تاريخ مدينة دمشق - ج ٧١

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧١

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٩
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

وليس نسيم المسك (١) ريح حنوطه

ولكنّه ذاك الثّناء المخلّف

وليس صرير النّعش ما تسمعونه (٢)

ولكنها أصلاب قوم تقصّف

قال الحسن بن ثواب (٣) :

سألت أحمد بن حنبل عمن يقول القرآن مخلوق قال : كافر. قلت فابن أبي دؤاد؟ قال : كافر بالله العظيم. قلت : بما ذا كفر؟ قال : بكتاب الله تعالى. قال الله تعالى : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٢٠] فالقرآن من علم الله ، فمن زعم أن علم الله مخلوق فهو كافر بالله العظيم.

قال علي بن الموفق (٤) :

ناظرت قوما أيام المحنة. قال : فنالوني بما أكره ، فعدت إلى منزلي وأنا مغموم بذلك ، فقدمت إليّ امرأتي عشاء ، فقلت لها : لست آكل ، فرفعته ، ونمت فرأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في النوم داخل المسجد وفي المسجد حلقتان يعني : إحداهما فيها أحمد بن حنبل وأصحابه ، والأخرى فيها ابن أبي دؤاد وأصحابه ، فوقف بين الحلقتين وأشار بيده فقال : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٢٠] وأشار إلى حلقة ابن أبي دؤاد (فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) [سورة الأنعام ، الآية : ٨٩] وأشار إلى الحلقة التي فيها أحمد بن حنبل.

قال محمد بن يحيى الصولي :

كان المتوكل يوجب لأحمد بن أبي دؤاد ويستحيي أن ينكبه ، وإن كان يكره مذهبه ، لما كان يقوم به من أمره أيام الواثق ، وعقد الأمر له والقيام به من بين الناس ، فلما فلج أحمد بن أبي دؤاد في جمادى الآخرة (٥) سنة ثلاث وثلاثين ومائتين أول ما ولي المتوكل الخلافة ولّى المتوكل ابنه محمد بن أحمد أبا الوليد القضاء ومظالم العسكر مكان أبيه ، ثم عزله عنها يوم

__________________

(١) في وفيات الأعيان : فتيق المسك.

(٢) في تاريخ بغداد : يسمعونه.

(٣) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٥٣ ورواه الذهبي في تاريخ الإسلام (٢٣١ ـ ٢٤٠) ص ٤٥ من طريق الحسن بن أيوب المخرمي.

(٤) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٥٣ من طريق أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب ، بسنده إلى يحيى الجلّا أو علي بن الموفق.

(٥) لست خلون من جمادى الآخرة ، كما في وفيات الأعيان.

١٢١

الأربعاء لعشر بقين من صفر سنة أربعين ومائتين ، ووكل بضياعه وضياع أبيه ثم صولح على ألف ألف دينار ، وأشهد على ابن أبي دؤاد وابنه بشراء ضياعهم وحدرهم إلى بغداد ، وولى يحيى بن أكثم ما كان إلى ابن أبي دؤاد (١).

وهجاهما علي بن الجهم وغيره ، [ومما قاله علي بن الجهم يهجو أحمد بن أبي دؤاد ، يشمت به لما نفاه المتوكل](٢) :

[يا أحمد بن أبي دؤاد دعوة

بعثت إليك جنادلا وحديدا

ما هذه البدع التي سميتها

بالجهل منك العدل والتوحيدا

أفسدت أمر الدين حين وليته

ورميته بأبي الوليد وليدا](٣)

[وقال علي بن الجهم لما فلج أحمد بن أبي دؤاد](٤) :

[لم يبق منك سوى خيالك لامعا

فوق الفراش ممهدا بوساد

فرحت بمصرعك البرية كلها

من كان منهم موقنا بمعاد

إن الأسارى في السجون تفرجوا

لما أتتك مواكب العواد](٥)

قال محمد بن الواثق (٦) الذي يقال له المهتدي بالله (٧) :

كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلا أحضرنا ذلك المجلس ، فأتي بشيخ مخضوب (٨) مقيد ، فقال أبي : ائذنوا لأبي عبد الله وأصحابه ـ يعني ابن أبي دؤاد ـ قال : فأدخل الشيخ [والواثق](٩) في مصلّاه. قال : السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال له : لا سلم الله عليك.

__________________

(١) انظر وفيات الأعيان ١ / ٨٩ ـ ٩٠.

(٢) الزيادة للإيضاح.

(٣) من أبيات في الأغاني ١٠ / ٢١٨.

(٤) زيادة للإيضاح.

(٥) استدركت الأبيات من الأغاني ١٠ / ٢٢٩ وهي أكثر من ذلك.

(٦) انظر ترجمته في سير الأعلام ١٠ / ٣٦٥ (٢١٧٤) (ط دار الفكر).

(٧) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٥١ ـ ١٥٢ من طريق محمد بن الفرج بن علي البزار بسنده إلى المهتدي بالله ، ورواه الذهبي في تاريخ الإسلام (٢٣١ ـ ٢٤٠) ص ٤٣ ـ ٤٤ ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ٣٥٠ ـ ٣٥٢.

(٨) في مختصر ابن منظور : محصوب ، وفي المناقب لابن الجوزي : محصور ، والمثبت «مخضوب» عن تاريخ بغداد.

(٩) زيادة لازمة عن تاريخ بغداد.

