كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

القسم الثالث : في نكاح الإماء

والنظر إما في العقد ، وإما في الملك.

أما العقد :

فليس للعبد ولا للأمة أن يعقدا لأنفسهما نكاحا ما لم يأذن المولى.

ولو بادر أحدهما ففي وقوفه على الإجازة قولان ، ووقوفه على الإجازة أشبه.

______________________________________________________

ومثله في رواية ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (١) واختاره صاحب الرائع والواسطة (٢) ، وهو أشبه لمطابقة الكتاب (مطابق للكتاب خ).

وقال المفيد وسلار : عدتها شهران وخمسة أيام ، وهو يظهر من كلام المرتضى ، واختاره ابن البراج.

ومستنده رواية علي بن عبيد الله بن علي بن شعبة الحلبي ، عن أبيه ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل تزوج امرأة متعة ، ثم مات عنها ، ما عدتها؟ قال : خمسة وستون يوما (٣).

وحملها الشيخ على كون الزوجة مملوكة ، والأولى الطعن فيها بكونها (لكونها خ) مرسلة ، والعمل على الأولى ، (الأول خ) وبه أفتى.

في نكاح العبيد والإماء

« قال دام ظله » ـ : في نكاح الإماء ـ : ولو بادر أحدهما ، ففي وقوفه على الإجازة ، قولان

القولان للشيخ ، قال في النهاية : بأنه موقوف ، وفي الخلاف ، يقول بالبطلان ، والأول

__________________

(١) الوسائل باب ٥٢ حديث ٢ من أبواب العدد من كتاب الطلاق.

(٢) هما أخو السيد ابن طاووس ، وابن حمزة.

(٣) الوسائل باب ٥٢ حديث ٤ من أبواب العدد.

١٦١

وإن أذن المولى ثبت في ذمة مولى العبد المهر والنفقة ، وثبت لمولى الأمة المهر ، ولو لم يأذنا فالولد لهما ، ولو أذن أحدهما كان للآخر.

وولد المملوكين رق لمولاهما ، ولو كانا لاثنين فالولد بينهما بالسوية ما لم يشترطه أحدهما.

وإذا كان أحد الأبوين حرا فالولد حر إلا أن يشترط المولى رقيته ، على تردد.

______________________________________________________

أشبه ، وتحقيق هذا القول ما ذكرناه في كتاب البيع.

« قال دام ظله » : وإذا كان أحد الأبوين حرا ، فالولد حر ، إلا أن يشترط المولى رقيته ، على تردد.

التردد لشيخنا ، ومنشأه عدم الدليل ، والأصل أن الحر لا يسترق ، بل ذكر الشيخ ذلك ، جمعا بين الروايات التي بعضها ناطقة بأن أحد الأبوين ، إذا كان حرا ، فالولد حر ، وهي ما رواه ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل الحر تزوج (يتزوج ئل) بأمه قوم ، الولد مماليك أم (أو خ) أحرار؟ قال : إذا كان أحد أبويه حرا ، فالولد أحرار (١).

وفي هذا المعنى أخرى ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السلام (٢).

وبعضها ناطقة بأنه مملوك ، وهي ما رواه إبراهيم بن هاشم ، عن أبي جعفر ، عن أبي سعيد ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لو أن رجلا دبر جارية ، ثم زوجها من رجل ، فوطأها ، كانت جاريته وولدها منه مدبرين ، كما لو أن رجلا أتى قوما ، فتزوج إليهم مملوكتهم ، كان ما ولد لهم مماليك (٣).

__________________

(١) الوسائل باب ٣٠ حديث ٥ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٢) الوسائل باب ٣٠ حديث ٩ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٣) الوسائل باب ٣٠ حديث ١٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

١٦٢

ولو تزوج الحر أمة من غير إذن مالكها ، فإن وطأها قبل الإجازة عالما بالتحريم فهو زان والولد رق للمولى وعليه الحد والمهر ، ويسقط الحد لو كان جاهلا دون المهر ، ويلحقه الولد. وعليه قيمته يوم سقط حيا.

وكذا لو ادعت الحرية فتزوجها على ذلك.

وفي رواية : يلزمه بالوطء عشر القيمة إن كانت بكرا ، ونصف العشر لو كانت ثيبا.

ولو أولدها فكهم بالقيمة ، ولو عجز سعى في قيمتهم.

______________________________________________________

فقال الشيخ : هذه تحمل على أن الولد مماليك ، إذا اشترط ذلك ، وإن لم يجز ذكر الشرط بدليل ما ذكرنا من الرواية المتقدمة ، كذا قاله رحمه‌الله.

وعندي أن الأولى اطراح الرواية الأخيرة ، لكونها مقطوعة السند (١) وترك التأويل ، والعمل بما يقتضيه الأصل السليم ، فإن بمثل (تقبل خ ل) تلك الرواية ـ وتأويلها على بعد ـ لا يخص مقتضى الأصل (المسلم خ).

