شرح الملوكى في التّصريف

ابن يعيش

شرح الملوكى في التّصريف

المؤلف:

ابن يعيش


المحقق: الدكتور فخر الدين قباوة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة العربيّة بحلب
المطبعة: مطبعة مكتبة العربيّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

ومثال قنفخر : «فنعلّ» ، كما أنّ مثال كنهبل : «فنعلل».

قال الشارح (١) : إنّما حكم على النون الساكنة ، إذا وقعت ثالثة ، في كلمة خماسية ، نحو «جحنفل» و «شرنبث» ، بالزيادة ، لأنها وقعت موقع الألف الزائدة ؛ ألا ترى أنّهما قد تعاورتا الكلمة الواحدة ، وتعاقبتا عليها ، في نحو : شرنبث وشرابث ، وجرنفش وجرافش (٢). فالألف هنا زائدة ، لأنها لا تكون أصلا في بنات الأربعة ، فكذلك ما وقع موقعه من حروف الزيادة. ومثله «عرنتن» بضمّ التاء ، وهو نبت ، النون زائدة لما ذكرناه. وقد قالوا : عرتن (٣) ، فحذفوا النون ، كما قالوا : دودم (٤) ، كعلبط (٥) وهدبد (٦). فقس على ذلك ما جاءك منه ، نحو : عصنصر ، وعقنقل ، وقرنفل ، وسجنجل.

هذا حكم النون إذا كانت ثالثة في الخماسيّ. فإن كانت غير

__________________

(١) ش : قال شيخنا موفق الدين الشارح للكتاب.

(٢) الجرنفش والجرافش : الضخم الشديد من الرجال. ش : جرنفس وجرافس.

(٣) في الأصل : عرتن.

(٤) الدودم : شيء شبه الدم يخرج من شجر السمر.

(٥) العلبط : الغليظ من اللبن.

(٦) الهدبد : اللبن الخاثر جدا.

١٨١

ثالثة (١) لم يحكم بزيادتها إلّا بثبت ، ساكنة كانت أو متحرّكة. فالساكنة ، نحو «حنزقر» و «حنبتر». النون فيهما أصل ، لأنّ غير الثالث من الخماسيّ ليس موقع زيادة كما كان في الثالث ، ومثالهما موافق الأصول. فحنزقر وحنبتر ك : جردحل (٢) وقرطعب (٣). وأمّا المتحركة فنحو «جنعدل» (٤) ، النون فيه (٥) أصل ، لما ذكرناه ، ولأنها بزنة : سفرجل وشمردل (٦).

وأما ما دلّ الدليل على زيادته ، مع كونه غير ثالث في الخماسيّ ، فنحو (٧) «كنهبل» ، النون فيه زيادة لأنها ، وإن لم تقع هنا موقعا تكثر زيادتها فيه ، فإنّ المثال مخالف الأصول ؛ ألا ترى أنه ليس في كلامهم مثل «سفرجل» بضمّ الجيم.

فأمّا «قنفخر» فالنون فيه زائدة ، وإن كان بزنة ٧٨ «جردحل» ، لأنهم قد (٨) قالوا فيه : امرأة قفاخريّة ،

__________________

(١) راد في ش : منه.

(٢) الجردحل : الضخم من الابل.

(٣) القرطعب : القطعة من الخرقة.

(٤) الجنعدل : الغليظ القوي الشديد.

(٥) ش : منه.

(٦) الشمردل : الطويل.

(٧) في الأصل : نحو.

(٨) سقط من الأصل.

١٨٢

وهي النّبيلة من النساء النفيسة. والقنفخر : كلّ شيء فاق في جنسه. فالاشتقاق قضى بزيادته ، ولولاه كانت أصلا ، مع أنّه قد جاء فيه «قنفخر» بضمّ القاف. فعلى هذا تكون النون زائدة ، للمثال (١) ، إذ ليس في الأصول «فعللّ» ، فيكون مثله.

ومثله «خنثعبة» (٢) ، نونه زائدة ، وإن كان بزنة «قرطعبة» ، لأنهم قد قالوا فيه «خنثعبة» ، وليس في كلامهم مثل «قرطعبة» بضم القاف. ولا تكون زائدة في لغة ، أصلا في لغة آخرين.

