كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

ومن (لوخ) وطأ في الحيض عامدا لزمه دينار في أوله ونصف في وسطه وربع في آخره.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ومن (لوخ) وطأ في الحيض عامدا ، إلى آخره.

قد ذكرنا هذا البحث في باب الحيض ، والمختار استحباب الكفارة ، واختار المرتضى في الانتصار ، الوجوب.

فأما (١) من تزوج امرأة في عدتها ، عالما ، ففي رواية (٢) فارقها ، وكفر عن فعله بخمسة أصواع من دقيق.

وهو مذهب الشيخين في النهاية والمقنعة ، وقال المتأخر : تحمل الرواية على الاستحباب ، وهو أشبه.

وقال علم الهدى في الانتصار : من تزوج امرأة ولها زوج ، وهو لا يعلم بذلك ، فعليه أن يفارقها ، ويتصدق بخمسة دراهم.

وأشار إلى انعقاد الإجماع بذلك ، ولم يثبت.

فأما من نام عن العشاء ، حتى صار (تجاوز خ) نصف الليل ، فمذهب الثلاثة وأتباعهم أن يصبح صائما كفارة لذنبه وجوبا.

وهو مروي ، عن عبد الله بن المغيرة ، عمن حدثه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في رجل نام عن العتمة ولم يقم (٣) إلا بعد انتصاف الليل ، قال : يصليها ، ويصبح صائما (٤).

واستدل المرتضى على ذلك ، بعد الإجماع ، بقوله تعالى : (وافعلوا الخير) (٥).

وقال المتأخر : تحمل الرواية على الاستحباب ، وهو حسن ، واختاره شيخنا دام

__________________

(١) وفي نسخة : قال دام ظله : من تزوج امرأة ... الخ ، بدل قوله ره : فأما من تزوج امرأة ... الخ

(٢) الوسائل باب ٣٦ حديث ١ من أبواب الكفارات ، منقول بالمعنى ، فلاحظ.

(٣) وفي الوسائل : فلم يقم إلى انتصاف ... الخ.

(٤) الوسائل باب ٢٩ حديث ٨ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

(٥) الحج ـ ٧٧.

٢٦١

ومن تزوج امرأة في عدتها فارقها وكفر بخمسة أصواع من دقيق.

ومن نام عن العشاء الآخرة حتى جاوز نصف الليل أصبح صائما ، والاستحباب في الكل أشبه.

(الثانية) في جز المرأة شعر رأسها في المصاب كفارة شهر رمضان ، وقيل : كفارة مرتبة. وفي نتفه في المصاب كفارة يمين ، وكذا في خدش وجهها. وكذا في شق الرجل ثوبه لموت ولده أو زوجته.

______________________________________________________

ظله ، على أن في الرواية ضعفا لإرسالها.

وعندي في الوجوب تردد ، منشأه النظر إلى دعوى الإجماع ، وفتوى الثلاثة ، وإلا (١) الأصل براءة الذمة.

« قال دام ظله » : في جز المرأة شعر رأسها في المصاب ، كفارة شهر رمضان ، وقيل : كفارة مرتبة.

قلت : كفارة جز شعر الرأس التخيير ، ومستنده ما ذكر الشيخ في التهذيب ، عن أحمد بن محمد بن داود القمي رحمه‌الله في نوادره ، قال : روى محمد بن عيسى ، عن أخيه جعفر بن عيسى ، عن خالد بن سدير ، أخي حنان بن سدير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل شق ثوبه على أبيه أو على أمه ، أو على أخيه ، أو على قريب له ، قال : لا بأس بشق الجيوب ، قد شق موسى بن عمران على أخيه هارون عليهما‌السلام ، ولا يشق الوالد على ولده ، ولا زوج على امرأته ، وتشق المرأة على زوجها ، وإذا شق زوج على امرأته أو والد على ولده ، فكفارته حنث يمين ، ولا صلاة لهما ، حتى يكفرا ، أو يتوبا من ذلك ، وإذا خدشت المرأة وجهها أو جزت شعرها أو نتفته ، ففي جز الشعر ، عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا ، وفي الخدش إذا دميت وفي النتف كفارة حنث يمين ، ولا شئ في اللطم

__________________

(١) هكذا في النسخ ، ولعل الصواب : وإلى أن الأصل براءة الذمة.

