبيث معتاد لما عود ، فليمض أحدكم في الوهم ولا يكثرن نقض الصلاة ، فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك. قال زرارة : ثمَّ قال : إنما يريد الخبيث أن يطاع ، فاذا عصي لم يعد إلى أحدكم » (١). وتأتي الإشارة إلى غيره. فانتظر.

[١] للإطلاق.

[٢] كما هو مورد المصحح. ويقتضيه صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) : « إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك ، فإنه يوشك أن يدعك ، إنما هو من الشيطان » (٢) ونحوه مرسل ابن سنان (٣) ومرسل الفقيه عن الرضا (ع) (٤) بناء على عموم السهو فيها للشك.

[٣] كما هو مورد موثق عمار عن أبي عبد الله (ع) : « في الرجل يكثر عليه الوهم في الصلاة فيشك في الركوع فلا يدري أركع أم لا؟ ويشك في السجود فلا يدري أسجد أم لا؟ فقال (ع) : لا يسجد ، ولا يركع‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٦.

٥٦٥

أو الشرائط ، فيبني على وقوع [١] ما شك فيه وإن كان في محله. إلا إذا كان مفسدا فيبني على عدم وقوعه. فلو شك بين الثلاث والأربع يبني على الأربع. ولو شك بين الأربع والخمس يبني على الأربع أيضا [٢]. وإن شك أنه ركع أم لا يبني على أنه ركع. وإن شك أنه ركع ركوعين أم واحدا بنى على عدم الزيادة. ولو شك أنه صلى ركعة أو ركعتين بنى على الركعتين ولو شك في الصبح أنه صلى ركعتين أو ثلاثا يبني على أنه صلى ركعتين. وهكذا.

______________________________________________________

ويمضي في صلاته حتى يستيقن يقينا » (١). ويقتضيه ـ أيضا ـ إطلاق الصحيح المتقدم. كما يقتضي الحكم في الشروط أيضا ـ بناء على عموم السهو فيه لمطلق الشك حتى ما كان في الفعل ـ وإن كان محل تأمل ، كما عرفت.

[١] لما كان الشك مركباً من احتمالي الوجود والعدم ، ولا بد أن يكون أحدهما اقتضائياً دون الأخر ، كان معنى عدم الاعتناء بالشك عدم ترتيب مقتضى الاحتمال الاقتضائي ، فإذا شك في أنه ركع أم لا فالاحتمال الاقتضائي هو احتمال العدم ، وعدم ترتيب مقتضاه يلازم البناء على أنه ركع. وإذا شك في أنه ركع ركوعين أو ركوعا واحداً فالاحتمال الاقتضائي هو احتمال الوجود ، وعدم ترتيب مقتضاه يلازم البناء على أنه لم يركع.

[٢] هذا ظاهر لو كان في حال الجلوس مثلا. أما لو كان في حال القيام فقد يدعى : أن لازم عدم الاعتناء بالشك البناء على أن ما قام عنه رابعة ، فيهدم القيام ويسلم. وفيه : أنه يتم لو لم يكن قد شرع في الخامسة المحتملة ، وإلا فالاحتمال الاقتضائي للشك أن تكون ما بيده خامسة ، ولازم عدم الاعتناء به البناء على أنها رابعة.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٥.

٥٦٦

ولو كان كثرة شكه في فعل خاص يختص الحكم به [١] فلو شك اتفاقا في غير ذلك الفعل يعمل عمل الشك. وكذا لو كان كثير الشك بين الواحد والاثنتين لم يلتفت في هذا الشك ويبني على الاثنتين. وإذا اتفق أنه شك بين الاثنتين والثلاث ـ أو بين الثلاث والأربع. وجب عليه عمل الشك : من البناء والإتيان بصلاة الاحتياط. ولو كان كثير الشك بعد تجاوز المحل مما لا حكم له دون غيره ، فلو اتفق أنه شك في المحل وجب عليه الاعتناء. ولو كان كثرة شكه في صلاة خاصة ، أو الصلاة في مكان خاص ونحو ذلك اختص الحكم به ، ولا يتعدى إلى غيره.

( مسألة ١ ) : المرجع في كثرة الشك العرف [٢].

