مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

بقصد الخروج ـ كما إذا سلم بتخيل [١] تمامية صلاته ـ أولا بقصده [٢]. والمدار على إحدى الصيغتين الأخيرتين. وأما : « السلام عليك أيها النبي .. » فلا يوجب شيئاً من حيث أنه سلام [٣] نعم يوجبه من حيث أنه زيادة سهوية ، كما أن بعض إحدى الصيغتين كذلك. وإن كان يمكن دعوى : إيجاب لفظ ( السلام ) للصدق [٤] ، بل قيل : إن حرفين منه موجب لكنه مشكل ، إلا من حيث الزيادة.

الثالث : نسيان السجدة الواحدة إذا فات محل تداركها [٥] كما إذا لم يتذكر إلا بعد الركوع أو بعد السلام. وأما نسيان الذكر فيها أو بعض واجباتها الأخر ـ ما عدا وضع الجبهة ـ فلا يوجب إلا من حيث وجوبه لكل نقيصة [٦].

______________________________________________________

أمكن أن يكون الصحيح المذكور ـ لو أمكن العمل به ـ مخصصا لدليله ولا سيما بملاحظة ما في صحيح ابن مسلم المتقدم في الكلام (١) بل وصحيح زرارة (٢) بناء على كون المراد من السهو فيه التسليم على الركعتين.

[١] كما هو مورد الموثق.

[٢] كما لو سلم غافلا عن الخروج. وحينئذ فالحكم فيه يستفاد من غير الموثق ، لو تمَّ.

[٣] لعدم الدليل على إيجابه للسجود ، والدليل مختص بالمخرج. ومثله : الحال في بعض إحدى الصيغتين.

[٤] هذا لو سلم فإنما يتم لو كان هناك إطلاق يدل على إيجاب السلام.

[٥] قد تقدم الكلام فيه.

[٦] لعدم الدليل عليه ، لاختصاص مصحح ابن بشير الذي هو الدليل‌

__________________

(١) تقدم ذلك كله في الأمر الأول من موجبات سجود السهو.

(٢) تقدم ذلك كله في الأمر الأول من موجبات سجود السهو.

٥٤١

الرابع : نسيان التشهد مع فوت محل تداركه [١].

والظاهر أن نسيان بعض أجزائه أيضا [٢] كذلك ، كما أنه موجب للقضاء أيضا ، كما مر.

الخامس : الشك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين ، كما مر سابقاً [٣].

السادس : للقيام في موضع القعود أو العكس [٤] ،

______________________________________________________

الخاص ـ بنسيان أصل السجدة.

[١] تقدم الكلام فيه.

[٢] لم يظهر الدليل عليه ، كما تقدم في وجوب قضائها.

[٣] ومر وجهه.

[٤] نسبه في محكي السرائر إلى الأكثر من المحققين. وفي محكي الأمالي إلى دين الإمامية. وعن الغنية : الإجماع عليه. ويشهد له مصحح معاوية ابن عمار : « عن الرجل يسهو ، فيقوم في حال قعود ، أو يقعد في حال قيام. قال (ع) : يسجد سجدتين بعد التسليم ، وهما المرغمتان ترغمان أنف الشيطان » (١). وموثق عمار : « عن السهو ما تجب فيه سجدتا السهو؟ قال (ع) : إذا أردت أن تقعد فقمت ، أو أردت أن تقوم فقعدت ، أو أردت أن تقرأ فسبحت ، أو أردت أن تسبح فقرأت فعليك سجدتا السهو ، وليس في شي‌ء مما تتم به الصلاة سهو » (٢). لكن يمنع من التمسك بالأخير ما في ذيله من قوله : « وعن الرجل إذا أراد أن يقعد فقام ثمَّ ذكر من قبل أن يقدم شيئاً أو يحدث شيئاً ، فقال (ع) : ليس عليه سجدتا السهو حتى يتكلم بشي‌ء ». ولو بنى على تقييد الصدر بالذيل‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٣٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢.

٥٤٢

بل لكل زيادة ونقيصة [١]

______________________________________________________

كان ذلك موجباً لتقييد المصحح الأول أيضا ، فيكون مقتضى التقييد وجوب السجود على من قام في موضع القعود وتكلم بشي‌ء من ذكر أو قراءة ـ بناء على أن المراد بالكلام ذلك ـ كما هو الظاهر ، وعدم وجوبه على مجرد القيام في موضع القعود ، كما هو المدعى.

لكن قد يعارضها أيضا في ذلك ما ورد في نسيان التشهد وذكره قبل الركوع ، فإن النصوص كالصريحة في وجوب الرجوع والتدارك ، وعدم وجوب سجود السهو (١). فلاحظها. وأما صحيح الحلبي : « عن الرجل يسهو في الصلاة فينسى التشهد. قال (ع) : يرجع فيتشهد. قلت : أيسجد سجدتي السهو؟ فقال (ع) : لا ، ليس في هذا سجدتا السهو » (٢) فان كان المراد من التشهد فيه التشهد الوسط ـ كما هو الأقرب ـ كان معارضا بإطلاقه للموثق ، فيحمل على صورة عدم التكلم ـ بقرينة ما في الذيل ـ وإن كان بعيدا. وإن كان المراد التشهد الأخير كان معارضا لما دل على وجوبه للتشهد المنسي. إلا أن يحمل على نسيان التسليم أيضا. لكنه بعيد.

