تاريخ مدينة دمشق - ج ٧١

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧١

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٩
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

[٩٦١٤] أحمد بن الخضر بن بكر بن حمّاد

ابن الخاضب أبو بكر الإمام

حدث عن أبي عمر بن كودك بسنده عن زياد بن أبي زياد (١) قال : سمعت أنس بن مالك يقول :

ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من هذا الفتى يعني : عمر بن عبد العزيز ، وهو على المدينة.

[٩٦١٥] أحمد بن خلف [الدمشقي](٢)

حدث عن أحمد بن أبي الحواري بسنده عن علقمة بن الحارث (٣) قال :

قدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا سابع سبعة من قومي ، فسلّمنا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فردّ علينا ، وكلمناه فأعجبه كلامنا ، فقال : «ما أنتم؟» قلنا : مؤمنون ، قال : «لكلّ قول حقيقة ، فما حقيقة إيمانكم؟» قلنا : خمس عشرة خصلة ، خمس [منها](٤) أمرتنا بها رسلك [أن نؤمن بها](٥) ، وخمس أمرتنا بها (٦) وخمس تخلقنا بها في الجاهلية ، ونحن عليها إلى الآن ، إلّا أن تنهانا يا رسول الله. قال : «وما الخمس التي أمرتكم بها» (٧)؟ قالوا : أمرتنا أن نؤمن بالله وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، وبالقدر خيره وشره. قال : «وما الخمس التي أمرتكم بها رسلي؟» (٨) قلنا : أمرتنا رسلك أن نشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنك عبده ورسوله ، ونقيم الصلاة المكتوبة ، ونؤتي الزكاة المفروضة ، ونصوم شهر رمضان ، ونحج البيت إن استطعنا إليه السبيل.

__________________

(١) هو زياد بن أبي زياد ميسرة الفقيه ، مولى ابن عياش ، ترجمته في سير الأعلام ٥ / ٤٥٦.

(٢) زيادة عن أسد الغابة ٣ / ٥٧٩ ترجمة علقمة بن الحارث.

(٣) من طريق أحمد بن خلف الدمشقي رواه ابن الأثير في أسد الغابة ٣ / ٥٧٩ في ترجمة علقمة بن الحارث. ورواه أيضا من وجه آخر في ترجمة سويد بن الحارث الأزدي ٢ / ٣٣٥ ، ورواه ابن حجر في الإصابة ٢ / ٤٢٢ (ط دار الفكر) في ترجمة سويد بن الحارث.

وقال ابن حجر : وساقه الرشاطي وابن عساكر من وجهين آخرين عن أحمد بن أبي الحواري.

(٤) زيادة عن أسد الغابة ٢ / ٣٣٦.

(٥) زيادة عن أسد الغابة ٢ / ٣٣٦.

(٦) كذا الجملة في مختصر ابن منظور : والذي في أسد الغابة : أمرتنا رسلك أن نعمل بها.

(٧) في أسد الغابة : الخمس التي أمركم رسلي أن تؤمنوا بها.

(٨) في أسد الغابة : أمرتكم رسلي أن تعملوا بها.

١٠١

قال : «وما الخصال التي تخلقتم بها في الجاهلية؟» قلنا : الشكر عند الرخاء ، والصبر عند البلاء ، والصدق (١) في مواطن اللقاء ، والرضا بمرّ القضاء ، وترك الشماتة إذا حلت بالأعداء (٢).

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فقهاء ، أدباء ، كادوا يكونون أنبياء من خصال ما أشرفها» ، وتبسّم إلينا ثم قال : «وأنا أوصيكم بخمس خصال. لتكمل لكم خصال الخير : لا تجمعوا ما لا تأكلون ، ولا تبنوا ما لا تسكنون ، ولا تتنافسوا فيما غدا عنه تزولون ، واتقوا الله الذي يعني أنتم إليه راجعون وعليه تقدمون ، وارغبوا فيما إليه تصيرون وفيه تخلدون» [١٣٩٤٢].

[٩٦١٦] أحمد بن خلف الدمشقي ، نزيل بخارى

حدث عن أبيه قال : سمعت الرّبيع يقول : قال الشافعي :

الشرب في الخزف لا تطيب به نفسي ، أخاف أن يكون طرحوا في التراب النجاسة والنار لا تطهره عندي ، والشرب في الصّفر (٣) والنحاس ربما ظهر في الماء رائحته فأفسده ، والشرب في الرصاص يضر الجوف ، والشرب في الفضة حرام ، فلا شيء أصلح من الشرب في الزجاج.

قال الربيع :

وكان الشافعي أكثر شربه في كوز زجاج ، أو قدح زجاج.

[٩٦١٧] أحمد بن خليد بن يزيد ،

أبو عبد الله الكندي الحلبي

سمع بدمشق ، وبحلب ، وبالثغور ، وبالحجاز ، وبحمص ، وبالعراق.

[سمع بحلب زهير بن عباد الرؤاسي ، وأبا نعيم عبيد بن هشام الحلبي ، ومحمد بن أبي أسامة الحلبي ، وعبيد بن جناد الحلبي القاضي ، وأبا توبة الربيع بن نافع الحلبي ،

__________________

(١) في أسد الغابة : والصبر.

(٢) في أسد الغابة : والصبر عند شماتة الأعداء.

(٣) الصفر بالضم الجيد من النحاس ، وقيل هو ما صفر منه. والصفر : الذهب انظر تاج العروس : صفر ٧ / ٩٨.

[٩٦١٧] ترجمته في بغية الطلب ٢ / ٧٣٠ وسير أعلام النبلاء ١١ / ٤٤ (٢٤٥٣) (ط دار الفكر).

١٠٢

وبالثغور محمد بن عيسى الطباع ، وإبراهيم بن مهدي المصيصي ، وإسحاق بن عبد الله الأذني التميمي ، وعبد الله بن السري الأنطاكي ، وسعيد بن رحمة ، وعبد الرحيم بن مطرف السروجي ، وبدمشق : عبد الله بن يزيد بن راشد الدمشقي ، وبحمص : أبا اليمان الحكم بن نافع ، وعبد الله بن جعفر الرقي ، وبالحجاز : عبد الله بن الزبير الحميدي ، واسماعيل بن أبي أويس ، وبالعراق : أبا نعيم الفضل بن دكين ، وحدث بحلب عنهم ، وعن محمد بن معاوية النيسابوري ، وأبي الحسين يوسف بن يونس الأفطس.

