نهج الدعاء

محمّد الري شهري

نهج الدعاء

المؤلف:

محمّد الري شهري


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-221-2
الصفحات: ٧٨٧

١١٢٥. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما مِن عَبدٍ مُسلِمٍ يَدعو لِأَخيهِ بِظَهرِ الغَيبِ ، إلاّ قالَ المَلَكُ : ولَكَ بِمِثلٍ. ١

١١٢٦. صحيح مسلم عن صفوان بن عبد اللّه بن صفوان ـ وكانَت تَحتَهُ الدَّرداءُ ـ : قَدِمتُ الشّامَ ، فَأَتَيتُ أبَا الدَّرداءِ في مَنزِلِهِ فَلَم أجِدهُ ، ووَجَدتُ اُمَّ الدَّرداءِ ، فَقالَت : أتُريدُ الحَجَّ العامَ؟ فَقُلتُ : نَعَم. قالَت : فَادعُ اللّه لَنا بِخَيرٍ ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كانَ يَقولُ : دَعوَةُ المَرءِ المُسلِمِ لِأَخيهِ بِظَهرِ الغَيبِ مُستَجابَةٌ ، عِندَ رَأسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ ، كُلَّما دَعا لِأَخيهِ بِخَيرٍ قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِ : آمينَ ، ولَكَ بِمِثلٍ.

فَخَرَجتُ إلَى السّوقِ فَلَقيتُ أبَا الدَّرداءِ ، فَقالَ لي مِثلَ ذلِكَ ، يَرويهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله. ٢

١١٢٧. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن قَضى لِأَخيهِ المُؤمِنِ حاجَةً ، كانَ كَمَن عَبَدَ اللّه دَهرَهُ ، ومَن دَعا لِمُؤمِنٍ بِظَهرِ الغَيبِ قالَ المَلَكُ : ولَكَ مِثلُ ذلِكَ ، وما مِن عَبدٍ مُؤمِنٍ دَعا لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ بِظَهرِ الغَيبِ إلاّ رَدَّ اللّه عز وجل مِثلَ الَّذي دَعا لَهُم ، مِن مُؤمِنٍ أو مُؤمِنَةٍ مَضى مِن أوَّلِ الدَّهرِ أو هُوَ آتٍ إلى يَومِ القِيامَةِ.

وإنَّ العَبدَ المُؤمِنَ لَيُؤمَرُ بِهِ إلَى النّارِ ، يَكونُ مِن أهلِ الذُّنوبِ وَالخَطايا فَيُسحَبُ ، فَيَقولُ المُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ : إلهَنا ، عَبدُكَ هذا كانَ يَدعو لَنا ، فَشَفِّعنا فيهِ ، فَيُشَفِّعُهُمُ اللّه عز وجل فيهِ ، فَيَنجو مِنَ النّارِ بِرَحمَةٍ مِنَ اللّه عز وجل. ٣

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. صحيح مسلم : ج ٤ ص ٢٠٩٤ ح ٨٦ ، سنن أبي داوود : ج ٢ ص ٨٩ ح ١٥٣٤ ، السنن الكبرى : ج ٣ ص ٤٩٣ ح ٦٤٣١ كلّها عن أبي الدرداء ، مسند ابن حنبل : ج ١٠ ص ٤٣٣ ح ٢٧٦٢٨ ، أُسد الغابة : ج ٧ ص ٣١٦ كلاهما عن اُمّ الدرداء وكلّها نحوه ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٩٨ ح ٣٣١٠.

٢. صحيح مسلم : ج ٤ ص ٢٠٩٤ ح ٨٨ ، سنن ابن ماجة : ج ٢ ص ٩٦٦ ح ٢٨٩٥ ، مسند ابن حنبل : ج ٨ ص ١٦٥ ح ٢١٧٦٦ ، الأدب المفرد : ص ١٨٩ ح ٦٢٥ ، كنز العمّال : ج ٢ ص ١٠٦ ح ٣٣٦٢.

٣. الأمالي للطوسي : ص ٤٨١ ح ١٠٥١ عن يحيى بن القاسم الأسدي الضرير عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم‌السلام ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٨٣ ح ٤.

٤٠١

١١٢٨. الإمام زين العابدين عليه‌السلام : إنَّ المَلائِكَةَ إذا سَمِعُوا المُؤمِنَ يَدعو لِأَخيهِ المُؤمِنِ بِظَهرِ الغَيبِ أو يَذكُرُهُ بِخَيرٍ ، قالوا : نِعمَ الأَخُ أنتَ لِأَخيكَ! تَدعو لَهُ بِالخَيرِ وهُوَ غائِبٌ عَنكَ ، وتَذكُرُهُ بِخَيرٍ ، قَد أعطاكَ اللّه عز وجل مِثلَي ما سَأَلتَ لَهُ ، وأثنى عَلَيكَ مِثلَي ما أثنَيتَ عَلَيهِ ، ولَكَ الفَضلُ عَلَيهِ.

وإذا سَمِعوهُ يَذكُرُ أخاهُ بِسوءٍ ويَدعو عَلَيهِ قالوا لَهُ : بِئسَ الأَخُ أنتَ لِأَخيكَ ، كُفَّ أيُّهَا المُسَتَّرُ عَلى ذُنوبِهِ وعَورَتِهِ ، وَاربَع عَلى نَفسِكَ ١ ، وَاحمَدِ اللّه الَّذي سَتَرَ عَلَيكَ ، وَاعلَم أنَّ اللّه عز وجل أعلَمُ بِعَبدِهِ مِنكَ. ٢

١١٢٩. الإمام الصادق عليه‌السلام : ما مِن مُؤمِنٍ يَدعو لِأَخيهِ بِظَهرِ الغَيبِ ، إلاّ وَكَّلَ اللّه عز وجل بِهِ مَلَكا يَقولُ : ولَكَ مِثلُهُ. ٣

١١٣٠. الإمام الباقر عليه‌السلام : أسرَعُ الدُّعاءِ نُجحا لِلإِجابَةِ دُعاءُ الأَخِ لِأَخيهِ بِظَهرِ الغَيبِ ؛ يَبدَأُ بِالدُّعاءِ لِأَخيهِ ، فَيَقولُ لَهُ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ : آمينَ ، ولَكَ مِثلاهُ. ٤

١١٣١. أبو الحسن عليه‌السلام ـ إنَّهُ كانَ يَقولُ ـ : مَن دَعا لاِءِخوانِهِ مِنَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ وَالمُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ ، وَكَّلَ اللّه بِهِ عَن كُلِّ مُؤمِنٍ مَلَكا يَدعو لَهُ. ٥

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. اِربَع على نَفسِك : أي ارفُق بنفسك وكُفَّ (الصحاح : ج ٣ ص ١٢١٢ «ربع»).

