نهج الدعاء

محمّد الري شهري

نهج الدعاء

المؤلف:

محمّد الري شهري


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-221-2
الصفحات: ٧٨٧

توضيح حول رفع الصّوت بالدّعاء

الدعاء كلام مع من ليس أحد أقرب إلى الإنسان مثله ١ ، بل هو أقرب إليه من حبل الوريد ٢. من هنا يُعدّ رفع الصوت بالدعاء خلافا للأدب ، كما أشار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى هذه النقطة قائلاً :

اِربَعوا عَلى أنفُسِكُم ، إنَّكُم لا تَدعونَ أصَمَّ ولا غائِبا ، إنَّكُم تَدعونَ سَميعا قَريبا ، وهُوَ مَعَكُم. ٣

على هذا الأساس ، إذا كان في رفع الصوت بالدعاء أذىً للناس فهو مذموم بل محظور عقلاً ونقلاً. ٤

ويُثار هنا سؤال ، وهو : إذا كان رفع الصوت بالدعاء مذموما ، فَلِمَ كان الأئمّة يرفعون أصواتهم بالدعاء أحيانا كما مرّ في بعض الحالات من سيرتهم؟

والجواب هو أنّ ذمّ رفع الصوت موضوع عرفيّ ، فلطبيعته ومقداره أثر في حكم العرف. وشتّان بين من يطلب حاجته من اللّه بصوت عالٍ ونبرة مسيئة للأدب كالدائن الذي يريد من غريمه شيئا ، وبين من يطلبها بأدب ووقار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ) (البقرة : ١٨٦).

٢. (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (ق : ١٦).

٣. راجع : ص ٩٩ ح ٢٥٦.

٤. راجع : موسوعة ميزان الحكمة : الإيذاء / العبادة المؤذية.

١٠١

كالإمام الحسين عليه‌السلام حين تفاعل في عرفات وهو يدعو اللّه بكلّ تواضع وانكسار ونحيب وتضرّع وعيونه دامعة وقلبه حزين ، لكنّه يقول بصوت عالٍ : «يا أسمَعَ السّامِعينَ ...» ١ أو كالإمام الصادق عليه‌السلام إذ كان ينادي في جوف الليل وهو قائم مع المتهجّدين فيقول : «اللّهُمَّ أعِنّي عَلى هَولِ المُطَّلَعِ ووَسِّع عَلَيَّ ضيقَ المَضجَعِ ...» ٢ فلم يزعجهم ويؤذهم ، بل كان أهل بيته متشوّقين إلى سماع مناجاته الرافدة بالقوّة والنشاط في جوف الليل.

وبعبارة اُخرى ؛ إنّ خفض الصوت في أثناء الدعاء وهو ما يقتضيه تعظيم اللّه والتواضع بين يديه من جهة ، ويوجب من جهة اُخرى نيل رضا اللّه وإيجاد مزيد من التوجّه إليه والاُنس به. وهذا ما يدركه ويصدّقه عقل الإنسان ووجدانه بكلّ جلاء.

وعلى هذا الأساس يختلف مقتضى الحالات والمقامات المختلفة. والعقل والوجدان يستشعر في كلّ حال ومقام المدى المناسب من خفية أو جهر الصوت. ومع الحفاظ على مبدأ الهدوء واجتناب الزعيق والصراخ ، فهو يميّز كلّ واحد من مقامات ـ الطلب ، والتحرّق واللهفة ، وحالة تضمين التعليم والتربية في أصل الدعاء ـ عن المقامات والحالات الاُخرى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. البلد الأمين : ص ٢٥٨ ، الإقبال : ج ٢ ص ٨٧ ، بحارالأنوار : ج ٩٨ ص ٢٢٤ ح ٢.

٢. الكافي : ج ٢ ص ٥٣٩ ح ١٣ ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٤٨٠ ح ١٣٨٩ كلاهما عن عبد الرحمن ابن الحجّاج ، بحارالأنوار : ج ٨٧ ص ١٩٢ ح ٦.

١٠٢

٣ / ٦

رَفعُ اليَدَينِ

٢٦١. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لِعَلِيٍّ عليه‌السلام ـ : عَلَيكَ بِرَفعِ يَدَيكَ إلى رَبِّكَ ، وكَثرَةِ تَقَلُّبِها. ١

٢٦٢. الإمام الحسين عليه‌السلام : كانَ رَسولُ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله يَرفَعُ يَدَيهِ إذَا ابتَهَلَ ودَعا ، كَما يَستَطعِمُ المِسكينُ. ٢

٢٦٣. المعجم الأوسط عن ابن عبّاس : رَأَيتُ رَسولَ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله يَدعو بِعَرَفَةَ ، ويَداهُ إلى صَدرِهِ كَاستِطعامِ المِسكينِ. ٣

٢٦٤. مسند إسحاق بن راهويه عن عائشة : فَقَدتُ رَسولَ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله ذاتَ لَيلَةٍ ، فَخَرَجتُ في أثَرِهِ ، فَإِذا رَسولُ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله فِي البَقيعِ ، رافِعا يَدَيهِ إلَى السَّماءِ يَدعو. ٤

٢٦٥. صحيح مسلم عن أنس : رَأَيتُ رَسولَ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله يَرفَعُ يَدَيهِ فِي الدُّعاءِ ، حَتّى يُرى بَياضُ إبطَيهِ. ٥

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. المحاسن : ج ١ ص ٨٢ ح ٤٨ عن محمّد بن إسماعيل رفعه إلى الإمام الصادق عليه‌السلام ، الزهد للحسين بن سعيد : ص ٢٢ ح ٤٧ عن عثمان بن ثابت عن جعفر عن الإمام الباقر عليه‌السلام عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه «يديك في دعائك» ، بحار الأنوار : ج ٨٥ ص ٢٠١ ح ١٢.

٢. مكارم الأخلاق : ج ٢ ص ٨ ح ١٩٨١ ، عدّة الداعي : ص ١٨٢ ، تنبيه الخواطر : ج ٢ ص ٧٤ ، الدعوات : ص ٢٢ ح ٢٤ ، الأمالي للطوسي : ص ٥٨٥ ح ١٢١١ عن محمّد وزيد عن أبيهما الإمام زين العابدين عليه‌السلام وفيه «كمن يستطعم» بدل «كما يستطعم المسكين» ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٢٩٤ ح ٢٣؛ تاريخ بغداد : ج ٨ ص ٦٣ عن محمّد وزيد ابني عليّ عن أبيهما عن أبيه الإمام الحسين عليه‌السلام.

٣. المعجم الأوسط : ج ٣ ص ١٨٩ ح ٢٨٩٢ ، السنن الكبرى : ج ٥ ص ١٩٠ ح ٩٤٧٤ ، مجمع الزوائد : ج ١٠ ص ٢٦٤ ح ١٧٣٣٤.

٤. مسند إسحاق بن راهويه : ج ٢ ص ٣٢٧ ح ٨٥٠ ، سنن ابن ماجة : ج ١ ص ٤٤٤ ح ١٣٨٩ ، المنتخب من مسند عبد بن حميد : ص ٤٣٧ ح ١٥٠٩ وفيهما «رافع رأسه إلى السماء» بدل «رافعا ...».