« قال دام ظله » : وفي رواية يلزمه بالوطء عشر القيمة ، إن كانت بكرا ، ونصف العشر لو كانت ثيبا.

هذه رواها في التهذيب ، عن محمد بن يعقوب ، يرفعه إلى الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في حديث) وإن كان زوجه إياها ولي لها ، ارتجع على وليها بما أخذت منه ، ولمواليها عشر ثمنها ، إن كانت بكرا ، وإن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها ، بما استحل من فرجها (الحديث) (٢).

__________________

(١) قوله : مقطوعة السند ، نقول : لو كان المراد أن الخبر لم ينته إلى المعصوم عليه المعصوم عليه‌السلام ، فقد رأيت أنه منقول عن أبي عبد الله عليه‌السلام كما في التهذيبين والوسائل ولذا أثبتناه نعم لم تكن لفظة (أبي عبد الله عليه‌السلام) بموجودة في النسخ التي عندنا من الكتاب.

(٢) الوسائل باب ٦٧ حديث ١ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

١٦٣

ولو أبي عن السعي قيل : يفديهم الإمام ، وفي المستند ضعف.

ولو لم يدخل بها فلا مهر.

ولو تزوجت الحرة عبدا مع العلم فلا مهر لها وولدها رق ، ومع الجهل يكون الولد حرا ولا يلزمها قيمته ، ويلزم العبد مهرها إن لم يكن مأذونا ويتبع به إذا تحرر.

ولو تسافح (١) المملوكان فلا مهر ، والولد رق لمولى الأمة.

وكذا لو زنى بها الحر.

ولو اشترى الحر نصيب أحد الشريكين من زوجته بطل عقده.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو أبي عن السعي ، قيل : يفديهم الإمام ، وفي المستند ضعف.

القائل هو الشيخ في النهاية ، والمستند ما ذكره في التهذيب ، يرفعه إلى سماعة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن مملوكة أتت قوما فزعمت أنها حرة ، فتزوجها رجل منهم وأولدها ولدا ، ثم إن مولاها أتاهم ، فأقام عندهم البينة أنها مملوكته ، وأقرت الجارية بذلك؟ فقال : تدفع إلى مولاها هي وولدها ، وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه ، قلت : فإن لم يكن لأبيه ما يأخذ ابنه به؟ قال : يسعى أبوه في ثمنه حتى يؤديه ويأخذ ولده ، قلت : فإن أبى الأب أن يسعى في ثمن ابنه ، قال : فعلى الإمام أن يفتديه (يفديه خ) به ، ولا يملك ولد حر (٢).

ووجه ضعفها سماعة.

وذهب المتأخر إلى أن الثمن في ذمة أبيه ، ولا يفكهم الإمام.

وما ذكره الشيخ أن على الإمام أن يفديهم من سهم الرقاب ، فنحن مطالبوه بحجة عليه ، فإن الخبر عري منه.

__________________

(١) والسفاح ـ بالكسر ـ الزنا ، يقال : سافح الرجل المرأة مسافحة وسفاحا من باب قاتل وهو المزاناة.

(٢) الوسائل باب ٦٧ حديث ٥ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

١٦٤

ولو أمضى الشريك العقد لم تحل ، وبالتحليل رواية فيها ضعف.

وكذا لو كان بعضها حرا.

ولو هايأها مولاها على الزمان ففي جواز العقد عليها متعة في زمانها تردد. أشبهه : المنع.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو أمضى الشريك العقد لم تحل (١) وبالتحليل رواية فيها ضعف.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية إلى التحليل بهذه العبارة : ومتى اشترى الزوج نصيب أحدهما حرمت عليه ، إلا أن يشتري النصف الآخر ، أو يرضى (ويرضى خ) مالك النصف بالعقد ، فيكون كالقعد المستأنف.

وقال المتأخر : الأولى أن يقال : أو يرضى (به خ) بأن يبيحه من وطئها ، لأن الفرج لا يتبعض بالملك والعقد.

قلت : وكذلك لا يتبعض بالملك والإباحة.

فإذا ، الوجه بطلان العقد ، كما ذهب إليه شيخنا ، والرواية هي ما رواه محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام ، عن جارية بين رجلين ، دبراهما جميعا ، ثم أحل أحدهما فرجها لشريكه؟ فقال : هوله حلال (الحديث) (٢) ذكرها ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه.

وفي بعض رجالها ضعف وفي هذه الرواية : فإن أحب أن يتزوجها متعة بشئ في ذلك اليوم الذي تملك فيه نفسها ، فيتمتع منها بشئ فل أو كثر (٣).

« قال دام ظله » : ولو هايأها مولاها على الزمان ، ففي جواز العقد عليها ، متعة في زمانها تردد ، أشبهه المنع.

__________________

(١) لم يحل (وطؤها خ).

(٢) الوسائل باب ٤١ حديث ١ من أبواب نكاح العبيد والإماء بالسند الثالث والرابع ، عن الشيخ والصدوق رحمهما‌الله تعالى.

