كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

______________________________________________________

ولا المارماهي ولا طافيا ولا طحالا ، لأنه بيت الدم ومضغة الشيطان (١).

وعن ابن فضال ، عن غير واحد من أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : الجري والمار ما هي والطافي حرام في كتاب علي عليه‌السلام (٢).

وهو اختيار الشيخ إلا في المار ما هي ، فإنه يقول فيه بالكراهية.

واختيار ابن بابويه والمتأخر ، التحريم في الكل.

ويظهر من كلام الشيخ في الاستبصار الكراهية ، وهو أشبه.

ويدل على ذلك ما رواه صفوان ، عن ابن مسكان ، عن محمد الحلبي ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا يكره شئ من الحيتان إلا الجري (٣).

وفي رواية عاصم بن حميد ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجري والمار ما هي والزمار (الزمير خ ئل) وما ليس فيه (له خ) قشر من السمك أحرام هو؟ فقال : يا محمد اقرأ هذه الآية التي في الأنعام ، قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما ، الآية ، قال : فقرأتها حتى فرغت منها ، فقال : إنما الحرام ما حرم الله ورسوله في كتابه ، ولكنهم قد كانوا يعافون أشياء ، فنحن نعافها (٤).

وأما الزهو والمارماهي والزمار فللشيخ فيها قولان ، وبحسبهما روايتان ، ذهب في كتاب الصيد والذبائح من النهاية إلى الكراهية ، وكذا في الاستبصار.

وفي كتاب الحدود ، قال : يعزر آكل الجري والمار ما هي ومسوخ السمك كلها ، وهو أظهر بين الأصحاب وأشبه لأنها بلا قشر.

وقال المتأخر : هذه كلها لا تسمى سمكا لا لغة ولا عرفا ، وهو (والله خ) أعلم بما قاله.

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرمة.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ١٥ من أبواب الأطعمة المحرمة.

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ١٧ من أبواب الأطعمة المحرمة.

(٤) الوسائل باب ٩ حديث ١٢ من أبواب الأطعمة المحرمة ، والآية في الأنعام ـ ١٤٥.

٣٦١

ولو وجدت في جوف سمكة سمكة أخرى حلت إن كانت مما يؤكل. ولو قذفت الحية سمكة تضطرب. فهي حلال إن لم تنسلخ فلوسها.

ولا يؤكل الطافي وهو الذي يموت في الماء وإن كان في شبكة أو حظيرة.

ولو اختلط الحي منها بالميت حل ، والاجتناب أحوط.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو اختلط الحي منها (فيها خ) بالميت حل ، والاجتناب أحوط.

ذهب الشيخ إلى أنه متى اجتمعت في الشبكة والحظيرة حيتان ، قد مات بعضها ، ولم يتميز ، فقد حل الكل ، وهو جمع بين ما رواه حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، قال : سألته عن الحظيرة من القصب يجعل في الماء للحيتان ، فيدخل فيه (فيها خ) الحيتان ، فيموت بعضها فيها؟ فقال : لا بأس به ، إن تلك الحظيرة إنما جعلت ليصاد بها (١).

وفي معناها رواية مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال ، سمعت أبي يقول : إذا ضرب صاحب الشبكة بالشبكة ، فما أصاب فيها من حي أو ميت فهو حلال ، ما خلا ما ليس له قشر ، ولا يؤكل الطافي من السمك (٢).

فجمع بينهما وبين الروايات المطلقة بتحريم الطافي والميت ، فاعتبر عدم التمييز جمعا بينهما.

وأما قوله : (والاجتناب أحوط) ففيه نظر ينشأ (منشأه خ) أن مع تسليم الرواية ، فلا اجتناب ومع طرحها (إطراحهما خ) يلزم التحريم قطعا ، لا احتياطا ، كما هو مذهب المتأخر ، تمسكا بأنها ماتت في الماء ، فيكون حراما بالاتفاق.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٥ حديث ٣ من أبواب الذبائح.

(٢) الوسائل باب ٣٥ حديث ٤ من أبواب الذبائح.

٣٦٢

ولا يؤكل جلال السمك حتى يطعم علفا طاهرا يوما وليلة.

