تاريخ مدينة دمشق - ج ٧١

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧١

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٩
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

الفزاري الكوفي ابن بنت السدي ، سمعت عبدان الأهوازي يقول : سمعت أبا بكر بن أبي شيبة أو هناد بن السري أنكر علينا ذهابنا إلى إسماعيل هذا ، وقال : إيش عملتم (١) عند ذا الفاسق الذي يشتم السلف؟

[قال ابن عدي](٢) : وإسماعيل هذا يحدث عن مالك ، وشريك وشيوخ الكوفة. وقد أوصل عن مالك حديثين ، وقد تفرد عن شريك بأحاديث ، وإنما أنكروا عليه الغلوّ في التشيع ، وأما في الرواية فقد احتمله الناس ورووا عنه.

[أنبأنا (٣) أبو حفص عمر بن طبرزد قال : أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ـ إجازة إن لم يكن سماعا ـ قال : أخبرنا أبو علي بن المسلمة وأبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن فهد قال : أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال : أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال (٤) : مات أبو محمد إسماعيل بن موسى الفزاري سنة خمس وأربعين ومائتين ، وكان صدوقا لا يخضب.

أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي ، عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي ، عن أبي محمد التميمي قال : أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال : أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال : قال الحسن بن علي : فيها ـ يعني سنة خمس وأربعين ومائتين ـ مات إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي.

أخبرنا (٥) حسن بن أحمد الأوقي ـ إذنا ـ قال : أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال : أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال : أخبرنا أبو الحسن الحربي قال : أخبرنا أبو محمد الصفار قال : أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال : سنة ثلاث وأربعين ومائتين ـ يعني مات فيها ـ ثم قال بعد ذلك : سنة خمس وأربعين ومائتين (٦) ، وقيل ابن بنت السّدّي فيها.

__________________

(١) الذي في الكامل لابن عدي : علمتم ، والمثبت عن تهذيب الكمال.

(٢) استدرك الخبر التالي عن الكامل لابن عدي ١ / ٣٢٥.

(٣) الخبر التالي استدرك عن بغية الطالب ٤ / ١٨٣٦.

(٤) تهذيب الكمال ١ / ٢٣٧.

(٥) الخبر التالي عن بغية الطالب ٤ / ١٧٣٧.

(٦) ذكره ابن حبان في الثقات وقال : كان يخطئ ، وقال : مات سنة خمس وأربعين ومائتين يوم السبت لأربع ليال خلون من شعبان.

انظر تهذيب الكمال ١ / ٢٣٧ وتذكرة الحفاظ ٢ / ٥٤١.

٣٢١

[٩٧٣٢] إسماعيل بن أبي موسى

غزا الصائفة مع سليمان بن هشام بن عبد الملك (١) ، واجتاز معه في غزاته بناحية حلب ، وأخبر عن تلك الغزاة. حكى عنه الوليد بن مسلم.

قال (٢) الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن : أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد ، وأبو محمد هبة الله بن أحمد الأنصاريان قالا : أخبرنا أبو محمد الصوفي قال : أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال : أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال : أخبرنا أحمد بن إبراهيم القرشي قال : حدثنا محمد بن عائذ قال : قال الوليد : وأخبرني إسماعيل بن أبي موسى أنه كان فيمن غزا مع سليمان بن هشام صائفة من تلك الصوائف ، فقصد إلى عمّورية ، فلما دنوا منها نادى مناديه : أيها الناس أظهروا سلاحكم فإنكم ستفضون غدا على عمورية ، قال : فأصبحنا على ظهر قد أظهرنا السلاح فبينا سليمان في موكبه ، وخيول الأجناد على راياتهم ميمنة وميسرة ، لم يرعنا إلا بخيول عمورية ، نحو من عشرة آلاف ، فشدوا على من بين يدي سليمان حتى صيّروهم إلى سليمان ، فوقف سليمان وثارت الأبطال ، فشدوا عليهم حتى هزمهم الله ، وتبعناهم نقتلهم حتى أدخلناهم مدينة عمّورية.

[٩٧٣٣] إسماعيل بن يسار النّسائي أبو فائد

[شاعر ، مولى بني تيم بن مرة.

أصله من سبي فارس ، اشتهر بشعوبيته وشدة تعصبه للعجم ، يفتخر بهم في شعره على العرب.

عاش عمرا طويلا إلى أن أدرك آخر أيام بني أمية ولم يدرك الدولة العباسية](٣).

__________________

[٩٧٣٢] استدركت ترجمته بكاملها عن بغية الطلب ٤ / ١٨٤٩.

(١) سليمان بن هشام بن عبد الملك يكنى أبا الغمر ، قتله أبو العباس السفاح انظر جمهرة ابن حزم ص ٩٢ ونسب قريس للمصعب ص ١٦٨ وانظر أخباره في تاريخ خليفة بن خياط (الفهارس).

(٢) الخبر التالي رواه ابن العديم في بغية الطلب ٤ / ١٩٨ نقلا عن المصنف أبي القاسم ابن عساكر.

[٩٧٣٣] استدركت ترجمته عن الأغاني ٤ / ٤٠٨ وما بعدها ، والأعلام للزركلي ١ / ٣٢٩. والنسائي : نسبة إلى النساء الذي هو من أسماء جموع المرأة. قال القالي : النساء جمع امرأة وليس لها واحد من لفظها ، وكذلك المرأة لا جمع لها من لفظها ، ولذلك قال سيبويه في النسبة إلى نساء : نسوي فرده إلى واحدة. (تاج العروس : نسو).

(٣) ما بين معكوفتين استدرك عن الأعلام للزركلي ١ / ٣٢٩.

٣٢٢

[حدّثني (١) عمّي قال حدّثني أحمد بن أبي خيثمة قال : حدّثنا مصعب بن عبد الله الزّبيريّ قال :

كان إسماعيل بن يسار النّسائيّ مولى بني تيم بن مرّة : تيم قريش ، وكان منقطعا إلى آل الزّبير. فلمّا أفضت الخلافة إلى عبد الملك بن مروان ، وفد إليه مع عروة بن الزّبير ، ومدحه ومدح الخلفاء من ولده بعده. وعاش عمرا طويلا إلى أن أدرك آخر سلطان بني أميّة ، ولم يدرك الدولة العبّاسيّة. وكان طيّبا مليحا مندرا (٢) بطّالا (٣) ، مليح الشّعر ، وكان كالمنقطع إلى عروة بن الزّبير ، وإنّما سمّي إسماعيل بن يسار النّسائيّ ، لأنّ أباه كان يصنع طعام العرس ويبيعه ، فيشتريه منه من أراد التعريس من المتجمّلين ، وممن لم تبلغ حاله اصطناع ذلك.

