مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

أو كان عظيما في أنفس أهل الشرع [١].

( مسألة ١٤ ) : إذا شهد عدلان بعدالة شخص كفى في ثبوتها [٢] ، إذا لم يكن معارضاً بشهادة عدلين آخرين [٣] بل وشهادة عدل واحد [٤] بعدمها.

______________________________________________________

[١] هذا إذا علم كون الارتكاز المذكور منتهيا الى المعصومين (ع) فيكون كسائر المرتكزات الشرعية التي تكون حجة على مؤدياتها. هذا وزاد شيخنا الأعظم (ره) في الرسالة ـ في طرق إثبات كون المعصية كبيرة ـ : أن يرد النص بعدم قبول شهادة مرتكبها ، كما ورد النهي عن الصلاة خلف العاق. (١) أقول : هذا مبني على عدم قدح الصغيرة في العدالة ، ولا في جواز الشهادة والائتمام ، وإلا فلا يتم ما ذكر في إثبات الكبيرة. ثمَّ إنه لو شك في كون المعصية كبيرة أو صغيرة ، كفى أصالة عدم كونها مما أوعد الله تعالى عليها النار في إثبات كونها صغيرة.

[٢] بلا إشكال ولا خلاف. لعموم حجية البينة. وتقدم في المياه : تقريب دلالة رواية مسعدة بن صدقة عليه (٢) ويمكن استفادته : من إرسال النبي (ص) رجلين من أصحابه لتزكية الشهود (٣) ومما ورد في رواية علقمة من قوله (ع) : « فمن لم تره بعينك يرتكب ذنباً ، ولم يشهد عليه بذلك شاهدان ، فهو من أهل العدالة والستر .. » (٤) بناء على عدم الفصل بين الفسق والعدالة.

[٣] وإلا تساقطا ، لأصالة التساقط ، المحررة في محلها.

[٤] لكن تقدم مراراً : الاشكال فيه ، لعدم تمامية دلالة آية النبإ.

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

(٢) راجع المسألة : ٦ من فصل ماء البئر ج ١ من هذا الشرح.

(٣) الوسائل باب : ٦ من أبواب كيفية أحكام القضاء حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٤١ من أبواب أحكام الشهادات حديث : ١٣.

٣٤١

( مسألة ١٥ ) : إذا أخبر جماعة غير معلومين بالعدالة بعدالته وحصل الاطمئنان كفى [١] ، بل يكفي الاطمئنان إذا حصل من شهادة عدل واحد. وكذا إذا حصل من اقتداء عدلين به ، أو من اقتداء جماعة مجهولين به.

والحاصل : أنه يكفي الوثوق والاطمئنان للشخص ـ من أي وجه حصل ـ بشرط كونه من أهل الفهم [٢] والخبرة والبصيرة والمعرفة بالمسائل ، لا من الجهال ، ولا ممن يحصل له الاطمئنان والوثوق بأدنى شي‌ء ، كغالب الناس.

( مسألة ١٦ ) : الأحوط أن لا يتصدى للإمامة من يعرف نفسه بعدم العدالة ، وإن كان الأقوى جوازه [٣].

______________________________________________________

بل ظاهر رواية مسعدة ـ بناء على ظهورها في عموم حجية البينة : ـ المنع عنه.

[١] لرواية أبي علي بن راشد : « لا تصل إلا خلف من تثق بدينه وأمانته » (١).

لكن لا عموم لها يقتضي حجية الوثوق بلحاظ جميع الاثار حتى غير موردها. اللهم إلا أن يدعى : بناء العقلاء على حجيته مع عدم الرادع. لكن رواية مسعدة ـ لو تمت دلالتها ـ تصلح للردع. فتأمل.

[٢] لانصراف النص إلى الوثوق العقلائي. ولما عن الاحتجاج عن الرضا (ع) : « قال علي بن الحسين (ع) : إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه ، وتماوت في منطقه وتخاضع في حركاته ، فرويداً لا يغرنكم » (٢) ـ الحديث مذكور في باب عدم جواز الاقتداء بالفاسق من الوسائل ـ لكن الظاهر : وروده مورد التشكيك والمنع من حصول الوثوق ، لا المنع من العمل به في ظرف حصوله.

[٣] الكلام في المسألة تارة : من حيث الحكم الوضعي ، وأخرى : من‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب صلاة الجماعة ملحق حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١٤.

٣٤٢

( مسألة ١٧ ) : الإمام الراتب في المسجد أولى بالإمامة من غيره [١].