(٣) الوسائل باب ٤١ حديث ١ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

١٦٥

ويستحب لمن زوج عبده أمته أن يعطيها شيئا ، ولو مات المولى كان للورثة الخيار في الإجازة والفسخ ، ولا خيار للأمة.

ثم الطوارئ ثلاثة : العتق ، والبيع ، والطلاق.

أما العتق : فإذا أعتقت الأمة تخيرت في فسخ نكاحها وإن كان الزوج حرا على الأظهر.

______________________________________________________

المجوز الشيخ في النهاية ، ومستنده ما ذكرناه من تمام الرواية (١).

والمانع شيخنا ، والمنع أشبه ، لاستحالة تبعض (تبعيض خ) الفرج ، ومعنى المهاياة أن يجعل لها يوما وللمولى يوما من خدمتها.

« قال دام ظله » : فإذا أعتقت الأمة ، تخيرت في فسخ نكاحها ، وإن كان الزوج حرا على الأظهر.

أقول : لا خلاف أن الأمة إذا أعتقت ، وهي تحت عبد فلها الخيار (٢) ، وأما لو كانت تحت حر ، فالأشبه أنه لا خيار لها ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط والخلاف ، والمتأخر وشيخنا في الشرائع.

وقال في النهاية : لها الخيار.

(لنا) وجوه : (الأول) أن العقد ثابت ، فلا يحكم بانتفائه إلا بدليل قاطع (رافع خ) فمع العدم يحكم بالبقاء.

(الثاني) عقد محكوم بصحته ، وهي أمة (أمته خ) فيجب أن يستدام ذلك استصحابا للحال الأولى.

(الثالث) إن تسليط الزوجة على الفسخ حكم مستأنف ، فلا يثبت إلا بدليل قاطع ،

__________________

(١) يعني يستفاد حكم المهاياة من قوله عليه‌السلام في آخر الرواية المذكورة ، من قوله عليه‌السلام : فإن أحب أن يتزوجها ... الخ.

(٢) وهل لها الخيار لو كانت تحت حر؟ ... الخ (هكذا في نسختين).

١٦٦

ولا خيره للعبد لو أعتق ولا لزوجته كانت حرة.

وكذا تخيرت الأمة لو كانا لمالك فأعتقا أو أعتقت ، ويجوز أن يتزوجها ويجعل العتق صداقها.

ويشترط تقديم لفظ (التزويج) في العقد.

وقيل : يشترط تقديم العتق.

وأم الولد رق وإن كان ولدها باقيا ، ولو مات جاز بيعها ، وتنعتق

______________________________________________________

ولا دليل فيجب الحكم بانتفائه.

وبما قاله في النهاية روايات (منها) ما ذكره في التهذيب ، عن محمد بن آدم ، عن الرضا عليه‌السلام ، قال : إذا أعتقت الأمة ، ولها زوج خيرت إن كانت تحت عبد أو حر (١).

وفي هذا المعنى رويت رواية عن زيد الشحام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢) وفي طريقها أبو جميلة.

وعبد الله بن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في رجل نكح أمة مملوكة ، ثم أعتقت قبل أن يطلقها ، قال : هي أملك ببضعها (٣).

والجواب عن الكل أنها أضعف أخبار الآحاد ، فإن ابن بكير وأبا جميلة (٤) مطعونان ملعونان باتفاق ثقات (نقاد خ) الرجال ، وفي ابن آدم أيضا كلام.

« قال دام ظله » : ويشترط تقديم لفظ التزويج في العقد ، وقيل : يشترط تقديم العتق.

الأول للشيخ ، وصورته تزوجتك وجعلت مهرك عتقك.

وبه روايات (منها) ما رواه علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، قال : سألته عن رجل قال لأمته : أعتقتك وجعلت عتقك مهرك؟ فقال : عتقت ، وهي بالخيار إن شاءت تزوجته ، وإن شاءت فلا ، فإن تزوجته فليعطها شيئا ، وإن (فإن خ) قال :

__________________

(١) الوسائل باب ٥٢ حديث ١٢ و ١٣ و ١١ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٢) الوسائل باب ٥٢ حديث ١٢ و ١٣ و ١١ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٣) الوسائل باب ٥٢ حديث ١٢ و ١٣ و ١١ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٤) الأول واقع في طريق الأخيرة والثاني في طريق ما قبلها.

١٦٧

بموت المولى من نصيب ولدها ، ولو عجز النصيب سعت في المتخلف.

ولا يلزم الولد السعي على الأشبه ، وتباع مع وجود الولد في ثمن رقبتها إذا لم يكن غيرها.

______________________________________________________

قد تزوجتك وجعلت مهرك عتقك ، فإن النكاح واقع ولا يعطيها شيئا (١).

(ومنها) ما روي ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل تكون له الأمة ، فيريد أن يعتقها فيتزوجها ، أيجعل عتقها مهرها (مهرها عتقها خ) ويعتقها ثم يصدقها؟ وهل عليها منه عدة؟ وكم تعتد إن أعتقها؟ (٢) وهل يجوز له نكاحها بغير مهر؟ وكم تعتد عن غيره؟ قال : يجعل عتقها صداقها إن شاء ، وإن شاء أعتقها ثم أصدقها وإن كان عتقها صداقها ، فإنها لا تعتد ، ولا يجوز نكاحها إذا أعتقها إلا بمهر (الحديث) (٣).

