ابن يعيش
المحقق: الدكتور فخر الدين قباوة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة العربيّة بحلب
المطبعة: مطبعة مكتبة العربيّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢
أحدها : أن يكون بمعنى الاتّخاذ. يقال : اشتوى القوم اللحم ، أي : اتّخذوه شواء. وأمّا شويت فكقولك : أنضجت. وكذلك : اختبز وخبز ، واطّبخ وطبخ ، واذّبح وذبح.
الثاني : أن يطاوع به «فعل» ، فيشارك «انفعل» ، ولا يتعدّى. نحو : غممته فانغمّ واغتمّ ، وشويته فاشتوى وانشوى. وهو قليل.
الثالث : أن يكون بمعنى التفاعل. كقولك : اضطربوا ، في معنى : تضاربوا. واقتتلوا ، في معنى : تقاتلوا. واعتونوا واجتوروا ، في معنى : تعاونوا وتجاوروا.
الرابع : أن يأتي «افتعل» بمعنى «فعل» ، لا يراد به زيادة معنى ، ولا يستعمل إلّا بزيادة / ، نحو قولهم : افتقر ، في ٣١ معنى : فقر. ولذلك قالوا : فقير. فجاء اسم الفاعل منه على : فقر ، وإن لم يستعمل (١). وقالوا : اشتدّ فهو شديد (٢). ومثله :
__________________
(١) كذا! وهو عن الكتاب ٢ : ٢٢٥ ـ ٢٤٢. وقد قالوا «فقر» بمعنى افتقر. القاموس والتاج (فقر).
(٢) كذا زعم سيبويه. الكتاب ٢ : ٢٢٥. وهو من «شدّ يشدّ شدّة إذا كان قويّا». اللسان (شدد).
استلم الحجر ، ولم يقولوا : سلم ولا سلم (١). وأمّا قولهم : كسب واكتسب ، فإن سيبويه (٢) فرق بينهما ، فقال : «كسب بمعنى : أصاب مالا ، واكتسب بمعنى : طلب واجتهد ، بمنزلة الاضطراب (٣)». وقال غيره : لا فرق بينهما ، قل الله تعالى (٤)(لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) والمعنى واحد.
وأما «استفعل» فهو على ضربين : منعدّ وغير متعدّ. فالمتعدّي قولهم (٥) : استخفّه (٦) واستقبحه. وغير المتعدّي نحو : استقدم واستأخر. ويكون «فعل» (٧) منه متعدّيا وغير متعدّ. فالمتعدّي نحو : علم واستعلم ، وفهم واستفهم. وغير المتعدّي نحو : قبح واستقبح ، وحسن واستحسن. وله معان خمسة :
أحدها : الطلب والاستدعاء ، كقولك : استعطيت ، أي :
__________________
(١) يريد أنهم لم يقولوا ذلك بمعنى التسليم. ش : سلم.
(٢) الكتاب ٢ : ٢٤١. وزاد في ش : «رحمهالله».
(٣) الكتاب : «وأما كسب فانه يقول أصاب. وأما اكتسب فهو التصرف والطلب والاجتهاد ، بمنزلة الاضطراب».
(٤) الآية ٢٨٦ من سورة البقرة.
(٥) سقط من الأصل.
(٦) ش : استحقّه.
(٧) في الأصل : الفعل.
طلبت العطيّة (١). واستعتبت ، أي : طلبت إليه العتبى. ومثله : استخبرت ، واستفهمت ، واستخرجت.
الثاني : الإصابة ، كقولك : استجدته ، أي : أصبته جيّدا. واستكرمته ، أي : أصبته كريما. واستسمنته ، أي : أصبته سمينا.
الثالث : أن يكون للانتقال والتحوّل من حال إلى حال ، نحو قولهم : استنوق الجمل ، إذا تخلّق بأخلاق النافة. واستتيست الشّاة ، إذا تشبّهت بالتّيس. ومنه : استحجر الطّين ، إذا تحوّل إلى طبع الحجر في الصّلابة.
