تفسير النسائي - ج ٢

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي

تفسير النسائي - ج ٢

المؤلف:

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي


المحقق: صبري بن عبدالخالق الشافعي وسيّد بن عبّاس الجليمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٩٥
الجزء ١ الجزء ٢

[٣٧١] قوله تعالى :

(فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) [٧٥]

[٥٨٥] ـ أخبرنا إسماعيل بن مسعود ، قال : حدّثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبى / عوانة ، عن حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، قال : نزل القرآن جميعا فى ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا ، ثمّ فصّل ، فنزل في السّنين ، وذلك (١) قوله (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ).

__________________

(١) في (ح): «فذلك».

__________________

(٥٨٥) ـ رجاله ثقات تفرد به المصنف ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٥٤٩٤). ورجاله ثقات ، شيخ المصنف هو الجحدري ، أبو عوانة هو الوضاح بن عبد اللّه اليشكري ، حصين هو ابن عبد الرحمن السلمي.

وقد أخرجه الطبري في تفسيره (٢٧ / ١١٧) ، والحاكم في مستدركه (٢ / ٤٧٧) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ، كلاهما من حديث هشيم عن حصين ، عن سعيد ، عن ابن عباس ـ به وفي إسناد ابن جرير زيادة بين حصين وسعيد ، وهو حكيم بن جبير ، وهو ضعيف جدا ،

وقال عنه البخاري : كان شعبة يتكلم فيه ، وقال النسائي : ليس بالقوى ، وقال الدارقطني : متروك ، وأخرجه الطبراني في الكبير (ج ١٢ / ص ٤٤ / رقم ١٢٤٢٦) من حديث شريك عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ـ به ، وشريك هو ابن عبد اللّه النخعي يخطئ كثيرا وفيه ضعف ـ

٣٨١

[٣٧٢] قوله تعالى :

(فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ) [٨٩]

[٥٨٦] ـ أخبرنا بشر بن هلال ، قال : حدثنا جعفر ـ يعنى ابن سليمان ـ عن هارون الأعور ، عن بديل (١) ـ هو ابن ميسرة (٢) ـ عن عبد الله بن شقيق ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقرأ : «فروح (٣) وريحان وجنّة نعيم».

__________________

(١) في الأصل : «بريد». وما أثبتناه من (ح) ، وتحفة الأشراف.

(٢) سقطت من (ح).

(٣) في الأصل : «فروح». وما أثبتناه من (ح) وتحفة الأشراف ، وسنن أبي داود بضم الراء وهو الصواب ، والله أعلم.

__________________

ـ وحكيم بن جبير سبق القول فيه ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١٢٠) : رواه الطبراني وفيه حكيم بن جبير وهو متروك.

وزاد السيوطي في الدر المنثور (٦ / ١٦١) نسبته لمحمد بن نصر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس.

(٥٨٦) ـ صحيح أخرجه أبو داود (رقم ٣٩٩١) : كتاب الحروف والقراءات ، والترمذي في جامعه (رقم ٢٩٣٨) : كتاب القراءات ، باب ومن سورة الواقعة ، كلاهما من طريق هارون بن موسى النحوي الأعور ، عن بديل بن ميسرة ، عن عبد اللّه بن شقيق ـ به. تحفة الأشراف (رقم ١٦٢٠٤) ـ

٣٨٢

__________________

ـ وإسناده حسن فرجاله ثقات غير جعفر بن سليمان الضبعي فهو صدوق ولكنه قد توبع ، شيخ المصنف في الإسناد هو الصواف ، وهارون هو ابن موسى النحوي الأعور ، بديل بن ميسرة هو العقيلي وكذا عبد الله بن شقيق ، وقال الترمذي : «حديث حسن غريب».

وقد أخرجه أحمد (٦ / ٦٤) ، والبخاري في التاريخ (٨ / ٢٢٣) ، وأبو يعلى (ج ٨ / رقم ٤٥١٥ ، ٤٦٤٤) ، والطبراني في الصغير (١ / ٢٢١) ، والحاكم في مستدركه (٢ / ٢٣٦ ، ٢٥٠) ، وأبو نعيم في الحلية (٣ / ٦٣) ، والذهبي في المعجم المختص (ص ١٦٠) ، من طرق عن هارون الأعور ـ به. وصححه الحاكم ـ في الموضع الأول ـ ووافقه الذهبي.

وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٦ / ١٦٦) لأبي عبيد في فضائله وعبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن مردويه عن عائشة ـ به.

وله شاهد أخرجه الطبراني في الصغير (١ / ٢١٩) من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١٥٦) : رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله ثقات.

وقال الآلوسي في روح المعاني (٢٧ / ١٦٠) : «... فروح بضم الراء وبه قرأ ابن عباس وقتادة ونوح القارئ والضحاك والأشهب وشعيب وسليمان التيمي والربيع بن خثيم ومحمد بن علي وأبو عمران الجوني والكلبي وفياض وعبيد وعبد الوارث عن أبي عمرو ويعقوب بن حسان وزيد ورويس عنه والحسن».

وقال الطبري في تفسيره (٢٧ / ١٢١) : «وأولى القراءتين في ذلك بالصواب ؛ قراءة من قرأ بالفتح لإجماع الحجة من القراء عليه». وقال ابن كثير في تفسيره (٤ / ٣٠١) : «وهذه القراءة ـ يعني برفع الراء ـ هي قراءة يعقوب وحده وخالفه الباقون فقرءوا «فروح وريحان» بفتح الراء».

٣٨٣

سورة الحديد

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[٥٨٧] ـ أخبرنا الحسين بن حريث ، قال : أخبرنا (١) الفضل بن موسى ، عن سفيان بن سعيد ، عن عطاء بن السّائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، قال (٢) : كانوا ملوكا (٣) بعد عيسى (عليه‌السلام) (٤) بدّلوا التّوراة والإنجيل ، فكان منهم مؤمنون يقرءون التّوراة والإ (نجيل) (٥) ، فقيل لملوكهم ما نجد شتما أشدّ من شتم

__________________

(١) في الأصل : «نا».

(٢) في (ح): «قال : قال» مرتين.

(٣) في (ح): «ملوك».

(٤) سقطت من (ح).

(٥) سقطت من الأصل وألحقت بالهامش.

__________________

(٥٨٧) ـ إسناده حسن. أخرجه المصنف في سننه (رقم ٥٤٠٠) : كتاب آداب القضاة ، تأويل قول اللّه عزّ وجل : ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٥٥٧٥). وإسناده حسن فإن عطاء بن السائب صدوق وقد اختلط ولكن سماع سفيان الثوري قديم ـ قبل الاختلاط ـ ، وشيخ المصنف هو المروزي أبو عمار ، والفضل هو السيناني المروزي ، ورجال السند ـ سوى عطاء ـ ثقات. ـ

٣٨٤

يشتموننا هؤلاء ، إنّهم يقرءون (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) [المائدة : ٤٤] هؤلاء الآيات (مع ما) (١) يعيبونا به من أعمالنا في قراءتهم ، فادعهم ، فليقرءوا كما نقرأ ، وليؤمنوا كما آمنّا ، فدعاهم ، فجمعهم ، وعرض (٢) عليهم القتل ، أو يتركوا قراءة التّوراة والإنجيل ، إلّا ما بدّلوا منها ، فقالوا : ما تريدون إلى ذلك؟ دعونا ، فقالت طائفة منهم : ابنوا لنا / أسطوانة ، ثمّ ارفعونا إليها ، ثمّ أعطونا شيئا نرفع به طعامنا وشرابنا ، فلا نرد عليكم ، وقالت طائفة : دعونا نسيح في الأرض ونهيم ونشرب كما يشرب الوحش ، فإن قدرتم علينا في أرضكم فاقتلونا ، وقالت طائفة : ابنوا لنا دورا فى الفيافي ، ونحتفر الآبار ، ونحرث (٣) البقول ، فلا نرد عليكم ، ولا نمرّ بكم ، وليس أحد من القبائل إلّا (وله) (٤) حميم فيهم ، ففعلوا

__________________

(١) في (ح): «معما».