٢. الكافي : ج ٢ ص ٥٠٨ ح ٧ عن ثوير ، بحار الأنوار : ج ٧٥ ص ٣٣٤ ح ٦٩.

٣. المؤمن : ص ٥٤ ح ١٤٠ ، الاختصاص : ص ٢٧ ، مكارم الأخلاق : ج ٢ ص ٢١ ح ٢٠٥٢ نحوه ، بحار الأنوار : ج ٧٤ ص ٣١١ ح ٦٧.

٤. الكافي : ج ٢ ص ٥٠٧ ح ٤ عن أبي خالد القمّاط ، الدعوات : ص ٢٨٩ ح ٢٩ ، عدّة الداعي : ص ١٧٠ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٨٧ ح ١٩.

٥. ثواب الأعمال : ص ١٩٣ ح ١ عن صفوان بن يحيى ، الدعوات : ص ٢٦ ح ٤١ نحوه وليس فيه «والمؤمنات والمسلمين والمسلمات» ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٨٦ ح ١٢.

٤٠٢

د ـ إجابَةُ دُعاءِ مَن دَعا لِأَربَعينَ مِنَ المُؤمِنينَ

١١٣٢. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما مِن عَبدٍ يَقومُ مِنَ اللَّيلِ فَيُصَلّي رَكعَتَينِ ، فَيَدعو في سُجودِهِ لِأَربَعينَ مِن أصحابِهِ يُسَمّي بِأَسمائِهِم وأسماءِ آبائِهِم ، إلاّ ولَم يَسأَلِ اللّه تَعالى شَيئا إلاّ أعطاهُ. ١

١١٣٣. الإمام الصادق عليه‌السلام : مَن قَدَّمَ أربَعينَ مِنَ المُؤمِنينَ ثُمَّ دَعَا استُجيبَ لَهُ. ٢

١١٣٤. عنه عليه‌السلام : مَن دَعا لِأَربَعينَ رَجُلاً مِن إخوانِهِ قَبلَ أن يَدعُوَ لِنَفسِهِ ، استُجيبَ لَهُ فيهِم وفي نَفسِهِ. ٣

ه ـ تِلكَ البَرَكاتُ

١١٣٥. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : اُطلُبِ العافِيَةَ لِغَيرِكَ ، تُرزَقها في نَفسِكَ. ٤

١١٣٦. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن دَعا لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ في كُلِّ يَومٍ خَمسا وعِشرينَ مَرَّةً ، نَزَعَ اللّه الغِلَّ مِن صَدرِهِ ، وكَتَبَهُ مِنَ الأَبدالِ ، إن شاءَ اللّه. ٥

١١٣٧. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما مِن عَبدٍ يَدعو لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ إلاّ رَدَّ اللّه عَلَيهِ عَن كُلِّ مُؤمِنٍ ومُؤمِنَةٍ مَضى ٦ أو هُوَ كائِنٌ إلى يَومِ القِيامَةِ ، بِمِثلِ ما دَعا بِهِ. ٧

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. مصباح المتهجّد : ص ١٣٣ ح ٢١٧ ، البلد الأمين : ص ٣٦ ، بحار الأنوار : ج ٨٧ ص ٢٣٩ ح ٥٠.

٢. الكافي : ج ٢ ص ٥٠٩ ح ٥ ، الأمالي للصدوق : ص ٥٤١ ح ٧٢٥ ، عدّة الداعي : ص ١٧٠ كلّها عن هشام بن سالم ، مكارم الأخلاق : ج ٢ ص ٢١ ح ٢٠٥١ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣١٧ ح ٢١.

٣. كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ٢١٢ ح ٢١٨٦ ، الخصال : ص ٥٣٨ ح ٣ ، الأمالي للطوسي : ص ٤٢٤ ح ٩٥٠ ، الأمالي للصدوق : ص ٤٦٢ ح ٦١٨ ، مشكاة الأنوار : ص ٥٦٩ ح ١٩٠٨ ، روضة الواعظين : ص ٣٥٧ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٨٣ ح ٢ و ٣.

٤. كنز العمّال : ج ٢ ص ٧٥ ح ٣١٩٨ نقلاً عن الترغيب للأصفهاني عن ابن عمر.

٥. الجعفريّات : ص ٢٢٣ عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم‌السلام.

٦. في كنز العمّال : «ما مضى».

٧. المصنّف لعبد الرزّاق : ج ٢ ص ٢١٧ ح ٣١٢٣ عن أنس ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٩٠ ح ٣٢٨٤؛ ثواب الأعمال :

٤٠٣

١١٣٨. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : مَنِ استَغفَرَ لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ كُلَّ يَومٍ سَبعا وعِشرينَ مَرَّةً ، كانَ مِنَ الَّذينَ يُستَجابُ لَهُم ويُرزَقُ بِهِم أهلُ الأَرضِ. ١

١١٣٩. عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن قالَ : «اللّهُمَّ اغفِر لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ» ، كَتَبَ اللّه لَهُ بِكُلِّ مُؤمِنٍ خَلَقَهُ اللّه مُنذُ خَلَقَ آدَمَ إلى أن تَقومَ السّاعَةُ حَسَنَةً ، ومَحا عَنهُ سَيِّئَةً ، ورَفَعَ لَهُ دَرَجَةً. ٢

١١٤٠. الإمام الصادق عليه‌السلام : مَن قالَ كُلَّ يَومٍ خَمسا وعِشرينَ مَرَّةً : «اللّهُمَّ اغفِر لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ وَالمُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ» ، كَتَبَ اللّه لَهُ بِعَدَدِ كُلِّ مُؤمِنٍ مَضى وكُلِّ مُؤمِنٍ بَقِيَ إلى يَومِ القِيامَةِ حَسَنَةً ، ومَحا عَنهُ سَيِّئَةً ، ورَفَعَ لَهُ دَرَجَةً. ٣

١١٤١. عنه عليه‌السلام : إذا قالَ الرَّجُلُ : «اللّهُمَّ اغفِر لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ ، وَالمُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ ، الأَحياءِ مِنهُم وجَميعِ الأَمواتِ» ، رَدَّ اللّه عَلَيهِ بِعَدَدِ مَن مَضى ومَن بَقِيَ مِن كُلِّ إنسانٍ دَعوَةً. ٤

١١٤٢. الإمام الباقر عليه‌السلام : عَلَيكَ بِالدُّعاءِ لاِءِخوانِكَ بِظَهرِ الغَيبِ ؛ فَإِنَّهُ يُهيلُ الرِّزقَ ـ يَقولُها ثَلاثا ـ. ٥

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ص ١٩٤ ح ٤ عن محمّد بن حمّاد الحارثي عن الإمام الصادق عن أبيه عليهما‌السلام عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، الأمالي للطوسي : ص ٤٨١ ح ١٠٥١ عن يحيى بن القاسم الأسدي الضرير عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه عن الإمام عليّ عليهم‌السلامعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله وكلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٨٦ ح ١٥ وص ٣٨٤ ح ٤.