٢٦٢

(الثالثة) من نذر صوم يوم معين فعجز عنه تصدق بإطعام مسكين مدين من طعام ، فإن عجز تصدق بما استطاع ، فإن عجزا استغفر الله.

المقصد الثاني في خصال الكفارة :

وهي : العتق ، والاطعام ، والكسوة ، والصيام.

______________________________________________________

على الخد (الخدود خ) سوى الاستغفار والتوبة ، ولقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات ، على الحسين بن علي عليهما‌السلام ، وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب (١).

وادعى المرتضى على ذلك الإجماع.

وقال سلار كفارتها كفارة قتل الخطأ ، وهو عنده على التخيير ، فلا بحث هنا.

ويشكل كلام الشيخين هنا ، فذهبا إلى أن كفارتها كفارة قتل الخطأ ، عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا ، ففسرا كفارة قتل الخطأ بالمخيرة ، وهي عندنا مرتبة.

وما أعرف من أين نشأ التمثيل ، فشيخنا دام ظله نظر إلى المتمثل ، فحمل كلامهما على الترتيب مفسرا لعتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا ، على أن المراد منه ، بيان الأجناس ، لا التخيير ، فحكم بأنها مرتبة عندهما.

والذي أتوهمه أن المراد ، هو التخيير ، والتمثيل وقع في القلم سهوا ، أو يكون اختيارهما هنا ، أن قتل الخطأ كفارته مخيرة (٢) كما هو مذهب سلار ، وبه رواية (٣).

لكن بعيد أن يكون هذا مذهبهما ، وأوردت هذا تنبيها على مقالتهما ، وإلا فالعمل المجمع عليه (على خ) ما قدمناه ، والله أعلم.

__________________

(١) الوسائل باب ٣١ حديث ١ من أبواب الكفارات من كتاب الإيلاء.

(٢) في بعض النسخ : إن في قتل الخطأ كفارة مخيرة.

(٣) الوسائل باب ٥٨ حديث ١ من أبواب بقية الصوم الواجب ج ٧ ولاحظ أيضا باب ١٠ من أبواب القصاص في النفس (ج ١٩ ص ٢١).

٢٦٣

أما العتق : فيتعين على الواحد في المرتبة ، ويتحقق ذلك بملك الرقبة أو الثمن مع إمكان الابتياع.

ولا بد من كونها مؤمنة أو مسلمة ، وأن تكون سليمة من العيوب التي تعتق بها.

وهل يجزي المدبر؟ قال في النهاية : لا ، وفي غيرها بالجواز وهو أشبه.

ويجزئ الآبق ما لم يعلم بموته ، وأم الولد.

وأما الصيام : فيتعين مع العجز عن العتق في المرتبة.

ولا يباع ثياب البدن ولا المسكن في الكفارة إذا كان قدر الكفاية ، ولا الخادم.

ويلزم الحر في كفارة قتل الخطأ والظهار صوم شهرين متتابعين ، والمملوك صوم شهر.

فإذا صام الحر شهرا ومن الثاني شيئا ولو يوما أتم.

ولو أفطر قبل ذلك أعاد إلا لعذر كالحيض والنفاس والاغماء والمرض والجنون.

وأما الإطعام : فيتعين في المرتبة مع العجز عن الصيام.

______________________________________________________

في خصال الكفارة

« قال دام ظله » : وهل يجزي المدبر؟ قال في النهاية : لا ، وفي غيرها بالجواز ، وهو أشبه.

