نهج الدعاء

محمّد الري شهري

نهج الدعاء

المؤلف:

محمّد الري شهري


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-221-2
الصفحات: ٧٨٧

البابُ الرّابِعَ عَشَرَ :

من دعا عليه الإمام الرّضا

١٤ / ١

ابنُ أبي سَعيدٍ ١

١٥٨٦. الكافي عن داوود النهدي عن بعض أصحابنا : دَخَلَ ابنُ أبي سَعيدٍ المُكارِيُّ عَلى أبِي الحَسَنِ الرِّضا عليه‌السلام ، فَقالَ لَهُ : أبَلَغَ اللّه مِن قَدرِكَ أن تَدَّعِيَ مَا ادَّعى أبوكَ؟

فَقالَ لَهُ : ما لَكَ؟ أطفَأَ اللّه نورَكَ ، وأدخَلَ الفَقرَ بَيتَكَ! أما عَلِمتَ أنَّ اللّه ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ أوحى إلى عِمرانَ أنّي واهِبٌ لَكَ ذَكَرا ، فَوَهَبَ لَهُ مَريَمَ ووَهَبَ لِمَريَمَ عيسى عليه‌السلام؟ فَعيسى مِن مَريَمَ ومَريَمُ مِن عيسى ، ومَريَمُ وعيسى شَيءٌ واحِدٌ ، وأنَا مِن أبي وأبي مِنّي ، وأنَا وأبي شَيءٌ واحِدٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. هو الحسين بن أبي سعيد ، هاشم بن حيّان المكاريّ. من وجوه الواقفة. ذكره الكشّيّ في جملة الواقفة ، وروى فيه ذموما ، منها : ما رواه بإسناده عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام : إنّه كذّب رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وكذّب أميرالمؤمنين وكذّب فلانا وفلانا وكذّب جعفر وموسى ولي بآبائي عليهم‌السلام أُسوة (رجال الكشّي : ج ٢ ص ٧٠٦ الرقم ٧٦٠ وص ٧٦٣ الرقم ٨٨٣ وص ٧٦٥ و ٧٦٦ الرقم ٨٨٤ و ٨٨٥ ، رجال النجاشي : ج ١ ص ١٣٦ الرقم ٧٧).

٦٦١

فَقالَ لَهُ ابنُ أبي سَعيدٍ : وأسأَ لُكَ عَن مَسأَلَةٍ ، فَقالَ : لا أخالُكَ تَقبَلُ مِنّي ولَستَ مِن غَنَمي ، ولكِن هَلُمَّها. فَقالَ : رَجُلٌ قالَ عِندَ مَوتِهِ : كُلُّ مَملوكٍ لي قَديمٍ فَهُوَ حُرٌّ لِوَجهِ اللّه؟ قالَ : نَعَم ، إنَّ اللّه ـ عَزَّ ذِكرُهُ ـ يَقولُ في كِتابِهِ : (حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) ١ ، فَما كانَ مِن مَماليكِهِ أتى عَلَيهِ سِتَّةُ أشهُرٍ فَهُوَ قَديمٌ وهُوَ حُرٌّ.

قالَ : فَخَرَجَ مِن عِندِهِ ، وَافتَقَرَ حَتّى ماتَ ، ولَم يَكُن عِندَهُ مَبيتُ لَيلَةٍ ـ لعنه اللّه ـ. ٢

١٤ / ٢

مُحَمَّدُ بنُ الفُراتِ ٣

١٥٨٧. رجال الكشّي عن جعفر بن عيسى وعليّ بن إسماعيل عن الامام الرضا : آذاني مُحَمَّدُ بنُ الفُراتِ آذاهُ اللّه وأَذاقَهُ اللّه حَرَّ الحَديدِ ، آذاني ـ لَعَنَهُ اللّه ـ أذىً ما آذى أبُو الخَطّابِ جَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ عليه‌السلام بِمِثلِهِ ، وما كَذَبَ عَلَينا خَطّابِيٌّ مِثلَ ما كَذَبَ مُحَمَّدُ بنُ الفُراتِ. وَاللّه ما مِن أحَدٍ يَكذِبُ عَلَينا إلاّ ويُذيقُهُ اللّه حَرَّ الحَديدِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. يس : ٣٩. والعُرْجُون : هو العودُ الأصفر الذي فيه شماريخ العِذق ، وجمعه عراجين (النهاية : ج ٣ ص ٢٠٣ «عرج»).

٢. الكافي : ج ٦ ص ١٩٥ ح ٦ ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ص ١٥٥ ح ٣٥٦٤ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ج ١ ص ٣٠٨ ح ٧١ ، معاني الأخبار : ص ٢١٨ ح ١ ، بحار الأنوار : ج ٤٩ ص ٨١ ح ١.

٣. هو محمّد بن الفرات الكوفيّ ، معاصر للرضا عليه‌السلام ، ضعيفٌ ، له كتاب. روى الكشّيّ في ذمّه روايات ، منها : إنّ محمّد بن الفرات كان يغلو في القول وكان يشرب الخمر ، فبعث إليه الرضا عليه‌السلام خمرة وتمراً ، فقال محمّد : إنّما بعث بالخمرة لاُُصلّي عليها وحثّني عليها ، والتمر نهاني عن الأنبذة (رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٢٩ الرقم ١٠٤٦ ، رجال النجاشي : ج ٢ ص ٢٦٥ الرقم ٩٧٧ ، رجال ابن الغضائري : ص ٩٢ الرقم ١٢٩).

٦٦٢

. قالَ مُحَمَّدُ بنُ عيسى : فَأَخبَراني وغَيرُهُما أنَّهُ ما لَبِثَ مُحَمَّدُ بنُ فُراتٍ إلاّ قَليلاً حَتّى قَتَلَهُ إبراهيمُ بنُ شَكلَةَ أخبَثَ قِتلَةٍ ، وكانَ مُحَمَّدُ بنُ فُراتٍ يَدَّعي أنَّهُ بابٌ ، وأنَّهُ نَبِيٌّ ، وكانَ القاسِمُ اليَقطينِيُّ وعَلِيُّ بنُ حَسَكَةَ القُمِّيُّ كَذلِكَ يَدَّعيانِ ، لَعَنَهُمَا اللّه. ١

١٤ / ٣

البَرامِكَةُ ٢

١٥٨٨. عيون أخبار الرضا عليه‌السلام عن محمّد بن الفضيل : لَمّا كانَ فِي السَّنَةِ الَّتي بَطَشَ هارونُ بِآلِ بَرمَكَ ، بَدَأَ بِجَعفَرِ بنِ يَحيى ، وحَبَسَ يَحيَى بنَ خالِدٍ ، ونَزَلَ بِالبَرامِكَةِ ما نَزَلَ ، كانَ أبُو الحَسَنِ عليه‌السلام واقِفا بِعَرَفَةَ يَدعو ، ثُمَّ طَأطَأَ رَأسَهُ ، فَسُئِلَ عَن ذلِكَ ، فَقالَ :

إنّي كُنتُ أدعُو اللّه تَعالى عَلَى البَرامِكَةِ بِما فَعَلوا بِأَبي عليه‌السلام ، فَاستَجابَ اللّه لِيَ اليَومَ فيهِم.

فَلَمَّا انصَرَفَ لَم يَلبَث إلاّ يَسيرا حَتّى بُطِشَ بِجَعفَرٍ ويَحيى ، وتَغَيَّرَت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٢٩ الرقم ١٠٤٨ ، بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ٣١٩ ح ٨٧.