فأمّا قولهم «قندأو» (٣) و «سندأو» (٤) و «كنثأو» (٥) فالنون والواو فيهنّ زائدتان. أمّا زيادة الواو فلأنّها لا تكون أصلا في بنات الأربعة فصاعدا. ولمّا قضي بزيادة الواو قضي بزيادة النون ، لأنها لزمت (٦) هذا الموضع من هذا المثال ، كما لزمت «عنظبا» (٧)

__________________

(١) سقط من ش.

(٢) الخنثعبة : الناقة الغزيرة اللبن.

(٣) القندأو : الغليظ القصير.

(٤) السندأو : الحديد الشديد.

(٥) الكنثأو : الوافر اللحية.

(٦) في حاشية الأصل : كما في عصنصر وسجنجل.

(٧) العنظب : ذكر الجراد. ش : تنضبا.

١٨٣

و «عنصلا» (١) ، مع أنّ بنات الثلاثة أحق بالزيادة من بنات الأربعة ، لكثرة تصرّف الثلاثة. مع أنّه قد جاء من الاشتقاق ما يدلّ على ما قلناه ؛ قالوا : كثأت (٢) لحيته ، إذا عظمت. قال الشاعر (٣) :

وأنت امرؤ ، قد كثّأت لك لحية

كأنّك ، منها ، قاعد في جوالق

والكنثأو : الوافر ، فهو من معنى : كثأت لحيته. فثبت أنّ نون «كنثأو» زائدة ، ووزنه «فنعلو». وكذلك «قندأو» و «سندأو» ، لأنه باب واحد.

واعلم أنّ النون تزاد أوّلا ، نحو «نفرجة» ، للجبان الذي لا جلادة عنده ، ولا صبر له. فهو قريب من معنى : رجل أفرج ، وفرج ، للذي لا يكتم السّرّ. فكانت زائدة ، لما ذكرناه من الاشتقاق. وقالوا : «نفاطير» (٤) و «نخاريب» (٥)

__________________

(١) العنصل : البصل البري.

(٢) كذا بتخفيف الثاء ، وهو صحيح. والشاهد بعده بتشديدها.

(٣) انظر تخريجه في الممتع ص ٢٧٠. وهو في شرح المفصل ٦ : ١٢٥.

(٤) النفاطير : الكلأ المتفرق.

(٥) النخاريب : جمع نخروب ، وهو الشق في الحجر.

١٨٤

و «نباذير» (١). وهي «نفاعيل» من : فطّره ، وخرّبه ، وبذّره. / وقالوا «نبراس» للمصباح ، وهي (٢) «نفعال» من ٧٩ البرس ، وهو : القطن ، لأنّ المصباح يتّخذ منه.

وتزاد ثانيا في نحو «قنعاس» (٣) وهو من التّقاعس. وفي «خنفقيق» للخفيفة من النّساء ، من : خفق يخفق. وثالثة في نحو (٤) : شرنبث ، وسلنطح (٥) ، واحرنجم (٦) ، ورابعة في «رعشن» لأنه من الرّعشة ، قال (٧) :

* من كلّ رعشاء ، وناج رعشن*

وفي «ضيفن» (٨) لأنه من الضّيف. وقال أبو زيد : النون فيه أصل ، لقولهم فيه : ضفن الرّجل يضفن ، إذا جاء مع الضّيف. فيكون وزنه عنده «فيعلا» ، وعند أبي عثمان «فعلن». ومذهب

__________________

(١) النباذير : من التبذير.

(٢) ش : وهو.

(٣) القنعاس : الناقة الطويلة العظيمة السنمة.

(٤) سقط من الأصل.

(٥) السلنطح : الفضاء الواسع. وفي الأصل : «سلنطخ». ش : اسلنطح.

(٦) كذا! والنون فيه رابعة لا ثالثة. واحرنجم القوم : ازدحموا.

(٧) رؤبة. ديوانه ص ١٦٢. والرعشاء : الناقة السريعة لاهتزازها في السير. والناجي : البعير السريع. والرعشن : السريع.

(٨) الضيفن : الذي يجيء مع الضيف متطفلا.

١٨٥

أبي زيد أقوى (١) في القياس ، لكثرة «فيعل» نحو : صيرف ، وقلّة «فعلن» نحو : علجن (٢). ومذهب أبي عثمان أقوى من جهة الاشتقاق.

