كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

وإن أذن له في الوصية إلى غيره جاز ، ولو لم يأذن فقولان : أشبههما : أنه لا يصح.

______________________________________________________

القول الأول مقتضى النظر ، ويدل عليه ما رواه محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عمن تولى مال اليتيم ماله أن يأكل منه؟ قال : ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الأجر لهم فيأكل بقدر ذلك (١).

وقال الشيخ في النهاية : يأخذ قدر الكفاية ، وعليه أتباعه والمتأخر ، وللشيخ فيه قول في الخلاف : بأنه يأخذ أقل الأمرين من أجرة المثل وقدر الكفاية ، وهو أحسن الأقوال ، وأجود من التهجم على أموال اليتامى ، وقد نقل في تفسير قوله تعالى : (فليأكل بالمعروف) القولان (٢).

« قال دام ظله » : ولو (أن خ) أذن له في الوصية (إلى غيره خ) جاز ، ولو لم يأذن فقولان ، أشبههما أنه لا يصح.

أقول : نفرض هنا ثلاث مسائل الأولى) أذن الموصي (الوصي خ) في الإيصاء (والثانية) منع منه (والثالثة) أطلق لا منع ولا أذن.

الأولى والثانية لا خلاف فيهما ، وفي الثالثة قولان ، قال الشيخ : بالجواز ، وما ظفرت بدليل يقوم بمدعاه ، ولا حديث مروي يدل عليه إلا ما رواه هو في التهذيب ،

__________________

(١) الوسائل باب ٧٢ حديث ٥ من أبواب ما يكتسب به من كتاب التجارة.

(٢) النساء ـ ٦ ، معناه من كان فقيرا فليأخذ من مال اليتيم قدر الحاجة والكفاية على جهة القرض ثم يرد عليه ما أخذ منه ، إذا وجد ، عن سعيد بن جبير ومجاهد وأبي العالية والزهري وعبيدة السلماني وهو مروي عن الباقر عليه‌السلام وقيل : معناه يأخذ قدر ما يسد به جوعته ويستر عورته السلماني وهو مروي عن الباقر عليه السلام وقيل : معنا يأخذ قد ما يسد به جوعته عورة لاعلى جهة القرض عن عطاء بن ابي رباح وقتادة وجماعة ولم بوجبوا اجرة المثل لان اجرة المثل ربما كانت اكثر من قدر الحاجة والظاهر في روايات اصحابنا ان له اجرة المثل سواء كان قدر كفايته او لم يكن (مجمع البيان ج ٣ ص ٩ طبعة شركة المعارف الاسلامية)

٨١

ومن لا وصي له فالحاكم ولي تركته.

(الخامس) في الموصى به :

وفيه أطراف :

(الأول) في متعلق الوصية :

ويعتبر فيه الملك ، فلا تصح بالخمر وبآلات اللهو. ويوصي بالثلث فما نقص.

ولو أوصى بزيادة عن الثلث صح في الثلث وبطل في الزيادة ، فإن أجاز الورثة بعد الوفاة صح. وإن أجاز بعض الورثة صح في حصته.

وإن أجازوا قبل الوفاة ففي لزومه قولان ، المروي : اللزوم.

______________________________________________________

قال : كتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد عليه‌السلام : رجل كان وصى رجل ، فمات وأوصى إلى رجل ، هل يلزم الوصي وصية الرجل الذي كان هذا وصيه؟ فكتب عليه‌السلام : يلزمه بحقه إن كان له قبله حق إن شاء الله (١).

وفي الاستدلال بهذا ضعف ، لأنها مشتملة على المكاتبة ، ولفظها غير دال على محل النزاع.

وقال المفيد : لا يجوز له ذلك ، وعليه المتأخر وشيخنا ، وهو أشبه ، لأنه عقد ثان (ثابت خ ل) يحتاج إلى دليل ثان ، فمع الفحص وعدم الوقوف عليه ، يجب القول بامتناعه.

« قال دام ظله » : وإن أجازوا قبل الوفاة ، ففي لزومه قولان ، المروي اللزوم.

أقول : اختلف الشيخان في هذه المسألة ، قال المفيد وسلار : إن لهم الرجوع واختاره المتأخر ، مستدلا بأنها إجازة في غير ما يستحقونه فلا تلزم.

__________________

(١) الوسائل باب ٧٠ حديث ١ من كتاب الوصايا.

٨٢

ويملك الموصى به بعد الموت.

وتصح الوصية بالمضاربة بمال ولده الأصاغر.

