مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

كان من باب البناء في الشك فالظاهر عدم وجوب صلاة الاحتياط عليه [١] ، وإن كان الأحوط.

( مسألة ١٠ ) : لو شك في أن شكه السابق كان موجباً للبطلان أو للبناء بنى على الثاني : مثلا لو علم أنه شك سابقاً بين الاثنتين والثلاث ، وبعد أن دخل في فعل آخر ـ أو ركعة أخرى ـ شك في أنه كان قبل إكمال السجدتين حتى يكون باطلا ، أو بعده حتى يكون صحيحاً بنى على أنه كان بعد الإكمال [٢]. وكذا إذا كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة.

( مسألة ١١ ) : لو شك بعد الفراغ من الصلاة أن شكه هل كان موجباً للركعة بأن كان بين الثلاث والأربع مثلا ـ

______________________________________________________

[١] لأصالة البراءة. وقاعدة الاشتغال محكومة بقاعدة الفراغ. اللهم إلا أن يقال : قاعدة الفراغ إنما تجري في الشك الحادث بعد الفراغ ، لا ما يحتمل حدوثه قبله ، فقاعدة الاشتغال محكمة ، وهي تقضي بالاحتياط بفعل صلاة الاحتياط. وفيه : أن التكليف بالركعة المتصلة ساقط قطعاً ـ إما لحجية الظن ، أو لجعل البدل ـ فلا مجال لقاعدة الاشتغال لاختصاص جريانها بصورة احتمال بقاء التكليف. غاية الأمر إنه يحتمل وجوب البدل لاحتمال كون السلام من باب البناء على الأربع ، واحتمال الوجوب منفي بأصل البراءة. نعم بناء على أن التكليف الاولي باق على حاله ، وأن صلاة الاحتياط على تقدير النقص تكون مسقطة له ، فقاعدة الاشتغال بالركعة المحتملة النقص محكمة ، فيتعين عليه الإتيان بصلاة الاحتياط. وسيجي‌ء ـ إن شاء الله ـ تحقيق المبنى.

[٢] تقدم الكلام فيه في المسألة السابقة. وكذا الحال في الفرض الأخير.

٤٨١

أو موجباً للركعتين ـ بأن كان بين الاثنتين والأربع ـ؟ فالأحوط الإتيان بهما ، ثمَّ إعادة الصلاة [١].

( مسألة ١٢ ) : لو علم بعد الفراغ من الصلاة أنه طرأ له الشك في الأثناء [٢] ، لكن لم يدر كيفيته من رأس فإن انحصر في الوجوه الصحيحة أتى بموجب الجميع [٣] ، وهو ركعتان من قيام ، وركعتان من جلوس ، وسجود السهو ، ثمَّ الإعادة [٤]. وإن لم ينحصر في الصحيح ، بل احتمل بعض الوجوه الباطلة استأنف الصلاة [٥] ،

______________________________________________________

[١] أما الإتيان بهما فللعلم الإجمالي بوجوب إحداهما المرددة بين المتباينين نظير القصر والتمام. وأما الإعادة فلاحتمال لزوم الفصل بين الصلاة وصلاة الاحتياط ، بناء على قدح الفصل بمثلها. أما بناء على عدم قدحه فلا موجب للإعادة. ثمَّ إنه ربما قيل بعدم لزوم الإعادة ـ ولو بناء على قدح الفاصل ـ عملا بعموم : « لا تعاد الصلاة .. » لاحتمال عدم تحقق الفصل. لكن عرفت ـ في ذيل شرح حكم الجاهل المقصر ـ التأمل في عموم الحديث للعامل المتردد في التمام والنقصان. فراجع.

[٢] يعني : فبنى معه على الأكثر ، لو كان بين الأقل والأكثر الصحيح إذ لو كان يعلم بالبناء على الأقل فالوجه البطلان مطلقاً ، لزيادة الركعة ، أو لبطلان الصلاة من رأس.

[٣] للعلم الإجمالي بوجوب واحد من الموجبات.

[٤] لما تقدم. لكن المصنف (ره) جزم بالاحتياط ، وفي المسألة السابقة لم يجزم. والفرق غير ظاهر.

[٥] لقاعدة الاشتغال ، الموجبة لانحلال العلم الإجمالي بوجوب الإعادة أو‌

٤٨٢

لأنه لم يدر كم صلى [١].

( مسألة ١٣ ) : إذا علم في أثناء الصلاة أنه طرأ له حالة تردد بين الاثنتين والثلاث ـ مثلا ـ وشك في أنه هل حصل له الظن بالاثنتين فبنى على الاثنتين ، أو لم يحصل له الظن فبنى على الثلاث يرجع الى حالته الفعلية [٢]. فإن دخل في الركعة الأخرى يكون فعلا شاكاً بين الثلاث والأربع ، وإن لم يدخل فيها يكون شاكاً بين الاثنتين والثلاث.

( مسألة ١٤ ) : إذا عرض له أحد الشكوك ، ولم يعلم

______________________________________________________

موجب الشك ، فيكون المرجع ـ في احتمال وجوب موجب الشك ـ أصالة البراءة.

[١] إن كان المراد أنه لا يدري كم صلى بعد الصلاة فلا أثر له ، وإن كان المراد أنه لا يدري كم صلى في أثناء الصلاة فهو ممنوع ، إذ المفروض أنه يحتمل كون الشك الطارئ له في أثناء الصلاة من الشكوك الصحيحة. نعم يحتمل ـ أيضاً ـ كونه من الشكوك الباطلة.