وتزاد خامسة في نحو : سكران ، وغضبان. وسادسة في : زعفران ، وعقربان (٣). وسابعة في : عرنقصان (٤) ، وعبوثران (٥).

والمطّرد من ذلك زيادتها ثالثة في الخماسيّ ساكنة ، وبعد الألف في الصّفات ، نحو : سكران ، وما ألحق به من : عمران ، وعبوثران. فما جاءك منها فالنون فيه زائدة لكثرته ، إلّا أن يدلّ الدليل على خلافه. وما عداهما ، ممّا ذكر ، فهي فيه أصل ، إلّا أن يقوم الدليل على خلافه ، لقلّته وندوره (٦).

__________________

(١) ش : قوي.

(٢) العلجن : الناقة الغليظة.

(٣) العقربان : دويبة تدخل الأذن.

(٤) العرنقصان : نبات.

(٥) العبوثران : نبات طيب الريح.

(٦) في حاشية الأصل : بلغ.

١٨٦

زيادة التاء

قال صاحب الكتاب (١) : قد زيدت التاء (٢) في جمع التأنيث ، نحو : ضاربات ، وجوزات ، وجفنات. وتزاد للمضارعة في الأفعال (٣) ، نحو : تفعل أنت ، أو هي. وتزاد في : تفعّل ، وتفاعل ، وتفوعل ، وتفيعل. وفي جميع ما تصرّف من ذلك ، نحو (٤) : التّفاعل والتّفعّل (٥). وتزاد للتأنيث ، نحو : حمزة ، وطلحة ، إلّا أنك إذا وقفت / عليها أبدلت منها الهاء ، فقلت : طلحه ، ٨٠ وحمزه. وتزاد في : افتعل ، نحو : اقتطع ، واجترح. وفي : استفعل ، نحو : استخرج ، واستقدم. وفي هذا دليل على ما اختصرناه فتركناه (٦).

__________________

(١) زاد في ش : عثمان بن جني.

(٢) الملوكي : وأما التاء فزيدت.

(٣) سقط «في الأفعال» من الملوكي.

(٤) سقط من ش.

(٥) الملوكي : التفعيل.

(٦) الملوكي : وفيما ذكرنا من هذا ونحوه دليل على ما اختصرناه وتركناه.

١٨٧

قال الشارح (١) : قد زيدت التاء في جمع المؤنّث السالم ، وقبلها ألف ، نحو : ضاربات ، وجوزات ، وجفنات. وقد اختلف العلماء ـ رحمهم‌الله (٢) ـ في هذه الألف والتاء ، فقال بعض المتقدّمين : التاء للجمع والتأنيث ، ودخلت الألف للفرق بين الواحد والجمع. وقال بعضهم : التاء للتّأنيث ، والألف للجمع. وأجمع المتأخّرون على أن الألف والتاء معا تفيدان الجمع والتّأنيث ، من غير تفصيل. والذي يدلّ على أنهما تفيدان التّأنيث مع الجمع إسقاط التاء الأولى التي كانت في الواحدة (٣) من «ضاربات» ، لئلّا يجمع بين علامتي تأنيث في كلمة واحدة. وكان إسقاط الأولى أولى ، لأنّ الثانية تدلّ على معنيين ، وهما التأنيث والجمع ، والأولى تدلّ على التأنيث فقط. فكانت أولى بالحذف ، لأنّ الثانية كالمركّبة مع الألف ، للدلالة على الجمع والتأنيث ، من حيث زيدا معا. فلو أسقطت الثانية لسقطت معها الألف ، فكانت تبطل الدلالة على الجمع. وهذه التاء هي حرف الإعراب في هذا الجمع ، لأنها حرف ، صيغت الكلمة عليها (٤) لمعنى الجمع ، فكانت

__________________

(١) ش : «قال شيخنا موفق الدين شارح الكتاب». وانظر شرح المفصل ٩ : ١٥٦ ـ ١٥٨.

(٢) سقط «رحمهم‌الله» من ش.

(٣) ش : الواحد.

(٤) كذا.