١. كنز العمّال : ج ١ ص ٤٧٦ ح ٢٠٦٨ نقلاً عن المعجم الكبير للطبراني عن أبي الدرداء.

٢. فلاح السائل : ص ١١٠ ح ٤٩ عن سليمان بن جعفر عن أبيه ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٩١ ح ٢٤.

٣. ثواب الأعمال : ص ١٩٤ ح ٣ عن عبد اللّه بن سنان ، روضة الواعظين : ص ٣٥٨ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٨٦ ح ١٤.

٤. فلاح السائل : ص ١١٠ ح ٥٠ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٩١ ح ٢٤.

٥. مستطرفات السرائر : ص ١٤٤ ح ١٣ عن حمران بن أعين ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٨٧ ح ١٧ وج ٧٦ ص ٦٠ ح ١٤.

٤٠٤

١١٤٣. الإمام الصادق عليه‌السلام : دُعاءُ المَرءِ لِأَخيهِ بِظَهرِ الغَيبِ يُدِرُّ الرِّزقَ ، ويَدفَعُ المَكروهَ. ١

١١٤٤. عنه عليه‌السلام : دُعاءُ المُؤمِنِ لِلمُؤمِنِ يَدفَعُ عَنهُ البَلاءَ ، ويُدِرُّ عَلَيهِ الرِّزقَ. ٢

١١٤٥. عنه عليه‌السلام : دُعاءُ المُسلِمِ لِأَخيهِ بِظَهرِ الغَيبِ يَسوقُ إلَى الدّاعِي الرِّزقَ ، ويَصرِفُ عَنهُ البَلاءَ ، وتَقولُ لَهُ المَلائِكَةُ : لَكَ مِثلاهُ. ٣

٢ / ٤

المَسجونُ وَالأَسيرُ

١١٤٦. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مِن دُعائِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله في شَهرِ رَمَض : اللّهُمَّ رُدَّ كُلَّ غَريبٍ ، اللّهُمَّ فُكَّ كُلَّ أسيرٍ. ٤

١١٤٧. دلائل الإمامة عن عليّ بن محمّد ـ في خَبرِ عَبدِ الحَميدِ ـ : كانَ صَديقا لِمُحَمَّدِ بنِ عَبدِ اللّه بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ ، وأخَذَهُ أبو جَعفَرٍ المَنصورُ. فَحَبَسَهُ زَمانا فِي المُطبِقِ ٥. فَحَجَّ ، فَلَمّا كانَ يَومُ عَرَفَةَ لَقِيَهُ أبو عَبدِ اللّه عليه‌السلام فِي المَوقِفِ ، فَقالَ : يا مُحَمَّدُ ، ما فَعَلَ صَديقُكَ عَبدُ الحَميدِ؟ قالَ : حَبَسَهُ أبو جَعفَرٍ فِي المُطبِقِ مُنذُ زَمانٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. الكافي : ج ٢ ص ٥٠٧ ح ٢ ، الأمالي للصدوق : ص ٥٤٠ ح ٧٢٢ ، مكارم الأخلاق : ج ٢ ص ٢٠ ح ٢٠٤٧ ، عدّة الداعي : ص ١٧٠ كلّها عن عبد اللّه بن سنان ، قرب الإسناد : ص ٦ ح ١٩ وفيه «بظهر الغيب مستجاب» ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٨٥ ح ٩.

٢. المؤمن : ص ٥٥ ح ١٤٠ ، الاختصاص : ص ٢٨ ، مشكاة الأنوار : ص ٥٦٩ ح ١٩٠٦ وزاد فيه «بظهر الغيب» بعد «للمؤمن» ، أعلام الدين : ص ٤٤٥ ، بحار الأنوار : ج ٧٤ ص ٢٢٢ ح ٢.

٣. ثواب الأعمال : ص ١٨٤ ح ١ ، الأمالي للطوسي : ص ٦٧٧ ح ١٤٣٦ ، تنبيه الخواطر : ج ٢ ص ٨٣ كلّها عن معاوية بن عمّار ، مكارم الأخلاق : ج ٢ ص ٢٠ ح ٢٠٤٩ كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٥٨ ح ١٦ وص ٣٨٧ ح ١٨.

٤. المصباح للكفعمي : ص ٨١٦ ، البلد الأمين : ص ٢٢٢ ، بحار الأنوار : ج ٩٨ ص ١٢٠ ح ٣.

٥. المُطبِق : السجن تحت الأرض ، وفي بحار الأنوار : «المضيّق».

٤٠٥

فَرَفَعَ أبو عَبدِ اللّه عليه‌السلام يَدَهُ ، فَدَعا ساعَةً ثُمَّ التَفَتَ إلَيَّ وقالَ : يا مُحَمَّدُ ، قَد وَاللّه خُلِّيَ سَبيلُ صاحِبِكَ.

قالَ مُحَمَّدٌ : فَسَأَلتُ عَبدَ الحَميدِ : أيَّ ساعَةٍ أخرَجَكَ أبو جَعفَرٍ؟ قالَ : أخرَجَني يَومَ عَرَفَةَ بَعدَ العَصرِ. ١

١١٤٨. رجال الكشّي عن زيد الشحّام : إنّي لَأَطوفُ حَولَ الكَعبَةِ وكَفّي في كَفِّ أبي عَبدِ اللّه عليه‌السلام ، ودُموعُهُ تَجري عَلى خَدَّيهِ.

فَقالَ : يا شَحّامُ ، ما رَأَيتَ ما صَنَعَ رَبّي إلَيَّ؟ ثُمَّ بَكى ودَعا.

ثُمَّ قالَ لي : يا شَحّامُ ، إنّي طَلَبتُ إلى إلهي في سَديرٍ وعَبدِ السَّلامِ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ ـ وكانا فِي السِّجنِ ـ فَوَهَبَهُما لي وخَلّى سَبيلَهُما. ٢

١١٤٩. الكافي عن يحيى بن إبراهيم بن مهاجر : قُلتُ لِأَبي عَبدِ اللّه عليه‌السلام : فُلانٌ يُقرِئُكَ السَّلامَ وفُلانٌ وفُلانٌ ، فَقالَ : وعليهم‌السلام. قُلتُ : يَسأَلونَكَ الدُّعاءَ.

فَقالَ : وما لَهُم؟ قُلتُ : حَبَسَهُم أبو جَعفَرٍ المَنصورُ. ، فَقالَ : وما لَهُم وما لَهُ؟ قُلتُ : استَعمَلَهُم فَحَبَسَهُم.

فَقالَ : وما لَهُم وما لَهُ؟! ألَم أنهَهُم؟ ألَم أنهَهُم؟ ألَم أنهَهُم؟ هُمُ النّارُ ، هُمُ النّارُ ، هُمُ النّارُ.

