ابن يعيش
المحقق: الدكتور فخر الدين قباوة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة العربيّة بحلب
المطبعة: مطبعة مكتبة العربيّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢
و (١) :
* يا مرحباه ، بحمار ناجيه*
فشاذّ مشبّه بهاء الإضمار ، أو بما (٢) هو من نفس الكلمة ، لأنّها (٣) بإزاء النّون في «ملكعان» (٤).
وإنما اطّردت زيادة الهاء آخرا ، لأنها من أقصى مخارج الحلق ، من موضع منقطع النّفس. فوقعت زيادتها آخرا ، ليتناسب موضع زيادتها (٥) ومخرجها.
فأمّا إخراج أبي العبّاس (٦) الهاء من حروف الزّيادة فواه ، لأنها قد زيدت في غير ما ذكرنا ؛ قالوا «أمّهات» ووزنها «فعلهات». والواحد «أمّ» على «فعل» ، نحو : حبّ ، ودرّ ، عينه ولامه من واد واحد. فالهمزة فيه فاء ، والميم الأولى
__________________
(١) انظر تخريجه في الممتع ص ٤٠١. وهو في شرح المفصل ٩ : ٤٦ ـ ٤٧. وفي الأصل : «أنجيه».
(٢) ش : ما.
(٣) في الأصل : «كأنها». وصوبت في الحاشية كما أثبتنا.
(٤) ملكعان : أحمق. وهو خاص بالنداء.
(٥) سقط «آخرا ليتناسب موضع زيادتها» من ش.
(٦) كذا! والمبرد لم يخرج الهاء من حروف الزيادة. وانظر ٤٠.
عين ، والميم الأخيرة لام ، والهاء زائدة ، لقولهم في معناه : أمّات. قال الشاعر (١) :
* أمّاتهنّ ، وطرقهنّ فحيلا*
وقال الآخر (٢) :
إذا الأمّهات قبحن الوجوه |
|
فرجت الظّلام ، بأمّاتكا |
فأتى بهما في بيت واحد. وقد غلبت «الأمّهات» في الأناسيّ ، و «الأمّات» في البهائم. وربّما جاءت الأمّهات فيهما ، قال الشاعر (٣) :
قوّال معروف ، وفعّاله |
|
عقّار مثنى أمّهات الرّباع |
__________________
(١) الراعي. ديوانه ص ١٢٧ وشرح المفصل ١٠ : ٤ وشرح شواهد الشافية ص ٣٠٢ والاقتضاب ص ٣٥٩ والأساس واللسان والتاج (فحل). وصدره :
كانت نجائب منذر ، ومحرّق
والطرق : الفحل. والفحيل : الكريم المنجب.
(٢) مروان بن الحكم. شرح شواهد الشافية ص ٣٠٨ وشرح المفصل ١٠ : ٣ ـ ٤.
(٣) السفاح بن بكير. وهو البيت الخامس من المفضلية ٩٢. والرباع : ما نتج في أول الربيع.
والأوّل أكثر.
وقد أجاز أبو بكر (١) أن تكون الهاء هنا أصلا ، لقولهم في الواحدة «أمّهة» ، قال الشاعر (٢) :
* أمّهتي خندف ، والياس أبي*
وفي كتاب العين : «تأمّهت أمّا». والأوّل أظهر ، لقولهم : «أمّ بيّنة الأمومة». وهذا ثبت. وقولهم «أمّهة» شاذّ قليل. و «تأمّهت أمّا» أقلّ منه. وهو من مسترذل كتاب «العين».
والقول في ذلك أنّ قولهم : أمّهة ، وتأمّهت أمّا ، / ٨٧ معارض بقولهم (٣) : أمّ بيّنة الأمومة. فرواية برواية ، والترجيح معنا من جهة النّقبل والقياس : أمّا العقل فإنّ «الأمومة» قد حكاها ثعلب (٤) ، وحسبك به ثقة (٥). و «تأمّهت» إنما حكاها صاحب كتاب «العين» لا غير. وفي
__________________
(١) وهو المعروف بابن السرّاج.
(٢) قصي بن كلاب. انظر الممتع ص ٢١٧. وتحت «خندف» في الأصل : «اسم امرأة». وفي الأصل : «واليأس».
(٣) في الأصل : لقولهم.
(٤) زاد في ش : وغيره.