[١] كما نسب إلى العلامة وكثير ممن تأخر عنه. وعن الشيخ (ره) : نسبته الى بعض أصحابنا. وعن الدروس ـ بعد نقل ذلك عن الشيخ ـ أنه قال : لم نظفر بقائله ولا مأخذه إلا رواية الحلبي » (٣) والظاهر أن مراده عدم الظفر بمن نسبه اليه الشيخ ، فلا ينافيه ما عن الذكرى : من نسبته إلى العلامة ، واختياره له. وكيف كان فيشهد له ما رواه ابن أبي عمير ،

__________________

(١) راجع المسألة : ١٨ من فصل الخلل الواقع في الصلاة.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب التشهد حديث : ٤.

(٣) راجع الدروس الدرس الأخير من فصل الخلل.

٥٤٣

______________________________________________________

عن بعض أصحابنا ، عن سفيان بن السمط ، عن أبي عبد الله (ع) : « تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان » (١) ولا يقدح فيها إرسالها ، ولا جهالة سفيان ، لما قيل : من أن ابن أبي عمير لا يرسل ولا يروي إلا عن ثقة. مع أنه من أصحاب الإجماع ، والمشهور ـ كما قيل ـ جواز العمل بما يصح عنهم ولا يسأل عمن بعدهم. اللهم إلا أن يقال : لو سلم ذلك ـ وأغمض عما فيه من الاشكال ـ فهجرها عند الأصحاب إلى زمان العلامة والشهيد مانع عن جواز الاعتماد عليها ، بل صريح الشهيد ـ كما عرفت ـ عدم الاعتماد عليها في ذلك ، بل كان على صحيح الحلبي مضافا الى معارضتها بذيل موثق عمار المتقدم ، وربما ورد في نسيان التشهد والسجدة مع ذكرهما قبل الركوع ، ومحتمل صحيح الحلبي المتقدم إليها الإشارة. وتمكن معارضتها أيضا بصحيح الفضيل : « عن السهو ، فقال (ع) : من حفظ سهوه فأتمه فليس عليه سجدتا السهو ، وإنما السهو على من لم يدر زاد في صلاته أم نقص » (٢) فان مقتضى ظهور السؤال عن موجب سجود السهو حمل الحصر في الجواب على الحصر الحقيقي ، وليس منه المقام ، بل ظاهر الجواب نفسه ذلك أيضا.

ومنه يظهر إمكان معارضته بموثق سماعة (٣) الذي هو كصحيح الفضيل غير أنه خال عن السؤال ، بل ظاهر القضية الشرطية بمنطوقها : أن مع تدارك الجزء المنسي لا سجود للسهو ، مع حصول الزيادة. ويؤيده : خلو جملة من النصوص ـ الواردة في نسيان بعض الأجزاء أو زيادتها (٤) عن‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٦.

(٣) الوسائل باب : ٣٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٤.

(٤) راجع المسألة : ١١ من فصل الخلل الواقع في الصلاة وما بعدها.

٥٤٤

لم يذكرها في محل التدارك. وأما النقيصة مع التدارك فلا توجب [١] والزيادة أعم من أن تكون من الاجزاء الواجبة أو المستحبة [٢]

______________________________________________________

التعرض لسجود السهو. ومع هذا كله يشكل الاعتماد عليها في الفتوى بالوجوب. وأما صحيح صفوان : « عن سجدتي السهو ، فقال (ع) : إذا نقصت فقبل التسليم ، وإذا زدت فبعده » (١) ونحوه خبر سعد بن سعد (٢) فمع عدم العمل بمضمونهما غير ظاهرين في العموم ـ فضلا عن الوجوب ـ لورودهما لبيان المحل ، فلا مجال للاستدلال بهما على ما نحن فيه. وأما صحيح الفضيل وموثق سماعة المتقدمات وصحيح الحلبي : « إذا لم تدر أربعاً صليت أم خمساً ، أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم ، واسجد سجدتين ـ بغير ركوع ولا قراءة ـ تتشهد فيهما تشهدا خفيفاً » (٣) فظاهرهما وجوب سجود السهو مع العلم إجمالا بأحد الأمرين من الزيادة والنقيصة. ومثلها : صحيح زرارة عن الباقر (ع) : « قال رسول الله (ص) : إذا شك أحدكم في صلاته ـ فلم يدر زاد أم نقص ـ فليسجد سجدتين ـ وهو جالس ـ وسماهما رسول الله (ص) المرغمتين » (٤) واستفادة الحكم منها في المقام ـ وهو صورة العلم تفصيلا بزيادة الجزء ، أو العلم كذلك بنقصانه الذي هو محل الكلام ـ بالأولوية ـ كما عن المختلف والذكرى ـ ممنوعة ، لعدم ثبوت الأولوية.

[١] لعدم كونها نقيصة حقيقة ، فإن من نسي الفاتحة ـ مثلا ـ حتى قرأ السورة فذكر قبل الركوع ورجع لتدارك الفاتحة والسورة لم تكن منه نقيصة. نعم كانت منه زيادة السورة ، فعليه سجود السهو.

[٢] قد عرفت مكرراً : أن ما يسمى أجزاء مستحبة ليس أجزاء حقيقة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٦.

(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ١٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ١٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢.

٥٤٥

ـ كما إذا قنت في الركعة الأولى مثلا ، أو في غير محله من الثانية. ومثل قوله : « بحول الله » في غير محله ـ لا مثل التكبير أو التسبيح [١] ، إلا إذا صدق عليه الزيادة ـ كما إذا كبر بقصد تكبير الركوع في غير محله ـ فان الظاهر صدق الزيادة عليه ، كما أن قوله : « سمع الله لمن حمده » كذلك. والحاصل : أن المدار على صدق الزيادة. وأما نقيصة المستحبات فلا توجب [٢]

______________________________________________________

لا من الماهية ولا من الفرد ، وإنما هي أمور مستحبة ، فاذا جاء بها في غير محلها ـ على النحو الموظف في المحل ـ لم تكن منه زيادة ، ولا توجب البطلان لو كانت عن عمد أو جهل بالحكم.