واختار المتأخر هذا القول مدعيا للإجماع.

والقول الثاني ، وصورته : أعتقتك ، وتزوجتك ، وجعلت مهرك عتقك ، وهو لصاحب الرائع ، وأورد إشكالا على قول الشيخ ، قال : إن تزويج المملوكة لا يصح ، وعقد النكاح لا يقف على الشرط ، فالعتق (والعتق خ) اللاحق لا تأثير له في العقد السابق.

قلت : الإشكال وارد لكن لا حكم له مع النص ، على أنه يرد على قوله أيضا ، وهو أن العتق ، إذا قدم فتصير حرة ، فتكون مخيرة ، فإن اختارت التزويج ، تحتاج إلى عقد جديد ، وإن اختارت الفسخ فلها ، ويؤيد ذلك (ويؤيده خ) رواية علي بن جعفر عليه‌السلام (٤).

« قال دام ظله » : ولا يلزم الولد السعي ، على الأشبه.

أقول : هذا رد على قول الشيخ في النهاية ، وتحقيق هذا يجئ في باب العتق.

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٢) وفي الاستبصار والتهذيب : فإن أعتقها هل يجوز له نكاحها ... الخ.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٤) المتقدمة آنفا ، راجع الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

١٦٨

ولو اشترى الأمة نسيئة فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها فحملت ثم مات ولم يترك ما يقوم بثمنها ، فالأشبه : أن العتق لا يبطل ولا يرق الولد.

وقيل : تباع في ثمنها فيكون حملها كهيئتها لرواية هشام بن سالم (١).

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو اشترى الأمة نسيئة ، فأعتقها ، وتزوجها ، إلى آخره.

ذهب الشيخ إلى أنه متى لم يترك الميت غير الجارية ، كان العقد والعتق فاسدين ، والأمة للبائع ، وكذا الولد للبايع إن كانت حاملا.

وهو استناد إلى ما رواه في التهذيب يرفعه (٢) إلى هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، قال : سئل أبو عبد الله عليه السلام ، وأنا حاضر ، عن رجل باع من رجل جارية بكرا إلى سنة ، فلما قبضها المشتري أعتقها من الغدو تزوجها وجعل مهرها عتقها ، ثم مات بعد ذلك بشهر ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن كان للذي اشتراها إلى سنة مال أو عقدة يوم اشتراها وأعتقها يحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها فإن عتقه وتزويجه جائز ، وإن لم يكن للذي اشتراها و تزوجها مال ولا عقدة يوم مات تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها فإن عتقه ونكاحه باطل ، لأنه أعتق ما لا يملك ، وأرى أنها رق لمولاها الأول ، قيل له : فإن كانت قد علقت من الذي أعتقها وتزوجها ما حال ما في بطنها؟ فقال : الذي في بطنها مع أمه كهيئتها (٣).

والحديث صحيح السند ، إلا أن الكشي روى في هشام بن سالم حديثا يشتمل على أنه فاسد العقيدة.

والصحيح أنه ثقة فإن النجاشي قال : إنه ثقة ثقة.

ومقتضى الدليل أن العتق صحيح والولد انعقد حرا ، فلا يسترق ، وهو اختيار المتأخر وشيخنا.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من كتاب العتق.

(٢) يعني يتصل سنده إلى هشام وليس المراد الرفع المصطلح في علم الدراية والحديث كما مر مرارا.

(٣) الوسائل باب ٧١ حديث ١ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

١٦٩

وأما البيع : فإذا بيعت ذات البعل تخير المشتري في الإجازة والفسخ تخيرا على الفور.

وكذا لو بيع العبد وتحته أمة.

وكذا قيل : لو كان تحته حرة : لرواية (١) فيها ضعف.

ولو كانا لمالك فباعهما لاثنين فلكل منهما الخيار.

وكذا لو باع أحدهما لم يثبت العقد ما لم يرض كل واحد منهما.

ويملك المولى المهر بالعقد ، فإن دخل الزوج استقر ، ولا يسقط لو باع ، أما لو باع قبل الدخول سقط ، فإن أجاز المشتري كان المهر له ، لأن

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وكذا قيل : لو كان تحته حرة ، لرواية فيها ضعف.

القائل هو الشيخ في النهاية ، والرواية إشارة إلى ما رواه في الاستبصار ، عن موسى بن بكر ، عن محمد بن علي ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : إذا تزوج المملوك حرة ، فللمولى أن يفرق بينهما ، فإن زوجه المولى ، فله أن يفرق بينهما (٢).

