شرح الملوكى في التّصريف

ابن يعيش

شرح الملوكى في التّصريف

المؤلف:

ابن يعيش


المحقق: الدكتور فخر الدين قباوة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة العربيّة بحلب
المطبعة: مطبعة مكتبة العربيّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

ندرة وقلّة. فإذا مرّ بك شيء من ذلك فلا تقض بزيادته إلّا بثبت ، من الاشتقاق ، لقلّة ما جاء من ذلك فيما وضح أمره.

فمن ذلك «دلامص». ذهب / الخليل (١) إلى أنّ الميم ٦٨ فيه زائدة ، ومثاله «فعامل» ، لأنهم قالوا فيه : درع دليص ، ودلاص. فسقوط الميم من «دليص» و «دلاص» دليل على زيادتها في «دلامص». وقالوا فيه : دلامص ودمالص ، كما قالوا : شأمل وشمأل. وقالوا : دلمص ، ودملص. حذفوا الألف منه ، كما قالوا : علبط ، وهدبد. وقالوا : دليص ودلاص. كلّه بمعنى البرّاق.

قال أبو عثمان (٢) : «لو قال قائل إنّ دلامصا من الأربعة ، ومعناه دليص ، وليس بمشتقّ من الثلاثة ، قال قولا قويّا ، كما أنّ «لأّالا» منسوب إلى معنى (٣) اللؤلؤ ، وليس منه ، وكما أنّ «سبطرا» معناه : السّبط ، وليس منه».

ومعنى هذا الكلام أنّه إذا وجد لفظ ثلاثيّ ، بمعنى لفظ

__________________

(١) المنصف ١ : ١٥١.

(٢) المنصف ١ : ١٥٢.

(٣) سقط من مطبوعة المنصف.

١٦١

رباعيّ ، وليس بين لفظيهما إلّا زيادة حرف ، فليس (١) أحدهما من الآخر يقينا. نحو «سبط وسبطر» و «دمث ودمثر» ؛ ألا ترى أنّ الراء ليست من حروف الزيادة. فجائز أن يكون فيما أبهم أمره كذلك. وهذا وإن كان محتملا ، إلّا أنّه احتمال مرجوح ، لقلّته ، وكثرة الاشتقاق وتشعّبه.

ومن ذلك قولهم «هرماس» للأسد ، فيما حكاه الأصمعيّ. وهو «فعمال» من الهرس ، وهو الدّقّ. وهذا اشتقاق صحيح ؛ ألا ترى أنّه يقال : دقّ الفريسة فاندقّت تحته. ويقال له (٢) أيضا : هرس ؛ قال الشاعر (٣) :

شديد السّاعدين ، أخا وثاب

شديدا أسره ، هرسا ، هموسا

وهذا ثبت في زيادة الميم في «هرماس».

ومن ذلك «لبن قمارص» أي : حامض ؛ كأنّه يقرص اللّسان ، الميم فيه زائدة ، لما ذكرناه من الاشتقاق. والاشتقاق يقضي

__________________

(١) ش : وليس.

(٢) سقط من الأصل.

(٣) شرح المفصل ٩ : ١٥٤ والصحاح واللسان والتاج (هرس).

وفي الأصل وش : «شديدا أمره». والهموس : الكسّار لفريسته.

١٦٢

بدلالته ، من غير التفات إلى قلّة الزّيادة في ذلك / الموضع ؛ ألا ترى ٦٩ إلى إجماعهم (١) على زيادة الهمزة والنّون في : «إنقحل» (٢) و «إنزهو» (٣) ، لقولهم في معناه : «قحل» و «زهو» ، وإن كان لا تجتمع (٤) زيادتان في أوّل اسم ، ليس بجار على فعل.