١٢٢

فقال : يا أمير المؤمنين ، بئس ما أدّبك مؤدّبك. قال الله تعالى : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) [سورة النساء ، الآية : ٨٦] والله ما حييتني بها ولا أحسن منها. فقال ابن أبي دؤاد : يا أمير المؤمنين ، الرجل متكلم ، فقال له : كلّمه. فقال : يا شيخ ما تقول في القرآن؟ قال الشيخ : لم تنصفني ـ يعني ولي السؤال ـ فقال له : سل ، فقال له الشيخ : ما تقول في القرآن؟ فقال : مخلوق ، فقال : هذا شيء علمه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، والخلفاء الراشدون أم شيء لم يعلموه؟ فقال : شيء لم يعلموه؟ فقال : سبحان الله شيء لم يعلمه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا أبو بكر ، ولا عمر ، ولا عثمان ، ولا علي ، ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت؟!. قال : فخجل ، وقال : أقلني : قال : والمسألة بحالها ، قال : نعم ، قال : ما تقول في القرآن؟ فقال : مخلوق ، فقال : هذا شيء علمه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر ، وعثمان ، وعلي ، والخلفاء الراشدون أم لم يعلموه؟. فقال : علموه ولم يدعوا الناس إليه ، قال : أفلا وسعك ما وسعهم. قال : ثم قام أبي فدخل مجلس الخلوة واستلقى على قفاه ، ووضع إحدى رجليه على الأخرى وهو يقول : هذا شيء لم يعلمه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا أبو بكر ، ولا عمر ، ولا عثمان ، ولا علي ، ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت ، سبحان الله شيء علمه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، والخلفاء الراشدون ولم يدعوا الناس إليه؟ أفلا وسعك ما وسعهم؟ ثم دعا عمارا الحاجب فأمر أن يرفع عنه القيود ويعطيه أربع مائة دينار ، ويأذن له في الرجوع ، وسقط من عينه ابن أبي دؤاد ولم يمتحن بعد ذلك أحدا.

ومما قيل في ابن أبي دؤاد :

إلى كم تجعل الأعراب طرّا

ذوي الأرحام منك بكلّ واد

تضمّ على لصوصهم جناحا

لتثبت دعوة لك في إياد

فأقسم أنّ رحمك في إياد

كرحم بني أميّة من زياد

قال عبد العزيز بن يحيى المكي (١) :

__________________

(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٥٥ من طريق محمد بن أحمد بن يعقوب بسنده إلى عبد العزيز بن يحيى المكي ، والذهبي في تاريخ الإسلام (٢٣١ ـ ٢٤٠) ص ٤٦.

١٢٣

دخلت على أحمد بن أبي دؤاد ، وهو مفلوج ، فقلت : إني لم آتك عائدا ، ولكني جئت لأحمد الله على أن سجنك في جلدك.

قال أبو يوسف يعقوب بن موسى بن الفيرزان (١) ابن أخي معروف الكرخي قال (٢) :

رأيت في المنام كأني وأخا لي نمرّ على نهر عيسى (٣) على الشط ، وطرف عمامتي بيد أخي هذا ، فبينا نحن نمشي إذا امرأة تقول لصديقي هذا : ما تدري ما حدث الليلة؟ أهلك الله ابن أبي دؤاد. فقلت أنا لها : وما كان سبب هلاكه؟ قالت : أغضب الله عليه فغضب عليه من فوق سبع سماوات.

قال يوما سفيان بن وكيع لأصحابه (٤) :

تدرون ما رأيت الليلة؟ ـ وكانت الليلة التي رأوا فيها النار ببغداد وغيرها ـ قال : رأيت كأن جهنم زفرت فخرج منها اللهب ، أو نحو هذا الكلام. فقلت : ما هذا؟ قال : أعدّت لابن أبي دؤاد.

قال المغيرة بن محمد المهلبي (٥) :

مات أبو الوليد محمد بن أحمد بن أبي دؤاد ـ وهو وأبوه منكوبان ـ في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين ومائتين ، ومات أبوه في المحرم سنة أربعين ومائتين يوم السبت لتسع (٦) بقين منه فكان بيته وبين ابنه شهر أو نحوه ، ودفن في داره ببغداد وصلّى عليه ابنه العباس.

[قال أبو روق الهزاني : حكى لي ابن ثعلبة الحنفي عن أحمد بن المعذل أن ابن أبي دؤاد كتب إلى رجل من أهل المدينة : إن تابعت أمير المؤمنين في مقالته استوجبت حسن المكافأة.

__________________

(١) في تاريخ بغداد : فيروز.

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٥٦.

(٣) نهر عيسى : يعني عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس ، وهي كورة وقرى كثيرة وعمل واسع في غربي بغداد يعرف بهذا الاسم ومأخذه من الفرات عند قنطرة دميما ... ثم يصب في دجلة عند قصر عيسى بن علي (انظر معجم البلدان ٥ / ٣٢٢).

(٤) الخبر في تاريخ بغداد ٤ / ١٥٦.

(٥) الخبر في تاريخ بغداد ٤ / ١٥٦ من طريق الصيمري.

(٦) في تاريخ بغداد : لسبع.

١٢٤

فكتب إليه :

عصمنا الله وإياك من الفتنة ، الكلام في القرآن بدعة يشترك فيها السائل والمجيب ، تعاطى السائل ما ليس له ، وتكلف المجيب ما ليس عليه. ولا نعلم خالقا إلّا الله ، وما سواه مخلوق إلّا القرآن ، فإنه كلام الله](١).

