تفسير النسائي - ج ٢

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي

تفسير النسائي - ج ٢

المؤلف:

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي


المحقق: صبري بن عبدالخالق الشافعي وسيّد بن عبّاس الجليمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٩٥
الجزء ١ الجزء ٢

أجسامهم وعددهم ، فإنّهم لا قلوب لهم ، ولا منعة عندهم ، فادخلوا عليهم الباب ، فإذا دخلتموه فإنّكم غالبون. ويقول أناس : إنّهما من قوم موسى ، فقال الّذين يخافون بنو إسرائيل (قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) فأغضبوا موسى عليه‌السلام ، فدعا عليهم وسمّاهم فاسقين ، ولم يدع عليهم قبل ذلك ، لما رأى منهم من المعصية وإساءتهم. حتّى كان يومئذ ، فاستجاب الله تعالى له ، وسمّاهم كما سمّاهم موسى فاسقين. فحرّمها عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض ، يصبحون كلّ يوم فيسيرون / ليس لهم قرار ، ثمّ ظلّل عليهم الغمام في التّيه ، وأنزل عليهم المنّ والسّلوى ، وجعل لهم ثيابا لا تبلى ولا تتّسخ ، وجعل بين أظهرهم حجرا مربّعا ، وأمر موسى فضربه بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا في كلّ ناحية ثلاثة أعين ، وأعلم

__________________

قوله «الغمام» أي السحاب.

قوله «التيه» المفازة أو الأرض التي يضل فيها الإنسان ولا يهتدي فيها إلى طريق صحيح.

قوله «المن» هو طل ينزل من السماء ، قيل هو شبه العسل شديد الحلاوة وكانوا يجدونه على الشجر فيأخذونه بلا تعب ولا نصب.

قوله «كل سبط» السبط من أبناء إسحاق عليه‌السلام ـ كالقبيلة من بني إسماعيل عليه‌السلام ـ وسموا بذلك ليفرّق بين أبناء إسحاق وأبناء إسماعيل. فأبناء كل ولد من أولاد إسماعيل «قبيلة» ، وأبناء كل ولد من أولاد إسحاق «سبط».

٦١

كلّ سبط عينهم (١) الّتي يشربون منها ، فلا يرتحلون من منقلة إلّا وجدوا ذلك الحجر بالمكان الّذي كان فيه بالأمس.

رفع ابن عبّاس هذا الحديث إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وصدق ذلك عندي أنّ معاوية سمع ابن عبّاس حدّث هذا الحديث ، فأنكر عليه أن يكون الفرعونيّ الّذي أفشى على موسى أمر القتيل الّذي قتل ، فقال : كيف يفشي عليه ولم يكن علم به ، ولا ظهر عليه إلّا الإسرائيليّ الّذي حضر ذلك ، فغضب ابن عبّاس فأخذ بيد معاوية فانطلق به إلى سعد بن مالك الزّهريّ ، فقال له : يا أبا إسحاق هل تذكر يوما حدّثنا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن قتيل موسى الّذي قتل من آل فرعون؟ ، الإسرائيليّ أفشى عليه أم الفرعونيّ؟ قال : إنّما أفشى عليه الفرعونيّ ما سمع من الإسرائيليّ شهد على ذلك وحضره.

__________________

(١) في الأصل : «منهم» وما أثبتناه من الدرّ ، وأبي يعلى ، والطحاوي.

__________________

قوله منقلة : المرحلة من مراحل السفر ، وجمعها مناقل.

٦٢

[٢٣٨] قوله تعالى :

(إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) [٧٤]

[٣٤٧] ـ أنا محمد بن عبد الأعلى ، نا خالد ، نا عثمان ، أنّ أبا نضرة حدّثهم ،

__________________

(٣٤٧) ـ صحيح* تفرد به المصنف من هذا الوجه ، تحفة الأشراف (رقم ٤٣٦٥) وإسناده صحيح ، خالد هو ابن الحارث ، وعثمان هو ابن غياث البصري.