الرابع : أن يكون بمعنى «تفعّل» نحو : استكبر وتكبّر ، واستعظم وتعظّم.
وربّما عاقب معنى «فعل» ، قالوا : قرّ في المكان / ٣٢ واستقرّ ، وعلا قرنه (٢) واستعلاه. قال الله تعالى (٣)(وَإِذا رَأَوْا
__________________
(١) سقط «استعطيت أي طلبت العطية» من ش.
(٢) فوقها في الأصل : «أي : مقارنه في الحرب».
(٣) الآية ١٤ من سورة الصافات. وسقط «قال الله تعالى» من الأصل.
آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ)(١) أي : يسخرون. ومنه : يستهزئون ، أي : يهزؤون.
والغالب على هذا المثال (٢) أن يكون للطلب ، أو الإصابة. وما عدا ذلك يحفظ حفظا ، ولا يقاس عليه.
وأمّا «افعالّ» فأكثر ما يكون في الألوان ، نحو : اشهابّ ، وابياضّ ، واحمارّ ، وادهامّ. ولا يكون متعدّيا. وهو إذا لم يدغم بزنة «استفعل» ، في حركاته وسكناته وعدد حروفه. وقد يقصر «افعالّ» لطوله ، فيرجع إلى «افعلّ». قال سيبويه (٣) : وليس شيء يقال فيه «افعالّ» إلّا يقال فيه «افعلّ» ، إلّا أنّه قد تقلّ إحدى اللغتين في الكلمة ، وتكثر في الأخرى. فقولهم : احمرّ واصفرّ واخضرّ وابيضّ. أكثر من : احمارّ واصفارّ واخضارّ وابياضّ. وقولهم : اشهابّ وادهامّ ، أكثر من : اشهبّ وادهمّ.
وقد يأتي «افعالّ» في غير الألوان ، قالوا : اقطارّ (٤) النّبت ، إذا ولّى وأخذ يجفّ. وابهارّ (٥) الليل ، إذا أظلم. وابهارّ القمر ، إذا أضاء.
__________________
(١) زاد في الأصل هنا : «منها»!
(٢) ش : البناء.
(٣) شرح المفصل ٧ : ١٦١.
(٤) ش : افطارّ.
(٥) في الأصل وش : انهارّ.
وقد تأتي الألوان على «فعل». قالوا : أدم يأدم ، وشهب يشهب ، وقهب يقهب ، وهو سواد يضرب إلى حمرة. وقالوا : كهب يكهب ، وسود يسود. قال نصيب (١) :
سودت ، ولم أملك سوادي ، وتحته |
|
قميص ، من القوهيّ ، بيض بنائقه |
وربّما ضمّوا ذلك جميعه. وذكر بعض أصحابنا أنّ «فعل» مخفّف من «افعالّ». واستدلّ على (٢) ذلك بتصحيح العين ، نحو : عور وحول. قال : صحّت الواو ههنا ، إذ كان الأصل : اعوارّ واحوالّ.
وأمّا «افعوعل» فهو بناء موضوع للمبالغة /. قالوا : ٣٣ خشن المكان. فإذا أرادوا المبالغة والتوكيد قالوا : اخشوشن. وقالوا : أعشبت الأرض. فإذا أرادوا الكثرة والعموم قالوا : اعشوشبت (٣). فمعنى : خشن وأعشب ، دون معنى : (٤)
__________________
(١) ديوانه ص ١١٠ والكتاب ٢ : ٢٣٤ وشرح المفصل ٧ : ١٦٢.
والقوهي : ضرب من الثياب أبيض. والبنائق : جمع بنيقة ، وهي الرقعة.
(٢) سقط من الأصل.
(٣) في الأصل : اعشوشب.
(٤) سقط «خشن وأعشب دون معنى» من ش.