[١] إذا قلنا : بأن الأجزاء المستحبة أجزاء حقيقة يكون الفرق بين الاجزاء المستحبة الذكرية والدعائية ـ مثل القنوت والتكبيرات الموظفة في المواضع المعينة ، وقول : « بحول الله وقوته » ونحوها ـ وبين مطلق الذكر والدعاء ـ مما يجوز فعله في الصلاة ـ هو أن الأول أجزاء والثانية ليست بأجزاء. أما بناء على ما عرفت من عدم جزئيتها فالفرق بينها : أن الأول مستحبة في المواضع المعينة زائدا على استحبابها الذاتي ، والأخيرة ليست كذلك ، بل هي على استحبابها الذاتي ، فالاتي بها سهوا في غير المحل المعين يكون مخطئا في امتثال الأمر بالخصوصية لا غير ، بلا صدق الزيادة بالمرة.

[٢] فإن نقصانها ليس نقصانا حقيقة ، وإنما هو عدم كمال للمأمور به ، فهو نقصان عن مرتبة الكمال ، لا عن مرتبة الذات.

فان قلت : إذا كان المراد من النقصان الموجب للسجود هو النقصان عن مرتبة الذات ، كان المراد من الزيادة الموجبة له هو الزيادة على مرتبة الذات ، ولازمه أن لو جاء بالجزء المستحب في محله سهوا كان عليه السجود‌

٥٤٦

حتى مثل القنوت ، وإن كان الأحوط عدم الترك في مثله [١] إذا كان من عادته [٢] الإتيان به دائما. والأحوط عدم تركه في الشك في الزيادة أو النقيصة [٣].

______________________________________________________

لأنه زيادة على مرتبة الذات.

قلت : لا ملازمة بين كون المراد من النقيصة ما كان بالإضافة إلى مرتبة الذات وبين كون المراد من الزيادة ذلك ، بل الظاهر من كل من الزيادة والنقيصة في المقام ما لا يجوز فعله عمداً ، والموجب لحمل الزيادة على الزيادة على الكامل ، والنقيصة على النقيصة عن أصل الذات. والقرينة على ذلك : ظهور النصوص في كون السجود لأجل وقوع الخلل ، وهو إنما يكون بذلك. وكيف كان فمبنى هذا الاشكال : هو كون الاجزاء المستحبة أجزاء حقيقة ولا مجال له على ما اخترنا.

[١] لشبهة القول بالوجوب فيه ، كما عن ظاهر بعضهم.

[٢] كان الاولى أن يقول ـ كما في نجاة العباد ـ : « إذا كان عازما على فعله ونسيه » فإنه محل الخلاف. ولعله المراد.

[٣] وعن المختلف والروض : وجوبه. ويشهد له صحاح الحلبي ، وزرارة والفضيل ، وموثق سماعة المتقدمة (١) وحمل الأول على الزيادة والنقيصة في الركعات غير ممكن ، لحكمهم فيه بالبطلان. وجعل العطف فيه على الشرط ـ ليكون دليلا على وجوبه للزيادة أو النقيصة ـ خلاف الظاهر ، كما عرفت. مع أن في البقية كفاية. نعم ظاهر النصوص صورة العلم الإجمالي بالزيادة أو النقيصة ، فلا تصلح لإثبات المدعى. مضافا الى وهنها بإعراض الأصحاب ، وبوجوب تخصيصها بمثل مصحح الحلبي : « عن رجل سها فلم يدر سجد سجدة أو ثنتين. قال (ع) : يسجد أخرى ، وليس عليه ـ بعد‌

__________________

(١) تقدم ذكرها في أوائل الأمر السادس من موجبات سجود السهو.

٥٤٧

( مسألة ٢ ) : يجب تكرره بتكرر الموجب [١] ، سواء كان من نوع واحد أو أنواع. والكلام الواحد موجب واحد [٢]

______________________________________________________

انقضاء الصلاة ـ سجدتا السهو » (١) وبما دل على أن الشك بعد تجاوز المحل وبعد الفراغ لا يعتنى به (٢) ـ فتأمل ـ وبلزوم الهرج الموجب للسؤال ووضوح الحال ، لكثرة الابتلاء باحتمال الزيادة والنقيصة ، فيمتنع عادة وجوبهما مع كونه بهذا الخفاء ، فالحمل على الاستحباب أولى في قبال ذلك كله. نعم احتمال وجوبهما مع العلم الإجمالي ـ كما هو ظاهر النصوص المذكورة ـ غير بعيد ـ كما اختاره في المختلف ، وحكاه عن أبي جعفر ابن بابويه ـ لسلامته عما ذكر ، عدا عدم اشتهار القول به. فتأمل جيدا.

[١] لأصالة عدم التداخل ـ كما هي محققة في الأصول ـ من دون فرق بين اتحاد نوع السبب وتعدده.