وأخبرني الأسديّ قال : حدّثنا أبو الحسن محمد بن صالح بن النّطّاح قال : إنما سمّي إسماعيل بن يسار النّسائيّ لأنه كان يبيع النّجد والفرش التي تتّخذ للعرائس ؛ فقيل إسماعيل بن يسار النّسائيّ.

وأخبرني محمد بن العبّاس اليزيديّ قال : حدّثنا الخليل بن أسد عن ابن عائشة : أنّ إسماعيل بن يسار النّسائيّ إنّما لقّب بذلك ، لأنّ أباه كان يكون عنده طعام العرسات (٤) مصلحا أبدا ؛ فمن طرقه وجده عنده معدّا.

أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال : حدّثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال : حدّثني الزّبير بن بكّار قال : قال مصعب بن عثمان :

لمّا خرج عروة بن الزّبير إلى الشام يريد الوليد بن عبد الملك ، أخرج معه إسماعيل بن يسار النّسائيّ ، وكان منقطعا إلى آل الزّبير ، فعادله (٥). فقال عروة ليلة من اللّيالي لبعض غلمانه : انظر كيف ترى المحمل؟ قال : أراه معتدلا. قال إسماعيل : الله أكبر ، ما

__________________

(١) الأخبار التالية استدركت عن الأغاني ٤ / ٤٠٨ وما بعدها.

(٢) مندرا : الذي يأتي بالنوادر من قول أو فعل.

(٣) بطالا : يقال : بطل في حديثه بطالة : هزل ، وكان بطالا. والتبطيل فعل البطالة وهي اتباع اللهو والجهالة (تاج العروس : بطل).

(٤) العرسات : جمع عرس وهو طعام الوليمة.

(٥) عادله : يقال : فلان يعدل فلانا أي يساويه. وقال ابن الأعرابي : عدل الشيء وعدله سواء أي مثله. والعدل نصف الحمل يكون على أحد جنبي البعير. قال الجوهري : العديل الذي يعادلك في الوزن والقدر. (التاج : عدل).

٣٢٣

اعتدل الحقّ والباطل قبل الليلة قطّ ؛ فضحك عروة ، وكان يستخفّ إسماعيل ويستطيبه.

أخبرني الحسن بن عليّ : قال حدّثنا أحمد بن سعيد قال : حدّثنا الزّبير قال : حدّثني عمّي (١) عن أيّوب بن عباية المخزوميّ :

أنّ إسماعيل بن يسار كان ينزل في موضع يقال له حديلة (٢) وكان له جلساء يتحدّثون عنده ، ففقدهم أيّاما ، وسأل عنهم فقيل : هم عند رجل يتحدّثون إليه طيّب الحديث حلو ظريف قدم عليهم يسمّى محمدا ويكنى أبا قيس. فجاء إسماعيل فوقف عليهم ، فسمع الرجل القوم يقولون : قد جاء صديقنا إسماعيل بن يسار ؛ فأقبل عليه فقال له : أنت إسماعيل؟ قال : نعم. قال : رحم الله أبويك فإنّهما سمّياك باسم صادق الوعد وأنت أكذب الناس. فقال له إسماعيل : ما اسمك؟ قال : محمد. قال : أو من؟ قال : أبو قيس. قال : لا! ولكن لا رحم الله أبويك ؛ فإنّهما سمّياك باسم نبيّ وكنّياك بكنية قرد. فأفحم الرجل وضحك القوم ، ولم يعد إلى مجالستهم ، فعادوا إلى مجالسة إسماعيل.

أخبرني الحسن بن عليّ قال : حدّثنا أحمد بن الحارث الخرّاز قال : حدّثنا المدائنيّ عن نمير العذريّ قال :

استأذن إسماعيل بن يسار النّسائيّ على الغمر بن يزيد بن عبد الملك (٣) يوما ، فحجبه ساعة ثم أذن له ، فدخل يبكي. فقال له الغمر : مالك يا أبا فائد تبكي؟ قال : وكيف لا أبكي وأنا على مروانيّتي (٤) ومروانيّة أبي أحجب عنك! فجعل الغمر يعتذر إليه وهو يبكي ؛ فما سكت حتّى وصله الغمر بجملة لها قدر. وخرج من عنده ، فلحقه رجل فقال له : أخبرني ويلك يا إسماعيل ، أيّ مروانيّة كانت لك أو لأبيك؟ قال : بغضنا إيّاهم ، امرأته طالق إن لم يكن يلعن مروان وآله كلّ يوم مكان التسبيح ، وإن لم يكن أبوه حضره الموت ، فقيل له : قل : لا إله إلّا الله ، فقال : لعن الله مروان ، تقرّبا بذلك إلى الله تعالى ، وإبدالا له من التوحيد وإقامة له مقامه.

أخبرني عمّي قال : حدّثني أبو أيّوب المدينيّ قال : حدّثني مصعب قال :

__________________

(١) يعني مصعب بن عبد الله الزبيري ، وكان الزبير بن بكار كثيرا ما يأخذ عن عمه المصعب.

(٢) حديلة : مصغرا. محلة بالمدينة بها دار عبد الملك بن مروان (معجم البلدان : حديلة ٢ / ٢٣٢).

(٣) تقدمت ترجمته في ٤٨ / ٨٥ رقم ٥٥٥٤.

(٤) نسبة إلى مروان بن الحكم ، يريد أنهم يتبعون ولاء مروان بن الحكم.

٣٢٤

قال إسماعيل بن يسار النّسائيّ قصيدته التي أوّلها :

ما على رسم منزل بالجناب (١)

لو أبان الغداة رجع الجواب

غيّرته الصّبا وكلّ ملثّ (٢)

دائم الودق (٣) مكفهرّ السّحاب

دار هند وهل زماني بهند

عائد بالهوى وصفو الجناب

كالذي كان والصفاء مصون

لم تشبه بهجرة واجتناب

ذاك منها إذ أنت كالغصن غضّ

وهي رؤد (٤) كدمية المحراب

غادة تستبي العقول بعذب

طيّب الطعم بارد الأنياب

وأثيث (٥) من فوق لون نقيّ

كبياض اللّجين في الزّرياب (٦)

فأقلّ الملام فيها وأقصر

لجّ قلبي من لوعة واكتئاب

صاح أبصرت أو سمعت براع

ردّ في الضّرع ما قرى في العلاب (٧)

وقال فيها يفخر على العرب بالعجم :

ربّ خال متوّج لي وعمّ

ماجد مجتدى كريم النّصاب

إنّما سمّي الفوارس بالفر

س مضاهاة رفعة الأنساب

فاتركي الفخر يا أمام علينا

واتركي الجور وانطقي بالصّواب

واسألي إن جهلت عنّا وعنكم

كيف كنّا في سالف الأحقاب

إذ نربّي بناتنا وتدسّو

ن سفاها بناتكم في التّراب (٨)

__________________

(١) الجناب : بالفتح الفناء وما قرب من محلة القوم ، وقيل : هو موضع في أرض كلب في السماوة بين العراق والشام.