اخشوشن واعشوشبت (١) ، لما فيه من تكرير العين ، وزيادة الواو. وقوّة اللفظ مؤذنة بقوّة المعنى. وقد جاء متعدّيا ، قالوا : احلوليته ، أي : استطبته. قال حميد (٢) :
فلمّا أتى عامان ، بعد انفصاله |
|
عن الضّرع ، واحلولى دماثا ، يرودها |
وربما بني الفعل على الزيادة ، فلم تفارقه ، نحو : اعروريت الفلوّ (٣) ، إذا ركبته عريا.
وهو (٤) مخالف لما قبله ، لأنّ المكرّر (٥) هنا العين ، وما قبله المكرّر فيه اللام. فزيادة الواو ههنا كزيادة الألف فيما قبله.
وقالوا : اذلولى (٦) الرّجل ، إذا أسرع. فألحقوه باعرورى ، وبنوه على الزيادة ، فلم تفارقه.
__________________
(١) في الأصل : اعشوشب.
(٢) وهو حميد بن ثور. انظر تخريج البيت في الممتع ص ١٩٦. وانظر شرح المفصل ٧ : ١٦٢. وفي الأصل وش : «عن الظهر». والدماث : السهول اللينة.
(٣) الفلو : المهر إذا فطم.
(٤) في حاشية الأصل : «أي : افعوعل مخالف لافعالّ».
(٥) في الأصل : التكرير.
(٦) في الأصل : ادلولى.
وأمّا «افعوّل» نحو : اخروّط (١) ، واجلوّذ (٢) ، واعلوّط (٣). فمعناء للبالغة ك «افعوعل» لأنّه على زنته ، إلّا أنّ ثمّ المكرّر العين ، ومهنا المكرّر الواو المزيدة.
__________________
(١) اخروط السفر : طال.
(٢) اجلوذ السفر : طال.
(٣) اعلوط السفر : طال.
فصل
وأما الفعل الرباعيّ فله بناء واحد وهو «فعلل». وهو على قسمين (١) : متعدّ ، وغير متعدّ. فالمتعدّي نحو : سرهفته (٢) ، ودحرجته. وغير المتعدّي نحو : دربخ (٣) ، وبرهم (٤).
ويطاوعه (٥) «تفعلل» ، نحو : دحرجته فتدحرج ، وكردسته فتكردس.
وتصرّفه بالزيادة إلى بناءين :
أحدهما «افعنلل» نحو : احرنجم (٦). ومعناه المطاوعة. فهو
__________________
(١) ش : «ضربين». وانظر شرح المفصل ٧ : ١٦٢.
(٢) سرهفته : أحسنت غذاءه ونعمته.
(٣) دربخ الرجل : طأطأ رأسه وبسط ظهره.
(٤) برهم : أدام النظر.
(٥) ش : ومطاوعه.
(٦) احرنجم القوم : ازدحموا.
في الرباعيّ ك «انفعل» في الثلاثيّ. ولذلك لا يتعدّى.
والثاني : «افعللّ» كاكفهرّ (١) واطمأنّ. وهو كاحمرّ واصفرّ في الثلاثي. ولذلك لا يتعدّى.
وأمّا : اسحنكك (٢) ، واقعنسس (٣) ، واحرنبى (٤) ، فملحق كلّ ذلك ب «احرنجم» ، وأصله الثلاثيّ (٥) ، والكاف الثانية والسين مكرّرتان. ولذلك لا يدغم المثلان فيه ، كما لم يدغم نحو : جلبب وشملل ، لئلّا يبطل الإلحاق. فاعرف ذلك فإنه لا بدّ منه.
__________________
(١) اكفهرّ : عبس. ش : اقشعرّ.
(٢) اسحنكك الليل : اشتدت ظلمنه.
(٣) اقعنسس : رجع وتأخر.
(٤) احرنبى الديك : انتفش ريشه وتهيأ للقتال.
(٥) ش : الثلاثة.