٥. صحيح مسلم : ج ٢ ص ٦١٢ ح ٥ ، صحيح البخاري : ج ٥ ص ٢٣٣٥ عن أبي موسى الأشعري نحوه ، مسند

١٠٣

٢٦٦. كنز العمّال عن البَراء بن عازب : كانَ النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أصابَتهُ شِدَّةٌ فَدَعا ، رَفَعَ يَدَيهِ حَتّى يُرى بَياضُ إبطَيهِ. ١

٢٦٧. المصنّف عن طاووس : دَعَا النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عَلى قَومٍ فَرَفَعَ يَدَيهِ جِدّا فِي السَّماءِ ، فَجالَتِ ٢ النّاقَةُ ، فَأَمسَكَها بِإِحدى يَدَيهِ ، وَالاُخرى قائِمَةٌ فِي السَّماءِ. ٣

٢٦٨. سنن النسائي عن اُسامة بن زيد : كُنتُ رَديفَ النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بِعَرَفاتٍ ، فَرَفَعَ يَدَيهِ يَدعو ، فَمالَت بِهِ ناقَتُهُ فَسَقَطَ خِطامُها ٤ ، فَتَناوَلَ الخِطامَ بِإِحدى يَدَيهِ وهُوَ رافِعٌ يَدَهُ الاُخرى. ٥

٢٦٩. تهذيب الأحكام عن أبي بصير عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم‌السلام : إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه‌السلام قالَ : إذا فَرَغَ أحَدُكُم مِنَ الصَّلاةِ ، فَليَرفَع يَدَيهِ إلَى السَّماءِ ، وَليَنصَب فِي الدُّعاءِ.

فَقالَ ابنُ سَبَأٍ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ألَيسَ اللّهٌ في كُلِّ مَكانٍ؟

فَقالَ عليه‌السلام : بَلى. قالَ : فَلِمَ يَرفَعُ يَدَيهِ إلَى السَّماءِ؟

قالَ : أما تَقرَأُ فِي القُرآنِ : (وَفِى السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) ٦؟ فَمِن أينَ يُطلَبُ الرِّزقُ إلاّ مِن مَوضِعِهِ! ومَوضِعُ الرِّزقِ وما وَعَدَ اللّهٌ السَّماءُ. ٧

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابن حنبل : ج ٤ ص ٥١٦ ح ١٣٧٢٨ ، مسند أبي يعلى : ج ٣ ص ٤١٢ ح ٣٤٨٩ وفيهما «كان» بدل «رأيت» ، السنن الكبرى : ج ٣ ص ٤٩٧ ح ٦٤٤٦ وزاد فيه «يعني في الاستسقاء».

١. كنز العمّال : ج ٧ ص ٧١ ح ١٨٠٠٨ نقلاً عن أبي يعلى.

٢. يقال : جال يجول جولة : إذا دار (النهاية : ج ١ ص ٣١٧ «جول»).

٣. المصنّف لعبد الرزّاق : ج ٢ ص ٢٤٧ ح ٣٢٣٣ ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٦٢٢ ح ٤٩١٦.

٤. الخِطام : الحبل الذي يقاد به البعير (النهاية : ج ٢ ص ٥١ «خطم»).

٥. سنن النسائي : ج ٥ ص ٢٥٤ ، مسند ابن حنبل : ج ٨ ص ١٩٢ ح ٢١٨٨٠ ، كنز العمّال : ج ٥ ص ١٨٦ ح ١٢٥٤٨.

٦. الذاريات : ٢٢.

٧. تهذيب الأحكام : ج ٢ ص ٣٢٢ ح ١٣١٥ ، علل الشرائع : ص ٣٤٤ ح ١ كلاهما عن أبي بصير ، كتاب من لا

١٠٤

٢٧٠. الإمام الصادق عليه‌السلام ـ لَمّا سَأَلَهُ الزِّنديقُ : مَا الفَرقُ بَينَ أ : ذلِكَ في عِلمِهِ وإحاطَتِهِ وقُدرَتِهِ سَواءٌ ، ولكِنَّهُ عز وجل أمَرَ أولِياءَهُ وعِبادَهُ بِرَفعِ أيديهِم إلَى السَّماءِ نَحوَ العَرشِ ؛ لأَنَّهُ جَعَلَهُ مَعدِنَ الرِّزقِ ، فَثَبَّتنا ما ثَبَّتَهُ القُرآنُ وَالأَخبارُ عَنِ الرَّسولِ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، حينَ قالَ : اِرفَعوا أيدِيَكُم إلَى اللّهِ عز وجل. ١

٢٧١. الاحتجاج عن صفوان بن يحيى : ... قالَ أبو قُرَّةَ : فَما بالُكُم إذا دَعَوتُم رَفَعتُم أيدِيَكُم إلَى السَّماءِ؟ فَقالَ أبُو الحَسَنِ الرِّضا عليه‌السلام : إنَّ اللّهَ استَعبَدَ خَلقَهُ بِضُروبٍ مِنَ العِبادَةِ ، وللّهِ مَفازِعُ يَفزَعونَ إلَيهِ ومُستَعبَدٌ ، فَاستَعبَدَ عِبادَهُ بِالقَولِ وَالعِلمِ وَالعَمَلِ وَالتَّوَجُّهِ ونَحوِ ذلِكَ ؛ استَعبَدَهُم بِتَوَجُّهِ الصَّلاةِ إلَى الكَعبَةِ ، ووَجَّهَ إلَيها الحَجَّ وَالعُمرَةَ ، وَاستَعبَدَ خَلقَهُ عِندَ الدُّعاءِ وَالطَّلَبِ وَالتَّضَرُّعِ بِبَسطِ الأَيدي ورَفعِها إلَى السَّماءِ لِحالِ الاِستِكانَةِ ، وعَلامَةِ العُبودِيَّةِ وَالتَّذَلُّلِ لَهُ. ٢

راجع : ص ٥١٢ ح ١٣٤٧ (من دعا له الرضا عليه‌السلام / يزيد بن إسحاق).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يحضره الفقيه : ج ١ ص ٣٢٥ ح ٩٥٥ ، الخصال : ص ٦٢٨ ح ١٠ عن محمّد بن مسلم وأبي بصير ، تحف العقول : ص ١١٨ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٠٨ ح ٧.

١. التوحيد : ص ٢٤٨ ح ١ ، الاحتجاج : ج ٢ ص ١٩٩ ح ٢١٣ كلاهما عن هشام بن الحكم ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٠٩ ح ٨.

٢. الاحتجاج : ج ٢ ص ٣٧٧ ح ٢٨٥ ، بحار الأنوار : ج ١٠ ص ٣٤٦ ح ٥.

١٠٥

تحليل حول رفع اليد إلى السّماء فِي الدعاء

أحد آداب الدعاء رفع الأيدي إلى السماء ، وهكذا كانت سيرة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ كان يرفع يديه عند الدعاء أحيانا إلى الحدّ الذي كان يُرى فيه بياض إبطَيه. ١ وَمَثله في طلب حاجته من اللّه سبحانه مَثَل بائس مسكين يرفع يديه ليطلب من أحد شيئا.

ويبرز هنا سؤال وهو : لِمَ يرفع الداعي يديه إلى السماء عند الدعاء واللّه موجود في كلّ مكان؟

وخالَ البعض أنّ رفع اليدين إلى السماء علامة الاعتقاد بتجسيم الحقّ تعالى وتحديد مكان له في حين أنّ الجسم والمكان من صفاته السلبيّة سبحانه وتعالى ، فهو ليس جسما ، ولا يخلو منه مكان ، فلا تفاوت بين رفع اليدين في الدعاء وبين تركهما مُسبَلَتَين ، لذلك أنكروا هذا الأدب.

وتدلّ أحاديث هذا الباب على أنّ هذا السؤال كان يؤخذ مأخذ الجدّ في عصر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. نُقل عن أنس أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يرفع يديه بالدعاء عند الاستسقاء لا غيره (صحيح البخاري : ج ٣ ص ١٣٠٧ ح ٣٣٧٢). ورُوي عن سليمان بن داوود قوله : لم يُحفَظ عن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه رفع يديه الرفع كلّه إلاّ فى ثلاثة مواطن : الاستسقاء ، والاستنصار ، وعشيّة عرفة. ثمّ كان بعد رفع دون رفع (المراسيل : ص ١٢٤ ح ١٣).