______________________________________________________

[١] كما في الجواهر وغيرها ، لأن المتبادر من النصوص عدم الحكم لما كان من الشك الكثير ، دون ما لم يكن منه ، خلافا لما عن المدارك والرياض بل تمكن نسبته إلى إطلاق الأصحاب من عموم الحكم للشك الاتفاقي في غير ذلك الفعل ، لإطلاق النصوص ، وكونه ليس من الكثير إنما يتم بلحاظ الخصوصية ، وإلا فبلحاظ نفس الشك هو منه. ولا قرينة على لحاظ الخصوصية لكن الإنصاف أن دعوى الانصراف قريبة ، فما في الجواهر وغيرها أقوى.

[٢] كما عن جماعة التصريح به ، كما هو القاعدة في الألفاظ التي تذكر في القضايا الشرعية ، حيث أنها تحمل على المعاني العرفية. إلا أن يرد تحديد شرعي ، فيكون هو المرجع. وليس ما يتوهم منه في المقام عدا صحيح محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة : أن الصادق (ع) قال : « إذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث فهو ممن كثر عليه السهو » (١) ولا دلالة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٧.

٥٦٧

ولا يبعد تحققه إذا شك في صلاة واحدة ثلاث مرات [١] ، أو في كل من الصلوات الثلاث مرة واحدة. ويعتبر في صدقها أن لا يكون ذلك من جهة عروض عارض : من خوف ، أو غضب ، أو هم ، أو نحو ذلك مما يوجب اغتشاش الحواس [٢].

______________________________________________________

فيه على التحديد ، إلا من جهة مفهوم الشرطية. لكن يتعين رفع اليد عن المفهوم ، بقرينة قوله (ع) في الجزاء : « فهو ممن .. » الذي هو كالصريح في وجود فرد آخر له ، فيتعين لأجله البناء على كون القضية مسوقة للمنطوق لا غير ، فيكون مفادها جعل فرد لكثير السهو. وأما الشرط فهو وإن كثرت فيه الاحتمالات ، إلا أن الأظهر أن يكون المراد أن يكون المصلي بحال لا يصلي ثلاث صلوات إلا وهو يسهو في واحدة منها ، فاذا سها في الظهر والعشاء من يوم ، وفي العصر من اليوم الثاني ، وفي الصبح من اليوم الثالث فهو من كثير السهو. وإذا سها في الظهر من اليوم الأول ، والظهر من اليوم الثاني لم يكن منه. نعم لو أريد بأفراد الثلاث الثلاث المتباينات بالذات كان منه ، لأن المفروض أنه سها في الثلاث الأول ، وفي الثلاث الثواني. لكن الظاهر ما ذكرنا ، وعليه فلا يعتبر أن يكون قد شك في كل ثلاث صلوات ، بل يكفي أن يكون بحال يوجب الشك كذلك ، فاذا شك أول شك ، وكان ناشئا عن تلك الحال كان ملغى حكمه عند الشارع ، إذ الظاهر من قوله (ع) : « يسهو .. » أنه من قبيل الملكة لا الفعل.

[١] لا يخلو من إشكال. وأشكل منه : جعله معنى للكثرة المذكورة في النص ، كما حكاه في الشرائع قولا. وكذا الحال فيما بعده ، فقد حكاه ـ أيضا ـ في الشرائع قولا آخر.

[٢] لأن مورد النصوص غير هذا الشك ، فإنه مما لا يكون من الشيطان ولا ترك الاعتناء به موجباً لزواله.

٥٦٨

( مسألة ٢ ) : لو شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك أم لا بنى على عدمه [١] ، كما أنه لو كان كثير الشك وشك في زوال هذه الحالة بني على بقائها.

( مسألة ٣ ) : إذا لم يلتفت إلى شكه ، وظهر بعد ذلك خلاف ما بنى عليه ، وأن ـ مع الشك في الفعل ـ الذي بنى على وقوعه لم يكن واقعا ، أو ان ما بنى على عدم وقوعه كان واقعا يعمل بمقتضى ما ظهر [٢] ، فان كان تاركا لركن بطلت صلاته [٣] ، وإن كان تاركا لغير ركن ـ مع فوت محل تداركه ـ وجب عليه القضاء فيما فيه القضاء ، وسجدتا السهو فيما فيه ذلك [٤] ، وإن بنى على عدم الزيادة فبان أنه زاد يعمل بمقتضاه من البطلان ، أو غيره : من سجود السهو.