[قال أبو بكر الخطيب](٢) :

[أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا إبراهيم الختلي ، حدثنا أبو يعقوب ـ يعني ابن أخي معروف الكرخي قال : أخبرني من أثق به من إخواننا قال : رأيت في المنام كأن أبي التقم يدي اليمني فقال لي (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ ، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) منهم ابن أبي دؤاد (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) قال : إسحاق. وحدثني أبو عبد الله البراثي ـ صديقنا وكان من الأبدال ـ قال رأيت قبل دخول الناس بغداد كأن قائلا يقول لي : ما علمت ما فعل الله بابن أبي دؤاد؟ حسر لسانه فأخرسه ، وجعله للناس آية.

قرأت على محمد بن الحسين القطان عن دعلج بن أحمد عن أحمد بن علي الأبار ، حدثنا الحسن بن الصباح قال : سمعت خالد بن خداش قال : رأيت في المنام كأن آتيا أتاني بطبق فقال : اقرأه فقرأت ، بسم الله الرحمن الرحيم ، ابن أبي دؤاد يريد أن يمتحن الناس فمن قال : القرآن كلام الله كسي خاتما من ذهب فصه ياقوتة حمراء ، وأدخله الله الجنة وغفر له ، أو قال : غفر له ، ومن قال : القرآن مخلوق جعلت يمينه يمين قرد ، فعاش بعد ذلك يوما أو يومين ثم يصير إلى النار](٣).

[قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : سمعت بشر بن الوليد يقول :

استتيب ابن أبي دؤاد من القرآن مخلوق في ليلة ثلاث مرات. يتوب ثم يرجع](٤).

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ الإسلام (٢٣١ ـ ٢٤٠) ص ٤٣ وتاريخ بغداد ٤ / ١٥١.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) الأخبار استدركت بين معكوفتين عن تاريخ بغداد ٤ / ١٤٢.

(٤) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ الإسلام (٢٣١ ـ ٢٤٠) ص ٤٥.

١٢٥

[قال ابن خلكان](١) :

[قيل : إن أصلهم من قرية قنسرين ، واتجر أبوه إلى الشام وأخرجه معه وهو حدث فنشأ أحمد في طلب العلم وخاصة الفقه والكلام حتى بلغ ما بلغ وصحب هياج بن العلاء السلمي ، وكان من أصحاب واصل بن عطاء. فصار إلى الاعتزال.

وقال إبراهيم بن الحسن : كنا عند المأمون فذكروا من بايع من الأنصار ليلة العقبة ، فاختلفوا في ذلك ، ودخل ابن أبي دؤاد ، فعدهم واحدا واحدا بأسمائهم وكناهم وأنسابهم ، فقال المأمون : إذا استجلس الناس فاضلا فمثل أحمد ، فقال أحمد : بل إذا جالس العالم خليفة فمثل أمير المؤمنين الذي يفهم عنه ، ويكون أعلم بما يقوله منه

ومن كلام أحمد :

ليس بكامل من لم يحمل وليه على منبر ولو أنه حارس ، وعدوه على جذع ولو أنه وزير](٢).

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) ما بين معكوفتين استدرك عن وفيات الأعيان ١ / ٨١ ـ ٨٢.

١٢٦

من اسم أبيه على حرف الذال

من الأحمدين

[٩٦٢٢] أحمد بن ذكوان إمام مسجد دمشق

قال ابن عساكر : أخطأ فيه بعض النقلة ، وذكر أنه روى عن عراك بن خالد.

حدث عن عراك بن خالد بن يزيد بن صبيح المري بسنده عن عكرمة قال :

لما عزّي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بابنته رقية امرأة عثمان بن عفان قال : «الحمد لله ، دفن البنات من المكرمات» [١٣٩٥١].

قال : هكذا روي. والحديث محفوظ عن عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان المقرئ إمام جامع دمشق ، وهو مذكور في ترجمته (١).

__________________

(١) وردت ترجمته في تاريخ مدينة دمشق طبعة دار الفكر ـ في أسماء العبادلة ٢٧ / ٦ رقم ٣١٤٠ رواه من طريق أبي عبيدة أحمد بن عبد الله بن أحمد بن ذكوان عن أبيه ، بسنده إلى ابن عباس ، وذكر الحديث.

١٢٧

من اسم أبيه على حرف الراء

[من الأحمدين](١)

[٩٦٢٣] أحمد بن ربيعة بن سليمان بن خالد بن عبد الرحمن

ابن زبر والد القاضي أبي محمد

حدث عن جماعة ، وروى عنه ولده أبو محمد عبد الله بن أحمد القاضي (٢).

حدث أحمد بن ربيعة بسنده قال (٣) : كان أبو جعفر المنصور قد استعمل على معونة (٤) البصرة عقبة بن سلم الهنائي (٥) ، فذكر من إقدامه على دماء المسلمين وأموالهم وتجبّره وعتوّه على الله عزوجل أمرا منكرا فظيعا ، وكان على القضاء يومئذ سوّار بن عبد الله (٦) ، قال : فقدم رجل من التجار في البحر بجوهرة نفيسة فبلغ خبرها عقبة بن سلم (٧) فأخذ الجوهرة منه وسجنه ، فجاءت زوجة له إلى سوّار بن عبد الله فقالت له : أنا بالله ثم بالقاضي فقال : وما شأنك؟. قالت : إن زوجي قدم من البحر ومعه جوهرة نفيسة ، فبلغ الأمر عقبة بن سلم خبرها

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) ترجم له المصنف في تاريخ دمشق ٢٧ / ٢٣ رقم ٣١٤٩.

