كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

ولو قتلت امرأة وعبد (١) فعلى كل واحد منهما نصف الدية ، فلو قتل العبد وكانت قيمته بقدر جنايته فلا رد ، فإن زادت رد (ردت خ) (٢) على مولاه الزيادة.

القول في الشرائط المعتبرة في القصاص :

وهي خمسة :

(الأول) الحرية : فيقتل الحر بالحر ، ولا رد ، وبالحرة مع الرد ، والحرة بالحرة وبالحر.

وهل يؤخذ منها الفضل؟ الأصح : لا.

وتتساوى المرأة والرجل في الجراح قصاصا ودية حتى يبلغ ثلث دية الحر فتنصف (فينتصف خ) ديتها ويقتص له مع رد التفاوت ، وله منها ولا رد.

ويقتل العبد بالعبد وبالأمة ، والأمة بالأمة وبالعبد.

______________________________________________________

شرائط القصاص

« قال دام ظله » : وهل يؤخذ منها الفضل؟ الأصح لا.

قوله : (الأصح لا) تنبيه على ما روي عن علي عليه‌السلام ، أن الحرة تقتل بالحر ، ويؤخذ منها فاضل ديتها (٣) وهي متروكة ، لا عمل عليها.

__________________

(١) رجلا حرا (الرياض).

(٢) المرأة أو الولي (الرياض)

(٣) الذي عثرنا عليه بهذا المضمون ما أورده في الوسائل ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، إن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قتل رجلا بامرأة قتلها عمدا ، وقتل امرأة قتلت رجلا عمدا ، وقال في الوسائل ـ بعد نقلها ـ أقول : هذا محمول على رد بقية الدية ، لما مر. الوسائل باب ٣٣ حديث ١٤ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٦١.

٦٠١

ولا يقتل الحر بالعبد ، بل تلزمه قيمته لمولاه يوم قتله ، ولا يتجاوز دية الحر.

ولو اختلفا في القيمة فالقول قول الجاني مع يمينه.

ويعزر القاتل ، وتلزمه الكفارة.

ولو كان العبد ملكه عزر وكفر.

وفي الصدقة بقيمته رواية فيها ضعف.

وفي رواية. إن اعتاد ذلك قتل به.

ودية المملوكة قيمتها ما لم تتجاوز دية الحرة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو كان العبد ملكه عزر وكفر ، وفي الصدقة بقيمته رواية فيها ضعف ، وفي رواية : إن اعتاد ذلك قتل به.

أقول : أما التعزير والكفارة فلا خلاف فيهما ، وأما الصدقة بقيمته ، فعليه ، فتوى الشيخ وأتباعه وأبي الصلاح والمتأخر ، وما أعرف مخالفا ، وبه رواية (١).

وأما أنه يقتل إذا (إن خ) اعتاد قتل العبد ، فمذهب الجماعة المذكورين ، وروى ذلك جماعة عن الفتح بن يزيد الجرجاني (الخزاعي خ) عن أبي الحسن عليه السلام ، في رجل قتل مملوكه ومملوكته ، قال : إن كان المملوك له أدب وحبس ، إلا أن يكون معروفا بقتل المماليك ، فيقتل به (٢).

وعليه حمل الشيخ ما رواه إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام ، أنه قتل حرا بعبد قتله عمدا (٣).

وفي إسماعيل بن أبي زياد كلام.

__________________

(١) بل روايتان أوردهما في الوسائل باب ٣٧ حديث ١ و ٥ من أبواب القصاص في النفس فتأمل.

(٢) الوسائل باب ٣٨ حديث ١ من أبواب القصاص في النفس.

(٣) الوسائل باب ٤٠ حديث ٩ من أبواب القصاص في النفس.

٦٠٢

وكذا لا تتجاوز بدية عبد الذمي دية الحر منهم ولا بدية الأمة دية الذمية.

ولو قتل العبد حرا لم يضمن مولاه ، وولي الدم بالخيار بين قتله واسترقاقه ، وليس للمولى فكه مع كراهية الولي.

