كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

وتصح على كل أصل ثابت له ثمرة ينتفع بها مع بقائه.

ويشترط فيها المدة المعلومة التي يمكن حصول الثمرة فيها غالبا.

ويلزم العامل من العمل ما فيه مستزاد الثمرة.

وعلى المالك بناء الجدران وعمل النواضح وخراج الأرض إلا أن يشترط على العامل.

ولا بد أن تكون الفائدة مشاعة ، فلو اختص بها أحدهما لم تصح ، وتملك بالظهور.

وإذا اختل أحد شروط المساقاة كانت الفائدة للمالك ، وللعامل الأجرة.

ويكره أن يشترط المالك مع الحصة شيئا من ذهب أو فضة ، ويجب الوفاء لو شرط ما لم يتلف الثمرة.

٢١

٢٢

كتاب الوديعة والعارية

٢٣

كتاب الوديعة والعارية

أما الوديعة :

فهي استنابة في الاحتفاظ ، ويفتقر إلى القبول قولا كان أو فعلا.

ويشترط فيها الاختيار ، ويحفظ كل وديعة بما جرت به العادة.

ولو عين المالك حرزا اقتصر عليه ، ولو نقلها إلى أدون أو أحرز ضمن ، إلا مع الخوف.

وهي جائزة من الطرفين ، وتبطل بموت كل واحد منهما.

ولو كانت دابة وجب علفها وسقيها ، ويرجع به على المالك.

والوديعة أمانة لا يضمنها المستودع إلا مع التفريط والتعدي.

ولو تصرف فيها باكتساب ضمن ، وكان الربح للمالك ، ولا يبرأ بردها إلى الحرز.

وكذا لو تلفت في يده بتعد أو تفريط فرد مثلها إلى الحرز ، بل لا يبرأ إلا بالتسليم إلى المالك أو من يقوم مقامه.

ولا يضمنها لو قهره عليها ظالم ، لكن إن أمكنه الدفع وجب.

ولو أحلفه أنها ليست عنده حلف موريا ، وتجب إعادتها إلى المالك

٢٤

مع المطالبة ، ولو كانت غصبا منعه وتوصل في وصولها إلى المستحق.

ولو جهله عرفها كاللقطة حولا ، فإن وجده وإلا تصدق بها عن المالك إن شاء ، ويضمن إن لم يرض.

ولو كانت مختلطة بمال المودع ردها عليه إن لم يتميز.

وإذا ادعى المالك التفريط فالقول قول المستودع مع يمينه.

ولو اختلفا في مال ، هل هو وديعة أو دين؟ فالقول قول المالك مع يمينه أنه لم يودع إذا تعذر الرد أو تلفت العين.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو جهله (أي مالكها) عرفها كاللقطة حولا ، فإن وجده وإلا نصدق بها عن المالك ... الخ.

أقول : أما التعريف لأنه مال حصل (حاصل في يده ، ومالكه غير معين الشخص ، وكل من حصل في يده مال للغير (الغير خ) ولا يعرفه يجب تعريفه ، أما (المقدمة خ) الأولى فمسلمة ، وأما الثانية فللحذر (من الحذر خ) من إضاعة المال المنهي عنها (عنه خ) شرعا.

وأما التصدق مع عدم الوجدان ، فمستنده ما رواه سليمان بن داود ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في لص أودع رجلا متاعا ، قال : لا يرد عليه ، ويرد على صاحبه إن أمكن ، وإلا تصدق بها ، فإن جاء بعد ذلك خيره بين الأجرة والغرم (١) هذا اختيار الشيخ أبي جعفر وأتباعه ، وبه أفتى.

وقال المفيد وسلار يتصدق بخمسها على مستحق الخمس ، والباقي على فقراء المؤمنين ، ولست أعرف منشأ التفصيل.

وأما المتأخر أعرض عن التصدق وذهب إلى حملها إلى إمام المسلمين ، كاللقطة.

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١ من كتاب اللقطة ـ نقل بالمعنى (ملخصا) فلاحظ.

٢٥

ولو اختلفا في القيمة فالقول قول المالك مع يمينه.

وقيل : قول المستودع وهو أشبه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو اختلفا في القيمة ، فالقول قول المالك مع يمينه ، وقيل : قول المستودع ، وهو أشبه.