ولو أوصى بواجب وغيره أخرج الواجب من الأصل والباقي من الثلث ، ولو حصر الجميع في الثلث بدئ بالواجب ، ولو أوصى بأشياء تطوعا ، فإن رتبه بدئ بالأول فالأول حتى يستوفي الثلث ، وبطل ما زاد ، وإن جمع أخرجت من الثلث ووزع النقص على الجميع ، وإذا أوصى بعتق مماليكه دخل في ذلك المنفرد والمشترك.

(الثاني) في المبهمة :

______________________________________________________

وذهب الشيخ إلى اللزوم مستدلا بالإجماع ، وبأن المال لا يخرج عنهم ، وقد أقروا به جميعا فيلزم.

وبما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إن الوصية بما زاد عن الثلث باطلة ، إلا أن يجيز الورثة (١).

وهو على العموم وبه روايات (منها) ما روي بإسناد ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل أوصى بوصية وورثته شهود ، فأجازوا ذلك ، فلما مات الرجل نقضوا الوصية هل لهم أن يردوا ما أقروا به؟

فقال : ليس لهم ذلك ، الوصية جائزة عليهم إذا أقروا بها في حياته (٢).

ورويت هذه بطريق آخر ، وهو عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عنه عليه‌السلام. (٣)

__________________

(١) راجع سنن أبي داود ، باب ما جاء فيما لا يجوز للموصي في ماله ج ٣ ص ١١٢ من كتاب الوصايا ولم نعثر على هذه الرواية بلفظها.

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من كتاب الوصايا.

(٣) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من كتاب الوصايا.

٨٣

من أوصى بجزء من ماله كان العشر ، وفي رواية : السبع ، وفي أخرى : سبع الثلث.

______________________________________________________

ويمكن أن يقال : إن المنع من الزائد عن الثلث ، إنما هو لمصلحة الورثة فمتى أجازوا ، فقد أسقطوا حقوقهم.

وجمع صاحب الرائع بين القولين ، فقال : متى كانت الورثة أغنياء وأجازوا من غير استدعاء من الموصي ، فليس لهم الرجوع ، ومتى كانوا فقراء ، ودعاهم الموصي إلى الإجازة ، فأجازوا استحياء منهم فلهم الرجوع.

وفي هذا الجمع تكلف بعيد عن محل الفرض.

والمختار عندي ، قول الشيخ لما ذكرنا من الأدلة ، النظرية والسمعية.

« قال دام ظله » : من أوصى بجزء من ماله ، كان العشر ، وفي رواية ، السبع ، وفي أخرى ، سبع الثلث.

أقول : حمل الجزء على السبع أظهر بين الأصحاب ، وذهب إليه الشيخان وأتباعهما والمتأخر وسلار وغيرهم.

وهو في رواية محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام ، عن رجل أوصى بجزء من ماله ، فقال : واحد من سبعة ، إن الله تعالى يقول : لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم الحديث (١).

ومثله رواه إسماعيل بن همام الكندي ، عن الرضا عليه‌السلام (٢).

فأما القول بالعشر لابن بابويه في رسالته ، وهو مروي عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة ، عن معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن

__________________

(١) الوسائل باب ٥٤ حديث ١٢ من كتاب الوصايا ، والآية في الحجر ـ ٤٤.

(٢) الوسائل باب ٥٤ حديث ١٢ من كتاب الوصايا.

٨٤

ولو أوصى بسهم كان ثمنا ولو كان بشئ كان سدسا.

______________________________________________________

رجل أوصى بجزء من ماله؟ فقال : جزء من عشرة ، قال الله عزوجل : ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ، وكانت الجبال عشرة أجبال (١).

ومثلها في رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

وجمع الشيخ في الاستبصار والتهذيب ، بأن رواية العشر ، تحمل على الوجوب ، ورواية السبع ، على الاستحباب ، وهو حسن ، توفيقا بين الروايات.

وأما رواية سبع الثلث ، رواها البزنطي ، عن الحسين بن خالد (الحسن بن خالد خ ل) عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل أوصى بجزء من ماله ، قال : سبع ثلثه (٣) ذكرها ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه.

« قال دام ظله » : ولو أوصى بسهم كان ثمنا.

هذا مروي ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل يوصي بسهم من ماله؟ فقال : السهم واحد من ثمانية ، لقول الله تعالى : إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية (٤).

وروي ذلك عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي (في حديث) عن الرضا عليه‌السلام (٥).