ولو جرح حرا فللمجروح القصاص ، وإن شاء استرقه إن استوعبته الجناية ، وإن قصرت استرق منه بنسبة الجناية أو يباع فيأخذ من ثمنه حقه.

ولو افتداه المولى فداه بأرش الجناية ، ويقاد العبد لمولاه إن شاء الولي.

ولو قتل عبدا مثله عمدا فإن كانا لواحد فالمولى بالخيار بين الاقتصاص والعفو ، وإن كانا لاثنين فللمولى قتله إلا أن يتراضى الموليان بدية أو أرش ، ولو كانت الجناية خطأ كان لمولى القاتل فكه بقيمته ، وله دفعه ، وله منه ما فضل من قيمته (قيمة المقتول خ) ولا يضمن ما يعوز.

والمدبر كالقن.

ولو استرقه ولي الدم ففي خروجه عن التدبير قولان ، وبتقدير أن

______________________________________________________

« قال دام ظله » : والمدبر كالقن ، ولو استرقه ولي الدم ، ففي خروجه عن التدبير قولان ، وبتقدير أن لا يخرج ، هل يسعى في فك رقبته؟ المروي أنه يسعى.

القولان للشيخ ، قال في التهذيب والنهاية : لا يخرج ، ويستسعى في دية المقتول ، بعد موت المدبر.

واستند إلى ما رواه هشام بن أحمد (احمر خ) قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام

٦٠٣

______________________________________________________

عن مدبر قتل رجلا خطأ ، قال : أي شئ رويتم في هذا؟ قال : قلت : روينا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه (قال خ) يتل برمته إلى أولياء المقتول ، فإذا مات الذي دبره عتق (أعتق خ) قال : سبحان الله ، فيبطل دم امرء مسلم؟ قال : قلت : هكذا روينا ، قال : غلطتم (١) على أبي (يتل برمته إلى أولياء المقتول) فإذا مات الذي دبره ، استسعى في قيمته (٢).

فهي دالة على أن العبد لا يخرج عن التدبير ، ويستسعى في قيمته بعد موت المدبر

والشيخ قال : يستسعى في دية المقتول واستدل في الاستبصار والتهذيب ، بهذه الرواية.

وحكى المتأخر كلام الشيخ معتقدا أنه مروي ، وقال ، تحمل الرواية على ما إذا كان التدبير عن نذر واجب ، فأما إذا لم يكن عن واجب ، يسترق العبد ، ولا يقتل ، ومعنى قوله : (يتل برمته) يدفع بجملته.

والقول الثاني للشيخ في الخلاف ، قال : إذا سلمه المولى إليهم ، فهو رجوع عن التدبير ، وهو اختيار شيخنا في نكت النهاية.

وهو أشبه ، لأن التدبير بمنزلة الوصية ، ولا يخرج الرقبة عن الملكية ، فينتقل إلى أولياء المقتول ، كالقن.

وبه يشهد ما رواه الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن مدبر قتل رجلا عمدا؟ قال : يقتل به ، قال :

__________________

(١) الظاهر أن المراد ، أنكم غلطتم على أبي في نسبة هذه الجملة ، إن أبي قال : (يتل برمته إلى أولياء المقتول ... الخ) وفي هامش بعض نسخ الوسائل : لعل المراد ، غلطتم في فهم الحديث ، إذ ليس فيه الحكم بعدم السعي ، أو غلطتم في إسقاط آخر الحديث ، وكأنه أقرب (منه رحمه‌الله) انتهى.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ٥ من أبواب ديات النفس من كتاب الديات ج ١٩ ص ١٥٦.

٦٠٤

لا يخرج هل يسعى في فك رقبته؟ المروي (١) : أنه يسعى.

والمكاتب إن لم يؤد أو كان مشروطا فهو كالرق المحض ، وإن كان مطلقا وقد أدى شيئا ، فإن قتل حرا مكافئا عمدا قتل به.

وإن قتل مملوكا فلا قود ، وتعلقت الجناية بما فيه من الرقية مبعضة ، ويسعى في نصيب الحرية ويسترق الباقي منه أو يباع في نصيب الرق.