______________________________________________________

حيث الحكم التكليفي. أما الأول : فهو أنه لا ينبغي التأمل في أن ظاهر الفتاوى اعتبار عدالة الإمام ـ واقعا ـ في صحة الائتمام ، كما أن ظاهر النصوص كذلك سواء منها ما تضمن النهي عن الصلاة خلف الفاسق ، وما هو ظاهر في اعتبار العدالة في الامام. وعليه فمع فسق الامام ـ واقعا ـ ينتفي الائتمام ، فلا يجوز لكل من الامام والمأموم ترتيب أثر ما عليه. ومجرد اعتقاد المأموم عدالة الإمام لا يكفي للإمام في ترتيب أثر الائتمام ، مع علمه بفسق نفسه وبطلان الائتمام واقعا. وقد تقدم : أن لو انكشف ـ بعد الصلاة ـ فسق الامام ، فقد انكشف بطلان الجماعة واقعا ، فضلا عما لو علم ذلك من أول الأمر وعلى هذا فلو تصدى الفاسق للإمامة لم يجز له ترتيب آثار الجماعة : من رجوعه إلى المأموم عند الشك ونحوه.

وأما الثاني : فمقتضى الأصل جواز التصدي ، ولا دليل على حرمته وقد تقدمت الإشارة الى عدم وجوب إعلام المأمومين بفساد الصلاة ، فضلا عن فساد الإمامة. وأما ما عن كتاب السياري : « قلت لأبي جعفر الثاني (ع) : قوم من مواليك يجتمعون ، فتحضر الصلاة ، فيقدم بعضهم فيصلي جماعة فقال (ع) : إن كان الذي يؤم بهم ليس بينه وبين الله تعالى طلبة فليفعل .. » (١) فالظاهر كونه ناظراً إلى الجهة الاولى ، لا الثانية. مع أن في حجيته تأملا.

[١] إجماعا صريحا وظاهراً ، حكاه جماعة كثيرة. وفي الفقه الرضوي : « وصاحب المسجد أحق بمسجده (٢) ( إلى أن قال ) : وصاحب المسجد‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١٢.

(٢) مستدرك الوسائل باب : ٢٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.

٣٤٣

وإن كان غيره أفضل منه [١] ، لكن الأولى له تقديم الأفضل [٢] وكذا صاحب المنزل [٣] أولى من غيره المأذون في الصلاة ، وإلا فلا يجوز [٤] بدون إذنه. والأولى ـ أيضا ـ تقديم [٥] الأفضل ، وكذا الهاشمي أولى [٦] من غيره المساوي له في الصفات.

______________________________________________________

أولى بمسجده » (١) ونحوه خبر الدعائم (٢).

[١] بلا خلاف ـ كما عن التذكرة ـ مع إطلاق ما في الرضوي والدعائم.

[٢] عملا بما دل على أولوية صاحب الفضيلة (٣). ولا يعارضه ما دل على أولوية صاحب المسجد ، لأن ظاهر دليل ولايته : أن له ولاية الإمامة ، بخلاف دليل أولوية صاحب الفضل ، فان ظاهره : أفضلية إمامته وليسا هما على نسق واحد. ولأجل تأمل الشهيد (ره) وغيره في ذلك ـ بل استظهر كون أولوية صاحب المسجد ، بمعنى : أولويته بالمباشرة للصلاة إماماً ـ تردد في أفضلية الاذن. وإن كان ما ذكرناه أولا هو الأظهر.

[٣] فعن الذكرى : إنه ظاهر الأصحاب. وعن المنتهى والحدائق والمفاتيح نفي الخلاف فيه. وعن المعتبر : اتفاق العلماء. وعن نهاية الأحكام : الإجماع عليه. لخبر أبي عبيدة : « ولا يتقدمن أحدكم الرجل في منزله » (٤).

[٤] لعدم إباحة المكان.

[٥] لما سبق في نظيره.

[٦] ولم يذكره الأكثر ، كما عن البيان. وعن الذكرى : « لم نره مذكورا في الأخبار إلا ما روي ـ مرسلا أو مسندا ، بطريق غير معلوم ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ٢٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.

(٢) مستدرك الوسائل باب : ٢٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.

(٣) راجع الوسائل باب : ٢٦ من أبواب صلاة الجماعة.

(٤) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

٣٤٤

( مسألة ١٨ ) : إذا تشاح الأئمة ـ رغبة في ثواب الإمامة ، لا لغرض دنيوي ـ [١] رجح من قدمه المأمومون [٢]

______________________________________________________

من قول النبي (ص) : قدموا قريشاً ولا تقدموها » (١). لكن ـ حيث أن الحكم استحبابي ربما يتسامح فيه ـ يمكن القول باستحباب ترجيحه على المساوي له في الصفات ، كما قيد به في المتن.

[١] لكن مقتضى ما تقدم ـ من عدم كون الجماعة من العبادات التي يعتبر فيها قصد التقرب ـ يمكن كون التشاح لغرض دنيوي. نعم يعتبر أن لا يكون محرما ، لئلا يقدح في العدالة المعتبرة في الإمام.