ووجه ضعفها ، موسى بن بكر ، فإنه مقدوح بأنه واقفي ، والأصل لزوم العقد ، وعدم الخيار ، فلا يثبت بمثل هذه الرواية ، وهو اختيار شيخنا والمتأخر ، وادعى هو أن الشيخ رجع في المبسوط عن مقالة (مقالته في خ) النهاية ، ولم نقف عليه ، فإن كانت (كان خ) إشارة (إشارته خ) إلى قوله : (فإن كانت للعبد زوجة ، فباعه مولاه ، فالنكاح باق بالإجماع) (٣) فإن بقاء العقد ليس منافيا للخيار.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٦٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٢) الوسائل باب ٦٤ حديث ٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٣) عبارة المبسوط قبل هذه العبارة هكذا : إذا باع الرجل أمته ولها زوج صح البيع وكان بيعها طلاقها ، وبه قال ابن عباس ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا : النكاح بحاله ، فأما إذا آجرها منه ثم باعها فإنها لا تبطل الإجارة إجماعا ، وإن كان للعبد زوجة ... الخ.

١٧٠

الإجازة كالعقد.

وأما الطلاق : فإذا كانت زوجة العبد حرة أو أمة لغير مولاه فالطلاق بيده وليس لمولاه إجباره.

ولو كانت الأمة لمولاه كان التفريق إلى المولى ، ولا يشترط لفظ الطلاق.

النظر الثاني في الملك.

وهو نوعان :

(الأول) ملك الرقبة : ولا حصر في النكاح به ، وإذا زوج أمته غيره حرمت عليه لمسا ووطئا ونظر بشهوة ما دامت في العقد والعدة ، وليس للمولى انتزاعها ، ولو باعها تخير المشتري دونه ، ولا يحل لأحد الشريكين وطء المشتركة.

ويجوز ابتياع (١) ذوات الأزواج من أهل الحرب وأبنائهم وبناتهم ، ولو ملك الأمة فأعتقها حل له وطؤها بالعقد وإن لم يستبرئها ، ولا تحل لغيره حتى تعتد كالحرة ، ويملك الأب موطوءة ابنه وإن حرم عليه وطؤها.

وكذا الابن.

(النوع الثاني) ملك المنفعة : وصيغته أن يقول : أحللت لك وطأها أو جعلتك في حل من وطئها ، ولم يتعدهما الشيخ.

__________________

(١) في الرياض : « ويجوز ابتياع ذوات الأزواج » اللواتي « هن » من أهل الحرب « والكفار الغير القائمين بشرائط الذمة » وأبنائهم من أزواجهن وآبائهن وغيرهم من أهل الضلال السابين لهم بلا خلاف ، لأنهن كآبائهن وأزواجهن فئ للمسلمين فيجوز التوسل إلى أخذهم بكل وجه من ابتياع أو غيره (انتهى).

١٧١

واتسع آخرون بلفظ الإباحة.

ومنع الجميع لفظ العارية ، وهل هو إباحة أو عقد؟ قال علم الهدى : وهو عقد متعه.

وفي تحليل أمته لمملوكة تردد ومساواته بالأجنبي أشبه.

______________________________________________________

النوع الثاني ملك المنفعة

« قال دام ظله » واتسع آخرون بلفظة (بلفظ خ) الإباحة.

أقول : حكى المتأخر عن المرتضى ، إنه قال في الانتصار : إن التحليل والإباحة عبارة عن ذلك العقد.

وما وقفت عليه ، نعم ذكر أن لفظ العارية عبارة عن النكاح ، لأن في النكاح معنى العارية من حيث إن ذلك إباحة للمنافع.

« قال دام ظله » : وفي تحليل أمته لمملوكه تردد ، ومساواته بالأجنبي أشبه.

أقول : لا خلاف عندنا في جواز تحليل الأمة للأجنبي (به خ) وهل يجوز للمملوك؟ الأشبه الجواز ، واختاره شيخنا والمتأخر.

وقال الشيخ وأتباعه : لا يجوز ، تمسكا بما رواه في التهذيب ، مرفوعا (١) إلى علي بن يقطين ، عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام أنه سئل عن المملوك أيحل له أن يطأ الأمة ، من غير تزويج إذا أحل له مولاه؟ قال : لا يحل له (٢).

(لنا) الإباحة الأصلية ، وأن منفعة مملوكته له ، يجوز له التصرف فيها ، لقوله تعالى : (فانكحوهن بإذن أهلهن) (٣) (وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم) (٤) ، ينزل على العقد والوطء.

__________________

(١) يعني متصلا سنده إلى علي بن يقطين ، وليس المراد الرفع المصطلح في الدراية والرجال كما نبهنا عليه غير مرة.

(٢) الوسائل باب ٣٣ حديث ٢ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٣) المؤمنون ـ ٢٥.

(٤) النور ـ ٣٢.

١٧٢

ولو ملك بعض الأمة فأحلته نفسها لم يصح.

وفي تحليل الشريك تردد ، والوجه : المنع.

ويستبيح ما يتناوله اللفظ ، فلو أحل التقبيل اقتصر عليه.

