شرح الملوكى في التّصريف

ابن يعيش

شرح الملوكى في التّصريف

المؤلف:

ابن يعيش


المحقق: الدكتور فخر الدين قباوة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة العربيّة بحلب
المطبعة: مطبعة مكتبة العربيّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

أصول فالهمزة أصل ، والكلمة [بها](١) خماسيّة. وذلك نحو «إصطبل» الهمزة أصل ، / ومثال الكلمة (٢) «فعللّ» ، ٤١ ونظيرها «جردحل» (٣).

قال الشارح (٤) : إنما قضي بزيادة الهمزة في أوّل بنات الثلاثة ، لكثرة ما جاء من ذلك ، على ما شهد به الاشتقاق. ثم حمل غير المشتقّ عليه.

فأما إذا كانت الهمزة في أول بنات الأربعة فإنه لم تثبت زيادتها فيه باشتقاق ولا غيره. فلذلك لم يقض (٥) بالزيادة ، لأنّ الأصل عدم الزيادة. فلذلك كانت أصلا ، وكانت الكلمة بها خماسيّة ، نحو : إصطبل ، وإصطخر ، وإبراهيم ، وإسماعيل. ف «إصطبل» الصاد فيه والطاء والباء واللام أصول. وكذلك «إصطخر» اسم بلد ، الصاد والطاء والخاء والراء كلّها أصول ؛ فكانت الهمزة في أوّلها أصلا لذلك ، ووزنها «فعللّ» كقرطعب (٦). وجردحل. و «إبراهيم»

__________________

(١) من الملوكي.

(٢) زاد في الأصل وش : «بها».

(٣) الجردحل : الضخم من الابل.

(٤) ش : قال شيخنا موفق الدين شارحه.

(٥) في الأصل : لم نقض.

(٦) القرطعب : القطعة من الخرق.

١٤١

الباء فيه والراء والهاء والميم أصول. وكذلك «إسماعيل» السين فيه والميم والعين واللام أصول ؛ فكانت الهمزة في أوّلها أصلا لذلك. وكذلك هي في : «إبريسم» (١) أصل.

ولم تزد الهمزة في أول بنات (٢) الأربعة ، لقلّة تصرّف الأربعة ، وكثرة تصرّف الثلاثة. وإنما قلّ التصرّف في الرباعيّ لقلّة الرباعيّ في الكلام ، وإذا لم تكثر الكلمة لم يكثر التصرّف فيها ؛ ألا ترى أنّ كلّ مثال من أمثلة الثلاثيّ له أبنية كثيرة في التكسير ، للقلّة والكثرة ، وليس للرباعيّ إلّا مثال واحد ، القليل والكثير فيه سواء ، وهو «فعالل» نحو : خناجر (٣) ، وبراثن. ولم يكن للخماسيّ مثال في التكسير (٤) ، لانحطاطه عن (٥) درجة الرباعيّ في التصرّف. وانّما هو محمول على الرباعيّ ، نحو : فرازد وسفارج ، ك «جعافر».

٦٠ وممّا يدلّ / على كثرة تصرّفهم في الثلاثة أنّهم قد بلغوا ببنات الثلاثة ، بالزيادة ، سبعة أحرف ، نحو : اشهيباب واحميرار. فزيد عليه

__________________

(١) الابريسم : الحرير. وفي الأصل : إبراهيم.

(٢) أقحم بعدها في الأصل : «الأصول».

(٣) في الأصل : حناجر.

(٤) ش : التكثير.

(٥) في الأصل : من.

١٤٢

أربعة زوائد. ولم تزد على الأربعة (١) إلّا ثلاث زوائد ، نحو : احرنجام. ولم تزد على الخماسيّ أكثر من زيادة واحدة ، نحو «عضرفوط» (٢). فعرفت بذلك كثرة تصرّفهم في الثلاثيّ ، وقلّته في الرباعيّ والخماسيّ.

