مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

والمراد به الولد الأكبر ، فلا يجب على البنت [١] وان لم يكن هناك ولد ذكر ، ولا على غير الأكبر من الذكور [٢] ،

______________________________________________________

نعم قد تشكل النصوص الواردة في المرأة‌ (١) ، بناء على عدم وجوب القضاء عنها لأجل حملها على مجرد مشروعية القضاء لا وجوبه ، كما لعله الظاهر ، لكن يكفي ما ورد في الرجل‌ (٢). فلاحظ.

واما في غير السفر ـ كالحيض ـ فقد عرفت دلالة النصوص المتقدمة على نفي القضاء فيه مع عدم التمكن‌ (٣). ومثلها غيرها فيه وفي النفاس فراجع. ولأجل ذلك ألحق المصنف (ره) الحيض والنفاس بالمرض في كتاب الصوم ، لا بالسفر كما هنا.

[١] على المشهور. ويدل عليه ما في ذيل صحيح حفص ـ المتقدم ـ من‌ قوله : « قلت فان كان أولى الناس به امرأة. قال (ع) : لا ، الا الرجال » (٤). ونحوه ما في مرسل حماد‌ (٥). هذا ولكن الشهيد (ره) في محكي الدروس قال ـ بعد نقل ما اختاره المفيد (ره) من أنه إذا لم يكن له ولد من الرجال قضى عنه أكبر أوليائه من أهله ، وان لم يكن فمن النساء ـ : « إنه ظاهر القدماء والاخبار ». وما ذكره غيره ظاهر.

[٢] إجماعا. وقد يستدل له‌ بمكاتبة الصفار إلى العسكري (ع) : « رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام وله وليان هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعا ، خمسة أيام أحد الوليين وخمسة أيام الأخر؟ فوقع (ع) :

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٢٣ ، ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٢) راجع الوسائل باب : ٢٣ ، ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٣) راجع الوسائل باب : ٢٣ ، ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٤) تقدمت الرواية في أول تعليقة من هذا الفصل.

(٥) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٦.

١٤١

ولا على غير الولد من الأب والأخ والعم والخال ونحوهم من الأقارب [١].

______________________________________________________

يقضي عنه أكبر ولييه عشرة أيام ولاء إن شاء الله » (١). لكن ظاهره وجوب الموالاة في الصوم ، وعدم جواز فعله من غير الأكبر ، وكلاهما لا يلتزم به أحد.

ودعوى : أنه لا مانع من الالتزام بالأول ، لوجوب المبادرة إلى تفريغ ذمة الميت. مندفعة : بأنها غير ظاهرة في وجوب المبادرة ، بل ظاهرها وجوب الولاء شرطاً في صحة الصوم. مع أن وجوب المبادرة إلى تفريغ ذمة الميت. مما لا تساعد عليها الأدلة.

[١] على المشهور بين المتأخرين ـ كما قيل ـ وليس عليه دليل ظاهر إذ الموجود في النصوص : « فليقض عنه من شاء من أهله » ـ كما في مرسل الفقيه (٢) و « أولى الناس بميراثه » ـ كما في صحيح حفص (٣) ـ و « أولى الناس به » ـ كما في مرسل حماد (٤) ـ و « أفضل أهل بيته » ـ كما في رواية أبي بصير (٥) ـ و « على وليه أن يقضي عنه » ، أو نحوه ، كما في مرسل ابن بكير (٦) وغيره.

والأول : ظاهر في الاستحباب. ( والثاني ) : ظاهر في الأحق بالميراث من الناس ، فيعم جميع الطبقة الاولى ، ومع فقدها يعم جميع الطبقة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١.

(٣) المراد به هو الصحيح المتقدم له قريبا.

(٤) المراد به هو المرسل المتقدم له قريبا.

(٥) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١١.

(٦) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١٣.

١٤٢

______________________________________________________

الثانية. وهكذا بالنسبة إلى بقية الطبقات. وتخصيصه بالولد يتوقف على أن يكون المراد به الاولى من جميع الموجودين وغيرهم ، وأن يكون المراد من الميراث سنخ الميراث ـ ولو بلحاظ بعض مراتبه ـ لا أصل التوارث. إذ لو لا الأول أمكن انطباقه على الطبقة الثانية عند فقد الأولى ، فإنهم أولى الموجودين وان لم يكونوا أولى من المفقودين. ولو لا الثاني لم يكن وجه لاختصاصه بالولد دون الأب ، لأن المشاركة بينهما في الإرث ـ في الجملة ـ تقتضي عدم الأولوية لأحدهما على الأخر في أصل التوارث ، وان كان مقتضى كون الأب له سهم معين دون الولد أن الولد له أولوية بالإرث في الجملة.