ذهب في المبسوط والخلاف ، إلى أن عتق المدبر في الكفارة جائز ، مستدلا بالإجماع ، وبأنه عبد يجوز بيعه ، فكذا الإعتاق ، لعدم المانع ، وعليه المتأخر ، هذا وجه الأشبهية ، وأما ما ذكره في النهاية من المنع ، فلم يثبت.

٢٦٤

ويجب إطعام العدد لكل واحد مد من طعام ، وقيل : مدان مع القدرة.

ولا يجزي إعطاؤه لما دون العدد.

ولا يجوز التكرار من الكفارة الواحدة مع التمكن ، ويجوز مع التعذر.

ويطعم ما يغلب على قوته.

ويستحب أن يضم إليه إداما أعلاه اللحم ، وأوسطه الخل ، وأدناه

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويجب إطعام العدد ، لكل واحد مد من طعام ، وقيل : مدان مع القدرة.

وهذا القول للشيخ ، والأول للمفيد وابن بابويه وسلار والمتأخر ، وهو أشبه ، وبه روايات (١) واردة في كفارة اليمين ، وباقي الكفارات ملحق (تلحق خ) بها.

« قال دام ظله » : ولا يجوز التكرار من الكفارة الواحدة مع التمكن.

مستند ذلك ، رواية إسحاق بن عمار ، قال : سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام ، عن إطعام عشرة مساكين أو إطعام ستين مسكينا أيجمع ذلك لإنسان واحد يعطاه؟ قال : لا ، ولكن يعطي انسانا انسانا ، كما قال الله تعالى ، قلت : فيعطيه الرجل قرابته إن كانوا محتاجين؟ قال : نعم (الحديث) (٢).

ويجوز مع عدم التمكن فيهم عملا برواية النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام إن لم يجد في الكفارة إلا الرجل والرجلين فيكرر عليهم حتى يستكمل العشرة ، يعطيهم اليوم ، ثم يعطيهم غدا (٣).

ومعنى المسألة يعرف من الرواية.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٤ من أبواب الكفارات.

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ من أبواب الكفارات.

(٣) الوسائل باب ١٦ حديث ١ من أبواب الكفارات.

٢٦٥

الملح.

ولا يجزي إطعام الصغار منفردين ويجوز منضمين.

ولو انفردوا احتسب الاثنان بواحد.

مسائل

(الأولى) كسوة الفقير ثوبان مع القدرة. وفي رواية (١) يجزي الثوب الواحد وهو أشبه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو انفردوا ، احتسب الاثنان بواحد.

وهو عمل برواية غياث ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا يجزي إطعام الصغير في كفارة اليمين ، ولكن صغيرين بكبير (٢).

فأما ما رواه يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، (الصغير والكبير والنساء والرجال سواء) (٣) فحمله الشيخ على جواز ذلك ، إذا كانوا منضمين إلى الكبار ، توفيقا بين الروايتين ، وهو حسن.

مسائل

« قال دام ظله » : كسوة الفقير ثوبان مع القدرة ، وفي رواية ، يجزي الثوب الواحد ، وهو أشبه.

ذهب الشيخان وسلار ، إلى أن الكسوة ثوبان ، وهو في رواية الفضل بن

__________________

(١) راجع أكثر أخبار باب ١٥ من أبواب الكفارات ج ١٥ ص ٥٦٨ من الوسائل.

(٢) الوسائل باب ١٧ حديث ١ من أبواب الكفارات.

(٣) الوسائل باب ١٧ حديث ٣ من أبواب الكفارات ، ولفظ الحديث هكذا : يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل عليه كفارة إطعام عشرة مساكين ، أيعطى الصغار والكبار سواء والنساء والرجال ، أو يفضل الكبار على الصغار ، والرجال على النساء؟ فقال : كلهم سواء (الحديث).