٢. هم أولاد خالد بن برمك وأحفاده. لمّا تولّى الرشيد الخلافة في سنة ١٧٠ ق قرّب البرامكة واستوزرهم وزوّج اُخته العبّاسة لجعفر بن يحيى بن خالد البرمكيّ ، وبلغ بالبرامكة الطغيان والسيطرة بحيث كان الناس يرجونهم ويخشونه أكثر من الرشيد نفسه. الأمر الذي حدى بالرشيد أن يقوض سيطرتهم وضيّق عليهم حتى ماتوا فمدّة سيطرة البرامكة ما بين استخلاف الرشيد وقتل جعفر في سنة ١٨٩ ق وهي قرابة الثمانية عشرة سنة (رجال السيّد بحرالعلوم : ج ٢ ص ٣٥٢ ، مستدرك سفينة البحار : ج ١ ص ٣٣٨ وج ٥ ص ٢٢٢).

٦٦٣

أحوالُهُم. ١

١٤ / ٤

الواقِفِيَّةُ ٢

١٥٨٩. رجال الكشّي عن محمّد بن الفضيل : قُلتُ لِلرِّضا عليه‌السلام : جُعِلتُ فِداكَ! ما حالُ قَومٍ قَد وَقَفوا عَلى أبيكَ موسى عليه‌السلام؟

قالَ : لَعَنَهُمُ اللّه ما أشَدَّ كَذِبَهُم! أما إنَّهُم يَزعُمونَ أنّي عَقيمٌ ، ويُنكِرونَ مَن يَلي هذَا الأَمرَ مِن وُلدي. ٣

١٤ / ٥

هؤُلاءِ الكَذّابونَ عَلى أهلِ البَيتِ

١٥٩٠. رجال الكشّي عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام قال قُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ! إنّي خَلَّفتُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ج ٢ ص ٢٢٥ ح ١ ، دلائل الإمامة : ص ٣٧٣ ح ٣٣٤ ، كشف الغمّة : ج ٣ ص ٩٣ ، الدعوات : ص ٧٠ ح ١٦٨ نحوه ، بحار الأنوار : ج ٤٩ ص ٨٥ ح ٤.

٢. هم فرقة قالت : إنّ موسى بن جعفر عليه‌السلام لم يمت وإنّه حيّ ، ولايموت حتّى يملك شرق الأرض وغربها يملأها كلّها عدلاً كما مُلئت جورا ، وإنّه القائم المهديّ ، وقال بعضهم : إنّه القائم وقد مات ، ولاتكون الإمامة لغيره حتى يرجع ، ولكنّه يرجع في وقت قيامه فيملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جورا. وأنكر بعضهم قتله وقالوا : مات ورفعه اللّه إليه ، وإنّه يردّه عند قيامه ، فسمّوا هؤلاء جميعا الواقفة لوقوفهم على موسى بن جعفر عليه‌السلام ، إنّه الإمام القائم ولم يأتمّوا بعده بإمام ولم يتجاوزوه إلى غيره ، وقد لقّب الواقفة بعض مخالفيها ممّن قال بإمامة عليّ بن موسى عليه‌السلام «الممطورة» وغلب عليها هذا الاسم وشاع لها (فرق الشيعة للنوبختي : ص ٩٠ ـ ٩١ ، الفصول المختارة : ص ٣١٣؛ مقباس الهداية : ج ٢ ص ٣٢٨).

٣. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٧٥٩ الرقم ٨٦٨ ، بحار الأنوار : ج ٤٨ ص ٢٦٥ ح ٢٦.

٦٦٤

ابنَ أبي حَمزَةَ ١ ، وَابنَ مِهرانَ ٢ وابنَ أبي سَعيدٍ ٣ أشَدَّ أهلِ الدُّنيا عَداوَةً للّه تَعالى.

قالَ : فَقالَ : ما ضَرَّكَ مَن ضَلَّ إذَا اهتَدَيتَ؟ إنَّهُم كَذَّبوا رَسولَ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكَذَّبوا أميرَ المُؤمِنينَ ، وكَذَّبوا فُلانا وفُلانا ، وكَذَّبوا جَعفَرا وموسى عليهما‌السلام ، ولي بِآبائي عليهم‌السلام اُسوَةٌ.

قُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ! إنّا نُرَوّى أنَّكَ قُلتَ لاِبنِ مِهرانَ : أذهَبَ اللّه نورَ قَلبِكَ ، وأدخَلَ الفَقرَ بَيتَكَ؟ فَقالَ : كَيفَ حالُهُ وحالُ بَزِّهِ ٤؟ قُلتُ : يا سَيِّدي ، أشَدُّ حالٍ ، هُم مَكروبونَ وبِبَغدادَ لَم يَقدِرِ الحُسَينُ أن يَخرُجَ إلَى العُمرَةِ! فَسَكَتَ. ٥

راجع : ص ٦٣٣ ح ١٥٦٣.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. هو عليّ بن أبي حمزة البطائنيّ ، من أصحاب الصادق والكاظم عليهما‌السلام ، واقفيّ. هو أوّل من أظهر هذا الاعتقاد ، وطمعوا في الدنيا ومالوا إلى حكّامها ، واستمالوا قوما فبذلوا لهم شيئا ممّا اختانوه من الأموال. وقال أبوالحسن موسى عليه‌السلام مخاطبا له : أنت وأصحابك شبه الحمير. فقد دخل عليّ بن أبي حمزة على عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام ، وتكلّم معه وأنكر إمامته. وقد روي عن عليّ بن الحسن بن الفضّال إنّه كان يقول : عليّ بن أبي حمزة كذّاب ، متّهم ، ملعون ، إنّي لا أستحلّ أن أروي عنه حديثا واحدا. هذا كلّه بالنسبة إلى نهاية أمره ، ولكنّه في عهد الصادقين عليهما‌السلام كان على ظاهر السلامة والثقة ، ولذا عملت الطائفة بأخباره وأخبار أمثاله في مالم يكن لها معارض من أخبار الإماميّة ولا إعراض منهم. وما روي عنه حال استقامته (رجال الطوسي : ص ٢٤٥ الرقم ٣٤٠٢ وص ٣٣٩ الرقم ٥٠٤٩ ، رجال ابن الغضائري : ص ٨٣ الرقم ١٠٧ ، رجال النجاشي : ج ٢ ص ٦٩ الرقم ٦٥٤ ، رجال الكشّي : ج ٢ ص ٧٠٥ الأرقام ٧٥٤ ـ ٧٦٠ وص ٧٦٣ الرقم ٨٨٣؛ الغيبة للطوسي : ص ٣٥٢ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ج ١ ص ١١٢ ح ٢ ، قاموس الرجال : ج ٧ ص ٢٧٦).

٢. هو الحسين بن مهران بن محمّد ، من أصحاب الكاظم والرضا عليهما‌السلام ، واقفي ، ضعيف ، له كتاب عن الكاظم عليه‌السلام. كتب إلى الرضا عليه‌السلام كتابا ، فكان يمشي شاكّا في وقوفه. فكتب إلى أبي الحسن عليه‌السلام يأمره وينهاه فأجابه أبوالحسن عليه‌السلام بجواب ، وبعث به إلى أصحابه فنسخوه وردّ إليه لئلاّ يستره ابن مهران. كان قليل المعرفة بالرضا عليه‌السلام ، ضعيف اليقين (رجال الطوسي : ص ٣٥٥ الرقم ٥٢٦٠ ، رجال النجاشي : ج ١ ص ١٦٧ الرقم ١٢٦ ، رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٦١ الرقم ١١٢١ ، رجال ابن الغضائري : ص ٥١ الرقم ٣٢).