فلذلك قلّت زيادة الهمزة في أوّل بنات الأربعة ، وكثرت في أوّل بنات الثلاثة. ولذلك قضي بزيادة الياء في : يعقوب (٣) ، ويسروع (٤) ، لأنّ بعدها ثلاثة أحرف أصليّة ؛ لأنّ العين والقاف والباء في «يعقوب» أصليّة ، والواو زائدة. وكذلك الواو في «يسروع». وكانت الياء في «يستعور» أصلا ، لأنّ بعدها أربعة أصول ، وهي السين والتاء والعين والراء ، فكانت الياء أصليّة والواو زائدة. ووزن (٥) يستعور «فعللول». وهو اسم (٦) موضع. فاعرفه.

قال صاحب الكتاب (٧) : فإن كانت الهمزة وسطا لم تزد

__________________

(١) في الأصل : أربعة.

(٢) العضرفوط : ذكر العظاء.

(٣) اليعقوب : ذكر الحجل والقطا.

(٤) اليسروع : دود حمر الرؤوس بيض الأجساد.

(٥) سقط «فكانت الياء ... ووزن» من ش.

(٦) سقط من ش.

(٧) زاد في ش : عثمان بن جني.

١٤٣

إلّا بثبت. وذلك نحو : زئبر ، وضئبل ، وجؤذر (١) ، وبرأل الدّيك إذا نفش برائله ، وهو ريش عرفه (٢). الهمزة في هذا كلّه أصل ، لأنها حشو. وقد زيدت حشوا ، وذلك قليل ، قالوا : شأمل ، وشمأل (٣) ، ومثالهما (٤) : فأعل ، وفعأل. فالهمزة زائدة لقولهم : شملت الرّيح ، من الشّمال (٥). والهمزة أيضا في «جرائض» زائدة ، ومثاله «فعائل» لقولهم في معناه : «جرواض» أي : جمل شديد. وكذلك «حطائط» همزته زائدة ، ومثاله «فعائل» لأنّه من الشيء المحطوط ، وهو الصغير. وقالوا «النّئدلان» (٦) فهمزته زائدة ، لقولهم في معناه «النّيدلان» غير مهموز ، ووزنه (٧) «فيعلان». والنّيدلان (٨) هو (٩) ٦١ الكابوس ، ويقال له (١٠) : / الجاثوم.

__________________

(١) الملوكي : جؤذر.

(٢) الملوكي : وبرأل الديك أي : نفش عرفه.

(٣) الشأمل والشمأل : ريح الشمال. الملوكي : شمأل وشأمل.

(٤) ش : ومثاله.

(٥) سقط من الملوكي.

(٦) في الأصل : النّئدلان.

(٧) الملوكي : «غير مهموز بضم الدال. ومثال النّيدلان».

(٨) الملوكي : النئدلان.

(٩) زاد في ش : من.

(١٠) زاد في الملوكي : أيضا.

١٤٤

قال الشارح (١) : الهمزة إذا وقعت حشوا كانت أصلا ، ولا يحكم بزيادتها إلّا بثبت ، لأنه لم تكثر زيادتها حشوا فيما ظهر اشتقاقه ، كما كان ذلك في أوّل بنات الثلاثة. فإذا الهمزة في «زئبر» وهو الزّغب (٢) على الفرخ ، وفي «ضئبل» وهي الداهية ، و «جؤذر» لولد البقرة ، و «برأل الديك» إذا نفش برائله ، و «بلأز الرّجل» : أكل ، و «اطمأنّ» من الطمأنينة ، و «ازبأرّ الشّعر» ، انتفش ، و «تكرفأ السّحاب» : ارتفع وبرئ بعضه من بعض ، الهمزة في ذلك كلّه أصل ، لأنّه لم يقم دليل على الزيادة ، والأصل عدم الزيادة.