وذهب الشيخ (١) في النهاية والمفيد في المقنعة إلى القول الأول ، وإني اعتبرت الأحاديث فما ظفرت بحديث يؤيد هذا القول ، وذهب المتأخر وشيخنا إلى الثاني ، وهو المختار.

لنا وجوه (الأول) قوله البينة على المدعي واليمين على من أنكر (٢). المستودع مستند إلى الأصل ، وهو عدم الزيادة فيكون القول قوله. (والثالث) هو غارم وكل من يغرم مع الاختلاف يقبل قوله ، لأنه هو المدعى عليه.

(إن قيل) : على وجه المعارضة ، (و خ) أن الثابت في الذمة هو التالف ، ومع تعذر (٣) المثل والقيمة ، فالمستودع يدعي أن الثابت في الذمة (في ذمته خ) هذا المقدار ، خلاصا لما ثبت في ذمته ، فعليه البينة ، وكل من يتوجه البينة عليه ، فالقول قول الآخر مع اليمين ، عملا بالخبر المسلم (٤).

(قلنا) : لا نسلم إنه يدعي بل ينكر قول المالك ويقر بالقدر المتفق عليه ، فلا يقال : إنه مدع ، لأن المدعي هو الذي يدعي خلاف الأصل ، أو أمرا خفيا ، وقيل : هو الذي يترك لو ترك الخصومة ، وأيا ما كان فالمستودع خارج عنه.

(لا يقال) : هو يدعي أمرا خفيا (لأنا نقول) : القدر المتفق عليه لا يكون خفياً.

__________________

(١) في بعض النسخ : ذهب الشيخان في النهاية والمقنعة.

(٢) الوسائل باب ٢٥ ذيل حديث ٣ من أبواب كيفية الحكم وراجع باب ٣ منها أيضا وعوالي اللئالي ج ١ ص ٢٤٤ وص ٤٥٣ و ج ٢ ص ٢٥٨ وص ٣٤٥ و ج ٣ ص ٥٢٣ طبع قم مطبعة سيد الشهداء.

(٣) هكذا في النسخ ، والصواب : ومع تعذره المثل والقيمة.

(٤) الظاهر إنه إشارة إلى قولهم عليهم‌السلام : البينة على المدعي واليمين على من ادعي عليه.

٢٦

ولو اختلفا في الرد فالقول قول المستودع.

ولو مات المودع وكان الوارث جماعة دفعها إليهم أو إلى من يرتضونه. ولو دفعها إلى البعض ضمن حصص الباقين.

وأما العارية :

فهي الإذن في الانتفاع بالعين تبرعا ، وليست لازمة لأحد المتعاقدين.

ويشترط في المعير كمال العقل وجواز التصرف.

وللمستعير الانتفاع بما جرت به العادة ، ولا يضمن التلف ولا النقصان ولو اتفق بالانتفاع ، بل لا يضمن إلا مع تفريط أو عدوان أو اشتراط ، إلا أن يكون العين ذهبا أو فضة ، فالضمان يلزم وإن لم يشترط.

ولو استعار من الغاصب مع العلم ضمن.

وكذا لو كان جاهلا لكن يرجع على المعير بما يغترم.

وكل ما يصح الانتفاع به مع بقائه تصح إعارته ، ويقتصر المستعير على ما يؤذن له.

ولو اختلفا في التفريط فالقول قول المستعير مع يمينه.

ولو اختلفا في الرد فالقول قول المعير.

ولو اختلفا في القيمة فقولان ، أشبههما : قول الغارم مع يمينه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » ـ في العارية : ولو اختلفا في القمية فقولان ، أشبههما قول الغارم مع يمينه.

٢٧

ولو استعار ورهن من غير إذن المالك ، انتزع المالك العين ويرجع المرتهن بماله على الراهن.

______________________________________________________

هذا القول للمتأخر (١) وشيخنا ، وذهب الشيخان وسلار إلى أن القول قول المالك ، ولست أعرف من أين قالوا؟ فما وجدت حديثا يدل على هذا القول ، والأول هو المختار ، والبحث فيه كالبحث في الوديعة على الوجه المذكور قبل هذا.

__________________

(١) يعني ابن إدريس (ره).

٢٨

كتاب الإجارة

٢٩

كتاب الإجارة

وهي تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم ، وتلزم الطرفين وتنفسخ بالتقائل ، ولا تبطل بالبيع ولا بالعتق.

