نهج الدعاء

محمّد الري شهري

نهج الدعاء

المؤلف:

محمّد الري شهري


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-221-2
الصفحات: ٧٨٧

الحَقَّ. ١

١٥٣٦. عنه عليه‌السلام : اللّهُمَّ قَد مَلَّت أطِبّاءُ هذَا الدّاءِ الدَّوِيِّ ، وكَلَّتِ النَّزَعَةُ بِأَشطانِ الرَّكِيِّ ٢.٣

١٥٣٧. عنه عليه‌السلام ـ بَعدَ تَخاذُلِ النّاسِ عَن نُصرَةِ مُحَمَّدِ بن : أسأَلُ اللّه تَعالى أن يَجعَلَ لي مِنهُم فَرَجا عاجِلاً ، فَوَاللّه لَولا طَمَعي عِندَ لِقائي عَدُوّي فِي الشَّهادَةِ وتَوطيني نَفسي عَلَى المَنِيَّةِ ، لَأَحبَبتُ ألاّ ألقى ٤ مَعَ هؤُلاءِ يَوما واحِدا ، ولا ألتَقِيَ بِهِم أبَدا. ٥

١٥٣٨. الإمام الحسن عليه‌السلام : قالَ عَلِيٌّ عليه‌السلام لِأَهلِ الكوفَةِ : اللّهُمَّ كَمَا ائتَمَنتُهُم فَخانوني ، ونَصَحتُ لَهُم فَغَشّوني ، فَسَلَّط عَلَيهِم فَتى ثَقيفٍ الذَّيّالَ ٦ المَيّالَ! يَأكُلُ خَضِرَتَها ٧ ، ويَلبَسُ فَروَتَها ٨ ، ويَحكُمُ فيها بِحُكمِ الجاهِلِيَّةِ. ٩

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. نهج البلاغة : الخطبة ٦٩.

٢. قال المجلسي قدس‌سره : الداء الدويّ : الشديد ، من دوي : إذا مرض. «والنَّزَعة» جمع نازع ؛ وهو الذي يستقي الماء. و «الشَّطن» : هو الحبل ، و «الرَّكيّ» : جمع : الرَّكيّة ؛ وهي البئر. كأنّهم عن المصلحة في قعر بئر عميق ، وكَلَّ عليه‌السلام من جذبهم إليه ، أو شبّه عليه‌السلام وعظه لهم وقلّة تأثيره فيهم بمن يستقي من بئر عميقة لأرض وسيعة ، وعجز عن سقيها (بحار الأنوار : ج ٣٣ ص ٣٦٤).

٣. نهج البلاغة : الخطبة ١٢١ ، الاحتجاج : ج ١ ص ٤٣٩ ح ٩٩ ، بحار الأنوار : ج ٣٣ ص ٣٦٢ ح ٥٩٧.

٤. في المصادر الاُخرى : «أبقى».

٥. نهج البلاغة : الكتاب ٣٥ ، الغارات : ج ٢ ص ٧٦٤ ، بحار الأنوار : ج ٣٣ ص ٥٩٤ ح ٧٤٠ ؛ تاريخ الطبري : ج ٥ ص ١٠٩ نحوه ، شرح نهج البلاغة : ج ٦ ص ٩٣.

٦. فتى ثقيف : هو الحجّاج بن يوسف ، من الأخلاف؛ قوم من ثَقيف. والذيّال : طويل الذيل يسحبه تبخترا. وكنّى به عن التكبّر والميّال : الظالم (مجمع البحرين : ج ١ ص ٢٤٤ «ثقف»).

٧. «إنّ الدّنيا حلوة خضِرَة» أي غضَّة ناعمة طريَّة ، ويأكل خَضِرَتها أي هنيئها (النهاية : ج ٢ ص ٤١ «خضر»).

٨. أي يتمتّع بنعمتها لُبسا وأكلاً. ويقال : فلان ذو فروة وثَروة بمعنىً (النهاية : ج ٢ ص ٤١ «خضر» وج ٣ ص ٤٤٢ «فرا»).

٩. تاريخ دمشق : ج ١٢ ص ١٦٩ عن مالك بن دينار وص ١٦٨ عن بسطام بن مسلم عن الإمام الحسن عليه‌السلام وفيه

٦٢١

١٥٣٩. الإمام عليّ عليه‌السلام : اللّهُمَّ إنّي سِرتُ فيهِم بِما أمَرَني بِهِ رَسولُكُ وصَفِيُّكَ فَظَلَموني ، فَقَتَلتُ المُنافِقينَ كَما أمَرتَني فَجَهِلوني ، وقَد مَلِلتُهُم ومَلّوني ، وأبغَضتُهُم وأبغَضوني ، ولَم تَبقَ خَلَّةٌ أنتَظِرُها إلاَّ المُرادِيُّ.

اللّهُمَّ فَعَجِّل لَهُ الشَّقاوَةَ ، وتَغَمَّدني بِالسَّعادَةِ. اللّهُمَّ قَد وَعَدَني نَبِيُّكَ أن تَتَوَفّاني إلَيكَ إذا سَأَلتُكَ ، اللّهُمَّ وقَد رَغِبتُ إلَيكَ في ذلِكَ. ١

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

«إنّ عليّا كان على المنبر فقال : ... اللّهمّ فسلّط عليهم غلام ثقيف ، يحكم في دمائهم وأموالهم بحكم الجاهليّة» ، كنز العمّال : ج ١١ ص ٣٦٢ ح ٣١٧٤٧.

١. تنبيه الخواطر : ج ٢ ص ٣ عن إسماعيل بن عبد اللّه الصلعي ، بحار الأنوار : ج ٤٢ ص ٢٥٣ ح ٥٤.

٦٢٢

البابُ الثّامِنُ :

من دعا عليه الإمام الحسن بن عليّ

٨ / ١

زِيادُ بنُ أبيهِ ١

١٥٤٠. المناقب : اِستَغاثَ النّاسُ مِن زِيادٍ إلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ عليه‌السلام ، فَرَفَعَ يَدَهُ وقالَ :

اللّهُمَّ خُذ لَنا ولِشيعَتِنا مِن زِيادِ بنِ أبيهِ ، وأرِنا فيهِ نَكالاً عاجِلاً ؛ إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ. ٢

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. هو زياد بن سُميّة وهي أُمّه ، وكان مطعونا في نسبه. أُمّه كانت باغية من أهل الطائف وكانت تحت عبيدالثقفي في السنة الاُولى من الهجرة. أسلم في خلافة أبي بكر. لفت نظر عمر في عنفوان شبابه وكان بسبب كفاءته ودهائه السياسي ، واستعمله على بعض صدقات البصرة ، أو بعض أعمال البصرة. كان زياد يعيش في البصرة وعمل كاتبا لولاتها : أبي موسى الأشعريّ والمغيرة بن شعبة وعبد اللّه بن عامر ، وأيضا كان كاتبا ومستشارا لابن عبّاس أيّام خلافة أميرالمؤمنين عليه‌السلام. لم يشترك زياد في حروب الإمام وكان مع عليّ عليه‌السلام والحسن المجتبى عليه‌السلام حتى استشهد الإمام. ثمّ زلّ بمكيدة معاوية. وسمّاه معاوية أخاه فأصبح زياد ابن أبي سفيان. تشدّد كثيرا على الناس خاصّة شيعة الإمام أميرالمؤمنين عليه‌السلام ، هلك زياد بالطاعون سنة ٥٣ ه وهو ابن ٥٣ سنة (العقد الفريد : ج ٤ ص ٤ ، الاستيعاب : ج ٢ ص ٩٩ ـ ١٠٠ الرقم ٨٢٩ ، سير أعلام النبلاء : ج ٣ ص ٤٩٦ الرقم ١١٢؛ موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : ج ١٢ ص ١١٢ ـ ١١٦).