وقد زيدت في أحرف يسيرة حشوا. قالوا : شأمل ، وشمأل. ومثالهما : فأعل ، وفعأل. قال (٣) :

* لما نسجتها ، من جنوب ، وشمأل*

__________________

(١) ش : قال شيخنا موفق الدين.

(٢) في حاشية الأصل : «الزغب : أول ريش الفرخ».

(٣) عجز بيت من معلقة امرىء القيس. وصدره : فتوضح فالمقراة ، لم يعف رسمها ديوانه ص ٨. وتوضح والمقراة : موضعان. ولم يعف : لم يدرس.

ونسجتها : تعاقبت عليها فمحت هذه وأثبتت هذه.

١٤٥

فالهمزة في هذين المثالين زائدة ، لقولهم : شملت الرّيح ، إذا هبّت من الشّمال. وهذا ثبت ؛ ألا ترى أنها ساقطة في «شملت». ووزنهما لذلك : فأعل ، وفعأل.

وقالوا «رجل بلأز» للرّجل القصير. الهمزة فيه زائدة ، لقولهم (١) : امرأة بلز ، أي : قصيرة.

وقالوا : «جرائض» للبعير الضّخم. فالهمزة فيه زائدة ، لقولهم في معناه : جمل جرواض ، أي : شديد. فسقوط الهمزة من «جرواض» ، وهو من معناه ولفظه ، دليل على زيادتها في «جرائض». ووزنه إذا «فعائل» ، من الجرض وهو الغصص (٢) ، كأنّه يجرض (٣) به كلّ أحد لثقله. ومنه المثل (٤) : «حال الجريض دون القريض». وقيل : الجرواض :

__________________

(١) سقط من ش.

(٢) في الأصل : «الغصّ». وكذلك كانت في ش ثم صوّبت كما أثبتنا.

(٣) في الأصل : «يجرض». وفي الحاشية : «أي يوقعه في الجرض كل أحد لثقله».

(٤) قاله عبيد بن الأبرص يوم مقتله. وقيل : أول من قاله هو جوشن ابن منقذ الكلابي. مجمع الأمثال ١ : ١٩١ واللسان والتاج (جرض). والجريض : الغصّة. والقريض : الشعر. وفي ــ حاشية الأصل : «القريض من الشّعر : حسنه. الجرض : حبس البزاق في الحلق. والغص : حبس الطعام فيه أيضا».

١٤٦

المشفقة على ولدها ، كأنها تجرض لفرط إشفاقها (١).

ومن ذلك «حطائط» وهو الصّغير ، قال الشاعر (٢) :

إنّ حري حطائط بطائط

كأثر الظّبي بجنب الغائط

الهمزة فيه زائدة ، ووزنه «فعائل» من الشيء المحطوط ، كأنّه انحطّ عن (٣) درجة التّمام ؛ ألا ترى أنّ الهمزة مفقودة في الحطّ (٤).

ومن ذلك «النّئدلان» (٥) وهو الكابوس ؛ الهمزة زائدة لقولهم فيه «نيدلان» بالياء الخالصة ، على زنة «فيعلان». قال (٦) :

__________________

(١) ش : الاشقاق.

(٢) كذا والرجز لامرأة من العرب. الاتباع ص ١٨ وشرح الحماسة للتبريزي ٤ : ٢٥٢ واللسان والتاج (بطط) و (حطط) وسر الصناعة ص ١٢٥. وقولها بطائط إتباع. والغائط : المطمئن من الأرض. والرواية : «بجنب الحائط». وروي في ش باطلاق حركة الروي فيكون فيه إقواء كما رواه ابن جني.

(٣) في الأصل : من.

(٤) ش : انحطّ.

(٥) في الأصل : النّئدلان.

(٦) انظر تخريجه في الممتع ص ٢٢٧. وفي حاشية الأصل : «مالنيل أي : من النيل». ش : «سروب النيل». والنفرجة : ــ الجبان الضعيف. والسروب : الهارب المستخفي. والنيل : العطاء.