(٥) سقط «وحسبك به ثقة» من ش.
كتاب «العين» ، من الاضطراب والتصريف الفاسد ، ما لا يدفع. وأمّا القياس فإنّ اعتقاد زيادة الهاء في «أمّهات» أولى من اعتقاد حذفها من «أمّات» ، لأن ما زيد في الكلام أضعاف ما حذف منه ، والعمل إنما هو على الأكثر.
وقالوا «هركولة» ، وهي المرأة الجسيمة ، ذهب الخليل ، فيما حكاه عنه أبو الحسن ، إلى أنّ الهاء زائدة ، ووزنها «هفعولة». أخذه من الرّكل ، وهو الرّفس (١) بالرّجل الواحدة. كأنها لثقلها تركل في مشيتها (٢) ، أي : ترفع رجلها وتضعها بقوّة ، كالرّفس. وحكى أبو زيد فيها : هركلّة ، وهركلة.
ومثله «هجرع» ، وهو الرجل الطويل الأحمق (٣) ، الهاء فيه عنده زائدة ، كأنه (٤) من «الجرع» ، وهو المكان السّهل المنقاد. فهو من معنى الطّول.
وكذلك «هبلع» ، وهو الأكول ، كأنّه عنده من البلع.
__________________
(١) في حاشية الأصل : «أي : الزفن».
(٢) ش : «مشيها».
(٣) سقط من ش.
(٤) في الأصل : لأنه.
والذي عليه أكثر النّاس القول : إنّ هذه الهاء أصل في ذلك كلّه ، لقلّة زيادتها أوّلا. وما ذهب إليه الخليل سديد ، لأنه إذا شهد الاشتقاق بشيء عمل به ، ولا التفات إلى قلّته أو عدم نظيره ، مع أنهم قد حكوا : «هذا أهجر من هذا» أي : أطول. حكاه أحمد بن يحيى. وهذا ثبت في كون الهاء هنا أصلا في «هجرع» ، وثبت في أخواته ، لأنه باب واحد (١).
__________________
(١) في حاشية الأصل : بلغ.
[زيادة السين]
٨٨ قال صاحب الكتاب (١) : / السين تزاد في «استفعل» وما تصرّف منه ، نحو : استخرج (٢) ، ومستخرج. وزيدت السين في «أسطاع يسطيع» عوضا من سكون عينه. والغرض فيه «أطاع يطيع» ، وأصله : أطوع يطوع.
قال الشارح (٣) : السين تزاد زيادة مطّردة في «استفعل» وما تصرّف منه ، نحو : استخرج ، ومستخرج. وقد مضى شرحه.
وتزاد غير مطّرد في «أسطاع يسطيع ،» والمراد «أطاع يطيع ،» وأصله : أطوع يطوع ، نقلت الفتحة من الواو إلى الطاء في «أطوع» إرادة للإعلال ، حملا على الماضي المجرّد الذي
__________________
(١) زاد في ش : عثمان بن جني.
(٢) زاد في الملوكي : واستخرج.
(٣) ش : «قال شيخنا موفق الدين شارح الكتاب». وانظر شرح المفصل ١٠ : ٥ ـ ٦.
هو «طاع». ثمّ قلبتها ألفا ، لتحرّكها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن ، فصار «أطاع». ثمّ دخلت السين كالعوض من حركة عين الفعل.
هذا رأي سيبويه (١) ، وقد ردّه أبو العبّاس محمّد بن يزيد (٢) ، وقال (٣) : إنّما يعوّض من الشيء إذا كان معدوما ، والفتحة ههنا موجودة ، نقلت من العين إلى الفاء ، ولا معنى للتعويض عن شيء موجود ، بل يكون جمعا بين العوض والمعوّض ، وهو (٤) ممتنع.
وهذا لا يقدح فيما ذهب إليه سيبويه (٥) ، لأنّ التعويض إنما وقع من ذهاب حركة العين من العين ، لا من ذهاب الحركة البتّة. وذلك أنهم لمّا نقلوا الحركة من العين إلى الفاء الساكنة ، وقلبوا العين ألفا ، لحق الكلمة توهين وتغيير ، وصار معرّضا للحذف إذا سكن ما بعده ، نحو «أطع» في الأمر ، فعوّض السين من هذا القدر من التوهين. وهذا تعويض جواز ، لا تعويض وجوب.