وقد أخرجه أحمد في مسنده (٣ / ٢٥ ـ ٢٦) عن يحيى بن سعيد ، عن عثمان ـ به مطولا نحوه ، وأخرجه مختصرا (٣ / ١١) ، (٣ / ٧٨ ـ ٧٩) من طريق أبي مسلمة سعيد بن يزيد ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، ومن هذا الوجه أخرجه مسلم في صحيحه (١٨٥ / ٣٠٦) واللفظ له ، وابن ماجه في سننه (رقم ٤٣٠٩) ، وعبد بن حميد في مسنده (رقم ٨٦٨ ـ منتخب) ، وأبو عوانة (١ / ١٨٦) ، والدارمي في سننه (٢ / ٣٣١ ـ ٣٣٢) ، والطبري في تفسيره وأبو يعلى (رقم ١٠٩٧) ، ولفظه : أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم (أو قال : بخطاياهم) فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ثم قيل : يا أهل الجنة أفيضوا عليهم. فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل» فقال رجل من القوم : كأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد كان بالبادية». ولهذا الحديث طرق عن أبي نضرة عن أبي سعيد ـ به ، وانظر مسند أحمد (٣ / ٥ ، ١٦ ، ٢٠ ، ٤٨ ، ٥٦ ، ٩٠ ، ٩٤) ، وعبد بن حميد في المنتخب (رقم ٨٦٣ ، ٨٦٥) وابن حبان (رقم ١٨٢ ، ١٨٤ ـ الإحسان). ـ

٦٣

عن أبي سعيد الخدريّ ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «يجمع النّاس عند جسر جهنّم ، وإنّ عليه حسكا وكلاليب ، ويمرّ الناس ، قال : فيمرّ منهم مثل البرق ، وبعضهم مثل الفرس المضمّر ، وبعضهم يسعى ، وبعضهم يمشي وبعضهم يزحف ، والكلاليب تخطفهم والملائكة بجنبتيه : اللهمّ سلّم سلّم ، والكلاليب تخطفهم» ، قال : «فأمّا أهلها الّذين هم أهلها فلا يموتون ولا يحيون ، وأمّا أناس

__________________

ـ وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ـ كما في تفسير ابن كثير (٣ / ١٦٠) ـ وفي أوله : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطب فأتى على هذه الآية «إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى» فذكره كرواية مسلم نحوه. وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٤ / ٣٠٣) لابن مردويه عن أبي سعيد ـ به.

وقد أخرج البخاري في صحيحه (رقم ٢٢) ، ومسلم (١٨٤ / ٣٠٤) ، وغيرهما من حديث أبي سعيد نحوا من هذا بغير هذا اللفظ.

[فائدة] : في الحديث دليل واضح صريح على خلود الكفار في النار وأنهم لا يموتون فيها ولا يحيون وأن النار لا تفنى بما فيها. وانظر كتاب : «رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار» للإمام الصنعاني بتحقيق العلامة الفاضل الشيخ الألباني.

قوله «جسر جهنم» الجسر القنطرة ، والمراد هنا الصراط الذي يجوزه الناس فوق جهنم كما صرح باسمه في أحاديث أخرى.

قوله «حسكا» نبات له ثمرة خشنة تعلق بأصواف الغنم ، لا يكاد أحد يمشي عليه إذا جف إلا من في رجليه خفّ أو نعل ومفرد حسك : حسكة.

قوله «كلاليب» جمع كلّوب أو كلّاب وهو حديدة معطوفة كالمعطاف.

٦٤

يؤخذون بذنوب وخطايا يحترقون فيكونون / فحما ، فيؤخذون ضبارات ضبارات ، فيقذفون على نهر من الجنّة ، فينبتون كما تنبت الحبّة في حميل السّيل» ، قال : قال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هل رأيتم الصبغاء؟ بعد يؤذن لهم فيدخلون الجنّة».

__________________

قوله «ضبارات ضبارات» أي جماعات جماعات ، والمفرد ضبارة.

قوله «حميل السيل» : ما حمله السيل أثناء انجرافه من الغثاء والطين.

قوله «هل رأيتم الصبغاء» الصبغاء : ضرب من نبات القفّ ، وقيل هي شجرة بيضاء الثمرة ، وهو نبات ضعيف باهت اللون ، كما جاء تفسيره عنه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في رواية أخرى : «ألم تروها ما يلي الظل منها أصيفر وأبيّض وما يلي الشمس منها أخيضر».

وقال ابن قتيبة : شبّه نبات لحومهم بعد إحراقها بنبات الطاقة من النبت حين تطلع ، وذلك أنها حين تطلع تكون صبغاء ، فما يلي الشمس من أعاليها أخضر ، وما يلي الظل أبيض.