وبيض السمك المحرم مثله. ولو اشتبه أكل منه الخشن لا الأملس.

(القسم الثاني) في البهائم : ويؤكل من الإنسية النعم.

ويكره الخيل الحمير (والحمر خ) والبغال ، وكراهية البغل أشد.

ويحرم الجلال منها على الأصح ، وهو ما يأكل عذرة الإنسان محضا ، ويحل مع الاستبراء بأن يربط ويطعم العلف الطاهر. وفي (كميته خ ل) اختلاف ، محصلة : استبراء الناقة بأربعين والبقرة بعشرين ، والشاة بعشرة.

______________________________________________________

والمختار مذهب الشيخ ، أما (أولا) فتسليما للروايات ، وأما (ثانيا) لأن التقدير أنه مات في الشبكة ، فهو بمنزلة أخذ اليد وقوله (١) : (مات في الماء) مسلم ، لكن لا نسلم أن كل ما مات في الماء فهو حرام ، لجواز أن يؤخذ باليد ويموت واليد في الماء ، فلا يحرم ، لأنه مصيد.

ويؤيد مذهب الشيخ ، ما رواه الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام كل شئ يكون فيه حرام وحلال ، فهو لك حلال أبدا ، حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه (٢).

« قال دام ظله » : ويحرم الجلال منها (أي من الخيل والبغال والحمير) على الأصح.

التحريم هو مقتضى المذهب ، وحكى شيخنا دام ظله عن المبسوط ، قولا بالكراهية ، فلهذا قال على الأصح.

« قال دام ظله » : وفي كمية (كميته خ) الاستبراء خلاف.

__________________

(١) يعني قول المتأخر وهو ابن إدريس ره.

(٢) الوسائل باب ٢٨ حديث ٢ من أبواب الأطعمة.

٣٦٣

ويؤكل من الوحشية : البقر والكباش الجبلية والحمر والغزلان واليحامير.

ويحرم كل ماله ناب ، وضابطه : ما يفترس (يفرس خ) كالأسد والثعلب.

ويحرم الأرنب (١) والضب (٢) واليربوع (٣) والحشار : كالفأرة والقنفذ والحية والخنافس (٤) والصراصر (٥) وبنات وردان (٦) والقمل.

(الثالث) في الطير : والحرام (يحرم خ) منه ما كان سبعا كالبازي والرخمة (٧).

وفي الغراب. روايتان ، والوجه : الكراهية : وتتأكد في الأبقع.

______________________________________________________

ثم (٨) ذكر الناقة والبقرة والشاة ، وهو اختيار النهاية ، ومما تستبرئ البطة وشبهها بخمسة أيام ، والدجاجة بثلاثة أيام.

وقال ابن بابويه : تستبرئ الناقة أربعين ، والبقرة ثلاثين ، والشاة عشرين ، وجعل العشرة رواية ، والبطة والدجاجة ثلاثة ، والسمك يوما إلى الليل.

وقال أبو الصلاح : في الإبل والبقر أربعين ، والشاة سبعة ، والدجاجة خمسة ، وجعل الثلاثة رواية ، وبالكل روايات (٩) مذكورة في مظانها ، والأكثرون على مذهب الشيخ ، وهو أحوط.

« قال دام ظله » : وفي الغراب روايتان ، والوجه الكراهية ، وتتأكدا في الأبقع.

__________________

(١) خرگوش

(٢) سوسمار.

(٣) موش صحرائي.

(٤) جعل.

(٥) سيس.

(٦) دودة تخرج من فضلة الآدمي بعد انفصاله عن مخرجه.

(٧) كركس وشبه كركس.

(٨) في بعض النسخ بعد قوله : خلاف هكذا : ومحصله استبراء الناقة بأربعين يوما والبقرة بعشرين والشاة بعشرة.

(٩) لاحظ الوسائل باب ٢٨ من أبواب الأطعمة المحرمة.

٣٦٤

______________________________________________________

روى الشيخ عن محمد بن يعقوب مرفوعا إلى أبي يحيى الواسطي ، قال : سئل الرضا عليه‌السلام عن الغراب الأبقع؟ قال : لا يؤكل (١).

