شرح العقيدة الطّحاويّة

ابن أبي العزّ الحنفي

شرح العقيدة الطّحاويّة

المؤلف:

ابن أبي العزّ الحنفي


المحقق: الشيخ محمّد ناصر الدين الألباني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتاب العربي ـ بغداد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٤

فحسبكمو هذا التفاوت بيننا

وكل إناء بالذي فيه ينضح

بل ما ذا يقول هذا المتعصب الجائر الجاني على نفسه فيما جاء في «مقدمة إعلاء السنن» تحت عنوان «ذكر بعض المغامز في «الصحيحين» وتكلف الجواب عنها»! قال مؤلفه الشيخ ظفر أحمد العثماني التهانوي عقبه (ص ٤٦٣) :

«وما يقوله الناس : إن من روى له الشيخان فقد جاوز القنطرة ، هذا من التجوّه (أي التكلف) ولا يقوى ..» ثم أطال في الاستدلال لما قال!

والغرض من إيراد هذا هنا أن يعلم القارئ الكريم أن هذه المقدمة قام على طبعها والتعليق عليها المتعصب الجائر ، وقد علق في أكثر من موضع منها متعقبا على المؤلف ، وأما هنا فإنه سكت عنه ، ولم يتعقبه بشيء البتة الأمر الذي يدل على أنه مع المؤلف فيما غمز به «الصحيحين» ، وفي رد قول الناس المذكور. وقد كنت ذكرت نحوه في مقدمة الطبعة الثالثة ، وقد سبق حكايته في هذه المقدمة (ص ٢١) ، وإن القارئ ليزداد عجبا من هذا العنوان وما تحته إذا علم أن لفظة «الناس» فيه ، إنما المراد به الحافظ الذهبي وأمثاله من كبار المحدثين ، الذين يعرفون فصل «الصحيحين» ، ودقة تحريهما للأحاديث الصحيحة ، على ما هو مشروح في كتب «علم مصطلح الحديث» و «مقدمة فتح الباري» للحافظ ابن حجر ، وغيره ، فتجد هذا المتعصب يتابع المؤلف المشار إليه في نقد «الصحيحين» نقدا عاما انتصارا لمذهبهم الحنفي ، الذي لا يأخذ بكثير من أحاديثهما ، وقد مضت بعض الأمثلة على ذلك مما رده الكوثري شيخ هذا المتعصب المشار إليه من أحاديثهما.

هذا حال هذا المتعصب الهالك ، وموقفه من «الصحيحين» الحالك ، ومع ذلك ، فهو لا يستحي أن يتظاهر بالغيرة عليهما ، والمدافعة عنهما ، من أجل حديث واحد لأحدهما ، قلنا في إسناده ما قاله أهل الاختصاص فيه ، دون أن نتجرأ على تضعيف متنه ، حتى يتيسر لنا البحث في طرقه ، فلما منّ الله علينا به ، تبينت لنا صحته والحمد لله تعالى.

وهذه خدمة لصحيح الامام البخاري اقدمها بفضل الله بعد أن قرأت ما قاله الحافظ الذهبي وابن رجب وغيرهما ، وهنا يصح لنا أن نتمثل بقول الشاعر.

٤١

وإذا أراد الله نشر فضيلة

طويت أتاح لها لسان حسود

لقد أراد هذا المتعصب أن يظهرنا أمام الناس بمظهر الطاعنين في «صحيح البخاري» وكذا «مسلم» ، فإذا بالحقائق تشهد أنه هو الطاعن ، مصداقا للمثل السائر : «من حفر بئرا لأخيه وقع فيه» (١) ، والمثل الآخر «من كان بيته من زجاج فلا يرم الناس بالحجارة»!

ان مبلغ تعصب هذا الحنفي ، تبعا لشيوخه الأحناف على أهل الحديث عامة ، والبخاري ومسلم خاصة ، لا يعلمه إلا من تتبع مؤلفاتهم ، أو تعليقاتهم على غيرها وقد سبق ذكر بعض النماذج منها ، ومن الأدلة الجديدة التي وقفت عليها ، تلك المقدمة التي مضت الإشارة إليها والتي قام هذا المتعصب الجائر على طبعها حديثا والتعليق عليها ، فقد ذكر مؤلفها في مطلعها (ص ٢٠).

«أنه جعلها أساسا لكلامه في كتابه «إعلاء السنن» في تصحيح الأحاديث وتحسينها ، مبينة لقواعد خالف فيها علماءنا الحنفية جماعة المحدثين ، (كذابا بالضبط وليس العكس!) ولكل وجهة هو موليها في باب التصحيح والتحسين والتضعيف ، فرب ضعيف عند المحدثين صحيح عند غيرهم ، وكذا العكس»!!

ثم ذكر مخالفة ابن حبان جمهور المحدثين في قبوله رواية المجهول والاحتجاج بها ، والتي ردها الحافظ ابن حجر وغيره من المحدثين ، على ما هو مفصل في محله من «علم المصطلح» ، ذكر ذلك ليتخذها ذريعة لتبرير مخالفة الحنفية أيضا إياهم في كثير من قواعدهم متسائلا بقوله (ص ٢) :

«فما ذا على الحنفية لو خالفوا كذلك بعض الأصول!». ثم يتدرج من ذلك إلى القول (ص ٢٠) :

«قلت : ولا يخفى أن ظن المجتهد لا يكون حجة على مجتهد آخر».

يشير بذلك إلى أن الحنفية مجتهدون في مخالفتهم لأئمة الحديث في أصولهم ، فمهما خالفوهم في شيء من قواعدهم ، فلا لوم عليهم في ذلك. وبناء على ما سبق ،

__________________

(١) ويروى مرفوعا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولا يعرف له اصل كما في «المقاصد الحسنة» للحافظ السخاوي.

٤٢

صرح (ص ٤٦١) : بأن للحنفية في الحديث أصولا ، كما أن للمحدثين أصولا!

وكل هذه الأقوال مر عليها المتعصب الجائر مرور المسلم بها ، فإنه سكت عنها ، ولم يتعقبها بشيء ، بل ذكر في تعليقه على الصفحة (٢١) انه عدل اسم هذه المقدمة ـ بموافقة المؤلف إلى : «قواعد في علوم الحديث»!

قلت : وكم كان يكون طريفا جدا لو أنه ألحق بهذا الاسم الجديد قوله : «على مذهب الحنفية» ، ليكون عنوانا صادقا عن مضمون الكتاب وحقيقته ، فإنه في الواقع ، قد اشتمل على قواعد كثيرة لهم ، خالفوا فيها جماهير علماء الحديث قديما وحديثا. وما ذلك إلا ليتسنى لهم ـ بناء عليها في تصحيح ما ضعفه علماء الحديث ، أو تضعيف ما صححوا! كما أشار إلى ذلك بقوله المتقدم : «فرب ضعيف عند المحدثين صحيح عند غيرهم» يعني الحنفية!