قال صاحب الكتاب (٥) : وقد زيدت الميم آخرا زيادة ، أكثر من زيادتها حشوا ، وكلاهما شاذّ لا يقاس عليه. من ذلك «زرقم» و «فسحم» ، ووزنهما «فعلم» (٦) من الزّرقة والانفساح. وقالوا : «حلكم» للأسود ، وهو من الحلكة ، ومثاله «فعلم». وقالوا : «دلقم» وهي «فعلم» من الاندلاق ، في أحرف سوى هذه ، و «ستهم» للكبير الاست (٧).

قال الشارح (٨) : قد زاد والميم آخرا زيادة صالحة العدّة. قالوا : «زرقم» بمعنى الأزرق ، و «فسحم» للمكان الواسع

__________________

(١) ش : اجتماعهم.

(٢) الانقحل : المخلق من الهرم.

(٣) الانزهو : صاحب الزهو والتكبر.

(٤) ش : لا يجتمع.

(٥) زاد في ش : عثمان بن جني.

(٦) زاد في الملوكي : لأنه.

(٧) سقط من ش «وستهم للكبير الاست».

(٨) زاد في ش : شيخنا موفق الدين.

١٦٣

بمعنى : المنفسح. و «حلكم» للشّديد السّواد ، من الحلكة. يقال : أسود مثل حلك الغراب ، أي : مثل سواده. و «ستهم» للأسته ، وهو الكبير الاست ، ومثاله «فعلم». زاد والميم في هذه الأسماء للإلحاق ب «برثن».

وقالوا : «دلقم» للناقة المسنّة ، تتكسّر (١) أسنانها ، فيندلق لسانها ولعابها ، أي : يخرج. وأصله من : الدّلق ، وهو : الخروج عن الشيء. يقال : سيف دلوق ، إذا كان سريع الخروج عن الغمد. ويقال : ضربه فاندلقت أقتاب (٢) بطنه ، أي : خرجت. وقالوا : «ضرزم» للأفعى الشّديدة العضّ. وهو من : الضّرز ، وهو : البخيل الشّديد. وقالوا : «دقعم» للتّراب ، مأخوذ من الدّقعاء ، وهي الأرض. يقال : دقع ، بالكسر ، أي : لصق بالتّراب. ومنه الحديث (٣) : «إذا جعتنّ دقعتنّ» أي : خضعتنّ. وقالوا : «دردم» للأدرد الذي لا أسنان له. الميم في ذلك كلّه زائدة ملحقة ببناء «زبرج» و «خمخم» (٤).

__________________

(١) ش : تنكسر.

(٢) الأقتاب : جمع قتب ، وهو المعى.

(٣) النهاية والفائق واللسان والتاج (دقع).

(٤) تحتها في الأصل : «اسم نبت».

١٦٤

واعلم أنّ زيادة / الميم آخرا (١) ، فيما ذكر ، وإن كانت صالحة ٧٠ العدّة ، كثيرة ، فبالنّسبة إلى زيادتها حشوا ، وأمّا بالنّسبة إلى زيادتها في أوّل بنات الثلاثة نزر (٢) يسير. فلذلك لا يقاس عليه ، ولا يحكم على الميم إذا وقعت حشوا ، أو آخرا ، بأنها زائدة ، إلّا بثبت. ولو لا الاشتقاق لكانت فيما ذكر أجمع أصلا ، ولكن للاشتقاق كانت زائدة. هذا نصّ أبي عثمان (٣).

__________________

(١) ش : أخيرا.

(٢) كذا.

(٣) المنصف ١ : ١٥٠. وزاد في ش : رحمه‌الله.

١٦٥

زيادة الناء والنون

قال صاحب الكتاب (١) : إذا جاءت التاء والنون في موضع ، تقابلان فيه أحد الأصول ، حكم بأنّهما أصلان ، إلّا أن يدلّ الاشتقاق على زيادتهما ، فيحكم بذلك (٢). وإن (٣) جاءتا مخالفتين للأصول (٤) حكم بأنهما زائدتان (٥). من ذلك «عنتر» التاء والنون جميعا (٦) أصلان ؛ ألا ترى أنّ النون تقابل العين من «جعفر» ، والتاء تقابل الفاء منه ، وكلاهما أصل (٧). فأمّا : «نرجس» فالنون زائدة ، ومثاله «نفعل» ، لأنه ليس في الكلام مثل «جعفر» بكسر الفاء. وكذلك «تنضب» (٨) التاء فيه (٩)

__________________

(١) زاد في ش : عثمان بن جني.