[٢] وهي : الشك بين الأقل والأكثر ، أو الظن بأحدهما. ولا أثر للشك في الحال السابقة ، إذ لا أثر لكل من الشك والظن إذا تبدل بالآخر لان الظاهر من أدلة أحكامهما : إناطة الحكم بهما حدوثاً وبقاء ، فاذا انقلب أحدهما إلى الآخر فقد انقلب حكمه الى حكم الآخر. نعم لو دخل في الركعة الأخرى ، وكان شاكاً بين الثلاث والأربع فتردده في الحالة السابقة يوجب تردده في الوظيفة اللازمة له فعلا ، لأنه إن كانت الحالة السابقة هي الظن فعليه فعلا إجراء حكم الشك بين الثنتين والثلاث ـ بناء على اختلاف حكم الشك بين الاثنتين والثلاث ، والشك بين الثلاث والأربع ـ فيجب عليه الجمع بينهما ، للعلم الإجمالي بوجوب إحداهما ، ولا أصل يعين إحداهما‌

٤٨٣

حكمه‌ من جهة الجهل بالمسألة أو نسيانها فان ترجح له أحد الاحتمالين عمل عليه [١]. وان لم يترجح أخذ بأحد الاحتمالين مخيراً ، ثمَّ بعد الفراغ رجع الى المجتهد فان كان موافقاً فهو ، وإلا أعاد الصلاة [٢]. والأحوط الإعادة في صورة الموافقة أيضاً [٣].

( مسألة ١٥ ) : لو انقلب شكه ـ بعد الفراغ من الصلاة ـ الى شك آخر فالأقوى عدم وجوب شي‌ء عليه ، لان الشك الأول قد زال [٤] ، والشك الثاني بعد الصلاة فلا يلتفت إليه سواء كان ذلك قبل الشروع في صلاة الاحتياط أو في أثنائها أو بعد الفراغ منها ، لكن الأحوط عمل الشك الثاني ، ثمَّ إعادة الصلاة. لكن هذا إذا لم ينقلب الى ما يعلم معه بالنقيصة ، كما‌

______________________________________________________

بعينها ، كما عرفت.

[١] لحرمة القطع ، وعدم إمكان الاحتياط ، فيتعين الأخذ بالظن في نظر العقل ، لأنه أقرب الى تحصيل الواقع ، فتكون الواقعة الشخصية مجرى لمقدمات الانسداد واستنتاج نتيجتها.

[٢] لعدم الدليل على الاجزاء.

[٣] لاحتمال عدم إجزاء الإطاعة الاحتمالية مع إمكان الإطاعة الجزمية‌

[٤] هذا قد يتم لو تباين الشكان ، كما لو كان شاكاً بين الثلاث والأربع وبعد الفراغ شك بين الأربع والخمس ، أو بالعكس. أما لو تصادفا في الجملة ـ كما في الفروض المذكورة في المتن ـ فقد يشكل ما ذكره : مثلا إذا كان شاكاً بين الثلاث والأربع ، وبعد الفراغ انقلب شكه الى ما بين الثنتين والأربع ، فإنه لا وجه لدعوى عدم التفاته الى الشك الأول معللة بأنه قد زال ، فان زواله بالمرة ممنوع ، وإنما الزائل بعض خصوصياته. وبالجملة :

٤٨٤

إذا شك بين الاثنتين والأربع ثمَّ بعد الصلاة انقلب الى الثلاث والأربع ، أو شك بين الاثنتين والثلاث والأربع ـ مثلا ـ ثمَّ‌

______________________________________________________

احتمال عدم فعل الركعة الرابعة كان موجوداً ، وهو باق ، وإنما الزائل علمه بفعل الثالثة ، فالشك في فعل الثالثة لا عبرة به ، لأنه شك بعد الفراغ. لكن الشك في فعل الرابعة لا وجه له ، لعدم الاعتناء به ، لكون المفروض حدوثه في أثناء الصلاة. ولا مجال لإجراء قاعدة الفراغ في عدم الاعتناء به ، لاختصاصها بالشك الحادث بعد الفراغ كما هو ظاهر.

فان قلت : الشك المذكور لم يعتن به الشارع في الأثناء. ولذا أمر بالتسليم والبناء على الأكثر. والأمر بصلاة الاحتياط وإن كان يقتضي الاعتناء به ، إلا أنه يعلم بعدم ثبوته في الفرض ، للعلم بعدم تدارك الركعة الواحدة للنقص على تقديره ، فلا دليل على الاعتناء به حينئذ.

قلت : صريح نصوص البناء على الأكثر الاعتناء بالشك المذكور. ومجرد الأمر بالتسليم لا يدل على خلافه ، لما تقدم في تقريب كون البناء على الأكثر ثمَّ الإتيان بصلاة الاحتياط عملا باليقين. ومجرد العلم بعدم ثبوت الحكم المذكور في كيفية الاعتناء لا يصلح أن يكون مؤمنا من التكليف وموجباً للفراغ تعبداً ، فاللازم الجري على مقتضى قاعدة الاشتغال. نعم يبقى الإشكال في مقتضاها ، وانه الإتيان بركعتين متصلتين في الفرض ـ إلحاقا للمقام بما لو تذكر النقص ، عملا بأصالة النقص وعدم الإتيان بالركعتين المحتملتين ـ أو العمل على مقتضى الشك الحادث ـ إلحاقاً له بما لو حدث في الأثناء ، لعموم ما دل على حكم الشك بين الأقل والأكثر ، الذي لم يخرج عنه إلا في الشك بعد الفراغ ، وهو غير ما نحن فيه ، لان التسليم لم يكن بعنوان الفراغ ، وإنما كان بعنوان آخر مجامع لاحتمال عدم الفراغ ـ أو استئناف الصلاة ، للإشكال في جريان أصالة النقص بما عرفت سابقاً من الوجوه. ولأن الإلحاق بصورة ما لو تذكر‌

