شرح الملوكى في التّصريف

ابن يعيش

شرح الملوكى في التّصريف

المؤلف:

ابن يعيش


المحقق: الدكتور فخر الدين قباوة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة العربيّة بحلب
المطبعة: مطبعة مكتبة العربيّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

عقود وقوانين (١)

[قلب الواو ياء للادغام]

قال صاحب الكتاب : متى اجتمعت الواو والياء ، وقد سبقت (٢) الأولى بالسكون ـ أيّتهما كانت ـ قلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء. من ذلك قولهم : سيّد ، وميّت ، وجيّد ، وهيّن. والأصل فيها : سيود ، وميوت ، وجيود ، / وهيون ، ٢٠٣ لأنها (٣) «فيعل» من : السّودد (٤) ، والموت ، والجودة ، والهوان. ومثله أيضا قولهم للمكان : حيّز. والأصل (٥) : حيوز ، لأنه «فيعل» من : حاز يحوز. ففعل في جمع ذلك ما ذكرناه (٦).

__________________

(١) الملوكي : عقود وقوانين ينتفع بها في التصريف.

(٢) الملوكي : وسبقت.

(٣) الملوكي : لأنه.

(٤) الملوكي : السؤدد.

(٥) الملوكي وش : وأصله.

(٦) الملوكي : «ما ذكرنا». وزاد فيه بعد ذلك : «فصل آخر منه قولهم : شويت اللحم شيّا ، وطويت الثوب طيّا ، ولويت

٤٦١

قال الشارح (١) : اعلم أنّ الواو والياء يجريان مجرى المثلين ، لاجتماعهما في المدّ وسعة المخرج. ولذلك اجتمعا في القافية ؛ ألا ترى إلى قوله (٢) :

تركنا الخيل عاكفة عليه

مقلّدة أعنّتها ، صفونا

بعد قوله :

وسيّد معشر ، قد توّجوه

بتاج الملك ، يحمي المحجرينا (٣)

فلمّا كان بينهما ، من المماثلة والمقاربة ، ما ذكر ، وإن تباعد مخرجاهما ، قلبوا الواو ياء ، وأدغموها في الثانية ، ليكون العمل من وجه واحد ، ويتجانس الصوت.

__________________

يده ليّا. والأصل فيه : شويا ، وطويا ، ولويا. فلما اجتمعت الواو والياء ، وسبقت الأولى بالسكون ، قلبت [الواو] ياء ، وأدغمت في الياء».

(١) انظر شرح المفصل ١٠ : ٦٨ ـ ٧٠ و ٩٤ ـ ٩٦.

(٢) عمرو بن كلثوم. شرح القصائد العشر ص ٣٣١ ـ ٣٣٢ وشرح المفصل ١٠ : ٩٤ والصفون : جمع صافن ، وهو القائم.

(٣) في حاشية الأصل : «أي : المضطرينا».

٤٦٢

واشترط سكون الأوّل ، لأنّ من شرط الإدغام سكون الأوّل. فإذا (١) كان الأوّل متحرّكا امتنع الإدغام ، لفصل الحركة بين الحرفين.

وإنّما جعل الانقلاب إلى الياء ، متقدّمة كانت أو متأخّرة ، لوجهين : أحدهما أنّ الياء من حروف الفم ، والإدغام في حروف الفم أكثر منه في حروف الطرفين (٢). والوجه الثاني أنّ الياء أخفّ من الواو ، فهربوا إليها ، لخفّتها.

فإن قيل : اجتماع المتقاربين ممّا يجيز الإدغام ، من نحو (٣) : (قَدْ سَمِعَ) وقسّمع ، ووتد و «ودّ» ، فما بالكم أوجبتم ذلك في «سيّد» و «ميّت»؟ قيل : عنه جوابان : أحدهما أن الواو والياء ليس تناسبهما من جهة القرب في المخرج ، لكن من وصف في أنفسهما ، وهو المدّ وسعة المخرج. فجريا لذلك مجرى المثلين. فلذلك لزم الإدغام فيهما كلزومه في المثلين. والثاني أنه اجتمع فيهما المقاربة

__________________

(١) في الأصل : فأما إذا.

(٢) في حاشية الأصل : «أي : الشفة والحلق».

(٣) الآية ١ من سورة المجادلة.