٢. المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٧ ، بحار الأنوار : ج ٤٣ ص ٣٢٧ ح ٦.

٦٢٣

١٥٤١. المعجم الكبير عن الحسن : كانَ زِيادٌ يَتَتَبَّعُ شيعَةَ عَلِيٍّ عليه‌السلام فَيَقتُلُهُم ، فَبَلَغَ ذلِكَ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ عليه‌السلام فَقالَ : اللّهُمَّ تَفَرَّد بِمَوتِهِ. ١

٨ / ٢

مُعاوِيَةُ وأصحابُهُ ٢

١٥٤٢. الاحتجاج عن الشعبي وأبي مخنف ويزيد المصري عن الإم ـ في دُعائِهِ عَلى مُعاوِيَةَ وأصحابِهِ ـ : ما لَهُم! خَرَّ عَلَيهِمُ السَّقفُ مِن فَوقِهِم ، وأتاهُمُ العَذابُ مِن حَيثُ لا يَشعُرونَ ٣ ، ثُمَّ قالَ : يا جارِيَةُ أبلِغيني ثِيابي.

ثُمَّ قالَ : اللّهُمَّ إنّي أدرَأُ بِكَ في نُحورِهِم ، وأعوذُ بِكَ مِن شُرورِهِم ، وأستَعينُ بِكَ عَلَيهِم ، فَاكفِنيهِم بِما شِئتَ وأنّى شِئتَ ، مِن حَولِكَ وقُوَّتِكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ.

وقالَ لِلرَّسولِ : هذا كَلامُ الفَرَجِ. فَلَمّا أتى مُعاوِيَةَ رَحَّبَ بِهِ وحَيّاهُ وصافَحَهُ. ٤

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. المعجم الكبير : ج ٣ ص ٧٠ ح ٢٦٩٠ ، سير أعلام النبلاء : ج ٣ ص ٤٩٦ عن الحسن البصري ، تاريخ دمشق : ج ١٩ ص ٢٠٢ كلاهما نحوه.

٢. مرّت ترجمته في الباب الرابع فراجع.

٣. إشارة إلى الآية ٢٦ من سورة النحل : «... فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَ ـ اهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ».

٤. الاحتجاج : ج ٢ ص ١٩ ح ١٥٠ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ص ٧١ ح ١ ؛ شرح نهج البلاغة : ج ٦ ص ٢٨٦ وفيه إلى «يا أرحم الراحمين».

٦٢٤

البابُ التّاسِعُ :

من دعا عليه الإمام الحسين

٩ / ١

أهلُ الكوفَةِ

١٥٤٣. الإمام الحسين عليه‌السلام ـ مِن دُعائِهِ يَومَ عاشوراءَ ـ : اللّهُمَّ أمسِك عَنهُم قَطرَ السَّماءِ ، وَامنَعهُم بَرَكاتِ الأَرضِ ، اللّهُمَّ فَإِن مَتَّعتَهُم إلى حينٍ فَفَرِّقهُم فِرَقا ، وَاجعَلهُم طَرائِقَ قِدَدا ، ولا تُرضِ عَنهُمُ الوُلاةَ أبَدا ؛ فَإِنَّهُم دَعَونا لِيَنصُرونا فَعَدَوا عَلَينا فَقَتَلونا. ١

١٥٤٤. ينابيع المودّة : بَرَزَ القاسِمُ بنُ الحَسَنِ المُجتَبى وهُوَ شابٌّ ، وحَمَلَ عَلى القَومِ ، ولَم يَزَل يَقتُلُ مِنهُم حَتّى قَتَلَ مِنهُم سِتّينَ رَجُلاً ، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ عَلى هامَتِهِ ، فَصُرِعَ إلَى الأَرضِ وهُوَ يَقولُ : يا عَمّاهُ أدرِكني ، فَحَمَلَ عَلَيهِمُ الإِمامُ وفَرَّقَ القَومَ عَنهُ ، فَقَتَلَ قاتِلَ القاسِمِ ، فَبَكَى الإِمامُ وقالَ :

اللّهُمَّ أنتَ تَعلَمُ أنَّهُم دَعَونا لِيَنصُرونا فَخَذَلونا ، وأعانوا عَلَينا. اللّهُمَّ احبِس عَنهُم قَطرَ السَّماءِ ، وَاحرِمهُم بَرَكاتِكَ ، اللّهُمَّ لا تَرضَ عَنهُم أبَدا ، اللّهُمَّ إنَّكَ إن كُنتَ حَبَستَ عَنَّا النَّصرَ فِي الدُّنيا فَاجعَلهُ لَنا ذُخرا فِي الآخِرَةِ ، وَانتَقِم لَنا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. تاريخ الطبري : ج ٥ ص ٤٥١ ، الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ٥٧١ ؛ الإرشاد : ج ٢ ص ١١٠ ، إعلام الورى : ج ١ ص ٤٦٨ وفيهما من «اللّهمّ فإن متّعتهم إلى ...».

٦٢٥

مِنَ القَومِ الظّالِمينَ. ١

١٥٤٥. الكامل في التاريخ : اِشتَدَّ عَطَشُ الحُسَينِ عليه‌السلام ، فَدَنا مِنَ الفُراتِ لِيَشرَبَ ، فَرَماهُ حُصَينُ بنُ نُمَيرٍ بِسَهمٍ فَوَقَعَ في فَمِهِ ، فَجَعَلَ يَتَلَقَّى الدَّمَ بِيَدِهِ ورَمى بِهِ إلَى السَّماءِ ، ثُمَّ حَمِدَ اللّه وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :

اللّهُمَّ إنّي أشكو إلَيكَ ما يُصنَعُ بِابنِ بِنتِ نَبِيِّكَ! اللّهُمَّ أحصِهِم ٢ عَدَدا ، وَاقتُلهُم بَدَدا ٣ ، ولا تُبقِ مِنهُم أحَدا. ٤

١٥٤٦. الفتوح : كُلَّما حَمَلَ بِنَفسِهِ عَلَى الفُراتِ حَمَلوا عَلَيهِ حَتّى أحالوهُ عَنِ الماءِ ، ثُمَّ رَمى رَجُلٌ مِنهُم بِسَهمٍ يُكَنّى أبَا الجَنوبِ الجُعفِيَّ ٥ ، فَوَقَعَ السَّهمُ في جَبهَتِهِ ، فَنَزَعَ الحُسَينُ عليه‌السلام السَّهمَ فَرَمى بِهِ ، وسالَتِ الدِّماءُ عَلى وَجهِهِ ولِحيَتِهِ.

فَقالَ الحُسَينُ عليه‌السلام : اللّهُمَّ إنَّكَ تَرى ما أنَا فيهِ مِن عِبادِكَ هؤُلاءِ العُصاةِ الطُّغاةِ ، اللّهُمَّ فَأَحصِهِم عَدَدا ، وَاقتُلهُم بَدَدا ٦ ، ولا تَذَر عَلى وَجهِ الأَرضِ مِنهُم أحَدا ، ولا تَغفِر لَهُم أبَدا. ٧

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. ينابيع المودّة : ج ٣ ص ٧٧.