ثُمَّ قالَ : اللّهُمَّ اخدَع عَنهُم سُلطانَهُم. قالَ : فَانصَرَفتُ مِن مَكَّةَ ، فَسَأَلتُ عَنهُم فَإِذا هُم قد اُخرِجوا بَعدَ هذَا الكَلامِ بِثَلاثَةِ أيّامٍ. ٣

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. دلائل الإمامة : ص ٢٥٨ ح ١٨٦ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٢٣٤ عن حنان ، كشف الغمّة : ج ٢ ص ٤٠٢ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ٤٧ ص ١٤٣ ح ١٩٧.

٢. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٤٧٠ الرقم ٣٧٢.

٣. الكافي : ج ٥ ص ١٠٧ ح ٨ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٢٣٣ ، بحار الأنوار : ج ٤٧ ص ١٥٨ ح ٢٢٥ وص ١٣٥ ح ١٨٥.

٤٠٦

١١٥٠. قصص الأنبياء ـ في بَيانِ قِصَّةِ يوسُفَ عليه‌السلام ـ : فَلَمّا تَبَيَّنَ لِلمَلِكِ عُذرُ يوسُفَ وعَرَفَ أمانَتَهُ وكِفايَتَهُ وعِلمَهُ وعَقلَهُ قالَ : (ائْتُونِى بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِى) ١ ، فَلَمّا جاءَهُ الرَّسولُ قالَ لَهُ : أجِبِ المَلِكَ الآنَ ، فَخَرَجَ يوسُفُ ودَعا لِأَهلِ السِّجنِ بِدُعاءٍ يُعرَفُ إلَى اليَومِ ، وذلِكَ أنَّهُ قالَ : اللّهُمَّ اعطِف عَلَيهِم قُلوبَ الأَخيارِ ، ولا تُعمِ عَنهُمُ الأَخبارَ ، فَهُم أعلَمُ النّاسِ بِالأَخبارِ إلَى اليَومِ في كُلِّ بَلدَةٍ. ٢

٢ / ٥

الَّذينَ لَم يَدعوا لِأَنفُسِهِم فِي المَوقِفِ بِدَعوَةٍ!

أ ـ إبراهيمُ بنُ شُعَيبٍ

١١٥١. الكافي عن إبراهيم بن أبي البلاد أو عبد اللّه بن ج كُنتُ فِي المَوقِفِ ، فَلَمّا أفَضتُ لَقيتُ إبراهيمَ بنَ شُعَيبٍ فَسَلَّمتُ عَلَيهِ ، وكانَ مُصابا بِإِحدى عَينَيهِ ، وإذا عَينُهُ الصَّحيحَةُ حَمراءُ كَأَنَّها عَلَقَةُ دَمٍ ، فَقُلتُ لَهُ : قَد اُصِبتَ بِإِحدى عَينَيكَ ، وأنَا وَاللّه مُشفِقٌ عَلَى الاُخرى ، فَلَو قَصَرتَ مِنَ البُكاءِ قَليلاً!

فَقالَ : وَاللّه ، يا أبا مُحَمَّدٍ ، ما دَعَوتُ لِنَفسِيَ اليَومَ بِدَعوَةٍ. فَقُلتُ : فَلِمَن دَعَوتَ؟

قالَ : دَعَوتُ لاِءِخواني ؛ لِأَ نّي سَمِعتُ أبا عَبدِ اللّه عليه‌السلام يَقولُ : «مَن دَعا لِأَخيهِ بِظَهرِ الغَيبِ ، وَكَّلَ اللّه بِهِ مَلَكا ، يَقولُ : ولَكَ مِثلاهُ» ، فَأَرَدتُ أن أكونَ إنَّما أدعو لاِءِخواني ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. يوسف : ٥٤.

٢. قصص الأنبياء للثعلبي (عرائس المجالس) : ص ١٢٦ ، عيون الأخبار لابن قتيبة : ج ١ ص ٧٩ ؛ مجمع البيان : ج ٥ ص ٣٧٠ نحوه ، بحار الأنوار : ج ١٢ ص ٢٩٣.

٤٠٧

ويَكونَ المَلَكُ يَدعو لي ، لِأَ نّي في شَكٍّ مِن دُعائي لِنَفسي ولَستُ في شَكٍّ مِن دُعاءِ المَلَكِ لي. ١

ب ـ عَبدُ اللّه بنُ جُندَبٍ

١١٥٢. الكافي عن إبراهيم بن هاشم : رَأَيتُ عَبدَ اللّه بنَ جُندَبٍ فِي المَوقِفِ ، فَلَم أرَ مَوقِفا كانَ أحسَنَ مِن مَوقِفِهِ ؛ ما زالَ مادّا يَدَيهِ إلَى السَّماءِ ودُموعُهُ تَسيلُ عَلى خَدَّيهِ حَتّى تَبلُغَ الأَرضَ ، فَلَمّا صَدَرَ النّاسُ قُلتُ لَهُ : يا أبا مُحَمَّدٍ ، ما رَأَيتُ مَوقِفا قَطُّ أحسَنَ مِن مَوقِفِكَ.

قالَ : وَاللّه ما دَعَوتُ إلاّ لاِءِخواني ، وذلِكَ أنَّ أبَا الحَسَنِ موسى عليه‌السلام أخبَرَني : أنَّ مَن دَعا لِأَخيهِ بِظَهرِ الغَيبِ نودِيَ مِنَ العَرشِ : ولَكَ مِئَةُ ألفِ ضِعفٍ ، فَكَرِهتُ أن أدَعَ مِئَةَ ألفٍ مَضمونَةً لِواحِدَةٍ لا أدري تُستَجابُ أم لا. ٢

ج ـ عيسَى بنُ أعيَنَ

١١٥٣. الكافي عن ابن أبي عمير : كانَ عيسَى بنُ أعيَنَ إذا حَجَّ فَصارَ إلَى المَوقِفِ ، أقبَلَ عَلَى الدُّعاءِ لاِءِخوانِهِ حَتّى يُفيضَ النّاسُ ، فَقُلتُ لَهُ : تُنفِقُ مالَكَ وتُتعِبُ بَدَنَكَ ، حَتّى إذا صِرتَ إلَى المَوضِعِ الَّذي تُبَثُّ فيهِ الحَوائِجُ إلَى اللّه عز وجل ، أقبَلتَ عَلَى الدُّعاءِ لاِءِخوانِكَ وتَرَكتَ نَفسَكَ؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. الكافي : ج ٤ ص ٤٦٥ ح ٩ ، تهذيب الأحكام : ج ٥ ص ١٨٥ ح ٦١٧ عن عبد اللّه بن جندب ، الاختصاص : ص ٨٤ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٩٢ ح ٢٦ وج ٤٨ ص ١٧٢ ح ١١.