١٨٨

كالواو والياء في جمع المذكّر السّالم. فالألف والتاء في «ضاربات» كالواو والياء في جمع المذكّر السّالم. فالألف والتاء في «ضاربات» بمنزلة الواو والنون ، [والياء والنون] ، في «ضاربون» و «ضاربين». واعلم أنّ جمع المؤنّث يخالف جمع المذكّر في أشياء : منها أنّ تاء الجمع في / «ضاربات» و «مسلمات» تجري عليها حركات ٨١ الإعراب ، والنون في المذكّر لا يدخلها إعراب. ومنها أنّ الزيادة الأولى ، التي هي الألف ، لا تتغيّر كما تتغيّر الزيادة الأولى في جمع (١) المذكّر ، نحو «الزّيدون» و «الزّيدين» ، فتكون في الرفع واوا ، وفي الجرّ والنصب ياء. وتثبت التاء في الإضافة ، نحو «مسلماتك» ، وتحذف النون من المذكّر في الإضافة ، إذا قلت : «مسلموك». وأنّه (٢) يوافقه في سلامة لفظ الواحد ، وزيادة الزّائدين لعلامة الجمع. فبالمعنى الذي استويا فيه حمل أحدهما على الآخر ، لأنّ الشيء يقاس على الشيء ، إذا كانا مشتبهين في معنى ما ، وإن كانا مختلفين في أشياء أخر. فحمل جمع المؤنّث على جمع المذكّر ، بأن جعل للرّفع علامة مفردة ، وللجرّ والنّصب علامة (٣) واحدة ،

__________________

(١) ش : الجمع.

(٢) سقط من ش.

(٣) سقط «مفردة وللجر والنصب علامة» من ش.

١٨٩

وأشركا (١) فيها. فقلت : جاءني مسلمات ، ومررت بمسلمات ورأيت مسلمات.

ولا يجوز فتح هذه التاء عند سيبويه (٢) ، وأجازه البغداديّون ، وأنشدوا (٣) :

فلمّا اجتلاها بالإيام تحيّرت

ثباتا ، عليها ذلّها ، واكتئابها

وحكوا أيضا : «سمعت لغاتهم». وهذا الذي حكوه من هذه الحكاية ، وأنشدوه من هذا البيت ، لا يدلّ على فتح التاء في الجمع. وذلك لأنه يجوز أن تكون هي (٤) «لغة» على «فعلة» مثل «نغرة» ، وإن كان قد استعمل محذوفا ، فتمّموه كقولهم : مهاة (٥) ومها ، وحكاة (٦) وحكا ، وطلاة (٧) وطلا. وحكى أحمد

__________________

(١) في الأصل : واشتركا.

(٢) زاد في ش : رحمه‌الله.

(٣) لأبي ذؤيب يصف النحل والرجل المشتار للعسل. شرح أشعار الهذليين ص ٥٣ والخصائص ٣ : ٣٠٤ وشرح المفصل ٥ : ٤ و ٨ ويروى : «تحيزت». والثبات : جمع ثبة ، وهي الجماعة.

(٤) في الأصل : بنى.

(٥) المهاة : ماء الفحل في رحم الناقة.

(٦) الحكاة : العظاية الضخمة.

(٧) الطلاة : صفحة العنق.

١٩٠

ابن يحيى : سم ، وسم وسما. ومثله في الحذف : غد ، وغدو. وإضافته (١) إلى الجمع في قولهم «لغاتهم» لا تدلّ على الجمع ، لاحتمال أن يكون مثل قوله (٢) : / ٨٢

كلوا في بعض بطنكم تعفّوا

فإنّ زمانكم زمن خميص

فأفرد «بطنا» مع إضافته إلى ضمير المخاطبين ، وهم جماعة. فأمّا قوله تعالى (٣) : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ) فليس من هذا ، إنما السمع مصدر لا يثنّى ولا يجمع. ومثله قوله (٤) :

إنّ العيون التي في طرفها مرض

قتلننا ، ثمّ لم يحيين قتلانا

__________________

(١) في الأصل : وإضافتهم.

(٢) شرح المفصل ٥ : ٨ و ٦ : ٢١ والكتاب ١ : ١٠٨ والمقتضب ٢ : ١٧٢ ومعاني القرآن ١ : ٣٠٧ وتفسير القرطبي ١ : ١٢٤ والتبيان ١ : ٩٧ والأساس (خمص) وشرح اختيارات المفضل ص ١٥٨٨. والمخصص ١ : ٣١ و ٤ : ٤١ وأمالي ابن الشجري ١ : ٣١١ و ٢ : ٢٥ و ٣٨ و ٣٤٣ والخزانة ٣ : ٣٧٩ ـ ٣٨١ وشرح شواهد الكشاف ص ٦٦.