[٢] ذكر ذلك جماعة ، منهم الفاضلان والشهيدان. والترجيح به ظاهر إذا كان المراد ـ من تقديمهم تقديمهم له فعلا ، إذ لا مجال لامامة الأخر حينئذ حيث لا مأموم له. وإن كان المراد تقديمهم له شأنا ـ بمعنى : أن يكون للمأمومين رغبة وميل إلى تقديمه ـ يشكل الوجه فيه. والتعليل باجتماع القلوب وحصول الإقبال لا يصلح لرفع اليد عن إطلاق أدلة المرجحات الاتية. إلا أن يستلزم ذلك الرضا بامامة من قدّموه ، فيدخل فيما في حديث المناهي من قوله (ع) : « من أمّ قوما بإذنهم وهم به راضون .. ( إلى أن قال ) : فله مثل أجر القوم » (٢). ونحوه غيره. وفيما دل على كراهة إمامة من يكرهه المأمومون (٣). لكن منصرف ذلك : كون الرضا والكراهة لجهات شرعية موجبة للترجيح في نفسها ، فتدخل فيها المرجحات الاتية ، فلا يحسن جعلها في قبالها. فتأمل. والأمر سهل.

__________________

(١) راجع الذكرى في تتمة شرائط الامام ، وكنز العمال ج ٦ تحت عنوان : ( فضائل قريش ) صفحة ١٩٨.

(٢) الوسائل باب : ٢٧ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٢٧ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١ ، ٣ ، ٦.

٣٤٥

جميعهم ، تقديما ناشئاً عن ترجيح شرعي ، لا لأغراض دنيوية. وإن اختلفوا فأراد كل منهم تقديم شخص ، فالأولى ترجيح الفقيه الجامع [١].

______________________________________________________

[١] لما دل على فضل العلماء وأنهم : « ورثة الأنبياء » (١) وأنهم : « الحجج على الناس » (٢). وأنهم : « كأنبياء بني إسرائيل » (٣) وأنهم : « سادات الناس » (٤). وأن : « من أمّ قوما ـ وفيهم من هو أعلم منه ـ لم يزل أمرهم إلى السفال إلى يوم القيامة » (٥). وأن : « من صلى خلف عالم فكأنما صلى خلف رسول الله (ص) » (٦). وأن : « أئمتكم وافدكم ( وفدكم ظ ) إلى الله ، فانظروا من توفدون في دينكم وصلاتكم » (٧) ـ إلى غير ذلك ـ ولأجل ذلك كله يجب رفع اليد عما هو ظاهر النص والفتوى ـ بل نسب إلى الإجماع صريحا وظاهراً ـ من تقديم الترجيح بالأقرئية. ولا سيما وكون الصالح للاعتماد عليه من النصوص خبر أبي عبيدة الآتي. ومورده : صورة تشاح الأئمة في المأمومية ، وهو مما يبعد جداً شموله لصورة كون أحدهم فقيها والأخر عامياً. والترجيح بالأفقهية. فيه وفي غيره ـ بعد الأقرئية ، يراد به الترجيح بالتفاضل بالفقه ، لا على نحو يكون أحدهم مجتهدا والأخر عاميا مقلداً له أو لمثله. وإذ أن‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب صفات القاضي حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ١٠.

(٣) مستدرك الوسائل باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ٣٠.

(٤) لم نعثر على مصدره في الكتب التي بأيدينا.

(٥) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

(٦) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٥.

(٧) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.

٣٤٦

لشرائط ، خصوصا إذا انضم إليه شدة التقوى والورع ، فان لم يكن ، أو تعدد فالأولى تقديم الأجود قراءة [١] ، ثمَّ الأفقه [٢] في أحكام الصلاة. ومع التساوي [٣] فيها. فالأفقه في سائر‌

______________________________________________________

الترجيح ليس إلزاميا ، فالترجيح بما ذكر المصنف (ره) ـ لو سلم أنه خلاف ظاهر النصوص ـ أولى ، لكونه أقرب الى الواقع مما اشتملت هي عليه ، لقرب ورودها مورد التقية.

[١] ففي خبر أبي عبيدة : « سألت أبا عبد الله (ع) عن القوم من أصحابنا يجتمعون ، فتحضر الصلاة فيقول بعض لبعض : تقدم يا فلان ، فقال : إن رسول الله (ص) قال : يتقدم القوم أقرؤهم للقرآن ، فان كانوا في القراءة سواءً فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سناً فان كانوا في السن سواء فليؤمّهم أعلمهم بالسنة وأفقههم في الدين » (١) وفي الرضوي : « أولى الناس بالتقدم في الجماعة أقرؤهم للقرآن ، فان كانوا في القراءة سواء فأفقههم ، وإن كانوا في الفقه سواء فأقربهم هجرة فان كانوا في الهجرة سواء فأسنهم ، فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها » (٢). وفي خبر الدعائم : الترجيح بالأقدم هجرة ، فالأقرأ ، فالأفقه ، فالأكبر سنا » (٣). لكنه لا يصلح لمعارضة ما سبق.

[٢] هذا يوافق الرضوي ، ويخالف خبر أبي عبيدة. لكنه لا يقدح فيه ، لوهنه باعراض المشهور.

[٣] كذا حكي عن جماعة. لكنه لا يوافق إطلاق النص.

__________________

(١) تقدمت الإشارة إلى الرواية في المسألة السابقة.

(٢) مستدرك الوسائل باب : ٢٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.

(٣) مستدرك الوسائل باب : ٢٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.

