كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

______________________________________________________

ولو مات الزوج وله زوجة ليس له سواها ، فلها الربع بالتسمية ، وهل لها الباقي بالرد؟ فيه أقوال ثلاثة.

قال الشيخ في الإيجاز والنهاية : لها الربع والباقي للإمام ، وهو مذهب المفيد في كتاب له (١) والمرتضى في الانتصار ، وابن بابويه في الرسالة ، وابنه في المقنع ، وسلار في الرسالة ، وعليه المتأخر ، وشيخنا دام ظله (وجوده خ) وبه عدة روايات.

(منها) ما رواه أبو بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن امرأة ماتت وتركت زوجها ، لا وارث لها غيره؟ قال : إذا لم يكن غيره فله المال ، والمرأة لها الربع ، وما بقي فللإمام (٢).

ومثله في رواية محمد بن مروان ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في زوج مات وترك امرأته؟ قال : لها الربع ، ويدفع الباقي إلى الإمام (٣).

وقال المفيد في المقنعة : مع عدم وارث ، يرد على الأزواج ، وهو في رواية محمد بن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : رجل مات وترك امرأته؟ قال : المال لها ، قال : قلت : امرأة ماتت وتركت زوجها؟ قال : المال كله له (٤).

واستضعف علم الهدى هذه الرواية ، وحملها محمد بن بابويه (في من لا يحضره الفقيه خ) على زمان غيبة الإمام عليه‌السلام ، توفيقا بينها وبين ما قدمناه من الروايات.

__________________

(١) في بعض النسخ : في كتاب الأعلام.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٥ من أبواب ميراث الأزواج.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٧ من أبواب ميراث الأزواج.

(٤) الوسائل باب ٤ حديث ٦ من أبواب ميراث الأزواج ، وتمامه ، قلت فالرجل يموت ويترك امرأته؟ قال المال لها.

٤٢١

(الثانية) روى (١) مالك بن أعين عن أبي جعفر عليه‌السلام في

______________________________________________________

ونزلها الشيخ في الاستبصار إما على هذا التأويل ، أو على كونها ذات قرابة له ، والأول هو المعمول عليه.

إذا تقرر هذا ، فلو مات أحدهما وخلف الآخر مسلما وورثة كفارا ، فلو كان هو الزوج ، فالمال له على ما تقرر ، فلو أسلم الورثة (الوراث خ) فلا ميراث له ، لأن القسمة غير ممكنة ، لأنه بالموت حاز الإرث ، وعليه المتأخر.

وقال في النهاية : يرد عليه فاضل الزوجية ، وهو بعيد مع تسليم هذه المقدمات.

وتردد شيخنا في ذلك ، التفاتا إلى قول الشيخ ، ولو كان يخلف (المخلف خ ل) الزوجة ، تأخذ الإرث على ما قدمناه ، فلو أسلم على الميراث أحد الورثة (الوراث خ) فله الفاضل من سهمها على الصحيح ، بناء على ما اخترناه.

« قال دام ظله » : روى مالك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في نصراني مات ، إلى آخره.

هذه الرواية أوردها الشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة ، وابن بابويه في من

__________________

(١) نقول : وكأن المصنف نقلها ملخصة ، وإلا فمتن الحديث كما في الكافي هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، جميعا عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن مالك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن نصراني مات وله ابن أخ مسلم وابن أخت مسلم ، وللنصراني أولاد وزوجة نصارى ، (قال : ـ كما في الكافي والتهذيب) فقال : أرى أن يعطي ابن أخيه المسلم ثلثي ما ترك ، ويعطي ابن أخته ثلث ما ترك إن لم يكن له ولد صغار ، فإن كان له ولد صغار فإن على الوارثين أن ينفقا على الصغار مما ورثا من أبيهم حتى يدركوا ، قيل له : كيف ينفقان (على الصغار كما في الفقيه)؟ (قال : ـ كما في الكافي والتهذيب) فقال : يخرج وارث الثلثين ثلثي النفقة ويخرج وارث الثلث ثلث النفقة ، فإذا أدركوا قطعا (قطعوا ـ كما في الفقيه) النفقة عنهم ، قيل له : فإن أسلم الأولاد (أولاده ـ كما في الفقيه) وهم صغار؟ (قال : ـ كما في الكافي والتهذيب) فقال : يدفع ما ترك أبوهم إلى الإمام حتى يدركوا ، فإن بقوا (أتموا ـ كما في الفقيه) على الإسلام (إذا أدركوا ـ كما في الفقيه) دفع الإمام ميراثهم (ميراثه ـ كما في الفقيه) إليهم ، وإن لم يبقوا (لم

٤٢٢

نصراني مات وله ابن أخ وابن أخت مسلمان وأولاد صغار ، لابن الأخ الثلثان ، ولابن الأخت الثلث ، وينفقان على الأولاد بالنسبة ، فإن أسلم الصغار دفع المال إلى الإمام عليه‌السلام ، فإن بلغوا على الإسلام دفعه

______________________________________________________

لا يحضره الفقيه (١) وهي من المشاهير.