لكن الأمرين معا خلاف الظاهر ( أولا ) : من جهة أنه لا وجه ظاهر للعدول عن التعبير بالولد الى التعبير بالأولى بالميراث. ( وثانيا ) : أن ظاهر الأولوية بالميراث الأولوية في أصل التوارث. وأيضاً فقد ورد مثل ذلك في ولاية التجهيز (١) ، ولم يستظهر الأصحاب منه خصوص الولد وأيضاً فإن الحمل على خصوص الولد الذكر خلاف ما فهمه السامع ، كما يظهر من ذيل الصحيح من قول الراوي : « قلت : فان كان أولى الناس به امرأة. قال (ع) : لا ، إلا الرجال ». إذ لو فهم الراوي كون المراد منه الولد الذكر لم يكن مورد للسؤال المذكور. ومن ذلك يظهر الحال في المراد من ( الثالث ).

والرابع : بينه وبين الذكر الأكبر عموم من وجه. وحمله على الأفضل‌

__________________

(١) لعل المقصود هو ورود ذلك في كلمات الفقهاء ( قده ) ونقلة الإجماع ، والا فلم نعثر عليه في مظانه من الوسائل. كما يظهر ذلك ايضاً مما تقدم من المؤلف ـ دام ظله ـ في المسألة : ١ من فصل مراتب الجزء الرابع من هذا الشرح نعم ادعى الشيخ الأنصاري ( قده ). ورود ذلك في مسألة الفضاء وتقدم من المؤلف ـ دام ظله ـ المناقشة في الدعوى المذكورة. فراجع.

١٤٣

وإن كان الأحوط ـ مع فقد الولد الأكبر ـ قضاء المذكورين على ترتيب الطبقات ، وأحوط منه قضاء الأكبر فالأكبر من الذكور [١] ، ثمَّ الإناث في كل طبقة ، حتى الزوجين والمعتق وضامن الجريرة.

( مسألة ١ ) : إنما يجب على الولي قضاء ما فات عن الأبوين من صلاة نفسهما [٢] ، فلا يجب عليه ما وجب عليهما‌

______________________________________________________

ميراثا ـ بلحاظ الحباء ـ خلاف الظاهر بلا قرينة عليه. ( والخامس ) : مجمل غير ظاهر في شي‌ء. فإذاً لا معدل عما يقتضيه الصحيح‌ والمرسل‌ ، كما اختاره في المدارك والحدائق ، ونسبه في الأول الى ابن الجنيد وابن بابويه وجماعة لكن النسبة إلى الأول غير ظاهرة ، فإن محكي كلامه يقتضي الاختصاص بالولد الذكر الأكبر ، فإذا فقد اختص بأقرب الأولياء. وعبارة الثانيين غير ظاهرة في شي‌ء.

ومثله في الاشكال نسبته الى المفيد ، فان عبارته المحكية ظاهرة في الاختصاص بالولد الذكر الأكبر ، ومع فقده يقضي عنه أكبر أوليائه من أهله ، وان لم يكن إلا من النساء. ولعل من هنا يشكل الأخذ بظاهر النصوص ، فإن إعراض الأصحاب عنها يكشف عن القرينة على خلافه الموجب لإجمالها. والرجوع الى الأصل النافي للوجوب عن غير الولد الذكر الأكبر. فتأمل جيداً.

[١] هذا هو ظاهر المحكي عن المفيد (ره). نعم دخول الزوجين وما بعدهما في كلامه غير ظاهر. فراجع.

[٢] كما نص عليه غير واحد. لانصراف المطلقات إليها ، واختصاص غيرها بها.

١٤٤

بالاستئجار ، أو على الأب من صلاة أبويه من جهة كونه وليا.

( مسألة ٢ ) : لا يجب على ولد الولد [١] القضاء عن الميت إذا كان هو الأكبر حال الموت وإن كان أحوط ، خصوصا إذا لم يكن للميت ولد.

( مسألة ٣ ) : إذا مات أكبر الذكور بعد أحد أبويه لا يجب على غيره [٢] من إخوته الأكبر فالأكبر.

( مسألة ٤ ) : لا يعتبر في الولي أن يكون بالغا عاقلا عند الموت ، فيجب على الطفل [٣] إذا بلغ ، وعلى المجنون إذا عقل. وإذا مات غير البالغ قبل البلوغ أو المجنون قبل الإفاقة لا يجب على الأكبر [٤] بعدهما.

( مسألة ٥ ) : إذا كان أحد الأولاد أكبر بالسن‌

______________________________________________________

[١] وفي الجواهر : « لعله الأقوى ». لانسباق غيره من النصوص نعم ـ بناء على ما عرفت مما هو ظاهر النصوص ـ يلزم التفصيل بين وجود الولد الصلبي فلا يجب عليه وبين عدمه فيجب.

[٢] لأن الظاهر من الأكبر الأكبر حال الموت ، وهو لا ينطبق على الحي.

[٣] لأن المقام من صغريات الدوران بين الرجوع الى استصحاب حكم المخصص والرجوع الى العام. والتحقيق في مثل المقام ـ مما كان التخصيص فيه من أول الأمر ـ هو الثاني ، ومقتضاه الوجوب بعد البلوغ والعقل. ومنه يظهر ضعف ما عن جماعة من عدم الوجوب. ودعوى عدم العموم الأزماني لدليل القضاء خلاف الإطلاق.

[٤] كما في المسألة الثالثة.

١٤٥

والأخر بالبلوغ فالولي هو الأول [١].