وعن علي بن جعفر ، عن أخيه (أبي الحسن ئل) موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، قال : سألته عن الغراب الأبقع والأسود أيحل أكلهما؟ فقال : لا يحل أكل شئ من الغربان ، زاغ وغيره (٢).

وعليها فتوى الشيخ في الخلاف والمبسوط ، روى زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال : إن أكل الغراب ليس بحرام ، إنما الحرام ما حرمه الله في كتابه ، ولكن الأنفس تتنزه عن كثير من ذلك تقززا (٣).

فجمع بينها (بينهما خ) بالكراهية ، واختاره في النهاية والاستبصار والتهذيب ، وعليه المتأخر ، وشيخنا دام ظله

ويدل على ذلك ، ما رواه غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن محمد عليهما السلام ، أنه قال : كره أكل الغراب ، لأنه فاسق (٤).

وجه التأكيد في الأبقع كونه أكثر استخباثا.

والمتأخر يذهب إلى تحريمه ، وكذا الشيخ في الخلاف والمبسوط.

وضابطه أن الغربان ، أربعة أصناف ، الغداف وهو أكبرهم ، يأكل الجيف ، ويسكن الخربان (الخرابات خ) وهو حرام ، والأبقع الذي يسمى العقعق ، الطويل الذنب ، وبالفارسية عندنا ، شمشير ذنب ، وهو مكروه على الأشبه ، والأغبر ، وهو

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٤ من أبواب الأطعمة المحرمة ، وتمامه : ومن أحل لك الأسود؟

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٣ من أبواب الأطعمة المحرمة.

(٣) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرمة ، والتقزز. التباعد من الدنس (مجمع البحرين).

(٤) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرمة.

٣٦٥

ويحرم من الطير ما كان صفيفه أكثر من دفيفه ، وما ليس له قانصة (١) ولا حوصلة (٢) ولا صيصية (٣).

ويحرم الخفاش والطاووس.

وفي الخطاف (٤) تردد. والكراهية أشبه.

ويكره الفاختة (٥) والقبرة (٦). وأغلظ كراهية الهدهد ،

______________________________________________________

جنس كثير يفرس أي يصيد ، فهو حرام ، وغراب الزرع ، وهو أصغر الغربان ، حلال على كراهية.

« قال دام ظله » : وفي الخطاف تردد ، والكراهية أشبه.

منشأ التردد ، النظر إلى فتوى الشيخ في النهاية بالمنع ، وهو في رواية البرقي (٧) عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٨) وإلى ما رواه عمار بن موسى ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، عن الرجل يصيب خطافا في الصحراء ويصيده ، أيأكله؟ فقال : هو مما يؤكل وعن الوبر يؤكل؟ فقال : لا هو حرام (٩).

فحمله في الاستبصار على التعجب من ذلك ، دون الإخبار بإباحته ، وهو بعيد (١٠).

والوجه اطراح هذه الرواية لضعفها ، أو حمل الأولى على الكراهية.

وقال المتأخر : لا خلاف في تحريم الخطاف والخشاف.

__________________

(١) سنگ دان.

(٢) چينه دان.

(٣) چنگ كوچك.

(٤) پرستوك.

(٥) ماسوجة.

(٦) پشتك.

(٧) هو الحسن بن داود البرقي.

(٨) الوسائل باب ١٧ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرمة.

(٩) الوسائل باب ١٧ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرمة.

(١٠) وجه البعد أنه عليه‌السلام صرح في الجواب عن السؤال الثاني بالحرمة فهو قرينة كون الجواب عن الأول هي الحلية.

٣٦٦

والصرد (١) والصوام (٢) ، والشقراق (٣).

ولو كان أحد المحللة جلالا حرم حتى يستبرأ ، فالبطة (٤) وما أشبهها بخمسة أيام ، والدجاجة (٥) بثلاثة أيام.

ويحرم الزنانير ، والذباب ، والبق والبراغيث (البرغوث خ) ، وبيض ما لا يؤكل لحمه.

ولو اشتبه أكل منه ما اختلف طرفاه وترك ما اتفق.

مسألتان

(الأولى) إذا شرب المحلل لبن الخنزيرة كره ، فإن (ولو خ) اشتد به حرم لحمه ولحم نسله.