[٢] لا ينبغي التأمل في تكرار السجود مع تكرار السبب المختلف النوع سواء اتحد السهو أم تعدد ، بناء على ما عرفت من أصالة عدم التداخل. وكذا مع تكرار الفرد والسهو معاً في متحد النوع ، كما لو سها فتكلم بفرد من الكلام ثمَّ التفت ثمَّ سها فتكلم بفرد آخر ، أما لو اتحد السهو مع تكرر الفرد أو بالعكس ـ كما لو سها فتكلم ثمَّ التفت ثمَّ سها فأتم كلامه السابق بنحو يعد المجموع كلاما واحداً وفرداً واحداً ـ فهل العبرة بالوحدة والتعدد نفس الوجود مع قطع النظر عن السهو ، أو بوحدة السهو وتعدده مع قطع النظر عن موضوعه؟ فعلى الأول يلزم في الفرض الأول سجود متعدد ، وفي الفرض الثاني سجود واحد ، وعلى الثاني بالعكس. ظاهر الذكرى : الثاني ويقتضيه ما في المتن من قوله (ره) : « نعم .. » وظاهر بقية كلامه :

__________________

(١) الوسائل باب : ١٥ من أبواب السجود حديث : ١.

(٢) راجع المسألتين : ٩ ، ١٠ من فصل الشك.

٥٤٨

وإن طال. نعم إن تذكر ثمَّ عاد تكرر. والصيغ الثلاث للسلام موجب واحد [١] ،

______________________________________________________

الأول. والجمع بين الأمرين غير ممكن ، لأنه يستلزم تعدد النظر. ومقتضى قياس المقام على غيره من نظائره : هو الأول. مع أن ملاحظة الوحدة العرضية من جهة السهو ـ وكذا التعدد ـ محتاج إلى عناية زائدة ، والأصل عدمها. وقد عرفت : أن لازم ذلك ـ أنه مع وحدة الكلام وتعدد السهو ـ أن لا يجب إلا سجود واحد ، لا كما ذكر في المتن. وهكذا الحال في الزيادة والنقيصة ، فإنهما إذا اتحدتا اتحد السجود ولو مع تعدد السهو ، وإن تعددتا تعدد السجود ولو مع اتحاد السهو. اللهم إلا أن يفهم من إضافتهما إلى السهو ـ حيث عبر عنهما بسجدتي السهو ، ومن قول النبي (ص) : « إنهما المرغمتان ، لأنهما ترغمان أنف الشيطان » (١) الظاهر في كون ذلك مجازاة للشيطان على فعل السهو في المصلي أن المدار على السهو في الوحدة والتعدد ويؤيده ـ أو يعضده ـ ما ورد فيمن سلم على النقص (٢) الظاهر في كون مورده زيادة التشهد والتسليم معا ، مع أنه ظاهر في وجوب سجود واحد فاذاً المدار في تعدد السجود واتحاده تعدد السهو واتحاده.

[١] كما يقتضيه ترك الاستفصال في النص الدال على وجوبه (٣) فراجع تجد مورده صورة الخروج عن الصلاة بالتسليم. وهو قد يكون بالثلاث وقد يكون باثنتين ، وقد يكون بواحدة ، بل عرفت : أنه ظاهر في الاكتفاء بسجود واحد لزيادة التشهد والتسليم معا. نعم لا يكون الخروج عنها بالتسليم على النبي (ص) فوجوب السجود له ـ لو جي‌ء به وحده سهوا ـ مبني على كونه زيادة ، وعلى وجوب السجود لكل زيادة. والأول : ممنوع ، والثاني :

__________________

(١) تقدم ذلك في الأمر السادس من موجبات سجود السهو.

(٢) راجع الأمر الثاني من موجبات سجود السهو.

(٣) راجع الأمر الثاني من موجبات سجود السهو.

٥٤٩

وإن كان الأحوط التعدد [١]. ونقصان التسبيحات الأربع موجب واحد [٢] ، بل وكذلك زيادتها وإن أتى بها ثلاث مرات.

( مسألة ٣ ) : إذا سها عن سجدة واحدة من الركعة الأولى ـ مثلا ـ وقام وقرأ الحمد والسورة ، وقنت وكبر للركوع ، فتذكر قبل أن يدخل في الركوع ، وجب العود للتدارك ، وعليه سجود السهو ست مرات [٣] ، مرة لقوله ، « بحول الله » ومرة للقيام ، ومرة للحمد ، ومرة للسورة ، ومرة للقنوت ، ومرة لتكبير الركوع. وهكذا يتكرر خمس مرات لو ترك التشهد وقام وأتى بالتسبيحات والاستغفار بعدها وكبر للركوع فتذكر.

( مسألة ٤ ) : لا يجب فيه تعيين السبب [٤] ، ولو مع التعدد. كما أنه لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه على الأقوى أما بينه وبين الأجزاء المنسية والركعات الاحتياطية فهو مؤخر عنهما ، كما مر.

______________________________________________________

قد عرفت إشكاله.

[١] لاحتمال كونها زيادات متعددة ، فيتعدد لها السجود.

[٢] هذا يناسب كون المعيار في وحدة كل من الزيادة والنقيصة وتعددهما هو وحدة السهو المؤدي إليهما وتعدده ، وإلا فالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير عناوين متباينة ، فهي زيادات متعددة. فتأمل.

[٣] ومقتضى كون المعيار وحدة السهو وتعدده وجوب مرة واحدة لأنها عن سهو واحد. ومنه يظهر الحال فيما يأتي.

[٤] قد تقدم في الأجزاء المنسية : الكلام فيه ، وفي الترتيب فيما بينها‌

٥٥٠

( مسألة ٥ ) : لو سجد للكلام فبان أن الموجب غيره فان كان على وجه التقييد وجبت الإعادة [١] ، وإن كان من باب الاشتباه في التطبيق أجزأ [٢].