٢٦٦

______________________________________________________

شاذان ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في كفارة اليمين يطعم (عند خ ئل) عشرة مساكين ، لكل مسكين مدين من حنطة ، ومد من دقيق وحفنة (١) ، أو كسوتهم لكل إنسان ثوبان ، أو عتق رقبة ، وهو في ذلك بالخيار ، أي ذلك (الثلاثة ئل) شاء صنع ، فإن لم يقدر على واحدة من الثلاث ، فالصيام عليه واجب ثلاثة أيام (٢).

ومثله في رواية القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله عليه السلام (٣).

وذهب المتأخر إلى أن الثوب الواحد يجزي ، ولو سراويلا غسيلا ، وهو في رواية ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام ، عن أوسط ما تطعمون أهليكم؟ فقال : ما تقوتون به عيالكم من أوسط ذلك؟ قلت : وما أوسط ذلك؟ قال : الخل والزيت والتمر والخبز ، يشبعهم به مرة واحدة ، فقلت : كسوتهم؟ فقال : ثوب واحد (٤).

ومثله (٥) رواية محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه‌السلام.

ووجه الأشبهية فيه ، أن الأصل حفظ مال المسلم.

وحمل الشيخ هذه على من لم يقدر على الثوبين ، توفيقا بين الروايات ، وهو قريب ، والله تعالى أعلم.

__________________

(١) الحفنة بالفتح والسكون ، ملؤ الكفين من طعام ، والجمع حفنات (مجمع البحرين).

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب الكفارات.

(٣) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب الكفارات.

(٤) الوسائل باب ١٤ حديث ٥ من أبواب الكفارات.

(٥) يعني مثله في الدلالة على كفاية الثوب الواحد في الكسوة ، لا في جميع ألفاظ الرواية ، فراجع الوسائل باب ١٤ حديث ١ وباب ١٥ حديث ١ من أبواب الكفارات.

٢٦٧

وكفارة الإيلاء مثل كفارة اليمين.

(الثانية) من عجز عن العتق فدخل في الصيام ثم تمكن من العتق لم يلزمه العود وإن كان أفضل.

(الثالثة) كل من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعجز صام ثمانية عشر يوما ، فإن لم يقدر تصدق عن كل يوم بمد من طعام ، فإن لم يستطع استغفر الله سبحانه.

(الرابعة) يشترط في المكفر : البلوغ ، وكمال العقل ، والإيمان ونية القربة ، والتعيين.

٢٦٨

كتاب اللعان

٢٦٩

كتاب اللعان

والنظر في أمور أربعة :

الأول : السبب

وهو أمران :

(الأول) قذف الزوجة بالزنا مع ادعاء المشاهدة وعدم البينة.

ولا يثبت لو قذفها في عدة بائنة ، ويثبت لو قذفها في رجعية.

(الثاني) إنكار من ولد على فراشه لستة أشهر فصاعدا من زوجة موطوءة بالعقد الدائم ما لم يتجاوز أقصى الحمل.

وكذا لو أنكره بعد فراقها ولم تتزوج أو بعد أن تزوجت وولدت لأقل من ستة أشهر منذ دخل الثاني.

الثاني : في الشرائط

ويعتبر في الملاعن : البلوغ ، والعقل.

وفي لعان الكافر قولان ، أشبههما : الجواز ، وكذا المملوك.

______________________________________________________

في الشرائط

« قال دام ظله » : وفي لعان الكافر ، قولان ، أشبههما الجواز ، وكذا المملوك.

القولان للشيخين ، فذهب المفيد ـ وتابعه سلار ـ إلى أنه لا لعان بين الحر

٢٧٠

وفي الملاعنة : البلوغ ، والعقل ، والسلامة من الصمم والخرس ، ولو

______________________________________________________

والمملوكة ، وبين المسلم والذمية.

والمستند ما رواه الحسن بن محبوب ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : لا يلاعن الحر الأمة ، ولا الذمية ، ولا التي يتمتع بها (١).

ومثله (٢) ما رواه العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام.

وقال الشيخ ، وابن بابويه في المقنع : يثبت بينهما اللعان.