( مسألة ٤ ) : لا يجوز له الاعتناء بشكه [٥] ، فلو شك‌

______________________________________________________

[١] لاستصحاب العدم. وكذا في الفرض الآتي.

[٢] إذ الظاهر من أدلة الباب كون الحكم بعدم الاعتناء بالشك من قبيل الحكم الظاهري. وقد تحقق في محله من الأصول : أن الحكم الظاهري لا يدل على الاجزاء ، فإذا انكشف مخالفته للواقع وجب ترتيب آثار فوات الواقع من أول الأمر ، فقد يجب الاستئناف ، وقد يجب تدارك الفائت ، وقد يجب قضاؤه ، إلى غير ذلك من أحكام الخلل.

[٣] يعني : مع فوات محل تداركه.

[٤] يعني : سجود السهو.

[٥] كما هو ظاهر الأصحاب ـ كما قيل ـ خلافا لما عن الأردبيلي : من جواز الاعتناء به ، كما يجوز ترك الاعتناء به. وعن الذكري : أنه‌

٥٦٩

في أنه ركع أولا لا يجوز أن يركع ، وإلا بطلت الصلاة [١]. نعم في الشك في القراءة أو الذكر إذا اعتنى بشكه وأتى بالمشكوك فيه بقصد القربة لا بأس به [٢] ، ما لم يكن إلى حد الوسواس.

( مسألة ٥ ) : إذا شك في أن كثرة شكه مختص بالمورد المعين الفلاني أو مطلقا اقتصر على ذلك المورد [٣].

______________________________________________________

احتمله ، لورود الأمر بالمضي في النصوص مورد توهم الحظر ، فلا يدل إلا على نفي الحظر. ولأنه مقتضى الجمع بين جوابي السؤال في مصحح زرارة وأبي بصير (١) فيحمل الأمر بالإعادة ـ في الأول ـ وبالمضي ـ في الثاني ـ على التخيير. وفيه : أن الظاهر من قولهما : « الرجل يشك كثيراً .. » هو كثرة المحتملات ، بقرينة قولهما : « حتى لا يدري كم صلى » لا أقل من احتمال ذلك فيه ، فيحمل عليه ، جمعا بينه وبين ما بعده. والأمر بالمضي وإن كان في مورد الحظر ، إلا أن ما اشتمل عليه النصوص من الخصوصيات مثل : « إنما هو من الشيطان » وقوله (ع) : « لا تعودوا الخبيث .. » ونحوهما آب عن حمل الأمر على الرخصة.

[١] للزيادة الظاهرية.

[٢] لجواز إتيان ذلك عمدا كذلك.

[٣] لعدم ثبوت الكثرة في غيره ، والأصل عدمها. نعم مع الجهل بالحالة السابقة ـ لتعاقب الحالتين مع الجهل بالمتقدم والمتأخر ـ يشكل الرجوع إلى أدلة أحكام الشك ، لكون الشبهة مصداقية ، والتحقيق سقوط العام فيها عن الحجية. كما لا ريب في عدم الرجوع الى حكم كثير الشك ، للشك في موضوعه فيتعين الرجوع الى القواعد. ويختلف مقتضاها باختلاف الموارد ، فلو شك‌

__________________

(١) تقدم ذكرهما في الرابع من الشكوك التي لا اعتبار بها.

٥٧٠

( مسألة ٦ ) : لا يجب على كثير الشك وغيره ضبط الصلاة بالحصى ، أو السبحة أو الخاتم ، أو نحو ذلك [١] ،

______________________________________________________

في القراءة وهو في المحل قرأ ، عملا بقاعدة الاشتغال. ولو شك في الركوع ركع ، عملا بها ، واحتمال الزيادة منفي بأصالة عدمها. ولو شك في الأوليين أعاد ، لقاعدة الاشتغال. ولو شك في الأخيرتين بنى على الأكثر ، للعلم بأن حكمه ذلك على كل من التقديرين ، وفي وجوب صلاة الاحتياط وعدمه وجهان ، مبنيان على انقلاب التكليف ـ فيرجع في المقام إلى أصل البراءة منها ـ وعدمه ، فيرجع الى قاعدة الاشتغال. ولو شك بين الأربع والخمس لم يجب عليه سجود السهو ، لأصالة البراءة. فلاحظ.