١٤٧

نفرجة القلب ، سروب مالنّيل

يلقى عليه النّيدلان باللّيل

ومن ذلك قولهم : «امرأة ضهيأة» ، للتي لا تحيض. همزته زائدة لقولهم : امرأة ضهيا ، من غير همز. وهذا استدلال صحيح لأنّ المعاني متقاربة ، وكذلك اللفظ. قال سيبويه (١) : «فإن (٢) لم تستدلّ بهذا النحو من الاستدلال (٣) دخل عليك أن تقول : أولق ، من لفظ آخر (٤)». يريد أنّه كانت تبطل فائدة الاشتقاق ، ويلزم من ذلك أن تكون كلّ كلمة قائمة بنفسها. وليس الأمر كذلك.

قال صاحب الكتاب : وقد اطّردت زيادة الهمزة آخرا للتأنيث (٥) ، نحو : حمراء ، وصفراء ، وأصدقاء ، وعشراء (٦).

قال الشارح : حكم الهمزة إذا وقعت أخيرا كحكمها إذا وقعت

__________________

(١) الكتاب ٢ : ٣٥٢.

(٢) في الأصل : وإن.

(٣) الكتاب : الاشتقاق إذا تقاربت المعاني.

(٤) في حاشية الأصل : «غير ألق الرجل».

(٥) ش : زيادة الهمزة أخيرا.

(٦) زاد في ش : «وشبهه». الملوكي : «وأصدقاء وأنبياء وعشراء ونفساء». والعشراء : الناقة مضى على حملها عشرة أشهر.

١٤٨

حشوا ، لا يقضى عليها بزيادة إلّا بثبت. فأمّا نحو : حمراء ، وصفراء ، وعشراء ، وشبهه ، فإنّ الهمزة فيه عند المحقّقين بدل من ألف التأنيث (١) المقصورة ، في نحو : حبلى وسكرى. وإنّما زيدت قبلها ألف أخرى للمدّ ، فاجتمع ألفان ساكنتان ، فقلبت الثانية همزة. وفيها خلاف تراه مستقصى في فصل البدل من هذا الكتاب (٢) ، وإنّما ذكرت ههنا للفظها. فاعرفه.

__________________

(١) في حاشية الأصل : «أي : منقلبة من ألف التأنيث المقصورة».

(٢) انظر ١١٥.

١٤٩

زيادة الميم

٦٣ قال صاحب الكتاب (١) : موضع زيادة الميم / أن تقع أوّلا ، وبعدها ثلاثة أحرف أصول ، نحو : مضرب ، ومقتل ، ومحمل (٢) ، حكمها في ذلك حكم الهمزة.

قال الشارح (٣) : أمر الميم في الزيادة كأمر الهمزة ؛ موضع زيادتها أن تقع في أوّل بنات الثلاثة. والجامع بينهما أنّ الهمزة من أوّل مخارج الحلق مما يلي الصدر ، والميم من الشّفتين ، وهو أوّل المخارج (٤) من الطرف الآخر. فجعلت زيادتهما أوّلا ليتناسب مخرجاهما وموضع زيادتهما.

ولا تزاد في الأفعال ، إنّما ذلك في الأسماء نحو المصادر ، وأسماء

__________________

(١) زاد في ش : عثمان بن جني.

(٢) الملوكي : مضرب ومقتل ومكرم ومجمل.

(٣) ش : «قال شيخنا موفق الدين». وانظر شرح المفصل ٩ : ١٥١ ـ ١٥٤.

(٤) في حاشية الأصل : «أي : في الحكم».