ونظرا إلى الأحاديث المارّة في هذا الباب ينبغي أن نقول : كان صلى‌الله‌عليه‌وآله يرفع يديه في الحالات المهمّة. وقلّما رفعهما في غيرها. وأحيانا لم يرفعهما. وحديث أنس قياسا بسائر الأحاديث يحتّم علينا أن نقول : إنّ ما قاله هو مشاهداته الشخصيّة ، ولا يغاير ما رواه سواه.

١٠٦

صدر الإسلام ، وأجاب الأئمّة عنه. واُجملت الأجوبة في أربعة ، هي كالآتي :

١. رفع اليدين في الدعاء نوع من العبادة كلّف اللّه سبحانه به عباده ، وهو كالتوجّه إلى الكعبة في الصلاة ، والركوع والسجود وأمثالها. ١

٢. رفع اليدين في الدعاء سنّة نبويّة إذ أمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله المسلمين أن يعملوا بها. ٢

٣. الحكمة من رفع الأيدي إلى السماء في الدعاء تتمثّل في أنّ السماء محلّ أنواع الرزق التي يحتاج إليها الإنسان ويطلبها. من أجل ذلك أمر اللّه أولياءه أن يمدّوا أيديهم إلى السماء والعرش الإلهيّ أثناء دعائهم. ٣

٤. أجاب العلاّمة الطباطبائيّ رحمه‌الله عن هذه الشبهة بقوله :

«لا معنى لإنكار بعضهم رفع اليدين بالدعاء ، معلّلاً بأنّه من التجسيم؛ إذ رفع اليدين إلى السماء إيماء إلى أنّه تعالى فيها ـ تعالى عن ذلك وتقدّس ـ وهو قول فاسد؛ فإنّ حقيقة جميع العبادات البدنيّة ، هي تنزيل المعنى القلبي والتوجّه الباطني إلى موطن الصورة ، وإظهار الحقائق المتعالية عن المادّة في قالب التجسّم ، كما هو ظاهر في الصلاة والصوم والحجّ وغير ذلك وأجزائها وشرائطها ، ولولا ذلك لم يستقم أمر العبادة البدنيّة ، ومنها الدعاء ، وهو تمثيل التوجّه القلبي والمسألة الباطنيّة بمثل السؤال الذي نعهده فيما بيننا ، من سؤال الفقير المسكين الداني من الغنيّ المتعزّز العالي ، حيث يرفع يديه بالبسط ، ويسأل حاجته بالذلّة والضراعة». ٤

والملاحظة اللافتة للنظر هي أنّ رفع الأيدي إلى السماء عند الدعاء لا يُعَدّ أدبا وقيمةً إلاّ إذا رفع الداعي يديه عن معرفة ، وعلم أنّ اللّه تعالى موجود في كلّ مكان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. راجع : ص ١٠٥ ح ٢٧١.

٢. راجع : ص ١٠٣ ـ ١٠٤ ح ٢٦١ ـ ٢٦٨.

٣. راجع : ص ١٠٤ ـ ١٠٥ ح ٢٦٩ و ٢٧٠.

٤. الميزان في تفسير القرآن : ج ٢ ص ٣٨.

١٠٧

وحينئذٍ يعدّ العمل المذكور أدبا ، وإلاّ فمن ظنّ أنّ اللّه في السماء ومدّ يديه إليه ، فلا قيمة لعمله هذا. وكذلك النظر إلى السماء أثناء الدعاء ، ولذا نقل الإمام الصادق عليه‌السلام عن آبائه المطهَّرين فقال :

مَرَّ النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عَلى رَجُلٍ وهُوَ رافِعٌ بَصَرَهُ إلَى السَّماءِ يَدعو ، فَقالَ لَهُ رَسولُ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله : غُضَّ بَصَرَكَ فَإِنَّكَ لَن تَراهُ.

وقالَ : ومَرَّ النَّبِيُّ عَلى رَجُلٍ رافِعٍ يَدَيهِ إلَى السَّماءِ وهُوَ يَدعو ، فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله : اُقصُر مِن يَدَيكَ فَإِنَّكَ لَن تَنالَهُ. ١

نعم يمكن أن يكون هذان الحديثان ناظرين إلى خروج المرء عن حالة الاعتدال في الشخوص بالبصر أو رفع اليدين إلى السماء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. التوحيد : ص ١٠٧ ح ١ ، الجعفريّات : ص ٣٨ عن الإمام الكاظم عن آبائه عن الإمام علي عليهم‌السلامنحوه ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٠٧ ح ٤.

١٠٨

٣ / ٧

عُلُوُّ الهِمَّةِ وعِظَمُ المَسأَلَةِ

٢٧٢. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دَعا أحَدُكُم فَليُعظِمِ الرَّغبَةَ ؛ فَإِنَّهُ لا يَتَعاظَمُ ١ عَلَى اللّهِ شَيءٌ. ٢

٢٧٣. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : اِسأَ لُوا اللّهَ وأجزِلوا ؛ فَإِنَّهُ لا يَتَعاظَمُهُ شَيءٌ. ٣

٢٧٤. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّ اللّهَ عز وجل يَعجَبُ مِن سائِلٍ يَسأَلُ غَيرَ الجَنَّةِ. ٤

٢٧٥. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : سَلُوا اللّهَ الفِردَوسَ ؛ فَإِنَّها سُرَّةُ ٥ الجَنَّةِ. ٦

٢٧٦. صحيح مسلم عن ربيعة بن كعب الأسلمي : كُنتُ أبيتُ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَأَتَيتُهُ بِوَضوئِهِ وحاجَتِهِ. فَقالَ لي : سَل. فَقُلتُ : أسأَ لُكَ مُرافَقَتَكَ فِي الجَنَّةِ.

قالَ : أوَ غَيرَ ذلِكَ؟ قُلتُ : هُوَ ذاكَ.

قالَ : فَأَعِنّي عَلى نَفسِكَ بِكَثرَةِ السُّجودِ. ٧

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. لا يتعاظمني : أي لا يعظم عليَّ (النهاية : ج ٣ ص ٢٦٠ «عظم»).

٢. صحيح ابن حبّان : ج ٣ ص ١٧٧ ح ٨٩٦ ، مسند ابن حنبل : ج ٣ ص ٤٧٨ ح ٩٩٠٧ نحوه وزاد فيه بعد «أحدكم» : «فلا يقولنّ : اللّهمّ إن شئت ولكن» ، الدعوات الكبير : ج ٢ ص ٩٣ ح ٣٣٠ كلّها عن أبي هريرة ، الدعاء المأثور وآدابه : ص ٥٣ ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٨٤ ح ٣٢٥٠.

٣. عدّة الداعي : ص ٣٦ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٠٢ ح ٣٩.

٤. تاريخ بغداد : ج ٩ ص ٢٦٧ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٨٥ ح ٣٢٦٠.

٥. أي وسطها وجوفها ، من سُرّة الإنسان ؛ فإنّها في وسطه (النهاية : ج ٢ ص ٣٦٠ «سرر»).

٦. المستدرك على الصحيحين : ج ٢ ص ٤٠٢ ح ٣٤٠٢ ، المعجم الكبير : ج ٨ ص ٢٤٦ ح ٧٩٦٦ كلاهما عن أبي اُمامة وج ١٨ ص ٢٥٤ ح ٦٣٥ عن العرباض بن سارية ، الجامع الصغير : ج ١ ص ١٠٢ ح ٦٦٣ نقلاً عن البيهقي في الدعوات عن أبي هريرة وكلاهما نحوه.

٧. صحيح مسلم : ج ١ ص ٣٥٣ ح ٢٢٦ ، سنن أبي داوود : ج ٢ ص ٣٥ ح ١٣٢٠ ، سنن النسائي : ج ٢ ص ٢٢٧ ، السنن الكبرى : ج ٢ ص ٦٨٤ ح ٤٥٦٨ نحوه ، كنز العمّال : ج ٨ ص ١٣ ح ٢١٦٥٣ وراجع مسند ابن حنبل : ج ٥ ص ٤٣٩ ح ١٦٠٧٦ والدعوات : ص ٣٩ ح ٩٥ وبحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٢٦ ح ١٠.