٢. «المُحْصي» هو الذي أحصى كُلَّ شيء بعِلْمِهِ وأحاطَ به ، فلا يفوته دقيق منها ولا جليل (النهاية : ج ١ ص ٣٩٧ «حصا»). أي أهلكهم بحيث لا تُبقي من عددهم أحدا.

٣. يروى بكسر الباء : جمع بُدَّة ؛ وهي الحِصّة والنصيب ؛ أي اقتلهم حِصصا مقسّمة لكلّ واحد حصّته ونصيبه. ويروى بالفتح ؛ أي متفرّقين في القتل واحدا بعد واحد ، من التبديد (النهاية : ج ١ ص ١٠٥ «بدد»).

٤. الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ٥٧١ ، تاريخ الطبري : ج ٥ ص ٤٤٩ ، البداية والنهاية : ج ٨ ص ١٨٧ كلاهما نحوه وفيهما «حصين بن تميم» بدل «حصين بن نمير».

٥. في مقتل الحسين للخوارزمي وبحار الأنوار : «أبو الحتوف الجعفي».

٦. في المصدر : «مددا» ، والتصويب من مقتل الحسين للخوارزمي وبحار الأنوار.

٧. الفتوح : ج ٥ ص ١١٧ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ج ٢ ص ٣٤ نحوه ؛ بحار الأنوار : ج ٤٥ ص ٥٢.

٦٢٦

٩ / ٢

تَميمُ بنُ حُصَينٍ ١

١٥٤٧. الإمام زين العابدين عليه‌السلام : بَرَزَ مِن عَسكَرِ عُمَرَ بنِ سَعدٍ رَجُلٌ آخَرُ ، يُقالُ لَهُ : تَميمُ بنُ حُصَينٍ الفَزارِيُّ ، فَنادى : يا حُسَينُ ويا أصحابَ الحُسَينِ ، أما تَرَونَ إلى ماءِ الفُراتِ يَلوحُ كَأَنَّهُ بُطونُ الحَيّاتِ؟! وَاللّه لا ذُقتُم مِنهُ قَطرَةً حَتّى تَذوقُوا المَوتَ جُرَعا!

فَقالَ الحُسَينُ عليه‌السلام : مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقيل : تَميمُ بنُ حُصَينٍ.

فَقالَ الحُسَينُ عليه‌السلام : هذا وأبوهُ مِن أهلِ النّارِ ، اللّهُمَّ اقتُل هذا عَطَشا فِي هذَا اليَومِ. قالَ : فَخَنَقَهُ العَطَشُ حَتّى سَقَطَ عَن فَرَسِهِ ، فَوَطِئَتهُ الخَيلُ بِسَنابِكِها ٢ فَماتَ. ٣

٩ / ٣

زُرعَةُ ٤

١٥٤٨. مجابو الدعوة عن محمّد الكوفي : كانَ رَجُلٌ مِن بَني أبانِ بنِ دارِمٍ يُقالُ لَهُ : زُرعَةُ ، شَهِدَ قَتلَ الحُسَينِ عليه‌السلام ، فَرَمَى الحُسَينَ عليه‌السلام بِسَهمٍ فَأَصابَ حَنَكَهُ ، فَجَعَلَ يَتَلَقَّى الدَّمَ ، ثُمَّ يَقولُ : هكَذا إلَى السَّماءِ ، فَتُرمى ٥ بِهِ ، وذلِكَ أنَّ الحُسَينَ عليه‌السلام دَعا بِماءٍ لِيَشرَبَ ، فَلَمّا رَماهُ حالَ بَينَهُ وبَينَ الماءِ ، فَقالَ : اللّهُمَّ ظَمِّئهُ ، اللّهُمَّ ظَمِّئهُ!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. لم يُعرف الرجل إلاّ بهذه الرواية.

٢. سُنبك الدابّة : طرف حافرها (النهاية : ج ٢ ص ٤٠٦ «سنبك»).

٣. الأمالي للصدوق : ص ٢٢١ ح ٢٣٩ عن عبد اللّه بن منصور عن الإمام الصادق عن الإمام الباقر عليهما‌السلام ، روضة الواعظين : ص ٢٠٤ عن الضحّاك بن عبد اللّه من دون إسنادٍ إلى الإمام زين العابدين عليه‌السلام ، الثاقب في المناقب : ص ٣٤٠ ح ٢٨٦ عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ص ٣١٧ ح ١.

٤. هو زرعة بن أبان بن دارم ، وفي بعض المصادر قالوا : رجل من بني دارم (راجع الإرشاد : ج ٢ ص ١٠٩). وعلى أيّ حال لم نعثر على ترجمته.

٥. كذا ، وفي تهذيب الكمال : «فيرقى به» ، وفي تاريخ دمشق ومقتل الحسين : «فيرمي به».

٦٢٧

قالَ : فَحَدَّثَني مَن شَهِدَهُ وهُوَ يَموتُ ، وهُوَ يَصيحُ مِنَ الحَرِّ في بَطنِهِ وَالبَردِ في ظَهرِهِ ، وبَينَ يَدَيهِ المَراوِحُ وَالثَّلجُ وخَلفَهُ الكانونُ ١ ، وهُوَ يَقولُ : اِسقوني أهلَكَنِي العَطَشُ! فَيُؤتى بِعُسٍّ ٢ عَظيمٍ فيهِ السَّويقُ ٣ أوِ الماءُ وَاللَّبَنُ ، لَو شَرِبَهُ خَمسَةٌ لَكَفاهُم. قالَ : فَيَشرَبُهُ ثُمَّ يَعودُ فَيَقولُ : اِسقوني أهلَكَنِي العَطَشُ! قالَ : فَانقَدَّ بَطنُهُ كَانقِدادِ البَعيرِ. ٤

٩ / ٤

شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ ٥

١٥٤٩. الملهوف : إنَّ شِمرَ بنَ ذِي الجَوشَنِ حَمَلَ عَلى فُسطاطِ الحُسَينِ عليه‌السلام فَطَعَنَهُ بِالرُّمحِ ، ثُمَّ قالَ : عَلَيَّ بِالنّارِ اُحرِقهُ عَلى مَن فيهِ.

فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه‌السلام : يَابنَ ذِي الجَوشَنِ ، أنتَ الدّاعي بِالنّارِ لِتُحرِقَ عَلى أهلي؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. الكانون : المَوْقد (لسان العرب : ج ١٣ ص ٣٦٢ «كنن»).

٢. العُسّ : القدح الكبير (النهاية : ج ٣ ص ٢٣٦ «عسس»).

٣. السَّويقُ : ما يُعمَلُ من الحنطةِ والشَّعير (المصباح المنير : ص ٢٩٦ «سوق»).

٤. مجابو الدعوة لابن أبي الدنيا : ص ٩٢ ح ٥٨ ، تهذيب الكمال : ج ٦ ص ٤٣٠ عن محمّد الكلبي ، تاريخ دمشق : ج ١٤ ص ٢٢٣ ، كفاية الطالب : ص ٤٣٤ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ج ٢ ص ٩١ ؛ الثاقب في المناقب : ص ٣٤١ ح ٢٨٧ عن القاسم بن الأصبغ نحوه ، وراجع الإرشاد : ج ٢ ص ١٠٩ والمناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٥٦ والكامل في التاريخ : ج ٢ ص ٥٧١.