روى عنه : أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن يزيد قاضي حلب ، وأبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي الحلبيان ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن يوسف بن بريد الكوفي ، وأبو الحسن علي بن أحمد بن علي المصيصي ، وأبو بكر أحمد بن مروان المالكي ، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، وأبو عبد الله عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله ، وعمر بن محمد بن سليمان العطار نزيل مصر ، وأبو زرعة أحمد بن شبيب الصوري ، وأبو عبد الله أحمد بن جعفر بن أحمد الحاضري الحلبي ، وأبو بكر محمد بن بركة برداعس ، وأحمد بن سعيد ابن أم سعيد](١).

حدث عن عبد الله بن يزيد بن راشد الدمشقي بسنده عن جابر أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا طلاق لمن لا يملك ، ولا عتاق لمن لا يملك» [١٣٩٤٣].

وحدث عن أبي نعيم الفضل بن دكين بسنده عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلّا مع زوجها ، أو ابنها ، أو ذي رحم» [١٣٩٤٤].

وقيل : أو ذي محرم.

وحدث بسنده عن أبي كبشة الأنماري قال :

خرجت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غزوة من مغازيه ، فنزل منزلا فأتيناه فيه فرفع يديه وقال : «الإيمان يمان والحكمة هاهنا ، إلى لخم وجذام» [١٣٩٤٥].

وحدث بحلب سنة ثمان وسبعين ومائتين عن يوسف بن يونس الأفطس بسنده عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن بغية الطلب ٢ / ٧٣٠ ـ ٧٣١.

١٠٣

إذا كان يوم القيامة دعا الله عبدا من عبيده فيوقفه بين يديه فيسأله عن جاهه كما يسأله عن ماله (١).

[قال الذهبي] :

[كان صاحب رحلة ومعرفة ، وطال عمره. ما علمت به بأسا](٢).

[قال ابن العديم] :

[أنبأنا تاج الأمناء أبو المفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال : أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الدمشقي قال : أنبأنا أبو عبد الله محمد بن علي بن أبي العلاء قال : حدثنا أبو بكر الخطيب قال : حدثني عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي أن أبا الحسن الدار قطني ذكر هذا الحديث ، يعني حديث الجاه ، فقال : يوسف بن يونس الأفطس ثقة ، وهو أخو أبي مسلم المستملي ، وأحمد بن خليد ثقة أيضا.

قال أبو الحسن الدار قطني : وحدثني الحسن بن أحمد بن صالح الحافظ الحلبي أن هذا الحديث كان في كتاب أحمد بن خليد عن يوسف بن يونس عن سليمان بن بلال عن عبد الله ابن دينار عن ابن عمر ، وقد درس متنه ودرس إسناد الحديث الذي بعده ، وبعده هذا الكلام ، فكتبه بعض الوراقين عنه.

قال أبو الحسن الخلعي : أخبرنا أبو العباس الإشبيليّ قال : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أحمد بن خليد بن يزيد الحلبي قال : حدثنا محمد بن معاوية النيسابوري قال : حدثنا الوليد بن بكير عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن جابر بن عبد الله قال :

خطبنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا ، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة الصوم والصلاة تؤجروا وتجبروا وترزقوا وتنصروا» [١٣٩٤٦].

وذكر أبو حاتم محمد بن حبان البستي في تاريخ الثقات في الطبقة الرابعة قال :

أحمد بن خليد أبو عبد الله الحلبي ، يروي عن أبي اليمان ، وقد سمع أبو اليمان

__________________

(١) رواه من هذا الطريق ابن العديم في بغية الطلب ٢ / ٧٣٢ ، وانظره في كنز العمال ٣ / ٧٤٣٠ و٦ / ١٦٠٨٥.

(٢) ما بين معكوفتين استدرك عن سير الأعلام ١١ / ٤٤ (ط دار الفكر).

١٠٤

صفوان بن عمرو وحريز بن عثمان ، وقد رويا جميعا عن عبد الله بن بسر ، مات بعد الثمانين.

قال أبو عمرو بن منده : أخبرنا أبي أبو عبد الله قال :

أحمد بن خليد الحلبي حدث عن أبي نعيم ، مات بعد الثمانين.

قال أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم القراب : سمعت منصور بن عبد الله يقول :

سمعت علي بن محمود بن داود بن أبي الفهم القاضي التنوخي يقول : توفي أحمد بن خليد بن يزيد الكندي سنة تسع وثمانين ومائتين](١).

[٩٦١٨] أحمد بن الخير الأنطرطوسي (٢) الإمام

من عمل طرابلس (٣) ، إمام جامع انطرطوس.

حدث بها عن أبي ثوبان مزداد بن جميل بسنده عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«صلّوا العشاء قبل أن يكسل الكبير وينام الصغير» [١٣٩٤٧].

__________________

(١) استدركت الأخبار بين معكوفتين عن بغية الطلب ٢ / ٦٣٢ و٦٣٣.

(٢) الأنطرطوسي بفتح الألف وسكون النون وفتح الطاء وسكون الراء وضم طاء أخرى ، هذه النسبة إلى أنطرطوس ، بلدة من بلاد الشام ، كما في الأنساب ١ / ٢٢٢.

(٣) يعني أنطرطوس ، وهو ما نقله ياقوت عن ابن عساكر في معجم البلدان ، وقال ياقوت أيضا : أنطرطوس بلد من سواحل بحر الشام وهي آخر أعمال دمشق من البلاد الساحلية وأول أعمال حمص (معجم البلدان ١ / ٢٧٠).

١٠٥

من اسم أبيه على حرف الدال المهملة

[من الأحمدين]

[٩٦١٩] أحمد بن داود

من العبّاد. حدث أحمد بن أبي الحواري قال :

سمعت أبا سليمان الداراني يقول لأحمد بن داود : يا بن داود ، إن الناس كلهم قد عملوا على الرجاء ، فإن استطعت أنت وحدك تعمل على الخوف فاعمل.

حدث أحمد بن داود قال :

بينما سليمان بن داود يمشي مع أبيه ، وهو غلام ، إذ سمع صوت الرعد ، فخرّ ولصق بفخذ أبيه داود فقال له : يا بني هذا صوت مقدمات رحمته ، فكيف لو سمعت صوت مقدمات غضبه؟

[٩٦٢٠] أحمد بن داود بن أبي نصر ـ ويقال : ابن نصر

ويقال : ابن نصير ـ أبو بكر الحنظلي القومسي السمناني

سمع بدمشق وغيرها.