٣٤٧

الاحكام ـ غير ما للصلاة ـ ثمَّ الأسن في الإسلام [١] ، ثمَّ من كان أرجح [٢] في سائر الجهات الشرعية.

والظاهر أن الحال كذلك إذا كان هناك أئمة متعددون فالأولى للمأموم اختيار الأرجح ـ بالترتيب المذكور ـ لكن إذا تعدد المرجح في بعض كان أولى ممن له ترجيح من جهة واحدة. والمرجحات الشرعية ـ مضافا الى ما ذكر ـ كثيرة ، لا بد من ملاحظتها في تحصيل الأولى. وربما يوجب ذلك خلاف الترتيب المذكور. مع أنه يحتمل اختصاص الترتيب المذكور بصورة التشاح بين الأئمة أو بين المأمومين ، لا مطلقاً فالأولى للمأموم ـ مع تعدد الجماعة ـ ملاحظة جميع الجهات في تلك الجماعة ـ من حيث الامام ، ومن حيث أهل الجماعة من حيث تقواهم وفضلهم الامام ، ومن حيث أهل الجماعة من حيث تقواهم وفضلهم وكثرتهم وغير ذلك ـ ثمَّ اختيار الأرجح فالأرجح.

______________________________________________________

[١] هذا لا يوافق الأقدم هجرة ، إذ قد يكون الأحدث هجرة أكبر سنا في الإسلام. ولا يوافق الأكبر سنا ، إذ قد لا يكون أسن في الإسلام إلا أن يكون المراد منه ذلك ، كما استظهره في الجواهر ، وحكاه عن جماعة كثيرة.

[٢] أخذا بإطلاق قولهم (ع) : « فقدموا أفضلكم » (١). « فقدموا خياركم » (٢) ، « فانظروا من توفدون في دينكم وصلاتكم » (٣) ومنه يظهر الوجه فيما يأتي في المتن.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.

(٣) تقدم ذكر الرواية في أوائل المسألة.

٣٤٨

( مسألة ١٩ ) : الترجيحات المذكورة إنما هي من باب الأفضلية والاستحباب ، لا على وجه اللزوم [١] والإيجاب ، حتى في أولوية الإمام الراتب الذي هو صاحب المسجد ، فلا يحرم مزاحمة [٢] الغير له وإن كان مفضولا من سائر الجهات أيضا ، إذا كان المسجد وقفاً ، لا ملكا له ، ولا لمن لم يأذن لغيره في الإمامة.

( مسألة ٢٠ ) : يكره إمامة الأجذم ، والأبرص [٣] ، والأغلف [٤] المعذور في ترك الختان ،

______________________________________________________

[١] وعن التذكرة : « لا نعلم فيه خلافا ». وفي الجواهر : « إمكان تحصيل الإجماع أو الضرورة على عدم الوجوب ». وبذلك ترفع اليد عن الأصل ـ المقتضي للاحتياط ـ كما عرفته مكررا. ومثله : ظاهر خبر أبي عبيدة المتقدم. مع أنه مسوق مساق الترجيح ، لا التعيين. نعم حكي عن ابن أبي عقيل : المنع عن إمامة الجاهل للعالم. وعنه وعن ظاهر المبسوط وصريح المراسم : وجوب تقديم الأقرأ على الأفقه. لكنه ينبغي أن يكون محصولا على ما لا يخالف المشهور ، للسيرة القطعية على خلافه.

[٢] لضعف النصوص الدالة على أولويته وأحقيته بمسجده ، فلا تصلح لإثبات المنع. وليست مما يحتمل منعها عن الجماعة تعبدا ـ ليرجع الى الأصل المتقدم ـ مع ما عرفت من التسالم على الاستحباب.

[٣] تقدم وجهه في المسألة الحادية عشرة.

[٤] كما عن المشهور بين المتأخرين. لخبر الأصبغ : « ستة لا ينبغي أن يؤموا الناس. وعد منهم ـ : الأغلف » (١) وخبر

__________________

(١) الوسائل باب : ١٤ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٦.

٣٤٩

والمحدود بحد شرعي بعد توبته [١] ، ومن يكره المأمومون [٢] إمامته ، والمتيمم للمتطهر [٣] ،

______________________________________________________

طلحة : « لا يؤم الناس المحدود ، وولد الزنا ، والأغلف » (١) المحمولين على الكراهة ، لقصور الأول دلالة. والثاني سندا عن إثبات الحرمة. نعم ظاهر خبر عمرو بن خالد ـ : « الأغلف لا يؤم القوم وإن كان أقرأهم ، لأنه ضيع من السنة أعظمها. ولا تقبل له شهادة ، ولا يصلى عليه ، إلا أن يكون ترك ذلك خوفا على نفسه » (٢) ـ اختصاص المنع بالعامد في ترك الختان. ولعله لأنه فاسق ، لا لأجل الغلفة. إلا أن يكون قصور سنده مانعا عن صلاحية تقييد غيره الكافي في إثبات الكراهة ، بناء على التسامح في أدلة السنن.