والمستند ما رواه أيوب ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، (في حديث) قال : بين الحر والأمة ، والمسلم والذمية ، لعان. (٣)

ويؤيده عموم آية اللعان (٤).

وقال المتأخر : لا يثبت بالقذف ، ويثبت بنفي الولد ، وهو اختيار الشيخ في الاستبصار.

أما أنه لا يثبت بالقذف ، يدل على ذلك ما رواه إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر ، عن أبيه ، أن عليا عليه‌السلام قال : ليس بين خمس من النساء وأزواجهن ملاعنة ، اليهودية تكون تحت المسلم فقذفها (فيقذفها ئل) والنصرانية ، والأمة تحت الحر فيقذفها ، والحرة تكون تحت العبد فيقذفها ، والمجلود في الفرية ، لأن الله تعالى يقول : ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ، والخرساء ليس بينها وبين زوجها لعان ، إنما

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٤ من كتاب اللعان.

(٢) يعني مثله في اشتماله على هذا المضمون ، لا في ألفاظ الرواية ، فلاحظ الوسائل باب ٥ حديث ١١ من كتاب اللعان ويأتي عن قريب.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ٦ من كتاب اللعان.

(٤) قال الله تعالى : (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين) (النور ـ ٦).

٢٧١

قذفها مع أحدهما بما يوجب اللعان حرمت عليه أبدا.

وأن يكون عقدها دائما.

______________________________________________________

اللعان باللسان (١).

وأما أنه يثبت بنفي الولد ، يدل على ذلك إطلاق رواية حريز (٢).

وجمع فاضل منا بين القولين ، بأنه لا يقع بينهم في المتمتع بها ، ويقع في الدوام ، وهو بعيد.

والذي يظهر ، هو اختيار المفيد ، عملا بالروايات الكثيرة ، وتمسكا بأن اللعان إما أيمان أو شهادات ، وكلاهما لا يصحان من الكافر.

فأما ما يدل على الوقوع من رواية أيوب (٣) لا يصلح معارضته لما ذكرنا من الأخبار ، لأنه خبر واحد.

وتفصيل المتأخر (٤) في محل المنع ، إذ لا دليل عليه ، فإن إسماعيل بن أبي زياد (٥) مقدوح مضعف (ضعيف خ) جدا ، فلا اعتماد على ما ينفرد به.

ويؤيد ما قلناه ما ذكر في مسائل الكاظم لأخيه عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل مسلم تحته يهودية أو نصرانية ، أو أمة تنفي ولدها ، وقذفها ، هل عليه لعان؟ قال : لا (٦).

وربما حمل الشيخ الرواية الواردة بالمنع ، على التقية ، وهو ضعيف ، إذ الجمهور أيضا مختلفون ، بل مذهب الأكثرين هو الجواز.

« قال دام ظله » : وأن يكون عقدها دائما.

قلت : هذا هو المذهب المعمول عليه ، والمستند روايات ، (منها) رواية ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٧) وقد ذكرناها قبل.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١٢ من كتاب اللعان.

(٢) المتقدمة قبيل هذا.

(٣) المنتهية إلى حريز ، المتقدمة آنفا.

(٤) بين القذف فلا يثبت ، ونفي الولد فيثبت.

(٥) المتقدمة آنفا الدالة على نفي اللعان بالقذف في الجملة.

(٦) الوسائل باب ٥ حديث ١١ و ٤ من كتاب اللعان. (٧) الوسائل باب ٥ حديث ١١ و ٤ من كتاب اللعان.

٢٧٢

وفي اعتبار الدخول قولان ، المروي : أنه لا يقع قبله ، وقال ثالث بثبوته بالقذف دون نفي الولد.

ويثبت بين الحر والمملوكة. ، وفيه رواية بالمنع ، وقول ثالث بالفرق.

ويصح لعان الحامل ، لكن لا يقام عليها الحد حتى تضع.

______________________________________________________

(ومنها) ما رواه الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتع بها (منها خ) (١).