(٢) في (ح): «فعرض».

(٣) في (ح): «ونحترث».

(٤) في الأصل : «له». بدون الواو.

__________________

وقد أخرجه الطبري في تفسيره (٢٧ / ١٣٨) ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٦ / ١٧٧) للحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس ـ به.

وقال ابن كثير في تفسيره (٤ / ٣١٧) : هذا السياق فيه غرابة.

٣٨٥

ذلك ، فأنزل الله (عزوجل) (*)([وَ])(١)(رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ / فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها) [٢٨] والآخرون قالوا : نتعبّد كما تعبّد فلان ، ونسيح كما ساح فلان ، ونتّخذ دورا كما اتّخذ فلان ، وهم على شركهم لا علم لهم بإيمان (الّذين) (٢) اقتدوا به ، فلمّا بعث النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يبق منهم (إلّا القليل) (٣) ، انحطّ رجل من صومعته ، وجاء سائح من سياحته ، وصاحب الدّير من ديره ، فآمنوا به وصدّقوه ، فقال الله عزوجل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) (٢٨) ، أجرين بإيمانهم بعيسى (بن مريم) (*) (وتصديقهم) (٤) بالتّوراة والإنجيل ، وبإيمانهم بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وتصديقهم ، قال : ([وَ])(*)(يَجْعَلْ (لَكُمْ)(٥)(نُوراً تَمْشُونَ

__________________

(٠) (*) سقطت من (ح).

(١) سقطت من الأصل.

(٢) في (ح): «الذي».

(٣) سقطت من (ح) وألحقت بالهامش هكذا : «إلا قليل».

(٤) في الأصل : «نصب أنفسهم» وهو خطأ. والصواب من (ح).

(٥) في الأصل كلمة «لهم» وهو خطأ وكتب فوقها «كذا».

__________________

ـ قوله فيافي هي البراري الواسعة جمع فيفاء.

قوله حميم أي صديق.

قوله نسيح أي نذهب فيها ، وأصله من السّيح وهو الماء الجاري المنبسط على وجه الأرض.

٣٨٦

بِهِ) (٢٨) القرآن ، واتّباعهم النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) [٢٩] الّذين يتشبّهون بكم (أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ ، وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ، وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [٢٩].

٣٨٧

[٣٧٣] قوله تعالى :

(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) [١٦]

[٥٨٨] ـ أخبرنا هارون بن سعيد ، قال : حدّثنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو [بن الحارث](*) ، عن سعيد بن أبى هلال ، عن عون بن عبد الله [بن عتبة](*) ، عن أبيه ، أنّ ابن مسعود ، قال : ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) إلّا أربع سنين (١).

* * *

__________________

(٠) (*) زيادة من (ح).

(١) في (ح): «هذا الحديث والذي بعده ترتيبهما هكذا : «٥٨٩ ، ٥٨٨».

__________________

(٥٨٨) ـ أخرجه مسلم في صحيحه : كتاب التفسير ، باب في قوله تعالى : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر اللّه (رقم ٣٠٢٧ / ٢٤) عن يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب ـ به.

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ٩٣٤٢).

٣٨٨

[٣٧٤]

السّور

[٥٨٩] ـ أخبرنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدّثنا عبد العزيز ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إذا دخل أهل الجنّة الجنّة ، وأهل النّار النار ، أتي بالموت ملبّبا ، فيوقف على السّور الّذى بين (أهل الجنّة وأهل النّار) (١) فيذبح ذبحا على السّور ، ثمّ يقال : يا أهل الجنّة ، خلود لا موت ، ويا أهل النّار ، خلود لا موت».

ـ مختصر ـ

__________________

(١) في (ح): «أهل النار وأهل الجنة» بتقديم وتأخير.

__________________

(٥٨٩) ـ صحيح أخرجه الترمذي مطولا بتمامه (رقم ٢٥٥٧) : كتاب صفة الجنة ، باب ما جاء في خلود أهل الجنة وأهل النار ، بهذا الإسناد وانظر تحفة الأشراف (رقم ١٤٠٥٥) ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح. وإسناده على شرط مسلم ، عبد العزيز هو ابن محمد الدراوردي ، العلاء هو عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي ـ صدوق ربما وهم ـ ، والحديث صحيح فقد جاء من طرق.