٤٨٥

انقلب الى الثلاث والأربع ، أو عكس الصورتين. وأما إذا شك بين الاثنتين والأربع ـ مثلا ـ ثمَّ بعد الصلاة انقلب الى‌

______________________________________________________

النقص خلاف العموم الدال على مخرجية التسليم. والتسليم في صورة الشك في الركعات وإن لم يكن مخرجا ـ بناء على بعض الأقوال الاتية ـ لكن المتيقن صورة بقاء الشك بحاله ، فلا يشمل صورة ما لو تبدل بغيره وإن كان هذا محل تأمل ، كما سيأتي في المسألة الثامنة أو التاسعة من فصل كيفية صلاة الاحتياط. وكذا يشكل احتمال العمل على مقتضى الشك اللاحق ، للإشكال في التمسك بعموم حكم الشك بالنسبة إليه ، لاختصاص العموم بما قبل التسليم كما يفهم من سياق أدلته ، وأن العلة فيه الفرار من احتمال الزيادة ـ على تقدير البناء على الأقل ـ وهو غير مطرد في المقام ، إذ بعد التسليم لو بني على الأقل وجي‌ء بالركعة المحتملة موصولة لم يلزم المحذور المذكور؟ وجوه أقربها الأخير ، كما يظهر وجهه مما ذكرنا. ومنه يظهر أنه لو كان شاكاً في الأثناء بين الثلاث والأربع ، وبعد التسليم شك بين الأربع والخمس فاللازم الاستئناف ، لما تقدم.

ودعوى : ان اللازم فيه البناء على الأربع وعدم الحاجة الى الاستئناف لأن الشك المذكور يرجع فيه الى أصالة عدم الزيادة ، سواء أكان في الأثناء أم بعد الفراغ.

مدفوعة : بما عرفت من أن الشك في المقام ليس من الشك في الأثناء ولا من الشك بعد الفراغ ، فيرجع فيه الى القواعد المقتضية للبطلان ، بناء على عدم جواز الرجوع الى أصالة عدم الزيادة في باب الشك في الركعات. هذا لو انقلب الشك البسيط الى بسيط مثله ، كما في الفرض المتقدم وعكسه. ولو انقلب المركب الى بسيط ، كما لو كان شاكاً بين الاثنتين والثلاث والأربع ، وبعد البناء على الأربع والتسليم انقلب الى الشك بين الثنتين والأربع‌

٤٨٦

الاثنتين والثلاث فاللازم أن يعمل عمل الشك المنقلب اليه الحاصل بعد الصلاة ، لتبين كونه في الصلاة [١] ، وكون السلام في غير محله ، ففي الصورة المفروضة يبني على الثلاث ويتم ، ويحتاط بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس ، ويسجد سجدتي السهو للسلام في غير محله. والأحوط مع ذلك إعادة الصلاة.

( مسألة ١٦ ) : إذا شك بين الثلاث والأربع أو بين الاثنتين والأربع ـ ثمَّ بعد الفراغ انقلب شكه الى الثلاث والخمس والاثنتين والخمس وجب عليه الإعادة ، للعلم الإجمالي إما بالنقصان أو بالزيادة [٢].

______________________________________________________

أو بين الثلاث والأربع ، أو البسيط الى المركب ـ كما في عكس ما ذكر ـ فقد يدعى وجوب العمل على البسيط ، لوجوده في أثناء الصلاة في ضمن المركب في الأول. ولبقائه بعد الفراغ في ضمن المركب في الثاني. لكن عرفت ـ في بعض صور الشكوك الباطلة ـ أن ما دل على حكم البسيط لا يتناول صورة وجوده في ضمن المركب وبالعكس. فاللازم الرجوع فيه الى قاعدة الاشتغال الموجبة للاستئناف ، بناء على عدم جواز الرجوع الى أصالة عدم الزيادة ، كما سبق.

[١] لدخوله فيمن تذكر النقص ، الذي يظهر من النصوص عدم مفرغية السلام له من الصلاة. وحملها على كون الركعة المأتي بها حينئذ من قبيل التدارك ـ ليكون الشك الثاني بعد الفراغ ـ خلاف الظاهر ، وإن كان ظاهر فتوى بعض في المقام ـ بوجوب إضافة الركعة المتصلة ، وعدم لزوم الاحتياط ـ ذلك ، بضميمة عدم الاعتناء بالشك الزائل. وكلا المبنيين قد عرفت حاله.

[٢] اقتضاء العلم الإجمالي للإعادة إن كان من جهة اقتضائه للعلم‌

٤٨٧

( مسألة ١٧ ) : إذا شك بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث ، ثمَّ شك بين الثلاث البنائي والأربع فهل يجري عليه حكم الشكين ، أو حكم الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع؟ وجهان ، أقواهما الثاني [١].

( مسألة ١٨ ) : إذا شك بين الاثنتين والثلاث والأربع ثمَّ ظن عدم الأربع يجري عليه حكم الشك بين الاثنتين‌