٣. مرّت ترجمته في الباب الرابع عشر ، الرقم ١ ، فراجع.

٤. البَزُّ من الثياب : أمتعةُ البزّاز. والبِزّة : الهيئة (الصحاح : ج ٣ ص ٨٦٥ «بزز»).

٥. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٧٠٦ الرقم ٧٦٠ ، بحار الأنوار : ج ٤٨ ص ٢٦١ ح ١٤.

٦٦٥
٦٦٦

البابُ الخامِسَ عَشَرَ :

من دعا عليه الإمام الجواد

١٥ / ١

أبُو الخَطّابِ وأصحابُهُ ١

١٥٩١. رجال الكشّي عن عليّ بن مهزيار : سَمِعتُ أبا جَعفَرٍ عليه‌السلام يَقولُ ـ وقَد ذُكِرَ عِندَهُ أبُو الخَطّابِ ـ : لَعَنَ اللّه أبَا الخَطّابِ ، ولَعَنَ أصحابَهُ ، ولَعَنَ الشّاكّينَ في لَعنِهِ ، ولَعَنَ مَن قَد وَقَفَ في ذلِكَ وشَكَّ فيهِ.

ثُمَّ قالَ : هذا أبُو الغمرِ وجَعفَرُ بنُ واقِدٍ وهاشِمُ بنُ أبي هاشِمٍ استَأكَلوا بِنَا النّاسَ ، وصاروا دُعاةً يَدعونَ النّاسَ إلى ما دَعا إلَيهِ أبُو الخَطّابِ لَعَنَهُ اللّه ولَعَنَهُم مَعَهُ ولَعَنَ مَن قَبِلَ ذلِكَ مِنهُم. يا عَلِيُّ ، لا تَتَحَرَّجَنَّ مِن لَعنِهِم لَعَنَهُمُ اللّه ؛ فَإِنَّ اللّه قَد لَعَنَهُم.

ثُمَّ قالَ : قالَ رَسولُ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن تَأَثَّمَ أن يَلعَنَ مَن لَعَنَهُ اللّه فَعَلَيهِ لَعنَةُ اللّه. ٢

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. مرّت ترجمته فيما تقدّم ، فراجع.

٢. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨١٠ الرقم ١٠١٢ ، بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ٣١٨ ح ٨٥.

٦٦٧

١٥ / ٢

أبُو السَّمهَرِيِّ وَابنُ أبِي الزَّرقاءِ ١

١٥٩٢. رجال الكشّي عن إسحاق الأنباري : قالَ لي أبو جَعفَرٍ الثّاني عليه‌السلام : ما فَعَلَ أبُو السَّمهَرِيِّ لَعَنَهُ اللّه! يَكذِبُ عَلَينا ويَزعُمُ أنَّهُ وَابنَ أبِي الزَّرقاءِ دُعاةٌ إلَينا؟ اُشهِدُكُم أنّي أتَبَرَّأُ إلَى اللّه عز وجل مِنهُما ، إنَّهُما فَتّانانِ مَلعونانِ. يا إسحاقُ ، أرِحني مِنهُما يُرِحِ اللّه عز وجل بِعَيشِكَ فِي الجَنَّةِ.

فَقُلتُ لَهُ : جُعِلتُ فِداكَ! يَحِلُّ لي قَتلُهُما؟ فَقالَ : إنَّهُما فَتّانانِ يَفتِنانِ النّاسَ ، ويَعمَلانِ في خَيطِ رَقَبَتي ورَقَبَةِ مَوالِيَّ ، فَدِماؤُهُما هَدَرٌ لِلمُسلِمينَ ، وإيّاكَ وَالفَتكَ ؛ فَإِنَّ الإِسلامَ قَد قَيَّدَ الفَتكَ ، واُشفِقُ إن قَتَلتَهُ ظاهِرا أن تُسأَلَ لِمَ قَتَلتَهُ؟ ولا تَجِدُ السَّبيلَ إلى تَثبيتِ حُجَّةٍ ، ولا يُمكِنُكَ إدلاءُ الحُجَّةِ فَتَدفَعَ ذلِكَ عَن نَفسِكَ ، فَيُسفَكَ دَمُ مُؤمِنٍ مِن أولِيائِنا بِدَمِ كافِرٍ ، عَلَيكُم بِالاِغتِيالِ. ٢

١٥ / ٣

عُمَرُ بنُ فَرَجٍ ٣

١٥٩٣. الكافي عن محمّد بن سنان : دَخَلتُ عَلى أبِي الحَسَنِ عليه‌السلام فَقالَ : يا مُحَمَّدُ ، حَدَثَ بِآلِ فَرَجٍ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. لم يذكر لهما اسم ولا لقب في مصادر الخاصّة والعامّة ولم يذكر فيهما إلاّ ما في المتن.

٢. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨١١ الرقم ١٠١٣.

٣. هو عمر بن فرج الرخجيّ. استعمله المتوكّل على المدينة ومكّة ، فمنع آل أبي طالب من التعرّض لمسألة الناس ومنع الناس من برّهم ، وكان لايبلغه أنّ أحدا برّ أحدا منهم بشيء وإن قلّ إلاّ أنهكه عقوبة وأثقله غرما. وكان من ندماء المتوكّل وكان مشتهرا بالبغض لعليّ عليه‌السلام ، كان ممّن يخوّف المتوكل من العلويّين وحسّن له الوقيعة في أسلافهم الذين يعتقد الناس علوّ منزلتهم في الدين.

٦٦٨

حَدَثٌ؟ فَقُلتُ : ماتَ عُمَرُ.

فَقالَ : الحَمدُ للّه ، حَتّى أحصَيتُ لَهُ أربَعا وعِشرينَ مَرَّةً ، فَقُلتُ : يا سَيِّدي ، لَو عَلِمتُ أنَّ هذا يَسُرُّكَ ، لَجِئتُ حافِيا أعدو إلَيكَ.

قالَ : يا مُحَمَّدُ ، أوَلا تَدري ما قالَ ـ لَعَنَهُ اللّه ـ لِمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ أبي؟ قالَ : قُلتُ : لا. قالَ : خاطَبَهُ في شَيءٍ فَقالَ : أظُنُّكَ سَكرانَ!

فَقالَ أبي : اللّهُمَّ إن كُنتَ تَعلَمُ أنّي أمسَيتُ لَكَ صائِما فَأَذِقهُ طَعمَ الحَربِ ، وذُلَّ الأَسرِ. فَوَاللّه إن ذَهَبَتِ الأَيّامُ حَتّى حُرِبَ مالُهُ ١ وما كانَ لَهُ ، ثُمَّ اُخِذَ أسيرا وهُوَ ذا قَد ماتَ ـ لا رَحِمَهُ اللّه ـ وقَد أدالَ ٢ اللّه عز وجل مِنهُ ، وما زالَ يُديلُ أولِياءَهُ مِن أعدائِهِ٣.