( مسألة ٦ ) : يجب الإتيان به فوراً ، فإن أخر عمداً عصى [٣] ولم يسقط ، بل وجبت المبادرة إليه. وهكذا. ولو‌

______________________________________________________

وفي الترتيب بينها وبين الأجزاء المنسية. فراجع.

[١] لبطلان التعبد به ، لانتفاء المقيد بانتفاء قيده.

[٢] لتحقق الامتثال بالأمر الواقعي ، وإن أخطأ في وصفه.

[٣] كما هو المشهور. وليس عليه دليل ظاهر ، فإن الأمر لا يدل على الفور ، كما لا يدل عليه الأمر بفعلهما بعد التسليم ، أو بعده وهو جالس أو هو جالس قبل أن يتكلم ، كما لعله ظاهر ، بل ما في موثق عمار ـ : « عن الرجل يسهو في صلاته فلا يذكر ذلك حتى يصلي الفجر كيف يصنع؟ قال (ع) : لا يسجد سجدتي السهو حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها » (١) ـ ظاهر في عدم وجوب الفورية. وكأنه لذلك اختار العلامة (ره) والشهيدان في النهاية والألفية وشرحها : استحباب المبادرة.

نعم المحكي عن ظاهر جماعة : عدم جواز إيقاع المنافيات بينهما وبين الصلاة. ولعل وجهه : ما في صحيحتي الحلبي وابن أبي يعفور وغيرهما من الأمر بإيقاعها قبل الكلام (٢) ـ بناء على أن ذكر الكلام لأنه أحد الأفراد الغالبة ـ بل لعل ما في رواية منهال القصاب : « أسهو في الصلاة وأنا خلف الامام ، فقال (ع) : إذا سلم فاسجد سجدتين ولا تهب » (٣)

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب التشهد حديث : ٣ ، باب : ٧ من أبواب التشهد حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٦.

٥٥١

نسيه أتى به إذا تذكر وإن مضت أيام [١] ، ولا يجب إعادة الصلاة ، بل لو تركه أصلا لم تبطل على الأقوى [٢].

______________________________________________________

يقتضي حرمة القيام قبلها. ولعل فيه إيماء إلى الفورية ، إذ القيام ليس من المنافيات ، فالمنع من إيقاعه قبلها لا بد أن يكون المراد منه لزوم المبادرة إليها ، بل لعل منه يتضح المراد من الأمر بفعله حال الجلوس في النصوص المتقدمة (١) ـ يعني : حال الجلوس المتصل بالجلوس حال الصلاة ـ ولا سيما بملاحظة أن السجود لا يكون في حال الجلوس ، ولا في حال القيام إذ هو كيفية خاصة مباينة للجلوس وللقيام ، فليس معنى فعله حال الجلوس إلا فعله قبل القيام على حالة ـ الجلوس الصلاتي. لكن هذا المعنى غير ظاهر في المبادرة المفهومة من كلام المشهور ، بل هو مبادرة على نحو آخر. وحملها على المبادرة عند المشهور ـ بمعنى : اتصال فعلها بالتسليم ـ لا يخلو من تأمل. وأما موثق عمار فالظاهر أنه لا قائل به من الأصحاب ـ كما عن الحدائق ـ وحينئذ يشكل الاعتماد عليه. مع أنه وارد في مورد خاص ، فلا يصلح المعارضة ما يدل على الفورية ـ لو تمَّ ـ فاذاً الأحوط ـ إن لم يكن أقوى وجوب الفورية وحرمة المنافيات قبلها ، وقد يساعده : ارتكاز المتشرعة أنها من متعلقات الصلاة.

[١] كما يشير إليه الموثق المتقدم.

[٢] كما هو المشهور شهرة عظيمة ، لأن الأصل في الأمر النفسية. ولما دل على مفرغية التسليم ، لتسميتهما بالمرغمتين في بعض النصوص (٢) الظاهرة في أن وجوبهما لمحض إرغام الشيطان ، بلا دخل لهما في نفس الصلاة‌

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٧ من أبواب التشهد حديث : ٤ ، وباب : ٩ حديث : ١ ، وباب : ١١ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٨ ، ٩ ، وباب : ١٤ حديث : ٢ ، ٣.

(٢) راجع الأمر السادس من موجبات سجود السهو.

٥٥٢

( مسألة ٧ ) : كيفيته : أن ينوي [١] ، ويضع جبهته على الأرض أو [٢]

______________________________________________________

ولا سيما وكون ذلك خلاف أصالة البراءة المحققة في الشك في الأقل والأكثر اللهم إلا أن يقال : الظاهر من الأمر الوارد في مورد بيان الجزئية والشرطية هو ذلك لا النفسية ، ولا فرق بين أن يكون المأمور به متأخراً أو متقدما أو مقارنا لثبوت الشروط المتأخرة عرفا. ومفرغية التسليم مطلقا ـ لو تمت ـ فإنما تنافي الجزئية للصلاة ، لا الارتباط بينهما وبينهما ، كالأجزاء المنسية المتلازمة مع الصلاة سقوطاً وثبوتا مع أنها ليست جزءاً منها. كما لا ينافيها ـ أيضا ـ كونهما المرغمتين ، لأن الإرغام لا ينافي الجزئية. ولا مجال للرجوع في المقام إلى البراءة ، للعلم بوجوب السجدتين ، وإنما الشك في كيفية وجوبهما وأنه نفسي أو غيري. وكأنه لذلك اختار في محكي الخلاف : الشرطية. وكذا عن ظاهر المعتبر وصريح الوحيد في شرح المفاتيح وشرح المدارك.