وهل تبطل بالموت؟ قال الشيخان : نعم. وقال المرتضى ـ رحمة الله ـ : لا تبطل ، وهو أشبه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وهل تبطل بالموت؟ قال الشيخان : نعم ، وقال المرتضى رحمه الله لا تبطل ، وهو أشبه.

أقول : للأصحاب في هذه المسألة ثلاثة أقوال ، فمذهب المفيد ، وسلار ، وابن البراج ، والشيخ في النهاية ، والخلاف ، أنها تبطل.

وتردد في المبسوط ، فقال : والأظهر عند الأصحاب أن تبطل بموت المستأجر ، ولا تبطل بموت المؤجر ، واختاره صاحب البشرى.

ومذهب المرتضى وأبي الصلاح والمتأخر وشيخنا ، أنها لا تبطل بموت أحدهما ، وهو المختار.

(لنا) النص والنظر ، أما الأول فقوله تعالى : (أوفوا بالعقود) (١) وهذا عقد يجب

__________________

(١) المائدة ـ ١.

٣٠

وكل ما يصح إعارته تصح إجارته.

وإجارة المشاع جائزة ، والعين أمانة لا يضمنها المستأجر ، ولا ما ينقص منها ، إلا مع تعد أو تفريط.

وشرائطها خمسة :

(أحدها) أن يكون المتعاقدان كاملين جائزي التصرف.

(ثانيها) أن تكون الأجرة معلومة ، كيلا أو وزنا.

______________________________________________________

الوفاء به ، وقولهم عليهم‌السلام (عليه‌السلام خ) : المؤمنون عند شروطهم (١).

وأما الثاني فإن المنفعة كانت حقا للمؤجر ، وهو جائز التصرف ، وتصرف بعقد لازم ، فلا يجوز إبطاله ، ثم انتقل إلى المستأجر ، فإن مات يرثه وارثه كسائر الحقوق.

واستدل الشيخ في الخلاف بالإجماع ، وبأنه صار ملكا للورثة واستيفاء المنفعة من ملك الغير غير جائز.

أما الإجماع فغير ثابت وأما أن استيفاء المنفعة من ملك الغير غير جائز فهو ممنوع لأن تملك الرقبة لا يستلزم تملك المنفعة فإن في العمرى يتملك المعمر المنفعة ورقبة الملك للمعمر فإن مات تملك الوارث الرقبة ومنفعتها للمعمر كما كانت.

« قال دام ظله » : أن تكون الأجرة معلومة كيلا أو وزنا ، وقيل تكفي المشاهدة

هذا القول للشيخ في المبسوط ، قال : والأصح جواز كون مال الإجارة جزافا ، وإن لم يكن موزونا.

وذهب في النهاية إلى أن الإجارة لا تنعقد إلا بأجل معلوم ، ومال معلوم ، وهو الأصح.

(لنا) لو لم يكن معلوما بالوزن ، لكان غررا ، والغرر منهي ، منتف ، فملزومه

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ٤ من أبواب المهور من كتاب النكاح ، وعوالي اللئالي ج ٢ باب الديون ص ٢٥٧ تحت رقم ٧ وراجع الوسائل أيضا باب ٩ من أبواب الخيار من كتاب التجارة.

٣١

وقيل : تكفي المشاهدة ولو كان مما يكال أو يوزن.

وتملك الأجرة بنفس العقد معجلة مع الإطلاق أو اشتراط التعجيل ، ويصح تأجيلها نجوما ، أو إلى أجل واحد.

ولو استأجر من يحمل له متاعا إلى موضع في وقت معين بأجرة معينة ، فإن لم يفعل نقص من أجرته شيئا معينا صح ، ما لم يحط بالأجرة.

(ثالثها) أن تكون المنفعة مملوكة للمؤجر أو لمن يؤجر عنه وللمستأجر أن يؤجر إلا أن يشترط عليه استيفاء المنفعة بنفسه.

(رابعها) أن تكون المنفعة مقدرة في نفسها كخياطة الثوب المعين ، أو بالمدة المعينة كسكنى الدار ، وتملك المنفعة بالعقد.

وإذا مضت مدة يمكن استيفاء المنفعة والعين في يد المستأجر استقرت الأجرة ولو لم ينتفع.

______________________________________________________

كذلك.

وأيضا عقد الإجارة يحتاج ثبوته إلى دليل شرعي ، ولا دليل لو لم تكن الأجرة معلومة ، ولا خلاف في انعقاده مع الوزن ، فيلزم القول به.