(الثانية) لو شرب خمرا لم يحرم بل يغسل (لحمه خ) ، ولا يؤكل ما في جوفه. ولو شرب بولا لم يحرم وغسل ما في جوفه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو شرب خمرا لم يحرم ، بل يغسل ، ولا يؤكل ما في جوفه ، ولو شرب بولا لم يحرم ، وغسل ما في جوفه.

يسأل هنا عن الفارق بين الخمر والبول (والجواب) إن الفرق مستفاد من النقل ، روى أبو جميلة ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : في شاة شربت خمرا حتى سكرت ، ثم ذبحت على تلك الحال : لا يؤكل ما في بطنها (٦).

وأفتى عليها الشيخ ، وأبو جميلة ضعيف ، ونزلها المتأخر على الكراهية ، وهو قريب.

وروى ـ في البول ـ موسى بن أكيل ، عن بعض أصحابه ، عن أبي جعفر عليه

__________________

(١) مرغ سرخ سينه ودرخت كوب.

(٢) چوكه.

(٣) كراكر ويا داركوب.

(٤) أردك

(٥) مرغ خانگى.

(٦) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرمة.

٣٦٧

القسم الرابع) في الجامد ، وهو خمسة :

(الأول) الميتات : والانتفاع بها محرم ، ويحل (١) منها ما لا تحله الحياة إذا كان الحيوان طاهرا في حال الحياة. وهي عشرة : الصوف ، والشعر ، والوبر ، والريش ، والقرن ، والعظم والسن ، والظفر ، والظلف ، والبيض إذا اكتسى القشر الأعلى ، والإنفحة (٢).

وفي اللبن (٣) روايتان ، والأشبه : التحريم.

______________________________________________________

السلام ، في شاة شربت بولا ، ثم ذبحت ، قال : فقال : يغسل ما في جوفها ، ثم لا بأس به (٤).

وهي مرسلة ، لكنها مطابقة للأصل ، فلا بأس بالعمل بها.

« قال دام ظله » : اللبن روايتان ، والأشبه التحريم.

روى علي بن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الإنفحة تخرج من الجدي الميت؟ قال : لا بأس به ، قلت : اللبن يكون في ضرع الشاة ، وقد ماتت؟ قال : لا بأس به ، قلت : والصوف والشعر وعظام الفيل والجلد والبيض يخرج من الدجاجة؟ فقال : كل هذا لا بأس به (٥).

وعليها فتوى الشيخين (الشيخ خ) وابن بابويه.

فأما ما رواه وهب ، عن جعفر ، عن أبيه أن عليا عليهم‌السلام ، سئل عن شاة

__________________

(١) في بعض النسخ المخطوطة : ونحل منها ما كان طاهرا في الحياة.

(٢) ما عده قدس‌سره أحد عشر ، فأما يجعل العظم مع القرن أو السن واحدا أو الظفر والظلف واحدا.

(٣). شيردان.

(٤) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرمة ، وتمامه : وكذلك إذا اعتلفت بالعذرة ، ما لم تكن جلالة والجلالة التي يكون ذلك غذاها.

(٥) الوسائل باب ٣٣ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرمة.

٣٦٨

(الثاني) ما يحرم من الذبيحة ، وهو خمسة : القضيب (١) ، والأنثيان ، والطحال (٢) ، والفرث (٣) ، والدم.

______________________________________________________

ماتت ، فحلب منها لبن ، فقال علي عليه‌السلام : إن ذلك حرام محضا (٤).

ضعيف من حيث أن وهب بن وهب كذاب مدبر (٥) طعن نقاد الرجال.

وهو اختيار سلار ، وعليه المتأخر ، مدعيا أنه مذهب المحصلين من الأصحاب ، ولا خلاف بينهم.

ومستدلا بطريقة الاحتياط ، وبأنه مائع لاقى الميتة فنجس ، والدعوى مجوفة (محرفة خ).

وفي الاستدلال ضعف ، أما الأول فلأن الشيخين وابن بابويه مخالفوه ، والمرتضى وأتباعه غير ناطقين به ، فما أعرف من بقي معه من المحصلين.