١٠٩

٢٧٧. مسند ابن حنبل عن ربيعة بن كعب : قالَ لي رَسولُ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله : سَلني اُعطِكَ. قُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، أنظِرني أنظُر في أمري. قالَ : فَانظُر في أمرِكَ.

قالَ : فَنَظَرتُ ، فَقُلتُ : إنَّ أمرَ الدُّنيا يَنقَطِعُ ، فَلا أرى شَيئا خَيرا مِن شَيءٍ آخُذُهُ لِنَفسي لآِخِرَتي! فَدَخَلتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَقالَ : ما حاجَتُكَ؟ فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، اشفَع لي إلى رَبِّكَ عز وجل فَليُعتِقني مِنَ النّارِ.

فَقالَ : مَن أمَرَكَ بِهذا؟ فَقُلتُ : لا وَاللّهِ يا رَسولَ اللّهِ ، ما أمَرَني بِهِ أحَدٌ ، ولكِنّي نَظَرتُ في أمري ، فَرَأَيتُ أنَّ الدُّنيا زائِلَةٌ مِن أهلِها ، فَأَحبَبتُ أن آخُذَ لآِخِرَتي.

قالَ : فَأَعِنّي عَلى نَفسِكَ بِكَثرَةِ السُّجودِ. ١

٢٧٨. الإمام عليّ عليه‌السلام : كانَ النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا سُئِلَ شَيئا فَإِذا أرادَ أن يَفعَلَهُ ، قالَ : نَعَم ، وإذا أرادَ أن لا يَفعَلَ سَكَتَ ، وكانَ لا يَقولُ لِشَيءٍ لا.

فَأَتاهُ أعرابِيٌّ فَسَأَلَهُ ، فَسَكَتَ ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَسَكَتَ ، ثُمَّ سَأَلَهُ ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كَهَيئَةِ المُنتَهِرِ : سَل ما شِئتَ يا أعرابِيُّ ، فَغَبَطناهُ ، فَقُلنا : الآنَ يَسأَلُ الجَنَّةَ.

فَقالَ الأَعرابِيُّ : أسأَ لُكَ راحِلَةً ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لَكَ ذاكَ ، ثُمَّ قالَ : سَل ، قالَ : أسأَ لُكَ زادا ، قالَ : ولَكَ ذاكَ ، فَتَعَجَّبنا مِن ذلِكَ. فَقالَ النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : كَم بَينَ مَسأَلَةِ الأَعرابِيِّ وعَجوزِ بَني إسرائيلَ!

ثُمَّ قالَ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّ موسى عليه‌السلام لَمّا اُمِرَ أن يَقطَعَ البَحرَ فَانتَهى إلَيهِ ، فَضُرِبَت وُجوهُ الدَّوابِّ ، فَرَجَعَت ، فَقالَ موسى عليه‌السلام : ما لي يا رَبِّ؟ قالَ لَهُ : إنَّكَ عِندَ قَبرِ يوسُفَ ، فَاحتَمِل عِظامَهُ مَعَكَ ، وقد استَوَى القَبرُ بِالأَرضِ ، فَجَعَلَ موسى عليه‌السلام لا يَدري أينَ هُوَ ، قالوا : إن كانَ أحَدٌ مِنكُم يَعلَمُ أينَ هُوَ فَعَجوزُ بَني إسرائيلَ ، لَعَلَّها تَعلَمُ أينَ هُوَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. مسند ابن حنبل : ج ٥ ص ٥٧١ ح ١٦٥٧٨.

١١٠

فَأَرسَلَ إلَيها موسى عليه‌السلام ، قالَ : هَل تَعلَمينَ أينَ قَبرُ يوسُفَ عليه‌السلام؟ قالَت : نَعَم. قالَ : فَدُلّيني عَلَيهِ. قالَت : لا وَاللّهِ حَتّى تُعطِيَني ما أسأَ لُكَ. قالَ : ذاكِ لَكِ ، قالَت : فَإِنّي أسأَ لُكَ أن أكونَ مَعَكَ فِي الدَّرَجَةِ الَّتي تَكونُ فيها فِي الجَنَّةِ.

قالَ : سَلِي الجَنَّةَ ، قالَت : لا وَاللّهِ ، إلاّ ١ أن أكونَ مَعَكَ ، فَجَعَلَ موسى يُرادُّها ، فَأَوحَى اللّهُ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ إلَيهِ : أن أعطِها ذلِكَ ؛ فَإِنَّهُ لا يُنقِصُكَ شَيئا ، فَأَعطاها ودَلَّتهُ عَلَى القَبرِ ، فَأَخرَجَ العِظامَ وجاوَزَ البَحرَ. ٢

٢٧٩. الإمام الصادق عليه‌السلام : إنَّ اللّهَ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ أوحى إلى موسَى بنِ عِمرانَ عليه‌السلام أن : أخرِج عِظامَ يوسُفَ عليه‌السلام مِن مِصرَ ، ووَعَدَهُ طُلوعَ القَمَرِ ، فَأَبطَأَ طُلوعُ القَمَرِ عَلَيهِ ، فَسَأَلَ عَمَّن يَعلَمُ مَوضِعَهُ ، فَقيلَ لَهُ : هاهُنا عَجوزٌ تَعلَمُ عِلمَهُ ، فَبَعَثَ إلَيها ، فَاُتِيَ بِعَجوزٍ مُقعَدَةٍ عَمياءَ.

فَقالَ : تَعرِفينَ قَبرَ يوسُفَ عليه‌السلام؟ قالَت : نَعَم. قالَ : فَأَخبِريني بِمَوضِعِهِ ، قالَت : لا أفعَلُ حَتّى تُعطِيَني خِصالاً : تُطلِقَ رِجلَيَّ ، وتُعيدَ إلَيَّ بَصَري ، وتَرُدَّ إلَيَّ شَبابي ، وتَجعَلَني مَعَكَ فِي الجَنَّةِ.

فَكَبُرَ ذلِكَ عَلى موسى ، فَأَوحَى اللّهُ عز وجل إلَيهِ : إنَّما تُعطي عَلَيَّ فَأَعطِها ما سَأَلَت ، فَفَعَلَ ، فَدَلَّتهُ عَلى قَبرِ يوسُفَ عليه‌السلام ، فَاستَخرَجَهُ مِن شاطِئِ النَّيلِ في صُندوقٍ مَرمَرٍ ، فَلَمّا أخرَجَهُ طَلَعَ القَمَرُ ، فَحَمَلَهُ إلَى الشّامِ ، فَلِذلِكَ يَحمِلُ أهلُ الكِتابِ مَوتاهُم إلَى الشّامِ. ٣

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. ما بين المعقوفين أثبتناه من كنز العمّال.

٢. المعجم الأوسط : ج ٧ ص ٣٧٤ ح ٧٧٦٧ عن حبّة العرني ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٦١٦ ح ٤٨٩٥؛ الدعوات : ص ٤٠ ح ١٠٠ نحوه ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٢٧ ح ١٠ ، وراجع المستدرك على الصحيحين : ج ٢ ص ٦٢٤ ح ٤٠٨٨ ، ومسند أبي يعلى : ج ٦ ص ٣٩١ ح ٧٢١٨ وقرب الإسناد : ص ٥٨ ح ١٨٨.

٣. كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ١٩٣ ح ٥٩٤ ، الخصال : ص ٢٠٥ ح ٢١ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ج ١ ص ٢٥٩ ح ١٨ ، علل الشرائع : ص ٢٩٦ ح ١ وفي صدرها «احتبس القمر عن بني إسرائيل فأوحى اللّه ...» ، قصص الأنبياء : ص ١٣٥ ح ١٣٩ وفي صدره «احتبس المطر عن بني إسرائيل فأوحى اللّه ...» وكلّها عن

١١١

٢٨٠. الإمام الكاظم عليه‌السلام : إنَّ أباذَرٍّ بَكى مِن خَشيَةِ اللّهِ حَتَّى اشتَكى عَينَيهِ ، فَخافوا عَلَيهِما ، فَقيلَ لَهُ : يا أباذَرٍّ لَو دَعَوتَ اللّهَ في عَينَيكَ. فَقالَ : إنّي عَنهُما لَمَشغولٌ ، وما عَناني أكبَرُ.