ويؤيد ذلك ما رواه أبو الربيع الشامي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن أرض يريد رجل أن يتقبلها ، فأي وجه (وجوه خ يب) القبالة أحل؟ قال : يتقبل الأرض من أربابها ، بشئ معلوم ، إلى أجل معلوم (١) وعلى هذا انعقد عمل الأصحاب.

__________________

(١) الوسائل باب ١٨ حديث ٥ من كتاب المزارعة والمساقاة ، وفيه : بشئ معلوم إلى سنين مسماة ، فيعمر ويؤدي الخراج ، فإن كان فيها علوج ، فلا يدخل العلوج في قبالته ، فإن ذلك لا يحل.

٣٢

وإذا عين جهة الانتفعاع لم يتعدها المستأجر ، ويضمن مع التعدي.

ولو تلفت العين قبل القبض أو امتنع المؤجر من التسليم مدة الإجارة بطلت الإجارة. ولو منعه الظالم بعد القبض لم تبطل ، وكان الدرك على الظالم

ولو انهدم المسكن (أو عاب خ) تخير المستأجر في الفسخ ، وله إلزام المالك بإصلاحه.

ولا يسقط مال الإجارة لو كان الهدم بفعل المستأجر.

(خامسها تكون المنفعة مباحة ، فلو آجره ليحمل خمرا أو ليعلم الغناء لم تنعقد.

ولا تصح إجارة الآبق.

ولا يضمن صاحب الحمام الثياب إلا أن يودع فيفرط فيفرط.

ولو تنازعا في الاستئجار فالقول قول المنكر مع يمينه.

ولو اختلفا في رد العين فالقول قول المالك مع يمينه.

وكذا لو كان في قدر الشئ المستأجر.

ولو اختلفا في قدر الأجرة فالقول قول المستأجر مع يمينه. وكذا لو ادعى عليه التفريط.

وتثبت أجرة المثل في كل موضع تبطل فيه الإجارة.

ولو تعدى بالدابة المسافة المشترطة ضمن ، ولزمه في الزائد أجرة المثل.

وإن اختلفا في قيمة الدابة أو أرش نقصها فالقول قول الغارم مع

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وإن اختلفا في قيمة الدابة ، أو أرش نقصها ، فالقول قول الغارم مع يمينه ، وفي رواية : القول قول المالك.

هذه رواها أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد ، عن أبي عبد الله عليه

٣٣

يمينه. وفي رواية : القول قول المالك.

ويستحب أن يقاطع من يستعمله على الأجرة ، ويجب إيفاؤه عند فراغه ، ولا يعمل الأجير الخاص لغير المستأجر.

______________________________________________________

السلام (في حديث طويل) قال : اما ان يمحلف هو (اي صاحبها) على القيمة فيلزمك وان (فان خ) رد اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك او يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل (١) الغرض من الحديث (٢).

وهذه مشهورة بين الأصحاب ، وأفتى عليها الشيخ في النهاية.

والأصل أن القول قول الغارم ، لأنه مدعى عليه ، وصاحب الدابة يدعي الزيادة ، ونحن من وراء التردد بين العمل بالأصل أو بالرواية ، وبترجيح (ترجح خ) الأول.

__________________

(١) الوسائل باب ١٧ قطعه من حديث ١ من كتاب الإجارة.

(٢) هكذا في أكثر النسخ التي عندنا والظاهر أن المراد أن هذا المقدار الذي نقلناه هو الحديث وإلا فهو أكثر منه.

٣٤

كتاب الوكالة

٣٥

كتاب الوكالة

وهي تستدعي فصولا :

(الأول) الوكالة :

عبارة عن الإيجاب والقبول الدالين على الاستنابة في التصرف. ولا حكم لوكالة المتبرع.

ومن شروطها أن تقع منجزة. فلا تصح معلقة على شرط ، ولا صفه ، ويجوز تنجيزها وتأخير التصرف إلى مدة ، وليست لازمة لأحدهما.

ولا ينعزل ما لم يعلم العزل وإن أشهد بالعزل على الأصح.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولا ينعزل ما لم يعلم العزل ، وإن أشهد بالعزل ، على الأصح

قوله (على الأصح) ، دال على أن في المسألة خلافا ، وتحقيق هذه المسألة أن الموكل إن تمكن من الإعلام ، ولم يعلم فلا ينعزل إلا بالإعلام إجماعا ، وهل ينعزل لو لم يتمكن؟ قال الشيخ في النهاية : نعم ، واختاره المتأخر.