وقال علي بن بابويه في رسالته ، والشيخ في الخلاف ، هو سهم من ستة ، وفي من لا يحضره الفقيه أنه متى أوصى بسهم من سهام الزكاة ، كان واحدا من ثمانية.

__________________

(١) الوسائل باب ٥٤ حديث ٣ من كتابا الوصايا ، والآية في البقرة ـ ٢٦٠.

(٢) الوسائل باب ٥٤ حديث ٢ من كتاب الوصايا بالسند الثاني ، وأراد الشارح (ره) بقوله : (ومثلها) ما هو بمعناها ، وفي آخر هذه الرواية ، فالجزء هو العشر من الشئ فلاحظ.

(٣) الوسائل باب ٥٤ حديث ١٤ من كتاب الوصايا.

(٤) الوسائل باب ٥٥ حديث ٣ من كتاب الوصايا ، والآية الشريفة في التوبة ـ ٦٠.

(٥) الوسائل باب ٥٥ حديث ١ ، نقل بالمعنى فراجع.

٨٥

ولو أوصى بوجوه فنسي الوصي وجها صرف في البر ، وقيل : يرجع ميراثا.

______________________________________________________

ومتى أوصى بسهم من سهام الميراث كان واحدا (جزءا خ) من ستة (١).

وكأنه جمع بين القولين ، وفي رواية طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سهم من عشرة (٢).

والرواية ضعيفة ، وحملها الشيخ على ضعف الراوي (٣).

« قال دام ظله » : ولو أوصى بوجوه فنسي الوصي وجها ، صرف في البر ، وقيل : يرجع ميراثا.

ذهب الشيخان في النهاية والمقنعة ، وابن بابويه ، إلى الأول ، وهو مروي ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن ريان ، قال : كتبت إليه ـ يعني علي بن محمد عليهما السلام ـ أسأله عن إنسان أوصى بوصية ، فلم يحفظ الوصي إلا بابا واحدا منها ، كيف يصنع في الباقي؟ فوقع عليه السلام : الأبواب الباقية اجعلها في البر (٤) وهي مشتملة على المكاتبة.

وذهب الشيخ في الحائريات إلى أنها ترجع ميراثا واختاره (وعليه خ) المتأخر ، وهو أشبه.

__________________

(١) الظاهر أن وجه الأول كون المستحقين ثمانية أصناف ، ووجه الثاني كون السهام المفروضة في الكتاب العزيز ، ستة ، النصف ونصف النصف ونصفه والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما ، والتفصيل موكول إلى محله.

(٢) الوسائل باب ٥٥ حديث ٤ من كتاب الوصايا ، نقل بالمعنى.

(٣) في الوسائل : أقول : حمله الشيخ على ما مر في الجزء (انتهى) وذكر في الجزء ما هذا لفظه : قال الشيخ : الوجه أن نحمل الجزء على أنه يجب أن ينفذ في واحد من العشرة ، ويستحب للورثة إنفاذه في واحد من السبعة لتتلاءم الأخبار (انتهى).

(٤) الوسائل باب ٦١ حديث ١ من كتاب الوصايا.

٨٦

ولو أوصى بسيف وهو في جفن وعليه حلية دخل الجميع في الوصية على رواية ، يجبر ضعفها الشهرة.

وكذا لو أوصى بصندوق وفيه مال دخل المال في الوصية.

وكذا قيل : لو أوصى بسفينة وفيها طعام استنادا إلى فحوى رواية.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو أوصى بسيف وهو في جفن ، وعليه حلية دخل الجميع في الوصية ، على رواية يجبر ضعفها الشهرة.

أقول : ضعف الرواية من حيث أن من رواتها أبا جميلة ، عن الرضا عليه السلام (١) وهو كذاب ملعون طعن فيه نقاد (ثقات خ) الرجال.

ووجه شهرتها أن عليه فتوى الشيخ وأتباعه ، وما وقفت على أحد أقدم على منعها.

وقوله دام ظله (في السفينة) : (استنادا إلى فحوى رواية) إشارة إلى ما رواه محمد بن عبد الله بن هلال ، عن عقبة بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل قال : هذه السفينة لفلان ولم يسم ما فيها ، وفيها طعام ، أيعطيها الرجل وما فيها؟ قال : هي للذي أوصى له بها ، إلا أن لا يكون صاحبها استثنى ما فيها (٢).

وفحوى الكلام (٣) معناه الذي قصد به من غير دلالة اللفظ ، ولما كان قوله عليه‌السلام (إلا أن يستثني صاحبها ما فيها) غير دال غير دخول المتاع فيها من حيث اللفظ ، ويدل من حيث قصد المعنى ، فلهذا قال دام ظله : (استنادا إلى فحوى رواية).