(٣) الخبر من طريق آخر رواه وكيع في أخبار القضاة ٢ / ٥٩ عن أبي يعلى زكريا بن يحيى بن خلاد المنقري.

(٤) معونة البصرة ، للمعونة معان كثيرة في تاريخ الإسلام ، والمراد : الشرطة وصاحب المعونة هو صاحب الشرطة ، ودار المعونة دار الشحنة أو البوليس.

(٥) الهنائي بضم الهاء وفتح النون ، هذه النسبة إلى هناءة بن مالك بن فهم (الأنساب).

انظر أخباره في تاريخ خليفة ص ٤٣٣ ، وتاريخ الطبري ٤ / ٤٠٣ عقبة بن سلم بن نافع من الأزد ثم من بني هناءة.

(٦) راجع أخبار سوار بن عبد الله بن قدامة بن عنزة بن الحارث بن عمرو القاضي في أخبار القضاة لوكيع ٢ / ٥٧ وما بعدها.

(٧) بأصل مختصر ابن منظور هنا : عقبة بن عامر.

١٢٨

فاغتصبه إياها وحبسه في السجن ، قال : فبعث إليه سوّار رسولا يذكر له ما تظلمت منه المرأة إليه ويقول : إن كان ذلك حقا فأطلق الرجل واردد عليه جوهرته ، فزجره عقبة وشتم سوارا شتما قبيحا ، فرجع الرسول فأخبر سوارا بذلك ، فوجّه سوار لجماعة من أمنائه بمثل تلك الرسالة ليسمعوا ما يردّ الجواب ، فأتوه فأدّوا الرسالة ، فردّ عليهم من الشتم لهم ولسوار أمرا قبيحا ، فأتوه فأخبروه بذلك ، فأرسل إليه سوّار : والله لئن لم تطلق الرجل وتردّ عليه جوهرته لآتينك في ثياب بياض ماشيا ولأدمّرن (١) عليك بغير سلاح ولا رجال ، ولأقتلنك قتلة يتحدث بها الناس. فلما سمع جلساؤه (٢) رسالة سوار قالوا له : أيها الأمير ، إنه والله ما يقول شيئا إلّا يفعله ، وهو سوار قاضي أمير المؤمنين ، وقبائل مضر وتميم وبلعنبر كلها مستجيبة (٣) له ، وأنت رجل من أهل اليمن ليس بالنصرة (٤) من عشيرتك كثير ، فأجبه إلى ما أمر به ، فوجّه عقبة بالرجل وبالجوهرة. ووجّه معه رجالا يشهدون عليه بقبض الرجل والجوهرة. فلما صاروا إليه صاح بهم : يا أعداء الله (٥) بما ذا تشهدون علي؟ تطلق الرجل وترد عليه جوهرته؟! قال : فانصرفوا مرعوبين.

توفي أحمد بن ربيعة يوم السبت السادس والعشرين من رمضان سنة ست وثمانين ومائتين.

[٩٦٢٤] أحمد بن روح بن زياد بن أيوب

أبو الطيّب البغدادي الشعراني

حدث عن جماعة منهم محمد بن حرب النشائي (٦) وغيره.

[قال أبو بكر الخطيب](٧) :

__________________

(١) دمر القوم يدمرون هلكوا ، يقال : دمرهم الله ودمّرهم ، ودمر عليهم دمورا ودمرا دخل عليهم بغير إذن ، وقيل : هجم هجوم الشرّ. (تاج العروس : دمر).

(٢) في أخبار القضاة : فلما سمع من بحضرته.

(٣) في أخبار القضاة : مسلحة له.

(٤) كذا في مختصر ابن منظور ، وفي أخبار القضاة : ليس بالبصرة من كبير أحد ، وهو أشبه.

(٥) في أخبار القضاة : يا أبا عبد الله يشهدون على ما ذا؟

[٩٦٢٤] ترجمته في تاريخ بغداد ٤ / ١٥٩ وأخبار أصبهان لأبي نعيم ١ / ١١٠ وبغية الطلب ٢ / ٧٤٧.

(٦) تحرفت في تاريخ بغداد إلى : النساء.

(٧) زيادة للإيضاح.

١٢٩

[أحمد (١) بن روح بن زياد بن أيوب ، أبو الطيب الشعراني ، حدث عن عبد الله بن خبيق الأنطاكي ، ومحمد بن حرب النسائي ، والحسن بن محمد بن الصياح الزعفراني : روى عنه : القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم العسال ، وأحمد بن بندار بن إسحاق الشعار الأصبهانيان ، وأبو القاسم الطبراني.

أخبرنا محمد بن عبد الله بن شهريار أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني ، حدثنا أحمد بن روح الشعراني ببغداد ، حدثنا عبد الله بن خبيق الأنطاكي ، حدثنا يوسف بن أسباط ، حدثنا سفيان عن محمد بن جحادة عن أنس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يطوف على نسائه في غسل واحد].

[قال أبو نعيم الحافظ](٢) :

[أحمد بن روح بن زياد بن أيوب أبو الطيب البغدادي ، قدم أصبهان قبل التسعين ومائتين ، يروي عن عبد الله بن خبيق والناس ، له مصنفات في الزهد والأخبار](٣).

روى عن محمد بن حرب النشائي بسنده عن عائشة وحفصة رضي‌الله‌عنهما قالتا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«لا يحلّ لا مرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ لغير زوجها فوق ثلاث» (٤) [١٣٩٥٢].