٥. هو شمر بن ذي الجوشن العامريّ ثمّ الضبابيّ ، أبو السابغة. كانت لأبيه صحبة وهو تابعيّ. إنّه أحد كبار قتلة الحسين الشهيد عليه‌السلام. كان في أوّل أمره من ذوي الرياسة في هوازن ، موصوفا بالشجاعة ، وشهد يوم صفّين مع عليّ ، ثمّ أقام في الكوفة يروي الحديث إلى أن كانت الفاجعة بمقتل الحسين عليه‌السلام ، وكان يعذّر بقوله : إنّ اُمراءنا هؤلاء أمرونا بأمر فلم نخالفهم ولو خالفناهم كنّا شرّا من هذه الحمر السقاة. قتله أعوان المختار بن أبي عبيدة الثقفيّ (تاريخ دمشق : ج ٢٣ ص ١٨٦ الرقم ٢٧٦٢ ، ميزان الاعتدال : ج ٢ ص ٢٨ الرقم ٣٧٤٢ ، الأعلام : ج ٣ ص ١٧٥).

٦٢٨

أحرَقَكَ اللّه بِالنّارِ! ١

٩ / ٥

عَبدُ اللّه بنُ الحُصَينِ ٢

١٥٥٠. الإرشاد : نادى عَبدُ اللّه بنُ الحُصَينِ الأَز ـ وكانَ عِدادُهُ في بَجيلَةَ ـ الإرشاد : نادى عَبدُ اللّه بنُ الحُصَينِ الأَزدِيُّ بِأَعلى صَوتِهِ : يا حُسَينُ! ألا تَنظُرُ إلَى الماءِ كَأَنَّهُ كَبِدُ السَّماءِ؟ وَاللّه لا تَذوقونَ مِنهُ قَطرَةً واحِدةً حَتّى تَموتوا عَطَشا!

فَقالَ الحُسَينُ عليه‌السلام : اللّهُمَّ اقتُلهُ عَطَشا ، ولا تَغفِر لَهُ أبَدا.

قالَ حُمَيدُ بنُ مُسلِمٍ : وَاللّه لَعُدتُهُ بَعدَ ذلِكَ في مَرَضِهِ ، فَوَاللّه الَّذي لا إلهَ غَيرُهُ ، لَقَد رَأَيتُهُ يَشرَبُ الماءَ حَتّى يَبغَرَ ٣ ثُمَّ يَقيؤُهُ ويَصيحُ : العَطَشَ العَطَشَ! ثُمَّ يَعودُ فَيَشرَبُ الماءَ حَتّى يَبغَرَ ، ثُمَّ يَقيؤُهُ ويَتَلَظّى عَطَشا ، فَما زالَ ذلِكَ دَأبَهُ حَتّى لَفَظَ نَفسَهُ. ٤

٩ / ٦

عُمَرُ بنُ سَعد ٥

١٥٥١. الفتوح : أرسَلَ الحُسَينُ عليه‌السلام إلى عُمَرَ بنِ سَعدٍ أنّي اُريدُ أن اُكَلِّمَكَ فَالقَنِي اللَّيلَةَ بَينَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. الملهوف : ص ١٧٣ ، بحار الأنوار : ج ٤٥ ص ٥٤ ؛ تاريخ الطبري : ج ٥ ص ٤٣٨ ، الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ٥٦٧.

٢. هو عبد اللّه بن الحصين الأزدي ، كان من بجيلة. ولم يعرف بأكثر من هذا.

٣. بَغِرَ بَغَرا : إذا أكثر من الماء فلم يَروَ (لسان العرب : ج ٤ ص ٧٢ «بغر»).

٤. الإرشاد : ج ٢ ص ٨٧ ، روضة الواعظين : ص ٢٠١ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٥٦ نحوه ، إعلام الورى : ج ١ ص ٤٥٢ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ص ٣٨٩ ؛ تاريخ الطبري : ج ٥ ص ٤١٢ عن حميد بن مسلم ، الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ٥٥٦ نحوه.

٥. هو عمر بن سعد بن أبي وقّاص ، مدنيّ ، نزيل الكوفة. زعم جمع أنّه وُلد في عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وجزم يحيى بن

٦٢٩

عَسكَري وعَسكَرِكَ ، فَخَرَجَ إلَيهِ عُمَرُ بنُ سَعدٍ في عِشرينَ فارِسا ، وأقبَلَ الحُسَينُ عليه‌السلام في مِثلِ ذلِكَ ، فَلَمَّا التَقَيا أمَرَ الحُسَينُ عليه‌السلام أصحابَهُ فَتَنَحَّوا عَنهُ ، وبَقِيَ مَعَهُ أخوهُ العَبّاسُ وَابنُهُ عَلِيٌّ الأَكبَرُ ، وأمَرَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ أصحابَهُ فَتَنَحَّوا عَنهُ ، وبَقِيَ مَعَهُ حَفصٌ ابنُهُ وغُلامٌ لَهُ يُقالُ لَهُ لاحِقٌ.

فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه‌السلام : وَيحَكَ يَابنَ سَعدٍ ، أما تَتَّقِي اللّه الَّذي إلَيهِ مَعادُكَ أن تُقاتِلَني وأنَا ابنُ مَن عَلِمتَ ـ يا هذا ـ مِن رَسولِ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله؟! فَاترُك هؤُلاءِ وكُن مَعي ، فَإِنّي اُقَرِّبُكَ إلَى اللّه عز وجل.

فَقالَ لَهُ عُمَرُ بنُ سَعدٍ : أبا عَبدِ اللّه ، أخافُ أن تُهدَم داري.

فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه‌السلام : أنَا أبنيها لَكَ.

فَقالَ : أخافُ أن تُؤخَذَ ضَيعَتي.

فَقالَ الحُسَينُ : أنَا اُخلِفُ عَلَيكَ خَيرا مِنها مِن مالي بِالحِجازِ.

قالَ : فَلَم يُجِب عُمَرُ إلى شَيءٍ مِن ذلِكَ ، فَانصَرَفَ عَنهُ الحُسَينُ عليه‌السلام وهُوَ يَقولُ :

ما لَكَ! ذَبَحَكَ اللّه عَلى فِراشِكَ سَريعا عاجِلاً ، ولا غَفَرَ اللّه لَكَ يَومَ حَشرِكَ ونَشرِكَ ، فَوَاللّه إنّي لَأَرجو أن لا تَأكُلَ مِن بُرِّ العِراقِ إلاّ يَسيرا. ١

١٥٥٢. مقتل الحسين : تَقَدَّمَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهما‌السلام ... وهُوَ يَومَئِذٍ ابنُ ثَمانَ عَشرَةَ سَنَةً ، فَلَمّا رَآهُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ ـ معين بأنّه وُلد يوم مات عمر بن الخطّاب ، فوهم من ذكره في الصحابة. كان عبيد اللّه بن زياد استعمل عمر ابن سعد على الريّ وهمدان ، فلمّا قدم الحسين العراق أمره ابن زياد أن يسير إليه وندب معه أربعة آلاف من جنده ، فأبى عمر ذلك ، فقال له : إن لم تفعل عزلتك عن عملك وهدمت دارك. فأطاعه وخرج إلى الحسين عليه‌السلام فقاتله حتّى قتل الحسين عليه‌السلام ، فلمّا غلب المختار على الكوفة قتل عمر بن سعد وابنه حفصا في سنة ٦٧ ه (تهذيب التهذيب : ج ٧ ص ٣٩٧ الرقم ٧٤٧ ، الإصابة : ج ٥ ص ٢١٨).