[١] تقدم الكلام فيه.

[٢] على المشهور ـ كما قيل ـ لعده ممن لا يقبل الله تعالى لهم صلاة في النبوي المروي ـ مرسلا ـ في الفقيه (٣) وفي خبر عبد الملك بن عمر (٤) وفي خبر ابن أبي يعفور (٥) وحمله على المخالف غير ظاهر ، كحمله على الكراهة لغير الدين والتقوى. وإن كان الثاني لا يخلو من وجه.

[٣] لخبر السكوني : « لا يؤم صاحب التيمم المتوضئين » (٦) ونحوه خبر ابن صهيب (٧) المحمولين على الكراهة ، جمعا بينهما وبين صحيح جميل‌

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ١٢ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١٣ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٦.

(٦) الوسائل باب : ١٧ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٥.

(٧) الوسائل باب : ١٧ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٦.

٣٥٠

والحائك ، والحجام ، والدباغ [١] إلا لأمثالهم [٢] ، بل الأولى عدم إمامة كل ناقص للكامل [٣] ، وكل كامل للأكمل [٤].

فصل في مستحبات الجماعة ومكروهاتها‌

أما المستحبات فأمور : أحدها : أن يقف المأموم عن يمين الامام إن كان‌ رجلا واحدا [٥] ،

______________________________________________________

وموثق ابن بكير‌ ، كما تقدم (١).

[١] لما عن الفوائد الملية ، عن جعفر بن أحمد القمي عن الصادق (ع) : « قال رسول الله (ص) : لا تصلوا خلف الحائك وإن كان عالما ، ولا تصلوا خلف الحجام وإن كان زاهداً ، ولا تصلوا خلف الدباغ وان كان عابداً » (٢)

[٢] كأنه لانصراف النص إلى غير أمثالهم. فتأمل.

[٣] خروجا عن شبهة الخلاف في المنع ، بل عن ظاهر محكي الإيضاح : الاتفاق عليه ، قال (ره) : « كلما اشتملت صلاة الامام على رخصة ـ في ترك واجب أو فعل محرم ـ بسبب اقتضاه ، وخلا المأموم من ذلك السبب ، لم يجز الائتمام من رأس .. ( إلى أن قال ) وهذا متفق عليه. فتأمل.

[٤] إذ عن البيان : كراهة إمامة الكامل للأكمل.

فصل في مستحبات الجماعة ومكروهاتها‌

[٥] على المشهور ـ كما عن جماعة ـ أو هو مذهب علمائنا. أو عليه

__________________

(١) تقدم ذلك في المسألة : ٢ من فصل شرائط إمام الجماعة.

(٢) مستدرك الوسائل باب : ١٣ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.

٣٥١

وخلفه إن كانوا أكثر [١]. ولو كان المأموم امرأة واحدة وقفت خلف الامام [٢] على الجانب الأيمن ، بحيث يكون‌

______________________________________________________

إجماعيا. أو جميع الفقهاء إلا النخعي وسعيد. أو قول العلماء. أو عليه الإجماع ، كما عن آخرين. وعن المنتهى : « لو وقف عن يساره فعل مكروها ، إجماعا ».

[١] وهو مذهب علمائنا. أو عليه الإجماع. أو إجماع الفرقة. وبذلك ترفع اليد عن ظهور النصوص في الوجوب المطابق لمقتضى الأصل في المقام كما عرفت. ومنها ، صحيح محمد عن أحدهما (ع) : « الرجلان يؤم أحدهما صاحبه ، يقوم عن يمينه ، فان كانوا أكثر ، قاموا خلفه » (١). ونحوه غيره مضافاً إلى النصوص الإمرة بتحويل الامام من وقف على يساره وهو لا يعلم ثمَّ علم (٢) ، فإنها ظاهرة في صحة الائتمام مع وقوف المأموم عن يسار الامام ، واحتمال وجوب ذلك ـ تعبداً ـ لا في صحة الائتمام ـ مع أنه خلاف ظاهر النصوص ، بل ولا يظن القول به من أحد ـ منفي بأصل البراءة ، فالقول بوجوب ذلك ـ كما عن ابن الجنيد وأصر عليه في الحدائق ـ ضعيف. والله سبحانه أعلم.

[٢] صرح باستحباب ذلك جماعة. وعن المفاتيح : نسبته الى المشهور ويدل عليه ـ في الجملة ـ جملة من الأخبار كثيرة ، كخبر أبي العباس : « عن الرجل يؤم المرأة في بيته؟ قال : نعم تقوم وراءه » (٣) ، ومرسل ابن بكير : في الرجل يؤم المرأة؟ قال (ع) : نعم تكون خلفه » (٤) ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١ ، ٢.

(٣) الوسائل باب : ١٩ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٥.

(٤) الوسائل باب : ١٩ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.