والجناب بالكسر : موضع بعراض خيبر وسلاح ووادي القرى ، وقيل هو من منازل بني مازن. وقال نصر : الجناب من ديار بني فزارة بين المدينة وفيد (راجع معجم البلدان ٢ / ١٦٤).

(٢) ملث ، يقال : ألث المطر ولث إذا أقام أياما ولم يقلع.

(٣) الودق : بالفتح : المطر.

(٤) الرؤد : الشابة الحسنة.

(٥) أثيث : يقال : شعر أثيث إذا كان كثيرا.

(٦) الزرياب : الذهب قاله ابن الأعرابي أو ماؤه. والزرياب : الأصفر من كل شيء. وهو معرب من زرآب (تاج العروس : زرب).

(٧) العلاب بالكسر جمع علبة بالضم وهي القدح الضخم من جلود الإبل ، وقيل : محلب من جلد أو من خشب كالقدح الضخم يحلب فيها (تاج العروس : علب).

(٨) يشير إلى وأد العرب بناتهم في الجاهلية. ونقل أبو الفرج في الأغاني ٤ / ٤١٢ أن أشعب قال له وقد سمعه ينشد هذا البيت :

٣٢٥

أخبرني الحسين بن يحيى قال : قال حمّاد : قرأت على أبي : حدّثني مصعب بن عبد الله قال : سمعت إبراهيم بن أبي عبد الله يقول :

ركب فلان من ولد جعفر بن أبي طالب رحمه‌الله بإسماعيل بن يسار النّسائيّ حتّى أتى به قباء (١) ؛ فاستخرج الأحوص فقال له : أنشدني قولك :

ما ضرّ جيراننا إذ انتجعوا

لو أنّهم قبل بينهم ربعوا

فأنشده القصيدة. فأعجب بها ، ثم انصرف. فقال له إسماعيل بن يسار : أما جئت إلّا لما أرى؟ قال : لا. قال : فاسمع ، فأنشده قصيدته التي يقول فيها :

ما ضرّ أهلك لو تطوّف عاشق

بفناء بيتك أو ألمّ فسلّما

يا هند ردّي الوصل أن يتصرّما

وصلي امرأ كلفا بحبّك مغرما

لو تبذلين لنا دلالك مرّة

لم نبغ منك سوى دلالك محرما

منع الزيارة أنّ أهلك كلّهم

أبدوا لزورك غلظة وتجهّما

ما ضرّ أهلك لو تطوّف عاشق

بفناء بيتك أو ألمّ فسلّما (٢)

أخبرني الجوهريّ قال : حدّثنا عمر بن شبّة قال : أخبرني أبو سلمة الغفاريّ قال : أخبرنا أبو عاصم الأسلميّ قال :

بينا ابن يسار النّسائيّ مع الوليد بن يزيد جالس على بركة ، إذ أشار الوليد إلى مولّى له يقال له : عبد الصمد ، فدفع ابن يسار النسائيّ في البركة بثيابه ؛ فأمر به الوليد فأخرج. فقال ابن يسار :

قل لوالي العهد إن لا لاقيته

والعهد أولى بالرّشد

إنّه والله لو لا أنت لم

ينج منّي سالما عبد الصّمد

إنّه قد رام منّي خطّة

لم يرمها قبله منّي أحد

__________________

صدقت والله يا أبا فائد ، أراد القوم (يعني العرب) بناتهم لغير ما أردتموهن له. قال : وما ذاك : قال دفن القوم بناتهم خوفا من العار ، وربيتموهن لتنكحوهن. قال : فخجل اسماعيل.

(١) قباء : بالضم ، وقيل فيه بالقصر. أصله بئر وهناك عرفت القرية بها ، وهي مساكن بني عمرو بن عوف من الأنصار.

وقيل القرية على ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة. (انظر معجم البلدان ٢ / ٣٠٢).

(٢) زيد في الأغاني أن الرجل من ولد جعفر بن أبي طالب لما سمعها قال له : والله لو كنت سمعت هذه القصيدة أو علمت أنك قلتها لما أتيته.

٣٢٦

فهو مما رام منّي كالذي

يقنص الدّرّاج (١) من خيس (٢) الأسد (٣)

فبعث إليه الوليد بخلعة سنية وصلة وترضّاه (٤).

أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال : حدّثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال : أنشد رجل زبّان السوّاق قول إسماعيل بن يسار :

ما ضرّ أهلك لو تطوّف عاشق

بفناء بيتك أو ألمّ فسلّما

فبكى زبّان ، ثم قال : لا شيء والله إلّا الضّجر وسوء الخلق وضيق الصدر ، وجعل يبكي ويمسح عينيه.

أخبرني محمد بن جعفر الصّيدلانيّ النحويّ (٥) صهر المبرّد (٦) قال : حدّثني طلحة بن عبد الله بن إسحاق الطّلحيّ قال : حدّثني الزّبير بن بكّار قال : حدّثني جعفر بن الحسين المهلّبيّ قال :

أنشدت زبّان السّواق قول إسماعيل بن يسار النّسائيّ :

إن جملا وإن تبيّنت منها

نكبا عن مودّتي وازورارا (٧)

شرّدت بادّكارها النّوم عنّي

وأطير العزاء منّي فطارا

ما على أهلها ولم تأت سوءا

أن تحيّا تحيّة أو تزارا

يوم أبدوا لي التّجهّم فيها

وحموها لجاجة وضرارا

__________________

(١) الدراج : بضم الدال وتشديد الراء : طائر أسود باطن الجناحين وظاهرهما أغبر على خلقة القطا إلّا أنه ألطف. وهو من طير العراق.

(٢) خيس الأسد : غابته ومكانه.

(٣) وقوله : يقنص الدراج من خيس الأسد ، مثل. يقال فلان يطلب الدراج من خيس الأسد. وهو مثل يضرب لمن يطلب ما يتعذر وجوده. انظر كتاب الحيوان للدميري.

(٤) قال أبو الفرج الأصفهاني : وقد روي هذا الخبر لسعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت في قصة أخرى ، وذكر هذا الشعر له فيه الأغاني ٤ / ٤١٤.

(٥) وهو الملقب ببرمة ، وكان صهر المبرد على ابنته ، وكان نحويا أديبا شاعرا. انظر أخباره في بغية الوعاة للسيوطي ١ / ٧١ رقم ١٢١.

(٦) اسمه محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي البصري ، أبو العباس المبرد ، إمام العربية في بغداد في زمانه ، مات سنة ٢٨٥ ه‍ ببغداد. ترجمته في بغية الوعاة للسيوطي ١ / ٢٦٩.

(٧) ازورّ عنه ازورارا ، بمعنى مال. (تاج العروس : زور).