(٣) الآية ٧ من سورة البقرة.

(٤) جرير. ديوانه ص ٥٩٥.

١٩١

وأما (١) قوله تعالى (٢) : (يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) فكأنّه أخرج مخرج التمييز ، على حدّ (٣)(فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً.)

وتزاد التاء للمضارعة ، نحو : «تفعل المرأة» ، و «تفعلين يا هذه». وذلك لأنها زيدت آخرا (٤) لمعنى التأنيث ، نحو «قائمة» و «قاعدة» ، فزيدت أوّلا كذلك ، لتناسب (٥) زيادتها أوّلا وآخرا. وتكون للمخاطب الحاضر ، نحو «تفعل يا هذا». وذلك لأنها قد زيدت آخرا للخطاب ، نحو «أنت» و «أنت». وقد مضى ذكر حروف المضارعة (٦) ، بما أغنى عن (٧) إعادتها.

وتزاد في : تفعّل ، وتفاعل ، وتفوعل ، وتفيعل ، للمطاوعة. وأصله الرباعيّ ، نحو : دحرجته فتدحرج. وسائر ما ذكر محمول عليه ، لأنه بزنته. ف «تفعّل» مطاوع «فعّل» ، نحو : كسّرته فتكسّر ، وقطّعته فتقطّع. و «تفاعل»

__________________

(١) ش : فأما.

(٢) الآية ٦٧ من سورة غافر.

(٣) الآية ٤ من سورة النساء. وسقط «عن شيء» من الأصل.

(٤) في الأصل : أخيرا.

(٥) ش : ليتناسب.

(٦) انظر ٧٢ ـ ٧٤.

(٧) ش : من.

١٩٢

مطاوع «فاعل» نحو : ناولته فتناول ، وباعدته فتباعد.

و «تفوعل» مطاوع «فوعل». و «تفيعل» مطاوع «فيعل» نحو : بيطرته فتبيطر. إلّا أنّ النون أقعد في المطاوعة من التاء ، لما ذكرناه (١). وإنّما التاء محمولة عليها ، لأنها أختها في الزيادة ، وقريبة منها في المخرج. ولشدّتها طاوعت في بنات الأربعة ، ولسهولة النون طاوعت في بنات الثلاثة.

وأمّا «التّفعيل» فهو مصدر «فعّل» ، نحو : خرّج / ٨٣ يخرّج تخريجا (٢). قال الله تعالى (٣)(وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً ؛) قال الشاعر (٤) :

* وما بال تكليم الرّسوم البلاقع*

وقد جاء مصدره على «تفعلة» ، قالوا : قدّمته تقدمة ، وكرّمته تكرمة. وربّما جاء على «فعّال» ، نحو : كلّمته كلّاما.

وفي التنزيل (٥) : (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً.)

__________________

(١) انظر ٧٣.

(٢) ش : جرّح يجرّح تجريحا.

(٣) الآية ١٦٤ من سورة النساء.

(٤) عجز بيت لذي الرمة في ديوانه ص ٣٥٦. وصدره :

وقفنا ، فقلنا : إبه عن أمّ سالم

(٥) الآية ٢٨ من سورة النبأ.

١٩٣

وأمّا «التّفعّل» فهو مصدر «تفعّل» ، نحو : تقدّم تقدّما ، وتكرّم تكرّما. قال (١) :

* وكما علمت شمائلي ، وتكرّمي*

ومن قال : فعّلته فعّالا ، قال : تفعّله تفعّالا. لأنه مطاوعه ، نحو : تحمّله تحمّالا. قال الشاعر (٢) :

ثلاثة أحباب ، فحبّ علاقة

وحبّ تملّاق ، وحبّ هو القتل

وأمّا «التّفاعل» فمصدر «تفاعل» ، نحو : تقاتلنا تقاتلا.

وأمّا التّقتال ، والتّضراب ، وما أشبههما ، من نحو : التّلعاب ، والتّرداد ، والتّسيار ، فمصدر بمعنى : السّير ، والقتل ، والضّرب ، واللّعب ، والرّدّ ، بني لتكثير الفعل والمبالغة فيه.

__________________

(١) عجز بيت من معلقة عنترة في ديوانه ص ٢٠٧. وصدره : وإذا صحوت فما أقصّر عن ندى

(٢) أنشده ابن الأعرابي ، وزعم أنه فرد لا ثاني له ، وأن قائله لا يعرف.