وقد أخرجه المصنف هنا من حديث أبي هريرة وغيره وانظر ما سبق (رقم ٣٣٦ ، ٣٣٧) ، فقد أخرجه البخاري في صحيحه (رقم ٦٥٤٨) ، ومسلم (٢٨٥٠ / ٤٣) من حديث ابن عمر وانظر تحفة الأشراف (رقم ٧٤٢٤). وأخرجه البخاري (٦٥٤٤) ، ومسلم (٢٨٥٠ / ٤٢) من حديثه وانظر تحفة ـ

٣٨٩

سورة المجادلة

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[٥٩٠] ـ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : أخبرنا جرير ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة ، عن / عائشة ، أنّها قالت : الحمد لله الّذى وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت خولة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تشكو زوجها ، فكان يخفى عليّ كلامها ، فأنزل الله (عزوجل) (١)(قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما)(٢) [الآية](٣).

__________________

(١) سقطت من (ح).

(٢) سقطت من (ح).

__________________

ـ الأشراف (رقم ٧٦٨١). وأخرجاه من حديث أبي سعيد وانظر تحفة الأشراف (رقم ٤٠٠٢).

قوله ملبّبا : من التلبيب وهو إذا جعلت في عنقه ثوبا أو غيره وجررته به.

وفي بعض الروايات أن الموت يأتي في صورة كبش يذبح.

(٥٩٠) ـ صحيح ذكره البخاري تعليقا : كتاب التوحيد ، باب : وكان اللّه سميعا بصيرا (رقم ٧٣٨٥) ، وأخرجه المصنف سننه (رقم ٣٤٦٠) : ـ

٣٩٠

__________________

كتاب الطلاق ، باب الظهار ، وابن ماجه في سننه (رقم ١٨٨) المقدمة ، باب فيما أنكرت الجهمية ، وكتاب الطلاق ، باب الظهار (رقم ٢٠٦٣) كلهم من طريق الأعمش ، عن تميم بن سلمة السلمي الكوفي ، عن عروة ـ به. وانظر تحفة الأشراف (رقم ١٦٣٣٢). وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين غير تميم بن سلمة فقد استشهد به البخاري في صحيحه وروى له في الأدب وأخرج له مسلم والباقون ، جرير هو ابن عبد الحميد بن قرط ، عروة هو ابن الزبير.

وقد أخرجه الإمام أحمد (٦ / ٤٦) ، وعبد بن حميد (رقم ١٥١٤ ـ منتخب) ، والطبري في تفسيره (٢٨ / ٥ ، ٦) من طرق ، وابن أبي عاصم في السنة (رقم ٦٢٥) ، والحاكم في مستدركه (٢ / ٤٨١) وصححه ووافقه الذهبي ، والبيهقي في سننه (٧ / ٣٨٢) ، كلهم من حديث الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة ـ به.

وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٦ / ١٧٩) لسعيد بن منصور وابن المنذر وابن مردويه وابن أبي حاتم.

قوله «وسع سمعه الأصوات» : فيه إثبات السمع لله تبارك وتعالى على الوجه الذي يليق به سبحانه وتعالى ، ليس كمثله شىء وهو السميع البصير.

قال الترمذي عقب حديث (رقم ٢٥٥٧) : «والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا : تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف؟ وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف ، وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه».

قلت : وهكذا في سائر الصفات التي ثبتت بالكتاب أو السنة ، نؤمن بها على الوجه الذي يليق بجلاله سبحانه وتعالى من غير تأويل ولا تعطيل ولا تحريف ولا تشبيه ولا تكييف ، وهذا مذهب السلف ، وهذا الذي ندين الله به.