وذهب المفيد في بعض مسائله ، والمرتضى في الانتصار ـ إذ باحثوا المخالفين في المتعة ـ (إلى صحة اللعان من المتمتع بها نظرا إلى عموم) الآية (٢).

« قال دام ظله » : وفي اعتبار الدخول قولان ، المروي أنه لا يقع قبله ، وقال ثالث بثبوته دون نفي الولد.

ذهب الشيخ إلى اعتبار الدخول ، ومستنده ما رواه في التهذيب ، عن البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا يقع اللعان ، حتى يدخل الرجل بامرأته ، ولا يكون اللعان ، إلا بنفي الولد (٣).

وعبد الكريم واقفي ، لكن النجاشي وثقه ، فلا بأس به.

والجواز يظهر من إطلاق كلام المفيد.

وأما الثالث فهو المتأخر ، ذهب إلى ثبوته بالقذف ، للآية ، واللاثبوت بنفي الولد ، لأن الولد لا يلحق به مع إنكاره ، فلا يحتاج إلى لعان ، وفيه نظر.

« قال دام ظله » : ويثبت بين الحر والمملوكة ، إلى آخره.

البحث هنا كالبحث في الكافر ، حذو النعل بالنعل.

والثالث إشارة إلى المتأخر ، وقول الشيخ في الاستبصار ، كما ذكرناه.

« قال دام ظله » : ويصح لعان الحامل.

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من كتاب اللعان.

(٢) النور ـ ٦.

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ٦ من كتاب اللعان.

٢٧٣

الثالث : الكيفية

وهي أن يشهد الرجل أربعا بالله إنه لمن الصادقين فيما رماها به ، ثم يقول : إن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم تشهد المرأة أيضا أربعا إنه لمن الكاذبين فيما رماها به ، ثم تقول إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.

والواجب فيه النطق بالشهادة.

وأن يبدأ الرجل بالتلفظ على الترتيب المذكور ، وأن يعينها بالذكر أو الإشارة ، وأن ينطق باللفظ العربي مع القدرة.

والمستحب أن يجلس الحاكم مستدبر القبلة.

وأن يقف الرجل عن يمينه والمرأة عن يساره وأن يحضر من يسمع.

______________________________________________________

هذا مذهب الشيخ وأتباعه ، وقال المفيد وسلار : لا يلاعن الحامل ، والأول أظهر وأقوى ، لأنه لا مانع ، نعم لا تحد إلا بعد الوضع.

واستناد المفيد إلى رواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يلاعن (المرأة خ) على (في خ) كل حال ، إلا أن تكون حاملا (١).

ومستند الشيخ رواية الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢) وهي أشهر.

الثاني في الكيفية

« قال دام ظله » : وأن يقف الرجل عن يمينه ، والمرأة عن يساره.

أقول : كيفية الوقوف ، أن يكونا على قيام ، وهو اختياره في المبسوط ويدل عليه

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ من كتاب اللعان.

(٢) راجع الوسائل باب ٦ حديث ٢ و ٤ من كتاب اللعان.

٢٧٤

ووعظ الرجل بعد الشهادة قبل اللعن. وكذا المرأة قبل ذكر الغضب.

الرابع : في الأحكام

وهي أربعة :

(الأول) يتعلق بالقذف وجوب الحد على الزوج. وبلعانه سقوطه (عنه خ) وثبوت (ويثبت خ) الرجم على المرأة إن اعترفت أو نكلت ومع لعانها سقوطه عنها ، وانتفاء الولد عن الرجل ، وتحريمها عليه مؤبدا.

ولو نكل الرجل عن اللعان ، أو اعترف بالكذب حد للقذف.

(الثاني) لو اعترف بالولد في أثناء اللعان لحق به وتوارثا وعليه الحد.

ولو كان بعد اللعان لحق به وورثة الولد ولم يرثه الأب ولا من يتقرب به ، ويرثه الأم ومن يتقرب بها.