______________________________________________________

بالبطلان ، ففيه : أن احتمال النقيصة لا يقتضي احتمال البطلان ، إذ على تقدير النقيصة يكون الإتمام بركعة متصلة. وإن كان من جهة العلم الإجمالي بوجوب إضافة ركعة ـ على تقدير النقصان ـ والإعادة ـ على تقدير الزيادة ـ المنحل بقاعدة الاشتغال الموجبة للإعادة ، ويرجع الى أصالة البراءة في نفي وجوب الركعة ، ففيه : أن وجوب الركعة معلوم من الأول ، وليس التكليف بضم الركعة تكليفاً جديداً يرجع فيه الى أصالة البراءة غاية الأمر ، انه يحتمل بطلان الصلاة بالزيادة فإذا جرت أصالة عدم الزيادة كان اللازم ضم الركعة المتصلة. ولا مجال لإجراء قاعدة الفراغ في نفي الركعة ، للعلم بعدم الفراغ. فالعمدة : المنع من جريان أصالة عدم الزيادة ـ كما لو شك بين الثلاث والخمس قبل التسليم ، أو شك في ذلك بعد التسليم باعتقاد الأربع ـ فإن الشك حينئذ وإن كان بعد الفراغ ، لكن لما كان مقروناً بالعلم بالخلل ، ولا تجري أصالة عدم الزيادة تعين الاستئناف. ولأجل ذلك فرق في المتن بين هذه المسألة وما قبلها ، فجزم فيها بالإعادة من جهة العلم المذكور ، وجزم فيما قبلها بالصحة ، لأن الشك فيه بعد الفراغ ولم يكن مقروناً بالعلم بالخلل.

[١] لان ظاهر أدلة أحكام الشكوك : أن موضوعها الشك في الركعات الواقعية ، لا ما يعم البنائية.

٤٨٨

والثلاث [١] ، ولو ظن عدم الاثنتين يجري عليه حكم الشك بين الثلاث والأربع ، ولو ظن عدم الثلاث يجري عليه حكم الشك بين الاثنتين والأربع.

( مسألة ١٩ ) : إذا شك بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث وأتى بالرابعة ـ فتيقن عدم الثلاث ، وشك بين الواحدة والاثنتين ـ بالنسبة الى ما سبق. يرجع شكه بالنسبة الى حاله الفعلي بين الاثنتين والثلاث [٢] فيجري حكمه.

( مسألة ٢٠ ) : إذا عرض أحد الشكوك الصحيحة للمصلي جالساً من جهة العجز عن القيام ، فهل الحكم كما في الصلاة قائماً فيتخير ـ في موضع التخيير بين ركعة قائماً ـ أو ركعتين جالسا من حيث أنه أحد الفردين المخير بينهما. أو يتعين هنا اختيار الركعتين جالساً ، أو يتعين تتميم ما نقص ففي الفرض المذكور يتعين ركعة جالساً ، وفي الشك بين الاثنتين والأربع يتعين ركعتان جالساً ، وفي الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع يتعين ركعة جالساً وركعتان جالساً؟ وجوه أقواها الأول [٣] ، ففي الشك بين الاثنتين والثلاث يتخير‌

______________________________________________________

[١] الحكم في الجميع ظاهر ، لوجوب العمل بالظن.

[٢] لان الشك من الأمور الوجدانية ، والشك بين الواحدة والثنتين لم يتحقق له في آن من آنات الصلاة.

[٣] عملا بإطلاق كل من أدلة بدلية الجلوس عن القيام ، وأدلة التخيير‌

٤٨٩

بين ركعة جالساً أو ركعتين جالساً ، ـ وكذا في الشك بين الثلاث والأربع ـ وفي الشك بين الاثنتين والأربع يتعين ركعتان جالساً ، بدلا عن ركعتين قائماً ، وفي الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع يتعين ركعتان جالساً ، بدلا عن ركعتين قائماً‌

______________________________________________________

بين الركعة والركعتين. ووجه الثاني : المنع من الإطلاق الأول بدعوى : اختصاصه بصورة تعين الصلاة قائماً ، ولا يشمل صورة التخيير اختياراً بينه وبين الجلوس. ووجه الثالث : المنع من الإطلاق الثاني بدعوى : أن أدلة التخيير تختص بصورة أداء الصلاة من قيام ، فلا تشمل صورة أدائها من جلوس.

أقول : قد تقدم في صلاة القضاء : أن أدلة بدلية الجلوس ليس مفادهما إلا بدليته عن القيام في مقام الأداء ، لا جعله في عرض القيام ، بحيث يكون مفادها تخصيص أدلة القيام بخصوص القادر عليه ، نظير أدلة وجوب القصر على المسافر. ولذا لو فاتته الصلاة في حال العجز عن القيام وجب القضاء من قيام إذا كان قادراً عليه ، فتكون أدلة بدلية الجلوس متأخرة عن أدلة القيام بالنسبة إلى الصلاة الأصلية وبالنسبة إلى صلاة الاحتياط معاً فينحصر نظر أدلة التخيير ـ بين ركعة القيام وركعتي الجلوس ـ الى خصوص القيام المجعول بالأصالة شرطاً في الصلاة ، بلا نظر الى حيثية الأداء من قيام فاذا جاءت أدلة بدلية الجلوس فإن أمكن تعميمها للقيام المجعول على التخيير تمَّ ما في المتن ، وإن بني على انصرافها عنه واختصاصها بالقيام التعييني ـ كما هو الظاهر ـ تعين الوجه الثاني. ووجه الظهور : أن الجلوس بدل القيام بدل اضطراري ، والابدال الاضطرارية لا تفي أدلتها بوفاء البدل بالمصلحة. ولذا نقول : إنه لا يجوز للإنسان تعجيز نفسه عن المبدل منه الاختياري ، فاذا دار الأمر بين البدل الاضطراري والبدل الاختياري تعين الثاني. هذا ولا تظهر تمامية الوجه الثالث.

٤٩٠

وركعتان ـ أيضا جالسا من حيث كونهما أحد الفردين ـ وكذا الحال لو صلى قائما ثمَّ حصل العجز عن القيام في صلاة الاحتياط ـ [١]. وأما لو صلى جالسا ثمَّ تمكن من القيام حال صلاة الاحتياط فيعمل كما كان يعمل في الصلاة قائما [٢]. والأحوط ـ في جميع الصور المذكورة ـ إعادة الصلاة بعد العمل المذكور.