وكذا اللمس ، لكن لو أحل الوطء حل له ما دونه. ولو أحل الخدمة لم يتعرض للوطء.

وكذا لا تستبيح الخدمة بتحليل الوطء.

وولد المحللة حر ، فإن اشترط الحرية في العقد فلا سبيل على الأب.

______________________________________________________

ولو رجحنا مقالة الشيخ (١) لقلنا : الأصل أن الفرج معصوم بإذن الشارع ، فلا يلزم من جواز التمليك (التحليل خ) في طرف الحر الأجنبي ، جوازه في مملوكه (المملوك خ) لحصول الإجماع في الحر الأجنبي وعدمه في مملوكه ، أو نقول : التحليل تمليك للمنفعة ، والعبد لا يملك.

ولنا أن نؤيده بقوله تعالى : (والذين هم لفروجهم حافظون) (٢) الآية.

ووجه دلالته على محل النزاع أن هذه المملوكة ليست بزوجة للمملوك ولا هي مملوكته ، والجواز في الآية منحصر فيهما ، أو نقول : طريقة الاحتياط تقتضي ألا يتهجم على استباحة الفروج إلا بيقين.

« قال دام ظله » : وفي تحليل الشريك تردد ، والوجه المنع.

أقول : منشأ التردد أن استباحة الفروج لا تتبعض للآية (٣) فإن استباحة الفروج موقوفة على إذن الشارع ، ولا يتهجم عليها بأخبار الآحاد.

وذهب الشيخ في النهاية إلى جواز ذلك اعتمادا على رواية (٤).

__________________

(١) وهو عدم الجواز.

(٢) المؤمنون ـ ٥.

(٣) وهي قوله تعالى : (والذين هم لفروجهم حافظون ، المؤمنون) ـ ٥.

(٤) راجع الوسائل باب ٤١ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

١٧٣

فإن لم يشترط ففي إلزامه قيمة الولد ، روايتان ، أشبههما : أنها لا تلزم.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : فإن لم يشترط ففي إلزامه قيمة الولد روايتان ، أشبههما أنها لا تلزم.

أقول : الرواية الواردة بإلزام القيمة ، رواها إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن عليه السلام ، في امرأة قالت لرجل : فرج جاريتي لك حلال ، فوطأها فولدت ولدا؟ قال : يقوم الولد عليه بقيمته (١)

وفي رواية ضريس بن عبد الملك ، عن أبي عبدا لله عليه‌السلام : إن كان له مال للأب اشتراه بالقيمة (٢).

وفي رواية حريز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في الرجل يحل فرج جاريته لأخيه؟ فقال : لا بأس بذلك ، قلت : فإنه أولدها؟ قال : يضم إليه ولده ، وترد الجارية على مولاها (٣).

ومثلها رواه إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يحل جاريته لأخيه أو حرة حللت جاريتها لأخيها؟ قال : يحل له من ذلك ما أحل له ، قلت : فجاءت بولد؟ قال : يلحق بالحر من أبويه (٤).

فالشيخ رحمه‌الله جمع بين هذه الروايات ، توفيقا بينها بأنه متى شرط كان الولد حرا ، ومتى لم يشرط كان مملوكا رقا ، ثم قال : وقوله عليه‌السلام : يضم إليه ولده ، المراد به بالثمن ، لأن ولده لا يجوز أن يمكن من استرقاقه ، بل يلزم أن يعطى أباه (إياه خ) بالقيمة حسبما تضمنته رواية ضريس وابن عبد الحميد.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٧ حديث ٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٢) الوسائل باب ٣٧ ذيل حديث ١ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، وصدرها هكذا : ضريس بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في الرجل يحل لأخيه جاريته ، وهي تخرج في حوائجه؟ قال : هي خلال ، قلت : أرأيت إن جاءت بولد ما يصنع به؟ قال هو لمولى الجارية ، إلا أن يكون اشترط عليه حين أحلها له أنها إن جاءت بولد فهو حر ، فإن كان فعل فهو حر ، قلت : فيملك ولده؟ قال : إن كان ... الخ.

(٣) الوسائل باب ٣٧ حديث ٣ و ٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٤) الوسائل باب ٣٧ حديث ٣ و ٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

١٧٤

ولا بأس أن يطأ الأمة وفي البيت غيره ، وأن ينام بين أمتين ، ويكره في الحرائر.

وكذا يكره وطء الفاجرة ومن ولدت من الزنا.

ويلحق بالنكاح النظر في أمور خمسة :

(الأول) في العيوب ، والبحث في أقسامها وأحكامها :

عيوب الرجل أربعة : الجنون والخصاء والعنن والجب.

وعيوب المرأة سبعة : الجنون والجذام والبرص والقرن والافضاء والعمى والاقعاد.

وفي الرتق تردد أشبهه : ثبوته عيبا لأنه يمنع الوطء.

______________________________________________________

وعلى هذا فتواه في كتب الفتاوي.

وقال المتأخر : الولد انعقد حرا فلا يسترق ، إلا أن يشترط المولى رقيته مدعيا حصول الإجماع على أن كل وطء حلال وأحد الأبوين حر يلحق الولد بالحر.