(٢) الملوكي : بها.

(٣) ش : فان.

(٤) الملوكي : مخالفتين لبناء الأصول.

(٥) ش : زائدان.

(٦) سقط من الأصل.

(٧) زاد في الملوكي : «فكلاهما إذا أصل».

(٨) تحتها في الأصل : اسم شجر.

(٩) سقط من الملوكي.

١٦٦

زائدة ، لأنه ليس في كلامهم (١) مثل «جعفر» بضمّ الفاء (٢). وكذلك «عنصل» (٣) النون فيه (٤) زائدة ، لأنه ليس في كلامهم (٥) مثل «جعفر» بضمّ الجيم وفتح الفاء (٦). وأمّا «عنبس» ، فالنون فيه زائدة (٧) ، من قبل الاشتقاق ، لا من طريق القياس. وذلك لأنه من : العبوس. ولذلك قيل للأسد : «عنبس» لعبوسه ، وكراهة منظره. قال الشاعر (٨) :

بقّيت وفري ، وانحرفت عن العلا

ولقيت أضيافي ، بوجه عبوس

قال الشارح (٩) : إنما جمع بين التاء والنون ، لاستوائهما في حكم

__________________

(١) الملوكي : الكلام.

(٢) زاد في الملوكي : «وقيل له : تنضب ، كما قيل لنظيره : شوحط ، لأن الناضب هو الشاحط ، وكلاهما للبعد».

(٣) العنصل : البصل البري.

(٤) سقط من الملوكي.

(٥) الملوكي : الكلام.

(٦) سقط «وفتح الفاء» من الملوكي.

(٧) الملوكي : فأما النون من عنبس فزائدة.

(٨) الملوكي : «قال الأشتر النخعيّ». والبيت من حماسية له في شرح التبريزي ١ : ١٤٤. والوفر : المال.

(٩) ش : «قال شيخنا موفق الدين». وانظر شرح المفصل ٩ : ١٥٤ ـ ١٥٨.

١٦٧

الزيادة ، واطّراد زيادتهما في الأسماء والأفعال. وقوله : إذا جاءت التاء ٧١ والنون في موضع ، تقابلان (١) فيه أحد الأصول ، / حكم بأنّهما أصلان ، صار (٢) ذلك في الدّلالة كالاشتقاق ، لأنّ التاء والنون لم تكثر زيادتهما في الكلام كثرة الألف والواو والياء والهمزة. فلذلك احتيج إلى العمل بالمثال.

من ذلك «عنتر» ليس ثمّ اشتقاق يدلّ على الأصل من الزائد. وقد جاءت التاء والنون في مقابلة الأصول ؛ ألا ترى أنّ النون بإزاء العين من «جعفر» ، والتاء بإزاء الفاء منه. فلذلك قضي عليهما بأنّهما أصلان ، لأنّ الأصل عدم الزيادة ، ووزن الكلمة لذلك «فعلل» كجعفر. وكذلك (٣) «صعتر» (٤) التاء فيه أصل ، لأنها بإزاء الفاء من «جعفر». وكذلك نون «نهشل» (٥) و «نهضل» (٦) ، لأنّه بإزاء جيم «جعفر». ونون «حنزقر» (٧)

__________________

(١) ش : يقابلان.

(٢) في الأصل وش : وصار.

(٣) سقط من ش.

(٤) الصعتر : نبات معروف ، وهو السعتر.

(٥) النهشل : المسنّ وفيه بقية. وفي حاشية الأصل : «التامّ من الرجال».

(٦) النهضل : الرجل المسنّ. وفي الأصل وش : «نهصل».