( مسألة ٢١ ) : لا يجوز في الشكوك الصحيحة قطع الصلاة واستئنافها [٣] ، بل يجب العمل على التفصيل المذكور والإتيان بصلاة الاحتياط. كما لا يجوز ترك صلاة الاحتياط ـ بعد إتمام الصلاة ـ والاكتفاء بالاستئناف ، بل لو استأنف قبل الإتيان بالمنافي في الأثناء بطلت الصلاتان [٤]. نعم لو أتى بالمنافي في الأثناء صحت الصلاة المستأنفة [٥] ، وإن كان آثما في‌

______________________________________________________

[١] إذا الكلام فيه كالكلام فيما قبله. ومجرد القدرة على القيام في غير الركعة المحتملة الفوت غير مجد في الفرق مع العجز عنه فيها.

[٢] إذ لا مجال لأدلة بدلية الجلوس ، كي تجي‌ء الوجوه المتقدمة.

[٣] إذ لو سلم كون أدلة البناء على الأكثر ليست في مقام بيان إيجاب الإتمام ، بل في مقام بيان طريق تصحيح العمل لا غير ـ كما هو الظاهر ـ يكفي في حرمة القطع ما دل على حرمة القطع في سائر المقامات.

[٤] أما الأصلية فلفوات الموالاة بين أجزائها ، بناء على اعتبارها فيها بنحو ينافيها فعل الصلاة المذكورة. وأما الثانية فللنهي عنها ، لأنها علة فوات الموالاة ، وعلة الحرام حرام.

[٥] لبطلان الأولى بفعل المنافي ، فتكون الثانية مصداقاً للمأمور به ، فتصح.

٤٩١

الابطال. ولو استأنف بعد التمام ـ قبل أن يأتي بصلاة الاحتياط ـ لم يكف ، وإن أتى بالمنافي أيضا [١]. وحينئذ فعليه الإتيان بصلاة الاحتياط أيضاً ، ولو بعد حين.

______________________________________________________

[١] أما إذا لم يأت بالمنافي فلما سبق. لكنه مبني على اعتبار الموالاة بين الصلاة الأصلية وصلاة الاحتياط ، كما يأتي الكلام فيه إن شاء الله. وأما مع الإتيان بالمنافي فقد يشكل ذلك بناء على عدم جواز فعل المنافي بين الصلاة الأصلية وصلاة الاحتياط ـ لعدم الفرق بين الفرض والاستئناف في الأثناء بعد فعل المنافي ، الذي تقدم فيه صحة الثانية. نعم توقف المصنف رحمه‌الله في جواز فعل المنافي ـ كما سيأتي ـ يقتضي توقفه ـ في المقام ـ عن الجزم بأن عليه صلاة الاحتياط ، لاحتمال قدح المنافي ، فتبطل الصلاة الأصلية ، وتصح الثانية ، فلا تجب صلاة الاحتياط ، كما عرفت.

هذا ولو بني على عدم قدح المنافي فالوجه صحة الثانية ، وتكون امتثالا مجزئاً ومسقطاً للتكليف بصلاة الاحتياط ، إذ احتمال انقلاب التكليف بالصلاة الأولية إلى التكليف بصلاة الاحتياط مما لا تساعده أدلة الاحتياط ، لظهورها في كون مفادها حكما ظاهرياً مجعولا في طول الواقع ، غاية الأمر أنه مجزي عنه على تقدير النقص. والاجزاء لا يلازم انقلاب ما في الذمة ، فإذا كان الواقع محفوظاً في نفسه ، كان امتثاله مسقطاً لأمره جزماً ، فيرتفع موضوع الاحتياط. اللهم إلا أن يقال : أدلة حرمة الإبطال راجعة إلى تحريم تبديل الامتثال ، فلا يصح ، ولو لم يوجب بطلان العمل. فتأمل ـ أو يقال : بحرمة فعل المنافي تكليفاً ـ وإن لم يقدح في الصلاة ـ فيبطل المنافي لو كان عبادة. وسيأتي الكلام فيه. أو يقال : بأن الاستئناف يتوقف على بقاء الأمر بالأجزاء المستأنفة ، ومقتضى فرض صحة الأجزاء المأتي بها سقوطه. والامتثال عقيب الامتثال ممتنع.

٤٩٢

( مسألة ٢٢ ) : في الشكوك الباطلة إذا غفل عن شكه وأتم الصلاة ثمَّ تبين له الموافقة للواقع ففي الصحة وجهان [١].

______________________________________________________

وفيه : أنه ـ لو سلم ـ لا يتم بالنسبة الى أجزاء المركب ، لأن سقوط الأمر بالجزء بفعله منوط بحصول الجزء الأخير ، فما لم يحصل لا مانع من التبديل. نعم يبقى الإشكال في صحة الالتزام بعدم قدح المنافي ، مع الالتزام بعدم انقلاب ما في الذمة إلى صلاة احتياط ، لأن ما في الذمة إذا لم ينقلب إلى صلاة الاحتياط وبقي بحاله ، فالحدث يكون في الأثناء على تقدير النقص ، فيكون مبطلا. اللهم إلا أن يبنى على أن قاعدة البناء على الأكثر مفادها البناء على التمام ظاهراً ، فالحدث يكون بعد الفراغ. ولا ينافي ذلك الأمر بصلاة الاحتياط ، لان ذلك احتياط من جهة احتمال النقص من حيث عدد الركعات ، لا من حيث فعل المنافيات ، فلا يقدح وقوعها ظاهراً إلا إذا انكشف النقص واقعاً ، فما دام لم ينكشف يحكم بوقوع الحدث بعد الفراغ. لكن هذا المعنى وإن كان محتملا ، إلا أنه بعيد جداً عن مفاد الأدلة. ولا سيما بملاحظة ما تضمن : أن البناء على الأكثر عمل باليقين. وسيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ ما له نفع في المقام.