( مسألة ٦ ) : لا يعتبر في الولي كونه وارثا ، فيجب على الممنوع [٢] من الإرث بالقتل أو الرق أو الكفر.

( مسألة ٧ ) : إذا كان الأكبر خنثى مشكلا فالأولى غيره من الذكور [٣]

______________________________________________________

[١] قد عرفت أن العمدة في اعتبار الأكبرية هو الإجماع. والظاهر من معقده هو الأكبر سنا. نعم ظاهر الجواهر حكاية الوجوب على الثاني عن كشف أستاذه وحاشية الإرشاد والذكرى والإيضاح. وظاهر شيخنا الأعظم (ره) ـ في الرسالة ـ الميل اليه. مستدلا عليه بأنه أكبر عرفا. وأقرب الى حد الرجال. وبأن المراد من الأولى الأولى بحسب النوع. إذ لو أريد الأولوية الشخصية لم تكن لأحدهما ، لتساويهما في البنوة للميت.

وإذا كان المراد بالأولوية النوعية فهي حاصلة له فيلزم تعلق التكليف به ، وارتفاعه بعد بلوغ أخيه يحتاج الى دليل.

والجميع كما ترى ، لمنع الأول. وعدم اجداء الثاني. وكون المراد الأولوية النوعية لا يجدي بعد قيام الإجماع على الاختصاص بالأكبر. ولعله من ذلك أمر بالتأمل. ومن ذلك يظهر الحال فيما لو تساووا في السن وتقدم أحدهما في البلوغ ، فإن الولي كلاهما ولا يختص بالبالغ ، خلافا لشيخنا الأعظم (ره).

[٢] إذ الظاهر من كونه أولى به أو بميراثه كونه كذلك بالنظر الى ذاته ولو مع المانع. وحكي عن بعض المنع في الثاني ، لمنع صدق كونه وليا. ومنافاته لحق السيد. وفي الأول : ما عرفت. وفي الثاني : أنه لا يوجب المنع إذا قام الدليل على الوجوب ، كسائر الواجبات.

[٣] وفي الجواهر : « لعله الأقوى ». لأنه أولى به وبميراثه ، غاية‌

١٤٦

وان كان أصغر. ولو انحصر في الخنثى لم يجب عليه [١].

( مسألة ٨ ) : لو اشتبه الأكبر بين الاثنين أو الأزيد لم يجب على واحد منهم [٢] ، وان كان الأحوط التوزيع أو القرعة‌

( مسألة ٩ ) : لو تساوى الولدان في السن قسط القضاء [٣]

______________________________________________________

الأمر أنه قام الإجماع على اختصاص الوجوب بالأكبر مع وجوده. لكن الأصل عدم وجود الذكر الأكبر ، كما لو شك في وجود ذكر أكبر. فتأمل.

[١] للأصل ، مع غض النظر عن العلم الإجمالي الحاصل له المردد متعلقه بين أحكام الرجال والنساء ، والا وجب الاحتياط حينئذ.

[٢] لأصالة البراءة الجارية في حق كل واحد منهم ، التي لا يمنع عنها العلم الإجمالي ، لكون المعلوم مرددا بين شخصين. نعم قد يقال : لازم ما ذكر في المسألة السابقة القول بالوجوب على كل واحد منهم ، لأن كل واحد منهم يجري في حقه أصالة عدم وجود الذكر الأكبر سواه. وتوهم : أن الشك في المقام ليس في وجود الأكبر ليجري في نفيه الأصل بل في تعيينه. مندفع : بأن كل واحد منهما يشك في أصل وجود الأكبر منه ، فلا مانع من نفي الأكبر بالأصل. نعم لو كان القيد : أن لا يوجد أكبر ـ لا خصوص الأكبر منه ـ كان المنع من أصل العدم في محله ، للعلم بوجوده في الجملة. ولازمه أن لو كان له ولدان أكبر وأصغر ، واحتمل وجود ثالث أكبر منهما لم يجب على أكبرهما القضاء ، للعلم بوجود الأكبر في الجملة ، والشك في انطباقه على أكبرهما. لكن الظاهر الوجوب فيه ، لأن القيد أن لا يوجد أكبر منه ، لا مطلق الأكبر. فلاحظ.

[٣] وفاقا للأكثر ـ كما في الجواهر ـ ، وقواه هو وشيخنا الأعظم (ره) في الرسالة. وعن الحلي : عدم الوجوب على أحدهما ، لانتفاء الأكبر الذي هو موضوع التكليف. وفيه : أن الأكبر إنما كان موضوعا‌

١٤٧

عليهما ، ويكلف بالكسر ـ أي ما لا يكون قابلا للقسمة والتقسيط كصلاة واحدة وصوم يوم واحد ـ كل منهما على الكفاية ، فلهما أن يوقعاه دفعة واحدة [١] ، ويحكم بصحة كل منهما وان كان متحدا في ذمة الميت. ولو كان صوما من قضاء شهر رمضان لا يجوز لهما الإفطار بعد الزوال [٢].