__________________
(١) زاد في ش : «رحمهالله». وانظر الكتاب ١ : ٨.
(٢) زاد في ش : رحمهالله.
(٣) شرح المفصل ١٠ : ٦ والممتع ص ٢٢٤.
(٤) في الأصل : وهذا.
(٥) زاد في ش : رحمهالله.
فلذلك لا يلزم التّعويض فيما كان مثله ، من نحو «أقام» و «أباع» ، ٨٩ بل لو عوّضوا / لجاز. ومثله «أهراق» يقال : أهراق ، وهراق. فمن قال «هراق» فإنّ الهاء عنده بدل من الهمزة في «أراق». ومن قال «أهراق» ، فجمع بين الهمزة والهاء ، فالهاء زائدة للعوض من ذهاب حركة العين ، على حدّ زيادة السين في «أسطاع».
والقول بذلك يفسد قول من قال : إنّ الأصل في «أسطاع» : استطاع ، وإنّ التاء حذفت تخفيفا ، وفتحت همزة الوصل وقطعت. وهو قول الفرّاء.
وفي «أسطاع» أربع لغات : الأوّل (١) : أسطاع يسطيع ، بفتح الهمزة في الماضي ، وضمّ حرف المضارعة. والعمل فيه ما تقدّم. واللغة الثانية : استطاع يستطيع ، بكسر الهمزة في الماضي ، وفتح حرف المضارعة. وهو : استفعل ، نحو : استقام ، واستعان. واللغة الثالثة : اسطاع يسطيع ، بكسر الهمزة في الماضي ووصلها ، وفتح حرف المضارعة. والمراد : استطاع يستطيع (٢) ، حذفت التاء تخفيفا. واللغة الرابعة : استاع ، بحذف الطاء ، لأنها كالتاء في الشّدّة ، وتفضلها بالإطباق.
__________________
(١) كذا.
(٢) سقط من ش.
[زيادة اللام]
قال صاحب الكتاب : وقد زيدت (١) اللام في أشياء محفوظة ، لا يقاس عليها. وهي «ذلك» ، لقولك في معناه : ذاك. و «أولالك» لقولك : أولاك ، وأولئك. قال الشاعر (٢) :
أولالك قومي ، لم يكونوا أشابة |
|
وهل يعظ الضّلّيل إلّا أولالكا |
وزيدت أيضا في «عبدل» لأنّ معناه : العبد. وفي «فحجل» لأنه الأفحج. وفي «زيدل» لأنّ معناه : زيد. وكذلك هي زائدة في «هنالك» ، لأنّ معناه ؛ هناك.
__________________
(١) الملوكي : وزيدت.
(٢) الأعشى. ديوانه ص ٢٥١ واللسان ٢ : ٣٢١ والتاج ١٠ : ٤٢٦ وشرح المفصل ١٠ : ٦ والمنصف ١ : ١٦٦. وانظر النوادر ص ١٥٤. والأشابة : الأخلاط من الناس.
٩٠ قال الشارح (١) : اعلم أنّ اللام أبعد حروف / الزيادة شبها بحروف المدّ واللين ، ولذلك قلّت زيادتها. واستبعد الجرميّ أن تكون من حروف الزيادة. والصواب أنها من حروف الزيادة.
وهي تزاد في «ذلك» ، لقولهم في معناه : ذا ، وذاك ، من غير لام. وتزاد في «أولالك» جمع : ذا ، لقولهم في معناه : أولاك ، بالقصر ، وأولئك ، بالمدّ. فأمّا إنشاده (٢) :
* أولالك قومي ، لم يكونوا أشابة*
فشاهد على صحّة الاستعمال. وإنما زيدت اللام في أسماء الإشارة ، لتدلّ على بعد المشار إليه. فهي نقيضة «ها» التنبيه ، ولذلك لا تجتمعان ، فلا تقول «هذالك» ، لأنّ «ها» تدلّ على القرب ، واللام تدلّ على بعد المشار إليه ، فبينهما تناف (٣) وتضادّ. وكسرت هذه اللام (٤) ،
__________________
(١) ش : «قال شيخنا موفق الدين شارح الكتاب». وانظر شرح المفصل ١٠ : ٦ ـ ٧.
(٢) في حاشية الأصل : «الأشابة : أخلاط الناس».