وروى عن العباس بن الوليد بن مزيد بسنده عن عرزب الكندي أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«إنه سيحدث بعدي أشياء فأحبها إليّ أن تلزموا ما أحدث عمر» (٥) [١٣٩٥٣].

قدم أحمد بن روح أصبهان قبل التسعين ومائتين.

__________________

(١) الخبر في تاريخ بغداد ٤ / ١٥٩ استدركناه بين معكوفتين للإيضاح.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) ما بين معكوفتين استدرك عن أخبار أصبهان ١ / ١١٠.

(٤) رواه أبو نعيم في أخبار أصفهان ١ / ١١٠ ـ ١١١ والخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ١٥٩.

(٥) رواه ابن الأثير في أسد الغابة ٣ / ٥١٧ من طريق آخر عن عرزب الكندي ، وفي لفظه : إنكم ستحدثون بعدي أشياء.

١٣٠

[٩٦٢٥] أحمد بن ريحان بن عبد الله ،

أبو الطيّب البغدادي

حدث بصيدا عن جماعة.

روى عن عباس الدّوري بسنده عن أبي أوفى.

أنه تبع جنازة ، فكان يسأل قائده إن كان أمامها بردّه حتى يؤخره. فلما وصلت إلى المقابر قام ، فصلى ، فكبر ثلاث تكبيرات ثم كبر الرابعة ، ثم صبر حتى سبّحنا به طويلا فخفنا يكبر الخامسة ، فلما انفتل سلّم فقال : أظننتم أني أكبر الخامسة. إنما فعلت كما فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

حدث أحمد بن ريحان بالرملة وصيدا ونزل بالشام.

[قال أبو بكر الخطيب](١).

[أحمد بن ريحان بن عبد الله ، أبو الطيب ، نزل الشام وحدث بالرملة وصيدا عن عباس بن محمد الدوري ، وعلي بن الحسين بن مروان القطان ، روى عنه أبو الفضل الشيباني ، وأبو الحسين بن جميع.

أخبرنا علي بن أبي علي البصري ، حدثنا محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني ، حدثني أبو الطيب أحمد بن ريحان بن عبد الله البغدادي بالرملة ، حدثني علي بن الحسين بن مروان القطان ، حدثنا أبو عمرو الحوضي ، حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا ولي أخاه فليحسن كفنه».

حدثني الصوري قال : حدثني محمد بن أحمد بن جميع الغساني ، حدثنا أحمد بن ريحان بن عبد الله أبو الطيب البغدادي بصيدا ، أخبرنا عباس الدوري ...](٢).

__________________

[٩٦٢٥] ترجمته في تاريخ بغداد ٤ / ١٦٠.

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) عن تاريخ بغداد.

١٣١

من اسم أبيه على حرف الزاي

[من الأحمدين]

[٩٦٢٦] أحمد بن زكريا بن يحيى

ابن يعقوب ، أبو الحسن المقدسي

قدم دمشق مجتازا إلى الكوفة. روى عن جماعة.

[حدث عن أحمد بن شيبان الرملي ، ومحمد بن سليمان بن هشام البصري ، واسماعيل بن حمدويه البيكندي ، وإبراهيم بن محمد بن بزة الصنعاني ، ومحمد بن حماد الطهراني ، وإبراهيم بن عبد الله ابن أخي عبد الرزاق.

روى عنه : أبو الحسين أحمد بن محمد بن جميع الغساني ، وأبو عبد الله محمد بن منده الأصبهاني ، ومحمد بن يوسف بن يعقوب الرقي ، وأبو أحمد عبد الله بن بكر الطبراني ، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن الحسن الكرخي ، وأبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق الحساني ، وتمام بن محمد بن أحمد الرازي](١).

حدث عن إسماعيل بن حمدويه البيكندي بسنده عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«ويل للذي يحدّث فيكذب ليضحك به ، ويل له ويل له» [١٣٩٥٤].

__________________

[٩٦٢٦] ترجمته في بغية الطلب ٢ / ٧٤٩.

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن بغية الطلب.

١٣٢

وحدث عن أبي عبد الرحمن أحمد بن شيبان بسنده عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة. وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة» (١) [١٣٩٥٥].

المعروف أن كنية أحمد بن شيبان : أبو عبد المؤمن (٢).

__________________

(١) رواه ابن العديم في بغية الطلب ٢ / ٧٤٩ ـ ٧٥٠ وقال عقيبه : روى الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن هذا الحديث من طريق ابن جميع وقال عقيبه : كذا قال : والمحفوظ أن كنية أحمد بن شيبان أبو عبد المؤمن.

(٢) هو أحمد بن شيبان الرملي ، أبو عبد المؤمن ، توفي سنة ٢٧٥ ، انظر ترجمته في تهذيب التهذيب وتقريبه ١ / ٦٩ (٥٢) (ط دار الفكر).

١٣٣

من اسم أبيه على حرف السين

[من الأحمدين]

[٩٦٢٧] أحمد بن سالم المرّي ـ

ويقال : أحمر بالراء

شاعر قدم على عبد الملك بن مروان وامتدحه.