١٥٠

الزمان والمكان ، نحو قولك : «ضربته مضربا» ، أي : ضربا. و «إنّ في ألف درهم لمضربا» أي : ضربا. ونحو «المجلس» و «المحبس» ، لمكان الجلوس والحبس. ونحو قولهم : «أتت الناقة على مضربها ومنتجها» يريد (١) : الحين الذي وقع فيه الضّراب والنّتاج. وزيدت في اسم للفاعل من بنات الأربعة وما وافقه ، نحو «مدحرج» و «مكرم» وشبهه. وتزاد في «مفعال» نحو : مضراب ، ومفتاح ، ومهذار ، للمبالغة. وقالوا : مأسدة ، ومسبعة ، ومذأبة ، للأرض يكثر فيها الأسود والسّباع والذّئاب. ولم يجىء ذلك ممّا جاوز الثلاثة ، نحو (٢) : الضّفدع ، والثّعلب ، استثقالا ؛ استغنوا عنه ب : كثيرة الضّفادع ، والثّعالب.

وفي الجملة زيادة الميم أوّلا أكثر من زيادة الهمزة أوّلا ، كأنها (٣) انتصفت للواو (٤) ، لأنها أختها من مخرجها.

__________________

(١) كذا.

(٢) كذا! وانظر شرح المفصل ٦ : ١٠٩ ـ ١١٠.

(٣) ش : «فانها». وفي حاشية الأصل : «أي : كأن الميم أخذت إنصاف الواو في الزيادة».

(٤) في الأصل : بالواو.

١٥١

والذي يدلّ على زيادتها في جميع ما ذكرناه الاشتقاق ؛ ألا ترى أنّ مدحرجا من «دحرج» ، ومقسورا من «قسور» ، ومكرما من «أكرم». وكذلك الباقي. فإن أبهم شيء من ذلك ٦٤ حمل على ما علم ؛ فعلى هذا «منبج» اسم هذه البلدة ، الميم / فيها زائدة (١) ، والنون أصل ، لأنّ الميم بمنزلة الهمزة ، يقضى (٢) عليها بالزيادة ، إذا وجدت في أوّل اسم ، وبعدها ثلاثة أحرف أصول ، لكثرة ذلك في الميم أيضا ، نحو : مقتل ، ومحرب ، ومنجل (٣). فلمّا عدم الاشتقاق في «منبج» حمل على نظائره ، نحو : مضرب ومسجد ، مع أنّا نقول : لا يخلو الميم والنون هنا من أن يكونا أصلين (٤) أو زائدين ، أو أحدهما أصلا (٥) والآخر زائدا (٦). ولا يجوز أن يكونا أصلين (٧) ، لأنّ الكلمة تكون «فعللا» ك «جعفر» بكسر الفاء ، وليس في الكلام مثله. ولا يجوز أن يكونا زائدين لئلا يصير الاسم من حرفين. فبقي أن يكون أحدهما أصلا والآخر زائدا ، فقضي بزيادة الميم ، لما ذكرناه من كثرة زيادتها أوّلا.

__________________

(١) في الأصل : زيادة.

(٢) في الأصل : فقضي.

(٣) ش : منخل.

(٤) في الأصل : أصليّين.

(٥) ش : أصل.

(٦) ش : زائد.

(٧) في الأصل : أصليّين.

١٥٢

فإن قيل : فاقض بزيادة (١) النون ، لأنّ النون تزاد ثانيا ، نحو (٢) «عنصر» (٣) و «جندب»! قيل : النون وإن كانت تزاد ثانيا فإنّ زيادة الميم أكثر أوّلا (٤) ، فحمل عليه.

وأمّا «معزى» فإنّه وإن كان أعجميّا فإنّه قد عرّب في حال التّنكير ، فجرى مجرى العربيّة. فميمه أصل لقولهم : معز ومعيز (٥) ، فمعز : «فعل» ، ومعيز (٦) : «فعيل». ولو كانت الميم في «معزى» زائدة ، وقد بني منه ذلك ، لقيل : عزا ، وعزيّ. فلمّا قيل : معز ومعيز ، دلّ على أنّ الميم أصل.