[وحدث عن هدبة بن خالد ، وشيبان بن فروخ ، وعبد الله بن عمر الخطابي ، وأبي

__________________

[٩٦٢٠] ترجمته في تاريخ بغداد ٤ / ١٤١ والأسامي والكنى للحاكم ٢ / ٢٠٦ رقم ٦٥٣. والقومسي بضم القاف وسكون الواو وفي آخرها سين مهملة ، كما في اللباب ، وضبطها ياقوت بالضم ثم السكون وكسر الميم كما في معجم البلدان ٤ / ٣٠٣ هذه النسبة إلى قومس ، ناحية ، ويقال لها بالفارسية كومش وهي من بسطام إلى سمنان ، وهي على طريق خراسان كما في الأنساب (٤ / ٥٥٩). والسمناني : بكسر السين وفتح الميم ، نسبة إلى سمنان ، بلدة بين الدامغان وخوار الري ، وهي بلدة من بلاد قومس.

١٠٦

بكر ابن أبي شيبة ، وإبراهيم بن اسماعيل الكهيلي ، وهشام بن عمار ، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم ، ومحمد بن مصفى ، وحرملة بن يحيى ، ومحمد بن حميد الرازي.

روى عنه : محمد بن عمرو بن موسى العقيلي ، وأبو العباس بن عبدة](١).

حدث عن محمد بن حميد الرازي بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«يأتي على الناس زمان يخيّر الرجل بين العجز والفجور ، فمن أدرك ذلك فليختر العجز على الفجور» [١٣٩٤٨].

وحدث عن مسروق بن المرزبان بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«إن أعجز الناس من عجز بالدعاء ، وإنّ أبخل الناس من بخل بالسلام» [١٣٩٤٩].

[قال أبو بكر الخطيب](٢) :

[أخبرنا علي بن أبي علي قال : قرأنا على الحسين بن هارون عن ابن سعيد قال :

أحمد ابن داود بن أبي نصر القومسي ، صاحب حديث فهم. سمعت محمد بن عبد الله بن سليمان يثني عليه وعلى أخيه](٣).

وحدث عن هشام بن عمار بسنده عن أبي الدرداء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

في قول الله عزوجل (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [سورة الرحمن ، الآية : ٢٩] قال : «من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين» [١٣٩٥٠].

[قال أبو أحمد الحاكم] :

[أبو بكر أحمد بن داود بن أبي نصر السمناني ، سمع محمد بن أبي السري العسقلاني ، وأبا عبد الملك صفوان بن صالح الدمشقي. كناه لي علي بن كثير](٤).

توفي سنة خمس وتسعين ومائتين (٥).

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك للإيضاح عن تاريخ بغداد ٤ / ١٤١.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ بغداد ٤ / ١٤١.

(٤) ما بين معكوفتين استدرك عن الأسامي والكنى.

(٥) تاريخ بغداد ٤ / ١٤١.

١٠٧

[٩٦٢١] أحمد بن أبي دؤاد القاضي

وهو أحمد بن أبي دواد ـ اسم أبي دواد : فرج ـ وقيل : دعميّ (١) ـ بن جرير (٢) بن مالك ابن عبد الله بن عبّاد بن سلام بن مالك بن عبد هند بن لخم بن مالك بن قنص (٣) بن منعة بن برجان (٤) بن دوس بن الدّئل بن أميّة بن حذاقة بن زهر بن إياد بن نزار بن معدّ بن عدنان.

قدم دمشق في صحبة المعتصم مجتازا إلى مصر. حماها الله تعالى.

قال المأمون (٥) لأحمد بن أبي دؤاد :

ما اسم أبيك؟ قال : هو اسمه. يعني الكنية. والصحيح (٦) أن اسمه كنيته. ولي ابن أبي دؤاد قضاء القضاة للمعتصم ثم للواثق ، وكان موصوفا بالجود والسخاء وحسن الخلق ووفور الأدب ، غير أنه أعلن بمذهب الجهمية (٧) ، وحمل السلطان على امتحان الناس بخلق القرآن.

[قال أبو بكر الخطيب] :

[أخبرني الصيمري ، أخبرنا المرزباني ، أخبرني الصولي.

حدثنا الحسين بن فهم قال](٨) :

__________________

[٩٦٢١] ترجمته في تاريخ الطبري (الفهارس) وتاريخ بغداد ٤ / ١٤١ والوافي بالوفيات ٧ / ٢٨١ وسير الأعلام ٩ / ٤٢٨ (١٨٦٩) (ط دار الفكر) وميزان الاعتدال ١ / ١٢٤ (٤٤٩) (ط دار الفكر) ولسان الميزان ١ / ١٧١ والبداية والنهاية وشذرات الذهب ٢ / ٩٣ ووفيات الأعيان ١ / ٨١ وتاريخ الإسلام (٢٣١ ـ ٢٤٠) ص ٤٠ وفي سير أعلام النبلاء : دواد ، بدون همز.

(١) قال ابن حجر في لسان الميزان ١ / ١٧١ والصحيح أن اسمه كنيته.

(٢) كذا في مختصر ابن منظور وأغلب مصادر ترجمته ، وفي سير الأعلام : حريز.

(٣) في أصل مختصر ابن منظور : فيض ، والمثبت عن جمهرة ابن حزم ص ٣٢٨.

(٤) في أصل مختصر ابن منظور وتاريخ بغداد : برحان ، بالحاء المهملة ، وقد ساق الخطيب نسبه في ترجمة ولده ، والمثبت «برجان» عن ابن حزم.

(٥) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٤١ ـ ١٤٢.

(٦) وهو قول طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد ، كما في تاريخ بغداد.

(٧) الجهمية هم أتباع جهم بن صفوان الذي قال بالإجبار والاضطرار إلى الأعمال وأنكر الاستطاعات كلها ، وزعم أن الجنة والنار تبيدان وتفنيان ، وزعم أن الإيمان هو المعرفة بالله فقط ، وأن الكفر هو الجهل به فقط. انظر الفرق بين الفرق للبغدادي ص ١٥٨ ـ ١٥٩.

(٨) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ بغداد.

١٠٨

قال ابن النطاح :

أحمد بن أبي دؤاد من قبيلة يقال لهم بنو زهر ، إخوة قوم يعرفون بحذاق.

قال الصولي (١) :

وذكر أبو تمام الطائي هذا في خطابه لابن أبي دؤاد فقال :

فالغيث من زهر سحابة رأفة

والرّكن من شيبان طود حديد

لأن ابن أبي دؤاد كان غضب عليه فشفع فيه خالد بن يزيد الشيباني فلتلك قال (٢) :

والركن من شيبان ...

وحكى الصولي عن أبي العيناء عنه أنه قال :

ولدت سنة ستين ومائة بالبصرة (٣).