٣٢٧

فقال زبّان : لا شيء وأبيهم إلّا اللّحز (١) وقلّة المعرفة وضيق العطن (٢).

قال عمر بن شبّة : حدّثني إسحاق الموصليّ قال :

غنّي الوليد بن يزيد في شعر لإسماعيل بن يسار ، وهو :

حتّى إذا الصبح بدا ضوأه

وغارت الجوزاء والمرزم (٣)

خرجت والوطء خفيّ كما

ينساب من مكمنه الأرقم (٤)

فقال : من يقول هذا؟ قالوا : رجل من أهل الحجاز يقال له إسماعيل بن يسار النّسائي ؛ فكتب في إشخاصه إليه. فلمّا دخل عليه استنشده القصيدة التي هذان البيتان منها : فأنشده :

كلثم أنت الهمّ يا كلثم

وأنتم دائي الذي أكتم

أكاتم الناس هوى شفّني

وبعض كتمان الهوى أحرم

قد لمتني ظلما بلا ظنّة (٥)

وأنت فيما بيننا ألوم

أبدي الذي تخفينه ظاهرا

ارتدّ عنه فيك أو أقدم

إمّا بيأس منك أو مطمع

يسدى بحسن الودّ أو يلحم

لا تتركيني هكذا ميّتا

لا أمنح الودّ ولا أصرم (٦)

أوفي بما قلت ولا تندمي

إنّ الوفيّ القول لا يندم

آية ما جئت على رقبة

بعد الكرى والحيّ قد نوّموا

أخافت المشي حذار العدا

والليل داج حالك مظلم

ودون ما حاولت إذ زرتكم

أخوك والخال معا والعم

__________________

(١) اللحز محركة ، الشح والبخل.

(٢) ضيق العطن : كناية عن الحمق وضيق الصدر.

(٣) المرزم : كمنبر. يقال رزم الشتاء رزمة شديدة أي برد فهو رازم ، وبه سمي نوء المرزم ، لشدة برده.

والمرزمان نجمان مع الشعريين ، وهما من نجوم المطر ، وقد يفرد فيقال مرزم. (تاج العروس : رزم).

(٤) الأرقم : أخبث الحيات وأطلبها للناس. أو هو ما فيه سواد وبياض ، أو ذكر الحيات ، ولا يقال في الأنثى رقماء ولكن رقشاء ، والجمع أراقم (تاج العروس : رقم).

(٥) الظنة بالكسر التهمة ، ج الظنن (تاج العروس).

(٦) صرمه يصرمه صرما : قطعه بائنا (تاج العروس : صرم).

٣٢٨

وليس إلّا الله لي صاحب

إليكم والصارم اللهذم (١)

حتّى دخلت البيت فاستذرفت

من شفق عيناك لي تسجم (٢)

ثم انجلى الحزن وروعاته

وغيّب الكاشح والمبرم (٣)

فبتّ فيما شئت من نعمة (٤)

يمنحنيها نحرها والفم

حتّى إذا الصبح بدا ضوأه

وغارت الجوزاء والمرزم

خرجت والوطء خفيّ كما

ينساب من مكمنه الأرقم

قال : فطرب الوليد حتّى نزل عن فرشه وسريره ، وأمر المغنّين فغنّوه الصوت وشرب عليه أقداحا ، وأمر لإسماعيل بكسوة وجائزة سنية ، وسرّحه إلى المدينة.

حدّثنا أحمد بن عبيد الله بن عمّار قال : حدّثنا عمر بن شبة قال : حدّثنا إسحاق الموصليّ قال حدّثنا محمد بن كناسة قال :

اصطحب شيخ وشباب في سفينة من الكوفة ؛ فقال بعض الشباب للشيخ : إنّ معنا قينة لنا ، ونحن نجلّك ونحبّ أن نسمع غناءها. قال : الله المستعان ؛ فأنا أرقى على الأطلال (٥) وشأنكم. فغنّت :

حتّى إذا الصبح بدا ضوأه

وغارت الجوزءا والمرزم

أقبلت والوطء خفيّ كما

ينساب من مكمنه الأرقم

قال : فألقى الشيخ بنفسه في الفرات ، وجعل يخبط بيديه ويقول : أن الأرقم! أنا الأرقم! فأدركوه وقد كاد يغرق ؛ فقالوا : ما صنعت بنفسك؟ فقال : إنّي والله أعلم من معاني الشعر ما لا تعلمون.

أخبرني الحسن بن عليّ الخفّاف قال : حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال : حدّثني أبو مسلم المستملي عن المدائنيّ قال :

__________________

(١) اللهذم كجعفر : القاطع من الأسنة ، يقال : سنان لهذم ، وكذلك سيف لهذم وناب لهذم (تاج العروس : لهذم).

(٢) سجم الدمع سجوما وسجاما وسجمته العين : قطر دمعها وسال قليلا أو كثيرا. (تاج العروس : سجم).

(٣) المبرم : الثقيل منه كأنه يقتطع من جلسائه شيئا ، والمبرم : الغث الحديث الذي يحدث الناس بالأحاديث التي لا فائدة فيها ولا معنى لها ، (تاج العروس : برم).

(٤) النعمة : بالفتح التنعم ، وبالكسر الأنعام وبالضم : المسرّة (انظر تاج العروس : نعم).

(٥) الأطلال جمع طلل ، وطلل السفينة أو السيارة ونحوهما : غطاء تغشى به كالسقف. والمراد هنا بمعنى الشراع.

٣٢٩

مدح إسماعيل بن يسار النّسائيّ رجلا من أهل المدينة يقال له عبد الله بن أنس ، وكان قد اتّصل ببني مروان وأصاب منهم خيرا ، وكان إسماعيل صديقا له ؛ فرحل إلى دمشق إليه ، فأنشده مديحا له ومتّ إليه بالجوار والصداقة ؛ فلم يعطه شيئا. فقال يهجوه :

لعمرك ما إلى حسن رحلنا

ولا زرنا حسينا يا ابن أنس (١)

ولا عبدا لعبدهما فنحظى

بحسن الحظّ منهم غير بخس

ولكن ضبّ (٢) جندلة (٣) أتينا

مضبّا في مكامنه يفسّي

فلمّا أنّ أتيناه وقلنا

بحاجتنا تلوّن لون ورس (٤)

وأعرض غير منبلج لعرف

وظلّ مقرطبا (٥) ضرسا بضرس

فقلت لأهله أبه كزاز (٦)

وقلت لصاحبي أتراه يمسي

فكان الغنم أن قمنا جميعا

مخافة أن نزنّ بقتل نفس

حدّثني عمّي قال : حدّثنا أحمد بن زهير قال : حدّثنا مصعب بن عبد الله قال :

وفد عروة بن الزّبير إلى الوليد بن عبد الملك وأخرج معه إسماعيل بن يسار النّسائي ، فمات في تلك الوفادة محمد بن عروة بن الزّبير (٧) ، وكان مطّلعا على دوابّ الوليد بن عبد الملك ، فسقط من فوق السطح بينها ، فجعلت ترمحه (٨) حتى قطّعته ، كان جميل الوجه جوادا. فقال إسماعيل بن يسار يرثيه (٩) :

صلّى الإله على فتى (١٠) فارقته

بالشام في جدث الطّويّ (١١) الملحد

__________________

(١) يعني الحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهم.