وأما الثاني فلأن الاحتياط لا يفيد التحريم ، ولأنا نمنع أن كل مائع لاقى الميتة  ـ على أي وجه كان ـ فقد نجس.

« قال دام ظله » : الثاني ما يحرم من الذبيحة ، وهو خمسة ، إلى آخره.

هذه الخمسة حرام بلا خلاف ، واقتصر عليها المفيد وسلار.

وأما المثانة والمرارة والفرج ففيها تردد ، منشأه عدم دليل التحريم ، وبالنظر إلى الاستخباث يلزم التحريم ، وهو قوي ذهب إليه الشيخ وأبو الصلاح ، وأضاف إليها الشيخ : النخاع والعلباء والغدد وذات الأشاجع والحدق والخرزة تكون في الدماغ ، وعليه أتباعه والمتأخر.

__________________

(١) ذكر.

(٢) اسپرز (٣) سرگين.

(٤) الوسائل باب ٣٣ حديث ١١ من أبواب الأطعمة المحرمة ، وفيه : ذلك الحرام محضا ، كما في التهذيب أيضا.

(٥) هكذا في جميع النسخ كلها ، ولم نعثر على هذه الكلمة (مدبر) في الكتب الرجالية فلاحظ وتتبع.

٣٦٩

وفي المثانة (١) والمرارة (٢) تردد ، أشبهه : التحريم للاستخباث.

وفي الفرج والعلباء والنخاع وذات الأشاجع والغدد وخرزة الدماغ والحدق خلاف ، أشبهه : الكراهية.

ويكره الكلى وأذنا القلب والعروق.

وإذا شوي الطحال مثقوبا فما تحته حرام ، وإلا فهو حلال.

(الثالث) الأعيان النجسة : كالعذرات وما أبين من حي.

والعجين إذا عجن بالماء النجس ، وفيه رواية بالجواز بعد خبزه ، لأن النار قد طهرته.

(الرابع) الطين ، وهو حرام ، إلا طين قبر الحسين عليه‌السلام

______________________________________________________

والوجه الكراهية ، فيما سوى الثمانية (٣) تمسكا بالأصل ، إذ لا دليل قاطعا على التحريم.

« قال دام ظله » : والعجين إذا عجن بالماء النجس ، إلى آخره.

قلت : فيه روايتان وقولان ، ذهب الشيخ في باب المياه من النهاية إلى طهارة الخبز ، وبه (وهو في خ) رواية محمد بن عبد الله الزبير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن البئر تقع فيها الفأرة أو غيرها من الدواب فتموت فيعجن من مائه ، أيؤكل ، ذلك الخبز؟ قال : إذا أصابته النار لا بأس بأكله (٤).

واختار في كتاب الأطعمة التحريم ، وجعل الجواز رواية ، وهو أشبه ، وعليه (وعليها خ) فتوى المفيد.

__________________

(١) بول دان.

(٢) زهره دان.

(٣) وهي الخمسة المذكورة في المتن ، وإضافة المثانة والمرارة والفرج.

(٤) الوسائل باب ١٤ حديث ١٧ من أبواب الماء المطلق من كتاب الطهارة.

٣٧٠

للاستشفاء ولا يتجاوز قدر الحمصة.

(الخامس) السموم القاتلة ، قليلها وكثيرها ، وما يقتل كثيره فالمحرم منه ما بلغ ذلك الحد.

(القسم الخامس) في المائعات ، والمحرم منها خمسة :

(الأول) الخمر ، وكل مسكر ، والعصير إذا غلى.

(الثاني) الدم. وكذا العلقة ولو في البيضة ، وفي نجاستها تردد ، أشبهه : النجاسة.

ولو وقع قليل دم في قدر وهي تغلي ، لم يحرم المرق ، ولاما فيه إذا ذهب بالغليان.

ومن الأصحاب من منع من المائع وأوجب غسل التوابل (١) وهو حسن ، كما لو وقع غيره من النجاسة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : الثاني الدم وكذا العلقة ، ولو في البيضة ، وفي نجاستها تردد ، أشبهه النجاسة.

منشأ التردد ، أن العلقة هل هي دم أم لا؟ والأول أثبت لغة وعرفا ، فالتردد ضعيف.