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٥٥ حديث ٤ من كتاب الوصايا ، نقل بالمعنى.

(٢) الوسائل باب ٥٩ حديث ١ من كتاب الوصايا على نقل الصدوق وعلى نقل الكليني إلا أن يكون صاحبها متهما وليس للورثة شئ.

(٣) يريد توضيح عبارة المصنف رحمه‌الله فلا تغفل.

٨٧

ولا يجوز إخراج الولد من الإرث ولو أوصى الأب ، وفيه رواية مطرحة.

(الطرف الثالث) في الأحكام ، وفيه مسائل :

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولا يجوز إخراج الولدمن الإرث ، ولو أوصى الأب ، وفيه رواية مطرحة.

أقول : لما كان الإرث تابعا للنسب بحكم الشارع لا باختيار الموروث فلا يخرج الوارث بإخراج الموروث (المورث خ ل).

ويؤيد ذلك ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد العزيز بن المهتدي ، عن سعد بن سعد ، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام ، عن رجل كان له ابن يدعيه ، فنفاه وأخرجه من الميراث ، وأنا وصيه ، فكيف أصنع؟ فقال عليه‌السلام : لزمه الولد لإقراره بالمشهد (و خ لا) يدفعه الوصي عن شئ قد علمه (١).

وأما الرواية المهجورة ، فهي ما رواه الوشاء ، عن محمد بن يحيى ، عن وصي علي بن السري ، قال : قلت : لأبي الحسن عليه‌السلام : إن علي بن السري توفي ، وأوصى إلي ، فقال : رحمه‌الله ، فقلت : وإن ابنه جعفرا وقع على أم ولد له ، فأمرني إن أخرجه من الميراث ، فقال لي : أخرجه إن كنت صادقا فسيصيبه خبل (٢) (الحديث).

ذكرها الشيخ في التهذيب ، وابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه ، وقالا : متى لم يحدث هذا الحدث ، فلا يخرج من الإرث.

والأشبه الإرث في الحالين ، لأن في الرواية ضعفا ، من حيث أن الوصي ـ وهو الراوي ـ مجهول الحال والاسم.

__________________

(١) الوسائل باب ٩٠ حديث ١ من كتاب الوصايا.

(٢) الوسائل باب ٩٠ حديث ٢ من كتاب الوصايا

٨٨

(الأولى) إذا أوصى بوصية ثم عقبها بمضادة لها عمل بالأخيرة ولو لم تضادها عمل بالجميع ، فإن قصر الثلث بدئ بالأول فالأول حتى يستوفي الثلث.

(الثانية) تثبت الوصية بالمال بشهادة رجلين أو بشهادة أربع نساء ، وبشهادة الواحدة في الربع.

وفي ثبوتها بشهادة شاهد ويمين تردد ، فلا يثبت إلا بشهادة رجلين.

(الثالثة) لو أشهد عبدين له على أن حمل المملوكة منه ثم ورثهما غير الحمل فأعتقهما فشهدا للحمل بالبنوة صح وحكم له ، ويكره له تملكهما.

(الرابعة) لا تقبل شهادة الوصي فيما هو وصي فيه ، وتقبل شهادته للموصى في غير ذلك.

(الخامسة) إذا أوصى بعتق عبده أو أعتقه عند الوفاة وليس له سواه انعتق ثلثه. ولو أعتق ثلثه عند الوفاة وله مال غيره أعتق الباقي من ثلثه ،

______________________________________________________

قال دام ظله : وفي ثبوتها بشاهد (١) ويمين ، تردد.

أقول : منشأ التردد أن الشاهد واليمين لا يحكم به إلا في المال أو ما المقصود منه المال ، فالوصية بالمال يصح أن يقال : المقصود منها المال فثبتت ، ويمكن أن يقال : أنها حكم برأسه ، فلا يثبت.

« قال دام ظله » : لو أشهد عبدين له ، إلى آخره.

أقول : قد ذكرت هذه المسألة بعينها في كتاب الشهادات ، وهناك أليق ، وسيجئ شرحها ثم إن شاء الله.

__________________

(١) بشهادة (شاهد خ).

٨٩

ولو أعتق مماليكه عند الوفاة أو أوصى بعتقهم ولا مال له سواهم أعتق ثلثهم بالقرعة ، ولو رتبهم أعتق الأول فالأول حتى يستوفي الثلث ، وبطل ما زاد.