هذا ولا يبعد أن يكون المراد من كونهما المرغمتين : أن وجوبهما لمحض الإرغام للشيطان ، مجازاة له على إيقاعه المصلي بالسهو ، فيكون ذلك بمنزلة الحاكم على ظهور الأدلة في الوجوب الارتباطي. فتأمل ، والله سبحانه أعلم.

[١] لأنه عبادة قطعا ، فيعتبر فيه النية كما يعتبر في كلية العبادة. بل يعتبر في نيتهما ما يعتبر في نية العبادة من القربة وغيرها.

[٢] استشكل غير واحد في وجوب ذلك ، لأصالة البراءة لو لم يتم الإطلاق ، وإلا كان دليلا على عدم وجوبه وانصراف الدليل إلى خصوص ذلك بنحو يخرج به عن الإطلاق أو الأصل ممنوع. اللهم إلا أن يستفاد مما دل على اعتباره في سجود الصلاة ، لإطلاق بعضه بنحو يشمل المقام ، ولا سيما ما اشتمل منه على التعليل : « بأن الناس عبيد ما يأكلون ويلبسون » فان ذلك ظاهر في اعتباره في مطلق السجود.

٥٥٣

غيرها مما يصح السجود عليه ـ ويقول [١] :

______________________________________________________

[١] المشهور ـ كما قيل ـ وجوب الذكر في الجملة. وعن جماعة ـ منهم المحقق في المعتبر والنافع والعلامة في المنتهى والمختلف ـ العدم ، لما عرفت : من الأصل ، والإطلاق ، مضافا إلى موثق عمار : « عن سجدتي السهو هل فيهما تسبيح أو تكبير؟ فقال (ع) : لا ، إنما هما سجدتان فقط ( إلى أن قال ) : وليس عليه أن يسبح فيهما ، ولا فيهما تشهد بعد السجدتين » (١). وقد عرفت : منع دعوى الانصراف بنحو يصلح لتقييد المطلقات ، فضلا عن صلاحية المعارضة للموثق. ودعوى : سقوط الموثق باعراض المشهور ساقطة ، إذ لم يثبت الاعراض بنحو يوجب السقوط عن الحجية ، لاحتمال بنائهم على الترجيح للتعارض وعدم الجمع العرفي. وأما صحيح الحلبي المروي ـ فيما يحضرني من نسخة الفقيه ـ عن أبي عبد الله (ع) ، أنه قال : « تقول في سجدتي السهو : بسم الله ، وبالله ، وصلى الله على محمد وآل محمد قال : وسمعته مرة أخرى يقول : بسم الله ، وبالله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته » (٢). وكذا روي عن الكافي ، إلا أن فيه : « اللهم صل .. » فقد يعارض برواية الشيخ (ره) له ـ فيما يحضرني من نسخة التهذيب المعتبرة ـ هكذا : « سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في سجدتي السهو : بسم الله ، وبالله ، وصلى الله على محمد وآل محمد. قال : وسمعته مرة أخرى يقول فيهما : بسم الله ، وبالله ، والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ». وكذا رواها في المدارك عن الشيخ (ره) ، بل في نسخة أخرى من الفقيه أنه قال : « كان يقول في سجدتي .. » إذ عليه لو سلمت الرواية عن المناقشة في حجيتها ، من جهة تضمنها السهو‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٠ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٢٠ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١.

٥٥٤

______________________________________________________

« بسم الله ، وبالله ، وصلى الله على محمد وآله » [١] ، أو يقول : « بسم الله ، وبالله ، اللهم صل على محمد وآل محمد » [٢] أو يقول : « بسم الله ، وبالله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة المنزه عنه الامام (ع) ـ ولو بحملها على كون الفعل المذكور صادراً منه (ع) من أجل التعليم فيكون البيان بالفعل ـ فلا تخرج عن كونها حكاية لفعله وهو أعم من الوجوب. ولو بني على إجراء قواعد التعارض في مثل هذا الاختلاف ـ كما هو الظاهر ـ الموجب لترجيح رواية الكافي والفقيه على رواية الشيخ ، فلا تقوى على معارضة الموثق المتقدم ، المعتضد بالإطلاقات ودعوى : كون المنفي في الموثق هو التسبيح فلا يشمل الذكر المخصوص خلاف ظاهر قوله (ع) : « إنما هما سجدتان فقط » مضافا إلى أن قول الحلبي ـ في روايتي الكافي والفقيه ـ : « وسمعته مرة أخرى .. » ظاهر في كون ما ذكره ـ أولا ـ كان سماعا منه لقوله فيهما ، لا لأمره بالقول فيهما ـ كما هو ظاهر الصدر ـ فتوافقان رواية الشيخ ، ولا تصلحان ـ أيضا ـ لإثبات الوجوب.

ثمَّ على تقدير القول بوجوب الذكر فهل يتعين ما في صحيح الحلبي ـ كما عن جمل الشيخ والغنية ونهاية الاحكام والقواعد والدروس والتبيان واللمعة والذكرى وغيرها ـ أولا ـ كما عن المبسوط والتحرير والموجز والذخيرة ـ؟ وجهان ، مبنيان على تمامية دلالة الصحيح على الوجوب وعدمها.

[١] هذه الصورة ـ أعني : إبدال الظاهر بالضمير ـ لم أعرف لها مأخذا. نعم عن التقي والمحقق الثاني في حاشية النافع : ذكرها فقط. كما أنه لم يظهر الوجه في إهمال صورة إبدال الضمير بالظاهر المذكورة في روايتي الفقيه والتهذيب.