(٣) في حاشية الأصل : «فيه نظر ، لكون (ها) لقرب المشار ، والتنبيه إياه. واللام لبعد المشار إليه. فعلى هذا لا يكون بينهما تناف».
(٤) في حاشية الأصل : «لدخولها على غير المظهرات».
وأصلها الفتح ، لئلا نلتبس بلام الملك ، إذا قلت : «ذالك» (١).
وقولهم : زيد ، وعبد ، وفحج ، دليل على زيادة اللام في في «زيدل» ، و «عبدل» ، و «فحجل».
واللام في «هنالك» زائدة ، لأنك تقول في معناه : هناك.
وزيدت اللام في «فيشلة» (٢) ، لأنه بمعنى الفيشة. قال الراجز (٣) :
وفيشة ، ليست كهذا الفيش |
|
قد ملئت من خرق ، وطيش |
ويجوز أن تكون : فيشلة ، من معنى : فيشة ، لا من لفظها ، وإن وافقتها في بعض حروفها ، ك «سبط وسبطر» و «دمث ودمثر» ، فتكون اللام أصلا والياء زائدة. ويؤيّد هذا القول كثرة زيادة الياء ثانيا.
وقالوا : «هيقل» ، إن أخذته من «الهيق» ، وهو الظّليم ، وكلّ دقيق طويل ، فاللام فيه زائدة. وإن أخذته من
__________________
(١) في الأصل : ذلك.
(٢) الفيشلة : رأس الذكر.
(٣) اللسان والتاج (فيش).
«الهقل» ، وهو الفتيّ من النّعام ، فهي أصل.
ومثله «عنسل» (١) ، إن جعلته من «العنس» فلامه ٩١ زائدة. وإن أخذته / من «العسلان» فلامه أصل ، وهو رأي سيبويه. ويؤيّد هذا القول ، مع الاشتقاق ، كثرة زيادة النون ثانيا في نحو «جندب» و «عنصل» (٢). فوزن «عنسل» على هذا القول «فنعل» كعنبس. وعلى القول الأوّل : «فعلل» كزيدل وعبدل. فاعرفه.
__________________
(١) العنسل : الناقة السريعة.
(٢) العنصل : البسل البري.
فصل البدل
قال صاحب الكتاب (١) : حروف (٢) البدل ، من غير إدغام ، أحد عشر حرفا ، فيها (٣) من حروف الزيادة ثمانية ، وهي : الألف ، والياء ، والواو ، والهمزة ، والنون ، والميم ، والتاء ، والهاء. وثلاثة من غيرها ، وهي : الطاء ، والدال ، والجيم.
قال الشارح (٤) : معنى البدل : أن تقيم حرفا مقام حرف في موضعه ، إمّا ضرورة ، وإما استحسانا. والفرق بين البدل والعوض أنّ البدل أشبه بالمبدل منه من العوض بالمعوّض ، ولذلك يقع موقعه نحو تاء «تخمة» و «تكأة» (٥) ، وهاء : «هرقت». ولا يقال
__________________
(١) زاد في ش : رحمهالله.
(٢) الملوكي : وحروف.
(٣) ش والملوكي : منها.
(٤) ش : «قال شيخنا موفق الدين شارحه». وانظر شرح المفصل ١٠ : ٧ ـ ٨.
(٥) ش : تكأة.
له عوض ، لأنّ العوض : أن تقيم حرفا مقام حرف في غير موضعه ، نحو تاء «عدة» و «زنة» ، وهمزة «ابن» و «اسم». ولا يقال في ذلك بدل ، إلّا تجوّزا ، مع قلّته. وكأنّ العلّة في ذلك أنّ العوض مأخوذ من «عوض» ، وهو اسم من أسماء الدهر. قال (١) :
رضيعي لبان ، ثدي أمّ ، تحالفا |
|
بأسحم داج ، عوض لا نتفرّق |
فكما أنّ الزّمانين لا يجتمعان في مكان ، وإنما إذا مضى زمان خلفه زمان آخر ، فكذلك العوض الذي هو مشتقّ منه لا يحلّ محلّ المعوّض منه ، بل يكون بينهما تباعد.