(٢) الضب حيوان من جنس الزواحف من رتبة العظاء ، غليظ الجسم خشنه. وله ذنب عريض حرش أعقد ، تصدر عنه رائحة كريهة.

(٣) الجندلة ج الجندل وهي الحجارة.

(٤) الورس : نبت من الفصيلة البقلية ، أصفر اللون يتخذ منه طلاء للوجه ، وقد نستعمله لتلوين الملابس الحرير.

(٥) مقرطبا أي غاضبا.

(٦) الكزاز : تشنج أو رعدة تصيب الإنسان من برد شديد.

(٧) انظر ترجمته في الوافي بالوفيات ٤ / ٩٤.

(٨) ترمحه أي ترفسه.

(٩) الأبيات في التعازي والمراثي للمبرد ص ١٩٢.

(١٠) في التعازي والمرائي : امرئ.

(١١) الطوي : يقال طوى البئر وغيرها بالحجارة بناها ، وهنا بمعنى القبر المعرش بالحجارة.

وعجزه في التعازي والمراثي : بالشام في حدّ الضريح الملحد

٣٣٠

بوأته بيديّ دار إقامة

نائي المحلة عن مزار العوّد

وغبرت أعوله وقد أسلمته

لصفا الأماعز والصّفيح المسند (١)

متخشّعا للدهر ألبس حلّة

في النائبات بحسرة وتجلّد

أعني ابن عروة إنّه قد هدّني

فقد ابن عروة هدّة لم تقصد

فإذا ذهبت إلى العزاء أرومه

ليرى المكاشح بالعزاء تجلّدي (٢)

منع (٣) التّعزّي أنّني لفراقه

لبس العدوّ عليّ جلد الأربد (٤)

ونأى الصديق فلا صديق أعدّه

لدفاع نائبة الزّمان المفسد

فلئن تركتك يا محمد ثاويا

لبما تروح مع الكرام وتغتدي

كان الذي يزع العدو بدفعه

ويردّ نخوة ذي المراح الأصيد (٥)

فمضى لوجهته وكلّ معمّر

يوما سيدركه حمام الموعد

قال (٦) إسماعيل بن يسار يرثي محمد بن عروة [بن الزبير]

تلك عرسي رامت سفاها فراقي

وجفتني فما تريد عناقي (٧)

زعمت أنما هلاكي مع الما

ل وأني محالفي إملاقي

وتناست رزية بدمشق

أشخصت مهجتي فويق التراقي

يوم ندعى إلى ابن عروة نعشا

فوق أيدي (٨) الرجال والأعناق

مستحثا به سياق إلى القب

ر وما إن يحثهم من سياق

__________________

(١) الأماعز جمع أمعز ، وهي الأرض ، وعجزه في التعازي والمرائي :

لسفى الأماعز والمزار الأبعد

(٢) عجزه في التعازي والمرائي :

غلب العزاء وحيل دون تجلدي

(٣) في التعازي والمراثي : غلب.

(٤) الأربد : ما اختلط سواد بكدرة ، ويعني هنا به الأسد.

(٥) الأصيد : المتكبر.

(٦) الخبر التالي والأبيات استدرك عن التعازي والمراثي للمبرد ص ١٩١ ـ ١٩٢ والشعر في الأغاني ١٤ / ٣٨١.

(٧) روايته في الأغاني :

تلك عرسي رامت سفاها فراقي

وجفتني فما تريد عناقي

(٨) في الأغاني :

يوم نلقي نعش ابن عروة محمو

لا بأيدي ...

٣٣١

بمقام ربح (١) أجنّوا

شخصه ارتقوا وليس براق

ثم وليت موجعا قد شجاني

قرب عهد به وبعد تلاق

ولقد كنت للحتوف عليه

مشفقا لو أعاذه إشفاقي

فإذا الموت لا يرد بحرص

لحريص ولا لرقية راق

وغنينا كابني نويرة (٢) يوما

في رخاء ولذة واتفاق

ثم صرنا لفرقة ذات بعد

كل حيّ مصيره لفراق

حدّثني عمّي قال : حدّثني أحمد بن أبي خيثمة قال : حدّثنا مصعب بن عبد الله عن أبيه :

أن إسماعيل بن يسار دخل على عبد الملك بن مروان لمّا أفضى إليه الأمر بعد مقتل عبد الله بن الزّبير ، فسلّم ووقف موقف المنشد واستأذن في الإنشاد فقال له عبد الملك : الآن يا ابن يسار! إنّما أنت امرؤ زبيريّ ، فبأي لسان تنشد؟ فقال له : يا أمير المؤمنين ، أنا أصغر شأنا من ذلك ، وقد صفحت عن أعظم جرما وأكثر غناء لأعدائك منّي ، وإنما أنا شاعر مضحك. فتبسّم عبد الملك ؛ وأومأ إليه الوليد بأن ينشد. فابتدأ فأنشد قوله :

ألا يا لقومي للرّقاد المسهّد

وللماء ممنوعا من الحائم الصّدي

وللحال بعد الحال يركبها الفتى

وللحبّ بعد السّلوة المتمرّد

وللمرء يلحى في التصابي وقبله

صبا بالغواني كلّ قرم (٣) ممجّد

وكيف تناسي القلب سلمى وحبها

كجمر غضى بين الشّراسيف موقد

حتى انتهى إلى قوله :

إليك إمام النّاس من بطن يثرب

ونعم أخو ذي الحاجة المتعمّد

رحلنا لأنّ الجود منك خليقة

وأنّك لم يذمم جنابك مجتدي

ملكت فزدت النّاس ما لم يزدهم

إمام من المعروف غير المصرّد (٤)

وقمت فلم تنقض قضاء خليفة

ولكن بما ساروا من الفعل تقتدي

__________________

(١) مكان ربخ : إذا كان لا يستقر عليه.

(٢) يعني مالك ومتمم ابنا نويرة انظر الأغاني ١٥ / ٢٩١ والشعر والشعراء ص ٣٥٤.

(٣) القرم : السيد.

(٤) المصرد : يقال : صرد عطاءه : أعطاه منقطعا ، أي قليلا قليلا.