يقول هذا مع أن من فصول كتابه (ص ٤٤٠) : «يرجع في كل علم إلى أهله ورجاله»!

ثم أيده بكلام جيد نقله من «منهاج السنة» ، لشيخ الاسلام ابن تيمية فكيف يتفق هذا مع ما قبله يا أولي النهى!

والحقيقة أن هذه المقدمة لم تأت بجديد بالنسبة للعارفين بما عليه الحنفية من التعصب لأقوال علمائهم ، حتى المتأخرين منهم ، الذين يصرحون بأنهم مقلدون لمن قبلهم ـ زعموا ـ وليسوا مجتهدين. أي علماء ، عند أهل العلم والتحقيق! وذلك بتأويلهم النصوص ، أو رد ما يمكن رده منها حين لا يساعدهم التأويل ، وبتقويتهم للأحاديث المعروفة الضعف عند المحدثين ، وإنما الجديد في المقدمة المذكورة هو التصريح بما لا يعرفه أكثر الناس عنهم ، حتى عامة الحنفية أنفسهم ، ألا وهو أن للحنفية في الحديث أصولا كما أن للمحدثين أصولا! وذلك ليرجعوا إليها عند الاختلاف في المسائل الفقهية أو غيرها ، ويبرروا لأنفسهم عدم الرجوع إلى القواعد المعروفة عند أهل العلم المتخصصين في الحديث!

وعلى هذا فلا لوم على الفرق الضالة المخالفة لأهل السنة ، إذ ما رجعوا عند الاختلاف إلى أصولهم التي ارتضوها لأنفسهم ، كاحتجاج الشيعة مثلا ، بكل ما يروى عن أئمة أهل البيت رضي الله عنهم ، بدعوى أنهم معصومون!

٤٣

وليتأمل العاقل المنصف كم تتسع شقة الخلاف بين المذاهب الأربعة فضلا عن غيرهم ، إذا ما قامت كل طائفة منهم لتضع لها أصولا في رواية الحديث غير مبالية بجهود أهل الحديث واختصاصهم فيه؟!

وإليك الآن بعض تلك القواعد التي بينها المؤلف المشار إليه في «المقدمة» وارتضاها المتعصب :

١ ـ المجتهد إذا استدل بحديث كان تصحيحا له. (ص ٥٧ ـ ٥٩. ص ٦٥ ـ تعليق).

وغرضهم من هذه القاعدة التمهيد لرد تضعيف المحدثين لكثير من أحاديثهم التي يستدلون بها في كتبهم ، وهي على قواعدهم معلولة ، بالركون إلى هذه القاعدة المزعومة ، وصححوا الحديث بها! ومما يؤكد ما قلنا قول المؤلف (ص ٥٩) :

«قلت : فكل حديث ذكره محمد بن الحسن الامام ، أو المحدث الطحاوي محتجين به فهو حجة صحيحة على هذا الأصل لكونهما محدثين مجتهدين!»

قلت : يقول هذا مع أن محمد بن الحسن رحمه‌الله تعالى على جلالته في الفقه ، فهو مضعف عند المحدثين ، لسوء حفظه ، كما تراه مشروحا في «ميزان الاعتدال» للحافظ الذهبي وغيره. ومن تعصبهم على المحدثين وسوء ظنهم بهم ، ما نقله المعلق على الكتاب (ص ٣٤٣) عن الكشميري الحنفي أن وجه تضعيفهم إياه بأنه كان أول من جرد الفقه من الحديث ، وكانت مشاكلة التصنيف قبل ذلك ذكر الآثار والفقه مختلطا ، فلما خالف رأيهم طعنوا عليه في ذلك»!

هكذا قال! مع أنه يعلم أن الطعن عندهم فيه ، إنما هو سوء الحفظ قال الذهبي في ترجمته محمد بن الحسن في «الميزان» :

«ليّنه النسائي وغيره من قبل حفظه».

وقد حكاه عنه المؤلف نفسه (ص ٣٤٤) ، ولكنه جاء بباقعة (١) أخرى فقال في لتعليق عليه :

«قلت : تشدده معلوم»! يعني الامام النسائي!

٢ ـ قبول مرسل غير الصحابي من أهل القرن الثاني والثالث (ص ١٣٨) ، والقرن الرابع أيضا (ص ٤٥٠).

__________________

(١) الباقعة : الداهية والطائر المحتال.

٤٤

قلت : ومعنى ذلك أن التابعي ، أو تابعه ، أو تابع تابعه ، أو تابعه ، إذا قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فهو حجة عندهم يثبت به الحكم الشرعي أي بالحديث المعضل. والمعلق ولو من رجل القرن الرابع! وهذا ضعيف باتفاق علماء الحديث ، وغرضهم من ذلك أنه إذا أورد أحد أئمتهم حديثا ما ولو بدون إسناد إطلاقا ، وكان في قرن من القرون الثلاثة من بعد الأول ، ورده علماء الحديث بأنه لا أصل له ، أو لا يعرف له إسناد ، عارضوا ذلك بهذه القاعدة!

قلت : وهذا أمر خطير جدا إذ يتنافى مع ما هو مقرر عند العلماء : أن الاسناد مطلوب في الدين ، وأنه من خصائص هذه الأمة الإسلامية ، وعليه يقوم علم الحديث والرواية ، ولذلك قال ابن المبارك رحمه‌الله تعالى : الاسناد من الدين ، ولو لا الاسناد لقال من شاء ما شاء. وقال الشافعي رحمه‌الله : مثل الذي يطلب الحديث بلا إسناد كمثل حاطب ليل. والآثار في هذا المعنى كثيرة جدا ، وقد ساق الكثير الطيب منها أبو الحسنات اللكنوي رحمه‌الله في كتابه «الأجوبة الفاضلة» ثم عقب عليها بقوله :

«فهذه العبارات بصراحتها أو باشارتها تدل على أنه لا بد من الاسناد في كل أمر من أمور الدين ، سواء كان ذلك من قبيل الأخبار النبوية أو الأحكام الشرعية أو المناقب والفضائل ، فشيء من هذه الأمور لا ينبغي عليه الاعتماد ، ما لم يتأكد بالاسناد ، لا سيما بعد القرون المشهود لهم بالخيرية» ثم ذكر الوضاعين وأنواعهم ثم قال (ص ٢٩) :

«ومن هنا نصوا : أنه لا عبرة بالأحاديث المنقولة في الكتب المبسوطة ما لم يظهر سندها ، أو يعلم اعتماد أرباب الحديث عليها ، وإن كان مصنفها فقيها جليلا ..» الخ كلامه. فراجعه فإنه مهم جدا.

قلت : وإذا عرفت هذا ، وأن الاسناد لا بد منه حتى في القرون الثلاثة فضلا عن الرابع وما دونه ، وتذكرت أن أكثر كتب الحديث المعتمدة مؤلفوها في قرن من هذه القرون كمسند الطيالسي وأحمد وأبي يعلى وغيرهم ، وأصحاب الكتب الستة وغيرهم ، ومثل معاجم الطبراني الثلاثة وغيرها ، فعلى هذه القاعدة الباطلة إذا قال

٤٥

أحد هؤلاء : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يذكر إسناده وصار الحديث بذلك صحيحا. فما قيمة الاسناد حينئذ ، ويا ضيعة جهود المحدثين في جمع الأسانيد.!