(٧) الحنزقر : القصير الدميم.

١٦٨

أصل ، لأنها بإزاء راء «جردحل» (١). وكذلك تاء «فرتاج» (٢) لأنه بإزاء طاء «قرطاس».

فأمّا نون «نرجس» فزائدة ، لأنه يمكن ، قبل الاعتبار ، أن تكون أصلا وأن تكون زائدة (٣). فمتى جعلناها أصلا صارت «فعللا» كجعفر ، بكسر الفاء ، وليس في الكلام مثله. ومن كسر النون وقال : «نرجس» فهي زائدة عنده أيضا ، وإن كان نظيره «زبرجا». لأنه قد ثبت زيادتها في لغة من فتحها ، فلا يجوز أن تكون زائدة (٤) في لغة قوم ، أصلا (٥) في لغة آخرين. لأنه يكون حكما (٦) عليها بالزيادة والأصالة ، في حال واحدة ، وهو محال.

فإن قيل : فهلّا حكمت عليها بأنها أصل ، لمجيئها مع الكسر على مثال الأصول! قيل : لا يصحّ ذلك ، إذ يلزم منه على اللغة الأخرى مخالفة الأصول ، ولا يلزم من الحكم بزيادتها مع الكسر مخالفة الأصول.

وكذلك «تنضب» التاء فيه زائدة ، لأنه ليس في الكلام

__________________

(١) الجردحل : الضخم من الابل.

(٢) فرتاج : اسم موضع. وفي الأصل : قرتاج.

(٣) في الأصل : زائدا.

(٤) ش : أصلا.

(٥) ش : زائدة.

(٦) ش : حكمنا.

١٦٩

مثل «جعفر» بضمّ الفاء. وحكم على التاء بالزيادة ، دون النون ، من ٧٢ قبل أنّ «تفعل» في الكلام / نحو : «تتفل» (١) ، «وتذرج» (٢) ، أكثر من مثال «فنعل». فعمل بالأكثر.

ومن ذلك «كنهبل» (٣) و «قرنفل» ، النون فيهما زائدة ، لأنّك لو جعلتها (٤) فيهما أصلا صار وزنهما «فعلّلا» مثل : «سفرجل» بضمّ الجيم ، وذلك معدوم. فلذلك قضي عليها بالزيادة ، وأنّ وزنهما بها (٥) «فنعلل» و «فعنلل» (٦).

فإن قيل : كما أنه ليس في الكلام مثل «سفرجل» بضمّ الجيم ، فكذلك ليس في الكلام «فنعلل» و «فعنلل» ، بالدليل الثبت ، الذي هو الاشتقاق. فلم كان حمله على الزيادة أولى من حمله على الأصل؟ قيل : لأنّ ما زيد فيه من الكلم أكثر من المجرّد من الزيادة ؛ ألا ترى أنّ الأسماء المجرّدة من الزيادة محصورة معلومة ، والمزيد

__________________

(١) التتفل : ولد الثعالب.

(٢) ش : «تدرج». والتدرج والتذرج : طائر حسن الصورة شبيه بالدرّاج. فارسي معرب. الألفاظ الفارسية المعربة ص ٣٤ والمعرب ص ٩١.

(٣) الكنهبل : شجر عظام.

(٤) في الأصل : جعلت.

(٥) سقط من ش.

(٦) سقط من ش.

١٧٠

فيه كثير لا يكاد ينحصر. فلمّا أبهم الأمر حمل على الأكثر.

ومن ذلك «جندب» النون فيه زائدة بالاشتقاق. ومثل : جندب في زيادة النون فيه «عنصل» (١) و «عنظب» (٢) النون زائدة (٣) ، لأنه ليس في الأصول مثل «جعفر» بفتح الفاء وضمّ الجيم ، عند سيبويه. مع أنّ الجندب يجوز أن يكون من : الجدب ، لأنّه يصحبه ، فتكون النون زائدة في ذلك كله ، لمخالفة الأصول.