٦٥

[٢٣٩] قوله تعالى :

(الْمَنَّ وَالسَّلْوى) [٨٠]

[٣٤٨] ـ أنا عمرو بن منصور ، نا الحسن بن الرّبيع ، نا أبو الأحوص ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى ، عن أبي سعيد الخدريّ قال : خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وفي يده كموات (١) فقال : «هذا من المنّ ، وماؤه شفاء للعين».

__________________

(١) في تحفة الأشراف : «أكمؤ» وهو الموافق لما في كتب اللغة كالنهاية ولسان العرب.

__________________

(٣٤٨) ـ صحيح * وقد عزاه المزي للمصنف في الكبرى : كتاب الوليمة ، تحفة الأشراف (رقم ٤١٣١). وإسناده حسن فرجاله ثقات غير المنهال بن عمرو فهو صدوق ربما وهم كما في التقريب ، وأبو الأحوص هو سلام بن سليم وقد عزاه الحافظ ابن كثير في تفسيره (١ / ٩٧) لابن مردويه من طريق الحسن بن الربيع عن أبي الأحوص ، عن الأعمش ـ به. والحديث صحيح له شواهد.

فقد أخرجه البخاري في صحيحه (رقم ٤٤٧٨) ، ومسلم (٢٠٤٩ / ١٥٧ ـ ١٦٢) ، وغيرهما من حديث سعيد بن زيد مرفوعا بلفظ : الكمأة من المن ، وماؤها شفاء للعين ، وفي بعض روايات مسلم : المن الذي أنزل اللّه على بني إسرائيل وفي رواية : الذي أنزل اللّه على موسى.

وللحديث شواهد أخرى من حديث أبي هريرة وجابر وغيرهما ، وانظر تفسير ـ

٦٦

[٢٤٠] قوله تعالى :

(فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) [١١٧]

[٣٤٩] ـ أنا محمّد بن عبد الله بن يزيد ، نا أيّوب بن النّجّار الحنفيّ اليماميّ ، قال : حدّثني يحيى بن [أبي](١) كثير ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «حاجّ آدم موسى ، فقال له : يا آدم أنت الّذي أخرجت النّاس من الجنّة وأشقيتهم ، قال آدم : يا موسى أنت الّذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه ، أتلومني على أمر كتبه الله علىّ أو قدّره علىّ قبل أن يخلقنى؟!» قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فحجّ آدم موسى».

__________________

(١) في الأصل : «بن كثير» والتصويب من تحفة الأشراف وباقي الروايات.

__________________

ـ ابن كثير (١ / ٩٦ ـ ٩٧) ، والدر المنثور (١ / ٧٠) للسيوطي.

قوله المنّ : أي مما منّ اللّه به على عباده ، وقيل شبهها بالمن وهو العسل الحلو ، الذي ينزل من السماء عفوا بلا علاج.

قوله كموات : الكمأة نبات ينقّض الأرض ، فيخرج كما يخرج الفطر بلا مئونة من بذر وسقي.

(٣٤٩) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب التفسير ، باب فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى (رقم ٤٧٣٨) ، وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب القدر ، باب ـ

٦٧

[٢٤١] قوله تعالى :

(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها) [١٣٠]

[٣٥٠] ـ أنا يعقوب بن إبراهيم ، نا عبد الله بن إدريس ، قال : سمعت إسماعيل بن أبي خالد يذكر عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير بن عبد الله قال : كنّا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فنظر إلى القمر

__________________

ـ حجاج آدم وموسى عليهما‌السلام رقم (١٦٥٢ / ١٥ مكرر ٣).

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٥٣٦١).

(٣٥٠) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب مواقيت الصلاة ، باب فضل صلاة العصر (رقم ٥٥٤) ، وباب فضل صلاة الفجر (رقم ٥٧٣) ، وكتاب التفسير ، باب «وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب» (رقم ٤٨٥١) ، وكتاب التوحيد ، باب قول الله تعالى : «وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة» (رقم ٧٤٣٤ ، ٧٤٣٥ ، ٧٤٣٦) ، وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما (رقم ٦٣٣ / ٢١١ ، ٢١٢) وأخرجه أبو داود في سننه : كتاب السنة ، باب في الرؤية (رقم ٤٧٢٩) وأخرجه الترمذي في جامعه : كتاب صفة الجنة ، باب ما جاء في رؤية الرب تبارك وتعالى (رقم ٢٥٥١) وأخرجه ابن ماجه في سننه : المقدمة ، باب فيما أنكرت الجهمية (رقم ١٧٧).