______________________________________________________

للتكليف في ظرف اجتماعه مع الأصغر لا مطلقا ، لإطلاق الأدلة. نعم يبقى الإشكال في التقسيط والوجوب الكفائي عن كل واحد منهما. حكي الثاني عن القاضي.

واستدل شيخنا في الرسالة على الأول ، بأن الدليل لا يصلح لإثبات أحد الأمرين بعينه. والأصل يقتضي عدم وجوب الزائد على حصته. وفيه : أن موضوع الوجوب هو الولي بنحو صرف الوجود الصادق على القليل والكثير ، فكما أنه عيني في ظرف انحصاره بواحد يكون عينياً ـ أيضا ـ عند انطباقه على المتعدد ، إلا أن الواجب ـ وهو تفريغ ذمة الميت ـ لما لم يقبل التعدد ذاتاً انقلب الوجوب كفائيا ، فالتقسيط خلاف ظاهر الأدلة. مع أن الالتزام بالوجوب الكفائي في الكسر يمنع من الالتزام بالتقسيط فيما عداه ، لأن ظهور الدليل بنحو واحد في الجميع. فافهم.

[١] لأن الواجب إذا كان صرف الوجود يصح امتثاله بالمتعدد دفعة لصدق الواجب عليه ، كصدقه على المتحد.

[٢] لعدم الفرق في حرمة الإفطار بعد الزوال في قضاء رمضان بين كون الصوم عن نفسه وغيره ، لإطلاق الأدلة. وعن شرح الدروس : لو أفطر أحدهما فلا شي‌ء عليه إذا ظن بقاء الأخر. ونحوه ما عن المدارك وكأنه لأن إفطار أحدهما ليس نقضا لصرف طبيعة الصوم الواجب كي يحرم ، وإنما هو نقض لمرتبة من الطبيعة لا دليل على تحريمه. وعليه فلا يبعد‌

١٤٨

والأحوط الكفارة [١] على كل منهما مع الإفطار بعده ، بناء على وجوبها في القضاء عن الغير ـ أيضا ـ ، كما في قضاء نفسه‌

( مسألة ١٠ ) : إذا أوصى الميت بالاستيجار عنه‌

______________________________________________________

جواز الإفطار وان علم بإفطار الأخر بعده.

[١] حكى في الجواهر الاحتمالات : وجوب الكفارة على كل منهما ، ووجوب كفارة واحدة عليهما بالسوية ، ووجوب واحدة عليهما على الكفاية وسقوطها عنهما معا. وعن شرح الدروس : أنه استقربه. وعن المسالك أنه استوجهه. وعن المدارك : أنه لم يستبعده. وفصل شيخنا الأعظم (ره) ـ في الرسالة ـ : بين إفطارهما دفعة فيجب على كل منهما ، وعلى التعاقب فيجب على المتأخر منهما لا غير. ولعله الأقرب.

أما وجوبه على المتأخر ، فلصدق الإفطار الذي هو نقض صرف طبيعة الصوم ، الذي هو القدر المتيقن في موضوع الكفارة ، بناء على وجوبها في القضاء عن الغير. وأما عدم وجوبه على المتقدم ، فلأن إفطاره ليس نقضا لصرف الطبيعة ، وإنما هو نقض لمرتبة منها ، ولا دليل على اقتضائه الكفارة. وأما وجوبها عليهما معا في الدفعة ، فلأن كلا من الافطارين نقض لصرف الطبيعة ، فمقتضى الإطلاق إيجابه الكفارة أيضا. إلا أن يدعى انصرافه إلى صورة الاستقلال. لكنه غير ظاهر ، ومنه يظهر أن لازم الجزم بحرمة الإفطار على كل منهما الالتزام بوجوب الكفارة على كل منهما. ولا وجه ظاهر للجزم بالأول والتوقف في الثاني ، كما في المتن.

[٢] لا ينبغي التأمل في نفوذ الوصية المذكورة ـ بناءً على جواز التبرع ـ لعموم نفوذ الوصية وحرمة التبديل ، بل عن المناهل : دعوى ظهور الاتفاق عليه مطلقا. وقد يستدل عليه برواية أبي بصير : « في امرأة مرضت في شهر رمضان وماتت في شوال فأوصتني أن أقضي عنها. قال (ع) : هل‌

١٤٩

سقط عن الولي [١] ، بشرط الإتيان من الأجير صحيحا.

______________________________________________________

برئت من مرضها؟ قال : لا .. » (١). فإن السؤال عن البرء وعدمه يشهد بوجوب القضاء مع البرء إلا أن يكون السؤال من جهة عدم المشروعية مع البرء ، كما يقتضيه ذيل الحديث. فلا تدل على الوجوب. فتأمل. وكفى بالعموم دليلا على النفوذ.

[١] وحكى ذلك شيخنا في الرسالة عن صريح جماعة منهم الشهيدان. واستدل له بأنه ـ بعد فرض وجوب العمل بالوصية ـ لا يجب الفعل الواحد عينا على مكلفين. وإرجاعه إلى الوجوب الكفائي مخالفة لظاهر التكليفين. والحكم بالوجوب على الولي ينافي فرض نفوذ الوصية. وإذ يدور الأمر بين الأخذ بظاهر دليل وجوبه على الولي وظاهر دليل نفوذ الوصية فالثاني مقدم ، لأنه حاكم على الأول ، حكومته على سائر أدلة الأحكام الثابتة للفعل قبل الوصية.