١٥ / ٤

هؤُلاءِ الكَذّابونَ

١٥٩٤. الخرائج والجرائح عن ابن اُرومة : إنَّ المُعتَصِمَ دَعا بِجَماعَةٍ مِن وُزَرائِهِ فَقالَ : اِشهَدوا لي عَلى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ موسى زورا ، وَاكتُبوا أنَّهُ أرادَ أن يَخرُجَ ، ثُمَّ دَعاهُ فَقالَ : إنَّكَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ ـ روي عنه إنّه قال : أنفذني المتوكّل في تخريب قبر الحسين عليه‌السلام ، فصرت إلى الناحية ، فأمرت بالبقر ، فمرّ بها على القبور ، فمرّت عليها كلّها ، فلمّا بلغت قبر الحسين عليه‌السلام لم تمرّ عليه ، فأخذت العصا بيدي فما زلت أضربها حتى تكسّرت العصا في يدي ، فواللّه ما جازت على قبره ولاتخطئه (مقاتل الطالبيّين : ص ٣٩٦ ، الكامل في التاريخ : ج ٧ ص ٥٦؛ الأمالي للطوسي : ص ٣٢٥ ح ١٥٢ ، بحارالأنوار : ج ٤٥ ص ٣٩٨ ح ٨).

١. تقول : حَرَبه يحرُبه حَرَبا مثل طَلَبه : إذا أخذ ماله وتركه بلا شيء ، وقد حَرَبَ مالَه : أي سَلَبه (الصحاح : ج ١ ص ١٠٨ «حرب»).

٢. الإدالة : الغلبة. يقال : اُدِيلَ لنا على أعدائنا : أي نُصرنا عليهم. والدَّولة : الانتقال من حال الشدَّة إلى الرَّخاء (النهاية : ج ٢ ص ١٤١ «دول»).

٣. الكافي : ج ١ ص ٤٩٦ ح ٩ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٣٩٧ نحوه ، بحار الأنوار : ج ٥٠ ص ٦٢ ح ٣٨.

٦٦٩

أرَدتَ أن تَخرُجَ عَلَيَّ؟

فَقالَ : وَاللّه ما فَعَلتُ شَيئا مِن ذلِكَ. قالَ : إنَّ فُلانا وفُلانا وفُلانا شَهِدوا عَلَيكَ.

واُحضِروا فَقالوا : نَعَم ، هذِهِ الكُتُبُ أخَذناها مِن بَعضِ غِلمانِكَ.

قالَ : وكانَ جالِسا في بَهوٍ ١ فَرَفَعَ أبو جَعفَرٍ عليه‌السلام يَدَهُ وقالَ : اللّهُمَّ إن كانوا كَذَبوا عَلَيَّ فَخُذهُم.

قالَ : فَنَظَرنا إلى ذلِكَ البَهوِ كَيفَ يَزحَفُ ويَذهَبُ ويَجيءُ ، وكُلَّما قامَ واحِدٌ وَقَعَ. فَقالَ المُعتَصِمُ : يَابنَ رَسولِ اللّه ، إنّي تائِبٌ مِمّا فَعَلتُ ، فَادعُ رَبَّكَ أن يُسَكِّنَهُ.

فَقالَ : اللّهُمَّ سَكِّنهُ ، وإنَّكَ تَعلَمُ أنَّهُم أعداؤُكَ وأعدائي ، فَسَكَنَ. ٢

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. البَهْو : البيت المقدَّم أمامَ البيوت (الصحاح : ج ٦ ص ٢٢٨٨ «بها»).

٢. الخرائج والجرائح : ج ٢ ص ٦٧٠ ح ١٨ ، الثاقب في المناقب : ص ٥٢٤ ح ٤٦١ ، بحار الأنوار : ج ٥٠ ص ٤٥ ح ١٨.

٦٧٠

البابُ السّادِسَ عَشَرَ :

من دعا عليه الإمام الهادي

١٦ / ١

فارِسُ بنُ حاتِمٍ ١

١٥٩٥. الإمام الهادي عليه‌السلام ـ مِن كِتابِهِ في أمرِ فارِسِ بنِ حاتِمٍ ـ : كَذِّبوهُ وهَتِّكوهُ أبعَدَهُ اللّه وأخزاهُ! فَهُوَ كاذِبٌ في جَميعِ ما يَدَّعي ويَصِفُ ، ولكِن صونوا أنفُسَكُم عَنِ الخَوضِ وَالكَلامِ في ذلِكَ ، وتَوَقَّوا مُشاوَرَتَهُ ، ولا تَجعَلوا لَهُ السَّبيلَ إلى طَلَبِ الشَّرِّ ، كَفانَا اللّه مُؤنَتَهُ ، ومُؤنَةَ مَن كانَ مِثلَهُ. ٢

١٥٩٦. رجال الكشّي عن محمّد بن عيسى بن عبيد : إنَّ أبَا الحَسَنِ العَسكَرِيَّ عليه‌السلام أمَرَ بِقَتلِ فارِسِ بنِ حاتِمٍ القَزوينِيِّ وضَمِنَ لِمَن قَتَلَهُ الجَنَّةَ ، فَقَتَلَهُ جُنَيدٌ. وكانَ فارِسٌ فَتّانا يَفتِنُ النّاسَ ، ويَدعو إلَى البِدعَةِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. هو فارس بن حاتم بن ماهويه القزوينيّ ، غال ، ملعون ، من أصحاب الهاديّ عليه‌السلام ، قلّ ما روي الحديث إلاّ شاذّا ، فسد مذهبه ، له كتب كلّها تخليط. قتله بعض أصحاب أبي محمّد عليه‌السلام بالعسكر اسمه جنيد. اشتدّ اللعن عليه والأمر بقتله لافتنان الناس به (رجال الطوسي : ص ٣٩٠ الرقم ٥٧٤٢ ، رجال ابن الغضائري : ص ٨٥ الرقم ١١١ ، رجال النجاشي : ج ٢ ص ١٧٤ الرقم ٨٤٦ ، رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٠٥ ـ ٨١٠ الأرقام ٩٩٩ ـ ١٠١١).

٢. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٠٦ الرقم ١٠٠٤.

٦٧١

فَخَرَجَ مِن أبِي الحَسَنِ عليه‌السلام : هذا فارِسٌ لَعَنَهُ اللّه ، يَعمَلُ مِن قِبَلي فَتّانا داعِيا إلَى البِدعَةِ ، ودَمُهُ هَدَرٌ لِكُلِّ مَن قَتَلَهُ ، فَمَن هذَا الَّذي يُريحُني مِنهُ ويَقتُلُهُ؟ وأنَا ضامِنٌ لَهُ عَلَى اللّه الجَنَّةَ. ١

١٥٩٧. رجال الكشّي عن أبي محمّد الرازي : وَرَدَ عَلَينا رَسولٌ مِن قِبَلِ الرَّجُلِ عليه‌السلام. : أمَّا القَزوينِيُّ فارِسٌ ، فَإِنَّهُ فاسِقٌ مُنحَرِفٌ ، وتَكَلَّمَ بِكَلامٍ خَبيثٍ ، فَلَعَنَهُ اللّه. ٢

١٥٩٨. الإمام الهادي عليه‌السلام ـ مِمّا كَتَبَهُ إلى عَلِيِّ بنِ عَمرٍو القَزوينِ : اِعتَقِد فيما تَدينُ اللّه تَعالى بِهِ أنَّ الباطِنَ عِندي حَسَبَ ما أظهَرتُ لَكَ فيمَنِ استَنبَأتَ عَنهُ ، وهُوَ فارِسٌ لَعَنَهُ اللّه ، فَإِنَّهُ لَيسَ يَسَعُكَ إلاَّ الاِجتِهادُ في لَعنِهِ وقَصدِهِ ومُعاداتِهِ ، وَالمُبالَغَةُ في ذلِكَ بِأَكثَرِ ما تَجِدُ السَّبيلَ إلَيهِ.