قال عمر بن شبّة : قدم أحمد بن سالم المري على عبد الملك بن مروان فقال له : كيف قلت : مقلّ رأى الإقلال عارا ... فأنشده :

مقلّ رأى الإقلال عارا فلم يزل

يجوب بلاد الله حتّى تموّلا

إذا جاب أرضا ينتويها رمت به

مهامه (١) أخرى عيسه (٢) فتغلغلا

فلما أفاد المال جاد بفضله

لمن جاءه يرجو جداه (٣) مؤمّلا

فأعطى جزيلا من أراد عطاءه

وذو البخل مذموم يرى البخل أفضلا

قال : حاجتك؟ قال : أنت أعلى بالجميل عينا فأمر له بعشرة آلاف درهم وألحقه بالسرف ، يعني من العطاء.

قال علي بن بكر :

يقال : أربعة آلاف هو سرف العطاء. فخرج وهو يقول :

__________________

(١) مهامه واحدتها مهمه ومهمهة ، وهي المفازة البعيدة ، والبلد المقفر (القاموس المحيط : مه).

(٢) العيس بالكسر الإبل البيض يخالط بياضها شقرة ، (القاموس المحيط : عيس).

(٣) الجدا والجدوى المطر العام ، أو الذي لا يعرف أقصاه ، والعطية (القاموس المحيط).

١٣٤

بكفّ ابن مروان حييت وناشني (١)

لأهلي من دهر كثير العجائب

في قصيدة ، فراح بها عليه فقال : أكنت أعددت هذا؟ قال : لا. قال : أتكيل القول ، فقل ولا تكثر. فإنه من أكثر هذر (٢) ، وقليل كاف خير من كثير شاف وأمر له بأربعة آلاف.

وقال : إياك وأعراض الناس ، فإن لك لسانا لا يدعك حتى يلقيك تحت كلكل (٣) هزبر (٤) أبي شبلين يصمعك (٥) صمعة لا بقية لك بعدها. فخرج إلى العراق فأتى الكوفة فأتى الحجاج بقصيدة يقول فيها :

ثقيف بقايا من ثمود ومالها

أب ثابت في قيس عيلان ينسب

وأنت دعيّ يا بن يوسف فيهم

زنيم (٦) إذا ما حصّلوا يتذبذب

فطلبه الحجاج فهرب فأدرك بهيت (٧) فأتي به الحجاج فأمر به ، فأحرق ثم ذرّي في اليم ، وتمثّل بقول هشام بن قبيصة النميري قالها لابن محلاة الطائي وقتل بمرج راهط أبيات منها :

بما أجرمت كفّاك لا لاقيت ما

فلا يبعد الرحمن غيرك هالكا

[٩٦٢٨] أحمد بن سباع ـ أحد المتعبدين

من إخوان أبي سليمان.

حدث أحمد بن أبي الحواري قال : قال أبو سليمان :

__________________

(١) النوش : التناول باليد ، ناشه ينوشه نوشا. ويقال : انتاشه من المهلكة انتياشا أخرجه منها. وانتاشه من الهلكة : أنقذه (تاج العروس : نوش).

(٢) هذر : هذر هذرا : كثر في الخطأ والباطل. والهذر محركة : الكثير الرديء أو هو سقط الكلام (التاج : هذر).

(٣) الكلكل والكلكال : الصدر ، أو ما بين الترقوتين أو باطن الزور ، والكلكل من الفرس ما بين محزمه إلى ما مسّ الأرض منه إذا ربض (القاموس).

(٤) الهزبر : الأسد.

(٥) صمعه بالعصا : ضربه (القاموس المحيط).

(٦) الزنيم : المستلحق في قوم ليس منهم ، والدعيّ (القاموس المحيط).

(٧) هيت : بالكسر ، بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار ، ذات نخل كثير وخيرات واسعة ، وهي مجاورة للبرية (معجم البلدان : هيت ٥ / ٤٢١).

[٩٦٢٨] له ذكر في ترجمتي أحمد بن أبي الحواري في حلية الأولياء ١٠ / ٥ وما بعدها ، وترجمة أبي سليمان الداراني ٩ / ٢٥٤ وما بعدها.

١٣٥

وجاءنا زبد بعسل فجعله يلعقه العوام منّا ولا يأكل منه شيئا ، ونأكل نحن منه ، قال : فقلت له : تطعمنا الشهوات؟ وتنهانا عنها ، قال : إنّي أعرف أنكم تشتهونها ، فأنا أحب أن أطعمكم شهوتكم ، ولو جاءني من يعرف ـ يعني أهل الزهد ـ لم أزدهم عن الملح والخبز. قلت له : تطعمنا الزبد بالعسل ولا تأكله؟ قال : إنّي أخافه ، إن الزبد بالعسل إسراف ثم رأيته بعد ذلك في بيت ابن سباع وقد جاءه بسكرجة فيها زبد وعسل ورغيف درمك (١) فأكل منه. فقلت له : يا أستاذ ، لم لا تأكله في بيتك وتأكله هاهنا! قال : من أكل ليسرّ به أخاه لم يضرّه أكله ، إنّ عامل الله لا يخيب على كل حال ، إنما يضرّه أكله لشهوة نفسه (٢).

قال : وسمعت أبا سليمان يقول :

لو أن الدنيا كلها في لقمة ثم جاءني أخي لأحببت أن أضعها في فيه.

[قال أبو نعيم الحافظ](٣) :

[حدثنا عبد الله بن محمد ثنا إسحاق بن أبي حسان](٤) ، ثنا أحمد بن أبي الحواري قال :

قلت لأبي سليمان : إن عبادا وأحمد (٥) بن سباع قد ذهبوا إلى الثغر!! فقال لي : إن الأبّاق عبيد السوء ، والله والله ما فروا إلّا منه فكيف يطلبونه في الثغور؟ (٦).