قال صاحب الكتاب (٤) : وقد زيدت النون في «نفعل» و «انفعل» وبعد ألف التثنية ويائها ، نحو : الزّيدان ، والعمران ، والرّجلين ، والغلامين (٥). وعلامة للرّفع (٦) في خمسة مواضع من الفعل ، نحو : يفعلان ، وتفعلان ، ويفعلون ، وتفعلون ،

__________________

(١) العنصل : البصل البري.

(٢) العنظب : ذكر الجراد.

(٣) سقط «بالاشتقاق ومثل ... زائدة» من ش ههنا ، وأقحم فيما بعد بين الكلمتين «زائد» و «في».

(٤) زاد في ش : عثمان بن جني.

(٥) أقحم في مطبوعة الملوكي : «وبعد واو الجمع ويائه ، نحو : الزيدون والعمرون والزيدين والعمرين». وانظر ٧٤.

(٦) في الأصل وش : «الرفع». والتصويب من الملوكي.

١٧١

وتفعلين (١).

قال الشارح (٢) : قد زيدت النون في أوّل الأفعال المضارعة ، نحو «نقوم» و «نقعد». وحروف المضارعة أربعة : الهمزة ، والنون ، والتاء ، والياء. وقد كانت حروف المدّ واللّين أولى بذلك ، ٧٣ إلّا أنّ الألف امتنعت زيادتها أوّلا ، / لسكونها ، فعوّض (٣) عنها الهمزة ، لما بينهما من المناسبة والمقاربة ، على ما سبق (٤). وكذلك الواو لا تزاد أوّلا ، وقد تقدّم علّة ذلك (٥) ، فعوّض عنها التاء ، لأنها تبدل منها كثيرا على ما بيّنّاه (٦). فأمّا (٧) الياء فأمكن زيادتها أوّلا ، فزيدت للغيبة.

واحتيج إلى حرف رابع ، فكانت النون ، لأنها أقرب حروف الزيادة إلى حروف المدّ واللين ؛ ألا ترى أنّ النون غنّة تمتدّ في الخيشوم ، وليس لها فيه مخرج معيّن. فكانت كالألف التي هي هواء في الحلق ، وليس لها فيه مخرج معيّن. ولذلك تعاقبتا على المثال الواحد ،

__________________

(١) زاد في الملوكي : يا امرأة.

(٢) ش : قال شيخنا موفق الدين.

(٣) في الأصل : فعوضت.

(٤) انظر ٣٩.

(٥) انظر ٥٤.

(٦) انظر ٤٠.

(٧) ش : وأما.

١٧٢

نحو «شرنبث وشرابث» (١) ، و «جرنفش وجرافش» (٢). وقد عاقبت الياء أيضا فقالوا : «عصنصر وعصيصر» (٣). والألف تبدل منها في نوني الصرف والتأكيد ، نحو : رأيت زيدا ، و (لَنَسْفَعاً) ، في (٤)(لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ.) وقد فصلوا بالنون بين العينين ، قالوا : عقنقل (٥) ، وسجنجل (٦). كما قالوا : اغدودن (٧) ، واعرورى (٨).

ولمّا (٩) كان بين النون وبين حروف المدّ واللين هذه المناسبة جامعتها فى حروف المضارعة. وجعلت للمتكلّم إذا كان معه غيره ، لأنهما قد استعملا في غير هذا الموضع للجمع ، من نحو : قمنا وقعدنا ، ولجماعة المؤنث ، نحو : ضربن وشربن. فلمّا كانت مزيدة أخيرا للجمع ، على ما وصفنا ، زيدت أوّلا للجمع ، لتتناسب (١٠) زيادتها

__________________

(١) الشرنبث والشرابث : القبيح. وفي الأصل : وشرابث.

(٢) الجرنفش والجرافش : الضخم الشديد من الرجال. ش : «جرنفس وجرافس». وكلاهما صحيح. وفي الأصل : وجرافش.