وفي سقوط الحد هنا روايتان. ، أشهرهما : السقوط.

______________________________________________________

رواية العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسن عليه‌السلام (في حديث) قال : وسألته عن الملاعنة قائما يلاعن أو قاعدا؟ قال : الملاعنة وما أشبهها من قيام (١).

وهو اختيار المفيد وسلار وأتباعهم.

وقال المتأخر : تكون المرأة قاعدة ، وما أعرف من أين قاله؟ وحكى ذلك عن الشيخ في المبسوط ، وما وجدت فيه إلا ما ذكرت والله أعلم ، والعمل على الأول.

« قال دام ظله » : وفي سقوط الحد هنا روايتان ، أشهرهما السقوط.

قوله : (هنا) إشارة إلى الاعتراف بالولد بعد اللعان.

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٦ من كتاب اللعان.

٢٧٥

ولو اعترفت المرأة بعد اللعان لم يثبت الحد إلا أن تقر أربعا على تردد.

______________________________________________________

وأما أنه يسقط الحد أم لا؟ فمذهب المفيد وابن أبي عقيل : لا ، وبه تشهد رواية الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل لاعن امرأته ، وانتفى من ولدها ، ثم أكذب نفسه ، هل يرد عليه ولده؟ فقال : إذا أكذب نفسه جلد الحد ، ورد عليه ابنه ، ولا ترجع إليه امرأته (١).

وقال الشيخ في الاستبصار : المراد به إذا أكذب قبل اللعان.

وهو عدول عن الظاهر.

وقال في النهاية : الأظهر السقوط ، ويدل عليه ما رواه ابن أبي عمير ، عن علي بن رئاب ، عن الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل لاعن امرأته وهي حبلى ، وقد استبان حملها ، وأنكر ما في بطنها ، فلها وضعت (وضعته خ) ادعاه وأقربه وزعم أنه منه؟ قال : يرد عليه ولده ويرثه ، ولا يجلد ، لأن اللعان (بينهما خ) قد مضى (٢).

وهو اختيار المتأخر ، وشيخنا دام ظله ، ويقويه قوله تعالى : (ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله) ، الآية (٣) وفي المبسوط والخلاف : إذا أكذب الزوج بعد اللعان ، أقيم عليه الحد ، واستدل بالإجماع.

وعلى التقديرات لا يرث الأب الولد ، ويرثه الولد.

« قال دام ظله » : ولو اعترفت المرأة بعد اللعان ، لم يثبت الحد ، إلا أن تقر أربعا على تردد.

منشأ التردد من النظر إلى قوله تعالى : (ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله) ، الآية (٤). والوجه ثبوت الحد ، لأن موجبه شئ متجدد ، وهو الإقرار

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٦ من كتاب اللعان.

(٢) الوسائل باب ٦ مثل حديث ٤ من كتاب اللعان وباب ١٣ حديث ١ منه.

(٣) النور ـ ٨. (٤) النور ـ ٨.

٢٧٦

(الثالث) لو طلق فادعت الحمل منه فأنكر ، فإن أقامت بينة أنه أرخى عليها الستر لا عنها وبانت منه ، وعليه المهر كملا ، وهي رواية علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (١).

وفي النهاية : وإن لم تقم بينة لزمه نصف المهر وضربت مائة سوط ، وفي إيجاب الجلد إشكال.

(الرابع) إذا قذفها فماتت قبل اللعان فله الميراث ، وعليه الحد للوارث.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو طلق فادعت الحمل منه ، فأنكر ، إلى آخره.

قلت : هذه المسألة مبنية على أن إرخاء الستر بمنزلة الدخول ، وهو ضعيف.

وأما (٢) إلزام نصف المهر مع عدم البينة ، برواية (٣) علي بن جعفر وكذا ضرب مائة سوط ، ومع تسليم الرواية يرتفع الإشكال.

وبعض المتأخر الرواية وقال : بنصف المهر ، ولا لعان ولا ضرب.