هذا ولو شك بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع ، وبعد التسليم جاء بركعة موصولة ففي الاجتزاء بها إشكال ، وإن قلنا بعدم انقلاب الواجب. وجه الاشكال : أن تشريع التسليم في الشك المذكور لما كان على خلاف عموم مخرجية التسليم ، فالقدر المتيقن في الخروج عنه صورة الإتيان بصلاة الاحتياط ، ولا يعم صورة الإتيان بالركعة الموصولة.

[١] قد تقدم في مطاوي ما سبق : الإشارة الى أن قدح الشك في الثنائية والثلاثية والأوليين من الرباعية يحتمل بدءا أموراً ثلاثة : الأول : كونه كالحدث مبطلا بمجرد حدوثه. الثاني : عدم جواز المضي عليه.

٤٩٣

( مسألة ٢٣ ) : إذا شك بين الواحدة والاثنتين ـ مثلا ـ وهو في حال القيام أو الركوع ، أو في السجدة الأولى ـ مثلا ـ وعلم أنه إذا انتقل إلى الحالة الأخرى ـ من ركوع ، أو سجود ، أو رفع الرأس من السجدة ـ يتبين له الحال ، فالظاهر الصحة [١] وجواز البقاء على الاشتغال‌

______________________________________________________

الثالث : أنه ليس مجرى للأصول المصححة ، كأصالة البناء على الأكثر ، أو أصالة عدم الزيادة. وعرفت أن الأول خلاف ظاهر قولهم (ع) : « حتى يحفظ ، ويكون على يقين » (١) ‌و‌ « حتى تثبتهما » (٢) ‌و‌ « حتى يستيقن أنه قد أتم » (٣). فيدور الأمر بين الأخيرين ، وهما مبنى الصحة والفساد في المقام. لكن ظاهر النصوص المذكورة ـ ولا سيما الأول منها الذي هو صحيح زرارة‌ ـ هو الأول منهما ، وأنه لا تجوز الصلاة وهو على غير حفظ ويقين. وفي مصحح ابن أبي يعفور : « إذا شككت ، فلم تدر أفي ثلاث أنت أم في ثنتين أم في واحدة أم في أربع فأعد ، ولا تمض على الشك » (٤). نعم النصوص المشار إليها واردة في الأوليين ، بل مطلق الثنائية والثلاثية. كما في مصحح ابن مسلم (٥) وليس مثلها وارداً في بقية الشكوك المبطلة ، فلو شك بين الأربع والست ـ حال الجلوس ـ فغفل وسلم ، ثمَّ علم أنها أربع لم يكن دليل على الفساد ، فنظم الشكوك الباطلة في سلك واحد غير ظاهر.

[١] قد تقدم ما يوجب الإشكال في الصحة. نعم رفع الرأس من السجدة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١٥.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٧.

(٤) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢.

(٥) المراد هي الرواية الثالثة من المذكورات آنفاً.

٤٩٤

الى أن يتبين الحال.

( مسألة ٢٤ ) : قد مر سابقاً : أنه إذا عرض له الشك يجب عليه التروي حتى يستقر ، أو يحصل له ترجيح أحد الطرفين. لكن الظاهر أنه إذا كان في السجدة ـ مثلا ـ وعلم أنه إذا رفع رأسه لا يفوت عنه الأمارات الدالة على أحد الطرفين جاز له التأخير إلى رفع الرأس [١] ، بل وكذا إذا كان في السجدة الأولى ـ مثلا ـ يجوز له التأخير إلى رفع الرأس من السجدة الثانية ، وإن كان الشك بين الواحدة والاثنتين ونحوه من الشكوك الباطلة [٢]. نعم لو كان بحيث لو أخر التروي يفوت عنه الامارات يشكل جوازه [٣] ، خصوصاً في الشكوك الباطلة [٤].

( مسألة ٢٥ ) : لو كان المسافر في أحد مواطن التخيير فنوى بصلاته القصر وشك في الركعات بطلت ، وليس له العدول الى التمام والبناء على الأكثر [٥] : مثلا إذا كان بعد‌

______________________________________________________

ليس مضياً على الشك ـ بناء على عدم كونه جزءاً صلاتياً ـ فلا بأس بوقوعه حال الشك.

[١] لعدم المانع عنه.

[٢] هذا يتم فيما جاز المضي عليه من الشكوك الباطلة. أما ما لا يجوز المضي عليه فلا.

[٣] لمنافاته للتروي.

[٤] لكن تقدم الإشكال في وجوب التروي في غيرها.

[٥] هذا ظاهر حيث نقول بمبطلية الشك ، كالحدث الذي هو أول‌

٤٩٥

إتمام السجدتين وشك بين الاثنتين والثلاث لا يجوز له العدول الى التمام والبناء على الثلاث على الأقوى. نعم لو عدل الى التمام ثمَّ شك صح البناء.