هذا مع أن المعروف عنهم أنهم يردون كثيرا من الأحاديث المرسلة ، فضلا عن المعضلة إذا كانت خلاف مذهبهم ، وما لهم لا يفعلون ذلك ، وهم يردون أيضا الأحاديث الموصولة أيضا ، وتجد بعض الأمثلة على ذلك في كتابي «أحكام الجنائز وبدعها» ، فهل هذه القواعد وضعت لأجل الرد على خصومهم والتستر بها ، فإذا كانت عليهم لم يلتفتوا إليها؟!

وقابل هذه القاعدة بقاعدتهم الآتية :

٣ ـ لا يقبل قول أئمة الحديث : «هذا الحديث غير ثابت ، أو منكر .. من غير أن يذكر الطعن»!

سبحان الله! ما هذه المفارقات ، قول أهل الاختصاص في الحديث إذا ضعفوا الحديث لا يقبل. واستدلال المجتهد بحديث ما تصحيح له. فهذا يقبل مع أنه لم يصرح بالتصحيح ، وكذلك قول من دون التابعين : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقبل حديثه على أنه صحيح وقد لا يكون من العلماء بالحديث؟!

أليس معنى هذه القاعدة هدم جانب كبير من علم الحديث وأقوال العارفين به ، فإن هناك مئات بل ألوف الأحاديث لا نعرف ضعفها ونكارتها إلا من قول المحدثين بذلك فيها. فاذا قال مثل الحافظ الزيلعي والذهبي والعراقي في حديث ما : إنه ضعيف ، فكيف لا يقبل منهم وهم أهل الاختصاص!! ولكن لعلهم يستثنون منهم الحافظ الزيلعي لأنه حنفي المذهب!

نعم لو قيدوا قولهم أو قاعدتهم هذه بما إذا كان هناك مخالف من علماء الحديث ذهب إلى تصحيحه ، فالأمر في هذا قريب ، ومع ذلك ، فالصواب في هذه الحالة أنه لا بد من الرجوع إلى قاعدة أخرى معروفة في علم الحديث وهي : إذا تعارض الجرح والتعديل ، فأيهما المتقدم؟ والصحيح أن الجرح هو المقدم إذا كان سببه مبينا وكان في نفسه جارحا ، وبيانه هناك ، ومن الغريب أن صاحب المقدمة قد رجح فيها (ص ١٧٥) هذا الذي صححته ، فكيف قعّد هذه القاعدة المنافية لترجيحه؟! ولما ذا

٤٦

خص بالذكر فيها أئمة الحديث دون أئمة الحنفية الذين يصححون ويضعفون حسب قواعدهم!. هل هو تنفيس عما يضمرون في نفوسهم من العداء الشديد لأئمة الحديث أم ما ذا؟!

٤ ـ شيوخ إمامنا الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه ثقات. (ص ٢١٩ ـ ٢٢٠). قلت : يقول هذا مع علمه أن من شيوخ أبي حنيفة رحمه‌الله تعالى جابر الجعفي ، فقد ذكر هو نفسه (ص ٣٤٨) : أنه ثبت عن أبي حنيفة أنه قال في جابر الجعفي : ما رأيت أكذب منه!

ولذلك لم يسع المعلق عليه ـ على بالغ تعصبه ـ من أن يستدرك على المؤلف فيقول : «إن القاعدة على الأغلب الأكثر».

والمتقرر عند علماء الحديث : أن رواية العدل ليست بمجردها توثيقا.

ثم إنني لا أدري كيف يتجرأ هذا المؤلف على مثل هذه القاعدة.

والواقع في «مسانيد أبي حنيفة» التي جمعها أبو المؤيد الخوارزمي الحنفي يكذبها بشهادة الجامع نفسه ، وإليك عشرة من شيوخ أبي حنيفة الذين أوردهم الخوارزمي مع بيانه لضعفهم ، وفيهم غير واحد من المتهمين!

١ ـ محمد بن الزبير الحنظلي. قال البخاري : فيه نظر ٢ / ٣٥٠.

٢ ـ محمد بن السائب الكلبي : قال البخاري : تركه يحيى بن سعيد وابن مهدي ٢ / ٣٥٠.

٣ ـ إبراهيم بن مسلم الهجري : قال البخاري : كان ابن عيينة يضعفه. ٢ / ٣٨٢.

٤ ـ إسماعيل بن مسلم المكي : تركه ابن المبارك وابن مهدي ٢ / ٣٨٢ ـ ٣٨٣.

٥ ـ أيوب بن عتبة. قال البخاري : ضعيف عندهم ٢ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤.

٦ ـ حكيم بن جبير. قال البخاري : كان شعبة يتكلم فيه. ٢ / ٤٢٦.

٧ ـ مسلم بن كيسان أبو عبد الله الضرير ، قال البخاري : يتكلمون فيه. ٢ / ٥٥١.

٨ ـ مجالد بن سعيد ضعفه يحيى القطان ٢٠ / ٥٥٤.

٤٧

٩ ـ نصر بن طريف. قال البخاري : سكتوا عنه ٢ / ٥٦٢.

١٠ ـ يزيد بن ربيعة أبو كامل الرحبي : قال البخاري : حديثه مناكير ٢ / ٥٧٤.

وأما شيوخه الذين سرد الخوارزمي أسماءهم وبيّض لهم ، وهم ممن تكلم العلماء فيهم فحدث ولا حرج ، فضلا عن غيرهم ممن لم يذكرهم مثل عطية العوفي ١ / ١٠٣ وعبد الكريم ابن أبي أمية ٢ / ٥١ ـ ٥٢ وأبي سفيان طريف بن شهاب السعدي ١ / ٣١٢ وغيرهم.