[١] بلا خلاف فيه يعرف. للأصل ، وإطلاق النصوص المتقدمة اللفظي والمقامي ، مع عدم دليل على الوجوب ، إذ لا دلالة في خبر الخثعمي : ـ « شكوت إلى أبي عبد الله (ع) كثرة السهو في الصلاة ، فقال (ع) : أحص صلاتك بالحصى ، أو قال : احفظها بالحصى » (١) ـ على الوجوب ، لظهور الأمر ـ بقرينة السؤال ـ في الإرشادي ، لا المولوي. لا أقل من احتمال ذلك ، بل لو فرض ظهوره في الوجوب المولوي فلا يبعد وجوب حمله على الإرشادي ، بقرينة خبر حبيب بن المعلى : « إني رجل كثير السهو فما أحفظ صلاتي إلا بخاتمي أحوله من مكان إلى مكان فقال (ع) : لا بأس به » (٢) وصحيح ابن المغيرة : « لا بأس أن يعد الرجل صلاته بخاتمه ، أو بحصى يأخذ بيده فيعد به » (٣) لظهور نفي البأس في نفي الوجوب. وأما الأمر بالادراج ، في موثق الحلبي ، قال :

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣.

٥٧١

وإن كان أحوط فيمن كثر شكه [١].

الخامس : الشك البدوي الزائل بعد التروي [٢] سواء تبدل باليقين بأحد الطرفين ، أو بالظن المعتبر ، أو بشك آخر.

السادس : شك كل من الامام والمأموم [٣] مع حفظ‌

______________________________________________________

« سألت أبا عبد الله (ع) عن السهو ، قلت : فإنه يكثر علي فقال (ع) : أدرج صلاتك إدراجا .. » (١) فمحمول على الاستحباب إذ الوجوب خلاف ظاهر الاخبار المتقدمة جدا. ويناسب الاستحباب التعبير بـ « ينبغي » في رواية عمران الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : أنه قال : « ينبغي تخفيف الصلاة من أجل السهو » (٢)

[١] خروجا عما يوهمه بعض ما تقدم.

[٢] قد عرفت : أن ظاهر أحكام الشك أنها منوطة به حدوثا وبقاء فاذا زال الشك وتبدل بالعلم ـ أو بالظن أو بشك آخر ـ زال حكمه ، وثبت حكم ما تبدل اليه. ومن هنا يظهر : أنه لا فرق في عدم الاعتناء بالشك الزائل بين البدوي وغيره. ولعل وجه تخصيص الأول بالذكر : كونه الغالب من أفراد الزائل.

[٣] بلا خلاف ـ كما عن المفاتيح والرياض ـ وقطع به الأصحاب ، كما عن المدارك والذخيرة. ويشهد به صحيح ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع) « عن الرجل يصلي خلف الامام لا يدري كم صلى هل عليه سهو؟ قال (ع) : لا » (٣) ، ومصحح حفص عن أبي عبد الله (ع) : « ليس على الإمام‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٢٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١.

٥٧٢

الأخر ، فإنه يرجع الشاك منهما إلى الحافظ ، لكن في خصوص الركعات ، لا في الأفعال [١] ، حتى في عدد السجدتين [٢] ولا يشترط في البناء على حفظ الأخر حصول الظن للشاك ،

______________________________________________________

سهو ، ولا على من خلف الامام سهو .. » (١) ، ومرسل يونس ـ الوارد في اختلاف المأمومين في عدد الركعات والامام مائل مع بعضهم أو معتدل الوهم ـ قال (ع) : « ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه باتفاق منهم ، وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام .. » (٢).