______________________________________________________

الوجوه الثلاثة المتقدمة في المسألة الثانية والعشرين. أما بناء على الوجهين الأخيرين فغير ظاهر ، إذ بالعدول يخرج الشك عما لا يجوز المضي عليه الى ما يجوز ، وعما لم يجعل مجرى لأصل مصحح الى ما جعل. ودعوى : أن الصلاة المعدول عنها مما لم تحرز صحتها ، لاحتمال زيادة ركعة فيها. وأصالة عدم الزيادة غير جارية في الثنائية. مدفوعة : بأن أصالة عدم الزيادة إنما لا تجري بلحاظ إتمامها ثنائية ، لا بلحاظ جواز العدول منها الى غيرها ، إذ لا دليل على المنع من أصالة عدم الزيادة من هذه الجهة ، فعموم دليلها محكم. وكأنه لذلك اختار جماعة الجواز ، بل ظاهر العلامة الطباطبائي المفروغية عنه وانما الكلام في الوجوب ، فاستقر به فراراً عن لزوم الابطال المحرم ، ولامتناع التخيير بين الصحيح والفاسد. واستشكل فيه ـ في الجواهر ـ : « بأنه بطلان لا إبطال ، وأنه فاسد بحت .. » لكنه إنما يتم بناء على مبطلية الشك بمجرد حدوثه. فالأولى ـ في رفع الوجوب ـ دعوى : عدم الدليل على حرمة الإبطال بنحو يشمل المقام ـ كما أشرنا إليه آنفا وأن امتناع التخيير بين الصحيح والفاسد لا يلازم تعين العدول.

فالأولى أن يقال : أن حيثية القصرية والتمامية ـ إن لم تكن من مقومات ماهية الصلاة ـ فالتخيير بين القصر والتمام راجع الى التخيير بين أن يسلم على ركعتين وأن يسلم على الأربع ، فإذا شك بين الاثنتين والثلاث لم يجز له التسليم حينئذ ، لأنه مضي على الشك في الاثنتين ، بل له أن يختار الأربع ويعمل على الشك بين الاثنتين والثلاث. وفي وجوب ذلك وعدمه وجهان مبنيان على عموم حرمة الإبطال بنحو يشمل المقام وعدمه. وإن كانت الحيثيتان‌

٤٩٦

( مسألة ٢٦ ) : لو شك أحد الشكوك الصحيحة فبنى على ما هو وظيفته وأتم الصلاة ، ثمَّ مات قبل الإتيان بصلاة الاحتياط فالظاهر وجوب قضاء أصل الصلاة عنه [١] لكن الأحوط قضاء صلاة الاحتياط ـ أولا ـ ثمَّ قضاء أصل الصلاة بل لا يترك هذا الاحتياط. نعم إذا مات قبل قضاء الأجزاء المنسية التي يجب قضاؤها ـ كالتشهد والسجدة الواحدة ـ فالظاهر كفاية قضائها ، وعدم وجوب قضاء أصل الصلاة ، وإن كان أحوط. وكذا إذا مات قبل الإتيان بسجدة السهو الواجبة عليه ، فإنه يجب قضاؤها ، دون أصل الصلاة.

______________________________________________________

من المقومات أشكل حينئذ جواز العدول في الأثناء ـ مطلقا ـ حتى مع عدم الشك للشك في تأثير نية العدول. وإطلاقات التخيير لا تصلح لإثباته ، فلو بنينا على جوازه في الأثناء بدعوى : صلاحية إطلاقات التخيير لإثباته ، جاز العدول ، ولو مع الشك. ومجرد عدم صحة القصر ـ على تقدير عدم العدول ـ لا يقدح في العمل بالإطلاقات ، بل تكون الحال نظير ما لو تعذر أحد فردي التخيير ، فان التعذر المذكور وإن كان مانعا من فعلية التخيير ، إلا أنه غير مانع من وجود مقتضية ، فيتمسك بالإطلاق لإثباته. ولازمه جواز الإتمام حال الشك وان لم تصح القصر. وفي وجوبه وعدمه الوجهان المتقدمان.

[١] مشروعية الاقتصار في القضاء على صلاة الاحتياط تتوقف على صحة الصلاة البنائية ، وعلى جواز النيابة في بعض الواجب الارتباطي ، إذ لو بطلت الصلاة البنائية بالموت لم تشرع صلاة الاحتياط ، فلا مجال للنيابة فيها. وإذا لم تشرع النيابة في بعض الواجب الارتباطي لم تصح النيابة فيها أيضاً ، وإن صحت الصلاة البنائية. لكن في صحة النيابة في بعض الواجب‌

٤٩٧

فصل في كيفية صلاة الاحتياط

وجملة من أحكامها ، مضافا الى ما تقدم في المسائل السابقة.

( مسألة ١ ) : يعتبر في صلاة الاحتياط جميع ما يعتبر في سائر الصلوات من الشرائط [١]. وبعد إحرازها ينوي ،

______________________________________________________

الارتباطي إشكال ، لعدم الدليل عليه ، ولا يساعده الارتكاز العقلائي. ولأجل ذلك يشكل ما ذكره : من جواز الاقتصار على قضاء الجزء المنسي لو مات بعد الصلاة قبل فعله. نعم لا بأس بما ذكره : من الاقتصار على قضاء سجود السهو لو مات قبل فعله ، لان وجوبه استقلالي لا ارتباطي نعم في وجوب قضائه على الولي إشكال ظاهر ، لعدم الدليل عليه ، ووجوب قضاء الصلاة لا يشمله.