هذا ، وبعد أن فرغت من الرد على ما جاء في ذلك التقرير الجائر ، من الزور والباطل ، فقد قوي في نفسي الشعور بأن القارئ قد يتساءل بعد فراغه من قراءة هذا الرد : من هو صاحب ذلك التقرير الجائر حقا؟ وقد بدا لي أن من حقهم علي أن أجيبهم عن ذلك التساؤل ، على الرغم من أنني حاولت في أثناء كتابته أن لا أبوح باسمه ، فقد ظهر لي أخيرا أن الأولى بل الواجب الكشف عن هويته ، ليعرف كل قارئ عدوه من صديقه ، وحبيبه من بغيضه ، فيحب في الله ، ويبغض في الله ، ولي في ذلك من أهل العلم بالحديث وأصوله أحسن أسوة ، الذين صرحوا بجواز بل وجوب ذكر رواة الحديث بأسمائهم وعيوبهم في الرواية ليعرفوا ، فما أكثر ما ترى في كتبهم مثل قولهم : فلان وضّاع ، أو كذاب ، أو سيئ الحفظ ، ونحو ذلك ، حتى أنهم لم يتورعوا عن وصف بعض الأئمة المتبوعين في بعض المذاهب بما علموا فيهم من سوء الحفظ ، وقد مضى قريبا قولهم في محمد بن الحسن الشيباني ، كل ذلك نصحا منهم للمسلمين ، وغيرة على الدين ، وقد صرحوا بأن غيبة الرجل حيا وميتا تجوز لغرض شرعي ، لا يمكن الوصول إليه إلا بها ، وقد جمعها بعضهم في قوله :

القدح ليس بغيبة في ستة

متظلم ومعرف ومحذر

ومجاهر فسقا ومستفت ومن

طلب الاعانة في إزالة منكر

ولا يخفى على القارئ الحبيب بأن الأغراض الستة هذه أكثرها يمكن الاعتماد عليها فيما نحن فيه ، وعليه أقول :

٤٨

هو الشيخ عبد الفتاح أبو غدة الحنفي الحلبي ، المعروف بشدة علمائه لأهل السنة والحديث ، لا سيما في بلده (حلب) ، حين كان يخطب على منبر مسجده يوم الجمعة ، ويستغله للطعن في أهل التوحيد المعروفين في بلده ـ بالسلفيين ـ خاصة ، وفي أهل التوحيد السعوديين وغيرهم الذين ينبزهم بلقب الوهابية عامة ، ويعلن عداءه الشديد لهم ، ويصرح بتضليلهم بقوله : «إن الاستعانة بالموتى من دون الله تعالى وطلب الغوث منهم جائز ، وليست شركا ، ومن زعم أنها شرك أو كفر فهو كافر ، ويتهمهم جميعا بشتى التهم ، التي كنا نظن أن أمرها قد انتهى ودفن ، لأن الناس قد عرفوا حقيقة أمرهم ، وأن دعوتهم تنحصر في تحقيق العبادة لله تعالى ، وإخلاص الاتباع لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإذا بأبي غدة هذا ، يتجاهل كل ذلك ، ويحيي ما كان ميتا من التهم حولهم ، ويلصقها بهم ، بل ويزيد عليها ما لم نسمعه من قبل ، فيقول من على المنبر : «إن هؤلاء الوهابيين تتقزز نفوسهم أو تشمئز حينما يذكر اسم محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (سبحانك هذا بهتان عظيم) إلى غير ذلك من التهم الباطلة مما سمعه منه أهل بلده الذين حضروا خطبه بذلك ، وغيره مما جاء في التعليق على كتاب الاستاذ الفاضل فهر الشقفة : «التصوف بين الحق والخلق» (ص ٢٢٠) الطبعة الثانية ، وهذا موافق تماما لما قاله متعصب آخر مثله ، من حملة (الدكتوراه) في كتاب له :

«ضل قوم لم تشعر أفئدتهم بمحبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وراحوا يستنكرون التوسل بذاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد وفاته».

فهل هذا توافق غير مقصود بذاته من هذين المتعصبين ، وإنما التقيا عليه بجامع الاشتراك في الحقد على أهل السنة ومعاداتهم ، دون اتفاق سابق بينهما على اتهامهم بهذه التهمة الباطلة التي نخشى أن يكونا أحق بها وأهلها أم الأمر كما قال تعالى : (أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ).

فلما كتب الله على البلاد السعودية أن يكون أبو غدة مدرسا في بعض معاهدها ـ كتم عداءه الشديد إياهم ولدعوتهم ، وتظاهر بأنه من المحبين لهم ، ولسان حاله ينشد :

ودارهم ما دمت في دارهم ،

وأرضهم ما دمت في أرضهم!

ودعم ذلك بقيامه على طبع بعض كتب الحديث والتعليق عليها ، وأحدها من

٤٩

كتب الامام ابن القيم ، ويزين بعضها بالنقل عنه وعن شيخ الاسلام ابن تيمية رحمهما‌الله تعالى ـ ولكنه في الوقت نفسه لا يتمالك من النقل عن عدوهما اللدود وعدو أهل الحديث جميعا ، بل والإكثار عنه ، ألا وهو المدعو زاهد الكوثري ، الذي كان ـ والحق يقال ـ على حظ وافر من العلم بالحديث ورجاله ، ولكنه ـ مع الأسف ـ كان علمه حجة عليه ووبالا. لأنه لم يزدد به هدى ونورا ، لا في الفروع ولا في الأصول ، فهو جهمي معطل ، حنفي هالك في التعصب ، شديد الطعن والتحامل على أهل الحديث قاطبة ، المتقدمين منهم والمتأخرين.

فهو في العقيدة يتهمهم بالتشبيه والتجسيم ، ويلقبهم في مقدمة «السيف الصقيل» (ص ٥) بالحشوية السخفاء ، ويقول في كتاب «التوحيد» للامام ابن خزيمة : «انه كتاب الشرك»! أو يرمي نفس الامام بأنه مجسم جاهل بأصول الدين!

وفي الفقه يرميهم بالجمود وقلة الفهم ، وانهم حملة أسفار (!)

وفي الحديث طعن في نحو ثلاثمائة من الرواة اكثرهم ثقات ، وفيهم نحو تسعين حافظا ، وجماعة من الأئمة الفقهاء ، كمالك والشافعي وأحمد ، ويصرح بأنه لا يثق بأبي الشيخ ابن حيان ، ولا بالخطيب البغدادي ونحوهما! ويكذب الإمام عبد الله ابن الامام أحمد بن حنبل المتفرد برواية «المسند» عن أبيه ، وكأنه لذلك لا يعتبره من المسانيد التي ينبغي الرجوع إليها ، والاعتماد عليها فيقول في كتابه «الاشفاق على أحكام الطلاق» (ص ٢٣ طبع حمص) :

«مسند أحمد على انفراد من انفرد به ليس من دواوين الصحة أصلا» ثم قال (ص ٢٤) : «ومثل مسند أحمد لا يسلم من إقامة السماع والتحديث مقام العنعنة ، لقلة ضبط من انفرد برواية مثل هذا المسند الضخم»!

ثم هو يصف الحافظ العقيلي بقوله : «المتعصب الخاسر» ، وبالجملة فقل من ينجو من الحفاظ المشهورين وكتبهم من غمز ولمز هذا المتعصب الخاسر حقا مثل ابن عدي في «كامله» والآجري في «شريعته»! وغيرهما.