٢. الكافي : ج ٢ ص ٥٠٨ ح ٦ وج ٤ ص ٤٦٥ ح ٧ ، تهذيب الأحكام : ج ٥ ص ١٨٤ ح ٦١٥ ، الأمالي للصدوق : ص ٥٤٠ ح ٧٢٣ ، فلاح السائل : ص ١١١ ح ٥٢ ، روضة الواعظين : ص ٣٥٩ ، رجال الكشّي : ج ٢ ص ٨٥٢ الرقم ١٠٩٧ عن يونس بن عبد الرحمن نحوه ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٨٤ ح ٨ وج ٤٨ ص ١٧١ ح ١٠.

٤٠٨

قالَ : إنّي عَلى ثِقَةٍ مِن دَعوَةِ المَلَكِ لي ، وفي شَكٍّ مِنَ الدُّعاءِ لِنَفسي. ١

د ـ مُعاوِيَةُ بنُ وَهبٍ

١١٥٤. الاُصول الستّة عشر عن زيد النرسي : رَأَيتُ مُعاوِيَةَ بنَ وَهبٍ البَجَلِيَّ فِي المَوقِفِ وهُوَ قائِمٌ يَدعو ، فَتَفَقَّدتُ دُعاءَهُ فَما رَأَيتُهُ يَدعو لِنَفسِهِ بِحَرفٍ واحِدٍ ، وسَمِعتُهُ يَعُدُّ رَجُلاً رَجُلاً مِنَ الآفاقِ يُسَمّيهِم ويَدعو لَهُم حَتّى نَفَرَ النّاسُ.

فَقُلتُ : يا أبَا القاسِمِ ، أصلَحَكَ اللّه ، لَقَد رَأَيتُ مِنكَ عَجَبا! قالَ : يَابنَ أخي ، ومَا الَّذي أعجَبَكَ مِمّا رَأَيتَ مِنّي؟ قُلتُ : رَأَيتُكَ لا تَدعو لِنَفسِكَ ، وأنَا أرمُقُكَ ٢ حَتَّى السّاعَةِ ؛ فَلا أدري أيُّ الأَمرَينِ أعجَبُ ، ما أخطَأتَ مِن حَظِّكَ فِي الدُّعاءِ لِنَفسِكَ في مِثلِ هذَا المَوقِفِ ، أو عِنايَتُكَ وإيثارُكَ إخوانَكَ عَلى نَفسِكَ حَتّى تَدعُوَ لَهُم فِي الآفاقِ؟!

فَقالَ : يَابنَ أخي ، فَلا تُكثِرَنَّ تَعَجُّبَكَ مِن ذلِكَ ، إنّي سَمِعتُ مَولاكَ ومَولايَ ومَولى كُلِّ مُؤمِنٍ ومُؤمِنَةٍ جَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ عليه‌السلام ـ وكانَ وَاللّه في زَمانِهِ سَيِّدَ أهلِ السَّماءِ وسَيِّدَ أهلِ الأَرضِ ، وسَيِّدَ مَن مَضى مُنذُ خَلَقَ اللّه الدُّنيا إلى أن تَقومَ السّاعَةُ ، بَعدَ آبائِهِ رَسولِ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأميرِ المُؤمِنينَ وَالأَئِمَّةِ مِن آبائِهِ صَلَّى اللّه عَلَيهِم ـ يَقولُ ـ وإلاّ صَمَّت اُذُنا مُعاوِيَةَ ، وعَمِيَت عَيناهُ ، ولا نالَتهُ شَفاعَةُ مُحَمَّدٍ وأميرِ المُؤمِنينَ عليهما‌السلام ـ : مَن دَعا لِأَخيهِ المُؤمِنِ بِظَهرِ الغَيبِ ، ناداهُ مَلَكٌ مِن سَماءِ الدُّنيا : يا عَبدَ اللّه ، لَكَ مِئَةُ ألفِ مِثلِ ما سَأَلتَ ، وناداهُ مَلَكٌ مِنَ السَّماءِ الثّانِيَةِ : يا عَبدَ اللّه ، لَكَ مِئَتا ألفِ مِثلِ الَّذي دَعَوتَ ، وكَذلِكَ يُنادي مِن كُلِّ سَماءٍ تُضاعَفُ ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. الكافي : ج ٤ ص ٤٦٥ ح ٨ ، تهذيب الأحكام : ج ٥ ص ١٨٥ ح ٦١٦ ، الاختصاص : ص ٦٨ ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٩١ ح ٢٥.

٢. رمَقْتُهُ أرْمُقُهُ رَمْقا : نظَرْتُ إليهِ (الصحاح : ج ٤ ص ١٤٨٤ «رمق»).

٤٠٩

حَتّى يَنتَهِيَ إلَى السَّماءِ السّابِعَةِ ، فَيُناديهِ مَلَكٌ : يا عَبدَ اللّه لَكَ سَبعُمِئَةِ ألفِ مِثلِ الَّذي دَعَوتَ.

فَعِندَ ذلِكَ يُناديهِ اللّه : عَبدي ، أنَا اللّه الواسِعُ الكَريمُ ، الَّذي لا يَنفَدُ خَزائِني ، ولا يَنقُصُ رَحمَتي شَيءٌ ، بَل وَسِعَت رَحمَتي كُلَّ شَيءٍ ، لَكَ ألفُ ألفِ مِثلِ الَّذي دَعَوتَ. فَأَيُّ حَظٍّ يَابنَ أخي أكثَرُ مِنَ الَّذِي اختَرتُهُ أنَا لِنَفسي؟ ١

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. الاُصول الستّة عشر : ص ٤٤ ، عدّة الداعي : ص ١٧١ ، الدعوات : ص ٢٨٩ ح ٣٠ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٨٧ ح ١٩ وص ٣٨٨ ح ٢١.

٤١٠

البابُ الثّالِثُ

من لا ينبغي الدّعاء له

٣ / ١

المُشرِكُ وَالكافِرُ

الكتاب

(مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِى قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَـبُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَ هِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَ هِيمَ لَأَوَّ هٌ حَلِيمٌ). ١

(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَ لِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَـسِقِينَ). ٢

(وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَـسِقُونَ). ٣

(قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرَ هِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَ ؤُاْ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. التوبة : ١١٣ و ١١٤.

٢. التوبة : ٨٠.

٣. التوبة : ٨٤.

٤١١

مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَ وَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَ هِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَىْ ءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ). ١

الحديث

١١٥٥. الإمام عليّ عليه‌السلام : سَمِعتُ رَجُلاً يَستَغفِرُ لِأَبَوَيهِ وهُما مُشرِكانِ ، فَقُلتُ لَهُ : أتَستَغفِرُ لِأَبَوَيكَ وهُما مُشرِكانِ؟! فَقالَ : أوَ لَيسَ استَغفَرَ إبراهيمُ لِأَبيهِ وهُوَ مُشرِكٌ؟

فَذَكَرتُ ذلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَنَزَلَت : (مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ) ٢.