لكن فيها إشكال ، منشأه توقيف الميراث وإنفاقه على الأولاد المحكوم (المحكومين خ) بكفرهم ، ورده إليهم بعد القسمة ، لو أسلموا بعد البلوغ.

فالأقرب ما اختاره المتأخر وشيخنا دام ظله في نكت النهاية ، أن لا ينفق عليهم ، ولا يرد عليهم بإسلامهم بعد البلوغ ، لكونهم بحكم الكفار ، وإلا لما جازت قسمة الميراث ، اللهم إلا أن يحمل على الرواية ، فيعمل بها في تلك الصورة خاصة ، ويرجع إلى الأصل بتغيرها.

ولقائل أن يقول : إن عنيتم بقولكم : (أولاد الكفار بحكم الكفار) إنهم كافرون ، بحيث يجري عليهم أحكامهم ، فهو غير مسلم ، ما الدليل عليه؟ وإن عنيتم أنهم ليسوا بمسلمين ، فهو مسلم (فمسلم خ) ولكن لا يتم به دليلكم ، لأن المانع من الإرث هو الكفر.

__________________

يتموا كما في الفقيه) على الإسلام إذا أدركوا دفع الإمام ميراثه إلى ابن أخيه وابن أخته المسلمين ، يدفع إلى ابن أخيه ثلثي ما ترك ، و (يدفع ـ كما في الكافي والفقيه) إلى ابن أخته ثلث ما ترك.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن مالك من أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عبد الملك بن أعين أو مالك بن أعين مع اختلاف يسير كما أشرنا إليه.

(١) والكليني ره أيضا « في الكافي ج ٧ ص ١٤٣ باب آخر في ميراث أهل الملل ، ورواه في الوسائل ، عن هشام بن سالم عن عبد الملك بن أعين ومالك بن أعين جميعا » ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (راجع باب ٢ حديث من أبواب موانع الإرث من الوسائل ج ١٧)

٤٢٣

الإمام عليه‌السلام إليهم. وإن (لوخ) لم يسلموا دفع إلى ابن الأخ الثلثين وإلى ابن الأخت الثلث.

(الثالثة) إذا كان أحد أبوي الصغير مسلما الحق به ، فإن بلغ أجبر على الإسلام ، ولو أبى كان كالمرتد.

(الرابعة) المسلمون يتوارثون وإن اختلفت آراؤهم.

وكذا الكفار وإن اختلفت مللهم.

(الخامسة) المرتد عن فطرة يقتل ولا يستتاب ، وتعتد امرأته عدة الوفاة ، ويقسم أمواله.

ومن ليس عن فطرة يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل ، وتعتد زوجته عدة الطلاق مع الحياة وعدة الوفاة لا معها ، والمرأة لا تقتل بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتى تتوب ولو كانت عن فطرة.

(السادسة) لو مات المرتد كان ميراثه لوارثه المسلم ، ولو لم يكن له

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو مات المرتد ، كان ميراثه لوارثه المسلم ، ولو لم يكن له وارث إلا كافر ، كان ميراثه للإمام عليه‌السلام ، على الأظهر.

المرتد (إما) أن يكون عن فطرة أو لا ، فالأول يقسم ماله بالارتداد ، وتعتد زوجته عدة الوفاة ، لأنها بائنة ، وارتداده بمنزلة قتله ، لوجوبه عليه ، ولا يستتاب ، فإن لحق بدار الحرب ، فماله لوارثه ، أو للإمام عليه‌السلام ، مع عدمهم.

والثاني يستتاب ، فإن تاب ، وإلا قتل ، وتعتد زوجته عدة الوفاة ، فإن لحق بدار الحرب تعتد عدة الطلاق ، لأنها بحكم الزوجة المطلقة ، فإن أسلم في العدة فهو أملك بها.

وهل تقسم أمواله ، إذا لحق بدار الحرب؟ قال في الخلاف والمبسوط : لا إلا

٤٢٤

وارث إلا كافرا كان ميراث المرتد (ميراثه خ) للإمام عليه‌السلام على الأظهر.

وأما القتل فيمنع الوارث عن الإرث إذا كان عمدا ظلما ، ولا يمنع لو كان خطأ.

______________________________________________________

بالموت أو القتل ، وهو اختيار شيخنا والمتأخر ، وهو أشبه.

وقال في النهاية : نعم ، وهو يشكل ، لتقسيم مال الحي بغير دليل ، على أن له تشبثا بالإسلام ، بحيث لو أسلم وزوجته في العدة ، يرجع إليها.

ولو مات على الكفر ، ولا وارث مسلما له ، فميراثه للإمام على الأظهر ، ذهب إليه الشيخ في كتب الفتاوى وأتباعه عليه.

وقال في الاستبصار : يكون لولده الكفار مع عدم المسلمين ، وهو تأويل لما رواه ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن رجل (١) قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : نصراني أسلم ، ثم رجع إلى النصرانية ، ثم مات؟ قال : ميراثه لولده النصارى ، ومسلم تنصر ، ثم مات؟ قال : ميراثه لولده المسلمين (٢).