وهو إلى ذلك يضعّف من الحديث ما اتفقوا على تصحيحه ، ولو كان مما أخرجه

٥٠

البخاري ومسلم في «صحيحيهما» دون علة قادحة فيه ، وقد سبق ذكر بعض ما ضعفه منها ، وعلى العكس من ذلك فهو يصحح انتصارا لعصبيته المذهبية ما يشهد كل عارف بهذا العلم أنه ضعيف بل موضوع ، مثل حديث «أبو حنيفة سراج أمتي»! إلى غير ذلك من الأمور التي لا مجال لسردها ، وبسط القول فيها الآن. وقد رد عليه وفصّل القول فيها بطريقة علمية سامية ، وبحث منطقي نزيه ، العلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني في كتابه «طليعة التنكيل» ثم في كتابه الفذ العظيم «التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل» ، فليراجعهما من شاء الوقوف على حقيقة ما ذكرنا ، فإنه سيجد الأمر فوق ما وصفنا. والله المستعان.

هذا شيء من حال الكوثري ، وأبو غدة ـ دون شك ـ على علم بها ، لأنه إن كان لم يتعرف عليها بنفسه من بطون كتب الكوثري التي هو شغوف بمطالعتها ـ وهذا أبعد ما يكون عنه ـ فقد اطلع عليها بواسطة رد العلامة اليماني عليها رد علميا نزيها كما سبق.

وإن تعليقات أبي غدة الكثيرة على الكتب التي يقوم بطبعها ، والنقول التي يودعها فيها من كلام الكوثري ، كل هذا وذاك ليدل دلالة واضحة على أنه معجب به أشد الاعجاب ، وأنه كوثري المشرب. وكيف لا وهو يضفي عليه الألقاب الضخمة ، التي لا يطلقها عليه غيره ، فيقول : «العلامة المحقق الامام» (ص ٦٨) من التعليق على «الرفع والتكميل». بل يقول قبيل مقدمته عليه : «الاهداء ـ إلى روح أستاذ المحققين الحجة المحدث الفقيه الأصولي المتكلم النظار المؤرخ النقاد الامام»!! «وقد بلغ من شدة تعلقه به أن نسب نفسه إليه فهو الشيخ عبد الفتاح أبو غدة الحنفي الكوثري» (١) ، وأن سمى ابنه الكبير باسم : زاهد ، تبركا به وإحياء لذكره! فهو إذن راض عنه وعن أفكاره وآرائه مائة في المائة! فهو مشترك معه في تحمل مسئولياتها. ويؤكده أنه لم يبد أي نقد أو اعتراض في شيء منها في أي تعليق من تعليقاته الكثيرة ، بل هو متأثر به إلى أبعد حد ، فإنك تراه بينما هو يضفي عليه ما سبق من الألقاب الضخمة ، يضنّ على شيخ الاسلام ابن تيمية

__________________

(١) ص ٧٢ من «مقالات الكوثري»

.

٥١

ببعضها ، فهو إذا ذكره لا يزيد على قوله : «الشيخ ابن تيمية» (ص ٥٥ ، ٦٠ ـ الرفع والتكميل) ، مع الاعتراف بأننا لا ندري على وجه اليقين بقصده ب «الشيخ» هنا ، هل يعني في العلم والفضل ، أم في العمر والسن ، أم في الزيغ والضلال. وكان المفروض أن لا نتوقف في حمله على المعنى الأول ، ولكن منعني من ذلك علمي أن أبا غدة «كوثري» كما عرفت ، والكوثري يرمي ابن تيمية في كثير من تعليقاته بالزيغ والضلال! بل لقد قال في كتابه «الاشقاق» (ص ٨٩) :

«إن كان ابن تيمية لا يزال يعد شيخ الاسلام ، فعلى الاسلام السلام»! وغالب ظني أن هذه الكلمة ـ وأبو غدة متأثر بها قطعا لأنها من شيخه «أستاذ المحققين الحجة ..» ـ هي السبب في اقتصار أبي غدة على لفظ «الشيخ ابن تيمية» دون «شيخ الاسلام» لأنه لو فعل لكان عاقا لشيخه وذلك ما لا يكون منه إلا أن يشاء الله هدايته! أقول هذا مع علمي أنه أطلق مرة هذا اللقب عليه في تعليقه على «الأجوبة الفاضلة» (ص ٩٢) ، فإن كان ذلك عن اعتقاد منه بما كتب ورام ، ولم يكن منه رمية من غير رام ، ولا على سبيل ما يعتقده الناس في بلد إقامته الموقتة «الرياض» ولا من قبيل الزلفى به إليهم ، أو غير ذلك من الاحتمالات التي قد تخطر في البال ، فيكون أبو غدة بإطلاقه المذكور ، قد أعلن براءته من شيخه الكوثري في كلمته السابقة. فلعل عنده من الشجاعة الأدبية ما يتجرأ به على أن يعلن صراحة أنه كتب ذلك عن قناعة واعتقاد فقط ، وأن ابن تيمية رحمه‌الله هو شيخ الاسلام حقا. وأن كلمة شيخه الكوثري المتقدم في رد ذلك هو كافر بها ومتبرئ منها ، فإن فعل ، وذلك مما أشك فيه ، سألت الله لنا وله التثبيت!

ومهما يكن قصد أبي عدة من قوله «الشيخ ابن تيمية» ، فالذي لا يشك فيه أنه تلميذ الكوثري حقيقة ومذهب وإذا كان كذلك فلا يمكن أن يكون سلفي المذهب في التوحيد والصفات ، كما كان عليه ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب ، رحمة الله عليهم ، لأن شيخه الكوثري يعاديهم في ذلك أشد المعاداة ، وقد قدمت إليك بعد ما رماهم به من التهم كالتجسيم وغيره ، ومن نسبته ابن تيمية خاصة إلى

٥٢

الكذب والخيانة في النقل! مما يدل على أنه ألد أعداء أهل السنة والحديث اطلاقا في العصر الحاضر.

وإذا كان كذلك ، فأبو غدة عدو لدود أيضا لهم ، ولا يمكن أن يكون غير ذلك ؛ وهو يضفي تلك الألقاب الضخمة عليه (١) ، فإلى أن يتبرأ من شيخه في معاداته

__________________

(١) أعني قوله : «أستاذ المحققين الحجة ...» الخ ما تقدم عنه ـ ولا شك أن هذا الاطراء من أبي غدة لشيخه الكوثري المعروف بشدة عدائه لأهل السنة ، لهو مستنكر أشد الاستنكار عند جماهير القراء ، ولكن ما ذا يكون شعورهم اذا علموا أن هذا التلميذ البار تلقى مثل هذا الاطراء من شيخه نفسه ، مزكيا به الشيخ نفسه بنفسه على غلاف كتابه؟ فقد جاء تحت عنوان كتابه «تأنيب الخطيب» الذي طبع تحت إشرافه وتصحيحه ما نصه : «تأليف الامام الفقيه المحدث والحجة الثقة المحقق العلامة الكبير ..»! انظر «التنكيل» (١ / ٥)

ثم سرت هذه العدوى إلى التمليذ نفسه ، فقد نشر هو نفسه نشرة ، أو بعض أصحابه بإشرافه هو طبعا وبعلمه ، لأن ما فيها من المعلومات الدقيقة عن حياته وأموره الخاصة به ، لا يمكن معرفته عادة إلا من طريق المترجم نفسه ، فقد جاء فيها ـ وهي بعنوان : «من أعلام الحركة الإسلامية المعاصرة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة» ـ ما ملخصه :