٤٦٣

كمقاربة الدال والسين (١) ، والتاء والدال (٢) ، وثقل اجتماع الواو والياء. ٢٠٤ وليس في اجتماع / المتقاربين من الصحيح ذلك الثقل. فافترق حالاهما ، لاجتماع سببين ، يجوز بانفراد كلّ واحد منهما الحكم. فلمّا اجتمعا لزم.

فسيّد ، وميّت ، وجيّد ، وهيّن ، الأصل فيها : سيود بكسر الواو ، وميوت ، وجيود ، وهيون. ففعل فيها ما تقدّم ذكره.

واعلم أنّه قد اختلف العلماء في وزن مثل «سيّد» و «ميّت». فذهب المحقّقون ، من أهل هذا العلم ، إلى أنّ أصله : «سيود» و «ميوت» على زنة «فيعل» بكسر العين. وذهب البغداديّون إلى أنه «فيعل» بفتح العين ، نقل إلى «فيعل» بكسرها. قالوا : وذلك لأنّا لم نر في الصحيح ما هو على «فيعل» ، إنما هو «فيعل» كضيغم ، وخيفق ، وصيرف. وهذا لا يلزم ، لأنّ المعتلّ قد يأتي فيه ما لا يأتي في الصحيح ، لأنه نوع على انفراده. ولو أرادوا

__________________

(١) يريد : الدال والسين في مثل قد سمع.

(٢) يريد : التاء والدال في مثل وتد.

٤٦٤

بميّت «فيعلا» بالفتح لقالوا : «ميّت» ، كما قالوا : هيّبان (١) ، وتيّحان (٢) ، حين أرادوا «فيعلان».

واعلم أنهم لمّا أعلّوا العين بالقلب ههنا اجترؤوا عليها ، فأعلّوها بالحذف أيضا ، تخفيفا ، لاجتماع ياءين وكسرة. وهذا الحذف قاوم الأصل ، ولم يغلبه ، فجاز استعمالهما جميعا. فتقول في هيّن ، وميّت : «هين» و «ميت» (٣) ، لأنّ الثقل ههنا دون الثقل في «يعد» و «يزن». وذلك أنّ في «ميّت» وبابه ياءين وكسرة ، وفي «يعد» و «يزن» ياء واحدة وواو وكسرة ، والواو أثقل من الياء. فلذلك رفض الأصل في : يعد ، ويزن ، واستعمل في : هيّن وميّت. واعلم أنّ الذين قالوا «ميّت» هم الذين قالوا «ميت» بالتخفيف ، وليستا لغتين لقومين. قال الشاعر (٤) :

__________________

(١) الهيبان : الجبان الشديد الخوف.

(٢) التيحان : الذي يعرض لما لا يعنيه.

(٣) ش : «فتقول : هيّن وهين ، وميّت وميت».

(٤) عدي بن الرعلاء. شرح المفصل ١٠ : ٦٩ والمنصف ٢ : ١٧ والخزانة ٤ : ١٨٧ ـ ١٨٨ والصحاح واللسان والتاج (موت).

٤٦٥

ليس من مات ، فاستراح ، بميت

إنّما الميت ميّت الأحياء

فأمّا : طويته طيّا ، ولويته ليّا ، وشويته شيّا ، ونظائره ، فأصله «طويا» و «لويا» و «شويا» ، فقلبت الواو / ياء ، لما ذكرناه (١) ، وأدغمت الياء في الياء. ففي «طويته طيّا» و «شويته شيّا» قلبت الأول إلى لفظ الثاني ، على جادّة الإدغام ، وغالبه. فهو ك «يطّلم».

وفي «سيّد» و «ميّت» قلبت الثاني إلى لفظ الأوّل ك «يظّلم». فاعرفه (٢).

__________________

(١) في الأصل : لما ذكرته.

(٢) في حاشية الأصل : بلغ.

٤٦٦

فصل

[قلب الواو المتطرفة ياء]

قال صاحب الكتاب : ليس في كلام العرب اسم في آخره واو قبلها ضمّة. إنما ذلك في الفعل ، نحو «يغزو» و «يدعو». فمتى وقع في الاسم من ذلك شيء أبدلت الضمّة كسرة ، والواو ياء. وذلك قولهم في جمع دلو : «أدل» ، وفي جمع حقو : «أحق». والأصل «أدلو» و «أحقو». ففعل فيهما ما تقدّم ذكره.