٣٥٢

سجودها محاذيا لركبة الإمام أو قدمه. ولو كن أزيد وقفن خلفه [١]

______________________________________________________

وصحيح الفضيل : « أصلي المكتوبة بأم علي؟ قال (ع) : نعم تكون عن يمينك ، يكون سجودها بحذاء قدميك » (١) ، وصحيح هشام : « الرجل إذا أم المرأة ، كانت خلفه عن يمينه ، سجودها مع ركبتيه » (٢) ونحوه غيرها. والوجه في حملها على الاستحباب ـ مع ظهور كل منها في الوجوب ـ هو : إما ما دل على جواز محاذاة المرأة للرجل في الصلاة (٣) لعدم الفصل بينه وبين المقام ، كما يظهر مما حكي عن التذكرة والذكرى والبيان وإرشاد الجعفرية والروض بل عن الغنية والتحرير : الإجماع على عدم الفرق بين المأمومة وغيرها. وأما اختلاف نصوص المقام ، فيجعل قرينة على الاستحباب ، وأن الأفضل أن يكون مسجدها خلف موقفه ، كما هو ظاهر ما اشتمل على : الخلف ، والوراء (٤) وأنها صف (٥). ودونه : أن يكون مسجدها محاذياً لقدمه (٦). ودونه أن يكون محاذياً لركبتيه (٧).

[١] ففي رواية غياث : « المرأة صف ، والمرأتان صف ، والثلاث صف » (٨).

__________________

(١) الوسائل باب : ١٩ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب مكان المصلي حديث : ٩.

(٣) الوسائل باب : ٥ من أبواب مكان المصلي حديث : ٦.

(٤) كما في مرسل ابن بكير ، وخبر أبي العباس ـ المتقدمين في صدر التعليقة ـ وغيرهما من الأخبار التي رواها في الوسائل باب : ١٩ من أبواب صلاة الجماعة.

(٥) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤ ، ١٢.

(٦) كما خبر الفضل المتقدم في صدر التعليقة.

(٧) كما في خبر هشام المتقدم في صدر التعليقة.

(٨) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.

٣٥٣

ولو كان رجلا واحدا وامرأة واحدة أو أكثر وقف الرجل عن يمين [١] الامام والامرأة خلفه. ولو كان رجالا ونساء اصطفوا خلفه واصطفت [٢] النساء خلفهم ، بل الأحوط مراعاة المذكورات. هذا إذا كان الامام رجلا. وأما في جماعة النساء فالأولى وقوفهن صفا واحدا أو أزيد ، من غير أن تبرز امامهن من بينهن [٣].

______________________________________________________

[١] لرواية القاسم بن الوليد : « عن الرجل يصلي مع الرجل الواحد معهما النساء قال (ع) : يقوم الرجل الى جنب الرجل ، ويتخلفن النساء خلفهما » (١) وربما يمكن أن يستفاد مما ورد في الرجل والمرأة.

[٢] لرواية الحلبي عن الصادق (ع) : « عن الرجل يؤم النساء؟ قال (ع) : نعم ، وإن كان معهن غلمان فأقيموهم بين أيديهن وإن كانوا عبيداً » (٢). ونحوها رواية ابن مسكان (٣).

[٣] لما تضمنته الصحاح وغيرها : من أنها تقوم وسطهن (٤). وهو ـ في الجملة ـ مما لا إشكال فيه. إنما الإشكال في جواز مساواتها لهن ـ بناء على وجوب تقدم الامام ـ كما هو أحد القولين ووجه الاشكال : أن مقتضى الجمود على ما في النصوص جواز المساواة. ومقتضى الظن بورودها مورد بيان الفرق بين إمامتي الرجل والمرأة كون الأمر بوقوفها في وسط النساء في قبال بروزها قدامهن ، كما في الرجل. وهذا هو الأظهر. وحينئذ فما اقتضى وجوب تقدم الامام ـ ولو يسيراً بحيث لا ينافي كونه وسطاً ـ محكم.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٩ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٩.

(٣) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١ ، ٣ ، ٩ ، ١٠ ، ١٢ ، ١٤.

٣٥٤

الثاني : أن يقف الإمام في وسط الصف [١].

الثالث : أن يكون في الصف الأول أهل الفضل : ممن له مزية [٢] في العلم ، والكمال ، والعقل ، والورع ، والتقوى ،

______________________________________________________

والنصوص المذكورة لا تصلح لرفع اليد عنه. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في مسألة تقدم الامام.

ومما ذكرنا يظهر الوجه فيما تسالم عليه الأصحاب ـ ظاهراً ـ من حمل النصوص على الفضل على خلاف ظاهرها في بدء النظر. والله سبحانه أعلم.

[١] كما حكي عن جماعة ، منهم العلامة والشهيدان. واستدل عليه في محكي المنتهي بما رواه الجمهور : « وسطوا الامام ، وسدوا الخلل » (١). وهو كاف في الاستحباب ، بناءً على التسامح. ولا ينافيه مرفوع علي بن إبراهيم : « رأيت أبا عبد الله (ع) يصلي بقوم ـ وهو الى زاوية في بيته بقرب الحائط ـ ، وكلهم عن يمينه ، ليس على يساره أحد » (٢) ‌لإمكان دعوى : إجماله ، لأنه حكاية حال.