ـ «إن أكبر دليل على عظمة هذا الدين ، وأنه من صنع الله العليم الخبير ، قدرته على صنع الرجال العظام الأفذاذ» ثم ذكر عمر رضي الله عنه (ولا أدري لم لم يذكر أبا بكر الصديق رضي الله عنه مع أنه أعظمهم بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم) وخالد بن الوليد وسلمان الفارسي. ثم عدد رجالا من اعلام الاسلام في العصر الحاضر ثم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة! وترجم له ترجمة مستفيضة في خمس صفحات كبار وصف فيها بما يأتي :

«العالم الفذ ، والعامل المجاهد ، والمربي الناصح الرشيد ، علامة البلاد غير مدافع ، ورجلها الموثوق بدينه وعلمه وسيرته ، علامة الشام ، جمع إلى علمه الفذ الغزير التقوى والخشية من الله في السر والعلن (!) ، فهو وقاف عند حدود الله لا يتعداها ، مبتعد عن الشبهات والمكروهات (!) ما عرف عنه قط أنه أمر بمعروف إلا وطبقه على نفسه (!) ومن يعول (!) ولا نهى عن منكر إلا وقد اجتنبه هو ومن يعول. لديه غرام نادر في معرفة التراث الإسلامي مخطوطه ومطبوعه فما ذكر أمامه محطوط أو مطبوع إلا بسط لك خصائص الكتاب ومجمل محتواه ، واين طبع وكم طبعة له إن كان مطبوعا ، ومكان وجوده وتاريخ نسخه إن كان مخطوطا». قلت : ومن الطرائف أن أحد الطرفاء الأذكياء لما سمع هذا الوصف الأخير : قال : هذا هو الله تبارك وتعالى! يشير إلى ما فيه من الغلو والاطراء بالحفظ الّذي لا يبلغه الشر!

٥٣

تلك لأهل السنة ، فهو ملحق به. وليس هذا مما ينافي قوله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى).

كلا ، وإنما هو من باب المؤاخذة على اعترافه بأنه كوثري ، وبعلمه بانحراف شيخه وطعنه في أهل السنة وأئمة الحديث والفقه وغير ذلك من مخازيه التي منها مطاعنه العديدة في شيخ الاسلام ابن تيمية حتى لقد قال ـ عامله الله بما يستحق ـ :

«ولو قلنا لم يبل الاسلام في الأدوار الأخيرة بمن هو أضر من ابن تيمية في تفريق كلمة المسلمين لما كنا مبالغين في ذلك ، وهو سهل متسامح مع اليهود والنصارى .. «الاشفاق» (ص ٨٦).

إن أبا غدة يعلم هذا وغيره مما ذكرنا وما لم نذكره عن شيخه الكوثري ، ولم نره يتعقبه في شيء من ذلك اطلاقا ، الأمر الذي يجعلنا نعتقد أنه مع شيخه في عدائه

__________________

ـ وفي النشرة من المعلومات والادعاءات الفارغة ، والمغالطات المفضوحة ما يدركه كل من اطلع عليها ، وهذه نتف منها تدلك على الهوس الذي أصاب هذا الرجل حتى تورط في اخراج هذه النشرة يمدح بها نفسه ـ أو يرضى بأن يمدح بها ـ بقوله :

«كان في القاهرة مثالا للعالم المجاهد!! لا يكتفي بما يلقى عليه في الأزهر ، بل يتتبع العلم من أفواه العلماء الأثبات المحققين أمثال شيخه الامام المحدث الفقيه الأصولي النقادة العف الشيخ محمد زاهد الكوثري».

وقال عن نفسه أيضا : «علامة البلاد غير مدافع ، ورجلها الموثوق بدينه وعلمه وسيرته ، والأمل المرجّى لكل مسلم ..»؟!! و «أجمع علماء المسلمين في الهند وباكستان والحجاز والبلاد الشامية على أن يكون معتمدهم العلمي الموثوق ومرجعهم الفتوى!!».

و «أن وجوده مصدر اشعاع تستمد به البركة والعصمة» وأنه «النعمة الكبرى!!» و «أنه عرف برقة الطبع ، ورهف الحس ، وشفافية النفس ، وسمو الذوق ، ولطف المعشر ، وحلاوة الحديث ، ولين الملمس ، وتذوق النكتة ، وسداد الرأي ، ورجاحة العقل ، وتألق الذهن ، وقوة الحجة ، وصدق العاطفة ، وحرارة الايمان ، وسرعة التنقل ، وأناقة المظهر ، والتواضع والليونة» ..

هذا بعض ما جاء في تلك النشرة ، ذكرنا ما له ارتباط بموضوعنا ، وأما ما فيها من ادعاءات وتزوير للحقائق فمتروك لأصحابها ، فإن أهل البيت أدرى بالذي فيه وان الواجب يقضي بأن يوقف كل مدع عند حده.

٥٤

لأهل السنة والحديث ، وإلا فليعلن براءته منه جملة وتفصيلا ، فإن فعل ـ وما إخاله ـ أخذنا بظاهر كلامه ، ووكلنا سريرته إلى ربه سبحانه وتعالى.

وبعد هذا كله : أليس لنا أن نتساءل إذا كان أبو غدة بهذا البعد عن أهل السنة والتوحيد تبعا لشيخه الكوثري ، حتى كان يعلن في حلب تكفير القائلين بأن الاستغاثة بغير الله كفر ، كما سبق ، فكيف طاب له المقام في البلاد السعودية هذه السنين حتى الآن ، وهو يعلم أنهم هم الذين كان يعنيهم أصالة بتكفيره المذكور؟ فهل رجع هو عن تكفيرهم وعن القول بجواز الاستغاثة بغير الله ، إلى القول الذي كان ينقمه عليهم : إن الاستغاثة كفر. وبذلك حصل الوئام ، فطاب له المقام؟

فأقول : الجواب في قلب أبي غدة ، ولكن الذي نعلمه عنه هو ما سبق ذكره ، ومن القواعد الأصولية المقررة عند الحنفية وغيرهم قاعدة استصحاب الحال إلا لنص ، ولما كان لا نص لدينا برجوع أبي غدة عن تكفيره المذكور ، فالواجب علينا البقاء على ما نعلمه عنه ، وعلى ذلك فلم يحصل الوئام المزعوم ، لأن السعوديين ـ وخصوصا أهل العلم منهم ـ لا يزالون ـ والحمد لله ـ محتفظين بعقيدتهم في التوحيد ، محاربين للشركيات والوثنيات ، التي منها الاستغاثة بغير الله تعالى من الأموات ، فكيف إذن طاب له المقام بين ظهرانيهم؟

الذي أتصور أنه لم يكن بينهم كما يجب أن يكون «المربي الناصح الرشيد»! يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويبين لهم أن ما أنتم عليه من أمور منكر وضلال ، منها إنكار قولهم : إن الاستغاثة بغير الله تعالى كفر ، فإنه لو فعل ، لكان أمر من ثلاثة أمور :

إما أن يقنعهم بضلالهم ، بخطبة نارية يلقيها هناك ، كما كان يفعل في بلده (حلب) ، وهذا مستحيل.