٣٣٢

ولمّا وليت الملك ضاربت دونه

وأسندته لا تأتلي خير مسند

جعلت هشاما والوليد ذخيرة

وليّين للعهد الوثيق المؤكّد

قال : فنظر إليهما عبد الملك متبسّما ، والتفت إلى سليمان فقال : أخرجك إسماعيل من هذا الأمر. فقطب سليمان ونظر إلى إسماعيل نظر مغضب. فقال إسماعيل : يا أمير المؤمنين ، إنما وزن الشعر أخرجه من البيت الأوّل ، وقد قلت بعده :

وأمضيت عزما في سليمان راشدا

ومن يعتصم بالله مثلك يرشد

فأمر له بألفي درهم صلة ، وزاد في عطائه ، وفرض له ، وقال لولده : أعطوه ؛ فأعطوه ثلاثة آلاف درهم.

دخل إسماعيل بن يسار يوما على هشام بن عبد الملك في خلافته وهو بالرّصافة (١) جالس على بركة له في قصره ، فاستنشده وهو يرى أنه ينشد مديحا له ؛ فأنشده قصيدته التي يفختر فيها بالعجم :

يا ربع رامة (٢) بالعلياء من ريم (٣)

هل ترجعنّ إذا حيّيت تسليمي

ما بال حيّ غدت بزل (٤) المطيّ بهم

تخدي (٥) لغربتهم سيرا بتقحيم

كأنّني يوم ساروا شارب سلبت

فؤاده قهوة من خمر داروم (٦)

حتّى انتهى إلى قوله :

إنّي وجدّك ما عودي بذي خور

عند الحفاظ ولا حوضي بمهدوم

أصلي كريم ومجدي لا يقاس به

ولي لسان كحدّ السّيف مسموم (٧)

__________________

(١) الرصافة : في مواضع كثيرة منها رصافة هشام بن عبد الملك في غربي الرقة بينهما أربعة فراسخ على طرف البرية (معجم البلدان ٣ / ٤٧).

(٢) رامة : منزل بينه وبين الرمادة ليلة في طريق البصرة إلى مكة ، وهي آخر بلاد بني تميم. وقيل : رامة : هضبة ، وقيل : جبل لبني دارم (معجم البلدان ٣ / ١٨).

(٣) ريم قيل بالياء بدون همز ، وقيل رئم مهموز ، وفيها بكسر أوله ، وهو واد لمزينة قرب المدينة يصب فيه ورقان ، وقيل : بطن ريم على ثلاثين ميلا من المدينة. (معجم البلدان ٣ / ١١٤).

(٤) البزل جمع بزول ، يقال : بزل البعير إذا طلع نابه ، ويكون ذلك في سنته الثامنة أو التاسعة (راجع تاج العروس : بزل).

(٥) وخدي البعير : أسرع وزج بقوائمه.

(٦) خمر داروم : داروم قلعة بعد غزة إلى الطريق إلى مصر ، تنسب إليها الخمر الجيدة.

(٧) في البيت إقواء.

٣٣٣

أحمي به مجد أقوام ذوي حسب

من كلّ قرم بتاج الملك معموم

جحاجح سادة بلج مرازبة

جرد عتاق مساميح مطاعيم

من مثل كسرى وسابور الجنود معا

والهرمزان لفخر أو لتعظيم

أسد الكتائب يوم الرّوع إن زحفوا

وهم أذلّوا ملوك التّرك والرّوم

يمشون في حلق المادي (١) سابغة

مشي الضّراغمة الأسد اللهاميم

هناك إن تسألي تنبي بأنّ لنا

جرثومة قهرت عزّ الجراثيم

قال : فغضب هشام وقال له : يا عاضّ بظر أمّه! أعليّ تفخر وإيّاي تنشد قصيدة تمدح بها نفسك وأعلاج قومك!! غطّوه في الماء ، فغطّوه في البركة حتى كادت نفسه تخرج ، ثم أمر بإخراجه وهو بشرّ ونفاه من وقته ، فأخرج عن الرّصافة منفيّا إلى الحجاز. قال : وكان مبتلى بالعصبيّة للعجم والفخر بهم ، فكان لا يزال مضروبا محروما مطرودا.

أخبرني عمّي قال : حدّثني أحمد بن أبي خيثمة قال : قال ابن النطّاح وحدّثني أبو اليقظان :

أنّ إسماعيل بن يسار وفد إلى الوليد بن يزيد ، وقد أسنّ وضعف ، فتوسّل إليه بأخيه الغمر ومدحه بقوله :

نأتك سليمى فالهوى متشاجر

وفي نأيها للقلب داء مخامر

نأتك وهام القلب ، نأيا بذكرها

ولجّ كما لجّ الخليع المقامر

بواضحة الأقراب (٢) خفّاقة الحشى

برهرهة (٣) لا يجتويها المعاشر

يقول فيها يمدح الغمر بن يزيد :

إذا عدّد الناس المكارم والعلا

فلا يفخرن يوما على الغمر فاخر

فما مرّ من يوم على الدهر واحد

على الغمر إلّا وهو في الناس غامر

تراهم خشوعا حين يبدو مهابة

كما خشعت يوما لكسرى الأساور (٤)

__________________

(١) الماذي : الدروع البيضاء.

(٢) الأقراب جمع قرب وهي الخاصرة.

(٣) البرهرهة : المرأة الشابة الناعمة.

(٤) الأساور والأساورة جمع أسوار بالضم وبالكسر ، قائد الفرس ، بمنزلة الأمير في العرب ، وقيل : هو الملك الأكبر ، وقيل أساورة الفرس هم فرسانهم المقاتلون (تاج العروس : سور).

٣٣٤

أغرّ بطاحيّ (١) كأنّ جبينه

إذا ما بدا بدر إذا لاح باهر

وقى عرضه بالمال فالمال جنّة (٢)

له وأهان المال والعرض وافر

وفي سيبه (٣) للمجتدين عمارة

وفي سيفه للدّين عزّ وناصر

نماه إلى فرعي لؤيّ بن غالب

أبوه أبو العاصي وحرب وعامر

وخمسة آباء له قد تتابعوا

خلائف عدل ملكهم متواتر

بهاليل (٤) سبّاقون في كلّ غاية

إذا استبقت في المكرمات المعاشر

هم خير من بين الحجون (٥) إلى الصّفا (٦)

إلى حيث أفضت بالبطاح الحزاور (٧)

وهم جمعوا هذا الأنام على الهدى

وقد فرّقت بين الأنام البصائر

قال : فأعطاه الغمر ثلاثة آلاف درهم ، وأخذ له من أخيه الوليد ثلاثة آلاف درهم.

أخبرني عمي قال : حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة عن مصعب قال :

لمّا مات محمد بن يسار ، وكانت وفاته قبل أخيه ، دخل إسماعيل على هشام بن عروة ، فجلس عنده وحدّثه بمصيبته ووفاة أخيه ثم أنشده يرثيه :

عيل العزاء وخانني صبري

لمّا نعى الناعي أبا بكر

ورأيت ريب الدّهر أفردني

منه وأسلم للعدا صهري

من طيّب الأثواب مقتبل

حلو الشمائل ماجد غمر

فمضى لوجهته وأدركه

قدر أتيح له من القدر

وغبرت مالي من تذكّره

إلّا الأسى وحرارة الصدر

__________________

(١) بطاحي نسبة إلى البطاح ، وقريش البطاح هم الذين ينزلون الشعب بين أخشبي مكة ، وهم أكرم قريش وأشرفها (تاج العروس : بطح).