٣٩١

[٣٧٥] قوله :

(وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) [٨]

[٥٩١] ـ أخبرنا يوسف بن عيسى ، قال : أخبرنا الفضل بن موسى ، قال : أخبرنا الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : دخل يهودىّ على النّبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : السّام عليك ، فقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وعليك» [فقالت عائشة : وعليك](١) السّام وغضب الله (قال) (*) : فخرج اليهودىّ ، فقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا عائشة إنّ الله (تبارك وتعالى) (*) لا يحبّ الفاحش المتفحش ، قالت : يا رسول الله ، أما تدرى ما (قال) (٢) ، قال :

__________________

(١) سقطت من (ح) وألحقت بالهامش ، وفى الأصل هكذا : «فقالت عائشة : عليك السام وغضب الله».

(*) سقطت من (ح).

(٢) فى الأصل فوق هذه الكلمة «صح».

__________________

(٥٩١) ـ أخرجه مسلم في صحيحه : كتاب السّلام ، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم (رقم ٢١٦٥ / ١١ ، ١١ مكرر) ، وأخرجه ابن ماجة في سننه : كتاب الأدب ، باب رد السّلام على أهل الذمة (رقم ٣٦٩٨) كلاهما من طريق الأعمش ، عن مسلم بن صبيح ، عن مسروق ـ به.

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٧٦٤١). ـ

٣٩٢

«وما قال؟» قالت : قال السّام عليك فهو (قوله) (١)(وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) قال : فخرج اليهودىّ وهو يقول بينه وبين نفسه ، فأنزل الله عزوجل (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ [يَصْلَوْنَها])(٢)(، فَبِئْسَ الْمَصِيرُ).

[٥٩٢] ـ أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : حدّثنا سفيان ، عن الزّهريّ ، عن عروة ، عن عائشة ، أنّ رهطا من اليهود دخلوا على النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : السّام عليك ، قال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : عليكم ، قالت عائشة : فقلت : بل عليكم السّام واللّعنة ، قال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا عائشة ، إنّ الله يحبّ الرّفق في الأمر كلّه ، قالت عائشة : فقلت : يا رسول الله ، ألم تسمع ما قالوا ، قال (٣) : «قلت عليكم» /

__________________

(١) سقطت من (ح) وألحقت بالهامش.

(٢) سقطت من (ح).

(٣) هذه الكلمة سقطت من الأصل وألحقت بالهامش وكتب فوقها «صح».

__________________

ـ قوله السّام عليك أي الموت والهلاك ، وهذا من خبث اليهود وسوء عقيدتهم ونياتهم ، لعنة اللّه عليهم. والمقصود أنه صلّى اللّه عليه وسلّم قد ردّ عليه قوله بقوله عليك يعني عليك الذي قلته ، فلا داعى للجهر بالسوء والزيادة على الاعتداء ، وهو من مكارم الأخلاق ، وآداب النبوة.

(٥٩٢) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب استتابه المرتدين والمعاندين ـ

٣٩٣

سورة الحشر

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[٣٧٦] قوله تعالى :

(ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ) [٥]

[٥٩٣] ـ أخبرنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدّثنا اللّيث ، عن نافع ،

__________________

ـ وقتالهم ، باب إذا عرّض الذمي أو غيره بسب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يصرح نحو قوله : السام عليكم (رقم ٦٩٢٧) وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب السّلام ، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم (رقم ٢١٦٥ / ١٠) ، وأخرجه الترمذي في سننه : كتاب الاستئذان ، باب ما جاء في التسليم على أهل الذمة (رقم ٢٧٠١).

وأخرجه النسائي في سننه الكبرى : كتاب عمل اليوم والليلة ، باب ما يقول لأهل الكتاب إذا سلموا عليه (رقم ٣٨١) كلهم من طريق سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ـ به.

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٦٤٣٧) ، والذيل (رقم ٢٤ ـ ٢٦).

قوله «رهطا» العدد يجمع من ثلاثة إلى عشر ، وقيل من سبعة إلى عشرة وقيل ما دون السبعة إلى الثلاثة نفر ، وقيل : الرهط ما دون العشرة من الرجال لا يكون فيهم امرأة.