« قال دام ظله » : ومن الأصحاب من منع من المائع (٢) وأوجب غسل التوابل ، وهو حسن.

هذا إشارة إلى المتأخر ، وذهب الشيخ إلى أنه إذا غلت القدر ، طهر ما فيها من

__________________

(١) يعني آنچه كه درميان ديگ از جوامد مثل گوشت وچلو وغيره است. ففي مادة « دبل » من القاموس : دبلة الطعام وأبلته محركتين تخمته ، انتهى والتخمة كهمزة.

(٢) يعني من الأصحاب من منع من شرب المايع الذي وقع فيه قليل الدم ، وأوجب غسل اللحم وغيره من الجوامد التي فيه من الحبوبات.

٣٧١

(الثالث) كل مائع لاقته النجاسة (نجاسة خ) فهو نجس ، كالخمر والدم والميتة والكافر الحربي.

وفي الذمي روايتان ، أشهرهما : النجاسة.

وفي رواية : إذا اضطر إلى مؤاكلته أمره بغسل يديه وهي متروكة.

______________________________________________________

المائع ، وهو استناد إلى رواية سعيد الأعرج ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن قدر فيها جزور ، وقع فيها قدر أوقية من دم ، أيؤكل؟ قال ، نعم ، فإن النار تأكل الدم ، روى هذه محمد بن يعقوب ، والشيخ وابن بابويه في من لا يحضره الفقيه (١).

وإلى رواية زكريا بن آدم ، قال : سألت الرضا عليه‌السلام (وذكر حديثا منه) فإن (فإنه ئل) قطر فيه دم؟ قال : الدم تأكله النار ، إن شاء الله (٢).

وسعيد الأعرج مجهول الحال ، وفي طريق رواية ابن آدم محمد بن موسى ، وقد ذكر ابن الغضائري والنجاشي ، أن القميين طعنوا فيه ورموه بالغلو.

وقال المفيد : لا يجوز أكله ، إلا بعد زوال عين الدم وتفرقها ، ويحرم ما خالط الدم ، والتقييد حسن.

« قال دام ظله » : وفي الذمي روايتان ، أشهرهما النجاسة ، وفي رواية ، إذا اضطر إلى مؤاكلته أمره بغسل يده ، وهي متروكة.

أما نجاسة المائع بملاقاة الذمي (٣) فهو الذي انعقد عليه العمل وبه روايات (٤).

وحكي عن المفيد في رسالته (الرسالة خ) الغرية الطهارة ، وهو متروك ، وبه

__________________

(١) الوسائل باب ٤٤ حديث ٢ من الأطعمة المحرمة.

(٢) الوسائل باب ٣٨ قطعة من حديث ٨ من أبواب النجاسات.

(٣) هكذا في كثير النسخ التي عندنا وفي بعضها : بملاقاة النجاسة.

(٤) راجع الوسائل باب ٥٢ و ٥٣ و ٥٤ من أبواب الأطعمة المحرمة من كتاب الأطعمة ج ١٦ ص ٣٨٢ ... وباب ٣ من أبواب الأسئار ج ١ ص ١٦٥ وباب ١٤ من أبواب النجاسات ج ٢ ص ١٠١٨.

٣٧٢

ولو كان مما وقع فيه النجاسة جامدا القي ما يكتنف (يكتنفه خ) النجاسة وحل ما عداه.

ولو كان المائع دهنا جاز بيعه للاستصباح به تحت السماء لا تحت الأضلة.

ولا يحل ما يقطع من أليات الغنم ، ولا يستصبح بما يذاب منها.

وما يموت فيه ماله نفس سائلة من المائع ينجس (نجس خ) دون ما لا نفس له.

(الرابع) أبوال ما لا يؤكل لحمه حرام.

وهل يحرم بول ما يؤكل لحمه؟ قيل : نعم ، إلا أبوال الإبل ،

______________________________________________________

رواية (١) محمولة على التقية.

وأما أن مع الاضطرار ، يأمره بغسل يده ، فمذهب الشيخ في النهاية ، وبه يشهد ما رواه العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مؤاكلة اليهودي والنصراني والمجوسي؟ فقال : لا بأس إذا كان من طعامك ، وسألته عن مؤاكلة المجوسي؟ فقال : إذا توضأ فلا بأس (٢).