[تصرف الاسم]
القسم الثاني من تصرّف الأصل وهو تصرّف الاسم
أمّا تصرّف الأصل في الاسم فعلى ضربين (١) : صفة ، وغير صفة. فأمّا الصّفة فعلى ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يكون جاريا على فعله ، نحو : ضارب ، وآكل ، ومتحرّك ، وساكن. فهذا على زنة : يضرب ، ويأكل ، ويتحرّك ، ويسكن ، في العدّة والحركة والسكون.
والضرب الثاني : ما هو موضوع للمبالغة. وهو خمسة أبنية :
فعول : نحو ضروب ، وأكول (٢) ، وطهور.
وفعّال : نحو ضرّاب ، وأكمّال.
ومفعال : نحو مضراب ، ومكيال.
وفعيل : نحو شبيه ، وفقيه.
__________________
(١) انظر شرح المفصل ١ : ٢٦ ـ ٣٣.
(٢) سقط من ش.
وفعل : نحو حذر ، وبطر.
فهذه ليست كاسم الفاعل في جريانها على الفعل ، وإنما هي معدولة عن (١) الجاري للمبالغة.
والضرب الثالث : الصّفة المشبّهة باسم الفاعل ، نحو : حسن ، وبطل ، وشجاع ، وصعب. فهذه ليست جارية على الفعل كضارب وآكل ، ولا معدولة عنه كضروب ومضراب. وإنما هي مشبّهة به (٢) ، من حيث أنّها تذكّر ، وتؤنّث ، وتثنّى ، وتجمع على حدّ التثنية ، كما أنّ أسماء الفاعلين كذلك. نحو قولك : رجل حسن ، وامرأة حسنة ، وحسنان ، وحسنتان ، وحسنون ، ٣٥ وحسنات. فهذه الصّفات كلّها متصرّفة / من أفعالها ، ولفظ الأصل موجود فيها.
ومن الصّفات : اسم المفعول ، نحو : مضروب ومقتول. فهذا في حكم الجاري ، لأنّ الواو مدّة وإشباع عن الضمّة قبلها. ويوصف به ، على معنى التعلّق بأنّ الضرب والقتل وقعا به.
__________________
(١) في الأصل : من.
(٢) في الأصل وش : له.
وأما الاسم الذي ليس بصفة فهو على قسمين (١) : أحدهما منقول ، والآخر شبيه بالوصف.
فأما المنقول فيكون في الأعلام ، نحو : زيد ، أصله من الزّيادة. يقال : زاد الشيء يزيد زيدا و (٢) زيادة ، بمعنى واحد. قال الشاعر (٣) :
وأنتم معشر ، زيد على مائة |
|
فأجمعوا أمركم طرّا ، فكيدوني |
فهو مصدر وصف به ، ثم سمّي به. ومن ذلك جعفر ، منقول من النّهر. وكذلك بكر ، منقول من الفتيّ من الإبل. والنقل هو الغالب على الأعلام. وقد ينقل من الفعل ، نحو : يزيد ويشكر. ومن الصّفة ، نحو : حسن وحارث. ومن الجمع ، نحو : كلاب وأنمار.
وأمّا المشبّه بالصّفة فيكون : مطّردا ، و (٤) غير مطّرد.
فالمطّرد نحو «مفعل» في المكان ، نحو : المجلس والمحبس. والمصدر بالفتح نحو المجلس والمحبس. وقالوا : إنّ في ألف درهم
__________________
(١) ش : ضربين.
(٢) ش : أو.
(٣) من مفضلية لذي الاصبع العدواني. المفضليات ص ١٦١ وشرح المفصل ١ : ٣٠.
(٤) ش : أو.
لمضربا ، أي : لضربا.
وأمّا ما لا يطّرد فنحو : القربة من القرب (١) ، والقارورة من القرار ، والخابئة من الخبء (٢). فهذه فيها من الاشتقاق ما تراه ، إلّا أنه لا يطّرد. واختصّ بالبعض (٣) للفرق ، كما قالوا : عدل وعديل. فالعديل : ما عاد لك من النّاس. والعدل لا يكون إلّا للمتاع. فرقوا بين البناءين ، ليفصلوا بين المتاع وغيره. ومثله : بناء حصين ، وامرأة حصان. فرقوا بين البناء ٣٦ والمرأة. / فالاسمان مشتقّان من شيء واحد ، والمعنى فيهما واحد ، وبناؤهما مختلف للفرق.