قال الشارح (١) : قوله : «ليس (٢) في كلام العرب اسم في (٣) آخره واو قبلها ضمّة» يعني الأسماء الظاهرة المتمكّنة ؛ ألا ترى أنّ في

__________________

(١) انظر شرح المفصل ١٠ : ١٠٨ ـ ١٠٩ و ٥ : ٣٥ ـ ٣٦.

(٢) في الأصل : «وقوله : وليس».

(٣) سقط من ش.

٤٦٧

الأسماء المضمرات ، نحو «هو» وهو اسم في آخره واو قبلها ضمّة. وإنما كرهوا وقوع الواو المضموم ما قبلها في الأسماء الظاهرة المتمكّنة ، لأنه يلحقها الجرّ ، والنّسب ، والتثنية ، والجمع (١) ، والتنوين ، فيجتمع ذلك مع ثقل الواو المضموم ما قبلها ، فتزداد ثقلا. وكانت تنقلب ياء في الإضافة إلى ياء النفس ، لسكون الواو المضموم ما قبلها ، في حال الرفع والجرّ ، واجتماعها مع ياء الإضافة ، فكنت تقول : «أحقيّ» و «أدليّ» ، كما تقول : هؤلاء مسلميّ ، وصالحيّ. فلمّا كانت تنقلب في حال من الأحوال ، وهي مستثقلة ، معرّضة لدخول ياءي النسبة ، والتثنية ، والجرّ والتنوين ، وذلك كلّه زيادة ثقل ، قلبوها ياء في أول أحوالها. إذ كانت تؤول إلى ذلك ، كما قال (٢) :

رأى الأمر يفضي إلى آخر

فصيّر آخره أوّلا

٢٠٦ فأما الأفعال فلا يلزم ذلك فيها ، لأنها لا يدخلها / شيء ممّا

__________________

(١) سقط من الأصل.

(٢) شرح المفصل ٥ : ١٢٠.

٤٦٨

ذكر ، أعني : ياءي النسبة ، والإضافة ، والتثنية ، والجمع (١) ، والجرّ ، والتنوين. فلذلك ثبتت الواو في آخر الأفعال ، نحو : «يغزو» و «يدعو».

قال أبو عثمان المازنيّ (٢) : «قلبوا ، لتكون أواخر الأسماء مخالفة لأواخر الأفعال». فلذلك تقول : حقو وأحق ، ودلو وأدل ، وجرو وأجر. قال الشاعر (٣) :

ليث ، هزبر ، مدلّ عند خيسته

بالرّقمتين له أجر ، وأعراس

فأجر : جمع «جرو» بالكسر ، أو «جرو» بالفتح. والفتح أقيس ، لأنه على حدّ : دلو وأدل ، وحقو وأحق. وجرو بالكسر أفصح.

__________________

(١) سقط من الأصل.

(٢) زاد في ش : «رحمه‌الله». وانظر المنصف ٢ : ١١٨.

(٣) مالك بن خويلد الخناعي أو أبو ذؤيب الهذلي. شرح أشعار الهذليين ص ٢٢٦ و ٤٤٢ وشرح المفصل ٤ : ١٢٣ و ٥ : ٣٥ و ١٠ : ٢٣ والصحاح واللسان والتاج (عرس). والخيسة : الأجمة. والرقمتان : موضع. والأعراس : جمع عرس ، وهو اللبوة.

٤٦٩

وقالوا : عرقوة و «عرق» ، وقلنسوة و «قلنس». لمّا حذفوا التاء منهما للجمع ، على حدّ : تمرة وتمر ، وقمحة وقمح ، صارت الواو حرف الإعراب ، فقلبوها ياء. قال الشاعر (١) :

لا مهل حتّى تلحقي بعنس

أهل الرّياط النّكد ، والقلنسي

وصار حكم هذه الأسماء ، بعد القلب ، حكم «قاض» و «غاز».

وفي قوله : «أبدلت الضمة كسرة والواو ياء» سرّ. وذلك أنهم لمّا كرهوا الواو المضموم ما قبلها في الأسماء المتمكّنة ، لما ذكرناه ، بدؤوا بتغيير الحركة الضعيفة اعتباطا. فلمّا صارت كسرة تطرّقوا بذلك إلى قلب الواو ياء تطرّقا صناعيّا. وكان ذلك أقرب مأخذا من قلب الواو ياء بغير تطرّق ، لقوّة الحرف ، وضعف الحركة.