ولو قتل خطأ فعلى الإمام بقدر ما فيه من الحرية ، وللمولى الخيار بين فك ما فيه من الرقية بالأرش ، وتسليم حصة الرق ليقاص بالجناية.

وفي رواية علي بن جعفر : إذا أدى نصف ما عليه فهو بمنزلة الحر.

______________________________________________________

قلت : فإن قتله خطأ؟ قال فقال : يدفع إلى أولياء المقتول ، فيكون رقا لهم (لهم رقا خ) (الحديث) (٢).

والبحث كله مبني على قتل الخطأ ، فاعرفه.

« قال دام ظله » : وفي رواية علي بن جعفر ... الخ.

هذه رواها هو ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عليهما‌السلام (في حديث) قال : وسألته عن المكاتب الذي إذا أدى نصف ما عليه ، قال : هو بمنزلة الحر في الحدود ، وغير ذلك من قتل أو غيره (٣).

واختارها الشيخ في الاستبصار.

وما ذكره أولا من خيار المولى ، فهو اختيار الشيخ في النهاية ، وعليه أتباعه

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٩ حديث ٢ و ٥ من أبواب ديات النفس ، ج ١٩ ص ١٥٥ و ١٥٦.

(٢) الوسائل باب ٤٢ حديث ١ من أبواب القصاص في النفس ، وتمامه : فإن شاؤوا باعوا وإن شاؤوا استرقوا ، وليس لهم أن يقتلوه ، قال : ثم قال : يا أبا محمد إن المدبر مملوك. ج ١٩ ص ٧٥.

(٣) الوسائل باب ١٠ قطعة من حديث ٣ من أبواب ديات النفس من كتاب الديات ج ١٩ ص ١٥٧.

٦٠٥

مسائل

(الأولى) لو قتل حر حرين فليس للأولياء إلا قتله.

ولو قتل العبد حرين على التعاقب ففي رواية : هو لأولياء الأخير.

______________________________________________________

والمتأخر وشيخنا دام ظله ، وهو أظهر (أشبه خ).

مسائل

« قال دام ظله » : ولو قتل العبد حرين على التعاقب ، ففي رواية : هو لأولياء الأخير ، وفي أخرى : يشتركان فيه ، ما لم يحكم به لولي الأول.

الرواية الأولى رواها أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن علي بن عقبة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سألته عن عبد قتل أربعة أحرار ، واحدا بعد واحد؟ قال : فقال : هو لأهل الأخير من القتلى ، إن شاؤوا قتلوه ، وإن شاؤوا استرقوه (الحديث) (١).

والرواية ضعيفة ، فإن الحسن بن (٢) علي بن فضال فطحي ، وكذا ابن عقبة.

وحلمها المتأخر على ما إذا استرقه أولياء الأول ، وعفوا عنه ، واختاره بهذا المعنى.

والرواية الأخيرة رواها ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، في عبد جرح رجلين ، قال : هو بينهما ، إن كانت جنايته تحيط بقيمته ، قيل له : فإن جرح رجلا في أول النهار ، وجرح آخر في آخر النهار؟ قال : هو بينهما ما لم يحكم الوالي في المجروح الأول ، قال : فإن جنى بعد ذلك جناية ، فإن جنايته على الأخير (٣).

__________________

(١) الوسائل باب ٤٥ حديث ٣ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٧٧.

(٢) في النسخ التي عندنا كلها : رواها علي بن فضال ... الخ ثم قال الشارح ره : فإن علي بن فضال فطحي ... الخ ، والصواب ما أثبتناه كما في التهذيب والاستبصار والوسائل.

(٣) الوسائل باب ٤٥ حديث ١ من أبواب القصاص ج ١٩ ص ٧٧.

٦٠٦

وفي أخرى : يشتركان فيه ما لم يحكم (به خ) لولي الأول.

(الثانية) لو قطع يمنى رجلين قطعت يمينه للأول ويسراه للثاني.

وقال في النهاية : لو قطع يدا وليس له يدان قطعت رجله اليمنى باليد.