١. الفتوح : ج ٥ ص ٩٢ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ج ١ ص ٢٤٥ ، تاريخ الطبري : ج ٥ ص ٤١٣ نحوه؛ بحار الأنوار : ج ٤٤ ص ٣٨٨.

٦٣٠

الحُسَينُ عليه‌السلام رَفَعَ شَيبَتَهُ نَحوَ السَّماءِ وقالَ :

اللّهُمَّ اشهَد عَلى هؤُلاءِ القَومِ ، فَقَد بَرَزَ إلَيهِم غُلامٌ أشبَهُ النّاسِ خَلقا وخُلُقا ومَنطِقا بِرَسولِكَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كُنّا إذَا اشتَقنا إلى وَجهِ رَسولِكَ نَظَرنا إلى وَجهِهِ. اللّهُمَّ فَامنَعهُم بَرَكاتِ الأَرضِ ، وإن مَتَّعتَهُم فَفَرِّقهُم تَفريقا ، ومَزِّقهُم تَمزيقا ، وَاجعَلهُم طَرائِقَ قِدَدا ١ ، ولا تُرضِ الوُلاةَ عَنهُم أبَدا ؛ فَإِنَّهُم دَعَونا لِيَنصُرونا ثُمَّ عَدَوا عَلَينا يُقاتِلُونّا ويَقتُلُونّا.

ثُمَّ صاحَ الحُسَينُ عليه‌السلام بِعُمَرَ بنِ سَعدٍ : ما لَكَ! قَطَعَ اللّه رَحِمَكَ ، ولا بارَكَ لَكَ في أمرِكَ ، وسَلَّطَ عَلَيكَ مَن يَذبَحُكَ عَلى فِراشِكَ ، كَما قَطَعتَ رَحِمي ، ولَم تَحفَظ قَرابَتي مِن رَسولِ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله. ٢

٩ / ٧

مالِكُ بنُ حَوزَةَ « ابنُ حُوَيزَةَ » ٣

١٥٥٣. المصنّف : عَن وائِلِ بنِ عَلقَمَةَ أنَّهُ شَهِدَ الحُسَينَ عليه‌السلام بِكَربَلاءَ ، قالَ : فَجاءَ رَجُلٌ فَقالَ : أفيكُم حُسَينٌ؟ فَقالَ : مَن أنتَ؟ فَقالَ : أبشِر بِالنّارِ! قالَ : بَل رَبٍّ غَفورٍ رَحيمٍ مُطاعٍ.

قالَ : ومَن أنتَ؟ قالَ : أنَا ابنُ حُوَيزَةَ. قالَ : اللّهُمَّ حُزهُ إلَى النّارِ.

قالَ : فَذَهَبَ فَنَفَرَ بِهِ فَرَسُهُ عَلى ساقَيهِ ، فَتَقَطَّعَ فَما بَقِيَ مِنهُ غَيرُ رِجلِهِ فِي الرِّكابِ. ٤.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. أي فِرقا مختلفة الأهواء ، واحدها قِدَّة ، وأصله في الأديم ، يقال لكلّ ما قُطع : قِدَّة (مجمع البحرين : ج ٣ ص ١٤٤٣ «قدد»).

٢. مقتل الحسين للخوارزمي : ج ٢ ص ٣٠ ، الفتوح : ج ٥ ص ١١٤ ؛ الملهوف : ص ١٦٦ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ٤٥ ص ٤٢.

٣. كان من بني تميم. ولم يعرف بأكثر من هذا.

٤. المصنّف لابن أبي شيبة : ج ٨ ص ٦٣٣ ح ٢٦١.

٦٣١

١٥٥٤. الفتوح : أقبَلَ رَجُلٌ مِن مُعَسكَرِ عُمَرَ بنِ سَعدٍ يُقالُ لَهُ : مالِكُ بنُ حَوزَةَ عَلى فَرَسٍ لَهُ ، حَتّى وَقَفَ عِندَ الخَندَقِ وجَعَلَ يُنادي : أبشِر يا حُسَينُ ، فَقَد تَلفَحُكَ النّارُ فِي الدُّنيا قَبلَ الآخِرَةِ!

فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه‌السلام : كَذَبتَ يا عَدُوَّ اللّه! إنّي قادِمٌ عَلى رَبٍّ رَحيمٍ وشَفيعٍ مُطاعٍ ، وذلِكَ جَدّي رَسولُ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله. ثُمَّ قالَ الحُسَينُ عليه‌السلام : مَن هذَا الرَّجُلُ؟ فَقالوا : هذا مالِكُ بنُ حَوزَةَ.

فَقالَ الحُسَينُ عليه‌السلام : اللّهُمَّ حُزهُ إلَى النّارِ ، وأذِقهُ حَرَّها فِي الدُّنيا قَبلَ مَصيرِهِ إلَى الآخِرَةِ.

قالَ : فَلَم يَكُن بِأَسرَعَ أن شَبَّثَ بِهِ الفَرَسُ فَأَلقَتهُ فِي النّارِ فَاحتَرَقَ. فَخَرَّ الحُسَينُ عليه‌السلام للّه ساجِدا مُطيعا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ وقالَ : يا لَها مِن دَعوَةٍ ما كانَ أسرَعَ إجابَتَها! ١

٩ / ٨

مالِكُ بنُ نَسرٍ ٢

١٥٥٥. مقتل الحسين : ثُمَّ ضَعُفَ الإِمامُ الحُسَينُ عليه‌السلام. عَنِ القِتالِ فَوَقَفَ مَكانَهُ ، فَكُلَّما أتاهُ رَجُلٌ مِنَ النّاسِ وَانتَهى إلَيهِ ، انصَرَفَ عَنهُ وكَرِهَ أن يَلقَى اللّه بِدَمِهِ ، حَتّى جاءَهُ رَجُلٌ مِن كِندَةَ يُقالُ لَهُ : مالِكُ بنُ نَسرٍ ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيفِ عَلى رَأسِهِ ، وكانَ عَلَيهِ بُرنُسٌ ٣ ، فَقَطَعَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. الفتوح : ج ٥ ص ٩٦ ، المعجم الكبير : ج ٣ ص ١١٦ ح ٢٨٤٩ ، تهذيب الكمال : ج ٦ ص ٤٣٨ ، تاريخ دمشق : ج ١٤ ص ٢٣٥ ؛ الإرشاد : ج ٢ ص ١٠٢ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٥٦ كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ٤٥ ص ٣٠١ ح ٢.

٢. اختلفت المصادر في ضبط اسم أبيه بين النسر والسير والبشير والنسير. كان من بني بداء من كندة.

٣. البُرْنُس : قلنسوة طويلة ، وكان النسّاكُ يلبسونها في صدر الإسلام (الصحاح : ج ٣ ص ٩٠٨ «برنس»).