والبدل على ضربين : بدل هو إقامة حرف مقام حرف غيره ، ٩٢ نحو تاء «تخمة» ، و «تكأة». وبدل هو قلب الحرف نفسه إلى لفظ (٢) غيره ، على معنى إحالته إليه. وهذا إنما يكون في حروف العلّة ، التي هي : الواو ، والياء ، والألف. وفي الهمزة أيضا ، لمقاربتها إيّاها ، وكثرة تغيّرها. وذلك نحو «قام» أصله الواو ،
__________________
(١) الأعشى. ديوانه ص ١٥٠ وشرح المفصل ٤ : ١٠٧ ـ ١٠٨ والخزانة ٣ : ٢٠٩ ـ ٢١٩. ش : «لبان ثدي أمّ».
(٢) في الأصل : لفظ.
وكذلك «موسر» أصله الياء ، و «راس» و «فاس» و «آدم» و «آخر». فكلّ قلب بدل ، وليس كلّ بدل قلبا. فإذا البدل أعمّ تصرّفا من العوض ، والقلب.
واعلم أنه ليس المراد بالبدل ههنا البدل الحادث مع الإدغام (١) ، وإنما المراد البدل من غير إدغام.
فأما حصر حروف البدل في العدّة التي ذكرها فالمراد الحروف التي كثر إبدالها ، واشتهرت بذلك. ولم يرد أنه لم يقع البدل في شيء من الحروف سوى ما ذكر. ولو أراد ذلك لكان محالا ؛ ألا ترى أنهم قالوا : «بعكوكة» (٢) ، وأصلها «معكوكة» لأنها من المعك. وقالوا : «بااسمك» يريدون «مااسمك». وقالوا في الدّرع : «نثرة» وأصله «نثلة» ، لقولهم : نثل (٣) عليه درعه. وقالوا «استخذ» يريدون «اتّخذ» ، فأبدلوا السّين من التاء. وقيل أصل «استخذ» : استتخذ ، على زنة (٤) «استفعل» ، ثمّ حذفت (٥) التاء
__________________
(١) في حاشية الأصل : «مثل : الضّرب والسّمن ، وغيرهما مما أدغم فيه الحرف المتقدم فيما بعده المغاير ، سواء كان في الاسم أو الفعل أو الحرف».
(٢) البعكوكة : كثرة المال.
(٣) نثل : صبّ.
(٤) ش : وزن.
(٥) في الأصل : حذف.
الثانية التي هي فاء. وقالوا : «عنّ زيدا قائم» ، يريدون : إنّ زيدا قائم. قال الشاعر (١) :
أعن ترسّمت ، من خرقاء ، منزلة |
|
ماء الصّبابة ، من عينيك ، مسجوم؟ |
فأبدل العين من الهمزة. فبان بذلك أنّهم إنّما وسموا بحروف البدل ما اطّرد إبداله وكثر.
على أنّ بعضهم أضاف إلى حروف البدل اللّام ، وجعلها اثني عشر حرفا ، يجمعها «طال يوم أنجدته» (٢). وذلك أنّه ٩٣ رآها / قد أبدلت من الضاد ، في قوله (٣) :
* مال إلى أرطاة حقف ، فالطجع*
يريد : اضطجع ، ومن النون في قوله (٤) :
وقفت فيها ، أصيلالا ، أسائلها |
|
عيّت جوابا ، وما بالرّبع من أحد |
__________________
(١) ذو الرمة. انظر الممتع ص ٤١٣. والمسجوم : المصبوب.
(٢) في حاشية الأصل : «أي : أعنته».
(٣) منظور بن حبة الأسدي. انظر تخريجه في الممتع ص ٤٠٣.
(٤) مر ذكره في ٤١ وهو للنابغة.
يريد : أصيلانا. وأصيلان : تصغير أصيل ، على غير قياس كمغيربان (١).
وقد أضاف الرّمانيّ إليها : الصّاد ، والزّاي ، لقولهم : «الصّراط» و «الزّراط» في «السّراط» ، وقد قرىء بهما. فهو يعدّها أربعة عشر حرفا.
والأول الصحيح (٢) ، لكثرته ، وهو مذهب سيبويه.
__________________
(١) المغيربان : تصغير المغرب.
(٢) في الأصل : الفصيح.