[٩٦٢٩] أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد

ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، أبو إبراهيم الزّهري

سمع بدمشق وبمصر وبالعراق. وروى عنه جماعة. وكان يعدّ من الأبدال وسكن بغداد وخرج إلى الثغر.

__________________

(١) الدرمك : دقيق الحواري (القاموس).

(٢) انظر حلية الأولياء ٩ / ٢٦٥.

(٣) زيادة للإيضاح.

(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن حلية الأولياء.

(٥) في حلية الأولياء : عبادا أو أحمد.

(٦) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء ٩ / ٢٦٧ في أخبار أبي سليمان الداراني.

[٩٦٢٩] ترجمته في بغية الطلب ٢ / ٧٥١ وتاريخ بغداد ٤ / ١٨١ والأسامي والكنى للحاكم ١ / ٢٦٠ رقم ١٤٨ وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٥٠٣ (٢٢٧٥) (ط دار الفكر) وطبقات الحنابلة ١ / ٤٦ والمنتظم لابن الجوزي ١٢ / ٢٥٥ حوادث سنة ٢٧٣.

١٣٦

[قال ابن العديم](١) :

[أنبأنا (٢) تاج الأمناء أبو المفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال : أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال :

أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، أبو إبراهيم الزهري ، سمع بدمشق سليمان بن عبد الرحمن ، وهشام بن عمار ، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيما ، وإبراهيم بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ، وبمصر يحيى بن عبد الله بن بكير (ابن العديم : بكر) وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص ، . ويحيى بن سليمان الجعفي ، وبالعراق علي بن الجعد ، وعلي بن بحر بن بري ، ومحمد بن سلام الجمحي ، وعبيد بن إسحاق العطار ، وإسحاق بن موسى الأنصاري ، وإبراهيم بن الحجاج السامي ، وعفان بن مسلم ، وسعيد بن حفص الحراني ، خال النفيلي.

روى عنه البغوي ، وابن صاعد ، والحسين المحاملي ، وابن مخلد ، وأبو عوانة الإسفرايني ، وأبو الحسين ابن المنادي ، وإسماعيل بن محمد الصفار ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي ، والقاسم بن زكريا المطرز ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري وغيرهم ، وكان يعد من الأبدال وسكن بغداد ، وخرج إلى الثغر].

[قال أبو أحمد الحاكم](٣) :

[أبو إبراهيم أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري.

سكن بغداد ، سمع محمد بن سلام الجمحي ، وعلي بن الجعد بن عبيد الجوهري.

روى عنه أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد الهاشمي ، وأبو العباس محمد بن إسحاق. كناه وسماه لنا أبو القاسم البغوي](٤)

[قال أبو بكر الخطيب](٥) :

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) ما بين معكوفتين استدرك عن بغية الطلب ٢ / ٧٥٢ والخبر نقله ابن العديم عن ابن عساكر.

(٣) زيادة للإيضاح.

(٤) ما بين معكوفتين استدرك عن الأسامي والكنى ١ / ٢٦٠.

(٥) الزيادة للإيضاح.

١٣٧

[أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أبو إبراهيم الزهري ، سمع علي بن الجعد الجوهري ، وعلي بن يحيى بن بري ، ومحمد بن سلام الجمحي ، وإسحاق بن موسى الأنصاري ، وعبيد بن إسحاق العطار ، ويحيى بن سليمان الجعفي ، ويحيى بن بكير ، وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص ، المصريين.

روى عنه : عبد الله بن محمد البغوي ، ويحيى بن محمد بن صاعد ، والقاضي المحاملي ، ومحمد بن مخلد ، وأبو الحسين ابن المنادي ، واسماعيل بن محمد الصفار ، وغيرهم.

أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي ، أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسن بن إسماعيل المحاملي ، حدثنا أحمد بن سعد الزهري ، حدثنا عبد العزيز بن عمران بن مقلاص ، حدثنا ابن وهب ، حدثني أسامة بن زيد عن حفص بن عبيد الله بن أنس أنه سمع أنس بن مالك يقول :

جاء أعرابي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الجمعة وهو على المنبر ، فقال : يا رسول الله ، هلكت الماشية ادع الله أن يسقينا ، قال أنس : فأنشأت سحابة مثل رجل الطائر وأنا أنظر إليها ، ثم انتشرت في السماء فأمطرت ، فما زلنا نمطر حتى جاء ذلك الأعرابي في الجمعة الأخرى ، فقال : يا رسول الله هلكت الماشية ، سقطت البيوت ، ادع الله أن يكشفها عنا. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهم حوالينا ولا علينا» فرأيت السحاب يتمزق كأنه الملاء حين يطوى [١٣٩٥٦].

أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن القرشي ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، حدثنا أبو إبراهيم الزهري ـ ببغداد ، حدثنا عبيد بن إسحاق حدثنا هريم بن سفيان ، عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر ، قال : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ساجدا ويديه عند أذنيه](١).

حدث عن يحيى بن عبد الله بن بكير بسنده عن معاذ بن أنس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ بغداد ٤ / ١٨١ ـ ١٨٢.

١٣٨

«الذكر يفضل على الصدقة في سبيل الله» [١٣٩٥٧].

وحدث عن أبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن بسنده عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«ليس فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما دون خمس ذود (١) صدقة ، وليس فيما دون خمسة أوسق (٢) صدقة» (٣).