ونحن نطالبه بتنصيف المهر ، من أين قاله؟ مع إسقاط الرواية ، وحمله على الطلاق قياس.

« قال دام ظله » : إذا قذفها ، فماتت قبل اللعان ، فله الميراث ، إلى آخره.

اختلف قول الشيخ في هذه المسألة ، فذهب في النهاية إلى أن الزوج لا يرث بموتها ، إلا إذا لم يقم أحد من أهلها بالملاعنة (ليلا عنه خ) عملا برواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٥).

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ من كتاب اللعان ج ١٥ ص ٥٩٠.

(٢) إشارة إلى ما في المتن من قوله قده : وفي النهاية : وإن لم تقم بينة ... الخ.

(٣) هكذا في جميع النسخ وهي ستة ، والصواب (فبرواية.)

(٤) الوسائل باب ٢ حديث ١ من كتاب اللعان.

(٥) الوسائل باب ١٥ ذيل حديث ١ من كتاب اللعان ، وفيها : وإن أبى أحد من أوليائها أن يقوم مقامها أخذ الميراث زوجها ، ولاحظ صدره.

٢٧٧

وفي رواية أبي بصير : إن قام رجل من أهلها فلا عنه فلا ميراث له (١).

______________________________________________________

وإليه ذهب في الخلاف ، قال : فمتى (متى خ) مات المقذوف أو المقذوفة ، قبل اللعان ، انتقل ما كان لها ، من المطالبة بالحد إلى ورثتها ، ويقومون مقامها ، واستدل بأن ذلك من حقوق الآدميين ، بناء على الإجماع المركب. (٢)

وقال في موضع منه : والذي يقتضيه مذهبنا ، إن أحكام اللعان من سقوط الحد وانتفاء النسب والفراش والتحريم وغير ذلك ، يتعلق بتحريم الزوجين ، فما لم يوجد منها ، لم يثبت شئ منها ، وكذا يلوح من كلامه في المبسوط.

وهو اختيار المتأخر ، ذاهبا إلى أن الرواية ما أوردها أحد في كتاب ، ولا أودعها في تصنيف غير شيخنا أبي جعفر في النهاية.

قلت : وقد ذكر ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، في باب الميراث ، رواية في معناه ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام ، في رجل قذف امرأته ، ثم خرج ، فجاء وقد توفيت ، قال : يخير واحدة من اثنتين ، يقال له : إن شئت ألزمت نفسك الذنب ، فيقام فيك (عليك ئل) الحد ، وتعطي الميراث ، وإن شئت أقررت فلاعنت أدنى قرابتها إليها ، ولا ميراث لك (٣).

فالاقدام على إطلاق منع الإيراد ليس بحسن ، إذا البحث ليس في عين (شخصية خ) الرواية.

والوجه أن يقال : إن كان الموت قبل لعانهما ، فالميراث ثابت بحاله ، وإن كان

__________________

(١) الوسائل باب ١٥ قطعة من حديث ١ من كتاب اللعان ج ١٥ ص ٨٠٦.

(٢) بمعنى أن من قال : بأن الحقوق موروثة قال به مطلقا ، ومن لم يقل به لم يقل مطلقا ، فالتفصيل بين حق القذف وغيره خرق للإجماع المركب ومخالف له.

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ٢ من كتاب اللعان.

٢٧٨

وقيل : لا يسقط الإرث لاستقراره بالموت ، وهو حسن.

______________________________________________________

قبل لعانها وبعد لعانه ، فعلى قولين ، فمن قال : إن الأحكام الأربعة تتعلق بلعان الرجل ، فالميراث ساقط ، ومن قال : تتعلق بلعانهما معا ، فالميراث ثابت.

وقوله دام ظله : (وقيل : لا يسقط الميراث) تكرار ، إذ اختار في أول المسألة ثبوت الإرث ، وأشار بالقائل إلى المتأخر.

٢٧٩

٢٨٠