وعزاه المزي في تحفة الأشراف للنسائي في الكبرى : كتاب الصلاة ، وكتاب النعوت كلهم من طريق قيس بن أبي حازم أبي عبد الله ـ به. وسيأتي (رقم ٥٤٤).

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ٣٢٢٣). ـ

٦٨

ليلة البدر ، فقال : «إنّكم سترون ربّكم كما ترون هذا ، لا تضارّون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها [فافعلوا](١)» ثمّ قرأ : (وَسَبِّحْ (٢) بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها).

* * *

__________________

(١) زيادة من البخاري وغيره يقتضيها السياق.

(٢) في الأصل : «فسبح» بالفاء ، والصواب بالواو ، ولا توجد آية تبدأ بالفاء بهذا السياق.

__________________

ـ قوله لا تضارّون : روى بتشديد الراء وتخفيفها وهو من الضير ؛ أي لا يضار بعضكم بعضا في رؤيته ، أي لا يضايقه لينفرد برؤيته ، والضرر الضيق ، وقيل معناه : لا يخالف بعضكم بعضا فيكذبه في رؤيته له عزّ وجل.

٦٩

سورة الأنبياء

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[٣٥١] ـ / أنا زياد بن أيّوب ، نا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ،

عن أبي سعيد ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قوله : (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) قال : في الدّنيا.

__________________

(٣٥١) صحيح* تفرد به المصنف ، تحفة الأشراف (رقم ٤٠١٧). وإسناده صحيح ، رجاله رجال الشيخين سوى شيخ المصنف وهو ثقة حافظ أخرج له البخاري وغيره ولقبه أحمد «بشعبة الصغير» ، وأبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير. سيأتي هنا (٣٥٢).

وقد سبق هنا (رقم ٣٣٦) ما أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٤٧٣٠) ، ومسلم (٢٨٤٩ / ٤١) من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد مرفوعا : ... ثم قرأ «وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر وهم في غفلة» وهؤلاء في غفلة أهل الدنيا «وهم لا يؤمنون».

وقد أخرجه الطبري في تفسيره (١٧ / ٢) من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وهم في غفلة معرضون قال في الدنيا» وإسناده صحيح. وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٤ / ٣١٤) لابن مردويه من حديث أبي هريرة.

فيحمل على أن الحديث عند أبي صالح من حديث أبي هريرة وأبي سعيد ، والله أعلم.

٧٠

[٣٥٢] ـ أنا أحمد بن نصر ، أنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطّيالسيّ ، نا أبو معاوية ، نا الأعمش ، عن أبي صالح ،

عن أبي سعيد ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) قال : «في الدّنيا».

__________________

(٣٥٢) ـ سبق تخريجه (رقم ٣٥١).

٧١

[٢٤٢] قوله تعالى :

(حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ) [٩٦]

[٣٥٣] ـ أنا عبيد الله بن إبراهيم ، نا عمّى ، نا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، قال حدّثنى عروة بن الزّبير أنّ زينب بنت أبي سلمة أخبرت عن أمّ حبيبة بنت أبي سفيان ، عن زينب بنت جحش أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم دخل عليها فزعا يقول «لا إله إلّا الله ؛ ويل للعرب من شرّ قد اقترب ؛ فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه قال : وحلّق بأصبعه الإبهام والّتي تليها ـ فقلت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصّالحون؟ قال : نعم إذا كثر الخبث».

[٣٥٤] ـ أنا أبو داود ، نا سهل بن حمّاد ، نا شعبة ، عن النّعمان ابن سالم ،

__________________

(٣٥٣) ـ سبق تخريجة (رقم ٣٣١).

(٣٥٤) ـ إسناده ضعيف* تفرد به المصنف ، تحفة الأشراف (رقم ١٧٤١). وفي إسناده ابن عمرو بن أوس ولا يعرف حاله ، ولم يذكر فيه جرح ولا تعديل ولم يرو عنه غير النعمان بن سالم ، جده هو أوس بن أوس.