قلت : الإجماع لم نحققه ، لكن يشهد بقوله رواية حريز وإسحاق بن عمار ، وهو أشبه بالأصل ، فعليك به.

في العيوب

« قال دام ظله » : وفي الرتق تردد أشبهه ثبوته عيبا ... الخ.

التردد منه دام ظله ، ومنشأه عدم الوقوف على دليل يدل عليه.

وأيضا ، الأصل لزوم العقد ، فلا يسلط بالفسخ إلا بإذن الشارع ، فمع عدم الإذن لا يفسخ ، لكن أفتى الشيخان وسلار والمتأخر أنه عيب يوجب الفسخ ، وهو أشبه بالنظر إلى أن المراد الأهم من الزوجية ، الوطء والرتق مانع فيرد به.

وأما المحدودة في الزنا ، فذهب المفيد وسلار إلى أنها ترد به.

١٧٥

______________________________________________________

وقال الشيخ في النهاية : لا ترد به ، واختاره المتأخر.

وتردد في الخلاف فقال : ومن أصحابنا من ألحق (يلحق خ) به العمى ، وكونها محدودة. وأما العرج فذهب الشيخان في النهاية والمقنعة وسلار ، والمتأخر إلى أنه عيب ترد به ، ويدل عليه روايات.

(منها) ما رواه في الاستبصار ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في الرجل يتزوج المرأة ، فيؤتى بها عمياء ، أو برصاء ، أو عرجاء؟ قال : ترد على وليها ، ويكون (١) لها المهر على وليها ، وإن كان بها (٢) زمانة لا تراها الرجال ، أجيزت شهادة النساء عليها (٣).

وفي رواية محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : ترد البرصاء والعمياء والعرجاء (٤).

فأما الشيخ لم يذكره في الخلاف والمبسوط عيبا ، بل عد ستة : الجنون ، والجذام ، والبرص ، والرتق ، والقرن ، والافضاء.

وقال في الاستبصار : مثل العمى ، والعرج والزمانة محمولة على الكراهية ، يستحب أن لا ترد بها.

أقول : ومقتضى الأصل عدم الرد ، فينبغي أن لا ترد إلا بما هو متفق عليه المشهور بين الأصحاب ، وهو الستة المذكورة في الخلاف.

وابن بابويه في الرسالة لم يذكر الجذام والرتق ، وزاد الزمانة ، وابنه في المقنع لم يذكر

__________________

(١) من قوله : ويكون إلى قوله : وليها لم ينقله في نسخ الكتاب ، ولكنه موجود في الاستبصار والتهذيب والوسائل.

(٢) يعني في المرأة ـ الوسائل.

(٣) أورده مقطعا في الوسائل ، قطعة في باب ١ حديث ٩ وقطعة باب ٢ حديث ٦ وقطعة في باب ٤ حديث ١ من أبواب العيوب والتدليس.

(٤) هذه الرواية لم ينقلها في بعض النسخ.

١٧٦

ولا ترد بالعور ولا بالزنا ولو حدت فيه ، ولا بالعرج على الأشبه.

وأما الأحكام فمسائل :

(الأولى) لا يفسخ النكاح بالعيب المتجدد بعد الدخول.

وفي المتجدد بعد العقد تردد عدا العنن.

وقيل : تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلاة وإن تجدد.

______________________________________________________

الرتق والافضاء.

ولنذكر تفسير بعض هذه الألفاظ ، أما البرص فهو بياض في البدن ، وهو يكون ظاهرا وخفيا ، فالظاهر ما لا ينكر ، وفيه الخيار ، وما ينكر من الخفي ، فالقول قول منكره ، ويثبت بشهادة عارفين من أهل الطب.

والجذام يبس يتناثر معه اللحم.

والرتق سدة ، في الفرج يمنع من الجماع.

والعفل والقرن عظم ينبت في الفرج يمنع من الجماع ، وقال بعض أهل الخبرة ، هو يظهر عند الولادة ، وفي الصحاح : القرن العقلة الصغيرة.

« قال دام ظله » : وفي المتجدد بعد العقد ترد عدا العنن.

التردد لشيخنا ، ومنشأه النظر إلى عموم الأخبار الواردة بثبوت الرد ، وفتوى الشيخ عليها ، ومن النظر إلى أن العقد وقع صحيحا سليما عن المصادم فيستمر ، وبه يفتي المتأخر. والأول أثبت.

وإنما استثني العنن لأنه لا يحصل العلم به إلا بعد العقد ومرور زمان ، فقبل العقد لا حكم له.

« قال دام ظله » : وقيل : تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلاة (الصلوات خ) وإن تجدد.

القائل هو الشيخان ، وسلار ، وابن بابويه في الرسالة.

١٧٧

(الثانية) الخيار في العيب على الفور.

وكذا في التدليس.

(الثالثة) الفسخ فيه ليس طلاقا ، فلا يطرد معه تنصيف المهر (قبل الدخول خ).