وكذا لو قطع أيدي جماعة قطعت يداه بالأول فالأول ، والرجل بالأخير فالأخير ، ولمن يبقى بعد ذلك الدية ، ولعله استناد إلى رواية حبيب السجستاني عن أبي جعفر عليه‌السلام (أبي عبد الله عليه السلام خ) (١).

(الثالثة) إذا قتل العبد حرا عمدا فأعتقه مولاه ففي العتق تردد ،

______________________________________________________

واختارها في الاستبصار وشيخنا في الكتابين ، وهو أشبه.

ويدخل في حكم الحاكم استرقاق الأولياء وعفوهم ، لأنه يكون بحكمه ، خصوصا مع وجود الحاكم بالأصالة ، ولهذا خص الرواية بحكم الوالي.

وقال المتأخر : لا تأثير لحكم الحاكم ، وعلى ما قلناه لا منع ، واختياره (٢) موافق له.

وقول المصنف : (على التعاقب) احتراز من أن يكون القتل معا.

« قال دام ظله » : إذا قتل العبد حرا عمدا فاعتقه مولاه ، ففي العتق تردد ، أشبهه أنه لا ينعتق.

التردد للشيخ في المبسوط ، فله فيه قولان ، وقال في الخلاف : يتعلق حق المجني عليه عمدا بالعبد ، وعليه العمل.

فأما إذا كان القتل خطأ ، ففي النهاية : جاز عتقه ، ولزم المولى دية المقتول ، لأنه

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب قصاص الطرف ، ج ١٩ ص ١٣١ وفيه « عن حبيب السجستاني قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام ».

(٢) لعله كناية عن أنه لا تأثير لهذا الاختيار أو إن المراد أن اختياره موافق لنفسه بمعنى أنه متفرد في هذا الاختيار.

٦٠٧

أشبهه : أنه لا ينعتق ، لأن للولي التخيير في الاسترقاق ، ولو كان خطأ ففي رواية عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام (١) : يصح ، ويضمن المولى الدية.

وفي عمرو ضعف ، والأشبه : اشتراط الصحة بتقدم الضمان.

(الشرط الثاني) الدين : فلا يقتل المسلم بكافر ، ذميا كان أو غيره

______________________________________________________

عاقلته ، وهو مروي ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قضى علي (أمير المؤمنين خ) عليه‌السلام في عبد قتل حرا خطأ ، فلما قتله ، أعتقه مولاه ، قال : فأجاز عتقه وضمنه الدية (٢).

وعمرو بن شمر مطعون ، بأنه يضع الحديث عن جابر ، فلا عمل على ما ينفرد به.

وقال المتأخر : مقصود الشيخ أنه إذا تبرع به المولى ، فأعتقه فولاؤه له ، وهو عاقلته (٣).

والشيخ غير راض بهذا التفسير ، فإن الفرض أن العتق حصل بعد الجناية ، فكيف يعقل المولى ما جناه حال العبودية.

لكن يمكن أن يحمل كلام الشيخ على ما أن المولى كان مخيرا بين تسليم العبد وافتكاكه ، فأما إذا أعتقه دل على أنه يريد افتكاكه ، فيضمن جنايته.

ولو نزلنا عن هذا التأويل نقدح (ليقدح خ) في الرواية ، ونذهب إلى أن العتق غير صحيح ، إلا إذا ضمن جنايته ، متقدما على ما على العتق ، كان حسنا (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب ديات النفس ، ج ١٩ ص ١٦٠.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب ديات النفس.

(٣) عبارة السائر هكذا : وإنما مقصود شيخنا أبي جعفر ، إذا أعتقه مولاه تبرعا فإنه مولاه ، وله ولاؤه ، وهو يعقل عنه بعد ذلك (انتهى).

(٤) الظاهر أن قوله : كان حسنا جواب لقوله : ولو نزلنا.

٦٠٨

ولكن يعزر ويغرم دية الذمي.

ولو اعتاد ذلك جاز الاقتصاص مع رد فاضل ديته (دية المسلم خ).

ويقتل الذمي بالذمي بالذمية مع رد فاضل ديته ، ويقتل الذمية بمثلها ، وبالذمي ولا رد.