[٢] إجماعا صريحا وظاهراً ، محكياً عن جماعة. لخبر جابر عن أبي جعفر (ع) : « ليكن الذين يلون الامام منكم أولو الأحلام والنهى ، فان نسي الإمام أو تعايا قوموه. وأفضل الصفوف أولها ، وأفضل أولها ما دنا من الامام » (٣). ولكنه أخص من المدعى ، إذ الفضل لا يختص بالحلم والنهية ، وهما : العقل ، كما أن ولاء الامام لا يعم تمام الصف. فالعمدة ـ في عموم الدعوى ـ : الإجماع المدعى. وأما ذيل الخبر ـ ومثله ما تضمن أن الصلاة في الصف الأول كالجهاد في سبيل الله ، كخبر أبي سعيد‌

__________________

(١) كنز العمال ج : ٤ حديث : ٢٩٠٦ في مسألة تسوية الصفوف.

(٢) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٦.

(٣) ورد صدر الرواية في الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢ ، وذيله في باب : ٨ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

٣٥٥

وإن يكون يمينه لأفضلهم في الصف الأول ، فإنه أفضل الصفوف [١].

الرابع : الوقوف في القرب من الامام [٢].

الخامس : الوقوف في ميامن الصفوف ، فإنها أفضل من مياسرها [٣]. هذا في غير صلاة الجنازة. وأما فيها فأفضل الصفوف آخرها [٤].

السادس : إقامة الصفوف [٥] واعتدالها ،

______________________________________________________

الخدري (١) ـ فلا يدل عليها أيضا. وكون الأفضل للأفضل غير ثابت بل لعله ينافي ما ثبت من نفي الإيثار في العبادات.

[١] كما في خبر جابر ، يعني : والأفضل للأفضل لكن عرفت إشكاله.

[٢] كما في خبر جابر‌.

[٣] لمرفوع سهل بن زياد : « فضل ميامن الصفوف على مياسرها كفضل الجماعة على صلاة الفرد » (٢).

[٤] لخبر السكوني عن أبي عبد الله (ع) : « قال النبي (ص) : خير الصفوف في الصلاة المقدم ، وخير الصفوف في الجنائز المؤخر » (٣). ونحوه خبر سيف بن عميرة (٤) ، وقريب منه مرسل الفقيه (٥). [٥] لصحيح الحلبي ـ المروي عن بصائر الدرجات ـ عن أبي عبد الله (ع) : « إن رسول الله (ص) قال : أقيموا صفوفكم ، فإني أراكم من خلفي كما‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٦ ومثله حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ٨ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب صلاة الجنازة حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب صلاة الجنازة ملحق حديث : ١.

(٥) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب صلاة الجنازة حديث : ٢.

٣٥٦

وسد الفرج [١] الواقع فيها ، والمحاذاة بين المناكب.

السابع : تقارب الصفوف بعضها من بعض ، بأن لا يكون ما بينها أزيد من مقدار مسقط جسد الإنسان إذا سجد [٢].

الثامن : أن يصلي الإمام بصلاة أضعف من خلفه [٣] بأن لا يطيل في أفعال الصلاة : من القنوت ، والركوع ، والسجود ـ إلا إذا علم حب التطويل من جميع المأمومين [٤].

______________________________________________________

أراكم من قدامي ومن بين يدي ، ولا تخالفوا فيخالف الله تعالى بين قلوبكم » (١) ونحوه غيره.

[١] ففي صحيح الفضيل : « أتموا الصفوف إذا وجدتم خللا » (٢) وفي خبر السكوني « سووا بين صفوفكم ، وحاذوا بين مناكبكم » (٣). ونحوهما غيرهما.

[٢] لما في صحيح زرارة ـ المتقدم ـ عن أبي جعفر (ع) : ينبغي أن تكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض ، ولا يكون بين الصفين ما لا يتخطى ، يكون قدر ذلك : مسقط جسد الإنسان إذا سجد » (٤).

[٣] ففي خبر السكوني عن علي (ع) : « آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي أن قال : يا علي إذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك » (٥). ونحوه غيره.

[٤] فقد استثنى ذلك بعض الأصحاب ، لقصور النصوص عن شمول‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٧٠ من أبواب صلاة الجماعة ملحق حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ٧٠ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٧٠ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.

(٤) تقدم ذلك في الشرط الثالث من شرائط الجماعة.

(٥) الوسائل باب : ٦٩ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.

٣٥٧

التاسع : أن يشتغل المأموم [١] المسبوق بتمجيد الله تعالى بالتسبيح والتهليل والتحميد والثناء ، إذا أكمل القراءة قبل ركوع الامام ، ويبقي آية من قراءته ليركع بها.

العاشر : أن لا يقوم الامام من مقامه بعد التسليم ، بل يبقى على هيئة المصلي [٢]

______________________________________________________

ذلك ، كما يظهر بأدنى مراجعة.