هذا ويشكل : بأن أدلة نفوذ الوصية إن كانت منافية لدليل الوجوب على الولي ـ بأن كانت موجبة للترخيص في ترك الواجب ـ فلا ينبغي التأمل في عدم نفوذها ، كما لو أوصى بترك واجب أو فعل حرام ، لعموم قوله تعالى ( فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ ... ) (٢). وان لم تكن منافية له ، وإنما كانت منافية لعينية الوجوب ـ كما هي كذلك لأن أدلة القضاء على الولي إنما دلت على وجود مصلحة ملزمة في تفريغه ذمة الميت. وهذا المعنى لا تنافيه أدلة نفوذ الوصية ، كما لا تنافي تبرع استحباب تبرع غير الولي بالقضاء أو مشروعيته ، لأن العمل على طبق ذلك يوجب انتفاء موضوع الوجوب على الولي به والوجوب المذكور لا يقتضي‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١٢.

(٢) البقرة : ١٨٢.

١٥٠

( مسألة ١١ ) : يجوز للولي أن يستأجر [١] ما عليه من القضاء عن الميت.

______________________________________________________

حفظ موضوعه ـ فالالتزام بالوجوب الكفائي أخذ بظاهر التكليفين لا طرح لهما ، كما يظهر من قياس المقام بأمثاله ، فإن قول المولى لبعض عبيده : « اكسر الإناء الفلاني » وان كان ظاهرا في الوجوب العيني ، لكن إذا ورد مثل ذلك الخطاب في حق عبده الأخر تعين حمله على الوجوب الكفائي ، لا رفع اليد عن الأول والأخذ بظاهر الأخر في التعيين. وأما دعوى : قصور أدلة الوجوب على الولي عن صورة الوصية. ففيها : المنع الأكيد ، وان ارتضاه شيخنا الأعظم (ره) أيضاً ، فإنه راجع الى الوجه الذي ذكره ( قده ) في تقديم أدلة نفوذ الشرط والوصية ونحوهما من أحكام العناوين الثانوية. وقد استشكل عليه بأمور ذكرناها فيما علقناه على مباحث الشرط من مكاسبه كما أوضحنا هناك أيضاً وجه التقديم. فراجع.

ولعل من هنا اختار الوحيد ( قده ) عدم السقوط إلا بفراغ ذمة الميت ، لانتفاء موضوعه حينئذ ، فلا معنى لبقائه. وهذا هو مراد المصنف (ره) أيضاً.

[١] أما أصل جواز الاستيجار للعبادة فقد تقدم الكلام فيه. وأما جوازه للولي بنحو يترتب عليه سقوطه عنه فهو يتوقف على جواز تبرع غيره به ، كما يقتضيه إطلاق ما دل على مشروعية العبادة عن الأموات ، فإذا فرغت ذمة الميت بأداء المتبرع ، امتنع بقاء الوجوب على الولي ، لانتفاء موضوعه. وعن الحلي وجماعة : عدم السقوط. إما لأن المتبرع نائب عن الولي ولا تشرع النيابة عن الحي. وإما لأن الأصل عدم السقوط للشك في سقوطه بفعل المتبرع. وكلاهما كما ترى ، فان المتبرع نائب عن الميت لا الحي ولا معنى لوجوب التفريغ بعد حصول الفراغ كما عرفت.

١٥١

( مسألة ١٢ ) : إذا تبرع بالقضاء عن الميت متبرع سقط عن الولي [١].

( مسألة ١٣ ) : يجب على الولي مراعاة الترتيب [٢] في قضاء الصلاة ، وان جهله وجب عليه الاحتياط بالتكرار.

( مسألة ١٤ ) : المناط في الجهر والإخفات على حال الولي المباشر [٣] لا الميت ، فيجهر في الجهرية وان كان القضاء عن الأم.

( مسألة ١٥ ) : في أحكام الشك والسهو يراعي الولي تكليف نفسه [٤] اجتهادا أو تقليدا ـ لا تكليف الميت ،

______________________________________________________

نعم يمكن الاستدلال لهم بمكاتبة الصفار ـ المتقدمة في عدم وجوب القضاء على غير الأكبر ـ إذ تدل ـ بمقتضى مطابقة الجواب للسؤال ـ على عدم جواز صوم الولي الأصغر. لكنها ـ مع أنها أخص من المدعى ـ لا تصلح لتقييد تلك النصوص ، ولا سيما وفيها مثل مرسل الفقيه عن الصادق (ع) « إذا مات الرجل وعليه صوم شهر رمضان فليقض عنه من شاء من أهل » (١) وموثق أبي بصير عنه (ع) : « عن رجل سافر في شهر رمضان فأدركه الموت. قال (ع) : يقضيه أفضل أهل بيته » (٢). بناء على حمله على استحباب تفويض الولي القضاء إلى الأفضل ، جمعا بينها وبين ما دل على وجوب القضاء على الولي.