وفي التأويل ضعف ، وحملها في النهاية على التقية وقد أورد الرواية ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، ولم يرسلها (٣) وأفتى عليها في المقنع.

والعمل على الأول ، وحمل الرواية على التقية قريب ، أو نطرحها لإرسالها ، أو لكونها منافية للأصل.

« قال دام ظله » : وأما القتل فيمنع الوارث من الإرث ، إذا كان عمدا ظلما ، ولا يمنع لو كان خطأ ، وقال الشيخان : يمنع من الدية حسب.

__________________

(١) ليس في الوسائل لفظة (عن رجل) مع أنه نقلها عن الشيخ ره.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب موانع الإرث (ج ١٧).

(٣) راجع الفقيه باب ميراث أهل الملل الرواية ١٤ (ج ٤ ص ٢٤٥).

٤٢٥

______________________________________________________

لا خلاف أن القاتل عمدا ظلما محجوب من الإرث ، وإنما اختلفت الروايات في القاتل خطأ ، فقال المفيد في المقنعة : يرث مطلقا ، وكذا قال الشيخ في أول باب ميراث القاتل من النهاية.

عملا برواية عاصم بن حميد الحناط ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : إذا قتل الرجل أمه خطأ ورثها ، وإذا قتلها متعمدا فلا يرثها (١).

ورواية عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن رجل قتل أمه أيرثها؟ قال : إن كان خطأ ، ورثها ، وإن كان عمدا لم يرثها (٢).

ثم قال في النهاية : وقد روي أنه لا يرث ، وإن كان خطأ (٣) وقد كان شيخنا المفيد ، يحملها على أنه لا يرث من الدية ، ويرث من التركة ، جمعا بين الأخبار ، وعلى هذا أعمل ، لأنه أحوط ، هذا آخر كلامه في النهاية.

وعليه فتواه في الخلاف ، وفتوى المرتضى في الانتصار ، استنادا إلى الإجماع ، وعليه أتباعهم والمتأخر وأبو الصلاح.

ويؤيده ما رواه محمد بن سعيد الدارقطني ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر حديثا فيه : فإن قتل أحدهما صاحبه عمدا ، فلا يرث من ماله ولا من ديته ، وإن قتله خطأ ورث من ماله ، ولا يرث من ديته (٤).

فأما رواية المنع ، فهي ما رواها حماد بن عثمان ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب موانع الإرث.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب موانع الإرث.

(٣) لاحظ الوسائل باب ٩ حديث ٣ و ٤ من أبواب موانع الإرث.

(٤) الخلاف للشيخ قده مسألة ٢٢ من كتاب الفرائض.

٤٢٦

وقال الشيخان : يمنع من الدية حسب.

ولو اجتمع القاتل وغيره فالميراث لغير القاتل وإن بعد ، سواء تقرب بالقاتل أو بغيره ، ولو لم يكن وارث سوى القاتل فالإرث للإمام عليه السلام.

وهنا مسائل

(الأولى) الدية كأموال الميت يقضى منها ديونه وتنفذ وصاياه وإن قتل عمدا إذا أخذت منه الدية.

وهل للديان منع الوارث من القصاص؟ الوجه : لا ، وفي رواية : لهم المنع حتى يضمن الوارث الدين

______________________________________________________

عبد الله عليه السلام ، قال : لا يقتل الرجل بولده إذا قتله ، ويقتل الولد بوالده إذا قتل والده ، ولا يرث الرجل أباه (الرجل خ ئل) إذا قتله وإن كان خطأ (١).

وما حمل عليه من منعه من الدية ، وجه قريب ، واستحسنه الشيخ في النهاية والاستبصار.

« قال دام ظله » : وهل للديان منع الوارث عن (من خ) القصاص؟ الوجه لا ، وفي رواية : لهم المنع حتى يضمن الوارث الدين.

هذه رواها أبو بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن رجل قتل ، وعليه دين ، وليس له مال ، فهل لأوليائه أن يهبوا دمه لقاتله ، وعليه دين؟ فقال : إن أصحاب الدين هم الخصماء للقاتل ، فإن وهب أولياؤه دمه للقاتل ، ضمنوا الدية للغرماء وإلا فلا (٢).

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ٣ من أبواب موانع الإرث.

(٢) الوسائل باب ٥٩ حديث ١ من أبواب القصاص في النفس وباب ٢٤ حديث ٢ من أبواب الدين والقرض.

٤٢٧

(الثانية) يرث الدية من يتقرب بالأب ذكرانا وإناثا ، والزوج والزوجة.

ولا يرث من يتقرب بالأم.

______________________________________________________

وعليها فتوى الشيخ في النهاية ، في باب قضاء الدين عن الميت.

والرواية نادرة الورود ، ضعيفة السند ، مخالفة للأصل المسلم ، وهو كون القتل العمد موجبا للقصاص ، منافية لقوله تعالى (فقد جعلنا لوليه سلطانا) (١) ومستلزمة للاجتراء على القتل ، اعتمادا على منع الديان من القصاص ، وهو مضاد لقوله تعالى (ولكم في القصاص حياة) (٢).