ما كُنتُ آمُرُ أن يُدانَ اللّه بِأَمرٍ غَيرِ صَحيحٍ ، فَجِدَّ وشُدَّ في لَعنِهِ وهَتكِهِ وقَطعِ أسبابِهِ وصَدِّ أصحابِنا عَنهُ وإبطالِ أمرِهِ ، وأبلِغهُم ذلِكَ مِنّي وَاحكِهِ لَهُم عَنّي. وإنّي سائِلُكُم بَينَ يَدَيِ اللّه عَن هذَا الأَمرِ المُؤَكَّدِ ، فَوَيلٌ لِلعاصي ولِلجاحِدِ! ٣.

راجع : العنوان التالي ، الحديث الثاني.

١٦ / ٢

الفِهرِيُّ وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بابا

١٥٩٩. الإمام الهادي عليه‌السلام ـ في كِتابِهِ إلَى العُبَيدِيِّ ـ : أبرَأُ إلَى اللّه مِنَ الفِهرِيِّ ٤ وَالحَسَنِ بنِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٠٧ الرقم ١٠٠٦ ، وراجع الإرشاد : ج ٢ ص ٣٦٥.

٢. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٠٩ الرقم ١٠٠٩.

٣. الغيبة للطوسي : ص ٣٥٢ ح ٣١٢ عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، بحار الأنوار : ج ٥٠ ص ٢٢١ ح ٨.

٤. هو محمّد بن الحصين الفهريّ ، معاصر الهاديّ عليه‌السلام ، كان ضعيفا ملعونا. يكفي في ضعفه ما ادّعاه من المذهب الفاسد كما يظهر من رواية الإمام الهاديّ عليه‌السلام في المتن (رجال الطوسي : ص ٣٩٢ الرقم ٥٧٨٥ ،

٦٧٢

مُحَمَّدِ بنِ بابَا القُمِّيِّ ١ ؛ فَابرَأ مِنهُما ؛ فَإِنّي مُحَذِّرُكَ وجَميعَ مَوالِيَّ ، وإنّي ألعَنُهُما ـ عَلَيهِما لَعنَةُ اللّه ـ مُستَأكِلَينِ يَأكُلانِ بِنَا النّاسَ ، فَتّانَينِ مُؤذِيَينِ آذاهُمَا اللّه وأركَسَهُما فِي الفِتنَةِ رَكسا.

يَزعُمُ ابنُ بابا أنّي بَعَثتُهُ نَبِيّا وأنَّهُ بابٌ! عَلَيهِ لَعنَةُ اللّه. سَخِرَ مِنهُ الشَّيطانُ فَأَغواهُ ، فَلَعَنَ اللّه مَن قَبِلَ مِنهُ ذلِكَ.

يا مُحَمَّدُ ، إن قَدَرتَ أن تَشدَخَ ٢ رَأسَهُ بِالحَجَرِ فَافعَل ، فَإِنَّهُ قَد آذاني ، آذاهُ اللّه فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ. ٣

١٦٠٠. رجال الكشّي عن سهيل بن محمّد ـ فيما كَتَبَهُ إلَى الإِمامِ الهادي عليه‌السلام : قَدِ اشتَبَهَ ـ يا سَيِّدي ـ عَلى جَماعَةٍ مِن مَواليكَ أمرُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بابا ، فَمَا الَّذي تَأمُرُنا ـ يا سَيِّدي ـ في أمرِهِ ، نَتَوَلاّهُ أم نَتَبَرَّأُ عَنهُ أم نُمسِكُ عَنهُ ؛ فَقَد كَثُرَ القَولُ فيهِ؟

فَكَتَبَ عليه‌السلام. بِخَطِّهِ وقَرَأتُهُ : مَلعونٌ هُوَ وفارِسٌ ، تَبَرَّؤوا مِنهُما لَعَنَهُمَا اللّه ، وضاعَفَ ذلِكَ عَلى فارِسٍ. ٤

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خلاصة الأقوال : ص ٣٩٥ الرقم ١٥٩٦) ثمّ العجب من بعض الأعلام حيث جعله متّحدا مع محمّد بن نصير النميريّ ، حيث لا دليل على اتّحادهما بل الدليل على خلافه فليتأمّل (راجع : معجم رجال الحديث : ج ١٦ ص ٢٨).

١. عنونه الشيخ الطوسيّ في أصحاب الهاديّ والعسكريّ عليهما‌السلام ، وقال : غالٍ ، روى الكشّي بسنده عن سهيل ابن محمّد إنّه كتب إلى العسكريّ عليه‌السلام : وقد اشتبه يا سيّدي جماعة من مواليك أمر الحسن بن محمّد بن بابا ، فما الذي تأمرنا يا سيّدي في أمره نتولاّه ، أم نتبرّأ ، أم نمسك عنه فقد كثر القول فيه؟ فكتب بخطّه وقرأته : «ملعون هو وفارس ، تبرّؤا منهما لعنهما اللّه». فيظهر من هذه الرواية ومما في المتن السبب في تشديد اللعن والبراءة منهما (رجال الطوسي : ص ٣٨٦ الرقم ٥٦٨٢ وص ٣٩٩ الرقم ٥٨٤٥ ، رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨١٠ الرقم ١٠١١).

٢. الشَّدْخ : الكسر في كلّ شيء رطب ، وقيل : هو التهشيم (لسان العرب : ج ٣ ص ٢٨ «شدخ»).

٣. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٠٥ الرقم ٩٩٩ عن العبيدي ، بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ٣١٧ ح ٨٤.

٤. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨١٠ الرقم ١٠١١.

٦٧٣

١٦ / ٣

القاسِمُ اليَقطينِيُّ ١ وعَلِيُّ بنُ حَسَكَةَ ٢

١٦٠١. رجال الكشّي عن محمّد بن عيسى : كَتَبَ إلَيَّ أبُو الحَسَنِ العَسكَرِيُّ ابتِداءً مِنهُ : لَعَنَ اللّه القاسِمَ اليَقطينِيَّ ، ولَعَنَ اللّه عَلِيَّ بنَ حَسَكَةَ القُمِّيَّ ، إنَّ شَيطانا تَراءى لِلقاسِمِ فَيوحي إلَيهِ زُخرُفَ القَولِ غُرورا. ٣