(٣) عصنصر : اسم موضع.

(٤) الآية ١٥ من سورة العلق.

(٥) العقنقل : السيف.

(٦) السجنجل : المرآة.

(٧) اغدودن النبت : طال.

(٨) اعروريت الفرس : ركبته عريا.

(٩) ش : فلما.

(١٠) في الأصل : لتناسب.

١٧٣

أوّلا وآخرا.

وأمّا زيادتها للمطاوعة ، نحو «انفعل» كقولك : كسرته فانكسر ، وحسرته فانحسر ، فلأنّ (١) النون تناسب هذا المعنى ؛ ألا ترى أنّ النون حرف غنّيّ خفيف ، فيه سهولة وامتداد إلى الخيشوم. فكانت حاله مناسبة لمعنى السّهولة والمطاوعة.

فأمّا زيادة النون بعد ألف التّثنية ، نحو قولنا : الزّيدان ٧٤ والعمران ، / والزّيدين والعمرين ، وفي الجمع السالم ، نحو : الزّيدون والعمرون ، والزّيدين والعمرين ، فهي وإن كانت زائدة (٢) كما ترى إلّا أنها غير مصوغة في نفس الكلمة ، على سبيل اللّزوم ، بخلاف ما تقدّم.

وإنّما ذكر صاحب الكتاب (٣) التّثنية ولم يذكر الجمع ، لأنّ هذا الجمع على حدّ التّثنية ، من حيث أنّه يسلم فيه نظم الواحد كما يسلم في التّثنية. والتّثنية في ذلك الأصل ، فلذلك استغنى بذكرها عن ذكر الجمع ، مع أنّ الحكم فيهما واحد.

__________________

(١) في الأصل : لأن.

(٢) ش : مزيدة.

(٣) يريد : صاحب كتاب الملوكي.

١٧٤

واعلم أنّ هذه النون إنما دخلت التثنية والجمع ، كالعوض من الحركة والتنوين اللذين كانا في الواحد ، لأنّ الاسم يستحقّ الحركة والتّنوين ، بحكم الاسميّة والتمكّن. فلمّا ضمّ إليه غيره ، لا على سبيل العطف ، وزيد عليه حرف لمعنى التّثنية ، وامتنع ما قبل حرف التثنية والجمع من الإعراب والتنوين ، وألزم حركة واحدة ، ولم تكن التّثنية والجمع أزالتا عنه ما كان له بحكم الاسميّة والتمكّن ، من الحركة والتنوين ، عوّض النون (١) منهما جميعا.

وقد كان ينبغي أن يكون العوض أحد حروف المدّ واللّين ، لخفّتها ، وكثرة زيادتها ، وكونها أمّهات الزوائد ، على ما مرّ. غير أنّهم لو جعلوا حرف مدّ للزم منه قلبه ، لمكان حرف التثنية والجمع قبله ، أو حذفه لالتقاء السّاكنين. فجعلوا العوض نونا ، لأنها أشبه بها ، على ما مرّ (٢).

وهذه النون مكسورة في التّثنية على أصل التقاء الساكنين ، ومفتوحة في الجمع للفرق بينهما ، وطلبا للمعادلة. فأمّا قوله (٣) :

__________________

(١) ش : التنوين.

(٢) انظر ٧٣.

(٣) نسب إلى رؤبة. ديوانه ص ١٨٧ وشرح المفصل ٢ ١٢٩ و

١٧٥

وهي ترى سيّئها إحسانا

أعرف منها الأنف والعينانا

ومنخرين ، أشبها طبيانا (١)

٧٥ فحرّك نون التثنية بالفتح ، / ويحتمل ذلك أمرين : أحدهما : أنها حركة التقاء الساكنين. وحركة التقاء الساكنين ليست على منهاج واحد ؛ ألا ترى أنهم قالوا (٢) : ردّ ، ردّ ، ردّ. وقالوا : عوض ، وعوض ، وعوض (٣). فكأنه جعل نون التثنية كذلك. والثاني : يجوز أن يكون (٤) جعل النون حرف الإعراب ، تشبيها بالجمع حيث يقولون : مضت سنين. ومنه قوله (٥) :

* دعاني من نجد ، فإنّ سنينه*

__________________

٤ : ٦٧ و ١٤٣ والنوادر ص ١٥ وأوضح المسالك ١ : ٤٧. وهما لرجل من ضبة.