(٥٩٣) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب المغازي ، باب حديث بني النضير ومخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في دية الرجلين (رقم ٤٠٣١) وكتاب التفسير ، باب «ما قطعتم من لينة» (رقم ٤٨٨٤) وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الجهاد والسير ، باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها (رقم ١٧٤٦ / ٢٩) وأخرجه أبو داود في سننه : كتاب الجهاد ، باب في الحرق في بلاد العدو (رقم ٢٦١٥) ـ

٣٩٤

عن ابن عمر ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حرّق نخل بنى النّضير وقطع ، وهي البويرة ، فأنزل الله (تبارك وتعالى) (١)(ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها / فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ).

__________________

(١) في (ح): «عزوجل».

__________________

وأخرجه الترمذي في جامعه : كتاب تفسير القرآن ، باب ومن سورة الحشر (رقم ٣٣٠٢) وكتاب السير ، باب في التحريق والتخريب (رقم ١٥٥٢) وأخرجه ابن ماجة في سننه : كتاب الجهاد ، باب التحريق بأرض العدو (رقم ٢٨٤٤).

وعزاه المزي في تحفة الأشراف للمصنف في الكبري : كتاب السير كلهم من طريق الليث بن سعد ، عن نافع ـ به.

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ٨٢٦٧).

قوله لينة صنف من النخل ، وقيل هي كل النخل ، وقيل كرام النخل ، وقيل : كل الشجر للينه. والأصل فيها لونة قلبت الواو ياء.

قوله البويرة تصغير بؤرة وهي الحفرة مكان معروف بين المدينة وبين تيماء. وهي موضع نخل بني النضير.

٣٩٥

[٣٧٧] قوله :

(وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) [٥]

[٥٩٤] ـ أخبرنا الحسن بن محمد ، عن عفّان ، قال : حدّثنا حفص بن غياث ، قال : حدّثنا حبيب بن أبى عمرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، في قول الله (تعالى) (١) : و (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) قال : (يستنزلونهم) (٢) من حصونهم وأمروا بقطع النّخل ، فحاك (٣) فى صدورهم ، فقال المسلمون : (قد) (٤) قطعنا بعضا وتركنا بعضا ، فلنسألنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هل لنا فيما قطعنا من أجر؟ [وهل

__________________

(١) في (ح): «عزوجل».

(٢) في (ح): «استنزلوه».

(٣) في الأصل و (ح) ورواية الترمذي : «فحك» بدون ألف وما نثبته هو الصحيح لغة.

(٤) زيادة من (ح).

__________________

(٥٩٤) ـ إسناده صحيح أخرجه الترمذي في جامعه (رقم ٣٣٠٣) : كتاب تفسير القرآن ، باب ومن سورة الحشر ، ورواه المصنف في الكبري : كتاب السير ، كلاهما من طريق حفص بن غياث عن حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد ـ به وانظر تحفة الأشراف (رقم ٥٤٨٨). وإسناده صحيح على شرط ـ

٣٩٦

علينا](١) فيما تركنا من وزر فأنزل الله عزوجل (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً) (قال) (٢) : كان عفّان حدّثنا بهذا الحديث عن عبد الواحد ، عن حبيب ثمّ رجع ، فحدّثناه عن حفص.

* * *

__________________

(١) في (ح): «وما علينا».

(٢) سقطت من (ح). والقائل هو شيخ المصنف ، وهو : الحسن بن محمد الزعفراني.

__________________

ـ البخاري ، شيخ المصنف هو الزعفراني ، عفان هو ابن مسلم الصفار ، وحفص ابن غياث هو النخعي ، حبيب بن أبي عمرة هو القصّاب ، وقال الترمذي : حديث حسن غريب.

وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٦ / ١٨٨) لابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس.

وأصل الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ومسلم وانظر (رقم ٥٩٣).

قوله فحاك في صدورهم : أثر فيها وأصابهم بسببه التردد والحيرة من حيث صوابه وخطأه.

٣٩٧

[٣٧٨] قوله تعالى :

(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) [٦]

[٥٩٥] ـ أخبرنا محمّد بن عبد الأعلى ، عن محمّد ـ وهو ابن ثور ـ عن معمر ، عن الزّهريّ ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، أن عمر (رضي الله عنه) (١) قال : سأخبركم بهذا الفيء ؛ إنّ الله (تعالى) (٢) خصّ نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم بشيء لم يعطه غيره ، فقال (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) فكانت هذه لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [خاصّة](٣) فو الله ما اختارها دونكم

__________________

(١) سقطت من (ح).