[١] لما عرفت.

[٢] تقدم الكلام فيه في المسألة الثامنة عشرة من الفصل السابق.

[٣] كما تقدم في المسألة السادسة عشرة من الفصل السابق.

[٤] تقدم في المسألة الرابعة عشرة من الفصل السابق.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١١.

١٥٢

بخلاف أجزاء الصلاة وشرائطها فإنه يراعي تكليف الميت [١] وكذا في أصل وجوب القضاء ، فلو كان مقتضى تقليد الميت أو اجتهاده وجوب القضاء عليه ، يجب على الولي الإتيان به وان كان مقتضى مذهبه عدم الوجوب. وان كان مقتضى مذهب الميت عدم الوجوب لا يجب عليه وان كان واجباً بمقتضى مذهبه. إلا إذا علم علما وجدانيا قطعيا ببطلان مذهب الميت. فيراعي حينئذ تكليف نفسه.

( مسألة ١٦ ) : إذا علم الولي أن على الميت فوائت ولكن لا يدري أنها فاتت لعذر ـ من مرض أو نحوه ـ أو لا‌

______________________________________________________

[١] بعد ما كان موضوع وجوب القضاء على الولي أن يكون على الميت صلاة ، فثبوت الوجوب في حق الولي تابع لانطباق العنوان المأخوذ موضوعا للوجوب بحسب نظره ، فان كان بنظر الولي أن على الميت صلاة وجب عليه القضاء ، وان لم يكن كذلك بنظره لم يجب عليه القضاء. وكذا إذا شك في ذلك ، لأصالة البراءة. ولا دخل لنظر الميت في ذلك. نعم إذا كان ظاهر قولهم (ع) : « إذا كان على الميت صلاة » أنه عليه بنظره كان المتبع نظره. إلا إذا علم وجدانا بخطئه ، لعدم إمكان نية القضاء مع هذا العلم الوجداني ، وما دام لم يحصل هذا العلم الوجداني يمكن نية القضاء فيجب. لكن حمل الدليل على هذا المعنى خلاف الظاهر ، فإن الأصل في موضوعات الاحكام أن يكون المراد بها الموضوعات الواقعية ، لا الاعتقادية فضلا عن اعتقاد شخص معين. والنظر طريق الى التطبيق ، فنظر كل شخص طريق له لا طريق لغيره. وقد تقدم في المسألة الخامسة عشرة من الفصل السابق ما له نفع في المقام.

١٥٣

لعذر لا يجب عليه القضاء [١]. وكذا إذا شك في أصل الفوت [٢] وعدمه.

( مسألة ١٧ ) : المدار في الأكبرية على التولد [٣] ، لا على انعقاد النطفة ، فلو كان أحد الولدين أسبق انعقادا والأخر أسبق تولدا فالولي هو الثاني ، ففي التوأمين الأكبر أولهما تولداً.

( مسألة ١٨ ) : الظاهر عدم اختصاص [٤] ما يجب على الولي بالفوائت اليومية ، فلو وجب عليه صلاة بالنذر الموقت وفاتت منه لعذر وجب على الولي قضاؤها.

______________________________________________________

[١] للشك في عنوان الموضوع الموجب للرجوع الى الأصل الموضوعي ـ وهو أصالة عدم الفوت لعذر ـ أو الحكمي ـ وهو أصالة عدم وجوب القضاء. ومنه يظهر حكم ما لو شك في أصل الفوت.

[٢] لو بني على عموم وجوب القضاء لمطلق الفوت فالحكم بعدم الوجوب عند الشك فيه موقوف على عدم إمكان إثباته بالأصل. أو جريان قاعدة الشك بعد خروج الوقت في حق الميت ، كما تقدم في صلاة الاستيجار. وإلا وجب القضاء ، لأصالة عدم الفعل في الوقت.

[٣] لأنه الظاهر منه. وما في مرسل علي بن احمد بن أشيم ، من قول الصادق (ع) : « الذي خرج أخيرا هو أكبر. أما تعلم أنها حملت بذلك أولا ، وان هذا دخل على ذلك » (١) يراد منه ما لا ينافي ذلك ، كما هو ظاهر.

[٤] للإطلاق. ولا ينافيه خروج ما وجب عليه بالاستئجار أو نحوه ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٩٩ من أبواب أحكام الأولاد حديث : ١.

١٥٤

( مسألة ١٩ ) : الظاهر أنه يكفي في الوجوب [١] على الولي إخبار الميت بأن عليه قضاء ما فات لعذر.

( مسألة ٢٠ ) : إذا مات في أثناء الوقت بعد مضي مقدار الصلاة ـ بحسب حاله قبل أن يصلي وجب على الولي قضاؤها [٢].

( مسألة ٢١ ) : لو لم يكن ولي ، أو كان ومات قبل أن يقتضي عن الميت وجب الاستيجار [٣] من تركته. وكذا لو تبين [٤] بطلان ما أتي به.

( مسألة ٢٢ ) : لا يمنع من الوجوب [٥]

______________________________________________________

لما تقدم من انصراف الدليل إلى صلاة نفسه مطلقاً.