(السادسة) إذ أوصى بعتق رقبة أجزأه الذكر والأنثى والصغير والكبير ، ولو قال : مؤمنة لزم. فإن لم يجد : أعتق من لا يعرف بنصب ، ولو ظنها مؤمنة فأعتقها ، ثم بانت بخلافه أجزأت.

(السابعة) إذا أوصى بعتق رقبة بثمن معين ، فإن لم يجد توقع ، وإن وجد بأقله أعتقها ودفع إليها الفاضل.

(الثامنة) تصرفات المريض إن كانت مشروطة بالوفاة فهي من الثلث. وإن كانت منجزة وكان فيها محاباة أو عطية محضة فقولان ، أشبههما : أنها من الثلث.

وأما الإقرار للأجنبي فإن كان متهما على الورثة فهو من الثلث. وإلا فهو من الأصل ، وللوارث من الثلث على التقديرين.

ومنهم من سوى بين القسمين.

(التاسعة) أرش الجراح ودية النفس يتعلق بهما الديون والوصايا كسائر أموال الميت.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : الثامنة تصرفات المريض إن كانت مشروطة ، إلى آخره.

أقول : تصرفات المريض إما معجلة ، وإما مؤجلة ، فالأولى تسمى بالمنجزة من نجز الحاجة إذا قضاها عاجلا ، ويقال : ناجزا بناجز أي يدا بيد ، وهي التصرفات التي يعجلها ، مثل البيع والهبة وغير ذلك مما لو يؤجلها.

فإذا تقرر هذا ، هل هي من الثلث أو من الأصل؟ حكى الشيخ في الخلاف

٩٠

______________________________________________________

والمبسوط أن للأصحاب فيه روايتين وتردد فيه ، وقوي في المبسوط أنها من الأصل ، متمسكا بأنه لو برأ لزمه ، ونفذه ، واختاره المتأخر في باب المهور ، مستدلا بأن للمعطي في حال المرض أن ينفق جميع ماله بلا خلاف ، فإذا أبان عن ماله ، وسلمه إلى المعطى له ، فقد حصل في ملك المعطى له.

واختار شيخنا دام ظله ، أن يخرج من الثلث ، مستدلا بما رواه شعيب بن يعقوب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يموت ماله من ماله؟ فقال : له ثلث ماله ، وللمرأة أيضا (١).

وبما رواه علي بن عقبة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في رجل حضره الموت ، فأعتق مملوكا له ، ليس له غيره ، فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك ، كيف القضاء؟ قال : ما يعتق منه إلا ثلثه ، وسائر ذلك ، الورثة أحق بذلك (به خ ل) ولهم ما بقي (٢).

وفي الاستدلال بهما ضعف ، لأن الأولى محمولة على التصرف المؤجل بما بعد الموت ، والثانية مخصوصة بالعتق فلا تعم (٣).

وقال المفيد : هبة المريض وصدقته وبيعه من الأصل ، وكذا يظهر من كلامه في النهاية.

والأشبه أن جميع تصرفاته من الأصل ، لوجوه : (الأول) إن الناس مسلطون على أموالهم (٤) فلهم التصرف فيها ، كيف شاؤوا. (والثاني) تمسكا بالأصل. (والثالث) لو برأ لزم ونفذ ، وهذا يدل على أن تصرفه في الحال منعقد. (والرابع)

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من كتاب الوصايا ، وفيه شعيب بن يعقوب ، عن أبي بصير قال  ... الخ ، وفي سند آخر ، عن يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ... الخ.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ٤ من كتاب الوصايا.

(٣) وكأن الشارح قده اكتفى بهذا عن بيان الشق الثاني المذكور بقوله : وإما مؤجلة.

(٤) عوالي اللئالي ج ٣ ص ٤٥٧ تحت رقم ١٩٨ و ج ١ ص ٢٢٢ وص ٤٥٧ و ج ٢ ص ١٣٨.

٩١

______________________________________________________

لفتوى أكثر الأصحاب. (والخامس) لما رواه عمار بن موسى ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح إن أوصى به كله ، فهو جائز (١).

وأما الإقرار (٢) فقد اختلفت فيه عبارة الأصحاب وأقوالهم ، قال الشيخ في النهاية : إن لم يكن المقر متهما وكان عدلا موثوقا به ، يلزم من الأصل ، للوارث وللأجنبي ، وإن كان متهما غير موثوق به يلزم من الثلث.