__________________

(١) الكتاب ٢ : ٦٠ والمنصف ٢ : ١٢٠ و ٣ : ٧٠ والمقتضب ١ : ١٨٨ والاقتضاب ص ١٣٦ والجمهرة واللسان والتاج (عنس) و (قلس) وشرح المفصل ١٠ : ١٠٧ ـ ١٠٨. وعنس : قبيلة من اليمن. والرياط : جمع ريطة ، وهي الملاءة ليست بذات لفقين. وكأنه استعارها للنوق البيض الكرام. والنكد : الغزيرات اللبن. ويروى «البيض» في موضع «النكد». ش : التكل.

٤٧٠

فإن لم تكن الواو حرف الإعراب صحّت نحو : عنفوان ، وأفعوان ، وقمحدوة ، وعجوز ، لأنّ الأشياء التي ذكرناها لا تتعاقب عليها ، لكونها حشوا ، وليست حرف إعراب.

* * *

٤٧١

عقد

[قلب الواو التي هي لام باء]

قال صاحب الكتاب : متى كانت الواو لاما ، وانكسر ما قبلها ، قلبت ياء. وذلك نحو (١) «غازية» و «محنية» (٢). والأصل : «غازوة» و «محنوة». وأصله من الغزو ، ومحنية من :

٢٠٧ حنوت (٣). فقلبت (٤) ياء لتأخّرها ، ووقوع / الكسرة قبلها.

فإن كانت الواو عينا صحّت بعد الكسرة ، لأنها قويت

__________________

(١) الملوكي : من ذلك.

(٢) في حاشية الأصل : «اسم موضع. وعلى لفظ محنية شاهد من : بانت سعاد ، لكعب بن زهير. وهو قوله :

شجّت بذي شبم ، من ماء محنية

صاف بأبطح أضحى وهو مشمول».

(٣) سقط «وأصله ... حنوت» من الملوكي.

(٤) الملوكي : فقلبت الواو.

٤٧٢

بتقدّمها. وذلك نحو : طول ، وحول ، وعوض (١).

فإن كانت في جمع «فعل» وبعدها ألف «فعال» قلبت (٢) ، وإن كانت ـ كما ترى ـ عينا. وذلك نحو : ثوب وثياب ، وحوض وحياض ، وسوط وسياط. والأصل : «ثواب» و «حواض» و «سواط» ، فقلبت الواو (٣) ، لثقل الجمع ، وضعفها في الواحد ، ووقوع الكسرة قبلها ، والألف المشابهة للياء بعدها. وصحّة اللام. لابدّ (٤) ، في اعتلال هذا ، من هذه الشرائط الخمس ؛ ألا تراها لمّا تحرّكت في الواحد ، فقويت ، صحّت في الجمع ، وذلك نحو :

طويل وطوال ، وقويم وقوام. وربّما اعتلّت في الجمع شاذّا. قال الشاعر (٥) :

تبيّن لي أنّ القماءة ذلّة

وأنّ أعزّاء الرّجال طيالها

__________________

(١) في الأصل : «عور». ش : «عول». والتصويب من الملوكي وفيه تقديم وتأخير.

(٢) الملوكي : قلبت ياء.

(٣) الملوكي : الواو ياء.

(٤) الملوكي : ولا بد.

(٥) أنيف بن زبان النبهاني. انظر ص ٤٧٥ والملوكي ص ٧٩ وشرح المفصل ٥ : ٤٥. وانظر تخريجه في الممتع ص ٤٩٦.

٤٧٣

قال الشارح (١) : الواو متى سكنت ، وانكسر ما قبلها ، قلبت ياء على حدّ «ميزان» و «ميعاد». وقد تقدّم (٢) ذلك ، وعلّته في فصل البدل. فأمّا إذا تحرّكت الواو قويت (٣) ، وتحصّنت بالحركة ، فامتنعت من جذبها الكسرة إلى الياء ، وصحّت نحو «عوض» و «طول» و «حول» ، كما تحصّنت بالإدغام في (٤) نحو : «إحروّاط» و «اعلوّاط».