فالأولى إسقاطها ، والتمسك بالأصل ، المستلزم لعدم منع الديان من القصاص ، ولهذا قال دام ظله : (الوجه لا) وعليه المتأخر.

لكن توهم (٣) هنا أن الشيخ استند في الفتوى إلى ما رواه صفوان بن يحيى ، عن عبد الحميد بن سعيد ، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام ، عن رجل قتل وعليه دين ، ولم يترك مالا ، فأخذ أهله الدية من قاتله ، أعليهم أن يقضوا الدين؟ قال : نعم ، قلت : وهو لم يترك شيئا ، قال : إنما أخذوا الدية فعليهم أن يقضوا عنه الدين (٤).

فطفق في التأويل على وفق اختياره.

وهو وهم ، وقلة الاطلاع على النقل ، وذكرت هذا تنبيها لئلا يغتر (يعتبر خ) بكلامه (٥).

« قال دام ظله » : ولا يرث من يتقرب بالأم ، وقيل : يرثها من يرث المال.

والقول الأول للشيخين في النهاية والمقنعة ، ومستنده روايات ، منها ما رواه ابن

__________________

(١) الإسراء ـ ٣٣.

(٢) البقرة ـ ١٧٩.

(٣) الظاهر كونه بصيغة المعلوم ، يعني توهم المتأخر.

(٤) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من أبواب الدين والقرض ، بالسند الخامس.

(٥) يعني لئلا يجعل كلامه معتبرا ومحلا للاعتماد.

٤٢٨

وقيل : يرثها من يرث المال.

(الثالثة) إذا لم يكن للمقتول عمدا وارث سوى الإمام عليه‌السلام فله القود أو الدية مع التراضي ، وليس له العفو. وقيل : له العفو.

______________________________________________________

محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، إن الدية يرثها الورثة ، إلا الإخوة (من الأم خ) والأخوات من الأم ، فإنهم لا يرثون من الدية شيئا (١).

(ومنها) ما رواه عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قال : الدية يرثها الورثة على فرائض الميراث إلا الإخوة من الأم ، فإنهم لا يرثون من الدية شيئا (٢).

ومثلها ، عن علي بن رباط ، عن عبد الله بن بكير ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣).

وعليه أتباعهما ، والمتأخر في كتاب الميراث.

والقول الثاني للشيخ في المبسوط والخلاف ، مستدلا بالإجماع ، واختاره المتأخر في كتاب الجنايات ، تمسكا بقوله تعالى : (وأولوا الأرحام) ... الآية (٤) وهو أشبه بالنظر إلى عموم الآيات ، والأول أكثر في الفتاوى ، اعتبارا للروايات.

« قال دام ظله » : إذا لم يكن للمقتول عمدا وارث ، سوى الإمام عليه‌السلام ، فله القود أو الدية مع التراضي ، وليس له العفو ، وقيل : له العفو.

وهو مذهب الأصحاب وبه روايتان (إحداهما) ما رواه الحسن بن محبوب ، عن

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من أبواب موانع الإرث.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٤ من أبواب موانع الإرث.

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ٥ من أبواب موانع الإرث ، ولفظه هكذا : قال ، لا يرث الإخوة من الأم من الدية شيئا.

(٤) الأنفال ـ ٧٥ ، الأحزاب ـ ٦.

٤٢٩

______________________________________________________

أبي ولاد الحناط ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في الرجل يقتل وليس له ولي إلا الإمام عليه‌السلام : إنه ليس للإمام عليه‌السلام أن يعفو ، له (وله خ) أن يقتل ، أو يأخذ الدية ، فيجعلها في بيت مال المسلمين ، لأن جناية المقتول كانت على الإمام ، وكذلك تكون ديته لإمام المسلمين (١).

وفي أخرى عنه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أيضا (في حديث) وإنما على الإمام أن يقتل أو يأخذ الدية ، وليس له أن يعفو (٢).

وما أعرف فيه مخالفا إلا المتأخر ، فإنه ذهب إلى جواز العفو ، واختصاصه بالدية ، من غير أن يجعلها في بيت مال المسلمين ، تمسكا (بأن) الإمام ولي المقتول ، ووارثه لو مات ، والدية يرثها من يرث المال ، إلا كلالة الأم.

و (بأن) جنايته على الإمام عليه‌السلام ، لأن عاقلته ، فكذا ميراثه المستلزم لجواز العفو (وادعى) أن الشيخ رجع عن مقالته في بعض الكتب ، ولم يعين.

وفي الكل ضعف ، أما قوله : (الإمام ولي المقتول) قلنا : إن عنيت بالولي أن له أن يقتص عن المقتول ، فلا مشاحة فيه ، لأن هذا حد مفوض إيقاعه إليه ، ولكن لا يتم الدليل بهذا القدر ، وإن عنت به أعم من هذا ، بحيث يدخل فيه أن له الصلح على الدية والعفو عنها ، فالثاني غير مسلم.

مستند الأول (٣) إن جواز أخذ الدية ، يتعلق بمصالح المسلمين ، وهو عليه‌السلام قائم بمصالحهم ، فله أن يقتص ، لأنه صاحب الحدود ، يصالح (يصطلح خ) على الدية ، ويتركها في بيت مال المسلمين ، لأنه قائم به ، والتخيير مستفاد من الشرع ، ومستنده الإجماع هنا.