[٢] هذه الصورة محكية عن الكافي.

٥٥٥

الله وبركاته » [١] ثمَّ يرفع رأسه [٢] ، ويسجد مرة أخرى ويقول ما ذكر ، ويتشهد [٣] ،

______________________________________________________

[١] كذا في الكافي والفقيه. ولكن رواها الشيخ بزيادة ( الواو ) وعن الوحيد (ره) : الجزم بأن الأصح ترك الواو. ولكن لم يظهر الفرق بينها وبين الواو في « وصلى الله .. » ثمَّ إن الاختلاف في نقل الرواية إن كان من قبيل تعارض الحجتين كما هو الظاهر جرى حكم تعارض الأخبار والحكم : التخيير في المسألة الأصولية في الذكر الأول بين الروايتين ـ وكذا في الذكر الثاني ـ فعلى المجتهد اختيار إحدى الروايتين والفتوى بمضمونها ، لا التخيير في العمل ، كما يظهر من المتن ، ويختص التخيير في العمل بين الذكرين لا غير. نعم قد يرجح ترك ( الواو ) في الثانية ، لاتفاق الكافي والفقيه عليه ، ويرجح ترك : « اللهم » في الأولى ، لاتفاق الفقيه والتهذيب عليه. وان كان من قبيل اشتباه الحجة بغير الحجة بني على التساقط وعمل بالاحتياط ، وهو في الصورة الأولى بالجمع بين الكيفيتين ، وفي الثانية بذكر ( الواو ) ولا ينافيه احتمال الزيادة ، إذ لا دليل على قدح الزيادة هنا. ولذا استشكل في مفتاح الكرامة فيما حكاه عن جماعة : من وجوب الإعادة إن زاد فيها ركناً ، كما لو سجد أربع سجدات. نعم الأصل يقتضي قدح النقيصة. وبعض الأعاظم (١) من محشي نجاة العباد ذكر : أن الأحوط حذف الواو. ولم يتضح لي وجهه. وقد سألته ( قده ) عنه فلم أوفق لمعرفة الجواب. والله سبحانه الموفق للصواب.

[٢] لا ينبغي التأمل في اعتباره ، لتوقف الاثنينية عليه.

[٣] على المشهور ، كما عن جماعة ، بل عن ظاهر التذكرة وصريح المعتبر والمنتهى : الإجماع عليه. ويشهد به جملة من النصوص ، ففي صحيح

__________________

(١) المرحوم ميرزا محمد تقي الشيرازي ـ قدس‌سره ـ ( منه مد ظله ).

٥٥٦

ويسلم [١]. ويكفي في تسليمه : السلام عليكم [٢]. وأما التشهد فمخير بين [٣] التشهد المتعارف والتشهد الخفيف ، وهو قوله :

______________________________________________________

الحلبي : « واسجد سجدتين ، بغير ركوع ولا قراءة ، تتشهد فيهما تشهداً خفيفا » (١) ‌ونحوه ما في صحيح ابن يقطين ، (٢) ورواية سهل بن اليسع (٣) و‌في رواية أبي بصير : « يتشهد فيهما » (٤) ‌ونحوه ما في رواية الحسن الصيقل‌ (٥) لكن يعارضها موثق عمار المتقدم‌ (٦) والجمع العرفي بينها يقتضي حملها على الاستحباب ، كما عن المختلف وجماعة ممن تأخر عنه. وسقوط الموثق عن الحجية بمجرد الاعراض مشكل ، لاحتمال كون منشأ الاعراض الترجيح ، لبنائهم على ثبوت التعارض وامتناع الجمع العرفي ، كما تقدم.

[١] كما هو المشهور ، وعن المعتبر والمنتهى : الإجماع عليه. وفي صحيح ابن سنان : « إذا كنت لا تدري أربعاً صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو ـ بعد تسليمك ـ ثمَّ سلم بعدهما » (٧) ونحوه موثق أبي بصير (٨) وربما يعارضان بموثق عمار المتقدم والكلام فيه كما تقدم في التشهد.

[٢] للكفاية في الصلاة ، كما تقدم.

[٣] قد عرفت : أن نصوص التشهد ما بين مطلق ومقيد بالخفيف.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٤.

(٢) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٦.

(٣) الوسائل باب : ١٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٧ من أبواب التشهد حديث : ٦.

(٥) الوسائل باب : ٨ من أبواب التشهد حديث : ١.

(٦) راجع أوائل الكلام في هذه المسألة.

(٧) الوسائل باب : ١٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١.

(٨) الوسائل باب : ١٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣.

٥٥٧

أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، اللهم صل على محمد وآل محمد. والأحوط الاقتصار على الخفيف [١] كما أن في تشهد الصلاة ـ أيضاً ـ مخير بين القسمين ، لكن الأحوط هناك التشهد المتعارف ، كما مر سابقا. ولا يجب التكبير [٢] للسجود ، وإن كان أحوط [٣]. كما أن الأحوط‌

______________________________________________________

ومقتضى وجوب حمل المطلق على المقيد وجوب كونه خفيفاً. لكن لا يبعد حمل المقيد على عدم مشروعية الزيادة على الخيف ، لا على قدح الزيادة ، كما هو مقتضى الجمود على نفس العبارة. ونظيره قوله (ع) في صحيح الحلبي : « بغير ركوع ولا قراءة » فإن المراد نفي مشروعية الركوع والقراءة لا مانعيتهما. وما ذكرناه من المعنى وسط بين الرخصة ـ المنسوبة إلى الكركي والشهيد الثاني ـ وبين العزيمة التي هي ظاهر من أطلق التعبير بالخفيف ، والظاهر من الخفيف ما خلا من الزيادات. ولا يبعد أن يكون للخفة مراتب ، وأن الخفيف كما يصدق على الصورة المذكورة في المتن ـ لو قلنا بالاكتفاء بها في الصلاة ـ يصدق على التشهد المتعارف ، بل وعلى ما يزيد عليه ببعض الكلمات اليسيرة.