١٦٠٢. رجال الكشّي عن سهل بن زياد الآدمي : كَتَبَ بَعضُ أصحابِنا إلى أبِي الحَسَنِ العَسكَرِيِّ عليه‌السلام : جُعِلتُ فِداكَ يا سَيِّدي! إنَّ عَلِيَّ بنَ حَسَكَةَ يَدَّعي أنَّهُ مِن أولِيائِكَ ، وأنَّكَ أنتَ الأَوَّلُ القَديمُ ، وأنَّهُ بابُكُ ونَبِيُّكَ أمَرتَهُ أن يَدعُوَ إلى ذلِكَ. ويَزعُمُ أنَّ الصَّلاةَ وَالزَّكاةَ وَالحَجَّ وَالصَّومَ كُلَّ ذلِكَ مَعرِفَتُكَ ومَعرِفَةُ مَن كانَ في مِثلِ حالِ ابنِ حَسَكَةَ فيما يَدَّعي مِنَ البابِيَّةِ وَالنُّبُوَّةِ ، فَهُوَ مُؤمِنٌ كامِلٌ سَقَطَ عَنهُ الاِستِعبادُ بِالصَّلاةِ وَالصَّومِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. هو القاسم بن الحسن بن عليّ بن يقطين ، أبو محمّد مولى بني أسد. من أصحاب الهاديّ عليه‌السلام ، ذكر القمّيون أنّ في مذهبه ارتفاعا وهو مرميّ بالغلوّ. روى الكشّي في ذمّه وغلوّه ولعنه أخباراً ، منها : بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى : كتب إليه العسكريّ عليه‌السلام. في قوم يتكلّمون ويقرؤون أحاديث ينسبونها إليك وإلى آبائك فيها ما تشمئزّ فيها القلوب ... وينسبون الأرض إلى قوم يذكرون أنّهم من مواليك ، وهو رجل يقال له عليّ بن حسكة وآخر يقال له القاسم اليقطينيّ ، من أقاويلهم أنّهم يقولون إنّ قول اللّه عزّوجلّ : «إِنَّ الصَّلَوةَ تَنْهَى ...» معناها رجل ، لا سجود ولا ركوع ، وكذلك الزكاة معناها ذلك الرجل لا عدد درهم ولا اخراج مال وأشياء من الفرائض والسنن والمعاصي تأوّلوها وصيّروها على هذا الحدّ الذي ذكرت ... فكتب : ليس هذا ديننا فاعتزله (رجال الطوسي : ص ٣٩٠ الرقم ٥٧٤٥ ، رجال النجاشي : ج ٢ ص ١٨٣ الرقم ٨٦٣ ، رجال ابن الغضائري : ص ٨٦ الرقم ١١٥ ، رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٠٢ الأرقام ٩٩٤ ـ ٩٩٦).

٢. هو عليّ بن حسكة الحوار القميّ ، من الغلاة الكبار ، الملعون في وقت أبي محمد العسكريّ عليه‌السلام وعدّه الفضل بن شاذان من الكذّابين المشهورين. شارك مع القاسم اليقطيني في الدعاوي الأباطيل ، فراجع ترجمته أيضا (رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٠٢ ـ ٨٠٤ الأرقام ٩٩٤ ـ ٩٩٧ وص ٨٠٦ الرقم ١٠٠١ ، خلاصة الأقوال : ص ٣٦٧ الرقم ١٤٤٢).

٣. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٠٤ الرقم ٩٩٦.

٦٧٤

وَالحَجِّ ، وذَكَرَ جَميعَ شَرائِعِ الدّينِ أنَّ مَعنى ذلِكَ كُلِّهِ ما ثَبَتَ لَكَ ، ومالَ النّاسُ إلَيهِ كَثيرا ، فَإِن رَأَيتَ أن تَمُنَّ عَلى مَواليكَ بِجَوابٍ في ذلِكَ تُنجيهِم مِنَ الهَلَكَةِ.

قالَ : فَكَتَبَ عليه‌السلام : كَذَبَ ابنُ حَسَكَةَ عَلَيهِ لَعنَةُ اللّه ، وبِحَسبِكَ أنّي لا أعرِفُهُ في مَوالِيَّ ، ما لَهُ لَعَنَهُ اللّه؟! فَوَاللّه ما بَعَثَ اللّه مُحَمَّدا وَالأَنبِياءَ مِن قَبلِهِ إلاّ بِالحَنيفِيَّةِ وَالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَالصِّيامِ وَالحَجِّ وَالوِلايَةِ ، وما دَعا مُحَمَّدٌ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ إلَى اللّه وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ. وكَذلِكَ نَحنُ الأَوصِياءُ مِن وُلدِهِ ، عَبيدُ اللّه لا نُشرِكُ بِهِ شَيئا ، إن أطَعناهُ رَحِمَنا ، وإن عَصَيناهُ عَذَّبَنا ، ما لَنا عَلَى اللّه مِن حُجَّةٍ ، بَلِ الحُجَّةُ للّه عز وجل عَلَينا وعَلى جَميعِ خَلقِهِ ، أبرَأُ إلَى اللّه مِمَّن يَقولُ ذلِكَ ، وأنتَفي إلَى اللّه مِن هذَا القَولِ ، فَاهجُروهُم ـ لَعَنَهُمُ اللّه ـ وألجِئُوهُم إلى ضيقِ الطَّريقِ ، وإن وَجَدتَ مِن أحَدٍ مِنهُم خَلوَةً فَاشدَخ رَأسَهُ بِالصَّخرِ. ١

١٦ / ٤

المُتَوَكِّلُ العَبّاسِيُّ ٢

١٦٠٣. إعلام الورى عن الحسين بن محمّد : كانَ لي صَديقٌ مُؤَدِّبٌ لِوُلدِ بغاءٍ أو وَصيفٍ ـ الشَّكُّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٠٤ الرقم ٩٩٧ ، بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ٣١٦ ح ٨٢.

٢. هو جعفر بن محمّد بن هارون الرشيد ، يكنّى أبا الفضل وأُمّه أمّ ولد اسمها شجاع ، ولد سنة ٢٠٧ ق بضمّ الصلح ونزل سامراء ، قام بغصب الخلافة بعد أخيه الواثق سنة ٢٣٢ ه ، وفي السنة التي جعل ابنه المنتصر واليا على الحرمين واليمن والطائف ، وفي سنة ٢٣٧ ق أمر بهدم قبر الحسين بن عليّ عليه‌السلام وهدم ما حوله من المنازل والدور ، وأن يبذر ويسقى موضع قبره ، وأن يمنع الناس من إيتائه ، فنادى صاحب الشرطة في الناحية : من وجدناه عند قبره بعد ثالثة بعثنا به إلى المطبق فهرب وامتنعوا من المصير إليه ، وحرث ذلك الموضع وزرع ما حوله.

وفي سنة ٢٤٧ ه ، قتل بيد الأتراك ، وكانت خلافته أربع عشر سنة وعشرة أشهر وثلاثة أيّام وهو ابن أربعين سنة (المنتظم ، ج ١١ ص ١٧٨ ـ ٣٥٧؛ مستدركات علم الرجال : ج ٦ ص ٣٤٥).

٦٧٥

مِنّي ـ فَقالَ لي : قالَ لِيَ الأَميرُ مُنصَرَفَهُ مِن دارِ الخَليفَةِ : حَبَسَ أميرُ المُؤمِنينَ هذَا الَّذي يَقولونَ «ابنُ الرِّضَا» اليَومَ ، ودَفَعَهُ إلى عَلِيِّ بنِ كِركِرَ ، فَسَمِعتُهُ يَقولُ :

أنَا أكرَمُ عَلَى اللّه مِن ناقَةِ صالِحٍ (تَمَتَّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلَ ـ ثَةَ أَيَّامٍ ذَ لِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) ١ ولَيسَ يُفصِحُ بِالآيَةِ ولا بِالكَلامِ ، أيُّ شَيءٍ هذا؟

قالَ : قُلتُ : أعَزَّكَ اللّه تَوَعَّدَ ، انظُر ما يَكونُ بَعدَ ثَلاثَةِ أيّامٍ.

فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ أطلَقَهُ وَاعتَذَرَ إلَيهِ ، فَلَمّا كانَ فِي اليَومِ الثّالِثِ وَثَبَ عَلَيهِ باغز ويغلون وتامش وجَماعَةٌ مَعَهُم فَقَتَلوهُ ، وأقعَدوا المُنتَصِرَ وَلَدَهُ خَليفَةً. ٢

١٦٠٤. مُهج الدعوات عن زرافة حاجب المتوكّل ـ وكان شيعيّا ـ : كانَ المُتَوَكِّلُ يُحظِي الفَتحَ بنَ خاقانَ عِندَهُ ، وقَرَّبَهُ مِنهُ دونَ النّاسِ جَميعا ، ودونَ وُلدِهِ وأهلِهِ ؛ أرادَ أن يُبَيِّنَ مَوضِعَهُ عِندَهُم ، فَأَمَرَ جَميعَ مَملَكَتِهِ مِنَ الأَشرافِ مِن أهلِهِ وغَيرِهِم وَالوُزَراءِ وَالاُمَراءِ وَالقُوّادِ وسائِرِ العَساكِرِ ووُجوهِ النّاسِ أن يَزَّيَّنوا بِأَحسَنِ التَّزيينِ ، ويَظهَروا في أفخَرِ عُدَدِهِم وذَخائِرِهِم ، ويَخرُجوا مُشاةً بَينَ يَدَيهِ ، وأن لا يَركَبَ أحَدٌ إلاّ هُوَ وَالفَتحُ بنُ خاقانَ خاصَّةً بِسُرَّ مَن رَأى. ومَشَى النّاسُ بَينَ أيديهِما عَلى مَراتِبِهِم رَجّالَةً ، وكانَ يَوما قائِظا شَديدَ الحَرِّ.

وأخرَجوا في جُملَةِ الأَشرافِ أبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ ، وشَقَّ عَلَيهِ عليه‌السلام ما لَقِيَهُ مِنَ الحَرِّ وَالزَّحمَةِ.

قالَ زَرافَةُ : فَأَقبَلتُ إلَيهِ عليه‌السلام وقُلتُ لَهُ : يا سَيِّدي ، يَعِزُّ وَاللّه عَلَيَّ ما تَلقى مِن هذِهِ الطُّغاةِ!! وما قَد تَكَلَّفتَهُ مِنَ المَشَقَّةِ!! وأخَذتُ بِيَدِهِ ، فَتَوَكَّأَ عليه‌السلام عَلَيَّ ، وقالَ عليه‌السلام : يا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. هود : ٦٥.

٢. إعلام الورى : ج ٢ ص ١٢٢ ، الثاقب في المناقب : ص ٥٣٦ ح ٤٧٣ عن الحسن بن محمّد بن جمهور ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٤٠٧ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ٥٠ ص ١٨٩ ح ١.

٦٧٦

زَرافَةُ ، ما ناقَةُ صالِحٍ عِندَ اللّه بِأَكرَمَ مِنّي ـ أو قالَ عليه‌السلام : بِأَعظَمَ قَدرا مِنّي ـ! ولَم أزَل اُسائِلُهُ وأستَفيدُ مِنهُ واُحادِثُهُ إلى أن نَزَلَ المُتَوَكِّلُ مِنَ الرُّكوبِ ، وأمَرَ النّاسَ بِالاِنصِرافِ ، فَقُدِّمَت إلَيهِم دَوابُّهُم فَرَكِبوا إلى مَنازِلِهِم ، وقُدِّمَت بَغلَةٌ لَهُ عليه‌السلام فَرَكِبَها. فَرَكِبتُ مَعَهُ إلى دارِهِ ، فَنَزَلَ عليه‌السلام ووَدَّعتُهُ وَانصَرَفتُ إلى داري.

ولِوَلَدي مُؤَدِّبٍ يَتَشَيَّعُ مِن أهلِ العِلمِ وَالفَضلِ ، وكانَت لي عادَةٌ بِإِحضارِهِ عِندَ الطَّعامِ ، فَحَضَرَ عِندَ ذلِكَ ، وتَجارَينَا الحَديثَ وما جَرى مِن رُكوبِ المُتَوَكِّلِ وَالفَتحِ ، ومَشيِ الأَشرافِ وذَوِي الاِقتِدارِ بَينَ أيديهِما. وذَكَرتُ لَهُ ما شاهَدتُهُ مِن أبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ عليه‌السلام ، وما سَمِعتُهُ مِن قَولِهِ عليه‌السلام : ما ناقَةُ صالِحٍ عِندَ اللّه ١ بِأَعظَمَ قَدرا مِنّي! وكانَ المُؤَدِّبُ يَأكُلُ مَعي ، فَرَفَعَ يَدَهُ وقالَ : بِاللّه إنَّكَ سَمِعتَ هذَا اللَّفظَ مِنهُ؟!

فَقُلتُ لَهُ : وَاللّه سَمِعتُهُ يَقولُ.

فَقالَ لي : اِعلَم أنَّ المُتَوَكِّلَ لا يَبقى في مَملَكَتِهِ أكثَرَ مِن ثَلاثَةِ أيّامٍ ويَهلِكُ ، فَانظُر في أمرِكَ ، وأحرِز ما تُريدُ إحرازَهُ ، وتَأَهَّب لِأَمرِكَ كَي لا يَفجَأَكُم هَلاكُ هذَا الرَّجُلِ ، فَتَهلِكَ أموالُكُم بِحادِثَةٍ تَحدُثُ أو سَبَبٍ يَجري.

فَقُلتُ لَهُ : مِن أينَ لَكَ؟

فَقالَ : أما قَرَأتَ القُرآنَ في قِصَّةِ صالِحٍ عليه‌السلام وَالنّاقَةِ؟ وقَولِهِ تَعالى : (تَمَتَّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلَـثَةَ أَيَّامٍ ذَ لِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) ٢؟! ولا يَجوزُ أن يَبطُلَ قَولُ الإِمامِ عليه‌السلام.

قالَ زَرافَةُ : فَوَاللّه ما جاءَ اليَومُ الثّالِثُ حَتّى هَجَمَ المُنتَصِرُ ومَعَهُ بغا ووَصيفٌ وَالأَتراكُ عَلَى المُتَوَكِّلِ ، فَقَتَلوهُ وقَطَّعوهُ وَالفَتحَ بنَ خاقانَ جَميعا قِطَعا ، حَتّى لَم يُعرَف أحَدُهُما مِنَ الآخَرِ ، وأزالَ اللّه نِعمَتَهُ ومَملَكَتَهُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. في المصدر : «عندي» ، والتصويب من بحار الأنوار.

٢. هود : ٦٥.

٦٧٧

فَلَقيتُ الإِمامَ أبَا الحَسَنِ عليه‌السلام بَعدَ ذلِكَ وعَرَّفتُهُ ما جَرى مَعَ المُؤَدِّبِ وما قالَهُ ، فَقالَ عليه‌السلام : صَدَقَ. إنَّهُ لَمّا بَلَغَ مِنِّي الجَهدُ ، رَجَعتُ إلى كُنوزٍ نَتَوارَثُها مِن آبائِنا ، هِيَ أعَزُّ مِنَ الحُصونِ وَالسِّلاحِ وَالجُنَنِ ١ ، وهُوَ دُعاءُ المَظلومِ عَلَى الظّالِمِ ، فَدَعَوتُبِهِ عَلَيهِ ، فَأَهلَكَهُ اللّه.