__________________

(١) الوسائل باب ٦٠ حديث ٢ من أبواب القصاص في النفس (ج ١٩).

(٢) الوسائل باب ٦٠ حديث ١ من أبواب القصاص في النفس (ج ١٩).

(٣) يعني بالأول ما ذكره ره بقوله : إن عنيت بالولي.

٤٣٠

وأما الرق فيمنع في الوارث والموروث. ولو اجتمع مع الحر فالميراث للحر دونه ولو بعد وقرب المملوك ، ولو أعتق على ميراث قبل قسمته (القسمة ج) شارك إن كان مساويا وحاز الإرث إن كان أولى.

ولو كان الوارث واحدا فأعتق الرق لم يرثه (لم يرث خ) وإن كان أقرب لأنه لا قسمة (له خ).

ولو لم يكن وارث سوى المملوك أجبر مولاه على أخذ قيمته وينعتق ليحوز الإرث.

______________________________________________________

ومنع الثاني (١) لاستلزام العفو هدر دم المسلم المنهي عنه ، لقوله (بقوله خ) عليه السلام : لا يطل (يبطل ئل) دم امرء مسلم (٢) وملزوم المنهي عنه منهي ، فالعفو منهي.

قوله : (والإمام وارثه لو مات) قلنا : لا نسلم ، بل له ميراث من لا وارث له.

سلمنا ذلك لكن لا نسلم أنه عليه‌السلام يرث من الدية ككلالة الأم ، فإن استندت فيها إلى الرواية ، فكذا نحن هنا ، وإن استندت إلى الإجماع ، نمنع ، لوجود الخلاف ، وقد قدمناه.

ومفهوم قولهم : (الدية يرثها من يرث المال) أن الدية لا يرثها إلا من يرث المال ، لأن كل من يرث المال يرث الدية.

قوله : (جنايته على الإمام ، لأنه عاقلته ، فكذا ميراثه) قلنا : ما الملازمة؟ وأما دعوى النقل عن الشيخ لا يصححها إلا الوجود.

« قال دام ظله » : ولو لم يكن وارث سوى المملوك ، أجبر مولاه على أخذ

__________________

(١) يعني بالثاني ما ذكره ره بقوله : وإن عنيت به أعم من هذا.

(٢) راجع الوسائل باب ٨ من أبواب دعوى القتل من كتاب القصاص ج ١٩ ، ويستفاد هذا المضمون من سنن أبي داود ج ٤ ص ١٧٩ (باب في ترك القود بالقسامة من كتاب الديات).

٤٣١

______________________________________________________

قيمته ، وينعتق ، ليحوز الإرث ، ولو قصر المال عن قيمته لم يفك ، وقيل : يفك ويستسعى (يسعى خ) في باقيه ، ويفك الأبوان والأولاد ، دون غيرهما (وقيل) : يفك ذو القرابة ، وبه رواية ضعيفة ، وفي الزوج والزوجة تردد.

(قلت) : علق الحكم على المملوك ، ثم خصصه بالأبوين والأولاد ، وذكر الخلاف ، ففي العبارة إبهام ما.

بل العبارة المهذبة ، أن يقال ، ولو لم يخلف الميت سوى المملوك ، أجبر مولاه على بيعه ، إن كان أحد أبوي الميت أو أولاده ، اتفاقا منا ، ويفك و (قيل) : يفك ذو القرابة ، على رواية ، وقيل : والزوجان ، وفيه تردد.

فأقول : إذا خلف الميت من له أهلية استحقاق الإرث ، فلا يخلو (إما) أن يكون حرا (أو) مملوكا ، فعلى الأول والثاني محجوب ، وقد ذكر حكمه في مواضعه.

والثاني لا يخلو (إما) أن تفي التركة بقيمته (أو) تقصر ، فعلى الأول ، لا يخلو (إما) أن يكون الأبوين أو الأولاد أو غيرهما.

فالأول يجبر مولاه على البيع ويعتق ، ليحوز الإرث اتفاقا.

وكذا الثاني ، وقال سلار : ولا يعتق سوى الأبوين.

وفي الثالث خلاف بين الثلاثة (١) ، قال الشيخ في النهاية والمبسوط ، وتبعه الراوندي وأبو الصلاح : يعتق ذو القرابة واقتصر المفيد والمرتضى على العمودين ، واختاره المتأخر ، وشيخنا دام ظله ، وهو أصح.

(لنا) على الأول ، الإجماع و (على الثاني) الأخبار ، منها ما رواه ابن أبي عمير ، عن بكار ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، في رجل مات ، وترك ابنا له مملوكا ، ولم يترك وارثا غيره ، وترك مالا ، فقال : يشتري الابن ويعتق

__________________

(١) يعني بالثلاثة : المفيد ، والشيخ الطوسي ، والسيد المرتضى ، قدس الله أسرارهم.

٤٣٢

______________________________________________________

ويورث ما بقي من المال (١).