ولو قتل الذمي مسلما عمدا دفع هو وماله إلى أولياء المقتول ، ولهم الخيرة بين قتله واسترقاقه.

وهل يسترق ولده الصغار؟ الأشبه : لا.

ولو أسلم بعد القتل كان كالمسلم.

ولو قتل خطأ لزمت الدية في ماله.

ولو لم يكن له مال كان الإمام عاقلته دون قومه.

(الشرط الثالث) أن لا يكون القاتل أبا : فلو قتل ولده لم يقتل به ، وعليه الدية والكفارة والتعزير ، ويقتل الولد بأبيه.

وكذا الأم تقتل بالولد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وهل يسترق ولده الصغار؟ الأشبه لا.

إنما قال : الأشبه ، لأن الأولاد (أولاده خ) أحرار ، فلا يسترقون إلا بدليل ، ولا دليل.

وذهب سلار إلى أنهم يسترقون ، وما أعرف من أين قاله؟

« قال دام ظله » : ولو لم يكن له مال ، كان الإمام عاقلته ، دون قومه.

يسأل لم مع وجود المال لا يعقله الإمام ويعقله مع عدمه؟ (والجواب) أن أهل الذمة بمنزلة مماليكه عليه‌السلام ، فإذا كانوا متمولين ، فما لهم أيضا للإمام يؤدي الدية عنه ، فإذا لم يكن مال يؤدي من حاصله (خاصته خ).

٦٠٩

وكذا الأقارب.

وفي قتل الجد بولد الولد تردد.

(الشرط الرابع) كمال العقل : فلا يقاد المجنون ولا الصبي ، وجنايتهما عمدا وخطأ على العاقلة.

وفي رواية : يقتص من الصبي إذا بلغ عشرا.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي قتل الجد بولد الولد ، تردد.

منشأ التردد ، الخلاف في الجد ، هل يطلق عليه لفظ الأب أم لا؟ فمن قال : يطلق ، وهو الظاهر من كلام الله وكلام الفصحاء ، لا يقتل عنده ، ومن قال : لا يطلق : يقتل عنده.

« قال دام ظله » : وفي رواية : يقتص من الصبي إذا بلغ عشرا ، وفي أخرى : إذا بلغ خمسة أشبار تقام عليه الحدود ، والأشهر أن عمده خطأ ، حتى يبلغ التكليف.

فأما رواية العشر ، فقد ذكرناها قبل هذا (١).

ورواية الأشبار ، رواها النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا بلغ الغلام خمسة أشبار ، اقتص منه ، وإلا قضى بالدية (٢).

فأما عمدهم كالخطأ ، به عدة روايات (منها) ما رواه محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : عمد الصبي وخطأه واحد (٣).

__________________

(١) لم نعثر على رواية دالة على ثبوت القصاص بالخصوص على من بلغ شهرا ، نعم قد وردت أخبار تدل على نفوذ وصيته فراجع باب ٤٤ من كتاب الوصية.

(٢) الوسائل باب ٣٦ حديث ١ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٦٦ وباب ١١ حديث ٤ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٧ ، ولفظه هكذا : قال : أمير المؤمنين عليه‌السلام ، في رجل وغلام اشتركا في قتل رجل فقتلاه ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا بلغ الغلام خمسة أشبار ، اقتص منه ، وإذا لم يبلغ خمسة أشبار ، قضى بالدية ، ولا يخفى أنه ليس فيه أنه تقام عليه الحدود والله العالم.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من أبواب العاقلة.

٦١٠

وفي أخرى : بلغ خمسة أشبار تقام عليه الحدود ، والأشهر : أن عمده خطأ حتى يبلغ التكليف.

أما لو قتل العاقل ثم جن لم يسقط القود.

ولو قتل البالغ الصبي قتل به على الأشبه ، ولا يقتل العاقل بالمجنون.

وتثبت الدية على العاقل إن كان عمدا أو شبيها ، وعلى العاقلة إن كان خطأ.