[١] لاختصاص الخبر الأول بالركعات. والأخير محمول عليه ، بقرينة سائر الفقرات. ولا سيما وكون السؤال فيه عن خصوص الشك في الركعات. فتأمل. نعم لا مانع من إطلاق المصحح ، لو لا دعوى : أن امتناع الأخذ بإطلاقه الاحوالي والأفرادي يناسب أن يكون واردا في مقام إثبات الحكم ـ في الجملة ـ لا مطلقا ، فيمتنع التمسك به في المقام. هذا مع قرب دعوى : كون المراد من السهو في هذه النصوص ـ التي هي بلسان واحد ومساق واحد ـ هو خصوص الشك في الركعات ، كما أشرنا إلى ذلك في مسألة : « لا سهو في سهو » فلا تعرض فيها لحكم الشك في الافعال. وكأنه لأجل ما ذكرنا تأمل في الجواهر في شمول الأدلة. ومنه يظهر : ضعف ما عن جماعة من التصريح بعدم الفرق بين الركعات والأفعال وعن المدارك : نسبته إلى الأصحاب.

[٢] لعدم الفرق بينهما وبين سائر الأفعال.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ملحق حديث : ٨.

٥٧٣

فيرجع وإن كان باقياً على شكه على الأقوى [١]. ولا فرق في المأموم بين كونه رجلا أو امرأة [٢] ، عادلا أو فاسقاً [٣] واحدا أو متعددا [٤]. والظان منهما أيضا [٥] يرجع إلى‌

______________________________________________________

[١] كما عن المشهور. ويقتضيه ـ مضافا إلى إطلاق الأدلة الذي لا وجه لرفع اليد عنه لمجرد غلبة حصول الظن ، فان الانصراف الناشئ من الغلبة لا يقدح في الإطلاق ـ ظهور الأدلة في الخصوصية لكل من الامام والمأموم ، ولو اعتبر حصول الظن لم يكن لهما خصوصية. ومنه يظهر : ضعف التأمل في جواز اعتماد أحدهما على الأخر ، إذا لم يحصل الظن ، كما عن المجمع للأردبيلي والمصابيح للوحيد.

[٢] كما عن المشهور ، لإطلاق المصحح والمرسل ، وإمكان التعدي عن مورد الصحيح لقاعدة الاشتراك. لكن القاعدة تفيد جواز رجوعها إلى الامام ، لا رجوع الإمام إليها. ومنه يظهر : ضعف الاشكال فيها مطلقاً ، كما عن بعض.

[٣] بلا خلاف ظاهر. وعن الدرة : نسبته إلى الأصحاب. ويقتضيه الإطلاق.

[٤] بلا خلاف ظاهر. ويقتضيه إطلاق مصحح حفص. لكن لو تمَّ وجب تقييده بالمرسل لظهوره في اختصاص جواز رجوع الإمام بالمأموم المتعدد. اللهم إلا أن يستفاد منه عرفا ـ كما هو الظاهر ـ مجرد كونه مأموماً. وأن فرض التعدد فيه إنما هو لكونه جوابا عن سؤال قد فرض فيه التعدد ، لا لتقييد جواز الرجوع به.

[٥] كما عن الميسية والمقاصد العلية والروض والروضة والمفاتيح. وكأنه لإطلاق النصوص المتقدمة ، ولا سيما مرسل يونس المفروض فيه ميل الامام مع بعض المأمومين. لكن عن مجمع البرهان والذخيرة وشرح المفاتيح : الاستشكال فيه ، لأن الظن حجة شرعا. وفيه : أن كونه حجة في المقام أول الكلام‌

٥٧٤

المتيقن ، والشاك لا يرجع إلى الظان [١] ، إذا لم يحصل له الظن.

______________________________________________________

لإطلاق أدلة الرجوع إلى الحافظ. وما بينها وبين أدلة الحجية وإن كان عموماً من وجه ، لكن الجمع العرفي يقتضي تقديمها ، لظهورها في أن المورد له خصوصية ، كما هو الحال في نظائر المقام ، اللهم إلا أن يمنع هذا الإطلاق لما عرفت من قرب دعوى : إرادة خصوص الشك من لفظ السهو ، بقرينة حرف الاستعلاء المناسب جدا للشك دون الظن ، مضافاً ـ في المرسل ـ إلى تأيد ذلك بأنه مقتضى بقية الفقرات. وفرض ميل الإمام إلى بعض المأمومين في السؤال لا أثر له فيما نحن فيه ، بعد كون الجواب ليس جوابا عن ذلك الفرض ، كما هو ظاهر بالتأمل في خصوصياته. ومضافا ـ في الصحيح ـ إلى أن دليل حجية الظن موجب لكونه ممن يدري ، لا ممن لا يدري ، بل ذلك أيضا جار في المصحح ونحوه ، فان دليل الحجية للظن أيضا موجب لنفي السهو ، فعمل الظان منهما بظنه ، وعدم تعويله على يقين صاحبه أوفق بالأدلة.