وما رواه الفضل بن شاذان ، عن أبي ثابت ، عن حنان بن سدير ، عن ابن أبي يعفور ، عن إسحاق بن عمار ، قال : مات مولى لعلي عليه‌السلام ، فقال : انظروا هل تجدون له وارثا؟ فقيل : إن له ابنتين باليمامة مملوكتين ، فاشتراهما من مال الميت ، ثم دفع إليهما بقية الميراث (٢).

وما رواه ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل يموت وله ابن مملوك ، قال : يشترى ويعتق ، ثم يدفع إليه ما بقي (٣).

ثم نقول مقتضى الأصل ، منع الإجبار على البيع ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الناس مسلطون على أموالهم (٤).

ترك العمل به في العمودين ، للدليلين ، وعمل به في الباقي.

فإن استدل الشيخ لذي القربى (القرابة خ) بما رواه أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا مات الرجل وترك أباه وهو مملوك ، أو أمه وهي مملوكة ، أو أخا أو أختا ، وترك مالا والميت حر ، اشتري مما ترك أبوه أو قرابته ، وورث ما بقي من المال (٥).

وبما رواه محمد وأحمد ابنا الحسن ، عن أبيهما ، عن عبد الله بن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا مات الرجل وترك أباه وهو مملوك أو أمه وهي مملوكة أو أخاه أو أخته ، وترك مالا ، والميت حر ، اشتري مما

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ١٠ من أبواب موانع الإرث.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٨ من أبواب موانع الإرث.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ٤ من أبواب موانع الإرث.

(٤) عوالي اللئالي ج ١ ص ٢٢٢ و ٤٥٧.

(٥) الوسائل باب ٢٠ حديث ٣ من أبواب موانع الإرث.

٤٣٣

ولو قصر المال عن قيمته لم يفك.

وقيل : يفك ويسعى في باقيه ، ويفك الأبوان والأولاد دون غيرهما.

وقيل : يفك ذو القرابة.

وفيه رواية ضعيفة.

وفي الزوج والزوجة تردد.

ولا يرث المدبر ولا أم الولد ولا المكاتب المشروط ، ومن تحرر بعضه يرث ويورث باقيه من الحرية ، ويمنع بما فيه من الرقية.

______________________________________________________

ترك أبوه أو قرابته ، وورث ما بقي من المال (١).

أجبنا (٢) بالطعن في السند ، فإن ابني الحسن فطحيان ، وهما ابنا الحسن بن علي بن فضال ، وفي عبد الله بن بكير قدح ، على أنهما مرسلتان ، ورجالهما واحد.

وأما الزوجان ، فاطرد الشيخ فيهما في النهاية ، حكم ذي القربى ، وهو استناد إلى ما رواه ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : كان علي عليه‌السلام ، يقول : في الرجل الحر يموت ، وله أم مملوكة ، تشترى من مال ابنها ، ثم تعتق ، ثم يورثها (٣).

وحملها في الاستبصار على أنه عليه‌السلام فعله تبرعا ، لأن له ميراث من لا وارث له.

وتردد فيه شيخنا دام ظله ، نظرا إلى إطلاق الرواية (٤) وهي صحيحة ، وتأويل الاستبصار بمقتضى الأصل.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ٩ من أبواب موانع الإرث.

(٢) جواب لقوله قده : فإن استدل الشيخ ... الخ

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب موانع الإرث.

(٤) يعني رواية سليمان بن خالد الأخيرة.

٤٣٤

المقدمة الثالثة : في السهام ، وهي ستة : النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس.

فالنصف للزوج مع عدم الولد وإن نزل ، وللبنت ، والأخت للأب والأم أو للأب.

والربع للزوج مع الولد وإن نزل ، وللزوجة مع عدمه.

والثمن للزوجة مع الولد وإن نزل.

والثلثان للبنتين فصاعدا ، وللأختين فصاعدا للأب والأم أو للأب.

والثلث للأم مع عدم من يحجبها من الولد وإن نزل ، أو الإخوة ، وللاثنين فصاعدا من ولد الأم.

والسدس لكل واحد من الأبوين مع الولد وإن نزل ، وللأم مع من يحجبها عن الزائد ، وللواحد من كلالة الأم ذكرا كان أو أنثى.

______________________________________________________

والأوجه التزام الأصل ، والتأويل لأنها واحدة (١).

وأما الثاني من القسم الأول ، وهو أن تقصر التركة عن القيمة ، فلا يجبر المولى على البيع ، وهو مذهب الشيخين ، وسلار والمتأخر وشيخنا دام ظله ، وفي قول يجبر ويسعى العبد في الباقي ، وهو متروك ، والعمل على الأول.

« قال دام ظله » : المقدمة الثالثة ، في السهام ، إلى آخره.

أقول : إذا أردت أن يسهل عليك ضبط مقادير السهام ، فخذ الثلثين والنصف ، وخذ من كل (واحد خ) منهما نصفه ونصف نصفه ، يحصل لك ستة (٢) كما ذكره.

__________________

(١) هكذا في جميع السنخ ، ولعل الصواب لأنهما ، يعني الأصل والتأويل.