حدث أبو إبراهيم الزهري قال (٤) :

كنت جائيا من المصّيصة (٥) فمررت باللّكّام (٦) ، فأحببت أن أراهم ـ يعني المتعبدين ـ هناك ، فقصدتهم ووافقت (٧) صلاة الظهر ، قال : وأحسبه رأى فيهم (٨) إنسانا عرفني فقلت له : هل فيكم رجل تدلوني عليه ، فقالوا : هذا الشيخ الذي يصلّي بنا ، فحضرت معهم صلاة الظهر والعصر ، فقال له ذلك الرجل : هذا من ولد عبد الرحمن بن عوف ، وجدّه أبو أمّه سعد بن معاذ ، قال : فبشّ بي وسلّم عليّ كأنه ، مذ كان ، يعرفني. قال : فقلت له أنا بالحنبلية : من أين تأكل؟ فقال لي : أنت مقيم عندنا؟ قلت : أما الليلة فأنا عندكم ، قال : ثم مضيت ، فجعل يحدثني ويؤانسني حتى جاء إلى كهف جبل ، فقعدت ، ودخل فأخرج قعبا يسع رطلا ونصفا قد أتى عليه الدّهور ، ثم وضعه وقعد يحدّثني حتى إذا كادت الشمس أن تغرب اجتمعت حواليه ظباء ، فاعتقل منها ظبية ، فحلبها حتى ملأ القدح ، ثم أرسلها ، فلما سقط القرص

__________________

(١) الذود : ثلاثة أبعرة إلى العشرة ، أو خمس عشرة ، أو عشرين ، أو ثلاثين ، أو ما بين الثنتين والتسع ، مؤنث ، ولا يكون إلّا من الإناث. (القاموس المحيط : ذود).

(٢) الوسق : ستون صاعا أو حمل بعير ، والوسق : العدل ، وقيل : العدلان ، وقيل : الحمل عامة ، والجمع أوسق ووسوق.

وفي تفسير الحديث : قال عطاء : هي ثلاثمائة صاع وكذلك قال الحسن وابن المسيب (تاج العروس : وسق).

(٣) رواه ابن العديم في بغية الطلب ٢ / ٧٥٢ وانظر كنز العمال ٦ / ١٥٨٨١ ـ ١٥٨٨٢.

(٤) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٨٢ ـ ١٨٣ وبغية الطلب ٢ / ٧٥٣.

(٥) المصيصة : بالفتح ثم الكسر والتشديد ، مدينة على شاطئ جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم تقارب طرسوس (معجم البلدان ٥ / ١٤٥).

(٦) اللكام : بالضم وتشديد الكاف : الجيل المشرف على أنطاكية والمصيصة وطرطوس وتلك الثغور (معجم البلدان).

(٧) في تاريخ بغداد : ووافق.

(٨) في مختصر ابن منظور : رأى ، والمثبت عن تاريخ بغداد. في تاريخ بغداد : رآني منهم إنسان عرفني.

١٣٩

حساه ، ثم قال : ما هو غير ما ترى ، ربما احتجت إلى الشيء من هذا ، فتجتمع (١) حولي هذه الظباء فآخذ حاجتي وأرسلها.

[قال أبو بكر الخطيب](٢) :

[أخبرنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني ، أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري قال : سمعت أبي يقول : مضى عمي أبو إبراهيم الزهري إلى أحمد بن حنبل ، فسلّم عليه ، فلما رآه وثب إليه وقام إليه قائما وأكرمه ، فلما أن مضى قال له ابنه عبد الله : يا أبت أبو إبراهيم [الزهري] شاب ، وتعمل به هذا العمل ، وتقوم إليه! فقال له : يا بني لا تعارضني في مثل هذا. ألا أقوم إلى ابن عبد الرحمن بن عوف](٣)؟

[وقال أبو عوانة في حديث ذكره ، قلت لابن خراش ـ يعني عبد الرحمن بن خراش ـ أخاف أن يكون أبو إبراهيم غلط على علي ابن الجعد ، فقال : أبو إبراهيم كان أفضل من علي بن الجعد كذا وكذا مرة ، أحسبه قال : مائة مر](٤).

[قال الخطيب أبو بكر](٥) :

[أخبرني الأزهري ، حدثنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ، حدثنا يحيى ابن محمد بن صاعد ، حدثنا أحمد بن سعد الزهري ، وكان ثقة](٦).

وكان أحمد بن سعد معروفا بالخير والصلاح والعفاف إلى أن مات (٧). وكان مذكورا بالعلم والفضل موصوفا بالزهد ، من أهل بيت كلهم علماء ومحدّثون [وله أخوان أكبر منه ، وهما عبيد الله وعبد الله ابنا سعد](٨).

توفي يوم السبت ودفن يوم الأحد لخمس خلون من المحرم سنة ثلاث وسبعين وقد بلغ

__________________

(١) في مختصر ابن منظور : فيجتمع ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) ما بين معكوفتين استدرك الخبر عن تاريخ بغداد ٤ / ١٨٣ وبغية الطلب ٢ / ٧٥٣ وسير الأعلام.

(٤) ما بين معكوفتين استدرك عن بغية الطلب ٢ / ٧٥٢.

(٥) زيادة للإيضاح.

(٦) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن تاريخ بغداد ٤ / ١٨٣ وبغية الطلب ٢ / ٧٥٤.

(٧) تاريخ بغداد ٤ / ١٨٣ وسير الأعلام ١٠ / ٥٠٣ (ط دار الفكر).

(٨) الخبر في تاريخ بغداد ٤ / ١٨١ والزيادة منه.

١٤٠