والمعنى بالتوضي هنا ، غسل اليد ، وفيه إشكال ، اللهم إلا أن يحمل على أن يكون الطعام يابسا.

وقال المتأخر : لا يجوز مؤاكلة الكفار أي جنس كان ، لأنهم أنجاس.

« قال دام ظله » : وهل يحرم بول ما يؤكل لحمه؟ قيل : نعم إلا بول (أبوال خ) الإبل ، والتحليل أشبه.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٥٤ حديث ١ و ٨ من أبواب الأطعمة المحرمة.

(٢) الوسائل باب ٥٣ حديث ٤ من أبواب الأطعمة المحرمة.

٣٧٣

والتحليل أشبه.

(الخامس) ألبان الحيوان المحرم كاللبؤة (١) والذئبة (٢) والهرة.

ويكره ما كان لحمه مكروها كالأتن (٣) حليبه وجامده.

(القسم السادس) في اللواحق ، وهي سبع :

(الأولى) شعر الخنزير نجس سواء أخذ من ميت أو حي على الأظهر ، فإن اضطر استعمل ما لا دسم فيه وغسل يده.

ويجوز الاستقاء به وبجلود الميتة ولا يصلى بمائها.

(الثانية) إذا وجد لحم فاشتبه القي في النار ، فإن انقبض فهو ذكي ، وإن انبسط فهو ميتة.

ولو اختلط الذكي منها بالميتة اجتنبا.

______________________________________________________

والأول مذهب الشيخ وأتباعه ، والثاني مذهب المتأخر في موضع من الكتاب ، واختار شيخنا ، وقد مضى هذا البحث.

« قال دام ظله » : شعر الخنزير نجس ، سواء أخذ من ميت أو حي ، على الأظهر.

والخلاف مع علم الهدى ، فإنه يذهب إلى طهارته وقد مضى هذا البحث في أول الكتاب.

« قال دام ظله » : ويجوز الاستقاء به وبجلود الميتة ، ولا يصلى بمائها.

مستند الجواز كثرة الاحتياج إلى استعمالها (الاستعمال خ) وينجس الماء بالملاقاة ، فلا يصلى به ولا يشرب ، وينجس منه الثياب ، لكن يستعمل في الزراعات والمساقاة وشرب الدواب ، والاجتناب أفضل.

« قال دام ظله » : ولو اختلط الذكي (منها خ) بالميتة اجتنبا ، وفي رواية الحلبي يباع

__________________

(١) أنثى الأسد.

(٢) أنثى الذئب.

(٣) بضم الهمزة والتاء وسكون النون جمع أتان بالفتح أنثى الحمار (الرياض).

٣٧٤

وفي رواية الحلبي : يباع ممن يستحل الميتة.

(الثالثة) لا يأكل الإنسان من مال غيره إلا بإذنه. (وقد رخص مع عدم الإذن في الأكل من بيوت من تضمنته) الآية (١) إذا لم يعلم الكراهية.

وكذا ما يمر الإنسان به من ثمرة النخل.

وفي ثمرة الزرع والشجر تردد. ولا يقصد (٢) ولا يحمل.

(الرابعة) من شرب خمرا أو شيئا نجسا فبصاقه طاهر ما لم يكن متغيرا بالنجاسة.

______________________________________________________

ممن يستحل الميتة.

هذه رواها ، علي بن الحكم ، عن أبي المعزا ، عن الحلبي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ، يقول : إذا اختلط الذكي والميتة (بالميت ئل) باعه ممن يستحل الميتة ، وأكل ثمنه (٣).

ومثله في رواية ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام (٤).

وعليها فتوى الشيخ ، والاجتناب أشبه بالمذهب ، لأن ثمن الحرام حرام ، وكذا الانتفاع به ، والتصرف فيه ، وهو اختيار المتأخر وشيخنا دام ظله.

« قال دام ظله » : وفي ثمر (ثمرة خ) الزرع والشجر تردد.

__________________

(١) النور : ٦١.