فَقيلَ لَهُ : وما شَغَلَكَ عَنهُما؟ قالَ : العَظيمَتانِ : الجَنَّةُ وَالنّارُ. ١

٣ / ٨

السُّؤالُ مِن فَضلِ اللّهِ

الكتاب

(وَسْئلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيمًا). ٢

الحديث

٢٨١. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : سَلُوا اللّهَ مِن فَضلِهِ ؛ فَإِنَّ اللّهَ عز وجل يُحِبُّ أن يُسأَلَ. ٣

٢٨٢. الإمام عليّ عليه‌السلام ـ في خُطبَتِهِ يَومَ الجُمُعَةِ ـ : وَاسأَ لُوا اللّهَ مِن رَحمَتِهِ وفَضلِهِ ؛ فَإِنَّهُ لا يَخيبُ عَلَيهِ داعٍ دَعاهُ. ٤

٢٨٣. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : لَتَسَلُنَّ اللّهَ أو لَيَقضِيَنَّ عَلَيكُم ، إنَّ للّهِ عِبادا يَعمَلونَ فَيُعطيهِم ، وآخَرينَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحسن بن عليّ بن فضّال عن الإمام أبي الحسن عليه‌السلام ، بحار الأنوار : ج ٥٨ ص ١٧١ ح ٣١ ، وراجع الكافي : ج ٨ ص ١٥٥ ح ١٤٤.

١. رجال الكشّي : ج ١ ص ١٢١ الرقم ٥٤ ، الخصال : ص ٤٠ ح ٢٥ ، الأمالي للطوسي : ص ٧٠٢ ح ١٥٠٠ كلاهما نحوه وكلّها عن موسى بن بكر ، تنبيه الخواطر : ج ٢ ص ١٩ من دون إسنادٍ إلى المعصوم وفيه «أكثر» بدل «أكبر» ، روضة الواعظين : ص ٣١٢.

٢. النساء : ٣٢.

٣. سنن الترمذي : ج ٥ ص ٥٦٥ ح ٣٥٧١ ، المعجم الكبير : ج ١٠ ص ١٠١ ح ١٠٠٨٨ كلاهما عن عبد اللّه بن مسعود ، تفسير الطبري : المجلّد ٤ الجزء ٥ ص ٤٩ ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٧٩ ح ٣٢٢٥؛ الدعوات : ص ١٩ ح ١٢ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٠٠ ح ٣٧.

٤. كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٤٣٢ ح ١٢٦٣ ، مصباح المتهجّد : ص ٣٨٤ ح ٥٠٩ عن زيد بن وهب نحوه ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٠١ ح ٣٧.

١١٢

يَسأَلونَهُ صادِقينَ فَيُعطيهِم ، ثُمَّ يَجمَعُهُم فِي الجَنَّةِ ، فَيَقولُ الَّذينَ عَمِلوا : رَبَّنا! عَمِلنا فَأَعطَيتَنا ، فَبِما أعطَيتَ هؤُلاءِ؟

فَيَقولُ : عِبادي ١! أعطَيتُكُم اُجورَكُم ولَم ألِتكُم ٢ مِن أعمالِكُم شَيئا ، وسَأَلَني هؤُلاءِ فَأَعطَيتُهُم ، وهُوَ فَضلي اُوتيهِ مَن أشاءُ. ٣

٢٨٤. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّ الرِّزقَ لَيَنزِلُ مِنَ السَّماءِ إلَى الأَرضِ ، عَلى عَدَدِ قَطرِ المَطَرِ ، إلى كُلِّ نَفسٍ بِما قُدِّرَ لَها ، ولكِن للّهِ فُضولٌ ، فَاسأَ لُوا اللّهَ مِن فَضلِهِ. ٤

٢٨٥. الإمام زين العابدين عليه‌السلام : اللّهُمَّ أنتَ القائِلُ وقَولُكَ حَقٌّ ووَعدُكَ صِدقٌ : (وَسْئلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ) ٥ (إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) ٦ ، ولَيسَ مِن صِفاتِكَ يا سَيِّدي أن تَأمُرَ بِالسُّؤالِ وتَمنَعَ العَطِيَّةَ ، وأنتَ المَنّانُ بِالعَطِيّاتِ عَلى أهلِ مَملَكَتِكَ ، وَالعائِدُ عَلَيهِم بِتَحَنُّنِ رَأفَتِكَ. ٧

٢٨٦. الإمام عليّ عليه‌السلام ـ فِي الدُّعاء ـ : وَاجعَلني مِن أحسَنِ عِبادِكَ نَصيبا عِندَكَ ، وأقرَبِهِم مَنزِلَةً مِنكَ ، وأخَصِّهِم زُلفَةً ٨ لَدَيكَ ، فَإِنَّهُ لا يُنالُ ذلِكَ إلاّ بِفَضلِكَ. ٩

٢٨٧. عنه عليه‌السلام ـ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ ـ : اللّهُمَّ إنّي أرى لَدَيَّ مِن فَضلِكَ ما لَم أسأَلكَ ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. في المصدر : «هؤلاء عبادي» ، وحذفنا كلمة «هؤلاء» طبقا لِما في بحار الأنوار؛ إذ هو الأنسب للسياق.

٢. يقال : ألَتَهُ يألتهُ ، إذا نقصَهُ (النهاية : ج ١ ص ٥٩ «ألت»).

٣. عدّة الداعي : ص ٣٦ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٠٢ ح ٣٩.

٤. قرب الإسناد : ص ١١٧ ح ٤١١ عن الحسين بن علوان عن الإمام الصادق عن أبيه عليهما‌السلام ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٢٨٨ ح ٤.

٥. النساء : ٣٢.

٦. النساء : ٢٩.

٧. مصباح المتهجّد : ص ٥٨٣ ح ٦٩١ ، الإقبال : ج ١ ص ١٥٨ كلاهما عن أبي حمزة الثمالي ، بحار الأنوار : ج ٩٨ ص ٨٣ ح ٢.

٨. الزُّلفة والزّلفى : القُربةُ والمنزلة (الصحاح : ج ٤ ص ١٣٧٠ «زلف»).

٩. مصباح المتهجّد : ص ٨٥٠ ح ٩١٠ ، الإقبال : ج ٣ ص ٣٣٧ كلاهما عن كميل.

١١٣

فَعَلِمتُ أنَّ لَدَيكَ مِنَ الرَّحمَةِ ما لا أعلَمُ ، فَصَغُرَت قيمَةُ مَطلَبي فيما عايَنتُ ، وقَصُرَت غايَةُ أمَلي عِندَما رَجَوتُ ، فَإِن ألحَفتُ ١ في سُؤالي فَلِفاقَتي إلى ما عِندَكَ ، وإن قَصَّرتُ في دُعائي فَبِما عَوَّدتَ مِنِ ابتِدائِكَ. ٢

٣ / ٩

بَثُّ الحاجَةِ

٢٨٨. الإمام الصادق عليه‌السلام : إنَّ اللّهَ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ يَعلَمُ ما يُريدُ العَبدُ إذا دَعاهُ ، ولكِنَّهُ يُحِبُّ أن تُبَثَّ ٣ إلَيهِ الحَوائِجُ ، فَإِذا دَعَوتَ فَسَمِّ حاجَتَكَ. ٤

٢٨٩. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّ اللّهَ لَيُمسِكُ الخَيرَ الكَثيرَ عَن عَبدِهِ ، فَيَقولُ : لا اُعطيهِ حَتّى يَسأَلَني. ٥

٣ / ١٠

العَزمُ

٢٩٠. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دَعا أحَدُكُم فَليَعزِم فِي الدُّعاءِ ، ولا يَقُل : اللّهُمَّ ، إن شِئتَ فَأَعطِني ؛ فَإِنَّ اللّهَ لا مُستَكرِهَ لَهُ. ٦

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. أي بالغت ، يقال : ألحف في المسألة يلحف إلحافا : إذا ألحّ فيها ولزمها (النهاية : ج ٤ ص ٢٣٧ «لحف»).