٦٣٢

البُرنُسَ وَامتَلَأَ دَما فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه‌السلام : لا أكَلتَ بِيَمينِكَ ولا شَرِبتَ بِها ، وحَشَرَكَ اللّه مَعَ الظّالِمينَ ، ثُمَّ ألقَى البُرنُسَ ولَبِسَ قَلَنسُوَةً ، وَاعتَمَّ عَلَيها وقَد أعيا وتَبَلَّدَ ، وجاءَ الكِندِيُّ فَأَخَذَ البُرنُسَ وكانَ مِن خَزٍّ ، فَلَمّا قَدِمَ بِهِ بَعدَ ذلِكَ عَلَى امرَأَتِهِ اُمِّ عَبدِ اللّه لِيَغسِلَهُ مِنَ الدَّمِ قالَت لَهُ امرَأَتُهُ : أتَسلُبُ ابنَ بِنتِ رَسولِ اللّه بُرنُسَهُ وتَدخُلُ بَيتي؟ اخرُج عَنّي حَشَا اللّه قَبرَكَ نارا! وذَكَرَ أصحابُهُ أنَّهُ يَبِسَت يَداهُ ، ولَم يَزَل فَقيرا بِأَسوَأِ حالٍ إلى أن ماتَ. ١

٩ / ٩

مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ ٢

١٥٥٦. الإمام زين العابدين عليه‌السلام : أقبَلَ رَجُلٌ آخَرُ مِن عَسكَرِ عُمَرَ بنِ سَعدٍ يُقالُ لَهُ : مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ بنِ قَيسٍ الكِندِيُّ ، فَقالَ : يا حُسَينَ بنَ فاطِمَةَ ، أيَّةُ حُرمَةٍ لَكَ مِن رَسولِ اللّه لَيسَت لِغَيرِكَ؟

فَتَلاَ الحُسَينُ عليه‌السلام هذِهِ الآيَةَ : (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَ هِيمَ وَءَالَ عِمْرَ نَ عَلَى الْعَــلَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ) الآيَةَ ، ثُمَّ قالَ : وَاللّه ، إنَّ مُحَمَّدا لَمِن آلِ إبراهيمَ ، وإنَّ العِترَةَ الهادِيَةَ لَمِن آلِ مُحَمَّدٍ ، مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقيلَ : مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ بنِ قَيسٍ الكِندِيُّ ، فَرَفَعَ الحُسَينُ عليه‌السلام رَأسَهُ إلَى السَّماءِ فَقالَ :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. مقتل الحسين للخوارزمي : ج ٢ ص ٣٤ ، تاريخ الطبري : ج ٥ ص ٤٤٨ ؛ أنساب الأشراف : ج ٣ ص ٤٠٨ ؛ الملهوف : ص ١٧٢ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٥٧ كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ٤٥ ص ٥٣.

٢. هو محمّد بن الأشعث بن قيس الكنديّ ، أبوالقاسم الكوفيّ ، أُمّه اُخت أبي بكر. لا تصحّ له صحبة. قائد من عسكر عمر بن سعد وكان قائدا من أصحاب مصعب بن الزبير. شهد معه أكثر وقائعه ، وكان هو على مقدّمة جيش مصعب في حربه مع المختار الثقفيّ. قُتل قبل مقتل المختار بأيّام. فقد يقال إنّه قُتل في سنة ٦٦ ه أو ٦٧ ه (الإصابة : ج ٦ ص ٢٥٨ ، تهذيب التهذيب : ج ٩ ص ٥٥ الرقم ٦٩ ، الأعلام : ج ٦ ص ٣٩).

٦٣٣

اللّهُمَّ أرِ مُحَمَّدَ بنَ الأَشعَثِ ذُلاًّ فِي هذَا اليَومِ ، لا تُعِزُّهُ بَعدَ هذَا اليَومِ أبَدا.

فَعَرَضَ لَهُ عارِضٌ فَخَرَجَ مِنَ العَسكَرِ يَتَبَرَّزُ ، فَسَلَّطَ اللّه عَلَيهِ عَقرَبا فَلَدَغَتهُ ، فَماتَ بادِيَ العَورَةِ. ١

٩ / ١٠

رَجُلٌ مِن كَلبٍ

١٥٥٧. المناقب لابن شهرآشوب : إنَّ رَجُلاً مِن كَلبٍ رَماهُ بِسَهمٍ فَشَكَّ شِدقَهُ ٢ ، فَقالَ الحُسَينُ عليه‌السلام : لا أرواكَ اللّه! فَعَطِشَ الرَّجُلُ حَتّى ألقى نَفسَهُ فِي الفُراتِ وشَرِبَ حَتّى ماتَ. ٣

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. الأمالي للصدوق : ص ٢٢١ ح ٢٣٩ عن عبد اللّه بن منصور عن الإمام الصادق عن الإمام الباقر عليهما‌السلام ، روضة الواعظين : ص ٢٠٤ عن الضحّاك بن عبد اللّه من دون إسنادٍ إلى المعصوم ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ص ٣١٧ ح ١.

٢. الأشداقُ : جوانب الفم (النهاية : ج ٢ ص ٤٥٣ «شدق»).

٣. المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٥٦ ، بحار الأنوار : ج ٤٥ ص ٣٠٠ ح ١.

٦٣٤

البابُ العاشِرُ :

من دعا عليه الإمام زين العابدين

١٠ / ١

حَرمَلَةُ بنُ كاهِلَةَ ١

١٥٥٨. الأمالي عن المنهال بن عمرو : دَخَلتُ عَلى عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليهما‌السلام مُنصَرَفي مِن مَكَّةَ ، فَقالَ لي : يا مِنهالُ ، ما صَنَعَ حَرمَلَةُ بنُ كاهِلَةَ الأَسَدِيُّ؟ فَقُلتُ : تَرَكتُهُ حَيّا بِالكوفَةِ. قالَ : فَرَفَعَ يَدَيهِ جَميعا فَقالَ عليه‌السلام : اللّهُمَّ أذِقهُ حَرَّ الحَديدِ ، اللّهُمَّ أذِقهُ حَرَّ الحَديدِ ، اللّهُمَّ أذِقهُ حَرَّ النّارِ.

قالَ المِنهالُ : فَقَدِمتُ الكوفَةَ ، وقَد ظَهَرَ المُختارُ بنُ أبي عُبَيدَةَ وكانَ لي صَديقا.

قالَ : فَكُنتُ في مَنزِلي أيّاما حَتَّى انقَطَعَ النّاسُ عَنّي ، ورَكِبتُ إلَيهِ فَلَقيتُهُ خارِجا مِن دارِهِ ، فَقالَ : يا مِنهالُ ، لَم تَأتِنا في وِلايَتِنا هذِهِ ، ولَم تُهَنِّنا بِها ، ولَم تَشرَكنا فيها؟ فَأَعلَمتُهُ أنّي كُنتُ بِمَكَّةَ وأنّي قَد جِئتُكَ الآنَ ، وسايَرتُهُ ونَحنُ نَتَحَدَّثُ حَتّى أتَى الكِناسَ ، فَوَقَفَ وُقوفا كَأَنَّهُ يَنتَظِرُ شَيئا ، وقَد كانَ اُخبِرَ بِمَكانِ حَرمَلَةَ بنِ كاهِلَةَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. هو حرملة بن كاهلة الأسديّ. اشترك في القتال مع الحسين عليه‌السلام ، فقتل عبد اللّه بن الحسن بن عليّ عليه‌السلام الذي دفع العسكر عن أطراف الحسين عليه‌السلام ، فرماه حرملة بسهم فذبحه ، فدعا عليه الحسين عليه‌السلام كما في المتن (الإقبال : ص ٥٧٤ ، الملهوف : ص ١٢٢ ، بحارالأنوار : ج ٤٥ ص ٥٣).

٦٣٥

في طَلَبِهِ ، فَلَم نَلبَث أن جاءَ قَومٌ يَركُضونَ وقَومٌ يَشتَدّونَ ، حَتّى قالوا : أيُّهَا الأَميرُ ، البِشارَةَ! قَد اُخِذَ حَرمَلَةُ بنُ كاهِلَةَ.