______________________________________________________

وفي أخرى ، عن إسحاق بن عمار ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام : عمد الصبيان خطأ تحمله (يحمل على خ) العاقلة (١) وأفتى الشيخ في النهاية على رواية العشر والأشبار ، فقال : القاتل غير البالغ ، وحده عشر سنين ، حكم عمده حكم الخطأ (٢) وفي موضع آخر ، إلى أن يبلغ الصبي عشر سنين أو خمسة أشبار.

وذهب في الخلاف والمبسوط ، إلى ما تضمنه رواية محمد بن مسلم (٣) وأمثالها ، وعليه المتأخر وشيخنا دام ظله ، وهو أشبه ، وموافق للأصول.

وذهب المفيد وابن بابويه في المقنع إلى رواية الأشبار ، وهي ضعيفة.

« قال دام ظله » : ولو قتل البالغ الصبي ، قتل به على الأشبه.

قوله : (على الأشبه) تنبيه على أن في المسألة خلافا ، فقال : الأشبه القصاص ، لقوله تعالى : (النفس بالنفس) (٤) وقوله تعالى : (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) (٥).

وأما أن العاقل لا يقتل بالمجنون ، فهو متفق عليه.

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٣ من أبواب العاقلة.

(٢) هكذا في جميع النسخ ، لكن في النهاية هكذا : ومتى كان القاتل غير بالغ ، وحده عشر سنين فصاعدا ، أو يكون مع بلوغه زائل العقل إما أن يكون مجنونا أو مؤوفا ، فإن قتلهما وإن كان عمدا ، فحكمه حكم الخطأ (انتهى).

(٣) المتقدمة قبيل هذا.

(٤) المائدة ـ ٤٥.

(٥) البقرة ـ ١٩٤.

٦١١

ولو قصد العاقل دفعه كان هدرا.

وفي رواية : ديته من بيت المال.

ولا قود على النائم ، وعليه الدية.

وفي الأعمى تردد ، أشبه : أنه كالمبصر في توجه القصاص.

وفي رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أن جنايته خطأ تلزم العاقلة ، فإن لم تكن له عاقلة فالدية في ماله تؤخذ في ثلاث سنين.

وهذه فيها مع الشذوذ تخصيص لعموم الآية (١).

(الشرط الخامس) أن يكون المقتول محقون الدم.

القول في ما يثبت به ، وهو : الإقرار أو البينة أو القسامة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو قصد القاتل دفعه ، كان هدرا.

هذا مذهب الشيخ ، ومقتضى قوله تعالى : (ما على المحسنين من سبيل) (٢).

وفي رواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في حديث) يعطى ورثته الدية من بيت مال المسلمين (الحديث) (٣).

وعمل عليها المفيد ، والأول أشبه.

« قال دام ظله » : وفي الأعمى تردد ، أشبهه أنه كالمبصر ... الخ.

منشأ التردد النظر إلى رواية الحلبي (٤) وفتوى الشيخ ، وهي شاذة ، أي قليلة الورود ، مخصصة لعموم الآية ، فلا تسمع.

__________________

(١) إشارة إلى قوله تعالى « وكتبنا فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين ... إلخ » المائدة ـ ٤٥.

(٢) التوبة ـ ٩١.

(٣) الوسائل باب ٢٨ قطعة من حديث ١ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٥٢.

(٤) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب العاقلة ولفظه هكذا : والأعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته يؤخذون بها ثلاث سنين ، راجع تمام الحديث.

٦١٢

أما الإقرار : فيكفي المرة ، وبعض الأصحاب يشترط التكرار (مرتين خ).

ويعتبر في المقر : البلوغ والعقل والاختيار والحرية.

ولو أقر واحد بالقتل عمدا والآخر خطأ تخير الولي في تصديق أحدهما.

ولو أقر واحد بقتله عمدا وأقر آخر أنه هو الذي قتله ورجع الأول درئ عنهما القصاص والدية ، وودي من بيت المال ، وهو قضاء الحسن بن علي عليهما‌السلام.

______________________________________________________

ما يثبت به القتل

« قال دام ظله » : أما الإقرار فيكفي المرة ، وبعض الأصحاب يشترط التكرار مرتين.