__________________
(١) ش : القرب.
(٢) ش : الخبء.
(٣) في حاشية الأصل : «أي : ببعض المسمّيات».
[اللفظ والمعنى]
قال صاحب الكتاب (١) : فمعنى التّصريف هو ما أريتك (٢) من التلعّب بالحروف الأصول ، لما يراد فيها من المعاني المفادة منها (٣).
قال الشارع (٤) : اعلم أنّ الألفاظ أدلّة على المعاني ، وقوالب لها. وإنّما اعتنوا بها وأصلحوها (٥) ، لتكون أذهب في الدلالة. ولمّا كان المعنى يكون على أحوال كثيرة ، كمعنى : المضيّ ، والحال والاستقبال ، والفاعليّة ، والمفعوليّة ، وغيرها ، وكانت الحاجة إلى الدّلالة على كلّ حال منها ماسّة ، لم يكن بدّ من لفظ خاصّ يدلّ على ذلك المعنى بعينه. فلهذا وجب التّصريف ، واختلاف الأبنية بالزيادة والنقص والتغيير ونحو ذلك ، ليدلّ كلّ لفظ على المعنى المراد. نحو :
__________________
(١) زاد في ش : عثمان بن جني.
(٢) الملوكي : ما أريناك.
(٣) زاد في الملوكي : وغير ذلك.
(٤) ش : قال شيخنا الشارح موفق الدين ، رحمهالله.
(٥) في الأصل : واصطلحوها.
ضرب ، يضرب ، اضرب ، لا تضرب ، ضارب ، مضروب ، على نحو ما تقدّم. واعلم أنّ سيبويه (١) قسّم الألفاظ إلى ثلاثة أقسام (٢) : اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين ، واختلاف اللفظين والمعنى واحد ، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين.
أمّا القسم الأول ، وهو اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين ، فهو الوجه والقياس الذي يجب أن يكون عليه الكلام ، أن (٣) يكون بإزاء كلّ معنى لفظ يختصّ به ، ولا يشركه فيه غيره ، فتنفصل (٤) المعاني بالألفاظ ، ولا تلتبس.
وأما القسم الثاني ، وهو اختلاف اللفظين والمعنى واحد ، فهو في الحسن بعد القسم الأوّل ، للحاجة إلى التوسّع بالألفاظ ؛ ألا ترى أنّ الساجع أو الشاعر لو افتقر إلى استعمال معنى «قعد» مع ٣٧ قرينة (٥) سينيّة لاستعمل معنى (٦) «جلس». ولو لم / يستعمل في هذا المعنى إلّا «قعد» (٧) لضاق المذهب ، ولم يوجد من
__________________
(١) زاد في ش : رحمهالله.
(٢) الكتاب ١ : ٧ ـ ٨.
(٣) سقط من ش.
(٤) ش : فتفصل.
(٥) ش : معنى فقد مع استعمال قرينة.
(٦) ش : معها.
(٧) ش : فقد.
التوسّع ما وجد بوجوده. ومن ههنا جازت الزيادات لغير المعاني في كلامهم ، نحو : واو عجوز ، وياء سعيد. ويحكى عن أحمد بن يحيى (١) إنكار ذلك ، ومنع جوازه ، ويزعم أنّ في كلّ لفظ زيادة معنى ، ليس في الآخر. ففي «ذهب» معنى ليس في «مضى». وكذلك باقي الباب. وهذا قول ليس بالسّديد ، لأنه يبطل بالكنايات المضمرة. فإنّ ضمير المرفوع يغاير ضمير المنصوب ، والضمير المنفصل يغاير الضمير المتصل ، وليس فيهما (٢) زيادة معنى ، بل كلّها عبارة عن معبّر واحد.