(١) الطبي : حلمة الضرع. وفي ش : «ظبيانا». وفي النوادر : «ظبيان : اسم رجل. أراد : منخري ظبيان ، فحذف كما قال عزوجل : واسأل القرية ، يريد : أهل القرية».

(٢) سقط من ش.

(٣) سقط من الأصل.

(٤) سقط «أن يكون» من ش.

(٥) صدر بيت للصمة القشيري. وعجزه :

لعبن بنا شيبا ، وشيّبننا مردا

اللسان والتاج (سنه) وأوضح المسالك ١ : ٤١ وشرح المفصل ٥ : ١١ ـ ١٢.

١٧٦

فعلى هذا تكون حركة النون حركة إعراب ، لا حركة بناء. فاعرفه.

فأمّا نون : يفعلان ، وتفعلان ، ويفعلون ، وتفعلون ، وتفعلين ، فزيادة (١) ، على حدّ زيادتها في التّثنية والجمع. إلّا أنّها هناك بدل من الحركة والتنوين ، والفعل لا تنوين فيه ولا حركة لازمة ، فيعوّض عنهما. وإنما النون فيه علم الرّفع ، وسقوطها علامة الجزم ، والنصب محمول عليه.

قال صاحب الكتاب : وتزاد (٢) بعد الألف في نحو (٣) «غضبان» وبابه ، وما ألحق به من نحو : قحطان (٤) ، وعمران ، وعثمان (٥) ، وللتوكيد خفيفة وثقيلة ، نحو : ليقومنّ ، وليقومن (٦).

قال الشارح (٧) : أصل هذه الألف والنون أن تلحق (٨)

__________________

(١) ش : زائدة.

(٢) سقط من الملوكي.

(٣) سقط من الأصل.

(٤) الملوكي : عريان وقحطان.

(٥) زاد في الملوكي : «وحدرجان ، وبعد الواو والياء في : زيتون ، وغسلين».

(٦) الملوكي : لتقومن ولتقومنّ.

(٧) ش : قال شيخنا موفق الدين شارح الكتاب.

(٨) كذا.

١٧٧

الصفات مما كان مؤنثه : فعلى. نحو : غضبان وغضبى ، وعطشان وعطشى ، وسكران وسكرى. لأنّ الصفات بالزيادة أولى من الأسماء ، من حيث شبهها بالأفعال ، والفعل أقبل للزيادة (١) من الاسم. وقحطان ، وعمران ، وعثمان ، ملحقة به ، ومحمولة عليه.

وهذه الألف والنون مضارعتان (٢) لألفي التأنيث ، نحو : حمراء وصفراء ، من حيث أنّ الوزن (٣) والعدّة والسّكون ٧٦ والحركات واحدة. وأنّ مؤنّث كلّ واحد منهما من / غير لفظه ، فمؤنّث سكران : «سكرى» ، كما أنّ مؤنّث أحمر : «حمراء». ولا يقال : «سكرانة» إلّا على شذوذ وندرة ، كما لا يقال : حمراءة وصفراءة (٤) ، لأنّ علامة التأنيث لا تدخل على مثلها. وكذلك (٥) قالوا في تكسير ظربان (٦) : «ظرابيّ» ، فقلبوا النون ياء ، كما قالوا : «صحاريّ» ، فقلبوا الهمزة ياء.

__________________

(١) ش : أقعد في الزيادة.

(٢) كذا.

(٣) في حاشية الأصل : «أي : الوزن العروضي».

(٤) في الأصل : وصحراءة.

(٥) في الأصل : ولذلك.