وأمّا «معدّ» فإنّ الميم فيه أصل أيضا (٧) ، لقولهم : تمعدد ، أي : صار على خلق معدّ ، في حسنهم. ومنه قول عمر رضي‌الله‌عنه (٨) : «اخشوشنوا وتمعددوا». قال

__________________

(١) سقط «الميم لما ذكرناه ... بزيادة» من ش.

(٢) في الأصل : في.

(٣) العنصر : الحسب والأصل.

(٤) ش : أولا أكثر.

(٥) المعيز : جمع معز.

(٦) سقط «فمعز فعل ومعيز» من ش.

(٧) زاد في ش : وهي فاء.

(٨) النهاية واللسان والتاج (معد) والمنصف ١ : ١٢٩. ورفعه الطبراني في المعجم عن أبي حدرد الأسلمي عن النبي عليه‌السلام.

١٥٣

الراجز (١) :

ربّيته ، حتّى إذا تمعددا

كان جزائي بالعصا أن أجلدا

وقيل : تمعدد : تكلّم بكلام معد. فتمعدد «تفعلل». ولو كانت الميم زائدة لكان وزنه «تمفعل» ولا يعرف ٦٥ «تمفعل» في كلامهم. وأمّا قولهم : «تمسكن» إذا / أظهر المسكنة ، و «تمدرع» إذا لبس المدرعة ، و «تمندل» من المنديل ، فهو قليل ، من قبيل الغلط ، وليس بأصل. والجيّد : تسكّن ، وتدرّع ، وتندّل (٢). قال أبو عثمان (٣) : «هو كلام أكثر العرب».

فأما «منجنيق» فالميم فيه أصل ، والنون بعدها زائدة ، لقولهم في جمعه «مجانيق» (٤). فسقوط النون في الجمع دليل على زيادتها. وإذا ثبت أنّ النون زائدة قضي على الميم بأنها أصل ، لئلّا يجتمع

__________________

(١) العجاج. ديوانه ص ٧٦ والمنصف ١ : ١٢٩ ـ ١٣٠ والخزانة ٣ : ٥٦٢ والعيني ٤ : ٤١٠ وشرح المفصل ٩ : ١٥١.

(٢) في حاشية الأصل : بلغ.

(٣) المنصف ١ : ١٢٩.

(٤) زاد في ش : ومجانق.

١٥٤

زائدان (١) في أوّل اسم. وذلك معدوم إلّا ما كان جاريا على فعله ، نحو «منطلق» و «مستخرج». هذا مذهب سيبويه (٢) والمازنيّ ، ووزنه عندهما «فنعليل» ك «عنتريس» (٣).

وقال غيرهما : إنّ النون الأولى والميم معا زائدتان (٤). وذلك أنّ من العرب من يقول : «جنقناهم» أي : رميناهم بالمنجنيق. وحكى أبو عبيدة عن بعض العرب : «مازلنا نجنق». فعلى هذا وزنها «منفعيل».

والصحيح مذهب سيبويه ، لما تقدّم من قولهم في التكسير : «مجانيق». وأمّا قولهم : «جنقونا» ، فهو من معناه لا من لفظه ، ك «دمث ودمثر» و «سبط وسبطر» و «لأّال» من اللؤلؤ ، و «ثعالة» للثعلب. وذكر الفرّاء «جنقناهم» وزعم أنّها مولّدة. قال : «ولم أر الميم تزاد على نحو هذا». ومعنى قوله «مولّدة» يعني أنّه أعجميّ معرّب ، وإذا (٥) اشتقّوا من الأعجميّ خلّطوا فيه ،

__________________

(١) في الأصل : لئلا تجتمع زائدتان.

(٢) زاد في ش : رحمه‌الله.

(٣) العنتريس : الناقة الغليظة الصلبة.

(٤) ش : زائدان.

(٥) ش : فاذا.

١٥٥

لأنه ليس من كلامهم. وقوله : «فلم أر الميم تزاد على نحو هذا» إشارة إلى عدم النّظير. وهذا يقوّي أنّ الميم أصليّة ، والنون زائدة.