(٢) الجنة : الوقاية والدرع.

(٣) السيب : العطاء والعرف ، ومن المجاز : فاض سيبه على الناس أي عطاؤه (تاج العروس : سيب).

(٤) البهاليل واحدها بهلول وهو السيد الكريم.

(٥) الحجون جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها (معجم البلدان).

(٦) الصفا : مكان مرتفع من جبل أبي قبيس ، وقيل الصفا والمروة جبلان بين بطحاء مكة والمسجد (انظر معجم البلدان).

(٧) الحزاور جمع حزورة ، والحزورة سوق بمكة.

٣٣٥

وخوى (١) يعاودني وقلّ له

منّي الجوى ومحاسن الذّكر

لمّا هوت أيدي الرّجال به

في قعر ذات جوانب غبر

وعلمت أنّي لن ألاقيه

في الناس حتّى ملتقى الحشر

كادت لفرقته وما ظلمت

نفسي تموت على شفا القبر

ولعمر من حبس الهديّ له

بالأخشبين (٢) صبيحة النّحر

لو كان نيل الخلد يدركه

بشر بطيب الخيم والنّجر (٣)

لغبرت لا تخشى المنون ولا

أودى بنفسك حادث الدّهر

ولنعم مأوى المرملين (٤) إذا

قحطوا وأخلف صائب القطر

كم قلت آونة وقد ذرفت

عيني فماء شئونها (٥) يجري

أنّي وأيّ فتى يكون لنا

شرواك عند تفاقم الأمر

لدفاع خصم ذي مشاغبة

ولعائل ترب أخي فقر

ولقد علمت وإن ضمنت جوى

مما أجنّ كواهج الجمر

ما لامرئ دون المنيّة من

نفق فيحرزه ولا ستر

قال : وكان بحضرة هشام رجل من آل الزّبير ، فقال له : أحسنت وأسرفت في القول ، فلو قلت هذا في رجل من سادات قريش لكان كثيرا. فزجره هشام وقال : بئس والله ما واجهت به جليسك ؛ فكشره إسماعيل ، وجزاه خيرا. فلمّا انصرف تناول هشام الرجل الزّبيريّ وقال : ما أردت إلى رجل شاعر ملك قوله فصرف أحسنه إلى أخيه! ما زدت على أن أغريته بعرضك وأعراضنا لو لا أنّي تلافيته. وكان محمد بن يسار أخو إسماعيل هذا الذي رثاه شاعرا من طبقة أخيه ؛ وله أشعار كثيرة. ولم أجد له خبرا فأذكره ، ولكن له أشعار كثيرة يغنّى فيها. منها قوله في قصيدة طويلة :

__________________

(١) الخوى : خلو الجوف من الطعام (القاموس المحيط).

(٢) الأخشبان : هما جبلان يضافان تارة إلى مكة ، وتارة إلى منى ، وهما واحد ، يقال لأحدهما : أبو قبيس ، وللآخر : قعيقعان ، ويقال : بل هما أبو قبيس والجبل الأحمر المشرف هنالك (انظر معجم البلدان).

(٣) النجر : الأصل. (القاموس).

(٤) أرملوا : نفد زادهم (القاموس).

(٥) الشئون : الدموع.

٣٣٦

غشيت الدار بالسّند

دوين الشّعب (١)من أحد

عفت بعدي وغيّرها

تقادم سالف الأبد

ولإسماعيل بن يسار ابن يقال له إبراهيم ، شاعر أيضا ، وهو القائل :

مضى الجهل عنك إلى طيّته

وآبك حلمك من غيبته

وأصبحت تعجب مما رأي

ت من نقض دهر ومن مرّته

وهي طويلة يفتخر فيها بالعجم.

قال المدائني عن جويرية بن أسماء قال :

قدم الوليد بن يزيد المدينة ، فقلت لإسماعيل بن يسار : أخذنا (٢) مما أعطاك الله ، فقال : هلم أقاسمك إن قبلت ، فبعث إليّ براوية (٣) من خمر.

__________________

(١) الشعب : ماء بين العقبة والقاع في طريق مكة (معجم البلدان).

(٢) أحذى الرجل : أعطاه مما أصابه.

(٣) الراوية : المزادة.

٣٣٧

حرف الباء

[٩٧٣٤] بحيرى الراهب

الذي حذّر على النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الروم ، وردّه من أرض بصرى (١) ، وكان على دين المسيح ، على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام. توفي قبل البعث ، كان يسكن قرية يقال لها : الكفر ، بينها وبين بصرى ستة أميال تعرف اليوم بدير بحيرى (٢) ؛ وقيل : كان يسكن البلقاء بقرية يقال لها : ميفعة (٣) وراء زيزاء (٤).

عن ابن عباس :

إن أبا بكر الصديق صحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو ابن ثمان عشرة ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ابن عشرين ، وهم يريدون الشام في تجارة ، حتى إذا نزلوا منزلا فيه سدرة (٥) قعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

[٩٧٣٤] انظر أخباره في تاريخ الطبري ١ / ٥١٩ والبداية والنهاية والكامل لابن الأثير وتاج العروس : بحر ، ودلائل النبوة للبيهقي ٢ / ٢٤ وما بعدها ، ودلائل النبوة لأبي نعيم ص ١٦٨ (ح رقم ١٠٨) والخصائص للسيوطي ١ / ١٤١ وسيرة ابن هشام ١ / ١٩١ وطبقات ابن سعد ١ / ١١٩ وأسد الغابة ١ / ١٩٩ والإصابة ١ / ٢٠٩ (٥٩٥) و١ / ٢٦٠ (٧٩١) (ط دار الفكر). وبحيرى في تاج العروس : بحيراء الراهب ، كأمير ممدودا ، هكذا ضبطه الذهبي وشرح المواهب ، وفي رواية بالألف المقصورة ، وفي أخرى كأمير ، وأما تصغيره فغلط ، كما صرحوا به.

(١) بصرى : بالضم ، في موضعين ، إحداهما بالشام من أعمال دمشق ، وهي قصبة كورة حوران مشهورة عند العرب قديما وحديثا.

(٢) كذا ، وفي معجم البلدان يوجد : دير بصرى ، قال ياقوت : وبه كان بحيرا الراهب الذي بشّر بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقصته مشهورة. ولعله المراد هنا.

(٣) كذا ، ولم أجدها ، والذي في البداية والنهاية : منفعة.