[قال أبو بكر الخطيب](٤) : [أخبرني الصيمري قال : حدثنا المرزباني ، حدثني اسماعيل بن محمد عن محمد بن يزيد قال](٥) : قال أبو الهذيل (٦) :

دخلت على ابن أبي دؤاد وابن أبي حفصة ينشده :

فقل للفاخرين على نزار

ومنها خندف وبنو إياد

رسول الله والخلفاء منّا

ومنّا أحمد بن أبي دؤاد

فقال لي أبو عبد الله : كيف تسمع يا أبا الهذيل؟ فقلت : هذا «يضع الهناء مواضع النّقب» (٧).

[وقال المرزباني : أخبرني علي بن يحيى قال](٨) :

__________________

(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٣٢.

(٢) الخبر والبيت في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٢.

(٣) تاريخ بغداد ٤ / ١٤٢.

(٤) زيادة منا.

(٥) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ بغداد.

(٦) الخبر والبيتان في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٢ ـ ١٤٣.

(٧) عجز بيت لدريد بن الصمة ، وصدره.

متبذل تبدو محاسنه

(٨) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ بغداد.

١٠٩

قال أبو هفان (١) :

لما قال مروان بن أبي الجنوب (٢) في ابن أبي دؤاد :

رسول الله والخلفاء منّا

ومنا أحمد بن أبي دؤاد

قلت : أنقض عليه :

فقل للفاخرين على نزار

وهم في الأرض سادات العباد

رسول الله والخلفاء منا

ونبرأ من دعيّ بني إياد

وما منا إياد إذ أقرّت

بدعوة أحمد بن أبي دواد

فقال (٣) ابن أبي دؤاد : ما بلغ مني أحد ما بلغ هذا الغلام المهزميّ ، لو لا أني أكره أن أنبّه عليه لعاقبته عقابا لم يعاقب أحد مثله ، جاء إلى منقبة كانت لي فنقضها ، عروة بعروة.

قال يعقوب بن أبي إسحاق الصائغ :

لما وجّه المأمون بأبي إسحاق المعتصم إلى مصر وعقد له من باب الأنبار (٤) إلى أقصى الغرب قال ليحيى بن أكثم (٥) : ينبغي أن ترتاد لي رجلا لبيبا ، له علم وأمانة ، أنفذه مع أبي إسحاق ، وأولّيه المظالم في أعماله ، وأتقدم إليه سرّا بمكاتبتي سرّا بأخباره وما يجري عليه أموره ، وبما يظهر ويبطن ، وما يرى من أمور قواده وخاصّته ، وكيف تدبيره في الأموال وغيرها ، فإنّي لست أثق بأحد ممن يتولّى البريد ، وما أحب أن أجشمه بتقليد صاحب البريد عليه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، عندي رجل من أصحابه أثق بعقله ورأيه وصدقه ، فقال : جئني به في يوم كذا.

فصار يحيى بأحمد بن أبي دؤاد إلى المأمون فكلّمه فوجده فهما راجحا فقال له : أريد إنفاذك مع أخي أبي إسحاق وأريد أن تكتب بأخباره سرّا وتفتقد أحواله وأموره وتدبيره وخبر خاصته وخلواته ، وتنفذ كتبك بذلك إلى يحيى بن أكثم مع ثقاتك ، فقال له أحمد : أبلغ لك

__________________

(١) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٣ ووفيات الأعيان ١ / ٨٦ ـ ٨٧.

(٢) مروان بن أبي الجنوب هو مروان الأصغر بن يحيى بن مروان بن أبي حفصة. انظر معجم الشعراء للمرزباني ص ٣٩٩.

(٣) في مختصر ابن منظور : وقال ، والمثبت عن تاريخ بغداد ووفيات الأعيان.

(٤) الأنبار : مدينة على الفرات في غربي بغداد بينهما عشرة فراسخ (معجم البلدان).

(٥) تقدمت ترجمته.

١١٠

في ذلك فوق ما قدرته عندي ، فجمع المأمون بين أحمد بن أبي دؤاد وبين المعتصم وقال : قد اخترت لك هذا الرجل ، فضمّه إليك ، فأخذه المعتصم. فلما بلغوا الأنبار وافت كتب البريد بموافاة المعتصم للأنبار ، فقال المأمون ليحيى : ترى ما كان من بغداد إلى الأنبار خبر يكتب به صاحبك إليك؟ فقال يحيى : لعله يا أمير المؤمنين لم يحدث خبر تجب المكاتبة به. وكتب يحيى إلى أحمد يعنّفه ويخبره إنكار أمير المؤمنين تأخّر كتبه ، فوقف أحمد على الكتاب واحتفظ به ولم يجب عنه ، وشخص المعتصم حتى وافى الرحبة (١) ، ولم يكتب أحمد بحرف واحد من أخبار المعتصم ، وكتب أصحاب البريد بموافاة المعتصم للرحبة وأخبار عسكره ، فتضاعف إنكار المأمون على يحيى ، وكتب يحيى إلى أحمد وأغلظ له المخاطبة وأسمعه المكروه ، فورد الكتاب على أحمد فقرأه واحتفظ به.

وسار المعتصم من الرحبة حتى وافى الرقة (٢) فتضاعف إنكار المأمون على يحيى وقال له : يا سخين العين (٣) ، هذا مقدار رأيك وعقلك اللئيم إلّا أن تكون غررتني متعمدا. فكتب إلى أحمد كتابا يشتمل على إيعاد ، وإرهاب ، وتحذير ، وتخويف ، وخاطبه بأفحش مخاطبة ؛ فورد الكتاب على أحمد فقرأه واحتفظ به.

وأمر المأمون عمرو بن مسعدة (٤) أن يكتب إلى المعتصم يأمره بالبعثة بأحمد بن أبي دؤاد مشدودة يده إلى عنقه مثقلا بالحديد محمولا على غير وطاء (٥) ، فورد الكتاب على المعتصم.

ودخل أحمد بن أبي دؤاد إليه وهم بالرّقّة ما جاوزوها ، فرأى المعتصم كئيبا ، مغموما ، فقال : أيها الأمير ، أراك مفكرا ، وأرى لونك حائلا. فقال : نعم ، الكتاب ورد عليّ من أجلك ، ونبذ إليه بالكتاب ، فقرأه أحمد ، فقال له المعتصم : تعرف لك ذنبا يوجب ما كتب به

__________________

(١) الرحبة : يعني رحبة مالك بن طوق بينها وبين بغداد مائة فرسخ ، وإلى الرقة نيف وعشرون فرسخا ، وهي بين الرقة وبغداد (معجم البلدان).