٢. شرح نهج ج ٢٠ ص البلاغة : ٣١٩ ح ٦٦٣.

٣. بثّ الخبر وأبثّه : نشره ، يقال : أبثثتك سرّي ، أي أظهرته لك ، والبثّ : الحال والحزن ، يقال : أبثثتك ، أي أظهرت لك بثّي. (الصحاح : ج ١ ص ٢٧٣ «بثث»).

٤. الكافي : ج ٢ ص ٤٧٦ ح ١ عن أبي عبد اللّه الفرّاء ، الدعوات : ص ١٧ ح ٢ ، مكارم الأخلاق : ج ٢ ص ١١ ح ٢٠٠١ ، عدّة الداعي : ص ١٤٣ عن ابن عبد اللّه الفرّاء ، عوالي اللآلي : ج ٤ ص ٢٠ ح ٥٦ نحوه وليس في الثلاثة الأخيرة ذيله ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣١٢ ح ١٧.

٥. مستدرك الوسائل : ج ٥ ص ١٧٥ ح ٥٦٠٣ نقلاً عن القطب الراوندي في لبّ اللباب.

٦. صحيح مسلم : ج ٤ ص ٢٠٦٣ ح ٧ ، صحيح البخاري : ج ٥ ص ٢٣٣٤ ح ٥٩٧٩ وفيه «المسألة» بدل «في

١١٤

٢٩١. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دَعا أحَدُكُم فَلا يَقُل : اللّهُمَّ اغفِر لي إن شِئتَ ، ولكِن لِيَعزِمِ المَسأَلَةَ ، وَليُعَظِّمِ الرَّغبَةَ ، فَإِنَّ اللّهَ لا يَتَعاظَمُهُ شَيءٌ أعطاهُ. ١

٢٩٢. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يَقولَنَّ أحَدُكُم : اللّهُمَّ اغفِر لي إن شِئتَ ، اللّهُمَّ ارحَمني إن شِئتَ ، لِيَعزِمِ المَسأَلَةَ ؛ فَإِنَّهُ لا مُكرِهَ لَهُ. ٢

٣ / ١١

التَّعميمُ

٢٩٣. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دَعا أحَدُكُم فَليَعُمَّ ؛ فَإِنَّهُ أوجَبُ لِلدُّعاءِ. ٣

٢٩٤. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما مِن دُعاءٍ أحَبُّ إلَى اللّهِ من أن يَقولَ العَبدُ : اللّهُمَّ ارحَم اُمَّةَ مُحَمَّدٍ رَحمَةً عامَّةً. ٤

٢٩٥. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن عَمَّ بِدُعائِهِ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ ، استُجيبَ لَهُ. ٥

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدعاء» وج ٦ ص ٢٧١٥ ح ٧٠٢٦ نحوه ، الأدب المفرد : ص ١٨٤ ح ٦٠٨ ، مسند ابن حنبل : ج ٤ ص ٢٠٢ ح ١١٩٨٠ كلّها عن أنس ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٧٢ ح ٣١٧٩.

١. صحيح مسلم : ج ٤ ص ٢٠٦٣ ح ٨ ، الأدب المفرد : ص ١٨٤ ح ٦٠٧ ، مسند أبي يعلى : ج ٦ ص ٧٣ ح ٦٤٦٥ وليس فيهما «اغفر لي» وكلّها عن أبي هريرة ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٩٤ ح ٣٢٩٧ وراجع : مسند ابن حنبل : ج ٣ ص ٤٩٠ ح ٩٩٨٦.

٢. صحيح البخاري : ج ٥ ص ٢٣٣٤ ح ٥٩٨٠ ، سنن أبي داوود : ج ٢ ص ٧٧ ح ١٤٨٣ ، سنن الترمذي : ج ٥ ص ٥٢٦ ح ٣٤٩٧ ، الموطّأ : ج ١ ص ٢١٣ ح ٢٨ ، مسند ابن حنبل : ج ٣ ص ٤٨٩ ح ٩٩٧٥ وص ٣٧ ح ٧٣١٨ ، سنن ابن ماجة : ج ٢ ص ١٢٦٧ ح ٣٨٥٤ وليس فيهما «اللّهمّ ارحمني إن شئت» وكلّها عن أبي هريرة ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٨٤ ح ٣٢٥٣.

٣. الكافي : ج ٢ ص ٤٨٧ ح ١ ، ثواب الأعمال : ص ١٩٤ ح ٥ ، عدّة الداعي : ص ١٤٤ كلّها عن ابن القدّاح عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، الدعوات : ص ٢٦ ح ٤٠ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٨٦ ح ١٦.

٤. تاريخ بغداد : ج ٦ ص ١٥٧ ، الفردوس : ج ٤ ص ٤٦ ح ٦١٤٦ وفيه «اغفر» بدل «ارحم» وكلاهما عن أبي هريرة ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٧٧ ح ٣٢١٢.

٥. كنز العمّال : ج ٥ ص ٣٢ ح ١١٩١٦ نقلاً عن الديلمي عن ابن عبّاس.

١١٥

٢٩٦. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعمِم ؛ يَعني فِي الدُّعاءِ فَفَضلُ ما بَينَ العُمومِ وَالخُصوصِ ، كَما بَينَ السَّماءِ وَالأَرضِ. ١

٢٩٧. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثَلاثٌ لا يَغُلُّ عَلَيهِنَّ قَلبُ مُؤمِنٍ : إِخلاصُ الدَّعوَةِ للّهِ تَعالى ، وَالنَّصيحَةُ لِوُلاةِ الأَمرِ فِي الحَقِّ حَيثُ كانَ ، وأن يَعُمَّ بِدَعوَتِهِ جَميعَ المُسلِمينَ ، فَإِنَّ الدَّعوَةَ تُحيطُ مِن وَرائِهِم. ٢

٢٩٨. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يَؤُمَّ رَجُلٌ قَوما فَيَخُصَّ نَفسَهُ بِالدُّعاءِ دونَهُم ؛ فَإِن فَعَلَ فَقَد خانَهُم. ٣

٢٩٩. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن صَلّى بِقَومٍ فَاختَصَّ نَفسَهُ بِالدُّعاءِ ، فَقَد خانَهُم. ٤

٣٠٠. الأدب المفرد عن عبد اللّه بن عمرو : قالَ رَجُلٌ : اللّهُمَّ اغفِر لي ولِمُحَمَّدٍ وَحدَنا. فَقالَ النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لَقَد حَجَبتَها عَن ناسٍ كَثيرٍ! ٥

٣٠١. صحيح البخاري عن أبي هريرة : قامَ رَسولُ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله في صَلاةٍ وقُمنا مَعَهُ ، فَقالَ أعرابِيٌّ وهُوَ فِي الصَّلاةِ : اللّهُمَّ ارحَمني ومُحَمَّدا ، ولا تَرحَم مَعَنا أحَدا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. السنن الكبرى : ج ٣ ص ١٨٥ ح ٥٣٥١ ، المراسيل : ص ١٠١ ح ١ ، الفردوس : ج ٢ ص ٢٦ ح ٢١٦٣ ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٨٥ ح ٣٢٥٩.

٢. الجعفريّات : ص ٢٢٣ عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم‌السلام.