والمستند مضمون روايات (منها) ما رواه ابن مسكان ، عن العلا بياع السابري ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة استودعت رجلا مالا ، فلما حضرها الموت ، قالت له : إن المال الذي دفعته إليك لفلانة ، وماتت المرأة ، فأتى أولياؤها الرجل (فأتى الرجل أولياؤها خ ل) فقالوا : إنه كان لصاحبتنا مال ، ولا نراه إلا عندك ، فاحلف لنا مالها قبلك شئ أفيحلف لهم؟ فقال : إن كانت مأمونة عنده فليحلف لهم ، وإن كانت متهمة ، فلا يحلف ، ويضع الأمر على ما كان ، فإنما لها من مالها ثلثه (٣).

(ومنها) ما رواه منصور بن حازم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن رجل أوصى لبعض ورثته ، إن له عليه دينا؟ فقال : إن كان الميت مرضيا ، فاعطه الذي أوصى له (٤) ومثلها رواه أبو أيوب عنه عليه‌السلام (٥).

(ومنها) ما رواه هشام بن سالم ، عن إسماعيل بن جابر ، قال : سألت أبا عبد الله

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ١٢ من كتاب الوصايا ، وفيه هكذا : الميت أحق بماله ما دام فيه الروح يبين به ، فإن قال : بعدي فليس له إلا الثلث ، قال في الوسائل : ورواه الصدوق بإسناده عن ابن أبي عمير نحوه ، إلا إنه قال. فإن تعدي.

(٢) لا يخفى أنه توضيح لقول الماتن ره في المتن : وأما الإقرار للأجنبي.

(٣) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ من كتاب الوصايا.

(٤) الوسائل باب ١٦ حديث ١ من كتاب الوصايا.

(٥) الوسائل باب ١٦ حديث ٨ من كتاب الوصايا.

٩٢

______________________________________________________

عليه السلام ، عن رجل أقر لوارث له ، وهو مريض ، بدين له عليه؟ قال : يجوز عليه إذا أقر به دون الثلث (١) فحمل الشيخ هذه على تهمة المقر ، والأخرى على غير التهمة.

وقال في الخلاف : إن إقرار المريض للوارث جائز ولم يفصل ، تمسكا بأن الأصل الجواز ، وبعدم المانع ، وبإجماع الفرقة.

وهو في رواية ابن محبوب ، عن أبي ولاد ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن رجل مريض أقر عند الموت لوارث بدين له عليه؟ قال : يجوز ذلك ، قلت : فإن أوصى لوارث بشئ؟ قال : جائز (٢).

وقال المفيد : إقراره ماض في واجب لمن أقر به ، للأجنبي وللوارث.

وقال سلار : إقراره في مرضه كإقراره في صحته.

وبمثله يفتي المتأخر ، فإنه ذهب إلى أن إقراره صحيح على كل حال ، عدلا كان أو فاسقا ، متهما (كان خ) أو غير متهم ، وهو يقوى عندي.

واختار شيخنا ، أن المقر إن كان متهما وأقر لأجنبي فهو من الثلث ، وإن لم يكن متهما فهو من الأصل ، وإن كان إقراره لوارث فهو من الثلث ، على التقديرين ، يعني متهما وغير متهم.

وهذا إشارة إلى رواية إسماعيل بن جابر (٣) وإلى ما رواه عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، قال : سألته بدين له عليه ، وهو مريض؟ قال : يجوز عليه ما أقر به إذا كان قليلا (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ٣ من كتاب الوصايا.

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ٤ من كتاب الوصايا.

(٣) تقدمت قبيل هذا

(٤) الوسائل باب ١٦ حديث ٩ من كتاب الوصايا.

٩٣

______________________________________________________

وفي هذه المسألة اختلاف من الأقوال ، واضطراب من الروايات ، فإياك وتقليد الكتب والمصنفين ، وعليك بإمعان النظر في تحقيق الحق.

وقوله دام ظله : (ومنهم من سوى بين القسمين) إشارة إلى المتأخر ، لأنه سوى بين الوارث والأجنبي ، في صحة الإقرار لهما من الأصل.

٩٤

كتاب النكاح

٩٥

كتاب النكاح

وأقسامه ثلاثة :

الأول : في الدائم

وهو يستدعي فصولا :

الأول : في صيغة العقد وأحكامه وآدابه

: أما الصيغة : فالإيجاب والقبول.

ويشترط النطق بأحد الألفاظ الثلاثة : زوجتك ، وأنكحتك  ، ومتعتك.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويشترط النطق بأحد الألفاظ الثلاثة (بأحد ألفاظ ثلاثة خ ل)  ... الخ.