١١٥٦. تفسير العيّاشي عن أبي إسحاق الهمداني عن رجل : صَلّى رَجُلٌ إلى جَنبي فَاستَغفَرَ لِأَبَوَيهِ ، وكانا ماتا فِي الجاهِلِيَّةِ.

فَقُلتُ : تَستَغفِرُ لِأَبَوَيكَ وقَد ماتا فِي الجاهِلِيَّةِ؟ فَقالَ : قَدِ استَغفَرَ إبراهيمُ لِأَبيهِ ، فَلَم أدرِ ما أرُدُّ عَلَيهِ؟ فَذَكَرتُ ذلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَأَنزَلَ اللّه : (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَ هِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) قالَ : لَمّا ماتَ تَبَيَّنَ أنَّهُ عَدُوٌّ للّه فَلَم يَستَغفِر لَهُ. ٣

١١٥٧. تفسير العيّاشي عن إبراهيم بن أبي البلاد عن بعض أصحابه قالَ أبو عَبدِ اللّه عليه‌السلام : ما يَقولُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. الممتحنة : ٤.

٢. سنن الترمذي : ج ٥ ص ٢٨١ ح ٣١٠١ ، سنن النسائي : ج ٤ ص ٩١ والآية فيه (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَ هِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ) ، مسند ابن حنبل : ج ١ ص ٢٧٦ ح ١٠٨٥ ، المستدرك على الصحيحين : ج ٢ ص ٣٦٥ ح ٣٢٨٩ ، شُعَب الإيمان : ج ٧ ص ٤١ ح ٩٣٧٨ ، مسند الطيالسي : ص ٢٠ ح ١٣١ نحوه وكلّها عن أبي الخليل ، كنز العمّال : ج ٢ ص ٤٢١ ح ٤٣٩٩.

٣. تفسير العيّاشي : ج ٢ ص ١١٤ ح ١٤٨ ، بحار الأنوار : ج ١١ ص ٨٨ ح ١٥ وج ٧٥ ص ٣٩٠ ح ٨.

٤١٢

النّاسُ في قَولِ اللّه : (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَ هِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ)؟ قُلتُ : يَقولونَ : إنَّ إبراهيمَ وَعَدَ أباهُ لِيَستَغفِرَ لَهُ.

قالَ : لَيسَ هُوَ هكَذا ، إنَّ إبراهيمَ وَعَدَهُ أن يُسلِمَ فَاستَغفَرَ لَهُ ، فَلَمّا تَبَيَّنَ أنَّهُ عَدُوٌّ للّه تَبَرَّأَ مِنهُ. ١

١١٥٨. تفسير القمّي : قَولُهُ : (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَ هِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ) قالَ إبراهيمُ لِأَبيهِ : إن لَم تَعُبدِ الأَصنامَ استَغفَرتُ لَكَ ، فَلَمّا لَم يَدَعِ الأَصنامَ تَبَرَّأَ مِنهُ إبراهيمُ. ٢

١١٥٩. قرب الإسناد عن عليّ بن جعفر عن الإمام الكاظم عليه‌السلام سَأَلتُهُ عَن رَجُلٍ مُسلِمٍ وأبَواهُ كافِرانِ ، هَل يَصلُحُ أن يَستَغفِرَ لَهُما فِي الصَّلاةِ؟

قالَ : إن كانَ فارَقَهُما وهُوَ صَغيرٌ لا يَدري أسلَما أم لا ، فَلا بَأسَ ، وإن عَرَفَ كُفرَهُما فَلا يَستَغفِر لَهُما ، وإن لَم يَعرِف فَليَدعُ لَهُما. ٣

١١٦٠. كشف الغمّة عن أبي سهل البلخي : كَتَبَ رَجُلٌ إلى أبي مُحَمَّدٍ عليه‌السلام ، يَسأَلُهُ الدُّعاءَ لِوالِدَيهِ ، وكانَتِ الاُمُّ غالِيَةً وَالأَبُ مُؤمِنا ، فَوَقَّعَ : رَحِمَ اللّه والِدَكَ.

وكَتَبَ آخَرُ يَسأَلُ الدُّعاءَ لِوالِدَيهِ ، وكانَتِ الاُمُّ مُؤمِنَةً وَالأَبُ ثَنَوِيّا ٤ ، فَوَقَّعَ : رَحِمَ اللّه والِدَتَكَ. ٥

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. تفسير العيّاشي : ج ٢ ص ١١٤ ح ١٤٦ ، بحار الأنوار : ج ١١ ص ٨٨ ح ١٤.

٢. تفسير القمّي : ج ١ ص ٣٠٦ ، بحار الأنوار : ج ١٢ ص ٢٨ ح ٣.

٣. قرب الإسناد : ص ٢٨٦ ح ١١٣١ ، بحار الأنوار : ج ٧٤ ص ٦٧ ح ٣٨.

٤. الثَّنَويَّة : من يُثبتُ مع القديم قديما غيره. قيل : وهم فِرق المجوس يثبتون مبدأين : مبدأ للخير ومبدأ للشرّ ، وهما النور والظلمة ... (مجمع البحرين : ج ١ ص ٢٥٧ «ثنى»).

٥. كشف الغمّة : ج ٣ ص ٢١٦ ، بحار الأنوار : ج ٥٠ ص ٢٩٤ ح ٦٩.

٤١٣

٣ / ٢

الظّالِمُ

١١٦١. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن دَعا لِظالِمٍ بِالبَقاءِ ، فَقَد أحَبَّ أن يُعصَى اللّه في أرضِهِ. ١

٣ / ٣

أدَبُ الدُّعاءِ لِأَهلِ الكِتابِ

١١٦٢. رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دَعَوتُم لِأَحَدٍ مِنَ اليَهودِ وَالنَّصارى فَقولوا : أكثَرَ اللّه مالَكَ ووَلَدَكَ. ٢

١١٦٣. الإمام الرضا عليه‌السلام : قيلَ لِأَبي عَبدِ اللّه عليه‌السلام : كَيفَ أدعو لِليَهودِيِّ وَالنَّصرانِيِّ؟ قالَ : تَقولُ لَهُ : بارَكَ اللّه لَكَ فِي الدُّنيا. ٣

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. إحياء علوم الدين : ج ٢ ص ٢٠٨ و ١٢٩؛ المحجّة البيضاء : ج ٣ ص ٢٦٢ و ١٩٩ ، بحار الأنوار : ج ٧٥ ص ٢٣٤.

٢. تاريخ دمشق : ج ٥٥ ص ٢٠٨ ح ١١٦٧٩ عن ابن عمر ، كنز العمّال : ج ٣ ص ١٨٩ ح ٦٠٩٧.