[١] لعدم الدليل عليه ، إذ الظاهر من الحفظ المذكور في المرسل هو ما يساوق العلم. ودعوى : أن دليل حجية الظن يقتضي قيامه مقام الحفظ غير ظاهرة ، لقصور مثل قوله : « وإن ذهب وهمك إلى الثلاث فابن عليه » (١) عن تنزيله منزلة العلم ، بلحاظ عمل غير الظان ، بل الظاهر في تنزيله منزلته في وجوب عمل الظان عليه لا غيره ، مضافا إلى أن الموجود ـ في الكافي والتهذيب عنه ـ رواية مرسل يونس هكذا : « ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه باتفاق منهم » (٢).

__________________

(١) تقدم ذلك في المسألة : ٦ من فصل الشك في الركعات. وما نقله هنا ـ دام ظله ـ من النقل بالمعنى. فراجع.

(٢) مر ذلك في أوائل المسألة. فراجع.

٥٧٥

( مسألة ٧ ) : إذا كان الامام شاكا والمأمومون مختلفون في الاعتقاد لم يرجع إليهم [١] ،

______________________________________________________

هذا ولكن يمكن أن يقال : إن الحفظ إنما ذكر في رجوع الإمام إلى المأموم. وأما رجوع المأموم إلى الامام فإنما ذكر فيه عدم سهو الإمام الذي قد عرفت ظهوره في عدم خصوص الشك. ومقتضاه أن دليل الحجية بالنسبة إلى الامام كاف في ترتيب الأثر بالنسبة إلى عمل المأموم ، لأن موضوع عمل المأموم الحجة عند الامام. وحينئذ لا يحتاج إلى إثبات تعرض دليل حجية الظن لعمل غير الظان ، كي يتأمل فيه بما سبق. وعليه فلا يبعد أن يكون المراد من الحفظ في رجوع الإمام إلى المأموم ذلك أيضا ـ أعني وجود الحجة عنده بلحاظ عمله ـ فلا مجال للإشكال المذكور. هذا ولو سلم أن موضوع عمل أحدهما ليس هو مطلق وجود الحجة عند الأخر بل خصوص حفظ الأخر فلا يبعد أن يدعى : أن المفهوم من الدليل عرفا هو عموم الأثر ، لمساعدة ارتكاز العقلاء على كون الظن من قبيل الطريق الحقيقي مطلقاً ، من دون اختصاص الحجية بجهة دون أخرى ، ويكون الأمر بالعمل إرشاديا إلى الحجية. ولذا لم يقع التشكيك في صلاحية الأمر بالعمل بالخبر ـ الذي اشتمل عليه كثير من أدلة حجيته ـ لا ثبات قيامه مقام العلم في الآثار المترتبة على نفسه ، كقيامه مقامه في الآثار المترتبة على مؤداه. والأخذ بـ ( الكافي والتهذيب ) وإن كان أولى عند معارضتهما بـ ( الفقيه ) ، لكن الأولى في المقام العكس ، لمناسبة ذيل المرسل لرواية الفقيه جداً ، دون رواية الكافي والتهذيب ، فرجوع الشاك إلى الظان لا يخلو عن قوة.

[١] لعدم الدليل. مضافا إلى التقييد بالاتفاق ـ كما في رواية الفقيه ـ وإلى ما في ذيل المرسل من قوله (ع) : « فاذا اختلف على الامام من خلفه فعليه وعليهم في الاحتياط الإعادة والأخذ بالجزم ». وعدم إمكان‌

٥٧٦

إلا إذا حصل له الظن من الرجوع إلى إحدى الفرقتين [١].