(٢) في (ح): «عزوجل».

(٣) زيادة من (ح).

__________________

(٥٩٥) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب فرض الخمس ، باب فرض الخمس (رقم ٣٠٩٤) وكتاب المغازي ، باب حديث بني النضير ومخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في دية الرجلين (رقم ٤٠٣٣) وكتاب النفقات ، باب حبس الرجل قوت سنة على أهله وكيف نفقات العيال؟ (رقم ٥٣٥٨) وكتاب الفرائض ، باب قول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لا نورث ما تركناه صدقة (رقم ٦٧٢٨) وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين والبدع (رقم ٧٣٠٥) وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الجهاد والسير ، باب حكم الفيء (رقم ١٧٥٧ / ٤٩ ، ٥٠) ، وأخرجه أبو داود في سننه : كتاب الخراج والإمارة والفيء ، باب في صفايا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الأموال (٢٩٦٣ ،

٣٩٨

ولا استأثر بها عليكم ، ولقد قسّمها عليكم حتّى بقي منها هذا المال ، (وكان) (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينفق (منه على أهله) (٢) سنتهم (٣) ، ثمّ يجعل ما بقى في مال الله [عزوجل](٤).

ـ مختصر.

* * *

__________________

(١) في (ح): «فكان».

(٢) في (ح): «على أهله منه».

(٣) في (ح): «سنته».

(٤) سقطت من الأصل.

__________________

ـ ٢٩٦٤) وأخرجه الترمذي في جامعه : كتاب السير ، باب ما جاء في تركة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم (رقم ١٦١٠) ، وأخرجه المصنف في سننه : كتاب قسم الفيء (رقم ٤١٤٨).

وعزاه المزي في تحفة الأشراف المصنف في الكبري : كتاب الفرائض. كلهم من طريق مالك بن أوس ـ به.

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٠٦٣٣).

قوله الفيء : أي ما رجع للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد.

قوله أوجفتم المقصود سرعة السير.

٣٩٩

[٥٩٦] ـ أخبرنا عبيد الله بن سعيد ، ويحيى بن موسى ، وهارون بن عبد الله ، فقالوا (١) : حدّثنا سفيان ، عن عمرو ، عن الزّهريّ ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، عن عمر بن الخطّاب ، كانت أموال بنى النّضير ممّا أفاء الله على رسوله [ممّا](*) لم يوجف (عليه المسلمون) (٢) بخيل ولا ركاب ، فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينفق [منها](*) على أهله نفقة سنة وما بقي جعله في السّلاح والكراع عدّة في سبيل الله.

__________________

(١) في (ح): «قالوا».

(*) زيادة من (ح).

(٢) في (ح): «المسلمون عليه».

__________________

(٥٩٦) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب التفسير ، باب قوله. ما أفاء اللّه على رسوله (رقم ٤٨٨٥) وكتاب الجهاد ، باب المجن ومن يتّرس بترس صاحبه (رقم ٢٩٠٤) ، وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الجهاد والسير ، باب حكم الفيء (١٧٥٧ / ٤٨ ، ٤٨ مكرر) ، وأخرجه أبو داود في سننه : كتاب الخراج والإمارة والفيء ، باب في صفايا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الأموال (رقم ٢٩٦٥) ، وأخرجه الترمذي في جامعه : كتاب الجهاد ، باب ما جاء في الفيء (رقم ١٧١٩) وأخرجه المصنف في سننه : كتاب قسم الفيء ، (رقم ٤١٤٠) وأخرجه المصنف أيضا في الكبري : كتاب عشرة النساء ، ادخار قوت العيال (رقم ٣٠٥ ، ٣٠٦ ، ٣٠٧). كلهم من طريق الزهري ، عن مالك بن أوس ـ به.

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٠٦٣١).

قوله الكراع هو اسم لجميع الخيل.

٤٠٠