(٢) الرقة : بفتح أوله وثانية وتشديده ، مدينة مشهورة على الفرات.

(٣) سخين العين : سخنة العين نقيض قرّتها ، وقد سخنت سخنا وسخونا وسخنة ، فهو سخين العين ، وأسخن الله عينه وبعينه أي أبكاه ، نقيض أقرّ الله عينه. (تاج العروس : سخن).

(٤) هو عمرو بن مسعدة بن سعد بن صول ، أبو الفضل ، كان فصيحا قوي المواد في الإنشاء ، عمل وزارة المأمون ، وله نظم جيد ، انظر ترجمته في تاريخ بغداد ١٢ / ٢٠٣.

(٥) الوطاء : الوطيء من كل شيء ما سهل ولان ، وفراش وطئ لا يؤذي جنب النائم. تاج العروس : وطأ.

١١١

أمير المؤمنين؟ قال : ما اقترفت ذنبا ، إلّا أن أمير المؤمنين لا يستحلّ هذا مني إلّا بحجة ، فما الذي عند الأمير فيما كتب به إليه؟ فقال : أمر أمير المؤمنين لا يخالف ، لكني أعفيك من الغلّ والحديد وأحملك على حال لا توهنك (١) ، وأوجهك مع غلام من غلماني أتقدم إليه بترفيهك وأن لا يعسفك (٢) ، فشكره وقال : إن رأيت أن تأذن لي في المصير إلى منزلي ومعي من يراعيني (٣) إلى أن أعود فافعل. فقال له : امض ووجّه معه خادما ، فصار أحمد إلى منزله واستخرج الكتب الثلاثة ورجع إلى المعتصم فأقرأه إياها ، وقال : إنما بعثت لأكتب بأخبارك وأتفقّد أحوالك ، وأكاتب يحيى بذلك ليقرأه على أمير المؤمنين ، فخالفت ذلك لما رجوته من الحظوة عندك ولما أمّلته منك ، فاستشاط المعتصم غضبا ، وكاد يخرج من ثيابه غيظا ، وتكلم في يحيى بكلّ مكروه ، وتوعّده بكلّ بلاء ، وقال لأحمد : يا هذا ، لقد رعيت (٤) لنا رعاية لم يتقدمها إحساننا إليك ، وحفظت علينا ما نرجو أن يتسع لمكافأتك عليه ، ومعاذ الله أن أسلمك أو تنالك يد ولي قدرة على منعها منك ، أو أوثر خاصة أو حميما عليك ما امتد بي عمر ، فكن معي فأمرك نافذ في كلّ ما ينفذ فيه أمري ، ولم يجب المأمون على كتابه ، ولم يزل معه إلى أن ولي الخلافة ، وإلى أن ولي الواثق ، وإلى أيام المتوكل ، فأوقع به.

نقلته مختصرا.

قال أبو نصر بن ماكولا (٥) :

دؤاد : بضم الدال المهملة وفتح الواو المخففة : أحمد بن أبي دواد قاضي المعتصم والواثق ، [واسم أبي دواد فرج](٦) كان موصوفا بجودة الرأي والكرم ، وهو الذي امتحن العلماء بالقول في القرآن ، وبدعوتهم إلى خلق القرآن (٧).

__________________

(١) الوهن : الضعف في العمل والأمر. وأوهنه ووهنه توهينا : أضعفه (تاج العروس : وهن).

(٢) عسف السلطان إذا ظلم ، وعسّف بعيره أتعبه بالسير ، وتعسّفه ظلمه أو ركبه بالظلم ولم ينصفه. وعسف المفازة عسفا قطعها على غير هداية (تاج العروس : عسف).

(٣) راعيت الأمر مراعاة : راقبته ونظرت إلام يصير وما ذا منه يكون (تاج العروس : رعى).

(٤) راعى أمره مراعاة وحفظه وترقبه ، كرعاه رعيا ، قال الراغب : أصل الرعي حفظ الحيوان إما بغذائه الحافظ لحياته وإما لحياته ، أو بذب العدو عنه ، ثم جعل للحفظ والسياسة ، ومنه قوله تعالى : (فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها) أي ما حافظوا عليها حق المحافظة.

(٥) الإكمال لابن ماكولا ٣ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦.

(٦) الزيادة بين معكوفتين عن الإكمال لابن ماكولا.

(٧) قوله : وبدعوتهم إلى خلق القرآن. ليس في الإكمال.

١١٢

[قال أبو بكر الخطيب](١) : [أخبرني الصيمري ، أخبرنا المرزباني أخبرني محمد بن يحيى ، قال](٢) :

كان يقال (٣) : أكرم من كان في دولة بني العباس البرامكة ثم ابن أبي دؤاد ، لو لا ما وضع [به](٤) نفسه من محبة المحنة لاجتمعت الألسن عليه ، ولم يضف إلى كرمه كرم أحد.

وكان شاعرا مجيدا فصيحا بليغا (٥).

قال أبو العيناء :

ما رأيت رئيسا أفصح ولا أنطق من ابن أبي دواد (٦).

حدث حريز (٧) بن أحمد بن أبي دواد أبو مالك قال (٨) :

كان أبي إذا صلّى رفع يده إلى السماء وخاطب ربه وأنشأ يقول :

ما أنت بالسّبب الضّعيف وإنّما

نجح الأمور بقوّة الأسباب

فاليوم حاجتنا إليك وإنّما

يدعى الطبيب لساعة (٩) الأوصاب

قال محمد بن بوكرد (١٠) :

لم يكن لقاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد أخ من الإخوان إلّا بنى دارا على قدر كفايته ، ثم وقف على ولد الإخوان ما يغنيهم أبدا ، ولم يكن لأحد من إخوانه ولد إلا من جارية هو وهبها له.

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) الزيادة للإيضاح عن تاريخ بغداد.

(٣) الخبر في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٢ وسير الأعلام ٩ / ٤٢٨ (ط دار الفكر) وتاريخ الإسلام (٢٣١ ـ ٢٤٠) ص ٤١.

(٤) زيادة عن تاريخ بغداد.

(٥) سير أعلام النبلاء ١١ / ١٦٩ وتاريخ الإسلام (٢٣١ ـ ٢٤٠) ص ٤٢ وتاريخ بغداد ٤ / ١٤٣ جميعهم رواه عن أبي العيناء.

(٦) تاريخ الإسلام (٢٣١ ـ ٢٤٠) ص ٤٢ وسير الأعلام ٩ / ٤٢٨ (ط دار الفكر) وتاريخ بغداد ٤ / ١٤٤.