( مسألة ٨ ) : إذا كان الامام شاكا والمأمومون مختلفين بأن يكون بعضهم شاكا وبعضهم متيقنا رجع الإمام إلى المتيقن منهم [٢] ، ورجع الشاك منهم إلى الامام ، لكن الأحوط إعادتهم الصلاة ، إذا لم يحصل لهم الظن وإن حصل للإمام.

( مسألة ٩ ) : إذا كان كل من الامام والمأمومين شاكا فان كان شكهم متحداً ـ كما إذا شك الجميع بين الثلاث والأربع ـ عمل كل منهما عمل ذلك الشك. وإن اختلف شكه مع شكهم ، فان لم يكن بين الشكين قدر مشترك ـ كما إذا‌

______________________________________________________

الأخذ بظاهره لا ينافي الاستدلال به على المقام. مع أن المحكي عن بعض نسخ الفقيه : إخلاء لفظ « الأخذ » عن العاطف وإدخاله على لفظ « الإعادة » وحينئذ فلا مانع من الأخذ بظاهره.

[١] وحينئذ يكون الظن حجة ، لا قولهم.

[٢] على الأشهر الأظهر ، كما في الحدائق. واستشكله : بأن مقتضى المرسلة : المنع من الرجوع ، لتحقق الاختلاف. وحكى عن بعض مشايخه : دفعه ، بحمل المرسلة على صورة الاختلاف في اليقين ، فلا تشمل الفرض لكن لو تمَّ فلا تصلح دليلا على جوازه ـ بناء على رواية الفقيه ـ لعدم الاتفاق المأخوذ شرطاً في الجواز. اللهم إلا أن يكون المراد منه عدم الاختلاف على النحو المذكور ـ كما هو الظاهر ـ وإلا لامتنع غالبا الرجوع لعدم إحراز شرطه غالباً. ثمَّ لو تمَّ رجوع الإمام إلى البعض الحافظ ، فرجوع البعض الشاك إلى الامام حينئذ غير ظاهر ، إذ برجوع الإمام إلى حفظ بعض المأمومين لا يكون حافظا ، كي ينتفي سهو المأموم معه. اللهم إلا أن‌

٥٧٧

شك الامام بين الاثنتين والثلاث والمأمومون بين الأربع والخمس ـ يعمل كل منهما على شاكلته [١] ، وإن كان بينهما قدر مشترك ـ كما إذا شك أحدهما بين الاثنتين والثلاث والأخر بين الثلاث والأربع ـ يحتمل رجوعهما إلى ذلك القدر المشترك [٢] ، لأن كلا منهما ناف [٣] للطرف الأخر من شك الأخر ، لكن الأحوط إعادة الصلاة بعد إتمامها. وإذا اختلف شك الامام مع المأمومين ـ وكان المأمومون أيضا مختلفين في الشك ـ لكن كان بين شك الامام وبعض المأمومين قدر مشترك يحتمل رجوعهما إلى [٤] ذلك القدر المشترك ،

______________________________________________________

يستفاد منه طريقية الحفظ ، على نحو ما ذكرنا في رجوع الشاك الى الظان وعليه فالتفكيك بين المسألتين ـ كما في المتن ـ صعب جدا. فلاحظ.

[١] لعلم كل منهما بخطإ الأخر ، فلا مجال لرجوعه اليه.

[٢] وعن الميسية والروض والروضة والمسالك وغيرها : الجزم به. وعن المجلسي : إنه المشهور.

[٣] يعني : إن كلا منهما حافظ في مورد شك الأخر ، لأن الشاك بين الثلاث والأربع حافظ لوجود الثلاث شاك في وجود الأربع وعدمها ، والشاك بين الاثنتين والثلاث حافظ لعدم الرابعة وشاك في وجود الثالثة وعدمها فيرجع كل منهما في مورد شكه إلى حفظ الأخر. ودعوى : انصراف أدلة المقام عن مثل ذلك ممنوعة. ولا سيما بملاحظة الارتكاز العرفي ، فيكون المقام نظير ما لو كان الامام شاكا في الأفعال وحافظا للركعات والمأموم بالعكس ، فإنه لا ينبغي التأمل في رجوع كل منهما إلى الأخر ، بناء على رجوع الشاك في الأفعال إلى الأخر.

[٤] للوجه المتقدم.