أقول : وجه انحصار عقد النكاح في الألفاظ الثلاثة أن تمليك البضع على هذا الوجه ، مستفاد من الشارع (الشرع خ) فيكون موقوفا على إذنه والأذن في غيرها (وإذن غيرها خ ل) منفي فالتطرق إليه غير جائز.

ولأن جواز التعدي إلى غيرها من الألفاظ يستلزم جواز التعدي إلى كل الألفاظ حتى إلى لفظ الإباحة ، وهو منفي بالإجماع ، فذاك منفي.

فإذا تقرر هذا فلا يجوز العدول عن ظاهر هذه الألفاظ الثلاثة إلى معناها ، بأي

٩٦

______________________________________________________

لغة كانت ، مع القدرة على التلفظ بها ، لعدم الإذن ، وعدم الدلالة على ثبوته.

وأيضا لما لم يجز العدول إلى ما يفيد معناها من لغة العرب ففي غيرها أولى.

وقد صرح الشيخ بذلك في المبسوط ، وشيخنا دام ظله في الشرائع ، والمسائل الكاملية (الكمالية خ) وسألت السيد الفاضل الشريف جمال الدين صاحب كتاب البشرى (١) قدس الله روحه وقت الاجتماع به ، فأشار إلى نفي الجواز.

وما ظفرت بفقيه أو تصنيف يذهب إلى انعقاد هذا العقد بغير العربية إلا نسخة لكتاب الرائع (٢) كان فيها ، أن العقد بالألفاظ العربية مستحب غير واجب ، وما ذكره في نسخة الأصل ، كذلك.

وليس ذلك بشئ ، إذ لا دليل على شرعية الاستحباب ، وما أعرف من أين قيل؟

(لا يقال) : عدم الوقوف على الدليل ، لا يدل على عدم الوجود.

(لأنا نقول) : ليس على المجتهد إلا التعمق (التعميق خ) في تحصيل الدليل ، فمتى لم يجده يحكم (٣) بعدمه بالنسبة إليه ولا يجوز تقليد الكتب والمصنفين ، وحسن الظن بهم ، إذ المجتهد الكامل على أسى (٤) (أس خ) المسألة فكيف حال المقلد المسكين.

__________________

(١) هو أخو السيد ابن طاووس المعروف قدس‌سرهما

(٢) للشيخ السعيد قطب الدين الراوندي قده كما صرح به الشارح ره في مقدمة الكتاب ويحتمل كونه عماد الدين الطوسي صاحب الوسيلة كما ذكره في الكنى والألقاب ج ١ ص ٢٥٧ ويشهد له أنه رحمه الله أفتى باستحباب العربية في الإيجاب والقبول في الوسيلة فراجع الفصل الأول من كتاب النكاح منه.

(٣) (لا يحكم بعدمه خ).

(٤) لعل المراد (والله العالم) أن المجتهد ولو كان كاملا يحتاج إلى السؤال التفحص فكيف من لم يجتهد واكتفى بالتقليد في النقل.

٩٧

والقبول هو الرضا بالإيجاب.

وهل يشترط وقوع تلك الألفاظ بلفظ الماضي؟ الأحوط : نعم ، لأنه صريح في الإنشاء ولو أتى بلفظ الأمر كقوله للولي : زوجنيها ، فقال : زوجتك ، قيل : يصح كما في قضية سهل الساعدي (١).

______________________________________________________

« قال دام ظله » : والقبول (و خ) هو الرضا بالإيجاب.

تقدير الكلام ، وهو النطق الدال على الرضا بالإيجاب ، وحذف ، لدلالة ما تقدم (٢) عليه.

« قال دام ظله » : وهل يشترط وقوع تلك الألفاظ ، بلفظ الماضي؟ الأحوط نعم

قلت : لما كانت العقود لا تنعقد إلا باللفظ الإنشائي ، وهو إثبات الحكم مجردا عن الدلالة على الزمان خص بها الماضي ، لاستبعاده في المستقبل والحال ، وللأمن من بقاء الاشتراك.

وأما منشأ التردد فيه ، من النظر إلى خبر سهل الساعدي ، إذ قال : زوجنيها يا رسول الله ، فقال : زوجتكها (زوجتها خ ل) بما معك من القرآن (٣) وإلى خبر أبان عن الصادق عليه‌السلام (٤).

والأحوط الاقتصار على المتيقن ، وهو الماضي للاتفاق على صحته ، والاحتراز من غيره ، أمنا من التزام الاشتراك (الاشتمار خ ل) المؤدي إلى الإباحة المنفي بالإجماع.