٣. الكافي : ج ٢ ص ٦٥٠ ح ٩ عن محمّد بن عرفة ، مشكاة الأنوار : ص ٣٤٨ ح ١١٢١.

٤١٤

تحليل حول منع الدعاء للمشركين والكافرين والظّالمين

لقد مرّ في الباب الماضي أنّ المشركين ، والكافرين ، والظالمين هم ممّن لا ينبغي الدعاء لهم. والسؤال الذي يُطرَح في هذا الشأن هو أنّ الدعاء في الحقيقة طلب الخير من اللّه للآخرين ، فَلِمَ لا يطلب المسلم الخير حتّى لمن لا يتّفقون معه في العقيدة ، وأيضا للظالمين والجائرين؟ فهم مهما كان من بني البشر ، ونحن نقرأ أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لمالك الأشتر ـ رضوان اللّه عليه ـ في عهده إليه :

وأشعِر قَلبَكَ الرَّحمَةَ لِلرَّعِيَّةِ ، وَالمَحَبَّةَ لَهُم وَاللُّطفَ بِهِم ، ولا تَكونَنَّ عَلَيهِم سَبُعا ضارِيا تَغتَنِمُ أكلَهُم ؛ فَإِنَّهُم صِنفانِ إمّا أخٌ لَكَ فِي الدّينِ أو نَظيرٌ لَكَ فِي الخَلقِ. ١

ولا ريب أنّ من المصاديق البارزة للرحمة ، والمحبّة ، واللطف ، وطلب الخير لمن لم يختاروا سواء السبيل في حياتهم الدعاء من أجل هدايتهم وسعادتهم ، فلماذا لا ينبغي الدعاء للمشركين والكافرين؟

والجواب هو أنّ الذين مُنُوا بالانحرافات العقيديّة والعمليّة في حياتهم هم بعامّة صنفان :

الأوّل : المستضعفون ، وهم الذين انحرفوا بسبب جهلهم وفقدهم الإمكانيّات اللازمة لمعرفة الحقّ واتّباعه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. نهج البلاغة : الكتاب ٥٣.

٤١٥

الثاني : المعاندون ، وهم الذين عرفوا الحقّ وشاقّوه على علم منهم به لتهوّسهم واستعلائهم ، أو تكون الوسيلة والقدرة على معرفة الحقّ في متناول أيديهم ، ولكنّهم لا يكترثون لها ويتمسّكون بالباطل.

أمّا الصنف الأوّل فالدعاء لهدايتهم ليس ممدوحا فحسب ، بل كلّ سعي وجهد يُبذَل من أجل توعيتهم وتبصيرهم وتربيتهم وتعليمهم ضروريّ. ولذا كان رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله يدعو لهداية قومه على الرغم من صنوف الأذى التي لقيها منهم. فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله :

اللّهُمَّ اهدِ قَومي فَإِنَّهُم لا يَعلَمونَ. ١

وللمرحوم السيّد ابن طاووس رحمه‌الله المصنّف العظيم لكتاب الإقبال الكريم في هذا الشأن كلام في غاية الروعة والجمال يقول فيه : «وكنتُ في ليلةٍ جليلةٍ من شهر رمضانَ بعد تصنيفِ هذا الكتابِ الإقبال. بزمانٍ ، وأنا أدعو في السَّحَرِ لِمَن يجِبُ أو يَحسُنُ تقديم الدعاء له ولي ولِمَن يَليقُ بالتوفيق أن أدعو له ، فورد على خاطِري أنّ الجاحدين للّه ـ جَلَّ جَلالُهُ ـ ولِنِعَمِهِ والمُستخفّينَ بِحُرمَته ، والمُبدّلينَ لِحكمه في عباده وخَليقَته ، ينبغي أن يُبدَأ بالدعاء لهم بالهداية من ضَلالتهم ؛ فإنَّ جِنايتهم على الرُّبوبيّة ، والحكمة الإلهيّة ، والجَلالة النَّبويّة أشدُّ مِن جنايةِ العارفينَ باللّه وبالرسول صلوات اللّه عليه وآله.

فيقتضي تعظيمُ اللّه وتَعظيمُ جلاله وتعظيمُ رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحقوقُ هدايته بمقاله وفِعاله أن يُقَدَّمَ الدعاءُ بهداية مَن هو أعظمُ ضررا وأشدُّ خطرا ؛ حيثُ لم يَقدر أن يزالَ ذلك بالجهاد ، ومَنعهم من الإلحاد والفساد.

أقول : فدعوتُ لكلِّ ضالٍّ عن اللّه بالهداية إليه ، ولكلِّ ضالٍّ عن الرسول بالرجوع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. راجع : ص ٤٦٢ (دعاء النبيّ لقومه).

٤١٦

إليه ، ولكلِّ ضالٍّ عن الحقِّ بالاعتراف به والاعتماد عليه.

ثمّ دعوتُ لأهل التوفيق والتحقيق بالثبوت على توفيقهم ، والزيادة في تحقيقهم ، ودعوتُ لنفسي ومن يعنيني أمرُهُ بحسب ما رجوتُه من الترتيب الذي يكون أقرب إلى مَن أتضرّعُ إليه ، وإلى مراد رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد قدَّمتُ مهمّاتِ الحاجاتِ بحسب ما رجوتُ أن يكون أقرب إلى الإجابات.

أفلا تَرى ما تَضمّنه مقدّسُ القرآن من شفاعة إبراهيم عليه‌السلام في أهل الكفران؟!

فقال اللّه جلّ جلاله : (يُجَـدِلُنَا فِى قَوْمِ لُوطٍ * إِنَّ إِبْرَ هِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّهٌ مُّنِيبٌ) ١ ، فمَدحَهُ ـ جَلَّ جلالُهُ ـ على حلمه وشفاعته ومجادَلته في قوم لوط ، الذين قد بَلَغَ كُفرُهم إلى تعجيل نقمته.

أما رأيتَ ما تضمّنته أخبارُ صاحب الرسالة ـ وهو قدوة أهل الجلالة ـ كيف كان كُلّما آذاهُ قومُهُ الكفّارُ وبالغوا فيما يفعلون ، قال صلوات اللّه عليه وآله : «اللّهُمَّ اغفِر لِقَومي ؛ فَإِنَّهُم لا يَعلَمونَ».

أما رأيتَ الحديثَ عن عيسى عليه‌السلام : «كُن كَالشَّمسِ تَطلُعُ عَلَى البَرِّ وَالفاجِرِ» ؛ وقولَ نبيّنا صلوات اللّه عليه وآله : «اِصنَعِ الخَيرَ إلى أهلِهِ وإلى غَيرِ أهلِهِ ؛ فَإِن لَم يَكُن أهلَهُ فَكُن أنتَ أهلَهُ»؟ وقَد تضمّنَ ترجيحَ مقامِ المُحسنينَ إلى المسيئينَ قولُهُ جلَّ جَلالُه : (لاَّ يَنْهَـاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَـتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَـرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ٢ ، ويَكفي أنّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بُعِثَ رَحمةً للعالمين». ٣

فالدعاء لهداية الضالّين غير مذموم ، وليس هذا فحسب بل ممدوح أيضا ، علما أنّ الاستغفار لهم لا يصحّ إن لم يصلحوا عقائدهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. هود : ٧٥.