وقد زاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٤ / ٢٥٠) لابن مردويه ، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو موقوفا ، أخرجه الطبري في تفسيره (١٧ / ٧٠) بزيادة في أوله : «لهم أنهار يلقمون ما شاءوا» وإسناده صحيح ، ولكن ليس له حكم الرفع لأن ابن عمرو ممن عرفوا بالأخذ عن كتب أهل الكتاب.

٧٢

عن ابن عمرو وبن أوس ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ يأجوج ومأجوج لهم [نساء](١) يجامعون ما شاءوا ، وشجر (٢) يلقحون ما شاءوا ، فلا يموت منهم رجل إلّا ترك من ذرّيّته ألفا فصاعدا».

__________________

(١) الزيادة من تحفة الأشراف.

(٢) في الأصل كتب فوقها : «كذا». وذلك لسقوط لفظة «نساء» فالحمد لله على توفيقه.

__________________

ـ والفقرة الأخيرة من الحديث لها شواهد كثيرة فهي ثابتة بهذه الشواهد واللّه أعلم. فمن هذه الشواهد :

حديث ابن مسعود مرفوعا : وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه (رقم ١٩٠٧ ـ موارد) من حديث أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٤ / ٢٤٩) لابن أبي حاتم عن ابن مسعود.

حديث حذيفة مرفوعا : أخرجه الطبري في تفسيره (١٧ / ٦٩) وفيه : لا يموت الرجل منهم حتى يرى ألف عين تطرف بين يديه من صلبه ... ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٤ / ٢٥٠) لابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عدي وابن عساكر وابن النجار ، وساقه في مجمع الزوائد (٨ / ٦) من حديث حذيفة ، وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه يحيى بن سعيد العطار وهو ضعيف.

حديث ابن عمرو : وقد عزاه السيوطي في الدر المنثور (٤ / ٢٥٠) لعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والبيهقي في البعث وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم ، ولو أرسلوا لأفسدوا ـ

٧٣

[٢٤٣] قوله تعالى :

(يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ)(١) [١٠٤]

[٣٥٥] ـ أنا قتيبة بن سعيد ، نا نوح ، عن يزيد بن كعب ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عبّاس قال : السّجلّ كاتب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) في الأصل للكتاب.

__________________

ـ على الناس معايشهم ، ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا .. وقد ساقه الهيثمي بلفظه في مجمع الزوائد (٨ / ٦) من حديث عبد اللّه بن عمرو مرفوعا وقال : رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات.

عن عبد اللّه بن سلام موقوفا : وقد أخرجه الطبري في تفسيره (١٧ / ٧٠) بلفظ : ما مات أحد من يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذرء فصاعدا. وقد عزاه السيوطي (٤ / ٢٥٠) لابن أبي شيبة عن عبد اللّه بن سلام موقوفا ، ولا يقال إن له حكم الرفع لأن ابن سلام رضي اللّه عنه كان كتابيا فأسلم.

(٣٥٥) ـ ضعيف منكر. أخرجه أبو داود في سننه (رقم ٢٩٣٥) : كتاب الخراج والإمارة والفيء ، باب في اتخاذ الكاتب ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٥٣٦٥). وسيأتي بلفظ آخر (رقم ٣٥٦) ، وفي هذا الإسناد يزيد بن كعب العوذي : مجهول ، وإن كان ابن حبان قد أورده في الثقات ، فقد قال الذهبي في الميزان : لا يدري من ذا أصلا ، وعمرو بن مالك النكري : صدوق له أوهام ، نوح بن قيس : صدوق فيه تشيع من رجال مسلم ، أبو الجوزاء هو أوس بن عبد اللّه الربعي وهو ثقة يرسل كثيرا. ـ

٧٤

__________________

ـ وقد أخرجه الطبري في تفسيره (١٧ / ٧٨) ، والبيهقي في سننه (١٠ / ١٢٦) ، كلاهما من حديث يزيد بن كعب عن عمرو بن مالك ـ به. وأخرجه الطبراني في الكبير (ج ١٢ / ص ١٧٠) (رقم ١٢٧٩٠) ، وابن عدي في الكامل (٧ / ص ٢٦٦٢) ، والبيهقي في سننه (١٠ / ١٢٦) ، ثلاثتهم من طريق يحيى بن عمرو بن مالك النكري عن أبيه ـ به ، ويحيى هذا ضعيف وقد ضعفه ابن معين وأبو زرعة وأبو داود والنسائي والدولابي ، وقال الدارقطني : صويلح يعتبر ، وقال غيره كان حماد يرميه بالكذب ، وقال العقيلي لا يتابع على حديثه ، وقال أحمد بن حنبل ليس هذا بشيء ، وقال الساجي منكر الحديث.