شرح الحماسة للتبريزي ٣ : ٢٢١ وللمرزوقي ص ١٢٥٠ والصحاح واللسان (ملق) والتاج (علق) و (ملق) وشرح المفصل ٦ : ٤٧ ـ ٤٨ و ٩ : ١٥٧.

١٩٤

فأمّا تاء التأنيث من (١) نحو : حمزة ، وطلحة ، وقائمة ، وقاعدة ، فهذه التاء هي علم التأنيث ، والهاء بدل في الوقف. وذلك لأنها تثبت في الوصل ، والوصل تردّ فيه الأشياء إلى أصولها. والوقف محلّ تغيير ؛ ألا ترى أنك تحذف الإعراب في الوقف ، وتبدل من التنوين في الوقف ، وتحدث في الوقف ، من النقل والتضعيف ، ما لا تحدث (٢) في الوصل ، نحو «الحجل» (٣) و «القصبّا» (٤). فإذا وصلت عاد الكلام إلى أصله.

وتزاد التاء في «افتعل» نحو : اقتطع ، واجترح. وفي «استفعل» نحو : استخرج ، واستقدم. وقد تقدّم شرح / ٨٤

__________________

(١) ش : في.

(٢) ش : ما لا يحدث.

(٣) من قول الشاعر :

أرتني حجلا على ساقها

فهشّ الفؤاد لذاك الحجل

شرح المفصل ٩ : ٧١ والمنصف ١ : ١٦١.

(٤) من قول الراجز :

أو الحريق وافق القصبّا

ونسب إلى رؤبة وربيعة بن صبيح. الكتاب ٢ : ٢٨٢ وشرح المفصل ٣ : ١٣٩ وشرح شواهد الشافية ص ٢٥٤ ـ ٢٦١ وديوان رؤبة ص ١٦٩. وفي حاشية الأصل : «ويقال في الوصل :

الحجل والقصب». وانظر ٢٠٢.

١٩٥

ذلك مستوفى.

وأما مظنّاتها (١) فأن تقع أوّلا. نحو : تجفاف ، وهو «تفعال» من : جفّ الشيء ، إذا يبس وصلب. وتمثال ، من المثل ، وتبيان ، من البيان ، وتلقاء من اللّقاء ، وتضراب ، من الضّرب. ولو لا الاشتقاق لكانت أصلا في ذلك كلّه ، لأنها بإزاء قاف «قرطاس» وسين «سرحان». وثانيا (٢) في نحو «اقتطع» وبابه ، وقد مضى ذكره. ورابعة في نحو «سنبتة» للقطعة من الدّهر ، لقولهم فيه «سنبة» كتمرة. وخامسة في : ملكوت ، ورحموت ، وجبروت ، بمعنى : الملك ، والرّحمة ، والتجبّر.

يقال : رهبوت خير من رحموت. ويقال : رهبوتى (٣) ، رحموتى ، على زنة «فعلوتى». وسادسة في الأسماء ، نحو «عنكبوت» ، و «ترنموت» لصوت القوس عند النّزع.

فعنكبوت بمعنى : العنكب والعنكباء. وترنموت بمعنى :

__________________

(١) ش : «مظانها». وفي حاشية الأصل : «أي : محالّ وقوعها زائدة».

(٢) كذا والتاء في «اقتطع» ثالثة. أما زيادتها ثانية ففي نحو «متعلّم».

(٣) ش : رغبوتى.

١٩٦

التّرنّم. وهذا ثبت في زيادة التاء والواو فيهما. قال (١) :

* تجاوب القوس بترنموتا (٢) *

أي : بترنّم.

__________________

(١) انظر تخريجه في الممتع ص ٢٧٨.

(٢) كذا! والرواية : بترنموتها.

١٩٧

[زيادة الهاء]

قال صاحب الكتاب (١) : الهاء تزاد لبيان الحركة ، نحو قولك في الوقف : فيمه؟ ولمه؟ وعلامه؟ تريد : فيم ، ولم ، وعلام؟ وفي نحو قولك : ارمه ، واغزه ، واخشه ، وأنت تريد : ارم ، واغز ، واخش. وقد زيدت الهاء (٢) شاذّة في «أمّهات» تريد (٣) : أمّات. ويروى (٤) من غير جهة سيبويه أنّ الخليل ذهب في «هركولة» إلى زيادة الهاء ، وقال : هي «هفعولة» ، وهي المرأة العظيمة الأوراك ، لأنها تركل في مشيتها (٥).