٣. سنن أبي داوود : ج ١ ص ٢٣ ح ٩٠ ، سنن الترمذي : ج ٢ ص ١٨٩ ح ٣٥٧ ، سنن ابن ماجة : ج ١ ص ٢٩٨ ح ٩٢٣ وفيه «عبدٌ» بدل «رجلٌ» ، مسند ابن حنبل : ج ٨ ص ٣٣٠ ح ٢٢٤٧٨ كلّها عن ثوبان ، السنن الكبرى : ج ٣ ص ١٨٥ ح ٥٣٤٨ ، المعجم الكبير : ج ٨ ص ١٠٥ ح ٧٥٠٧ كلاهما عن أبي اُمامة نحوه ، كنز العمّال : ج ١٦ ص ٥٥ ح ٤٣٩١٤.

٤. تهذيب الأحكام : ج ٣ ص ٢٨١ ح ٨٣١ عن سليمان بن سماعة عن عمّه عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم‌السلام ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٤٠٠ ح ١١٨٧.

٥. الأدب المفرد : ص ١٨٩ ح ٦٢٦ ، مسند ابن حنبل : ج ٢ ص ٦٣٣ ح ٦٨٦٤ وص ٦٨٥ ح ٧٠٧٩ ، موارد الظمآن : ص ٦٠٣ ح ٢٤٣٢.

١١٦

فَلَمّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالَ لِلأَعرابِيِّ : لَقَد حَجَّرتَ واسِعا ١! ٢

٣٠٢. الإمام الكاظم عن آبائه عليهم‌السلام : كانَت فاطِمَةُ عليها‌السلام إذا دَعَت تَدعو لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ ، ولا تَدعو لِنَفسِها ، فَقيلَ لَها : يا بِنتَ رَسولِ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنَّكِ تَدعينَ ٣ لِلنّاسِ ولا تَدعينَ لِنَفسِكِ! فَقالَت : الجارُ ثُمَّ الدّارُ. ٤

٣ / ١٢

الإِكثارُ

الكتاب

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَوةِ وَالْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ). ٥

الحديث

٣٠٣. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا سَأَلَ أحَدُكُم فَليُكثِر ؛ فَإِنَّهُ يَسأَلُ رَبَّهُ. ٦

٣٠٤. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : لَقَد بارَكَ اللّهٌ لِرَجُلٍ في حاجَةٍ أكثَرَ الدُّعاءَ فيها ، اُعطِيَها أو مُنِعَها. ٧

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. يقال : حجرتُ الأرضَ ، إذا ضربت عليها منارا تمنعها به عن غيرك. و «تحجّرتَ واسعا» أي : ضيّقت ما وسّعه اللّه. وخصصت به نفسك دون غيرك (النهاية : ج ١ ص ٢٤١ ـ ٢٤٢ «حجر»).

٢. صحيح البخاري : ج ٥ ص ٢٢٣٨ ح ٥٦٦٤ ، سنن أبي داوود : ج ١ ص ١٠٣ ح ٣٨٠ ، سنن الترمذي : ج ١ ص ٢٧٦ ح ١٤٧ ، سنن النسائي : ج ٣ ص ١٤ ، السنن الكبرى : ج ٢ ص ٦٠١ ح ٤٢٤٠ كلّها نحوه وفي صدرها «دخل أعرابيّ في المسجد ورسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله جالس فصلّى ركعتين ثمّ قال : اللّهمّ ...» ، مسند ابن حنبل : ج ٣ ص ١٢٥ ح ٧٨٠٧ ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٦٢٨ ح ٤٩٣٦.

٣. في المصدر : «تدعون» في كلا الموضعين ، وما أثبتناه من المصادر الاُخرى.

٤. علل الشرائع : ص ١٨٢ ح ٢ عن أبي زيد الكحّال عن أبيه ، روضة الواعظين : ص ٣٦١ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٨٨ ح ٢٠ نقلاً عن مصباح الأنوار عن الإمام الصادق عليه‌السلام.

٥. الكهف : ٢٨.

٦. صحيح ابن حبّان : ج ٣ ص ١٧٢ ح ٨٨٩ ، المعجم الأوسط : ج ٢ ص ٣٠١ ح ٢٠٤٠ وفيه «تمنّى» بدل «سأل» وكلاهما عن عائشة ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٧٢ ح ٣١٧٧؛ نثر الدرّ : ج ١ ص ٢٠٦ وفيه «تمنّى» بدل «سأل».

٧. شُعب الإيمان : ج ٢ ص ٥٠ ح ١١٣٥ ، تاريخ بغداد : ج ٣ ص ٢٩٩ كلاهما عن جابر بن عبد اللّه ،

١١٧

٣٠٥. الإمام الكاظم عليه‌السلام ـ مِن دُعاءٍ لَهُ ـ : يا مَن لا يَزيدُهُ كَثرَةُ الدُّعاءِ إلاّ جودا وكَرَما. ١

راجع : ص ٤٤ (فضل الدعاء / سلاح المؤمن).

٣ / ١٣

الإِلحاحُ

٣٠٦. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّ اللّهَ يُحِبُّ السّائِلَ اللَّحوحَ. ٢

٣٠٧. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّ اللّهَ يُحِبُّ المُلِحّينَ فِي الدُّعاءِ. ٣

٣٠٨. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ ـ : يا مَن لا يُبرِمُهُ ٤ إلحاحُ المُلِحّينَ. ٥

٣٠٩. الإمام الصادق عليه‌السلام : قالَ رَسولُ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله : رَحِمَ اللّهٌ عَبدا طَلَبَ مِنَ اللّهِ عز وجل حاجَةً فَأَلَحَّ فِي الدُّعاءِ ، استُجيبَ لَهُ أو لَم يُستَجَب لَهُ ، وتَلا هذِهِ الآيَةَ : (وَأَدْعُواْ رَبِّى عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّى شَقِيًّا) ٦. ٧

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كنز العمّال : ج ٢ ص ٦٥ ح ٣١٣٨.

١. الكافي : ج ٣ ص ٣٢٨ ح ٢٥ عن زياد القندي ، الغيبة للطوسي : ص ٢٦١ ح ٢٢٧ عن الإمام عليّ عليه‌السلام وفيه «سعةً وعطاءً» بدل «جودا وكرما» ، بحار الأنوار : ج ٥٢ ص ٧ ح ٥.

٢. عدّة الداعي : ص ١٤٣ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٧٤ ح ١٦.

٣. نوادر الاُصول : ج ٢ ص ١٩ ، مسند الشهاب : ج ٢ ص ١٤٥ ح ١٠٦٩ ، معجم السفر : ص ٤١٤ ح ١٤٠٣ كلّها عن عائشة؛ الدعوات : ص ٢٠ ح ١٥ ، جامع الأخبار : ص ٣٦٣ ح ١٠٠٩ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٧٨ ح ٢٢ وراجع قرب الإسناد : ص ٦ ح ١٧.

٤. بَرِمَ به : إذا سئمه ومَلّه (النهاية : ج ١ ص ١٢١ «برم»).

٥. المصباح للكفعمي : ص ٣٤٨ ، البلد الأمين : ص ٤١١ ، الكافي : ج ٢ ص ٥٩٤ ح ٣٣ عن أبي بصير ، قرب الإسناد : ص ٦ ح ١٨ كلاهما عن الإمام الصادق عليه‌السلام وليس فيهما «يا من» ، بحار الأنوار : ج ٩٥ ص ١٥٥ ح ٢.

٦. مريم : ٤٨.

٧. الكافي : ج ٢ ص ٤٧٥ ح ٦ عن ابن القدّاح ، مكارم الأخلاق : ج ٢ ص ١٣ ح ٢٠١٣ ، عدّة الداعي : ص ١٨٨ ، عوالي اللآلي : ج ٤ ص ٢٠ ح ٥٥ نحوه ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٧٠ ح ٨.