وإما أن يقنعوه هو بضلاله بما عندهم من حجج ناطقة وأدلة قاطعة من كتاب الله وسنة رسوله ، وهذا بعيد!

وإما أن تكون الثالثة ولا بد ، وهي ... إلا أن يشاء الله تعالى.

ولما كان يعلم بأن النتيجة هو ما أشرنا إليه ، وكان يستحب البقاء بين أظهرهم ،

٥٥

لسبب لا يخفى على القارئ اللبيب ، آثر أن يظل بينهم كأى إنسان آخر ليس له هدف إلا .. على حد قول الشاعر :

ودارهم ما دمت في دارهم

وأرضهم ما دمت في أرضهم!

ولا يستغربن هذا أحد ممن يحسنون الظن بأبي غدة ، ولم يعرفوا حتى الآن عقيدته ، فإن لدي البرهان القاطع على ما نسبت إليه من المداراة ولم أقل : المداهنة!

لقد قال في مطلع تقريره الجائر ما نصه :

«يرى الناظر في شرح الطحاوية أن الشارح لها من أهل التوثق والضبط والاتقان فيما ينقله من الأحاديث الشريفة وغيرها .. بعبارة واضحة ، لا لبس فيها ولا غموض ، وبإمامة ملموسة مشهورة».

قلت : فإذا كان أبو غدة مؤمنا حقا بهذه الإمامة الملموسة المشهورة فأنا أختار له من كلام هذا الامام سبع مسائل ، فإن أجاب عنها بما يوافق ما ذهب إليه هذا الامام المشهور من قلب مخلص فذلك ما نرجوه ، وأعتذر إليه من إساءة الظن به ، وإن كانت الأخرى فذلك مما يؤيد ـ مع الأسف ـ ما رميته به من المداراة.

المسألة الأولى : قال الإمام (ص ١٢٥) :

«وأهل الكلام المذموم يطلقون نفي حلول الحوادث».

قلت : وهذا الاطلاق هو مما يدندن به شيخه الكوثري في تعليقاته ، ليتوصل ، الى نفي حقيقة الكلام الإلهي المسموع. وراجع له «شرح الطحاوية» (ص ١٦٨ ـ ١٨٨) و «التنكيل» (٢ / ٣٦٠ ـ ٣٦٢).

المسألة الثانية : قال الامام تبعا لأبي جعفر الطحاوي (ص ١٦٨) :

وأن القرآن كلام الله منه بدا بلا كيفية قولا ، وأنزله على رسوله وحيا ، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا ، وأيقنوا أن كلام الله تعالى بالحقيقة ، ليس بمخلوق كلام البشرية».

ثم شرح «الامام» مذاهب الناس في مسألة الكلام الإلهي على تسعة مذاهب

٥٦

وبين ان مذهب السلف : أنه تعالى لم يزل متكلما إذا شاء ، ومتى شاء ، وكيف شاء ، وإنه يتكلم بصوت.

وشيخ أبي غدة ينفي الصوت المسموع (مقالات الكوثري ص ٢٦) ، ويقول في تعليقه على «كتاب البيهقي» : «الأسماء والصفات» (ص ١٩٤):» إن موسى عليه‌السلام لما كلمه الله تعالى تكليما لم يسمعه صوته ، وإنما أفهمه كلامه بصوت تولى خلقه من غير كسب لأحد ....»!

المسألة الثالثة : قال «الإمام» (ص ٢٨٠) تبعا للطحاوي :

«وهو (تعالى) مستغن عن العرش وما دونه ، محيط بكل شيء وفوقه» والكوثري لا يؤمن بفوقية الله تعالى على خلقه حقيقة كما يليق بجلاله ، بل إنه ينسب القائلين بها من الأئمة إلى القول بالجهة والتجسيم!

المسألة الرابعة : يثبت الإمام «الفوقية المذكورة بأدلة كثيرة جدا ، في بعضها التصريح بلفظ «الأين» الذي سأل به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الجارية ليتعرف على إيمانها». وشيخك يا أبا غدة ينكر مثل هذا السؤال تبعا لتشكيكه في صحة الحديث كما سبق (ص ٢٧) ، فهل تؤمن أنت بهذا الحديث ، وتجيز هذا السؤال الذي سأله الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

المسألة الخامسة : يقول «الإمام» تبعا للأئمة مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق بن راهويه وسائر أهل الحديث وأهل المدينة :

«إن الإيمان هو تصديق بالجنان ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان. وقالوا : يزيد وينقص».

وشيخك تعصبا لأبي حنيفة يخالفهم مع صراحة الأدلة التي تؤيدهم من الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح رضي الله عنهم ، بل ويغمز منهم جميعا مشيرا إليهم بقوله في «التأنيب» (ص ٤٤ ـ ٤٥) إلى «أناس صالحون» يشير أنهم لا علم عندهم فيما ذهبوا إليه ولا فقه ، وإنما الفقه عند أبي حنيفة دونهم ، ثم يقول : إنه الإيمان والكلمة ، وإنه الحق الصراح. وعليه فالسلف وأولئك الأئمة الصالحون (!) هم عنده على الباطل في قولهم : بأن الأعمال من الايمان ، وأنه يزيد وينقص. وقد

٥٧

نقل أبو غدة كلام شيخه الذي نقلنا موضوع الشاهد منه ، نقله بحرفه ، في التعليق على «الرفع والتكميل» (ص ٦٧ ـ ٦٩) ، ثم أشار إليه في مكان آخر منه ممجدا به ومكبرا له بقوله (ص ٢١٨) :

«وانظر لزاما ما سبق نقله تعليقا فإنك لا تظفر بمثله في كتاب» ثم أعاد الإشارة إليه (ص ٢٢٣) مع بالغ إعجابه به. وظني به أنه يجهل ـ أن هذا التعريف للإيمان الذي زعم شيخه أنه الحق الصراح ـ مع ما فيه من المخالفة لما عليه السلف كما عرفت ، مخالف لما عليه المحققون من علماء الحنفية أنفسهم الذين ذهبوا إلى : أن الإيمان هو التصديق فقط ليس معه الإقرار! كما في «البحر الرائق» لابن نجيم الحنفي (٥ / ١٢٩) ، والكوثري في كلمته المشار إليها يحاول فيها أن يصور للقارىء أن الخلاف بين السلف والحنفية في الإيمان لفظي ، يشير بذلك إلى أن الأعمال ليست ركنا أصليا ، ثم يتناسى أنهم يقولون : بأنه يزيد وينقص ، وهذا ما لا يقول به الحنفية إطلاقا ، بل إنهم قالوا في صدد بيان الألفاظ المكفرة عندهم : «وبقوله : الإيمان يزيد وينقص» كما في «البحر الرائق» ـ «باب أحكام المرتدين»! فالسلف على هذا كفار عندهم مرتدون!! راجع شرح الطحاوية (ص ٣٣٨ ـ ٣٦٠) ، و «التنكيل» (٢ / ٣٦٢ ـ ٣٧٣) الذي كشف عن مراوغة الكوثري في هذه المسألة.