[١] لم يتضح الدليل عليه غير ما تقدمت الإشارة إليه من نصوص الإقرار بالمال.

[٢] للإطلاق. وخصوص رواية ابن سنان (١) ولا ينافي ذلك التعبير بالقضاء فيها ، إذ غاية ما يقتضيه عدم الدلالة على وجوب الأداء عنه فورا في الوقت ، لا قصوره عن الدلالة على وجوب الفعل خارج الوقت. مع قرب دعوى : كون المراد يفعل عنه ولو في الوقت ، فيجب في الفرض ـ حينئذ ـ المبادرة إلى الفعل في الوقت.

[٣] تقدم الاشكال فيه في صلاة الاستيجار.

[٤] يعني : لو تبين بطلان ما أتى به الولي قضاء عن الميت. ثمَّ إن وجوب قضاء الولي عن الميت ليس من الحقوق المالية ، ولذا لا يجب إخراجه من تركة الولي لو مات قبل القضاء ، بل هو من التكليف الذي يزول بالموت.

[٥] نص على ذلك جماعة ، دون تعرض لخلاف فيه أصلا.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٢ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١٨.

١٥٥

على الولي اشتغال ذمته بفوائت نفسه ، ويتخير في تقديم [١] أيهما شاء.

( مسألة ٢٣ ) : لا يجب عليه الفور [٢] في القضاء عن الميت ، وان كان أولى وأحوط.

( مسألة ٢٤ ) : إذا مات الولي بعد الميت قبل أن يتمكن من القضاء ففي الانتقال إلى الأكبر بعده إشكال [٣].

( مسألة ٢٥ ) : إذا استأجر الولي غيره لما عليه من صلاة الميت فالظاهر أن الأجير يقصد النيابة عن الميت لا عنه [٤].

______________________________________________________

[١] كما صرح به بعض. وعن التذكرة : « الأقرب الترتيب بينهما ، عملا بظاهر الاخبار وفحواها ». وهو كما ترى ، لقصور أدلة الترتيب عن شمول المقام بالمرة. وعنها ـ أيضا ـ : « أنه لو فاتته صلاة بعد التحمل أمكن القول بوجوب تقديمها ، لأن زمان قضائها مستثنى كزمان أدائها. وأمكن القول بتقديم المتحمل ، لتقدم سببه ».

[٢] للإطلاق الموافق للأصل. واحتمال كون الميت في ضيق فيوسع عليه به لا يجدي في الوجوب ، لعدم الدليل على وجوب التوسعة على الميت مع العلم بالضيق ، فضلا عن الاحتمال.

[٣] ينشأ : من احتمال كون العجز المستمر كاشفا عن كون الولي هو الذي بعده ، لامتناع ثبوت الوجوب على العاجز. وفيه : أن العجز مانع عن الامتثال ، لا عن أصل التكليف الذي تمام موضوعه منطبق على العاجز ، نظير ما تقدم في المسألة الرابعة.

[٤] لا إشكال في وجوب قصد النيابة عن الميت ، لأن المقصود إفراغ ذمته ، ولا يحصل إلا بذلك. وأما احتمال قصد النيابة عن الولي.

١٥٦

فصل في الجماعة‌

وهي من المستحبات الأكيدة في جميع الفرائض [١] ،

______________________________________________________

فغريب إذا كان المراد قصده في قبال الميت ، إذ لا يحصل بذلك تفريغ ذمة الميت. نعم إذا كان المراد النيابة عن الولي في إفراغ ذمة الميت ـ نظير ما إذا استؤجر شخص على النيابة عن الميت فمات ذلك الشخص الأجير وقام وارثه مقامه ، فإنه ينوي النيابة عن مورثه في إفراغ ذمة الميت الأول ـ ، فهذا المعنى صحيح في نفسه ، لكنه لا دليل عليه ، ولا مقتضي له. ولعل مراد المصنف ذلك ، والعبارة قاصرة. والله سبحانه أعلم. وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ـ أولا وآخراً ـ وله الشكر.

فصل في الجماعة‌

[١] وعن المنتهى والذكرى ـ ظاهر ـ الإجماع عليه. ويدل عليه. صحيح زرارة والفضيل : « قلنا له : الصلاة في جماعة فريضة هي؟ فقال عليه‌السلام : الصلاة فريضة. وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنه سنة ، من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له » (١).

ودعوى : كون ظاهره السؤال عن كونها فريضة أو لا مفروغا عن مشروعيتها ، فليس في مقام التشريع ليؤخذ بإطلاقه. مدفوعة : بأن ظاهر الجواب كونه في مقام بيان أصل المشروعية في عامة الصلاة. فاما أن‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.

١٥٧

______________________________________________________

يكون صارفا للسؤال عن ظاهره فيحمل على السؤال عن أصل المشروعية ، وكونها بنحو الفريضة. أو يحمل الجواب على التفضل بزيادة البيان ، كقوله (ع) فيه : « الصلاة فريضة » الذي لم يكن مسؤلا عنه أصلا.