(٤) زيزاء : من قرى البلقاء كبيرة ، يطؤها الحاج ويقام بها لهم سوق وفيها بركة عظيمة (معجم البلدان ٣ / ١٦٣).

(٥) السدر بالكسر شجر النبق ، الواحدة بهاء : سدرة ، وهو من العضاه ذو شوك ، وله ثمر عفص لا يؤكل ، طيب الرائحة.

٣٣٨

في ظلّها ، ومضى أبو بكر إلى راهب يقال له بحيرى يسأله عن شيء ، فقال له : من الرجل الذي في ظلّ السّدرة؟ فقال له : ذلك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، فقال : هذا والله نبي ، ما استظلّ تحتها بعد عيسى بن مريم إلّا محمد. ووقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق ، فلما نبّئ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم اتّبعه (١).

حدث أبو داود سليمان بن موسى (٢) :

أن أبا طالب عمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج به إلى الشام ، فلما مروا بقرية يقال لها : ميفعة من أرض البلقاء ، وفيها راهب يقال له : بحيرى ، فخرج إليهم بحيرى ، وكانوا قبل ذلك يقدمون فلا يخرج إليهم ولا يلتفت ، فجعل يتخلّلهم (٣) حتى انتهى إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : هذا سيّد العالمين ، هذا رسول ربّ العالمين ، هذا الذي بعثه الله رحمة للعالمين. فقال شيوخ من قدم معه من قريش : وما علمك؟ قال : علمي أنكم لما أشرفتم من العقبة لم يبق شجرة ولا حجر إلّا خرّ ساجدا ولا يسجد (٤) إلّا لنبي ، وأعرفه بالصّفة وبخاتم النبوة مثل التفاحة أسفل من غضروف كتفه ، ثم انطلق بحيرى فأتاهم بطعام (٥) ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في رعيه إبل أصحابه ، فقال : أرسلوا إليه ، فأرسلوا إليه ، فقال بحيرى : انظروا عليه غمامة تظله! فانتهى إليهم وقد علموه على الشجرة فيء الشجرة ، فجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومال إليه فيء الشجرة ، فقال : انظروا إلى فيء الشجرة كيف مال إليه! فبيناهم يأكلون وهو قائم عليهم ؛ إذ هو بفوارس (٦) من الروم مقبلين ، فلما رآهم بحيرى استقبلهم ، فقال : ما جاء بكم؟ فقالوا : جئنا لأنه بلغنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر ، فلم يبق طريق من طرق الروم إلّا وقد بعث عليه قوم وبعثنا إلى هذه الطريق. فقال : ما وراءكم أفضل لكم ، قال : أرأيتم أمرا أراد الله أن يمضيه يستطيع أحد ردّه؟

__________________

(١) رواه ابن الأثير في أسد الغابة ١ / ١٩٩ عن ابن عباس. وقال ابن الأثير : أخرجه ابن منده وأبو نعيم. ورواه ابن حجر في الإصابة ١ / ٢١٠ (ط دار الفكر) والسيوطي في الخصائص ١ / ١٤٥ ـ ١٤٦.

وعقب ابن حجر بقوله : فهذا إن صح يحتمل أن يكون في سفرة أخرى بعد سفرة أبي طالب.

(٢) رواه البيهقي في دلائل النبوة ٢ / ٢٤ بسنده إلى أبي موسى الأشعري. وأبو نعيم في دلائل النبوة ص ١٧٠ رقم ١٠٩.

(٣) تخللهم : دخل بينهم. (تاج العروس : خلل).

(٤) كذا ، وفي دلائل البيهقي : يسجدان.

(٥) في دلائل البيهقي وأبي نعيم : ثم رجع فصنع لهم طعاما ، فلما أتاهم به.

(٦) في دلائل أبي نعيم : فإذا هو بسبعة نفر ، وفي دلائل البيهقي : بتسعة نفر.

٣٣٩

فتبعوه وأقاموا وأتاهم بحيرى فقال : أيكم ولي هذا الغلام؟ فأشاروا إلى أبي طالب. فقال : إنهم إن رأوه عرفوه ، فقتلوه ، فرده أبو طالب.

وذكر حديث بحيرى لما عمل الطعام ودعاهم إليه ، وقد ذكرناه في ترجمة سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقال في آخره : وكان رجال من يهود (١) قد رأوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ وعرفوا صفته ، فأرادوا أن يغتالوه ، فذهبوا إلى بحيرى فذاكروه أمره فنهاهم أشد النهي ، وقال لهم : أتجدون صفته؟ قالوا : نعم. قال : فما لكم إليه سبيل ، فصدقوه ، وتركوه ، ورجع أبو طالب فما خرج به سفرا بعد ذلك خوفا عليه.

[٩٧٣٥] بختريّ بن عبيد

ابن سليمان الطّابخي

الكلبي من أهل القلمون (٢) من قرية الأفاعي (٣).

[روى عن : سعد بن مسهر ، وأبيه عبيد بن سلمان.

روى عنه : إسماعيل بن عياش ، وحماد أبو يحيى السكوني ، وسلمة بن بشر بن صيفي الدمشقي ، وسليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل ، ومحمد بن أبي السري العسقلاني ، ومحمد بن المبارك الصوري ، وهشام بن عمار ، والوليد بن مسلم](٤).

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](٥) : [البختري بن عبيد بن سلمان الطابخي روى عن أبيه عن أبي هريرة ، روى عنه الوليد بن مسلم ، وسليمان بن شرحبيل ، ومحمد بن المتوكل العسقلاني وهشام بن عمار ، سمعت أبي يقول ذلك.

__________________

(١) في السيرة النبوية : نفر من أهل الكتاب.

[٩٧٣٥] ترجمته في تهذيب الكمال ٣ / ١٤ وتهذيب التهذيب وتقريبه ١ / ٤٣٩ (٦٨٥) (ط دار الفكر) وميزان الاعتدال ١ / ٣١٣ (١٣١٧) (ط دار الفكر) ومعجم البلدان (القلمون ٤ / ٣٩١) والجرح والتعديل ١ / ١ / ٤٢٧ والكامل لابن عدي ٢ / ٥٧. وعبيد ، بالضم ، مصغرا ، وفي معجم البلدان : عبيد الله.

في تهذيب الكمال : «الطانجي» والطابخي بالموحدة بعد الألف ثم معجمة (الخلاصة).

(٢) القلمون : بدمشق ، وقال أبو عبيد البكري : في واح الداخلة حصن يسمى قلمون مياهه حامضة يشربون منها وبها يسقون زروعهم (معجم البلدان).

(٣) الأفاعي : واد قرب القلزم من أرض مصر ، (انظر معجم البلدان ١ / ٢٢٧).

(٤) الزيادة بين معكوفتين استدركت عن تهذيب الكمال ٣ / ١٤.

(٥) الزيادة للإيضاح.

٣٤٠