(٦) في حاشية الأصل : «ظربان ، مثال قطران : دويبة منتنة الريح. وجمعه ظرابيّ».

١٧٨

وأمّا نون التأكيد فعلى ضربين : خفيفة وثقيلة. وموضعها (١) الفعل المستقبل مع اللام لتلقّي القسم ، نحو : والله ليفعلنّ. وقد يجوز ألّا تلحقه. والأمر (٢) والنّهي وما فيه معنى الطلب ، نحو الاستفهام ، والعرض ، والتمنّي. نحو : اضربنّ زيدا ، ولا تخرجنّ ، وهل تذهبنّ ، وألا تنزلنّ ، وليتك تخرجنّ. وحكمهما في التأكيد واحد ، إلّا أنّ التأكيد بالنون الثقيلة (٣) أبلغ. وقد شبّه بعض العرب اسم الفاعل بالفعل ، فألحقه النون توكيدا ، نحو قوله (٤) :

أريت إن جيت به أملودا

مرجّلا ، يلبّس البرودا

أقائلنّ : أحضروا الشّهودا

قال صاحب الكتاب : ومتى حصلت الكلمة خماسيّة ، وثالثها

__________________

(١) في الأصل : وموضعهما.

(٢) ش : «وفي الأمر». وكذلك كانت في الأصل ثم صوبت كما أثبتنا.

(٣) ش : الخفيفة.

(٤) لرجل من هذيل. ونسب إلى رؤبة. شرح أشعار الهذليين ص ٦٥١ وديوان رؤبة ص ١٧٣ والخصائص ١ : ١٣٦ والجنى الداني ص ١٤١ والجمهرة ٢ : ٢٩١ والعيني ١ : ١٢٢ ومنهج السالك ١ : ١٩ والخزانة ٤ : ٥٧٤ ـ ٥٧٧. والأملود : الأملس الناعم. وأقائلنّ : للمفرد. ش : «أقائلنّ» والخطاب للجماعة.

١٧٩

نون ساكنة ، حكم بزيادتها. نحو «جحنفل» (١) و «شرنبث» (٢) و «عصنصر» (٣). فإن كانت غير ثالثة من الكلمة الخماسيّة حكم بكونها أصلا ، متحرّكة كانت أو ساكنة (٤) ، حتّى يدلّ الدليل على زيادتها. فالساكنة ، نحو نون «حنزقر» (٥) و «حنبتر» (٦). والمتحرّكة ، نحو نون «جنعدل» (٧) مثل «فعلّل». فأمّا ما دلّ الدليل (٨) على زيادته ، وهو متحرّك غير ثالث ، فنون (٩) «كنهبل» (١٠) ، لأنه ليس في الأصول مثل «سفرجل» بضمّ الجيم. وأمّا السّاكنة ، فنحو (١١) «قنفخر» (١٢) ٧٧ النون فيه (١٣) زائدة ، لقولهم في معناه : / امرأة قفاخريّة.

__________________

(١) الجحنفل : الغليظ الشفة.

(٢) الشرنبث : القبيح. ش : جرنبث.

(٣) عصنصر : اسم موضع. ش : «عصنصل». الملوكي : «غضنفر».

(٤) الملوكي : «فان كانت النون غير ثالثة ، وهي مع ذلك مقابلة لبعض الأصول ، يعني في الكلمة الخماسية ، حكم بكونها أصلا ، ساكنة كانت أو متحركة».

(٥) الحنزقر : القصير الدميم.

(٦) الحنبتر : الشدّة. ش : «حنثر». الملوكي : «حنتر».

(٧) الجنعدل : الغليظ القوي الشديد.

(٨) الملوكي : ما دلت الدلالة.

(٩) الملوكي : فنحو نون.

(١٠) الكنهبل : شجر عظام.

(١١) الملوكي : فنحو نون.

(١٢) القنفخر : الفائق في نوعه.

(١٣) سقط من الملوكي.

١٨٠