[١] كما ذكره جماعة ، بل في الحدائق : « بذلك صرح الأصحاب ». لموثق زرارة : « قلت لأبي عبد الله (ع) : أكون مع الإمام فأفرغ من القراءة قبل أن يفرغ. قال (ع) : أبق آية ، ومجد الله تعالى واثن عليه ، فاذا فرغ فاقرأ الآية واركع » (١). لكن في موثق عمر بن أبي شعبة : « أكون مع الإمام فأفرغ قبل أن يفرغ من قراءته. قال (ع) : فأتم السورة ، ومجد الله تعالى وأثن عليه » (٢). ولعل مقتضى الجمع بينهما التخيير. أو حمل الثانية على الامام المخالف ، كما في مصحح إسحاق : « أصلي خلف من لا أقتدي به ، فاذا فرغت من قراءتي ولم يفرغ هو. قال (ع) : فسبح حتى يفرغ » (٣). وقريب منه حسن صفوان المروي عن المحاسن » (٤) وحمل الجميع على المخالف لا داعي اليه. ومثله تخصيصها بالمسبوق ـ كما في المتن ـ ولا سيما مع إطلاق الفتوى.

[٢] ففي مصحح أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) : « أيما رجل أم قوماً فعليه أن يقعد بعد التسليم ، ولا يخرج من ذلك الموضع حتى يتم الذين‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.

٣٥٨

حتى يتم من خلفه صلاته من المسبوقين أو الحاضرين [١]

______________________________________________________

خلفه الذين سبقوا صلاتهم. ذلك على كل إمام واجب إذا علم أن فيهم مسبوقا ، فان علم أن ليس فيهم مسبوق بالصلاة فليذهب حيث شاء » (١) لكن المشهور حمله على الاستحباب بقرينة موثق عمار : « عن الرجل يصلي بقوم فيدخل قوم في صلاته بقدر ما قد صلى ركعة أو أكثر من ذلك ، فاذا فرغ من صلاته وسلم أيجوز له ـ وهو إمام أن يقوم من موضعه قبل أن يفرغ من دخل في صلاته؟ قال (ع) : نعم » (٢).

ولعل التعبير بما في صحيح حفص : « ينبغي للإمام أن يجلس حتى يتم كل من خلفه صلاتهم » (٣) ـ ونحوه موثق سماعة (٤) وفي صحيح الحلبي : « لا ينبغي للإمام أن ينتقل إذا سلم حتى يتم من خلفه الصلاة » (٥) ، ونحوه غيره ـ قرينة على الاستحباب. ولأجل ذلك يضعف ما عن السيد وابن الجنيد : من القول بالوجوب. والظاهر : عدم اختصاص الحكم المذكور بالإمام بل يجري في المأموم ، ففي خبر علي بن جعفر (ع) عن أخيه (ع) : « سألته عن إمام مقيم أم قوماً مسافرين كيف يصلي المسافرون؟ قال (ع) : ركعتين ، ثمَّ يسلمون ويقعدون ويقوم الامام فيتم صلاته ، فاذا سلم وانصرف انصرفوا » (٦).

[١] لإطلاق جملة من النصوص.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب التعقيب حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب التعقيب حديث : ٧.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب التعقيب حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٢ من أبواب التعقيب حديث : ٦.

(٥) الوسائل باب : ٢ من أبواب التعقيب حديث : ٢.

(٦) الوسائل باب : ١٨ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٩.

٣٥٩

لو كان الامام مسافراً ، بل هو الأحوط.

ويستحب له أن يستنيب من يتم بهم الصلاة عند مفارقته لهم [١]. ويكره استنابة المسبوق بركعة أو أزيد [٢] بل الاولى عدم استنابة من لم يشهد الإقامة.

الحادي عشر : أن يسمع الامام من خلفه القراءة الجهرية والأذكار [٣] ،

______________________________________________________

[١] ففي خبر الفضل ـ في مسافر أمّ قوما حاضرين : « فإذا أتم الركعتين سلم ، ثمَّ أخذ بيد بعضهم فقدمه فأمهم » (١) ومنه ـ ومما ورد فيما لو عرض للإمام ما يمنعه من إتمام الصلاة (٢) يمكن أن يستفاد عموم الحكم ، كما في المتن.

[٢] ففي صحيح سليمان ـ في إمام أحدث ـ : « لا يقدم رجلا قد سبق بركعة » (٣). وفي خبر معاوية بن شريح : « إذا أحدث الامام وهو في الصلاة لم ينبغ أن يقدم إلا من شهد الإقامة » (٤). ونحوه خبر معاوية ابن ميسرة (٥).

[٣] ففي خبر أبي بصير : « ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول ، ولا ينبغي لمن خلفه أن يسمعوه شيئاً مما يقول » (٦). وفي صحيح حفص : « ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه التشهد ، ولا يسمعونه

__________________

(١) الوسائل باب : ١٨ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٦.

(٢) الوسائل باب : ٧٢ من أبواب صلاة الجماعة.

(٣) الوسائل باب : ٤١ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٤١ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.

(٥) الوسائل باب : ٤١ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.

(٦) الوسائل باب : ٥٢ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.

٣٦٠