فأمّا «غازية» و «محنية» فإنّ الواو ، وإن كانت متحرّكة ، فقد وقعت لاما متطرّفة ، فضعفت ، لأنّ اللّام مظنّة التّغيير ، وموضع كثر فيه قلب الواو ياء ، نحو «أغزيت» (٥) و «ادّعيت» و «أعطيت». فلذلك قلبوها ياء. وإذا كانوا قلبوها ياء ، إذا وقعت لاما ، للكسرة قبلها في مثل «هو ابن عمّي دنيا» (٦) و «قنية» و «صبية» ، وهو من : دنوت ، وقنوت ، وصبوت ، مع الحاجز بينهما ، فلأن يقلبوها مع غير الحاجز ، في مثل

__________________

(١) انظر شرح المفصل ١٠ : ٨٧ ـ ٨٨ و ١١١.

(٢) انظر ص ٢٤٢ ـ ٢٤٤.

(٣) كذا.

(٤) سقط من ش.

(٥) ش : أغريت.

(٦) دنيا أي : لحّا داني النسب.

٤٧٤

«محنية» و «غازية» ، لمجاورة الكسرة ، كان ذلك أولى.

فأمّا : / ثوب وثياب ، وحوض وحياض ، فالذي ٢٠٨ أوجب قلب الواو ياء شبهها ب «دار وديار». إلّا أنّ «ديارا» قلبت الواو فيه ياء ، لاعتلالها في الواحد على حدّ «ديمة وديم» ، و «حياض» و «رياض» قلبت تشبيها بها (١). ووجه المشابهة بينهما أنّ الواحد «فعل» ساكن العين ، مع كونه حرف علّة ، والجمع على «فعال» كديار ؛ ألا ترى أنهم قالوا : «طويل وطوال» ، فلم يقلبوا الواو ياء ، لتحرّك العين في الواحد ، وأنّه ليس على زنة «فعل». فأما قوله (٢) :

* وأنّ أعزّاء الرّجال طيالها*

فقليل ليس بالمشهور. وقالوا : زوج وزوجة ، وعود (٣) وعودة. صحّحوه ، لكونه على «فعلة» لا على «فعال».

وأما (٤) قولهم «ثور وثيرة» فقليل شاذّ ، كشذوذ

__________________

(١) في حاشية الأصل : «أي : بديار».

(٢) انظر ص ٤٧٣.

(٣) العود : الجمل المسنّ.

(٤) في الأصل : فأما.

٤٧٥

«طيالها». ويحتمل أن تكون قلبت للفرق بين «الثّور» (١) هذا الحيوان ، وبين «الثّور» من الأقط ، وهو رأي أبي العبّاس المبرّد (٢).

__________________

(١) زاد في ش : من.

(٢) الخصائص ١ : ١١٢ والمنصف ١ : ٣٤٦ ـ ٣٤٧ وشرح المفصل ١٠ : ٨٨ والممتع ص ٤٧٢.

٤٧٦

عقد

[قلب الواو التي هي لام فعول ياء]

قال صاحب الكتاب : كلّ جمع كان على «فعول» ولامه واو ، قلبت ياء تخفيفا. وذلك نحو : عصيّ ، ودليّ ، وحقيّ. وأصله : عصوو ، ودلوو ، وحقوو. قلبت الواو لما ذكرناه (١).

وربّما خرج بعض ذلك على أصله مصحّحا غير معتلّ (٢). قال الشاعر (٣) :

__________________

(١) الملوكي : فقلبت الواو لما ذكرنا.

(٢) الملوكي : «غير معلّ». وسقط «مصححا غير معتل» من ش.

(٣) جميل بئينة. ديوانه ص ٢١٧ وشرح المفصل ٥ : ٣٦ والملوكي ص ٨٠ واللسان والتاج (نجو). وفي الأصل : «من النجو». وتحت الجيم إشارة إهمال عن إحدى النسخ. والايضاع : الحمل على الاسراع. يقول : نحن ننتجع مواقع الغيث ، فاذا كانت على صديق حزفت ، لأني لا أصيب ثمّ بثينة. فهو يدعو لها بالسقيا.