وليعلم القارئ الكريم أن أقل ما يقال في الخلاف المذكور في المسألة أن الحنفية يتجاهلون أن قول أحدهم ـ ولو كان فاسقا فاجرا ـ : أنا مؤمن حقا ، ينافي مهما تكلفوا في التأويل ـ التأدب مع القرآن ولو من الناحية اللفظية على الأقل الذي يقول : (إِنَّمَا) (الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا).

فليتأمل المؤمن الذي عافاه الله تعالى مما ابتلى به هؤلاء المتعصبة ، من هو المؤمن حقا عند الله تعالى ، ومن هو المؤمن حقا عند هؤلاء؟!

المسألة السادسة : ذهب «الإمام» شارح الطحاوية (ص ٣٥١) إلى جواز

٥٨

الاستثناء في «الايمان» وهو قول المؤمن : أنا مؤمن إن شاء الله تعالى. على تفصيل في ذلك بينه ، والحنفية يمنعون منه مطلقا ، بل إن طائفة منهم ذهبوا إلى تكفير من قال ذلك ، ولم يقيدوه بأن يكون شاكا في إيمانه ، ومنهم الاتقاني في «غاية البيان» ، وصرح في «روضة العلماء» (من كتبهم) بأن قوله «إن شاء الله» يرفع إيمانه ، فلا يجوز الاقتداء به (يعني في الصلاة). وفي «الخلاصة» و «البزازية» في كتاب النكاح ، عن الإمام أبي بكر محمد بن الفضل : من قال : أنا مؤمن إن شاء الله فهو كافر لا تجوز المناكحة معه. قال الشيخ أبو حفص في «فوائده» : لا ينبغي للحنفي أن يزوج بنته من رجل شفعوي المذهب. وهكذا قال بعض مشايخنا ، ولكن يتزوج بنتهم. زاد في «البزازية» تنزيلا لهم منزلة أهل الكتاب. كذا في «البحر الرائق» (٢ / ٥١) (١).

المسألة السابعة : ذهب شارح الطحاوية (ص ٢٣٦ ـ ٢٣٩) تبعا لإمامه أبي حنيفة وصاحبيه إلى كراهة التوسل بحق الأنبياء وجاههم.

وهذا مما خالف فيه الكوثري إمامه أبا حنيفة رحمه‌الله تعالى ، اتباعا لأهواء العامة ، ونكاية بأهل السنة. كما يعلم ذلك من اطلع على رسالة «محق التوسل» وغيرها. وقد كنت بينت شيئا من تعصبه واتباعه لهواه في محاولة تقويته اسناد حديث

__________________

(١) قلت : ومن عجائب ما في هذا الكتاب (٨ / ٢٠٧) حديث عبد الله بن عمر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : من كان على السنة والجماعة استجاب الله دعاءه ، وكتب له بكل خطوة يخطوها عشر حسنات ، ورفع له عشر درجات ، فقيل له : يا رسول الله متى يعلم الرجل أنه من أهل السنة والجماعة؟ فقال : إذا وجد في نفسه عشرة أشياء ، فهو على السنة والجماعة (قلت : فذكرها وفيها) «ولا يشك في إيمانه ...».

قلت : وهذا حديث لا أصل له في شيء من كتب السنة ، بل هو باطل ، لوائح الوضع عليه ظاهرة ومن أجل مثل هذا الحديث اتهم القرطبي فقهاء أهل الرأي بأنهم كانوا ينسبون الحكم الذي دل عليه القياس الجلي عندهم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نسبة قولية ، ولهذا ترى كتبهم مشحونة بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة لأنها تشبه فتاوي الفقهاء ، ولأنهم لا يقيمون لها سندا. نقله الحافظ السخاوي في «شرح ألفية العراقي» (ص ١١١) وغيره.

٥٩

في التوسل ، فيه من هو ضعيف عنده ، كما هو مشروح في الجزء الأول من «سلسلة الأحاديث الضعيفة» رقم (٢٤) ، فليراجعه من شاء.

قلت : فهذه سبع مسائل هامة ، كلها في العقيدة ، إلا الأخيرة منها ، قد وجهتها إلى أبي غدة الذي تظاهر بالثناء على شارح «الطحاوية» ، ووصفه بأنه صاحب «إمامة ملموسة مشهورة» ، فإذا أجاب بمتابعته له فيها ـ وهذا ما أستبعده على كوثريته ـ فالحمد لله. وإن خالفه فيها ، وظل على كوثريته. فقد تبين للناس ـ إن شاء الله تعالى ـ أن ثناءه على شارح «الطحاوية» (الإمام) ، لم يكن عن اعتقاد وثقة به كما زعم ، وإنما ليتخذه سلما للطعن بمخرج أحاديثه ، وإلا كيف ساغ له أن يسكت عن الشارح في هذه الأخطاء بل الضلالات السبع بزعمه تبعا لشيخه الكوثري ، وعن أخطائه الأخرى الحديثية التي سبقت الإشارة إلى أنواع منها ، وينتقدني شاكيا إلى بعض رؤسائه أو المسئولين هناك ـ في أمور ـ لو صح نقده فيها ـ لا تكاد تذكر تجاه تلك ، كما ولا كيفا؟!

وليت شعري ما الذي منع أبا غدة ، إذا كان لديه من الانتقادات عدة ، حول هذا الكتاب أو غيره من مؤلفاتي ، أن يفضي بها إلي مباشرة حينما كنا نلتقي مرات في أشهر العطلة الصيفية ، في المكتب الاسلامي ، بدل أن يغافلني ، ويرفع ذلك التقرير الجائر خلسة دون علمي أو علم صديقه صاحب المكتب الاسلامي ، ترى ما ذا يقول عامة الناس فضلا عن خاصتهم فيمن كان هذا صنيعه مع أخيه؟! فإن قالوا فيه : إنه ... فلا يلومن إلا نفسه ، وعلى نفسها جنت براقش ، وصدق الله العظيم القائل : (وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ).

وختاما أقول :

لقد كنت أود لو أن الإدارة التي رفع إليها هذا المتعصب الجائر تقريره ، بادرت إلى إعلامي به قبل أن تلوكه ألسنة الناس ، أو أحالته مع صاحبه على لجنة من أهل العلم في بلادها ـ وهم كثر والحمد لله ـ. ليناقشوه على ما ادعاه على كتاب يدرس في معهدها منذ عشر سنوات ، وحاز الرضى والقبول من كافة علمائها ، وفي مقدمتهم فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم ، والشيخ عبد اللطيف رحمهما‌الله تعالى والشيخ عبد

٦٠