[ابدال الألف من الواو والياء]
قال صاحب الكتاب : إبدال الألف : قد (١) أبدلت من أربعة أحرف ، وهي : الواو ، والياء ، والهمزة ، والنون. فأمّا الواو والياء فمتى تحرّكتا ، وانفتح ما قبلهما ، قلبتا ألفين (٢) ، إلّا أن يشذّ شيء ، فيخرج على الأصل ، دلالة عليه ، أو يخاف لبس (٣) ، أو يكون التصحيح أمارة.
فالقلب نحو : قام ، وباع. وأصلهما «قوم» و «بيع». وكذلك : طال ، وخاف ، وهاب. الأصل (٤) «ط ول» و «خوف» و «هيب» ، فأبدلتا ألفين لما ذكرنا (٥). وكذلك :
__________________
(١) الملوكي : وقد.
(٢) الملوكي : ألفا.
(٣) الملوكي : «إلا إن شذّ شيء أو يخاف لبس»!
(٤) الملوكي : والأصل.
(٥) زاد في الملوكي : «وكذلك : باب ، ودار. أصلهما : بوب ، ودور. وكذلك : ناب ، وعاب. أصلهما : نيب ، وعيب ، ففعل بهما ما ذكرنا».
عصا ، ورحى. أصلهما «عصو» و «رحي». وأصل : غزا ، ورمى «غزو» و «رمي» ، فصار (١) إلى الإبدال لما مضى.
وما صحّ خوف اللّبس «غزوا» و «رميا» و «استقضيا» (٢) ، لو قلبتا ألفين لسقطتا ، لسكونها وسكون ألف التثنية بعدها ، فكنت تقول : غزا ورما ، وأنت تريد التثنية ، فيلتبس بالواحد (٣).
وما صحّ من ذلك ، لأنه في معنى ما تجب صحّته ، قولهم : «حول» و «عور» ، لأنه في معنى : احولّ ، واعورّ. وكذلك «صيد البعير» (٤) لأنه في معنى : اصيدّ. وكذلك : اعتونوا ، واعتوروا ، واهتوشوا (٥) ، واجتوروا ، لأنه في معنى ما لا بدّ من صحّته ، لسكون / ما قبله ، وهو : تعاونوا ، وتعاوروا ٩٤ وتهاوشوا ، وتجاوروا (٦).
__________________
(١) الملوكي : فصارا.
(٢) في الأصل وش : استقصيا.
(٣) الملوكي : لسكونهما وسكون ألف التثنية بعدهما.
(٤) زاد في الملوكي : «وكذلك النّزوان والغليان. صحت فيه اللامان لئلّا يلتبس فعلان معتلّ اللام بفعال صحيح اللام».
(٥) زاد في الملوكي : يصحّ.
(٦) سقط من ش.
(٧) زاد في الملوكي : فجعل التصحيح أمارة للمعنى.
قال الشارح (١) : العلّة في قلب الواو والياء ألفين ، إذا تحرّكتا وانفتح ما قبلهما ، أنهم كرهوا اجتماع الأمثال ، ولذلك وجب الإدغام في مثل «شدّ» و «مدّ». فهربوا والحالة (٢) هذه إلى الألف ، لأنه لفظ تؤمن معه الحركة. وسوّغ ذلك انفتاح ما قبلهما (٣) ، إذ الفتحة بعض الألف ، وكان اللفظ لفظ الفعل ، لأنّ الفعل يكون «فعل» و «فعل» و «فعل». والفعل بابه التغيير (٤) ، لتصرّفه بالمضيّ والحال والاستقبال ؛ ألا ترى أنهم لم يقلبوا ، نحو «عوض» و «طول» ، ونحو «العيبة» ، لخروجها عن (٥) لفظ الفعل. مع أنك لو قلبت في «عوض» ونحوه ، لصرت إلى الياء ، للكسرة قبلها ، ولو قلبت في «العيبة» لصرت إلى الواو ، للضّمّة قبلها ، وهما لفظ لا تؤمن معه الحركة.
واعلم أنّ هذا القلب والإعلال له قيود :
منها أن تكون حركة الواو والياء لازمة غير عارضة ، لأنّ
__________________
(١) ش : «قال شيخنا موفق الدين شارحه». وانظر شرح المفصل ١٠ : ١٦ ـ ١٩.
(٢) في الأصل : من الحالة.
(٣) في الأصل : قبلها.
(٤) ش : التغيّر.
(٥) في الأصل : من.