والحديث زاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٤ / ٣٤٠) لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مندة في المعرفة وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس ـ به.

وقد أخرجه الخطيب في تاريخه (٨ / ١٧٥) من حديث حمدان بن سعيد عن عبد الله بن نمير ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع عن ابن عمر ـ به ، وحمدان بن سعيد قال عنه الذهبي : «أتى بخبر كذب عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر .....» فذكره ، وتعقبه الحافظ في اللسان بقوله : «وهذا المتن لا يجوز أن يطلق عليه الكذب فقد رواه النسائي في التفسير وأبو داود في السنن من طريق أخرى عن ابن عباس ، وأما هذه الطريق فتفرد بها حمدان لكن لم أر من ضعفه قبل المؤلف» ، قلت : وزاد الحافظ في الفتح (٨ / ٤٣٧) نسبته لابن مردويه من هذا الوجه. وقد ذكر «السجل» في الصحابة : ابن مندة وأبو نعيم وتبعهما الذهبي فى التجريد (رقم ٢١٦٩) ، وكذا ابن الأثير في أسد الغابة (رقم ١٩٤٠).

وقال الحافظ في الإصابة (٢ / ١٥) في ترجمة «السجل» : فهذا الحديث صحيح بهذه الطرق وغفل من زعم أنه موضوع ، نعم ورد ما يخالفه ... أن السجل ملك ...» ـ

٧٥

__________________

ـ وقال الطبري في تفسيره (١٧ / ٧٩) : «.... ولا يعرف لنبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم كاتب كان اسمه السجل ولا في الملائكة ملك ذلك اسمه ...». وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (٣ / ٢٠١) : «وهذا منكر جدا من حديث نافع عن ابن عمر لا يصح أصلا ، وكذلك ما تقدم عن ابن عباس من رواية أبي داود وغيره لا يصح أيضا ، وقد صرح جماعة من الحفاظ بوضعه وإن كان في سنن أبي داود منهم شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي فسح الله في عمره ونسأ في أجله وختم له بصالح عمله ، وقد أفردت لهذا الحديث جزءا على حدته ولله الحمد».

ثم قال : «والصحيح عن ابن عباس أن السجل هي الصحيفة ... واختاره ابن جرير ...» والحديث سكت عنه المنذري ، وقال ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود لهامش عون المعبود (٨ / ١٥٤) «سمعت شيخنا أبا العباس بن تيمية يقول : هذا الحديث موضوع ولا يعرف لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كاتب اسمه السجل قط ، وليس في الصحابة من اسمه السجل وكتّاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم معروفون لم يكن فيهم من يقال له السجل ، قال والآية مكية ولم يكن لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كاتب بمكة ، والسجل هو الكتاب المكتوب ، واللام في قوله : «للكتاب» بمعنى «على» ، والمعنى : نطوي السماء كطي السجل على ما فيه من الكتاب».

وجملة القول أن الحديث لا يثبت بهذا اللفظ وتصحيح الحافظ له لا يخلو من مبالغة أو تساهل والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

٧٦

[٣٥٦] ـ أنا قتيبة بن سعيد ، نا نوح ، عن عمرو بن مالك ، عن أبى الجوزاء ، عن ابن عبّاس أنّه كان يقول في هذه الآية (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِ) قال : السّجلّ هو الرّجل.

__________________

٣٥٦ ـ سبق تخريجه (رقم ٣٥٥) الحديث السابق.

وقد أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٧ / ٧٨) عن نصر بن علي ، عن نوح بن قيس ، عن عمرو بن مالك به ، وقد عزاه السيوطي وزاد نسبته في الدر المنثور (٤ / ٣٤٠) لابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس ، زاد ابن مردويه : «هو الرجل بلغة الحبشة».

وكذلك قال صاحب عون المعبود : هو الرجل بلغة الحبشة ، وانظر فتح الباري.