__________________

(١) لاحظ سنن أبي داود ج ٢ ص ٢٣٦.

(٢) يعني قول المصنف : ويشترط النطق بأحد الألفاظ ... الخ.

(٣) سنن أبي داود ج ٢ ص ٢٣٦ باب في التزويج على العمل حديث ١ من كتاب النكاح.

(٤) لاحظ الوسائل باب ١٨ حديث ١ من أبواب التيمم ، وفيها عن أبان بن تغلب ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : كيف أقول لها إذا خلوت بها ، قال : تقول : أتزوجك متعة على كتاب الله وسنة نبيه (الحديث) فإنه عليه‌السلام أتى بلفظ المضارع.

٩٨

ولو أتى بلفظ المستقبل كقوله : أتزوجك ، قيل : يجوز كما في خبر أبان عن الصادق عليه‌السلام في المتعة (١) : أتزوجك ، فإذا قالت : نعم فهي امرأتك.

ولو قال : زوجت بنتك بفلان (من فلان خ) فقال : نعم ، فقال الزوج : قبلت صح ، لأنه يتضمن السؤال.

ولا يشترط تقديم الإيجاب ، ولا تجزي الترجمة مع القدرة على النطق ، وتجزي مع العذر كالأعجم.

وكذا الإشارة للأخرس.

وأما الأحكام فمسائل :

(الأولى) لا حكم لعبارة الصبي ولا المجنون ولا السكران.

وفي رواية : إذا زوجت السكري نفسها ثم أفاقت فرضيت به أو دخل بها وأقرته كان ماضيا.

______________________________________________________

قال دام ظله : وفي رواية ، إذا زوجت السكري نفسها ، إلى آخره.

روي هذه في التهذيب ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن امرأة ابتليت بشرب النبيذ ، فسكرت ، فزوجت نفسها رجلا في سكرها ، ثم أفاقت ، فأنكرت ذلك ثم ظنت أنه يلزمها (لزمها خ ل) ففزعت (فروعت خ ل) منه ، فأقامت مع الرجل على ذلك التزويج أحلال هو لها أم التزويج فاسد لمكان السكر ، ولا سبيل للزوج عليها؟ فقال : إذا أقامت معه بعد ما أفاقت فهو رضا منها ، قلت : ويجوز ذلك التزويج عليها؟ فقال : نعم (٢).

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ١٨ حديث ١ من أبواب المتعة ج ١٤ ص ٤٦٦ باب في التزويج على العمل بعمل.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب عقد النكاح.

٩٩

(الثانية) لا يشترط حضور شاهدين ولا ولي ، إذا كانت الزوجة بالغة رشيدة على الأصح.

______________________________________________________

والرواية صحيحة ، وأفتي عليها الشيخ في النهاية ، وابن بابويه في المقنع ومن لا يحضره الفقيه ، إلا أن الشيخ قال : العقد باطل ، ويمضي لو أفاقت ورضيت.

وقال المتأخر : العقد باطل ، فلا يقف على الإجازة ، وهذا حسن ، مع تسليم بطلان العقد.

« قال دام ظله » : لا يشترط حضور شاهدين ، ولا ولي ، إذا كانت الزوجة بالغة رشيدة ، على الأصح.

ذهب الشيخ (المشايخ خ) من أصحابنا إلى أن النكاح صحيح بغير الشاهد والولي ، وليس ذلك من شرطه ، بل هو من فضله ، وما أعرف فيهم (منهم خ) مخالفا ، إلا ابن أبي عقيل ، فإنه يشترط فيه وهو مذهب الجمهور.

وتمسكهم بقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل (١).

والجواب عن ذلك ، الطعن في السند ، وقد أنكره الزهري من الفقهاء ، ومدار الحديث عليه.

سلمنا ذلك فهو من الآحاد ، لا يعارض عموم القرآن ، من قوله تعالى : (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) (٢) وقوله تعالى : (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) (٣).

نزلنا عن هذا فإنه معارض بما روي عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ليس للولي مع الثيب أمر (٤).

__________________

(١) سنن أبي داود ج ٢ ص ٢٢٩ باب في الولي حديث ٣ من كتاب النكاح ، إلى قوله : بولي.

(٢) البقرة ـ ٢٣٢ و ٢٣٠.

(٣) البقرة ـ ٢٣٢ و ٢٣٠.

(٤) كنز العمال ج ١٦ ص ٣١١ رقم ٤٤٦٥٠.

١٠٠