يريد ببعض الأصحاب الشيخ في النهاية وأتباعه والمتأخر ، فإنهم ذهبوا إلى أنه يكفي الإقرار دفعتين ، ومقتضى النظر أن إقرار البالغ العاقل مقبول ، فتكفي المرة الواحدة ، وهو اختيار شيخنا تمسكا بالأصل ، إذ لا دليل هنا على وجوب التكرار.

« قال دام ظله » : ولو أقر واحد بقتله عمدا ، وأقر آخر أنه هو الذي قتله (إلى قوله) : وهو قضاء الحسن بن علي عليهما‌السلام.

روى علي بن إبراهيم ، عن بعض أصحابنا ، رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : أتي أمير المؤمنين عليه‌السلام برجل وجد في خربة وبيده سكين ملطخ بالدم ، وإذا برجل مذبوح يتشحط في دمه ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام ما تقول؟ قال : أنا قتلته ، قال : اذهبوا فأقيدوه به ، فلما ذهبوا به ، أقبل رجل مسرع (إلى أن قال) : فقال : أنا قتلته ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام للأول : ما حملك على إقرارك على نفسك؟ فقال : وما كنت أستطيع أن أقول ، وقد شهد علي أمثال هؤلاء الرجال ، وأخذوني وبيدي سكين ، ملطخ بالدم ، والرجل يتشحط في دمه ، وأنا قائم عليه ،

٦١٣

وأما البينة فهي : شاهدان عدلان ، ولا يثبت بشاهد ويمين ، ولا بشاهد وامرأتين ، ويثبت بذلك ما يوجب الدية : كالخطأ ودية الهاشمة والمنقلة والجائفة وكسر العظام.

ولو شهد اثنان أن القاتل زيد ، وآخران أن القاتل عمرو ، قال الشيخ في

______________________________________________________

خفت الضرب ، فأقررت ، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة ، وأخذني البول ، فدخلت الخربة ، فرأيت الرجل متشحطا في دمه ، فقمت متعجبا ، فدخل علي هؤلاء فأخذوني ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن وقولوا له : ما الحكم فيهما؟ قال : فذهبوا إلى الحسن عليه السلام وقصوا عليه قصتهما ، فقال الحسن عليه السلام : قولوا لأمير المؤمنين عليه السلام : إن كان هذا ذبح ذاك ، فقد أحيى هذا ، وقد قال الله عز وجل : ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ، يخلا عنه يخلا عنهما ، وتخرج دية المذبوح من بيت المال (١).

وهذه حكومة في واقعة ، فالأولى أن لا نجاوز (يتجاوز خ) والأصحاب ذاهبون إليها ، وما أعرف لها مخالفا.

« قال دام ظله » : لو شهد اثنان أن القاتل زيد ، وآخران أن القاتل عمرو ، قال الشيخ في النهاية : يسقط القصاص ، ووجبت الدية نصفين ، إلى آخره.

يسأل هنا كيف يجب أخذ الدية منهما ، وأحدهما غير قاتل يقينا؟ وأجاب شيخنا بأن البينتين إذا (لما خ) تعارضتا ، وليس نسبة القتل إلى أحدهما بأولى من نسبته (النسبة خ) إلى الآخر ، توزعت الدية عليهما ، عملا بالبيتين.

ويخطر أن الأولياء لو كانوا عينوا القاتل مضافا إلى البينة ، فيحكم بها ، ويسقط الأخرى ، لتطرق التهمة إليها ، ولو لم يعينوا فلهم الخيار في تصديق أحدهما (٢) فإذا

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١٠٧.

(٢) هكذا في النسخ التي عندنا ، والصواب (إحداهما) كما لا يخفى.

٦١٤

النهاية : يسقط القصاص ووجبت الدية نصفين ، ولو كان خطأ كانت الدية على عاقلتهما ، ولعلهما احتياط في عصمة الدم لما عرض من تصادم البينتين.