[١] هذا غير ظاهر ، لاحتمال أن يكون المراد من الخفيف خصوص المتعارف ، ولم يثبت اصطلاح للشارع في الخفيف ـ وأنه ما ذكر في المتن ـ كي يحمل عليه في النصوص ، فالاحتياط ينبغي أن يكون في الجمع بينهما. مع أن هذا الاحتياط قد يعارضه الاحتياط في عدم الاكتفاء به في الصلاة لأن نصوص المقام لا تشرع كيفية في التشهد ، وإنما تلزم بالمشروع الخفيف فلا بد من استفادة مشروعية الكيفية من دليل مشروعيتها في الصلاة.

[٢] كما هو المعروف ، للأصل ، ولموثق عمار المتقدم (١).

[٣] لما عن الشيخ في ظاهر المبسوط : من القول بالوجوب. واستشكل‌

__________________

(١) راجع الكلام في أوائل هذه المسألة.

٥٥٨

مراعاة جميع ما يعتبر في سجود الصلاة فيه : من الطهارة من الحدث والخبث ، والستر ، والاستقبال ، وغيرها من الشرائط والموانع التي للصلاة ـ كالكلام والضحك في الأثناء وغيرهما ـ فضلا عما يجب في خصوص السجود : من الطمأنينة ، ووضع سائر المساجد ، ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه. والانتصاب مطمئناً بينهما ، وإن كان في وجوب ما عدا ما يتوقف عليه اسم السجود وتعدده نظر [١].

( مسألة ٨ ) : لو شك في تحقق موجبه وعدمه لم يجب عليه [٢].

______________________________________________________

فيه فيما عن نهاية الاحكام. ويشهد له خبر عمرو بن خالد ، عن زيد ، عن آبائه ـ عليهم‌السلام ـ عن علي (ع) ـ المتضمن لسهو النبي (ص) : « قال : فاستقبل القبلة ، وكبر ـ وهو جالس ـ ثمَّ سجد سجدتين .. » (١) لكن لو تمَّ حجة في نفسه ، فلا يصلح لمعارضة ما عرفت.

[١] لكون ذلك كله خلاف ما يقتضيه أصل البراءة ، وإطلاق الأدلة لكن عرفت أنه يمكن أن يستفاد من الأمر بفعله قبل الكلام : المنع من فعل المنافيات مطلقا فيما بينه وبين الصلاة ، وفي أثناء فعله أيضا. كما عرفت أيضا ـ مما دل على وجوب السجود على الأرض أو ما بحكمها. وكذا مما دل على أن السجود على سبعة أعظم ـ وجوب ذلك فيه أيضا. أما غير ذلك فمنع اعتباره أظهر.

[٢] لأصالة عدم الموجب ، إما بمعنى استصحاب عدمه ، أو قاعدة التجاوز لو كان نفس الموجب عدمياً ، كما لو شك في النقيصة. وكيف كان فالأصل المذكور موافق لأصالة البراءة من وجوبه.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٩ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٩.

٥٥٩

نعم لو شك في الزيادة أو النقيصة فالأحوط إتيانه ، كما مر [١].

( مسألة ٩ ) : لو شك في إتيانه بعد العلم بوجوبه وجب [٢] وإن طالت المدة. نعم لا يبعد البناء على إتيانه بعد خروج وقت الصلاة [٣] ، وإن كان الأحوط عدم تركه خارج الوقت أيضا.

( مسألة ١٠ ) : لو اعتقد وجود الموجب ثمَّ بعد السلام شك فيه لم يجب عليه [٤].

( مسألة ١١ ) : لو علم بوجود الموجب وشك في الأقل والأكثر بنى على الأقل [٥].

( مسألة ١٢ ) : لو علم نسيان جزء وشك بعد السلام في أنه هل تذكر قبل فوت محله وتداركه أم لا؟ فالأحوط إتيانه [٦].

______________________________________________________

[١] من احتمال كون نفس الشك موضوعا لوجوب السجود واقعا.

[٢] لقاعدة الاشتغال ، أو أصالة عدم إتيانه.

[٣] إلحاقا له بالصلاة. لكنه غير ظاهر.

[٤] لأصالة عدم الموجب ، وقاعدة اليقين غير ثابتة.

[٥] لأصالة عدم الزائد المشكوك.

[٦] بل مقتضى أصالة عدم التدارك تحقق النقص ، فيجب له السجود وكأن منشأ التوقف في المتن : احتمال الرجوع إلى قاعدة الفراغ ، المقدمة على الأصل المذكور. وفيه : أن بقاء جزئية المنسي بعد تجاوز المحل الشكي موقوف على الذكر والالتفات إليه ، وإلا فلو استمر النسيان إلى أن دخل في الركن لم يكن جزءا من حين تركه والدخول فيما بعده. وحينئذ لا مجال لقاعدة الفراغ ، لأن جريانها لإثبات الجزء يتوقف على ثبوت الجزئية ،

٥٦٠