وذكر في الخلاف للأصحاب قولين ، وقوى أنه لا ينعزل ، وتردد في المبسوط.

والأشبه أنه لا ينعزل ، (لنا) وجوه :

(الأول) أن الأصل الحكم ببقاء الثابت ، ما لم يعلم الرافع.

٣٦

وتصرفه قبل العلم ماض على الموكل ، وتبطل الوكالة بالموت والجنون والاغماء وتلف ما يتعلق به.

ولو باع الوكيل بثمن فأنكر الموكل الإذن بذلك القدر ، فالقول قول الموكل مع يمينه.

ثم يستعاد العين إن كانت موجودة ، ومثلها إن كانت مفقودة ، أو

______________________________________________________

(الثاني) أن حكم النهي لا يتعلق بالمنهي إلا مع العلم كما بلغ تحويل القبلة إلى أهل قبا ، فداروا وبنوا على صلاتهم ، ولم يؤمروا بالإعادة.

(الثالث) أن الموكل (الوكيل خ) حكم بالظاهر ، والحكم بالظاهر في الشريعة لازم (١).

(الرابع) الروايات (فمنها) ما ذكره الشيخ وابن بابويه ، عن جابر بن يزيد ومعاوية بن وهب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : موكل رجلا على إمضاء أمر من الأمور ، فالوكالة ثابتة أبدا حتى يعلمه بالخروج منها ، كما اعلمه الدخول فيها (٢).

وفي رواية عن ابن أبي عمير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه أو يشافهه بالعزل عن الوكالة (٣).

وفي هذا المعنى روايات كثيرة ، اقتصرنا على ما ذكرنا ، حذر التطويل ، وبما ذكره في النهاية رواية (٤) وأعرضنا عنها لمخالفتها للدلائل المذكورة ، وهي لا تصلح معارضة.

__________________

(١) في بعض النسخ : لازم للوكيل ، والصواب ما أثبتناه.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ١ من كتاب الوكالة.

(٣) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ١ من كتاب الوكالة.

(٤) لعلها من العامة ، وأما من الخاصة فلم نعثر عليها فتتبع.

٣٧

قيمتها إن لم تكن لها مثل.

وكذا لو تعذر استعادتها.

(الثاني) ما تصح فيه الوكالة :

وهو كل فعل لا يتعلق غرض الشارع فيه بمباشر معين كالبيع والنكاح.

وتصح الوكالة في الطلاق للغائب والحاضر على الأصح ، ويقتصر الوكيل على ما عينه الموكل.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وتصح الوكالة في الطلاق للغائب والحاضر ، على الأصح.

أقول : مستند الصحة للغائب ، الإجماع ، وعموم الروايات الواردة بذلك ، واختلف الأقوال في الحاضر.

ففي النهاية : لا يجوز ، ومستنده ما رواه الشيخ عن رجاله (١) عن ابن سماعة عن جعفر بن سماعه ، عن حماد بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا تجوز الوكالة في الطلاق (٢).

وفي الاستدلال بهذا الرواية ضعف من وجوه (أولا) لأن من جملة الرواة معلى بن محمد ، وقد ضعفه النجاشي ، وابن الغضائري متردد فيه ، و (ثانيا) لضعف جعفر بن سماعة ، فإنه واقفي المذهب ، و (ثالثا) أنها مشتملة على نفي الجواز مطلقا ، فتخصيصها بالحاضر على خلاف الأصل ، و (رابعا) مع تسليمها ، فهي معارضة بروايات كثيرة صحيحه (٣) ناطقة بصحة الوكالة في الطلاق مطلقا ، والكثرة إمارة الترجيح.

__________________

(١) رجاله كما في التهذيب هكذا : محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، وحميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن جعفر بن سماعة ... الخ.

(٢) الوسائل باب ٣٩ حديث ٥ من أبواب مقدمات المقدمات

(٣) راجع الوسائل باب ٣٩ من أبواب مقدمات الطلاق وباب ٣ من كتاب الوكالة.

٣٨

ولم عمم الوكالة صح إلا يقتضيه الإقرار.