(٢) (أحدها) الثلثان (ثانيها) نصف الثلثين ، وهو الثلث (ثالثها) النصف (رابعها) نصف النصف وهو الربع (خامسها) نصف نصف النصف ، وهو الثمن (سادسها) نصف نصف الثلثين ، وهو السدس.

٤٣٥

والنصف يجتمع مع مثله ، ومع الربع والثمن ، ومع الثلث والسدس.

ولا يجتمع الربع مع الثمن.

ويجتمع الربع مع الثلثين والثلث والسدس.

ويجتمع الثمن مع الثلثين والسدس.

ولا يجتمع مع الثلث ، ولا الثلث مع السدس تسمية.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : النصف يجتمع مع مثله ، إلى آخره.

أقول : ضابطه أن تأخذ مقادير السهام ، وهي ستة ، وتضرب في ستة ، لأنه المجتمع فيه ، يصعد إلى ستة وثلاثين ، فتسقط ثمانية عشر ، لحصولها من العكس ، فلا فائدة فيها ، فتبقى ثمانية عشر.

فإذا أردت معرفة الاجتماع بينهما واللااجتماع ، فاعتبر الثلثين معهما ومع ما بعدهما على الترتيب ، ثم ما بعدهما معه ، ومع ما بعده حتى الآخر.

(فخذ الثلثين)

فلا يجتمع مع مثله ، لبطلان العول على ما سنذكره ، ولا مع النصف ، لما قلناه.

ويجتمع مع الثلث ، ومثاله ، اثنان من كلالة الأم فصاعدا ، مع الأختين من الأب والأم ، أو الأب فصاعدا.

ومع الربع ، زوج مع بنتين فصاعدا.

ومع السدس ، أب أو أم وبنتان.

ومع الثمن ، زوجة وبنتان فصاعدا.

(ثم تأخذ النصف)

وهو يجتمع مع النصف وما تحته.

فمثال الأول ، زوج وأخت.

والثلث زوج وأم ، أو كلتاها اثنين (اثنتين خ) فصاعدا.

٤٣٦

مسألتان

(الأولى) التعصيب باطل ، وفاضل التركة يرد على ذوي السهام عدا

______________________________________________________

والربع أخت وزوجة.

والسدس بنت وأم.

والثمن بنت وزوجة.

(ثم تأخذ الثلث)

فلا يجتمع مع مثله ، لأنه إما نصيب الأم أو كلالتها ، ولا يجتمعان.

ويجتمع مع الربع زوجة وأم أو كلالتها اثنتين.

ولا يجتمع مع السدس ، لأنه إما نصيب الأب أو الأم.

ولا مع الثمن لاقتضاء الثمن وجود الأولاد والثلث عدمهم.

(ثم تأخذ الربع)

فلا يجتمع مع مثله ، لاختصاصه بالزوج والزوجة.

ويجتمع مع السدس أم وزوج مع الولد.

ولا يجتمع مع الثمن ، لاختصاصهما بالزوج والزوجة.

(ثم تأخذ السدس)

فلا يجتمع مع مثله إلا في أب وأم مع الولد.

ويجتمع مع الثمن أم وزوجة مع الولد.

(ثم تأخذ الثمن)

فلا يجتمع مع مثله ، لاختصاصه بالزوجة.

وهذا كله في التسمية ، وإلا ففي الاتفاق قد يجتمع الكل ، وليس له ضابط.

التعصيب

« قال دام ظله » : مسألتان ، الأولى التعصيب باطل ، إلى آخره.

٤٣٧

______________________________________________________

عصبة الرجل بنوه وقرابته من أبيه ، وفي الاصطلاح مخصوص بقرابة الأب.

فالتعصيب ، توريث الوارث (الورثة خ) (العصبة خ) مع وجود من هو أقرب منه (أولى به خ) وهو عندنا باطل ، دون الجمهور ، وسنبينه (سنبين خ) في مثال ، بنت وعم أو ابنه ، أو بنت وأخت ، فعندنا المال كله للبنت ، نصفه بالتسمية والباقي (ونصفه خ) بالرد ، وعندهم النصف لها بالتسمية ، والباقي للعم أو ابنه أو الأخت ، ويخصون العم لا العمة ، وكذا في كل موضع تفضل الفريضة على السهام.

(لنا) في المسألة النص والأثر ، أما النص فقوله عز وعلا : وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله (١) ولا شك أن المراد الأقرب فالأقرب ، وقوله تعالى : (إن امرء هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك) (٢) ، شرط في استحقاق الأخت النصف عدم الولد ، فمع الوجود لا يستحق ، حذرا من خلو الشرط عن الفائدة.

وأما الأثر فقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الأقرب يمنع الأبعد (٣).

وما رواه من طريقنا عبد الله بن بكير ، عن حسين البزاز ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : المال للأقرب ، والعصبة في فيه التراب (٤).

وما رواه الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في حديث) قال : إن في كتاب علي عليه‌السلام ، إن كل ذي رحم فهو بمنزلة

__________________

(١) الأحزاب ـ ٥ ، الأنفال ـ ٧٥.

(٢) النساء ـ ١٧٦.