(٧) كذا ورد في مختصر ابن منظور : «حريز» ومثله في تاريخ الإسلام وسير الأعلام ، وفي تاريخ بغداد : جرير.

(٨) الخبر والبيتان في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٣ وسير الأعلام ٩ / ٤٢٨ (ط دار الفكر) ووفيات الأعيان ١ / ٨٧ والبداية والنهاية ٧ / ٣٣٢ (ط دار الفكر).

(٩) في وفيات الأعيان : لشدة.

(١٠) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٤ من طريق محمد بن الحسين بن الفضل القطان.

١١٣

[قال أبو بكر الخطيب] :

[أخبرنا الصيمري حدثنا المرزباني ، أخبرني الصولي ، حدثني أحمد بن إسماعيل حدثني سعيد بن حميد قال](١) :

دخل أبو تمام الطائي على أحمد بن أبي دؤاد فقال له : أحسبك عاتبا يا أبا تمام؟ قال : إنما يعتب على واحد ، وأنت الناس جميعا فكيف يعتب عليك؟ فقال : من أين هذه يا أبا تمام؟ قال : من قول الحاذق ـ يعني : أبو نواس ـ للفضل به الربيع :

وليس لله بمستنكر

أن يجمع العالم في واحد

قال علي الرازي (٢) :

رأيت أبا تمام عند ابن أبي دؤاد ، ومعه رجل ينشد عنه :

لقد أنست مساوئ كلّ دهر

محاسن أحمد بن أبي دؤاد

وما سافرت في الآفاق إلا

ومن جدواك راحلتي وزادي

يقيم (٣) الظنّ عندك والأماني

وإن قلقت ركابي في البلاد

فقال ابن أبي دؤاد : هذا المعنى تفردت به أو أخذته؟ قال : هو لي وقد ألمحت فيه بقول أبي نواس (٤) :

وإن جرت الألفاظ يوما بمدحة

لغيرك إنسانا فأنت الذي نعني

قال مسبّح بن حاتم (٥) :

لقيني قاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد فقال بعد أن سلّم عليّ : ما يمنعك أن تسألني؟

__________________

(١) الزيادة بن معكوفتين عن تاريخ بغداد ، والخبر والشعر في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٤ ووفيات الأعيان ١ / ٨٥ ـ ٨٦ والبداية والنهاية ٧ / ٣٣٢ (ط دار الفكر).

(٢) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٥ وتاريخ الإسلام (٢٣١ ـ ٢٤٠) ص ٤٢ ووفيات الأعيان ١ / ٨٥ وديوان أبي تمام ط بيروت ص ٧٩ من قصيدة له مطلعها :

سقى عهد الحمى سيل العهاد

وروّض حاضر منه وبادي

(٣) في الديوان وتاريخ بغداد : «مقيم» وتحرفت في البداية والنهاية ٧ / ٣٣٣ (ط دار الفكر) إلى : «نعم».

(٤) ديوان أبي نواس ص ٦٦ ووفيات الأعيان وتاريخ بغداد.

(٥) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٥.

١١٤

فقلت له : إذا سألتك فقد أعطيتك ثمن ما أعطيتني. فقال لي : صدقت. وأنفذ إليّ خمسة آلاف درهم.

قال أبو خليفة الفضل بن الحباب (١) :

كان في جوارنا رجل حذّاء (٢) فاحتاج في أمر له أن يتظلم إلى الواثق [فشخص إلى سرّ من رأى ، ثم عاد](٣) فأخبرنا أنه رفع قصته إليه فأمر بردّه إلى ابن أبي دؤاد مع جماعة من المتظلمين قال : فحضرت إليه ينظر في أمور الناس ، وتشوّفت (٤) لينظر في أمري فأومأ إليّ بالانتظار ، فانتظرت حتى لم يبق أحد فقال لي : أتعرفني؟ قلت : ولا أنكر القاضي. قال : ولكني أعرفك ، مضيت يوما في الخلاء (٥) فانقطعت نعلي ، وأعطيتني شسعا لها ، فقلت لك : إنّي أجيئك بثواب ذلك ، فتكرهت قولي ، وقلت : وما مقدار ما فعلت ، امض في حفظ الله ، والله لأصلحنّ زمانك كما أصلحت نعلي ، ثم وقع لي في ظلامتي ، ووهب لي خمس مائة درهم ، وقال : زرني في كل وقت. قال : فرأيناه بمتسع الحال بعد أن رأيناه مضيّقا.

حدث أبو مالك حريز بن أحمد بن أبي دؤاد قال (٦) :

قال الواثق يوما لأبي ـ تضجرا (٧) بكثرة حوائجه ـ : يا أحمد ، قد اختلت بيوت الأموال بطلبائك (٨) ، اللائذين بك والمتوسلين إليك فقال : يا أمير المؤمنين ، نتائج شكرها متصلة بك ، وذخائر أجرها مكتوبة لك ، وما لي من ذلك إلا عشق اتّصال الألسن بحلو المدح فيك. فقال : يا أبا عبد الله ، والله لا منعناك ما يزيد في عشقك ، ويقوّي من همتك ، فتناولنا بما أحببت.

[قال أبو بكر الخطيب](٩) : [أخبرني الحسين بن علي الحنفي ، حدثنا محمد بن عمران

__________________

(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٥ ـ ١٤٦ من طريق الصيمري.

(٢) في تاريخ بغداد : حداد ، تصحيف.

(٣) الزيادة للإيضاح عن تاريخ بغداد.

(٤) في مختصر ابن منظور : تشوقت ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٥) في تاريخ بغداد : الكلأ.

(٦) الخبر في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٦ وفيه : «جرير» بدل «حريز».

(٧) في تاريخ بغداد : ضجرا.

(٨) في مختصر ابن منظور : بطلباتك ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٩) الزيادة للإيضاح.

١١٥

الكاتب ، حدثنا الصولي](١) ، حدثنا الحارث بن [أبي](٢) أسامة (٣) :

أمر الواثق لعشرة من بني هاشم بعشرة آلاف درهم على يد ابن أبي دؤاد ، فدفعها إليهم فكلمه نظراؤهم ففرق فيهم عشرة آلاف درهم لعشرة مثل أولئك من عنده على أنها من عند الواثق ، فبلغه ذلك فقال له : يا أبا عبد الله ، مالنا أكثر من مالك ، فلم تغرم وتضيف ذلك إلينا؟ فقال : والله ، يا أمير المؤمنين لو أمكنني أن أجعل ثواب حسناتي لك ، وأجهد في عمل غيرها لفعلت ، وكيف أبخل بمال أنت ملكتنيه ، على أهلك الذين يكثرون الشكر ، ويتضاعف بهم الأجر؟ قال : فوصله بمائة ألف درهم ، ففرّق جميعها في بني هاشم.