فصل في كيفية صلاة الاحتياط‌

[١] أما اعتبار ما يعتبر في الصلاة ـ في الجملة ـ ولو كان بعضاً من الصلاة ـ كالستر ، والاستقبال ، والطهارة ، والنية في الجملة وغير ذلك ـ فينبغي أن يعد من الضروريات ، ضرورة كونها صلاة. وأما ما يعتبر في الصلاة المستقلة ، فأما النية ـ بمعنى الاخطار أو غيره مما لا بد منه في أول الصلاة ـ فيكفي فيه صراحة الأدلة في كونها معرضاً لكونها نافلة. وأما التكبير فقد استدل عليه ـ في محكي التذكرة وغيرها ـ بذلك أيضا. لكن فيه : أنها في معرض الجزئية للصلاة الأصلية ، وهو مانع من التكبير للزوم زيادة الركن ، كما اعترضه في محكي إرشاد الجعفرية ، ودعوى : المنع‌

٤٩٨

ويكبر للإحرام ، ويقرأ فاتحة الكتاب [١] ، ويركع ، ويسجد‌

______________________________________________________

عن صدق الزيادة على مثله غير ظاهرة ، بعد الإتيان به بقصد الجزئية من الصلاة التي شرع فيها ، إذ بعد صيرورتها جزءاً من الصلاة الأصلية ـ على تقدير النقص ـ يكون التكبير زيادة ضرورة. ومثلها : دعوى أنه لا مجال للعمل بالقواعد العامة إذا عارضها الدليل ، فإنها تتم لو دل على اعتباره دليل بالخصوص ، والكلام في تمامية. وأن معرضية الصلاة للنفل لا تصلح دليلا عليه ، لمعارضتها بمعرضيتها للجزئية. فالعمدة إذاً ـ على هذا المبنى ـ هو الوفاق عليه ، كما عن الدرة حكايته. وإن كان ظاهر المحكي عن الراوندي وجود الخلاف فيه من أصحابنا ، ولكن لم يعرف ذلك من غيره. وربما يدل عليه ما في ذيل رواية زيد الشحام ، الواردة فيمن صلى العصر ستاً أو خمساً ، قال (ع) : « وإن كان لا يدري أزاد أم نقص فليكبر ـ وهو جالس ـ ثمَّ ليركع ركعتين بفاتحة الكتاب في آخر صلاته ، ثمَّ يتشهد .. » (١). ولا ينافيه عدم العمل به في مورده ، لإمكان التفكيك بين مداليل الدليل في الحجية وعدمها. فتأمل. هذا مضافا الى ما سيأتي : من أن ظاهر النصوص أن صلاة الاحتياط صلاة مستقلة (٢) ومقتضاه وجوب الافتتاح لها بالتكبير. نعم لا يتم ذلك ، بناء على القول بجزئيتها للصلاة الأصلية ـ على ما هو ظاهر المشهور ـ كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

[١] كما هو المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا ـ كما في الجواهر ـ لما سبق من كونها في معرض الاستقلال ، ولا صلاة إلا بفاتحة‌

__________________

(١) تقدم ذلك في الخامس من الشكوك المبطلة.

(٢) يدل على ذلك أكثر الروايات الواردة في الوسائل باب : ٧ ، ٨ ، ٩ ، ١٠ ، ١١ ، ١٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة. وقد تقدم بعض ذلك ضمن مسائل الشكوك الصحيحة ، ويأتي التعرض إلى بعضها ـ أيضا ـ إن شاء الله تعالى.

٤٩٩

سجدتين ، ويتشهد ، ويسلم [١]. وإن كان ركعتين فيتشهد ويسلم بعد الركعة الثانية. وليس فيها أذان ، ولا إقامة [٢] ، ولا سورة [٣] ، ولا قنوت [٤].

______________________________________________________

الكتاب. وللنصوص الخاصة الآمرة بها ، وهي كثيرة (١). ومنه يظهر ضعف ما عن المفيد والحلبي : من أنها قائمة مقام ثالثة أو رابعة ، فيثبت فيها التخيير كما يثبت في المبدل ، فإنه ـ كما قيل اجتهاد في مقابلة النص.

[١] كما صرح بذلك في النصوص المستفيضة (٢). مضافا ـ في الأولين ـ الى ما دل على اعتبارهما في الركعة. وفي الأخيرين الى ما دل على اعتبارهما في الصلاة ، فلا بد منهما في الاحتياط ، سواء أكانت نافلة ، أم صلاة مستقلة ، أم متممة للصلاة الأصلية ـ إن كانت ناقصة ـ لاعتبارهما في المتمم ـ بالفتح ـ ويكون ما وقع منهما في الأصلية في غير محله.

[٢] لعدم مشروعيتهما في النافلة ، ولا في جزء الصلاة. نعم بناء على أنها صلاة مستقلة مرددة بين الوجوب والنفل يحتمل مشروعيتهما لها ، لأنها على تقدير الوجوب تكون من اليومية التي يشرعان لها.

[٣] بلا خلاف ـ كما عن التذكرة ـ بل إجماعا ، كما عن النهاية وإرشاد الجعفرية. ويومئ اليه خلو النصوص عنها ، مع تعرضها للفاتحة (٣) ولو لا ذلك لكان تعريضها لان تكون واجبة مقتضياً لوجوب السورة فيها.

[٤] لظهور الاتفاق على ذلك ، وخلو النصوص (٤) عنه. ولو لا ذلك لكان تشريعه فيها في محله ، لما تقدم.

__________________

(١) يدل على ذلك أكثر الروايات الواردة في الوسائل باب : ٧ ، ٨ ، ٩ ، ١٠ ، ١١ ، ١٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة. وقد تقدم بعض ذلك ضمن مسائل الشكوك الصحيحة ويأتي التعرض إلى بعضها ـ أيضا ـ إن شاء الله تعالى.

(٢) يدل على ذلك أكثر الروايات الواردة في الوسائل باب : ٧ ، ٨ ، ٩ ، ١٠ ، ١١ ، ١٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة. وقد تقدم بعض ذلك ضمن مسائل الشكوك الصحيحة ويأتي التعرض إلى بعضها ـ أيضا ـ إن شاء الله تعالى.

(٣) تقدمت الإشارة الى ذلك كله في المسألة الاولى من هذا الفصل.

(٤) تقدمت الإشارة الى ذلك كله في المسألة الاولى من هذا الفصل.

٥٠٠