١١٨

٣١٠. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : وَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ ، إنَّ العَبدَ لَيَدعُو اللّهَ وهُوَ عَلَيهِ غَضبانُ فَيُعرِضُ عَنهُ ، ثُمَّ يَدعوهُ فَيُعرِضُ عَنهُ ، فَيَقولُ لِمَلائِكَتِهِ : أبى عَبدي أن يَدعُوَ غَيري فَقَدِ استَحيَيتُ مِنهُ ، يَدعوني واُعرِضُ عَنهُ ، اُشهِدُكُم أنّي قَدِ استَجَبتُ لَهُ. ١

٣١١. الإمام عليّ عليه‌السلام : مَنِ استَدامَ قَرعَ البابِ ولَجَّ وَلَجَ. ٢

٣١٢. عنه عليه‌السلام ـ في دُعاءِ يَومِ الأَربِعاءِ ـ : الحَمدُ للّهِ الَّذي مَرضاتُهُ فِي الطَّلَبِ إلَيهِ وَالتِماسِ ما لَدَيهِ ، وسَخَطُهُ في تَركِ الإِلحاحِ فِي المَسأَلَةِ عَلَيهِ. ٣

٣١٣. الإمام زين العابدين عليه‌السلام : يا مَن لا يَحتَقِرُ أهلَ الحاجَةِ إلَيهِ ، ويا مَن لا يُخَيِّبُ المُلِحّينَ عَلَيهِ ، ويا مَن لا يَجبَهُ بِالرَّدِّ أهلَ الدّالَّةِ ٤ عَلَيهِ. ٥

٣١٤. عنه عليه‌السلام ـ فِي المُناجاةِ الإِنجيلِيَّةِ ـ : سَيِّدي إنَّ آمالي فيكَ يَتَجاوَزُ آمالَ الآمِلينَ ، وسُؤالي إيّاكَ لا يُشبِهُ سُؤالَ السّائِلينَ ؛ لِأَنَّ السّائِلَ إذا مُنِعَ امتَنَعَ عَنِ السُّؤالِ ، وأنَا فَلا غَناءَ بي عَنكَ في كُلِّ حالٍ. ٦

٣١٥. الإمام الباقر عليه‌السلام : كانَ أبي يُلِحُّ فِي الدُّعاءِ ، يَقولُ : يا رَبِّ يا رَبِّ ، حَتّى يَنقَطِعَ النَّفَسُ ، ثُمَّ يَعودُ ، ثُمَّ يَعودُ. ٧

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. حلية الأولياء : ج ٦ ص ٢٠٨ عن جابر بن عبد اللّه وراجع تنبيه الخواطر : ج ١ ص ٧ وإرشاد القلوب : ص ١٨٤ وبحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٧٥ ح ١٦.

٢. غرر الحكم : ح ٩١٦٠ ، عيون الحكم والمواعظ : ص ٤٥٦ ح ٨٢٤٨.

٣. البلد الأمين : ص ١٢٧ ، بحار الأنوار : ج ٩٠ ص ١٩٣ ح ٢٩.

٤. في الدعاء : «مُدِلاًّ عليك فيما قصدتُ فيه إليك» : هو من الإدلال على من لك عنده منزلة وقرب ، وهو مِن : دلّت المرأةُ وتدلّلت (مجمع البحرين : ج ١ ص ٦٠٦ «دلل»).

٥. الصحيفة السجّاديّة : ص ١٨١ الدعاء ٤٦ ، مصباح المتهجّد : ص ٣٦٩ ح ٥٠٠.

٦. بحار الأنوار : ج ٩٤ ص ١٦٩ ح ٢٢ نقلاً عن كتاب أنيس العابدين.

٧. محاسبة النفس لابن طاووس : ص ٣٨ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٢٣٥ ح ٧.

١١٩

٣١٦. عنه عليه‌السلام : وَاللّهِ لا يُلِحُّ عَبدٌ مُؤمِنٌ عَلَى اللّهِ عز وجل في حاجَتِهِ ، إلاّ قَضاها لَهُ. ١

٣١٧. الإمام الصادق عليه‌السلام : إنَّ اللّهَ عز وجل كَرِهَ إلحاحَ النّاسِ بَعضِهِم عَلى بَعضٍ فِي المَسأَلَةِ ، وأحَبَّ ذلِكَ لِنَفسِهِ ، إنَّ اللّهَ عز وجل يُحِبُّ أن يُسأَلَ ويُطلَبَ ما عِندَهُ. ٢

٣١٨. عنه عليه‌السلام : لَولا إلحاحُ المُؤمِنينَ عَلَى اللّهِ في طَلَبِ الرِّزقِ ، لَنَقَلَهُم مِنَ الحالِ الَّتي هُم فيها إلى حالٍ أضيَقَ مِنها. ٣

٣١٩. قرب الإسناد عن مسعدة بن صدقة : قالَ لِجَعفَرٍ عليه‌السلام قائِلٌ : عَلِّمني دُعاءً ، فَقالَ لَهُ : أينَ أنتَ عَن دُعاءِ الإِلحاحِ ... وألِحَّ فِي الطَّلَبِ ؛ فَإِنَّهُ يُحِبُّ إلحاحَ المُلِحّينَ مِن عِبادِهِ المُؤمِنينَ. ٤

٣٢٠. الإمام الصادق عليه‌السلام : الدُّعاءُ يَرُدُّ القَضاءَ بَعدَما اُبرِمَ إبراما ، فَأَكثِر مِنَ الدُّعاءِ ؛ فَإِنَّهُ مِفتاحُ كُلِّ رَحمَةٍ ، ونَجاحُ كُلِّ حاجَةٍ ، ولا يُنالُ ما عِندَ اللّهِ عز وجل إلاّ بِالدُّعاءِ ، وإنَّهُ لَيسَ بابٌ يُكثَرُ قَرعُهُ إلاّ يوشِكُ أن يُفتَحَ لِصاحِبِهِ. ٥

٣٢١. عدّة الداعي عن كعب الأحبار : مَكتوبٌ فِي التَّوراةِ : يا موسى ، مَن أحَبَّني لَم يَنسَني ، ومَن رَجا مَعروفي ألَحَّ في مَسأَلَتي. ٦

٣٢٢. عدّة الداعي عن كعب الأحبار : فِي التَّوراةِ : ... ألِحّوا فِي الدُّعاءِ ؛ تَشمَلكُمُ الرَّحمَةُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. الكافي : ج ٢ ص ٤٧٥ ح ٣ ، عدّة الداعي : ص ١٤٣ ، فلاح السائل : ص ١٠٩ ح ٤٧ كلّها عن الوليد بن عقبة الهجري ، مكارم الأخلاق : ج ٢ ص ١٣ ح ٢٠١٢ عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٧٥ ح ١٦.

٢. الكافي : ج ٢ ص ٤٧٥ ح ٤ ، عدّة الداعي : ص ١٤٣ كلاهما عن أبي الصباح ، تحف العقول : ص ٢٩٣ عن الإمام الباقر عليه‌السلام ، مكارم الأخلاق : ج ٢ ص ١١ ح ٢٠٠٣ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٧٠ ح ٨.

٣. الكافي : ج ٢ ص ٢٦١ ح ٥ وص ٢٦٤ ح ١٦ ، التمحيص : ص ٤٩ ح ٨٤ كلاهما نحوه وكلّها عن المفضّل ، بحار الأنوار : ج ٧٢ ص ٩ ح ٧.

٤. قرب الإسناد : ص ٦ ح ١٧ ، بحار الأنوار : ج ٩٥ ص ١٥٤ ح ٢.

٥. الكافي : ج ٢ ص ٤٧٠ ح ٧ ، مكارم الأخلاق : ج ٢ ص ٩ ح ١٩٨٦ كلاهما عن عبد اللّه بن سنان ، فلاح السائل : ص ٧٦ ح ١٢ عن عليّ بن عقبة ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٢٩٩ ح ٣٣.

٦. عدّة الداعي : ص ١٤٣ وص ١٨٩ ، أعلام الدين : ص ٣٢٨ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٤٠ ح ١١.

١٢٠