فَما لَبِثنا أن جيءَ بِهِ ، فَلَمّا نَظَرَ إلَيهِ المُختارُ ، قالَ لِحَرمَلَةَ : الحَمدُ للّه الَّذي مَكَّنَني مِنكَ. ثُمَّ قالَ : الجَزّارَ الجَزّارَ! فَاُتِيَ بِجَزّارٍ ، فَقالَ لَهُ : اِقطَع يَدَيهِ ، فَقُطِعَتا ، ثُمَّ قالَ لَهُ : اِقطَع رِجلَيهِ ، فَقُطِعَتا ، ثُمَّ قالَ : النّارَ النّارَ ، فَاُتِيَ بِنارٍ وقَصَبٍ فَاُلقِيَ عَلَيهِ وَاشتَعَلَت فيهِ النّارُ.

فَقُلتُ : سُبحانَ اللّه! فَقالَ لي : يا مِنهالُ ، إنَّ التَّسبيحَ لَحَسَنٌ ، فَفيمَ سَبَّحتَ؟

فَقُلتُ : أيُّهَا الأَميرُ ، دَخَلتُ في سَفرَتي هذِهِ مُنصَرَفي مِن مَكَّةَ عَلى عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه‌السلام فَقالَ لي : يا مِنهالُ ، ما فَعَلَ حَرمَلَةُ بنُ كاهِلَةَ الأَسَدِيُّ؟ فَقُلتُ : تَرَكتُهُ حَيّا بِالكوفَةِ. فَرَفَعَ يَدَيهِ جَميعا فَقالَ : اللّهُمَّ أذِقهُ حَرَّ الحَديدِ ، اللّهُمَّ أذِقهُ حَرَّ الحَديدِ ، اللّهُمَّ أذِقهُ حَرَّ النّارِ!

فَقالَ لِيَ المُختارُ : أسَمِعتَ عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليه‌السلام يَقولُ هذا؟! فَقُلتُ : وَاللّه لَقَد سَمِعتُهُ. قالَ : فَنَزَلَ عَن دابَّتِهِ ، وصَلّى رَكعَتَينِ فَأَطالَ السُّجودَ ، ثُمَّ قامَ فَرَكِبَ وقَدِ احتَرَقَ حَرمَلَةُ ورَكِبتُ مَعَهُ ، وسِرنا فَحاذَيتُ داري فَقُلتُ : أيُّهَا الأَميرُ ، إن رَأَيتَ أن تُشَرِّفَني وتُكرِمَني وتَنزِلَ عِندي ، وتَحَرَّمَ بِطَعامي. ١

فَقالَ : يا مِنهالُ ، تُعلِمُني أنَّ عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليه‌السلام دَعا بِأَربَعِ دَعَواتٍ فَأَجابَهُ اللّه عَلى يَدي ، ثُمَّ تَأمُرُني أن آكُلَ! هذا يَومُ صَومٍ شُكرا للّه عز وجل عَلى ما فَعَلتُهُ بِتَوفيقِهِ ، حَرمَلَةُ هُوَ الَّذي حَمَلَ رَأسَ الحُسَينِ عليه‌السلام. ٢

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. قال المجلسي قدس‌سره : الحُرمة ما لا يحلّ انتهاكه ، ومنه قولهم : تحرَّم بطعامه ، وذلك لأنّ العرب إذا أكل رجلٌ منهم من طعام غيره حصلت بينهما حرمة وذمّة ، يكون كلّ منهما آمنا من أذى صاحبه (بحار الأنوار : ج ٤٥ ص ٣٣٣). وانظر الصحاح : ج ٥ ص ١٨٩٥.

٢. الأمالي للطوسي : ص ٢٣٨ ح ٤٢٣ ، كشف الغمّة : ج ٢ ص ٣٢٤ نحوه ، بحار الأنوار : ج ٤٥ ص ٣٣٢ ح ١.

٦٣٦

١٥٥٩. المناقب : كانَ زَينُ العابِدينَ عليه‌السلام يَدعو في كُلِّ يَومٍ أن يُرِيَهُ ١ اللّه قاتِلَ أبيهِ مَقتولاً ، فَلَمّا قَتَلَ المُختارُ قَتَلَةَ الحُسَينِ عليه‌السلام ، بَعَثَ بِرَأسِ عُبَيدِ اللّه بنِ زِيادٍ ورَأسِ عُمَرَ بنِ سَعدٍ مَعَ رَسولٍ مِن قِبَلِهِ إلى زَينِ العابِدينَ عليه‌السلام ، وقالَ لِرَسولِهِ : إنَّهُ يُصَلّي مِنَ اللَّيلِ ، وإذا أصبَحَ وصَلّى صَلاةَ الغَداةِ هَجَعَ ، ثُمَّ يَقومُ فَيَستاكُ ويُؤتى بِغَدائِهِ ، فَإِذا أتَيتَ بابَهُ فَاسأَل عَنهُ ، فَإِذا قيلَ لَكَ : إنَّ المائِدَةَ بَينَ يَدَيهِ ، فَاستَأذِن عَلَيهِ ، وضَعِ الرَّأسَينِ عَلى مائِدَتِهِ ، وقُل لَهُ :

المُختارُ يَقرَأُ عَلَيكَ السَّلامَ ويَقولُ لَكَ : يَابنَ رَسولِ اللّه ، قَد بَلَّغَكَ اللّه ثَأرَكَ.

فَفَعَلَ الرَّسولُ ذلِكَ ، فَلَمّا رَأى زَينُ العابِدينَ عليه‌السلام الرَّأسَينِ عَلى مائِدَتِهِ ، خَرَّ ساجِدا وقالَ :

الحَمدُ للّه الَّذي أجابَ دَعوَتي ، وبَلَّغَني ثاري مِن قَتَلَةِ أبي. ودَعا لِلمُختارِ وجَزّاهُ خَيرا. ٢

١٠ / ٢

ضَمرَةُ بنُ مَعبَدٍ ٣

١٥٦٠. الكافي عن جابر : قالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه‌السلام : ما نَدري كَيفَ نَصنَعُ بِالنّاسِ؟! إن حَدَّثناهُم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. في المصدر : «يراه» ، والتصحيح من بحار الأنوار.

٢. المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ١٤٤ ، بحار الأنوار : ج ٤٦ ص ٥٣ ح ٢ ، وراجع الأمالي للطوسي : ص ٢٤٢ ح ٤٢٤.

٣. لم نعثر على ترجمة رجل بهذا الاسم. وفي بعض النسخ : «ضمرة بن سعيد» ولكنّه مات بعد سنة ١٢٠ ه ولكن الرواية صرّحت بأنّه مات بعد أربعين يوما من دعاء الامام عليه‌السلام ، واحتمل بعضهم أنّه ضمرة بن سمرة لورود هذه الرواية مع تفاوت في المتن في بعض النصوص الروائية وفيها «ضمرة بن سمرة» ولكنّه أيضا مجهول. واحتمل المحقّق التستريّ كونه «ضمرة بن سمرة بن جندب» وهو أيضا اقتدى بأبيه في اللئامة. وعلى أيّ حال هذا الرجل مجهول (مستدرك سفينة البحار : ج ٢ ص ٢٢٨ ، قاموس الرجال : ج ٥ ص ٥٤٥ الرقم ٣٧٢٨).