٢. الممتحنة : ٨.

٣. الإقبال : ج ١ ص ٣٨٤.

٤١٧

أمّا المعاندون فالدعاء لهم غير ممدوح ، وليس هذا فحسب بل مذموم ومحظور أيضا ، بل الدعاء عليهم لازم وضروريّ. ذلك أنّ الدعاء لمعاندي الحقّ والعدل فإذا كان من أجل دنيا اُولئك وسلامتهم وطول عمرهم فهو في الحقيقة دعاء لتوسيع نطاق الكفر ، والشرك ، والظلم ، والفساد في الأرض ، كما روي عن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قوله :

مَن دَعا لِظالِمٍ بِالبَقاءِ ، فَقَد أحَبَّ أن يُعصَى اللّه في أرضِهِ. ١

أمّا إذا كان لأجل هداية اُولئك واصلاحهم فلا فائدة في ذلك ، لأنّ هؤلاء لا يرجى منهم قابلية للهداية والاصلاح ، ومن الممكن أن يلحق ذلك تبعات ونتائج سياسية واجتماعية ضارّة وغير محمودة. وروي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث آخر قال فيه :

يَأتي عَلَى النّاسِ زَمانٌ يَدعو فيهِ المُؤمِنُ لِلعامَّةِ ، فَيَقولُ اللّه تَعالى : اُدعُ لِخاصَّةِ نَفسِكَ أستَجِب لَكَ فَأَمَّا العامَّةُ فَإِنّي عَلَيهِم ساخِطٌ. ٢

ورغم أنّ هذا الحديث ضعيف من حيث السند ولكنّه إن كان في وصف مجتمع تكون الغالبية من أفراده ظالمة ومعرضة عن الحقّ ، فلا بأس بمضمونه ، (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ). ٣

على هذا الأساس ، كان أولياء اللّه لا يدعون لحماة الباطل وأعداء الحقّ والعدالة ، بل يدعون عليهم. ويتناول الباب الثاني حتّى الباب الثاني عشر من الفصل الخامس في هذه المجموعة هذا الموضوع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. راجع : ص ٤١٤ (من لا ينبغي الدعاء له / الظالم).

٢. حلية الأولياء : ج ٦ ص ١٧٥ عن أنس ، كنز العمّال : ج ١١ ص ١٩١ ح ٣١١٧٦.

٣. الرعد : ١١.

٤١٨

البابُ الرّابِعُ :

من دعا له النّبيّ

المدخل

إنّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام هم مَظهر صفات اللّه وأسمائه الحسنى ومنها رحمته وحكمته ، ولذلك فقد كانت الحكمة تقتضي أن ينفعوا الآخرين بأدعيتهم الزاكية والمستجابة ، ويشملونهم بالعناية والرحمة الإلهية.

ومن أجل التعرّف على السيرة العملية لأهل بيت الرسالة فيما يتعلّق بالدعاء للآخرين ، فسوف نذكر في هذا الباب وحتّى الباب الخامس عشر عددا من أدعية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل بيته وللآخرين ، وأدعية أهل البيت عليهم‌السلام في هذا المجال أيضا. وهناك عدّة ملاحظات تسترعي الاهتمام خلال دراسة هذه الأدعية :

١. يمكن تقسيم أدعية النبيّ وأهل بيته عليهم‌السلام إلى عدّة مجموعات :

المجموعة الاُولى : الأدعية الّتي تتضمّن رسالة للمجتمع الإسلامي.

المجموعة الثانية : الأدعية الّتي يُراد منها تأمين حاجات الأشخاص الّذين طلبوا الدعاء من أهل بيت الرسالة.

المجموعة الثالثة : أدعية أهل بيت الرسالة للأشخاص الّذين قدّموا إليهم خدمة.

٢. تتضمّن أدعية رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل بيته عليهم‌السلام خطابات عقائدية وسياسية للاُمّة

٤١٩

الإسلامية ، وتدلّ على شخصيتهم السامية ومكانتهم الرفيعة في الإسلام ، مثل ما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في خطاب الإمام عليّ عليه‌السلام :

ما سَأَلتُ اللّه شَيئا إِلا سَأَلتُ لَكَ مِثلَهُ ، وَلا سَأَلتُ اللّه شَيئا إلاَّ أَعطانيهِ ، غَيرَ أَنَّه قيلَ لي : إِنَّهُ لا نَبيَّ بَعدَكَ. ١

ويقول في روايةٍ اُخرى بشأنه :

اللّهُمَّ والِ مَن والاهُ وعادِ مَن عاداهُ وَانصُر مَن نَصَرَهُ. ٢

ويدعو في رواية اُخرى للإمامين الحسن والحسين عليهما‌السلام قائلاً :

اللّهُمَّ والِ مَن والاهُما وعادِ مَن عاداهُما. ٣

وجاء في حديث الكساء حول أهل البيت عليهم‌السلام :

اللّهُمَّ هؤُلاءِ أَهلُ بَيتي فَأَذهِب عَنهُمُ الرِّجسَ وَطَهِّرهُم تَطهيرا. ٤

كما أنّ الأدعية الّتي صدرت عن أهل البيت عليهم‌السلام حول أشخاص مثل أبي ذرّ وعمّار وغيرهما ، تدلّ على جلالتهم وعظمتهم ومنزلتهم المعنوية الرفيعة ، وهذا النوع من الأدعية يتضمّن هو أيضا ـ أحيانا ـ خطابات سياسية واجتماعية.

٣. تتضمّن أدعية أهل البيت عليهم‌السلام ـ لتأمين حاجات الآخرين أو للأشخاص الّذين قدّموا لهم خدمة ـ رسالة عقائدية أيضا ؛ لأنّ إجابة هذه الأدعية ، تدلّ على المكانة الرفيعة لأهل بيت الرسالة عند اللّه ـ تعالى ـ ، ولكن يجب الالتفات إلى أنّ هذا النوع من الأدعية قد لا يدلّ على المكانة المعنوية للأشخاص الّذين ورد الدعاء بشأنهم ، وهذا يتوقّف على مضامين الأدعية. ولذلك فإنّ علماء الرجال لا يرون أنّ كلّ دعاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. راجع : ص ٤٢٢ ح ١١٦٨.

٢. راجع : ص ٤٢٤ ح ١١٧٢.

٣. راجع : ص ٤٢٨ ح ١١٨٧.

٤. راجع : ص ٤٣٠ ح ١١٩٢.

٤٢٠