وأضعف من ذلك توهم كون النفي فيها وارداً على العموم ، فتدل على كون الجماعة سنة في خصوص مورد نفي فرضها وهو غير معلوم. إذ فيه : أن ذلك إنما يصح لو كانت كلمة : ( كل ) بنفسها موضوعا للنفي لا ما لو كان موضوعه الجمع المحلى باللام وكانت مؤكدة ، إذ حينئذ يكون النفي عاما وتكون كلمة ( كل ) مؤكدة لعموم النفي. مع أنه ـ لو سلم ذلك ـ كان الصحيح دالا على كون الجماعة ليست مفروضة في مجموع الصلوات ، بل هي مفروضة في بعضها وسنة في غير مورد الفرض ، فالشك إنما يكون في كل مورد أنها سنة أو فريضة ، لا أنها مشروعة أو غير مشروعة مضافا الى مثل رواية ابن أبي يعفور : « لا صلاة لمن لم يصل في المسجد مع المسلمين إلا من علة » (١).

ومن ذلك يظهر الاشكال فيما عن ظاهر بعض من اختصاص الحكم بالخمس اليومية. ولا سيما وقد تواترت النصوص في مشروعيتها في بعض آخر غيرها ، كالآيات والأموات. نعم لا بأس بالإشكال في مشروعيتها في صلاة الاحتياط ـ بناء على المنع عنها في مطلق النافلة ـ ، لاحتمال كونها منها. وكذا المنذورة ، فإن الظاهر من الفريضة والنافلة ما كانت بعنوان كونها ( صلاة ) فريضة أو نافلة ، والمنذورة بعنوان كونها ( صلاة ) نافلة وأنما تجب بعنوان كونها ( منذورة ). ولذا يجب فعل المنذور ولو لم يكن صلاة ، كما هو ظاهر. ومثلها ما وجبت بأمر الوالد والسيد والإجارة ونحوها وأما صلاة الطواف فمشروعية الجماعة فيها مبنية على وجوبها ، كما سيأتي‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٨.

١٥٨

خصوصاً اليومية [١] منها ، وخصوصاً في الأدائية [٢] ، ولا سيما في الصبح [٣] والعشاءين ، وخصوصا لجيران المسجد [٤] أو من يسمع النداء [٥]. وقد ورد في فضلها وذم تاركها من ضروب التأكيدات ما كاد يلحقها بالواجبات ، ففي الصحيح « الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفذ ـ أي للفرد ـ بأربع في

______________________________________________________

محله إن شاء الله.

[١] كما نص عليه جماعة. وتشير اليه بعض النصوص المتعرضة لها بالخصوص ، كرواية السكوني : « قال رسول (ص) : من صلى الخمس في جماعة فظنوا به خيراً » (١) ‌ونحوها غيرها.

[٢] لاختصاص بعض النصوص بها. فلاحظ رواية ابن أبي يعفور (٢) وغيرها.

[٣] لاختصاص بعض نصوص الثواب بها. وقد عقد لها في الوسائل بابا (٣).

[٤] لرواية ابن مسلم : « لا صلاة لمن لم يشهد الصلاة من جيران المسجد ، إلا مريض أو مشغول » (٤).

[٥] لرواية زرارة : « من سمع النداء فلم يجب من غير علة فلا صلاة له » (٥).

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.

(٢) المراد بها روايته المتقدمة قريباً جداً.

(٣) راجع الوسائل باب : ٣ من أبواب صلاة الجماعة.

(٤) الوسائل باب : ٢ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ٢ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

١٥٩

______________________________________________________

وعشرين درجة » (١). وفي رواية زرارة : « قلت لأبي عبد الله (ع) : ما يروي الناس أن الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين؟ فقال (ع) : صدقوا فقلت : الرجلان يكونان جماعة؟ قال (ع) : نعم ، ويقوم الرجل عن يمين الامام » (٢). وفي رواية محمد بن عمارة : « قال : أرسلت إلى الرضا (ع) أساله عن الرجل يصلي المكتوبة وحده في مسجد الكوفة أفضل أو صلاته مع جماعة ، فقال (ع) : الصلاة في جماعة أفضل » (٣) ، مع أنه ورد : « إن الصلاة في مسجد الكوفة تعدل ألف صلاة. وفي بعض الاخبار ألفين ». بل في خبر : « قال رسول الله (ص) : أتاني جبرئيل مع سبعين ألف ملك بعد صلاة الظهر فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام وأهدى إليك هديتين لم يهدهما إلى نبي قبلك. قلت : ما تلك الهديتان؟ قال : الوتر ثلاث ركعات ، والصلاة الخمس في جماعة. قلت : يا جبرئيل ، ما لأمتي في الجماعة؟ قال : يا محمد ، إذا كانا اثنين كتب الله لكل واحد بكل ركعة مائة وخمسين صلاة ، وإذا كانوا ثلاثة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ستمائة صلاة ، وإذا كانوا أربعة كتب الله لكل واحد ألفاً ومائتي صلاة ، وإذا كانوا خمسة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ألفين وأربعمائة صلاة ، وإذا كانوا‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٣٣ من أبواب أحكام المساجد حديث : ٤.

١٦٠