وأمّا القسم الثالث ، وهو اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين ، فينبغي ألّا يكون قصدا في الوضع ، ولا أصلا. ولكنّه من لغات تداخلت. أو يكون كلّ لفظ مستعملا لمعنى ويستعار لشيء آخر ، ثمّ يكثر ويغلب ، فيصير بمنزلة الأصل. وكان بعض المشايخ ينكر الأضداد ، وأن يكون اللفظ للشيء وضدّه. وهذا وإن كان فيه إخلال بالتفاهم إلّا أنّ أئمّة اللغة قد حكوه ، كأبي زيد ، وأبي عمرو ، والأصمعيّ ، وغيرهم. ثمّ إنّه (٣) قد جاء عنهم اتّفاق اللفظين والمعنى
__________________
(١) وهو ثعلب النحوي الكوفي المشهور.
(٢) فيهما أي : في ضمير المرفوع والضمير المنفصل.
(٣) سقط من ش.
مختلف ، ك «وجد» من الضّالّة ، و «وجد» من الغضب. وإذا جاز وقوع اللفظة الواحدة للشيء وخلافه جاز وقوعها (١) للشيء وضدّه ؛ إذ الضّدّ ضرب من الخلاف ، وإن لم يكن كلّ خلاف ضدّا.
__________________
(١) في الأصل : وقوعها.
[أقسام التصريف]
قال صاحب الكتاب (١) : وإذ (٢) قد ثبت ما قدّمناه فليعلم أنّ التّصريف ينقسم إلى خمسة أقسام (٣). وهي (٤) : زيادة ، حذف ، تغيير بحركة أو سكون (٥) ، بدل ، إدغام (٦).
٣٨ قال الشارح (٧) : / الغرض من هذا التقسيم أمران : أحدهما ألّا يتوهّم (٨) أنّ التّصريف ما ذكره آنفا ، من : ضرب يضرب ، لا غير. بل التّصريف كما يكون بالزيادة ، على ما ذكر ، فقد يكون بغيره من الحذف والإبدال ، على ما سيأتي (٩). الأمر الثاني : أنّه إذا قسّمه هذا التقسيم سهل على الطّالب حفظه ، وعلى الناظر وجدان ما يرومه ، إذا أتى إليه من وجهه. ويجري ذلك مجرى الأبواب في كتب الفقه ، والنحو ، وغيرهما (١٠).
__________________
(١) زاد في ش : عثمان بن جني.
(٢) الملوكي : فاذ.
(٣) الملوكي : أضرب.
(٤) في الأصل : «وهو». وسقط من الملوكي.
(٥) في الأصل : وسكون.
(٦) الملوكي : بدل حذف تغيير حركة أو سكون إدغام.
(٧) ش : قال شيخنا الشارح موفق الدين.
(٨) ش : ألّا نتوهم.
(٩) زاد في ش : إن شاء الله.
(١٠) ش : وغيرها.
[حروف الزيادة]
قال صاحب الكتاب (١) : القول على حروف الزيادة ، وهي عشرة (٢) : الألف ، والواو ، والياء ، والهمزة ، والميم ، والتاء ، والنون ، والهاء ، والسين ، واللّام. ويجمعها قولك : «اليوم تنساه» ويقال (٣) :
«سألتمونيها». ويحكى أنّ أبا العبّاس (٤) سأل أبا عثمان (٥) عن حروف الزيادة ، فأنشده (٦) :
هويت السّمان ، فشيّبنني |
|
وما كنت قدما هويت السّمانا |
فقال أبو العباس : الجواب؟ فقال : قد أجبتك دفعتين! يعني قوله : هويت السّمان.
__________________
(١) زاد في ش : عثمان بن جني.
(٢) الملوكي : عشرة أحرف.
(٣) الملوكي : ويقال أيضا.
(٤) وهو المبرد.
(٥) وهو المازني.
(٦) البيت المازني. المنصف ١ : ٩٨ وشرح المفصل ٩ : ١٤١. وفي الأصل : وما كنت قدما هويت السّمان.