قال محمد بن عمرو الرومي (٤) :

ما رأيت قط أجمع رأيا من ابن أبي دؤاد ، ولا أحضر حجة ، قال له الواثق : يا عبد الله ، رفعت إليّ رقعة وفيها كذب كبير ، قال : ليس بعجب أن أحسد على منزلتي من أمير المؤمنين ، فيكذب عليّ قال : زعموا فيها أنك ولّيت القضاء رجلا ضريرا. قال : قد كان ذاك ، وأمرته أن يستخلف ، وكنت (٥) عازما على عزله حين أصيب ببصره ، فبلغني أنه عمي من بكائه على أمير المؤمنين المعتصم ، فحفظت ذلك له.

قال : وفيها أنك أعطيت شاعرا ألف دينار ـ يعني أبا تمام (٦) ـ قال : ما كان ذلك ولكن أعطيته دونها ، وقد أثاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كعب بن زهير الشاعر ، وقال في آخر (٧) : «اقطع عني لسانه». وهذا شاعر طائي مدّاح لأمير المؤمنين مصيب محسن ، لو لم أرع له إلّا قوله للمعتصم صلوات الله عليه في أمير المؤمنين أعزه الله (٨) :

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ بغداد.

(٢) سقطت من مختصر ابن منظور ، واستدركت عن تاريخ بغداد.

(٣) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٦ ـ ١٤٧.

(٤) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٧.

(٥) في تاريخ بغداد : ولست عازما.

(٦) يعني العباس بن مرداس.

(٧) من قوله : فحفظت ... إلى هنا ليس في تاريخ بغداد.

(٨) البيتان لأبي تمام من قصيدة مدح المعتصم ويذكر إحراق الأفشين ، ومطلعها :

الحق أبلج والسيوف عوار

فحذار من أسد العرين حذار

ديوانه ص ١٤٣ و١٤٧.

١١٦

واشدد (١) بهارون الخلافة إنّه

سكن لوحشتها ودار قرار

ولقد علمت بأنّ ذلك معصم

ما كنت تتركه بغير سوار

قال : فوصل أبا تمام بخمس مائة دينار.

قال أبو بكر محمد بن يحيى الصولي (٢) :

قال أبو تمام حبيب بن أوس (٣) :

أيسلبني ثراء المال ربّي

وأطلب ذاك من كفّ جماد

زعمت إذا بأنّ الجود أمسى

له ربّ سوى ابن أبي دؤاد

[قال أبو بكر الخطيب](٤) :

[أخبرني محمد بن الحسين القطان ، أخبرنا محمد بن الحسن النقاش ، أن أحمد بن يحيى ثعلبا أخبرهم قال](٥) : أخبرنا ابن الأعرابي قال (٦) :

سأل رجل قاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد أن يحمله على عير فقال : يا غلام ، أعطه عيرا وبغلا وبرذونا وفرسا وجارية ثم قال : أما والله لو عرفت مركوبا غير هذا لأعطيتك.

[فشكر له الرجل ، وقاد ذلك له ومضى](٧).

قال أبو العيناء (٨) :

ما رأيت في الدنيا أحدا أحرص على أدب من ابن أبي دؤاد ، ولا أقوم على أدب منه ، وذلك أنّي ما خرجت من عنده يوما قط فقال : يا غلام خذ بيده ، بل كان يقول : يا غلام أخرج معه ، فكنت أنتقد (٩) هذه الكلمة عليه ، فلا يخلّ بها ولا أسمعها من غيره.

__________________

(١) في الديوان : فاشدد.

(٢) الخبر والبيتان في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٧.

(٣) البيتان في ديوان أبي تمام ص ٨٢ يمدح أبا عبد الله أحمد بن أبي دؤاد.

(٤) زيادة منا.

(٥) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ بغداد.

(٦) الخبر في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٧ ـ ١٤٨ والبداية والنهاية ٧ / ٣٣٣ (ط دار الفكر).

(٧) ما بين معكوفتين زيادة عن تاريخ بغداد.

(٨) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٨.

(٩) في تاريخ بغداد : أفتقد.

١١٧

قال عون بن محمد الكندي (١) :

عهدي بالكرخ ببغداد وإن رجلا لو قال : ابن أبي دؤاد مسلم قتل في مكانه ، ثم وقع الحريق في الكرخ وهو الذي ما كان مثله قط ، فكلم ابن أبي دؤاد المعتصم في الناس وقال : يا أمير المؤمنين ، رعيتك في بلد آبائك ودار ملكهم نزل بهم هذا الأمر فاعطف عليهم بشيء يفرّق فيهم يمسك أرماقهم ، ويبنون به ما انهدم عليهم ، ويصلحون به أحوالهم ، فلم يزل ينازله حتى أطلق له خمسة آلاف ألف درهم ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن فرّقها عليهم غيري خفت ألا تقسم بالسويّة ، فائذن لي في تولّي أمرها ليكون الأجر أكبر والثناء أوفر (٢). قال : ذلك إليك ، فقسمها على مقادير الناس ، وما ذهب منهم نهاية ما يقدر عليه من الاحتياط ، واحتاج إلى زيادة فازدادها من المعتصم. وغرم من ماله في ذلك غرما كبيرا ، فكانت هذه من فضائله التي لم يكن لأحد مثلها.

قال عون :

فلعهدي بالكرخ بعد ذلك وإن إنسانا لو قال : زرّ ابن أبي دؤاد وسخ لقتل.

حدث علي بن الحسين الإسكافي قال (٣) :

اعتل أحمد بن أبي دؤاد فعاده المعتصم فقام فتلقاه وقال له : قد شفاني الله بالنظر إلى أمير المؤمنين ، فدعا له بالعافية وقال له : إنّي نذرت إن عافاك الله أن أتصدّق بعشرة آلاف دينار فقال له : يا أمير المؤمنين ، اجعلها لأهل الحرمين ، فقد لقوا من غلاء الأسعار عنتا (٤) ، فقال : نويت أن أتصدّق بها هاهنا ، وأنا أطلق لأهل الحرمين مثلها ، ثم نهض فقال له : أمتع الله الإسلام وأهله ببقائك يا أمير المؤمنين ، فإنك كما قال النّمريّ لأبيك الرشيد :

إنّ المكارم والمعروف أودية

أحلّك الله منها حيث تجتمع

من لم يكن بأمين الله معتصما

فليس بالصّلوات الخمس ينتفع

فقيل للمعتصم في ذلك ، لأنه عاده وليس يعود إخوته وأخلاء (٥) أهله ، فقال المعتصم :

__________________

(١) الخبر رواه الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٩ من طريق الصيمري ، وتاريخ الإسلام (٢٣١ ـ ٢٤٠) ص ٤٢.