قال الشارح (٦) : الهاء تزاد زيادة مطّردة للسكت. نحو

__________________

(١) زاد في ش : عثمان بن جني.

(٢) سقط من الملوكي.

(٣) الملوكي : يراد.

(٤) الملوكي : ويحكى.

(٥) ش والملوكي : «مشيها». وزاد في الملوكي : «وزيدت أيضا في : هجرع وهبلع ، لأنهما من الجرع والبلع. وهما : هفعل». وأقحم بعده أيضا ما لا صلة له بزيادة الهاء.

(٦) ش : «قال شيخنا موفق الدين شارح الكتاب». وانظر شرح المفصل ١٠ : ٢ ـ ٥ و ٩ : ٤٥ ـ ٤٨.

١٩٨

قولك في الوقف : فيمه؟ ولمه؟ وعلامه؟ / ، والأصل : ٨٥ فيما ، ولما ، وعلاما؟ دخلت حروف الجرّ على «ما» الاستفهاميّة ، ثمّ حذفت الألف للفرق بين الخبر والاستخبار ، وبقيت الفتحة تدلّ على الألف المحذوفة. فكرهوا أن يقفوا على الميم بالسكون ، فيزول الدليل والمدلول عليه ، فأتوا بالهاء ، ليقع الوقف عليها بالسّكون ، وتبقى الفتحة دليلا على الألف المحذوفة. وقد وقف ابن كثير (١) على «عمّ» من قوله تعالى (٢)(عَمَّ يَتَساءَلُونَ :) عمّه ، بالهاء لبيان الحركة. ومثله : ارمه واغزه ، واخشه. زيدت الهاء فيها ، لبيان حركة ما قبلها ، من حيث كانت (٣) دليلا على المحذوف.

وهي في ذلك على ضربين : لازمة ، وغير لازمة. فاللّازمة : إذا كان الفعل الداخلة هي (٤) عليه على حرف واحد ، نحو : عه ، وقه ، وشه. وغير اللّازمة : إذا كان ما دخلت عليه على أكثر من حرف واحد ، نحو ما تقدّم من قولنا : لمه؟ وفيمه؟ وارمه ، واغزه ، واخشه. قال سيبويه (٥) : «الأكثر في الوقف على : ارم واغز ،

__________________

(١) انظر البحر المحيط ٨ : ٤١٠.

(٢) الآية ١ من سورة النبأ.

(٣) في الأصل : كان.

(٤) سقط من ش.

(٥) الكتاب ٢ : ٧٧ ـ ٢٧٨. وفي العبارة تصرف.

١٩٩

بإلحاق الهاء». قال : «ومنهم من لا يلحق الهاء ويسكّن الحرف ، فيقول : اغز ، واخش». قال : «فأمّا : قه ، ونحوها فكلّهم يقف عليها بالهاء».

ومظنّتها أن تقع بعد حركة متوغّلة في البناء ، نحو (١)(حِسابِيَهْ) و (كِتابِيَهْ.) وذلك محافظة على حركة البناء ، من حيث كانت موضوعة للّزوم والثّبات. فلذلك لا تدخل على معرب ، ولا على ما يشبه المعرب : لا تدخل على الأفعال الماضية ، لشبها بالمعربة. وإذا امتنعت ممّا شابه المعرب كان امتناعها من المعرب أولى.

وقد زيدت هذه الهاء بعد ألف النّدبة ، لخفاء الألف ، نحو : ٨٦ وا زيداه / ، وا عمراه. ولا تكون هذه الهاء إلّا ساكنة. فأمّا قوله (٢) :

* يا مرحباه ، بحمار عفراء*

__________________

(١) الآيات ١٩ و ٢٠ و ٢٥ و ٢٦ من سورة الحاقة.

(٢) عروة بن حزام. شرح المفصل ٩ : ٤٦ ـ ٤٧ وإصلاح المنطق ص ٩٢ وتهذيب الاصلاح ١ : ١٥٤ والخزانة ٣ : ٢٦٣ والمنصف ٣ : ١٤٢.

٢٠٠