وأما «منجنون» (١) فلسيبويه فيه قولان (٢) ، أصحّهما أنّ الميم فيه أصل ، والنون بعدها أصليّة ، والنون الثانية لام ، والكلمة رباعيّة الأصل. وإنّما كرّرت النون الثانية لتلحق (٣) ٦٦ ب «عضرفوط» (٤) ومثاله «فعللول» (٥). / ومثله في التكرير «حندقوق» (٦).

وإنما قلنا ذلك ، لأنّه لا يخلو إمّا أن تكون الميم وحدها زائدة ، أو النون وحدها الزائدة (٧) ، أو يكونا جميعا زائدين ، أو أصليّين ، على نحو (٨) ما قلنا في «منجنيق». ولا يجوز أن تكون الميم وحدها زائدة ، لأنّا لا نعلم في الكلام «مفعلولا». ولا يجوز أن تكون النون بعدها زائدة ، لقولهم في التكسير «مناجين». كذلك تجمعه

__________________

(١) المنجنون : الدولاب التي يستقى عليها.

(٢) الكتاب ٢ : ٣٣٧.

(٣) ش : ليلحق.

(٤) العضرفوط : ذكر العظاء.

(٥) ش : فعللون.

(٦) فوقها في الأصل : «اسم نبت».

(٧) ش : زائدة.

(٨) سقط من ش.

١٥٦

عامّة العرب. فلمّا ثبتت في الجمع قضي عليها بالأصالة ، إذ لو كانت زائدة لقيل «مجانين» كما قيل «مجانيق». ولا يكون الميم والنون جميعا زائدين ، لأنه لا يجتمع (١) في أوّل اسم زائدان ، إلّا أن يكون جاريا على الفعل ، مع أنّه ليس في الكلام «منفعول». فلمّا امتنع أن تكون الميم وحدها زائدة ، وأن تكون النون وحدها زائدة ، وأن يكونا جميعا زائدين ، ثبت أنّهما أصلان ، على ما ذكرنا.

والقول الثاني أنّ النون الأولى زائدة ، وإحدى النونين الأخريين أيضا زائدة ، لأنّها مكرّرة في موضع لام الفعل. فعلى هذا يكون من ذوات الثلاثة (٢) ، ويجمع على «مجانين» ، والمسموع غيره.

وأمّا «مأجج» (٣) و «مهدد» (٤) فالميم فيهما أصل. ولو كانت زائدة لأدغم المثلان فيهما ك «مقرّ» و «مفرّ». ووزنهما «فعلل». وظهر المثلان فيهما ، لأنّهما ملحقان ب «جعفر» كما قلنا في : يأجج (٥).

__________________

(١) في الأصل : لا يجمع.

(٢) ووزنه «فنعلول».

(٣) مأجج : اسم موضع.

(٤) مهدد : من أسماء النساء.

(٥) في الأصل : «مأجج». وانظر شرح المفصل ٩ : ١٤٩.

١٥٧

قال صاحب الكتاب (١) : وكذلك إذا وقعت بعدها أربعة أحرف أصول كانت الميم أصلا. وذلك نحو «مرزجوش» (٢) هي أصل ، ومثاله «فعللول» ، على ما تقدّم.

قال الشارح (٣) : حكم الميم كحكم الهمزة ؛ إذا وقعت في أوّل ذوات الأربعة. فإنه لا يقضى عليها بالزيادة ، ولا تكون إلّا أصلا ، لما ذكرناه (٤) من أنّ الزوائد لا يلحقن أوّل بنات الأربعة ، لقلّة التصرّف في الرباعيّ ، وأنّ الزيادة أوّلا لا تتمكّن تمكّنها حشوا ٦٧ وآخرا ؛ / ألا ترى أنّ الواو الواحدة لا تزاد أوّلا البتّة ، وتزاد حشوا مضاعفة وغير مضاعفة. فالمضاعفة ، نحو : كروّس (٥) ، وعطوّد (٦) ، واجلوّذ ، واخروّط (٧). وغير المضاعفة ، نحو

__________________

(١) زاد في ش : عثمان بن جني.