٤٧٧

أليس من البلاء وجيب قلبي

وإيضاعي الهموم مع النّجوّ

فأحزن أن تكون على صديق

وأفرح أن تكون على عدوّ

النّجوّ : جمع نجو من السحاب (١). وحكى سيبويه (٢) عن بعض العرب أنّه قال : «إنّكم لتنظرون في نحوّ كثيرة» (٣) ، وهي الجهات. وحكى أبو حاتم عن أبي زيد : في الصّدر بهو ، وجمعه : «بهوّ وبهيّ». وحكى ابن الأعرابيّ : أب وأبوّ ، وأخ وأخوّ ، وابن وبنوّ. وأنشد للقنانيّ يمدح الكسائيّ (٤) :

أبى الذّمّ أخلاق الكسائيّ ، وانتمى

به المجد أخلاق الأبوّ السّوابق /

__________________

(١) سقط «النجوّ : جمع نجو من السحاب» من الملوكي ، وهو ثابت في ش بين البيتين.

(٢) الكتاب ٢ : ٣٨١.

(٣) زاد في ش : «جمع نحو». وسقط «وهي الجهات» من الملوكي.

(٤) الملوكي ص ٨٢ وشرح المفصل ٥ : ٣٦ واللسان والتاج (أبو). وفيه روايات مختلفة.

٤٧٨

قال الشارح (١) : إنما قلبوا الواو ياء في مثل «عصيّ» و «دليّ» ، لاجتماع أمرين : أحدهما كون الكلمة جمعا ، والجمع مستثقل. والثاني أنّ الواو الأولى مدّة زائدة ، فلم يعتدّ بها ، فصارت الواو التي هي لام الكلمة كأنّها وليت الضمّة ، وصارت في التقدير «عصو» ، فقلبت الواو ياء على حدّ قلبها في «أحق» و «أدل». ثمّ اجتمعت هذه الياء المنقلبة مع الواو الزائدة قبلها ، فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء الثانية ، على حدّ «سيّد» و «ميّت». ثمّ كسر ما قبل الياء ، لتصحّ الياء. فمنهم من يتبع الفاء العين فيكسرها ، فيقول «عصيّ» بكسر العين والصاد ، ليكون العمل من وجه واحد. ومنهم من يبقيها على حالها مضمومة ، فيقول «عصيّ».

ومثل ذلك «كساء» و «رداء». لمّا كانت الألف زائدة للمدّ لم يعتدّ بها ، وقلبوا الواو والياء ألفا ، لتحرّكهما وانفتاح ما قبلهما ، على حدّ قلبهما في «عصا» و «رحى». ثمّ قلبوهما همزتين ، لاجتماعهما مع الألف الزائدة قبلهما (٢) ، فقالوا : كساء ، ورداء.

__________________

(١) انظر شرح المفصل ١٠ : ١١٠ ـ ١١١ و ٥ : ٣٥ ـ ٣٦.

(٢) في الأصل : قبلها.

٤٧٩

ولو كان مثال «عصوّ» اسما واحدا غير جمع لم يجب القلب ، لخفّة الواحد ؛ ألا تراك تقول : «مغزوّ» و «مدعوّ» و «عتوّ» مصدر : عتا يعتو ، فتقرّ الواو. هذا هو الوجه ، ويجوز القلب ، فتقول : «مغزيّ» و «مدعيّ». فأمّا قول الشاعر (١) :

وقد علمت عرسي ، مليكة ، أنّني

أنا اللّيث ، معدوّا عليه ، وعاديا

هكذا (٢) أنشده أبو عثمان (٣) ، على الأصل ، ويروى : «معديّا».

فأمّا الجمع نحو «عصيّ» و «حقيّ» فلا يجوز فيه إلّا القلب ، لما ذكرنا ، إلّا ما شذّ من «نجوّ» السّحاب ، وهو (٤) أوّل ما ينشأ ، و «النّحوّ» للجهات ، و «البهوّ» للصدر ، و «أبوّ» ٢١٠ و «أخوّ». فالنّجوّ : / جمع نجو. والنّحوّ : جمع نحو. والبهوّ : جمع بهو. وأبوّ : جمع أب. وأخوّ : جمع

__________________

(١) عبد يغوث الحارثي شرح المفصل ١٠ : ١١٠. وانظر تخريجه في الممتع ص ٥٥٠.

(٢) كذا.

(٣) في المنصف ٢ : ١٢٢ : «معديّا»!

(٤) في الأصل : فهو.

٤٨٠