٥٧٨

ثمَّ رجوع البعض الأخر الى الامام [١] ، لكن الأحوط ـ مع ذلك ـ إعادة الصلاة أيضا ، بل الأحوط في جميع صور أصل المسألة إعادة الصلاة [٢] ، إلا إذا حصل الظن من رجوع أحدهما إلى الأخر.

السابع : الشك في ركعات النافلة [٣] ، سواء كانت ركعة [٤] ـ كصلاة الوتر ـ أو ركعتين ـ كسائر النوافل ـ

______________________________________________________

[١] للوجه المتقدم في المسألة الثامنة ، فلو شك الامام بين الثلاث والأربع ، وبعض المأمومين بين الاثنتين والثلاث ، وبعضهم بين الاثنتين والثلاث والأربع بنى الجميع على الثلاث.

[٢] لشبهة القول باعتبار حصول الظن.

[٣] بلا إشكال ولا خلاف. ويدل عليه الصحيح الاتي ، بناء على ظهور السهو فيه في الشك ، أو ما يعمه.

[٤] لإطلاق النص والفتوى. وعن المفاتيح : الإجماع عليه. لكن في صحيح العلاء عن أبي عبد الله (ع) : « عن الرجل يشك في الفجر. قال (ع) : يعيد. قلت : المغرب ، قال : نعم ، والوتر والجمعة ، من غير أن أسأله » (١) وقريب منه خبره الآخر (٢) ونحوه حسن الحسين ابن أبي العلاء (٣) وفي حديث الأربعمائة : « لا يكون السهو في خمس في الوتر والجمعة .. » (٤) وحملها على الشك في أصل الوجود لا يناسب السياق. كما أن حملها على الاستحباب ـ كما في الوسائل ـ غير ظاهر. إلا‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٧.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١٥.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ملحق حديث : ٧.

(٤) الوسائل باب : ٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١٤.

٥٧٩

أو رباعية ـ كصلاة الأعرابي ـ فيتخير ـ عند الشك ـ بين البناء على الأقل أو الأكثر [١] إلا أن يكون الأكثر مفسداً فيبني على الأقل [٢] ، والأفضل البناء على الأقل مطلقاً [٣]. ولو‌

______________________________________________________

أن يكون من جهة الإجماع.

[١] اتفاقا ، كما عن صريح المعتبر والتذكرة وظاهر غيرهما. وعن ظاهر الأمالي : أنه من دين الإمامية. وقد يشهد له صحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع) : « عن السهو في النافلة ، فقال (ع) : ليس عليك شي‌ء » (١) وظاهره وإن كان تعين البناء على الأكثر لو كان صحيحا ـ نظير ما تقدم في كثير الشك ـ الا أنه يجب حمله على التخيير ، للإجماع المتقدم. أو لأنه مقتضى حمله على الرخصة ـ بناء على جريان أصالة الأقل ـ فيكون الترخيص في قبال ذلك ، لا في قبال البطلان كما هو ـ بناء على أنه مقتضى الأصل ـ على ما تقدم في مبحث الشك في الركعات : من عموم بطلان الثنائية بالشك فيها. أو لأنه مقتضى الجمع بينه وبين المرسل المحكي عن الكافي : « وروي : أنه إذا سها في النافلة بنى على الأقل » (٢) المنجبر ضعفه بالعمل. والجمع بينهما : بحمل الصحيح على نفي حكم الشك الثابت في الفريضة ـ وهو البطلان ـ خلاف الظاهر ، وإن كان لا يبعد ، بناء على ثبوت نسخة : « سهو » بدل « شي‌ء » لكن أيضا لا مجال لارتكابه بعد ما عرفت.

[٢] لأنه مقتضى عدم الاعتناء بالشك ، كما تقدم في كثير الشك. وعن المصابيح : « احتمال البناء على الأكثر ولو كان مبطلا ، كما يقتضيه إطلاق الفتوى .. » لكنه ـ مع عدم ثبوت الإطلاق المذكور ـ خلاف ظاهر النص ، فلا مجال له.

[٣] إجماعا ، كما عن المعتبر والمصابيح وظاهر الذخيرة. وعن الرياض :

__________________

(١) الوسائل باب : ١٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢.

٥٨٠