(٢) المرزجوش : ضرب من النبات.

(٣) ش : قال شيخنا موفق الدين.

(٤) ش : لما ذكرنا.

(٥) في حاشيتي الأصل وش : «كروس : اسم رجل منقول من الصفة ، وهو العظيم الرأس».

(٦) في حاشية ش : «العطود : السير السريع. قال : إليك أشكو عنقا عطوّدا».

(٧) في حاشية ش : «اجلوذ السير ، وهو ضرب من سير الابل فيه سرعة. اخروط بهم : دام».

١٥٨

واو : عجوز ، وجرموق (١).

فلذلك قضي على الميم في نحو «مرزجوش» بأنها أصل ، ووزنه «فعللول» مثل «عضرفوط» (٢). فالميم لا تكون زائدة (٣) في أوّل بنات الأربعة ، إلّا أن يكون جاريا على فعله ، نحو «مدحرج» و «مدحرج» ، لأنّ ما كان جاريا على الفعل في حكم الفعل ، والفعل الرباعيّ تقع الزيادة في أوّله ، نحو «أدحرج» و «يدحرج». وذلك لأنّ الزيادة في الفعل أسوغ ، لقوّة تصرّفه. ولذلك يجوز أن تلحق أوّل الفعل زيادتان ، وثلاث ، نحو «انطلق» و «استخرج» ، ولا يجيء ذلك في الاسم ، ثلاثيّا كان أو رباعيّا ، إلّا ما شذّ من قولهم «رجل إنقحل» (٤). و «إنزهو» (٥). ولا نظير لهما.

قال صاحب الكتاب (٦) : وقد زيدت الميم حشوا ، وذلك شاذّ لا يقاس عليه. قالوا : «دلامص» ، الميم (٧) عند الخليل زائدة ،

__________________

(١) الجرموق : خف صغير يلبس فوق الخف.

(٢) العضرفوط : ذكر العظاء.

(٣) في الأصل : لا يكون زائدا.

(٤) الانقحل : المخلق من الهرم.

(٥) الانزهو : صاحب الزهو والتكبر.

(٦) زاد في ش : عثمان بن جني.

(٧) الملوكي : «فالميم».

١٥٩

ومثاله «فعامل». وذلك لأنه بمعنى «الدّلاص» وهو البرّاق. قال الأعشى (١) :

إذا جرّدت يوما حسبت خميصة

عليها ، وجريال النّضير ، الدّلامصا

وقالوا للأسد : «هرماس» ، ومثاله «فعمال» لأنه من الهرس ، وهو : الدّقّ. وقالوا : «لبن قمارص» ، أي : قارص (٢) ، ومثاله لذلك (٣) «فماعل» (٤).

قال الشارح (٥) : قد تقدّم قولنا : إنّ موضع زيادة الميم أن تقع في أوّل بنات الثلاثة ، وإنّها لا تزاد حشوا ، ولا آخرا (٦) ، إلّا على

__________________

(١) ديوانه ص ١٠٨. والخميصة : كساء معلم ، شبه شعرها به. والجريال : لون الذهب. والنضير : الذهب. وفي حاشية الأصل عن نسخة أخرى : «النظير».

(٢) سقط «أي : قارص» من ش.

(٣) سقط من الملوكي.

(٤) زاد في الملوكي : «وأنشدوا :

فباتت تشتوي ، والليل داج ،

ضماريط استها ، في غير نار

وهذا : فما عيل». والبيت في التاج (ضمرط) برواية أخرى منسوبا إلى قضم بن مسلم البكائي.

(٥) ش : قال شيخنا موفق الدين.

(٦) في الأصل : أخيرا.

١٦٠