(٢) في تاريخ بغداد : الأجر أوفر والثناء أكثر.

(٣) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٩ ـ ١٥٠.

(٤) في تاريخ بغداد : عنفا.

(٥) في تاريخ بغداد : وأجلّاء.

١١٨

كيف لا أعود رجلا ما وقعت عيني عليه قط إلّا ساق إليّ أجرا ، أو أوجب لي شكرا ، أو أفادني فائدة تنفعني في ديني ودنياي ، وما سألني حاجة لنفسه قط.

قال محمد بن عبد الملك الزيات (١) :

كان رجل من ولد عمر بن الخطاب لا يلقى أحمد بن أبي دؤاد في محفل ولا وحده إلّا لعنه ودعا عليه ، وابن أبي دؤاد لا يردّ عليه شيئا. قال : فعرضت لذلك الرجل حاجة إلى المعتصم فسألني أن أرفع له قصته إليه ، فمطلته واتقيت (٢) ابن أبي دؤاد ، فلما ألحّ عليّ عزمت على أن أوصل قصته ، وتذممت من مطلبي (٣). فدخلت ذات يوم على المعتصم وقصته معي واغتنمت غيبة ابن أبي دؤاد فرفعت قصته إليه ، فهو يقرأها إذ دخل ابن أبي دؤاد والقصة في يد المعتصم ، فلما قرأها دفعها إلى ابن أبي دؤاد ، فلما نظر إليها ، واسم الرجل في أولها قال : يا أمير المؤمنين ، عمر بن الخطاب ، يا أمير المؤمنين ، عمر بن الخطاب ، ينبغي أن يقضى لولده كلّ حاجة له ، فوقّع له أمير المؤمنين بقضاء الحاجة.

قال محمد بن عبد الملك : فخرجت والرجل جالس فدفعت إليه القصة وقلت له : تشكّر لأبي عبد الله القاضي فهو الذي اعتنق (٤) قصتك ، وسأل أمير المؤمنين في قضاء حاجتك. قال : فوقف حتى خرج ابن أبي دؤاد ، فجعل يدعو له ويتشكر له ، فقال له : اذهب عافاك الله فإنّي إنما فعلت ذلك لعمر بن الخطاب لا لك.

قال إسحاق بن إبراهيم (٥) :

كنت عند الواثق يوما ، وهو بالنجف (٦) ، فدخل ابن أبي دؤاد ، فقعد معنا نتحدث ولم يك خرج الواثق بعد ، فقال لي أحمد بن أبي دؤاد : يا إسحاق قلت : لبيك ، قال : أعجبني هذان البيتان ، قلت : أنشدني فما أعجبك من شيء ففيه السرور ، فأنشدني :

ولي نظرة لو كان يحبل ناظر

بنظرته أنثى لقد حبلت منّي

__________________

(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٨ ـ ١٤٩.

(٢) في تاريخ بغداد : وأتيت.

(٣) كذا في مختصر ابن منظور : «وتذممت من مطلبي» وفي تاريخ بغداد : «وندمت من مطلي».

(٤) في تاريخ بغداد : أعتق قصتك.

(٥) الخبر والبيتان في البداية والنهاية ٧ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦ (ط دار الفكر).

(٦) النجف : بالتحريك ، بظهر الكوفة ، انظر معجم البلدان ٥ / ٢٧١.

١١٩

فإن ولدت ما بين تسعة أشهر

إلى نظري أنثى فإن ابنها ابني (١)

فقلت : قد أجاد ، ولكني أنشدك بيتين أرجو أن يعجباك قال : هات ، فأنشدته :

ولما رمت بالطّرف غيري ظننتها

كما أثّرت بالطّرف تؤثر بالقلب

وإنّي بها في كل حال لواثق

ولكنّ سوء الظّن من شدّة الحبّ

قال : أحسنت يا إسحاق ، وخرج الواثق فقال : فيم أنتم! فحدثه ابن أبي دؤاد وأنشده ، فأمر له (٢) بعشرة آلاف درهم ، وأمر لابن أبي دؤاد بثلاثين ألفا ، فلما رجعت إلى منزلي أصبت في منزلي أربعين ألفا فقلت : ما هذا؟ فقيل وجّه إليك أبو عبد الله بهذا.

[قال أبو بكر الخطيب](٣) : [أخبرني الحسين بن علي النخعي ، حدثنا محمد بن عمران ، أخبرني ابن دريد](٤) قال الحسن بن خضر (٥) : كان ابن أبي دؤاد مألفا (٦) لأهل الأدب من أي بلد كانوا ، وكان قد ضم إليه جماعة يعولهم ويمونهم. فلما مات اجتمع ببابه جماعة منهم فقالوا : يدفن من كان على ساقة الكرم وتاريخ الأدب ولا نتكلم فيه؟ إنّ هذا لوهن وتقصير ، فلما طلع سريره قام ثلاثة نفر فقال أحدهم :

اليوم مات نظام الفهم واللّسن

ومات من كان يستعدى (٧) على الزّمن

وأظلمت سبل الآداب إذ حجبت

شمس المعارف (٨) في غيم من الكفن

وتقدم الثاني فقال :

ترك المنابر والسّرير تواضعا

وله منابر لو يشاء وسرير

ولغيره يجبى الخراج وإنما

تجبى إليه محامد وأجور

وقام الثالث فقال :

__________________

(١) في البداية والنهاية : إلى نظر ابنا فإن ابنها ابني.

(٢) كذا في مختصر ابن منظور ، ولعل الصواب : لي.

(٣) زيادة للإيضاح.

(٤) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ بغداد.

(٥) الخبر والأبيات في تاريخ بغداد ٤ / ١٥٠ ـ ١٥١ ورواه الذهبي في تاريخ الإسلام (٢٣١ ـ ٢٤٠) ص ٤٢ ـ ٤٣ من طريق ابن دريد. ووفيات الأعيان ١ / ٩٠.

(٦) في الوفيات وتاريخ الإسلام : مؤالفا.

(٧) تاريخ بغداد : يستدعى.

(٨) في تاريخ الإسلام والوفيات : شمس المكارم.

١٢٠