٧٧

[٢٤٤] قوله تعالى :

(كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) [١٠٤]

[٣٥٧] ـ أنا سليمان بن عبيد الله بن عمرو ، نا بهز ، نا شعبة ، أنا المغيرة بن النّعمان / قال : سمعت سعيد بن جبير يحدّث ، عن ابن عبّاس قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بموعظة فقال : «أيّها النّاس إنّكم محشورون إلى ربّكم شعثا غرلا ثمّ قرأ هذه الآية» (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) إلى آخر الآية وإنّ أوّل من يكسى من الخلائق إبراهيم عليه‌السلام ، وإنّه يؤتى أناس من أمّتى فيؤخذ بهم ذات الشّمال فأقول : ربّ أصحابي. فيقول : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول مثل ما قال العبد الصّالح : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فيقال : إنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم القهقرى منذ فارقتهم».

__________________

(٣٥٧) ـ سبق تخريجه (رقم ١٨٠).

قوله «شعثا» الشّعث هو انتشار الأمر وتفرقه ، والمراد تفرق الشعر.

وغرلا : غير مختونين.

قوله «القهقرى» وهو المشي إلى خلف من غير أن يعيد وجهه إلى جهة مشيه.

٧٨

[٣٥٨] ـ أنا الرّبيع بن سليمان ، نا شعيب بن اللّيث ، نا اللّيث ، عن ابن عجلان ، عن أبى الزّبير ، عن الأعرج ، عن أبى هريرة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «قال الله عزوجل : كذّبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له أن يكذّبني ، وشتمني ابن آدم ولم يكن ينبغي (١) أن يشتمنى ؛ أمّا تكذيبه إيّاى فقوله : لا أعيده كما بدأته ، وليس آخر الخلق بأعزّ علىّ من أوّله ، وأمّا شتمه إيّاى فقوله : اتّخذ الله ولدا ، وأنا الله أحد (٢) الصّمد ، لم ألد ، ولم أولد ، ولم يكن لي كفوا أحد».

__________________

(١) عند البخاري «وما ينبغي له أن يشتمني».

(٢) عند البخاري «وأنا الأحد الصمد» ورواية أخرى «وأنا الصمد».

__________________

(٣٥٨) ـ صحيح تفرد به المصنف من هذا الوجه ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ١٣٩٥٣) ورجاله ثقات إلا أن محمد بن عجلان المدني : صدوق اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة ، وقد أخرج له مسلم وعلق له البخاري ، ومحمد بن مسلم بن تدرس أبو الزبير المكي : صدوق إلا أنه كان يدلس وقد أخرج له البخاري حديثا واحدا مقرونا بعطاء وعلق له عدة أحاديث ، واحتج به مسلم ، فالإسناد حسن في الشواهد والحديث صحيح فقد توبعا.

والحديث قد أخرجه البخاري في صحيحه (رقم ٣١٩٣ ، ٤٩٧٤) من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ـ به نحوه ، وأخرجه (رقم ٤٩٧٥) ، والإمام أحمد في مسنده (٢ / ٣١٧) ، كلاهما من حديث معمر عن همام ، عن أبي هريرة نحوه ، وعزاه المزي في تحفة الأشراف (رقم ـ

٧٩

سورة الحجّ

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[٢٤٥] قوله تعالى :

(وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى) [٢]

[٣٥٩] ـ أنا محمد بن العلاء ، أنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبى صالح ،

__________________

ـ ١٣٧٣٣) للمصنف في الجنائز ، وفي النعوت من الكبرى من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ـ به.

وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢ / ٣٥٠) من حديث أبي يونس عن أبي هريرة ، وفي إسناده ابن لهيعة.

(٣٥٩) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب أحاديث الأنبياء ، باب قصة يأجوج ومأجوج (رقم ٣٣٤٨) وكتاب التفسير ، باب «وترى الناس سكارى» (رقم ٤٧٤١) ، وكتاب الرقاق ، باب قوله عزوجل «إن زلزلة الساعة شيء عظيم» (رقم ٦٥٣٠) ، وكتاب التوحيد ، باب قول الله تعالى : «ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزّع عن قلوبهم ...» الآية (رقم ٧٤٨٣) ، وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الإيمان ، باب قوله يقول الله لآدم أخرج بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين (رقم ٢٢٢ / ٣٧٩ ، ٣٨٠) كلاهما من طريق سليمان الأعمش عن أبي صالح ـ به.

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ٤٠٠٥).

وأخرجه عبد بن حميد (رقم ٩١٧ ـ منتخب) ، وأحمد (٣ / ٣٢ ـ

٨٠