(٣) لم نجد إلى الآن ما بهذا المضمون والذي وجدناه ما نقله في كنز العمال : إن الله تعالى يوصيكم بالأقرب فالأقرب (راجع ج ١١ ص ٤).

(٤) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ، ولفظه هكذا : حسين البزاز ، قال : أمرت من يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام ، المال لمن هو؟ للأقرب أو العصبة؟ قال : المال ... الخ.

٤٣٨

______________________________________________________

الرحم الذي يجر به ، إلا أن يكون وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه (١).

(فإن قيل) : في الخبرين ضعف ، وهما معارضان ، بأخبارنا (قلنا) : أخباركم تصلح معارضة على ما سنذكره.

وأما الضعف ، فلا نسلم ، ولو ثبت ، فينجبر بإجماع طائفتنا ، وهو حجة مع تحققه ، ولنا فيه غنية هنا ، والزيادة تبرع.

احتجوا بالنص ، والأثر ، والنظر ، أما الأول فقوله تعالى : (وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني) ، الآية (٢).

قالوا : خاف العصبة ، وهي بنوا العم هنا ، قال الله وليا لا وليه ، فيدل أن مع الولي ترث العصبة.

وأما الأثر ، فما رواه أبو طالب الأنباري ، عن الفرياني ، والصاغاني ، قالا : حدثنا أبو كريب ، عن علي بن سعيد الكندي ، عن علي بن عابس ، عن ابن طاووس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال : الحقوا بالأموال الفرائض ، فما أبقت الفرائض فلأولي عصبة ذكر (٣).

وما روى عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر أن سعد بن الربيع قتل يوم أحد وأن النبي صلى الله عليه آله زار امرأته ، فجاءت بابنتي سعد بن الربيع ، فقالت : يا رسول الله إن أباهما قتل يوم أحد ، وأخذ عمهما المال كله ، ولا تنكحان إلا ولهما مال ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : سيقضي الله في ذلك ، فأنزل الله تعالى :

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٦ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ، وصدره هكذا : قال : إن في كتاب علي عليه‌السلام : إن العمة بمنزلة الأب ، والخالة بمنزلة الأم ، وبنت الأخ بمنزلة الأخ ، وكل ذي رحم ... الخ.

(٢) مريم ـ ٥.

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ٥ من أبواب موجبات الإرث (ج ١٧ ص ٤٣٢).

٤٣٩

______________________________________________________

يوصيكم الله في أولادكم ، حتى ختم الآية ، فدعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عمهما ، وقال : إعط الجاريتين الثلثين ، واعط أمهما الثمن ، وما بقي لك (١).

وأما النظر ، فهو أن الفرض بالتسمية معلوم ، فالزيادة تكون مخالفة للنص.

والجواب عن الآية ، لا نسلم أن المراد بالموالي بنو العم ، والظاهر أن المراد هم مع غيرهم ، لجواز الخوف من بنات العم أيضا ، لأنهن بسبب الأرحام ، وسؤال الولي إنما كان ، لأنه أحب إلى طبع البشر.

على أنا لا نسلم أن المراد بالولي هو الذكر ، فإن فعيلا يستعمل في المذكر والمؤنث.

وعن الخبر الأول ، بأن فيه ضعفا من وجوه (الأول) اختلاف (باختلاف خ) ألفاظه ، فإنه روي : لأولي رجال ذكر (رحم خ). (الثاني) فقد روي عن طاووس بخلاف ذلك ، وأنه تبرأ من هذا القول ، وكذا ابن عباس.

رواه أبو طالب الأنباري ، عن محمد بن أحمد العزيزي (البربري خ) (البريدي ئل) (التبريزي خ) مرفوعا (٢) إلى قارية بن مضرب ، قال : جلست إلى ابن عباس ، وهو بمكة ، فقلت : يا بن عباس : حديث يرويه أهل العراق عنك وعن طاووس مولاك ، يرويه ، إن ما أبقت الفرائض ، فلأولي عصبة ذكر ، فقال : أمن أهل

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٨ من أبواب موجبات الإرث ، ورواه أبو داود في سننه ج ٣ ص ١٢١ في باب ميراث الصلب بما لفظه : عن جابر بن عبد الله ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى عليه [ وآله ] وسلم حتى جئنا امرأة من الأنصار في الأسواق ، فجاءت المرأة بابنتين [ لها ] فقالت : يا رسول الله هاتان بنتا ثابت بن قيس ، قتل معك يوم أحد ، وقد استفاء عمهما مالهما وميراثهما كله ، فلم يدع لهما مالا إلا أخذه ، فما ترى يا رسول الله؟ فوالله لا تنكحان أبدا إلا ولهما مال ، فقال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : يقضي الله في ذلك ، قال : ونزلت سورة النساء (يوصيكم الله في أولادكم) الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : ادعوا لي المرأة وصاحبها ، فقال لعمهما : اعطهما الثلثين ، واعط أمهما الثمن ، وما بقي فلك ، قال أبو داود : أخطأ بشرفيه إنما هما ابنتا سعد بن الربيع ، وثابت بن قيس قتل يوم اليمامة.

(٢) يعني متصلا سنده إلى قارية بن مضرب.

٤٤٠