(الرابعة) لا يفتقر الفسخ بالعيب (بالعيوب خ) إلى الحاكم ، ويفتقر في العنن لضرب الأجل.

(الخامسة) إذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر ، ولو فسخ بعده فلها المسمى ويرجع به الزوج على المدلس.

وإذا فسخت الزوجة قبل الدخول فلا مهر إلا في العنن ، فلو (ولو خ) كان بعده فلها المسمى.

ولو فسخت بالخصاء يثبت (ثبت خ) لها المهر مع الخلوة ويعزر.

______________________________________________________

ولشيخنا فيه تردد ، منشأه عدم الدليل من كتاب أو حديث أو إجماع ، فإنه قال : لم يثبت عندي رواية محققة بذلك.

نعم روى القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، قال : سئل أبو إبراهيم عليه‌السلام ، عن امرأة يكون لها زوج قد أصيب في عقله بعد ما تزوجها ، أو عرض له جنون؟ قال : لها أن تنزع نفسها منه إن شاءت (١).

قلت : يلزم من هذه الرواية الفسخ مطلقا.

لكن القاسم بن محمد وعلي بن أبي حمزة واقفيان ، فالرواية ضعيفة.

وعندي فيه نظر ، والبحث فيه على تقدير أنه متجدد بعد العتق ، فإن السابق يوجب الفسخ مطلقا بغير خلاف.

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦٠٧.

١٧٨

(السادسة) لو ادعت عننه فأنكر فالقول قوله مع يمينه ، ومع ثبوته يثبت لها الخيار ولو كان متجددا ، إذا عجز عن وطئها قبلا ودبرا وعن وطء غيرها.

ولو ادعى الوطء فأنكرت فالقول قوله مع يمينه.

(السابعة) إن صبرت مع العنن فلا بحث ، وإن رفعت أمرها إلى الحاكم أجلها سنة من حين الترافع ، فإن عجز عنها وعن غيرها فلها الفسخ ونصف المهر.

تتمة

لو تزوج على أنها حرة فبانت أمة فله الفسخ ، ولا مهر لو لم يدخل.

______________________________________________________

تتمة

« قال دام ظله » : لو تزوج على أنها حرة ، فبانت أمة ، فله الفسخ ، ولا مهر لو لم يدخل ، ولو دخل فلها المهر على الأشبه.

أقول : ذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط إلى أن العقد باطل ، فعلى هذا لا يلزم المهر دخل أو لم يدخل.

والأشبه أن العقد صحيح ، لأن للأمة أهلية العقد عليها ، غير أنه إذا علم أنها أمة ثبت له الخيار.

ولو لم يدخل فلا مهر بغير خلاف ، ومع الدخول يلزمه مهر المثل بما استحل من فرجها.

فإن لم يكن مدلس فلا يرجع به على أحد ، لعدم المقتضي ، وإن كان مدلس يرجع به عليه ، ولو كانت هي مدلسة يرجع به عليها إذا أعتقت.

وقوله : (وقيل لمولاها العشر أو نصف العشران لم يكن مدلسا).

هذا القول لابن بابويه ، وتقديره : لها العشر إن كانت بكرا ونصف العشر إن لم تكن بكرا.

١٧٩

ولو دخل فلها المهر على الأشبه ويرجع به على المدلس.

وقيل : لمولاها العشر أو نصف العشر إن لم يكن مدلسا.

وكذا تفسخ هي لوبان زوجها مملوكا ، ولا مهر قبل الدخول ولها المهر بعده.

ولو اشترط كونها بنت مهيرة فبانت بنت أمة فله الفسخ ولا مهر ويثبت لو دخل.

ولو تزوج بنت المهيرة (مهيرة خ) فأدخلت عليه بنت الأمة ردها ، ولها المهر مع الوطء للشبهة ويرجع به على من ساقها ، وله زوجته.

ولو تزوج اثنان فأدخلت امرأة كل واحد منهما على الآخر كان لكل موطوءة مهر المثل على الواطئ للشبهة ، وعليهما العدة وتعاد على زوجها وعليه مهرها الأصلي.

ولو تزوجها بكرا فوجدها ثيبا فلا رد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو تزوجها بكرا فوجدها ثيبا فلا رد ، وفي رواية ينتصف (ينقص خ) مهرها.

هذه رواها محمد بن جزك ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام سأله عن رجل تزوج جارية بكرا ، فوجدها ثيبا ، هل يجب لها الصداق وافيا أم ينتقص؟ قال : ينتقص (١).

والرواية ضعيفة لكونها مكاتبة.

وفي النهاية : ينتقص شيئا ، وتوهم الراوندي أن لفظ الشئ منصوص عن الأئمة عليهم السلام ، ففسره بالسدس كما في الوصية ، وهو تحكم.

وقال المتأخر : ينقص من المسمى ما بين مهر البكر إلى مهر الثيب عادة ، واختاره شيخنا

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من أبواب العيوب والتدليس.

١٨٠