(الثالث) الموكل :

ويشترط كونه مكلفا جائز التصرف ، فلا يوكل العبد إلا بإذن مولاه ، وإلا الوكيل أن يؤذن له.

وللحاكم أن يوكل عن السفهاء والبله.

ويكره لذوي المروءات أن يتولوا المنازعة بنفوسهم.

(الرابع) الوكيل :

ويشترط فيه كمال العقل ويجوز أن تلي المرأة عقد النكاح لنفسها ولغيرها

______________________________________________________

وإذا تقرر هذا فالأصح ، ما اختاره الشيخ في الخلاف والمبسوط ، والمفيد في المقنعة ، والمتأخر ، وهو وجواز الوكالة مطلقا ، في الغائب والحاضر ، عملا بالروايات السالمة عن المصادم ولعموم الإذن في التوكيل ، فإنه لا مانع منه شرعا ولا عقلا.

« قال دام ظله » ولو عمم الوكالة صح إلا ما يقتضيه الإقرار.

أقول : معناه لو جعل الموكل وكالته عامة (بحيث يجب له ما يجب لموكله ، ويجب عليه ما يجب عليه ، كما لو كان الموكل (٢) نذر شيئا أو ما في معناه يجب على الوكيل الإقامة به خ) هو إشارة إلى ما ذكره الشيخان ، أن الإنسان إذا وكل غيره في الخصومة عنه والمطالبة والمحاكمة ، وقبل الوكيل ، فصار وكيلا له ، يجب له ما يجب لموكله ، ويجب عليه ما يجب على موكله ، إلا ما يقتضيه الإقرار من الآداب ، والحدود ، والأيمان ، يعني بالآداب التعزيرات ، والمستثنى منه هو قوله : (ما يجب على موكله) ، وقوله : (من الآداب) بيان لمقتضى الإقرار ، ومعناه أن التعزير والحد واليمين لا يتوجه على الوكيل

__________________

(١) في بعض النسخ : بحيث يجب للموكل ما يجب للوكيل ويجب عليه ما يجب على موكله.

(٢) في بعض النسخ بدل قوله (ره) : نذر إلى قوله : به (هو المباشر) هكذا : كما لو كان الموكل هو المباشر وهو إشارة ... الخ.

٣٩

والمسلم يتوكل للمسلم على المسلم والذمي على الذمي.

وفي وكالته له على المسلم تردد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي وكالته له على المسلم تردد.

أي في وكالة المسلم للذمي ، فالضمير الأول راجع إلى المسلم ، والثاني راجع للذمي (إلى الذمي خ).

وحاصل هذه المسائل لا يزيد على ثمانية ، لأن الوكيل لا يخلو إما أن يكون مسلما أو ذميا.

فإن كان مسلما فمسائله أربع ١ (أن خ) يتوكل للمسلم على المسلم ٢ وللذمي ٣ ويتوكل للذمي على الذمي ٤ ويتوكل للذمي على المسلم ، على تردد ، منشأه خلاف بعض الأصحاب.

وإن كان الوكيل ذميا ، فمسائله أربع ١ يتوكل على الذمي للمسلم ٢ وللذمي على الذمي ٣ ولا يتوكل على مسلم ٤ لا ذمي ولا لمسلم.

ففي خمسة مواضع الوكالة صحيحة (إجماعا خ) وفي موضعين ممنوعة.

وفي وكالة المسلم للذمي على المسلم خلاف ، ذهب الشيخان في النهاية والمقنعة إلى المنع ، وذهب سلار إلى الجواز ، وقال الشيخ في الخلاف والمبسوط بالكراهية ، واختاره المتأخر ، وهو حسن جمعا بين القولين.

والوجه الجواز ، لأنه لا خلاف أن للذمي أهلية المطالبة للذمي والمسلم ، فيطالب بأي وجه تمكن ، ما لم يمنعه الشارع ، ومنع الشارع في هذه الصورة غير واقع ، فإن كتب الأصحاب خالية عن حديث وارد في هذا المعنى ، واعتبرت كتب الأحاديث فما ظفرت بشئ ، وكذا ذكر شيخنا وصاحب البشرى قدس الله روحهما.

وتوهم بعض الشارحين لرسالة سلار وجود حديث مروي بذلك ، فقال : إن الخبر الوارد بذلك للتقية.

وقال المتأخر إن ذلك الخبر بالمنع من أخبار الآحاد.

٤٠