(٢) في بعض الحواشي : أي قصد الإضرار.

(٣) الوسائل باب ٣٦ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرمة.

(٤) الوسائل باب ٣٦ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرمة ، ولفظه هكذا : عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه سأل عن رجل كان له غنم وبقر فكان يدرك الذكي منها فيعزله ويعزل الميتة ، ثم أن الميتة والذكي اختلطا كيف يصنع به؟ قال : يبيعه ممن يستحل الميتة ، ويأكل ثمنها ، فإنه لا بأس به.

٣٧٥

(الخامسة) إذا باع ذمي خمرا ثم أسلم فله قبض ثمنها.

(السادسة) الخمر تطهر (تحل خ) إذا انقلبت خلا ولو كان بعلاج ، ولا تحل لو القي فيها (خل خ) إذا استهلكها.

وقيل : ولو القي في الخل خمر من إناء فيه خمر لم يحل حتى يصير ذلك الخمر خلا ، وهو متروك.

(السابعة) لا تحرم الربوبات ولا الأشربة وإن شم منها رائحة المسكر.

______________________________________________________

مضى البحث في كتاب البيوع.

« قال دام ظله » : وقيل لو القي في الخل خمر من إناء فيه خمر ، لم يحل حتى يصير ذلك الخمر خلا ، وهو متروك.

القائل هو الشيخ رحمه‌الله في النهاية والتهذيب ، تأويلا لرواية فضالة ، عن عبد الله بن بكير ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن الخمر يجعل خلا؟ قال : لا بأس إذا لم يجعل فيها ما يغلبها. (١)

قال في التهذيب : معناه إذا جعل فيه ما يغلب عليه ، فيظن أنه خل ، ولا يكون مثل خمر قليل يطرح عليه كثير من الخل ، فإنه يصير بطعم الخل ، ومع هذا لا يجوز استعماله حتى يعزل من تلك (الخمرة خ) ويترك مفردا حتى يصير خلا فحينئذ حل (يحل خ) ذلك الخل.

وفي التأويل تعسف ، مع بعده عن المذهب.

وصورة المسألة أن يفرض إناءان في أحدهما خل ، وفي الآخر خمر ، فوقع شئ من إناء الخمر في الخل ، فقد نجس الخل بملاقاة الخمر. فقال الشيخ : إذا صار إناء

__________________

(١) الوسائل باب ٣١ حديث ٤ من أبواب الأشربة المحرمة.

٣٧٦

ويكره الأسلاف في العصير. وأن يستأمن على طبخه من يستحله قبل أن يذهب ثلثاه ، والاستشفاء بمياه الجبال الحارة التي يشم منها رائحة الكبريت.

______________________________________________________

الخمر خلا فقد حل إناء الخل.

وهو مشكل ، إلا على مذهب من يقول بطهارة الخمر ، فلا يحتاج إلى الانتظار ، وكذا من قال : بأن الاستحالة تطهره ، والقولان (١) متروكان عندنا.

__________________

(١) يعني القول بطهارة الخمر ، والقول بمطهرية الاستحالة بالنسبة إلى الإناء الآخر الذي وقع فيه شئ من الخمر متروكان عند الإمامية.

٣٧٧

٣٧٨

كتاب الغصب

٣٧٩

كتاب الغصب

والنظر في أمور :

الأول :

الغصب هو الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير عدوانا. ولا يضمن لو منع المالك من إمساك الدابة المرسلة.

وكذا لو منعه من القعود على بساطه ويصح غصب العقار كالمنقول ويضمن بالاستقلال به.

ولو سكن الدار قهرا مع صاحبها ففي الضمان قولان ، ولو قلنا بالضمان ضمن النصف ويضمن ، حمل الدابة لو غصبها.

وكذا الأمة.

ولو تعاقبت الأيدي على المغصوب فالضمان على الكل ، ويتخير المالك.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو سكن الدار قهرا مع صاحبها ، ففي الضمان قولان.

قال في المبسوط : يضمن النصف ، وقول آخر إنه لا يضمن شيئا ، واختاره شيخنا في الشرائع ، نظرا إلى عدم الاستقلال بإثبات اليد ، والأول أقوى.

٣٨٠