٦٣٧

بِما سَمِعنا مِن رَسولِ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ضَحِكوا ، وإن سَكَتنا لَم يَسَعنا. قالَ : فَقالَ ضَمرَةُ بنُ مَعبَدٍ : حَدِّثنا.

فَقالَ : هَل تَدرونَ ما يَقولُ عَدُوُّ اللّه إذا حُمِلَ عَلى سَريرِهِ؟ قالَ : فَقُلنا : لا.

قالَ : فَإِنَّهُ يَقولُ لِحَمَلَتِهِ : ألا تَسمَعونَ؟ إنّي أشكو إلَيكُم عَدُوَّ اللّه ؛ خَدَعَني وأورَدَني ثُمَّ لَم يُصدِرني ، وأشكو إلَيكُم إخوانا واخَيتُهُم فَخَذَلوني ، وأشكو إلَيكُم أولادا حامَيتُ عَنهُم فَخَذَلوني ، وأشكو إلَيكُم دارا أنفَقتُ فيها حَريبَتي ١ فَصارَ سُكّانُها غَيري ، فَارفُقوا بي ولا تَستَعجِلوا! قالَ : فَقالَ ضَمرَةُ : يا أبَا الحَسَنِ ، إن كانَ هذا يَتَكَلَّمُ بِهذَا الكَلامِ ، يوشِكُ أن يَثِبَ عَلى أعناقِ الَّذينَ يَحمِلونَهُ!

قالَ : فَقالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه‌السلام : اللّهُمَّ إن كانَ ضَمرَةُ هَزَأَ مِن حَديثِ رَسولِ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَخُذهُ أخذَةَ أسَفٍ.

قالَ : فَمَكَثَ أربَعينَ يَوما ثُمَّ ماتَ ، فَحَضَرَهُ مَولىً لَهُ ، قالَ : فَلَمّا دُفِنَ ، أتى عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه‌السلام فَجَلَسَ إلَيهِ ، فَقالَ لَهُ : مِن أينَ جِئتَ يا فُلانُ؟ قالَ : مِن جِنازَةِ ضَمرَةَ ، فَوَضَعتُ وَجهي عَلَيهِ حينَ سُوِّيَ عَلَيهِ ، فَسَمِعتُ صَوتَهُ ـ وَاللّه أعرِفُهُ كَما كُنتُ أعرِفُهُ وهُوَ حَيٌّ ـ يَقولُ : وَيلَكَ يا ضَمرَةَ بنَ مَعبَدٍ ، اليَومَ خَذَلَكَ كُلُّ خَليلٍ ، وصارَ مَصيرُكَ إلَى الجَحيمِ ، فيها مَسكَنُكَ ومَبيتُكَ وَالمَقيلُ.

قالَ : فَقالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه‌السلام : أسأَلُ اللّه العافِيَةَ! هذا جَزاءُ مَن يَهزَأُ مِن حَديثِ رَسولِ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله. ٢

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. حَرِيبة الرجل : ماله الذي يعيش به (الصحاح : ج ١ ص ١٠٨ «حرب»).

٢. الكافي : ج ٣ ص ٢٣٤ ح ٤ ، بحار الأنوار : ج ٦ ص ٢٥٩ ح ٩٦ وج ٤٦ ص ١٤٢ ح ٢٥ وراجع مختصر بصائر الدرجات : ص ٩١ والخرائج والجرائح : ج ٢ ص ٥٨٦ ح ٨.

٦٣٨

البابُ الحادي عَشَرَ :

من دعا عليه الإمام الباقر

١١ / ١

أعداءُ أهلِ البَيتِ

١٥٦١. الإمام الباقر عليه‌السلام : بَرِئَ اللّه مِمَّن تَبَرَّأَ مِنّا ، لَعَنَ اللّه مَن لَعَنَنا ، أهلَكَ اللّه مَن عادانا. اللّهُمَّ إنَّكَ تَعلَمُ أنّا سَبَبُ الهُدى لَهُم ، وإنَّما يُعادونّا لَكَ فَكُن أنتَ المُنفَرِدَ بِعَذابِهِم. ١

١١ / ٢

المُرجِئَةُ ٢

١٥٦٢. الإمام الباقر عليه‌السلام : اللّهُمَّ العَنِ المُرجِئَةَ ؛ فَإِنَّهُم أعداؤُنا فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ. ٣

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. الأمالي للمفيد : ص ٣١١ ح ٤ ، الأمالي للطوسي : ص ٨٠ ح ١١٩ وفيه «بعداوتهم» بدل «بعذابهم» وكلاهما عن الصيرفي ، بحار الأنوار : ج ٢٧ ص ٢٢١ ح ٨.

٢. هم فرقة من فرق الإسلام يزعمون أنّ أهل القبلة كلّهم مؤمنون ويعتقدون أنّ اللّه تعالى أرجأ تعذيبهم على المعاصي أي أخّره عنهم ، أو هم القائلون بإرجاء صاحب الكبيرة إلى القيامة وهم أصناف. قيل : لأنّهم يرجئون العمل عن النيّة ، أي يؤخّرونه في الرتبة عنها وعن الاعتقاد ، وقد تطلق المرجئة على من أخّر أميرالمؤمنين عليّا عليه‌السلام عن مرتبته (القاموس المحيط : ج ١ ص ١٦ ، مجمع البحرين : ج ٢ ص ١٤٤؛ الفرق بين الفرق : ص ٢٥ الرقم ٢٠٢ ، المقالات والفرق : ص ٥ ـ ٦).

٣. الكافي : ج ٨ ص ٢٧٦ ح ٤١٧ ، المحاسن : ج ٢ ص ٩٣ ح ١٢٤٣ كلاهما عن عبد اللّه بن عطاء ، بحار الأنوار : ج ٤٦ ص ٢٩١ ح ١٦.

٦٣٩

١١ / ٣

بُنانُ البَيانِ ١

١٥٦٣. الإمام الباقر عليه‌السلام : لَعَنَ اللّه بُنانَ البَيانِ ، وإنَّ بُنانا ـ لَعَنَهُ اللّه ـ كانَ يَكذِبُ عَلى أبي. ٢

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١. هو بيان بن سمعان التميميّ النهديّ التبّان ، والظاهر أنّ «بنان» و «بيان» متّحدان ، والأصحّ هوالثاني لما ذكره النوبختيّ : البيانيّة أصحاب بيان النهديّ. وهم فرقة قالت : إنّ الإمام القائم المهديّ ، هو أبو هاشم عبد اللّه بن محمّد بن الحنفيّة ، ووليّ الخلق ويرجع ويقوم بأُمور الناس ويملك الأرض ولا وصيّ بعده وغالوا فيه. وادّعى بيان بعد وفاة أبي هاشم النبوّة وجمع من أتباعة قالوا بانتقال الإمامة من أبي هشام إليه ، وهو من الغلاة القائلين بإلهيّة أميرالمؤمنين عليّ عليه‌السلام ، ثمّ ادّعى بيان أنّه قد انتقل إليه الجزء الإلهي بنوع من التناسخ ، ولذلك استحقّ أن يكون إماما وخليفةً ، ... فقتله خالد بن عبد اللّه القسريّ على ذلك (فرق الشيعة للنوبختي : ص ٣٣ و ٣٤؛ الملل والنحل للشهرستاني : ج ١ ص ١٧٦ و ١٧٧).

٢. رجال الكشّي : ج ٢ ص ٥٩٠ الرقم ٥٤١ عن زرارة ، بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ٢٧٠.

٦٤٠