فَقُلتُ لَهُ : يا سَيِّدي ، إن رَأَيتَ أن تُعَلِّمَنيهِ؟! فَعَلَّمَنيهِ .... ٢

١٦ / ٥

رَجُلٌ نَسَبَهُ إلَى الرِّياءِ

١٦٠٥. إثبات الوصيّة : رُوِيَ أنَّهُ دَخَلَ الإِمامُ الهادي عليه‌السلام. دارَ المُتَوَكِّلِ ، فَقامَ عليه‌السلام يُصَلّي.

فَأَتاهُ بَعضُ المُخالِفينَ فَوَقَفَ حِيالَهُ ، فَقالَ لَهُ : إلى كَم هذا الرِّياءُ؟!

فَأَسرَعَ عليه‌السلام الصَّلاةَ وسَلَّمَ. ثُمَّ التَفَتَ عليه‌السلام إلَيهِ فَقالَ : إن كُنتَ كاذِبا مَسَخَكَ اللّه.

فَوَقَعَ الرَّجُلُ مَيِّتا ، فَصارَ حَديثا فِي الدّارِ. ٣

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. الجُنَّةُ : الوقاية (النهاية : ج ١ ص ٣٠٨ «جنن»).

٢. مُهج الدعوات : ص ٣١٨ ، بحار الأنوار : ج ٩٥ ص ٢٣٥ ح ٣٠.

٣. إثبات الوصيّة : ص ٢٥٤.

٦٧٨

البابُ السّابِعَ عَشَرَ :

من دعا عليه الإمام العسكريّ

١٧ / ١

عُروَةُ بنُ يَحيى ١

١٦٠٦. رجال الكشّي عن محمّد بن موسى الهمداني : إنَّ عُروَةَ بنَ يَحيَى البَغدادِيَّ المَعروفَ بِالدِّهقانِ ـ لَعَنَهُ اللّه ـ كانَ يَكذِبُ عَلى أبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الرِّضا عليه‌السلام ، وعَلى أبي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ عليه‌السلام بَعدَهُ ، وكانَ يَقطَعُ أموالَهُ لِنَفسِهِ دونَهُ ويَكذِبُ عَلَيهِ ، حَتّى لَعَنَهُ أبو مُحَمَّدٍ عليه‌السلام وأمَرَ شيعَتَهُ بِلَعنِهِ وَالدُّعاءِ عَلَيهِ ؛ لِقَطعِ الأَموالِ ، لَعَنَهُ اللّه.

قالَ عَلِيُّ بنُ سَلمانَ بنِ رُشَيدٍ العَطّارُ البَغدادِيُّ : فَلَعَنَهُ أبو مُحَمَّدٍ عليه‌السلام وذلِكَ أنَّهُ كانَت لِأَبي مُحَمَّدٍ عليه‌السلام خِزانَةٌ ، وكانَ يَليها أبو عَلِيِّ بنُ راشِدٍ ، فَسُلِّمَت إلى عُروَةَ ، فَأَخَذَ مِنها لِنَفسِهِ ثُمَّ أحرَقَ باقِيَ ما فيها ، يُغايِظُ بِذلِكَ أبا مُحَمَّدٍ عليه‌السلام ، فَلَعَنَهُ وبَرِئَ مِنهُ ودَعا عَلَيهِ ، فَما اُمهِلَ يَومَهُ ذلِكَ ولَيلَتَهُ حَتّى قَبَضَهُ اللّه إلَى النّارِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. هو عروة بن يحيى البغداديّ النخّاس الدهقان ، الظاهر أنّه كان وكيلاً ، ذكره الطوسيّ وقال : غال ، ملعون ، عُرف بالكذب على الإمام أبي الحسن الهاديّ عليه‌السلام كما في المتن. استظهر بعضهم اتّحاده مع عروة الوكيل القمّي (رجال الطوسي : ص ٣٨٩ الرقم ٥٧٢٦ و ٥٧٤٠ وص ٤٠٠ الرقم ٥٨٧٠).

٦٧٩

فَقالَ عليه‌السلام : جَلَستُ لِرَبّي لَيلَتي هذِهِ كَذا وكَذا جَلسَةً ، فَمَا انفَجَرَ عَمودُ الصُّبحِ ، ولاَ انطَفى ذلِكَ النّارُ ، حَتّى قَتَلَ اللّه عَدُوَّهُ لَعَنَهُ اللّه. ١

١٧ / ٢

المُستَعينُ العَبّاسِيُّ ٢

١٦٠٧. الغيبة عن عليّ بن محمّد بن زياد الصيمري : دَخَلتُ عَلى أبي أحمَدَ عُبَيدِ اللّه بنِ عَبدِ اللّه بنِ طاهِرٍ وبَينَ يَدَيهِ رُقعَةُ أبي مُحَمَّدٍ عليه‌السلام فيها : إنّي نازَلتُ اللّه ٣ في هذَا الطّاغي ـ يَعنِي المُستَعينَ ـ وهُوَ آخِذُهُ بَعدَ ثَلاثٍ.

فَلَمّا كانَ اليَومُ الثّالِثُ خُلِعَ ، وكانَ مِن أمرِهِ ما كانَ إلى أن قُتِلَ. ٤

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٤٢ الرقم ١٠٨٦ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٤٣٥ نحوه مختصرا ، بحار الأنوار : ج ٥٠ ص ٣٠١ ح ٧٦.

٢. هو أحمد بن محمد بن هارون ، أبو العبّاس ، المستعين بن المعتصم بن الرشيد ، ولد سنة ٢٢١ ه وبويع سنة ٢٤٨ ه عند موت المنتصر ابن أخيه ، فلمّا دخلت سنة ٢٥١ ه وقع بين المعتزّ والمستعين الفتن الكثيرة والمناوشات الشديدة إلى أن خلع المستعين نفسه في أوّل سنة ٢٥٤ ه وتوفّي فيها. كان شديدا على الإمام العسكريّ عليه‌السلام. وروي أنّ هيثم بن سبابه ومحمّد بن عبد اللّه كتبا إلى مولانا أبي الحسن عليه‌السلام ـ وهما من شيعته ـ لمّا سمعا بإرادة المستعين في أمر أبي محمّد عليه‌السلام وأمر بحمله إلى الكوفة ، اضطربا فكتبا إليه : قد بلغنا ـ جعلنا اللّه فداك ـ خبرا قلقنا وغمنا وبلغ منّا. فوقّع عليه‌السلام : بعد الثلاثة يأتيكم الفرج (الوافي بالوفيات : ج ٨ ص ٦١؛ إثبات الوصيّة : ص ٢٠٩).

٣. نازلت ربّي في كذا : أي راجعته ، وسألته مرّة بعد مرّة (النهاية : ج ٥ ص ٤٣ «نزل»).

٤. الغيبة للطوسي : ص ٢٠٤ ح ١٧٢ ، الخرائج والجرائح : ج ١ ص ٤٢٩ ح ٨ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٤٣٠ ، كشف الغمّة : ج ٣ ص ٢١٨ عن عمر بن محمّد بن زياد الصيمري وليس فيه «إلى أن قتل» ، دلائل الإمامة : ص ٤٢٨ ح ٣٩٣ ، الصراط المستقيم : ج ٢ ص ٢٠٦ ح ٧ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ٥٠ ص ٢٤٩ ح ٢ وص ٢٩٧ ح ٧٢.

٦٨٠