ولو شهدا أنه قتله عمدا ، فأقر آخر أنه هو القاتل دون المشهود عليه. ففي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : للولي قتل المقر ، ثم لا سبيل

______________________________________________________

صدقوا فلهم الخيار في القود وفي الدية.

« قال دام ظله » : ولو شهدا أنه قتله عمدا ، فأقر آخر أنه هو القاتل ، دون المشهود عليه ، إلى آخره.

أعلم أن هذه المسألة مستفادة من رواية الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (١) وقد ذكرها في المتن ، إلا أن في الرواية : (وإن طلبوا الدية كانت عليهما نصفين) (٢) وما ذكره شيخنا لكن ذكر الإشكال الوارد عليه.

و (ما) يتضمنه الرواية أن المقر يرد على أولياء المشهود عليه ـ لو قتل ـ نصف الدية ، ولا يرد المشهود عليه على أولياء المقر لو قتل (مشكل) منشأه عدم الفرق بين البينتين.

وقال المتأخر : في قتلهما نظر ، ثم قال ـ (بعد كلام) ـ : والأولى عندي أن يرد الأولياء إذا قتلوهما دية كاملة إلى ورثتهما ، إذ قد ثبت أنهما قاتلان.

وفي كلامه خبط (أولا) لأنه توقف فيما ظهرت حجته (وثانيا) إنا لا نسلم ثبوت كونهما قاتلين ، بل ثبت كون واحد منهما قاتلا لا على التعيين.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب دعوى القتل.

(٢) لا يخفى إنه ليس في الرواية هذه الجملة (وإن طلبوا الدية اه) نعم فيها هكذا : قلت : إن أرادوا أن يأخذوا الدية؟ قال : فقال : الدية بينهما نصفان ، لأن أحدهما أقر والآخر شهد عليه.

٦١٥

على المشهود عليه. وله قتل المشهود عليه ، ويرد المقر على أولياء المشهود عليه نصف الدية ، وله قتلهما ، ويرد على أولياء المشهود عليه خاصة نصف الدية (١) وفي قتلهما إشكال لانتفاء العلم بالشركة.

وكذا في إلزامهما بالدية نصفين ، لكن الرواية من المشاهير.

مسائل

(الأولى) قيل : يحبس المتهم بالدم ستة أيام ، فإن ثبتت الدعوى وإلا خلى سبيله.

وفي المستند ضعف ، وفيه تعجيل لعقوبة لم يثبت سببها.

(الثانية) لو قتل وادعى أنه وجد المقتول مع امرأته قتل به إلا أن يقيم البينة بدعواه (٢).

(الثالثة) خطأ الحاكم في القتل والجرح على بيت المال.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : قيل يحبس المتهم بالدم ستة أيام ، إلى آخره.

هذه الفتوى مستفادة مما رواه السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام ، فإن جاء أولياء المقتول ، ثبت ، وإلا خلى سبيله (٣).

والسكوني عامي ، والقائل به هو الشيخ ، وربما كان نظره أيضا ، إلى أنه فيه احتياطا في تفتيش الدماء.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٥ من حديث ١ من أبواب دعوى القتل وما يثبت به ، ج ١٩ ص ١٠٨ ، ولا يخفى أن الحديث منقول بالمعنى ، فراجع.

(٢) بصدق دعواه. (الرياض).

(٣) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب دعوى القتل.

٦١٦

ومن قال : حذار ، لم يضمن.

ومن اعتدي عليه فاعتدى بمثله لم يضمن وإن تلفت.

وأما القسامة : فلا تثبت إلا مع اللوث ، وهو أمارة يغلب معها الظن بصدق المدعي كما لو وجد في دار قوم أو في محلتهم أو في قريتهم أو بين قريتين ، وهو إلى إحداهما أقرب ، فهو لوث ، ولو تساوت مسافتهما كانتا سواء في اللوث.

أما من جهل قاتله كقتيل الزحام والفزعات ، أو من وجد في فلاة أو في معسكر أو في سوق أو جمعة ، فديته من بيت المال ، ومع اللوث يكون للأولياء إثبات الدعوى بالقسامة.

وهي في العمد : خمسون يمينا ، وفي الخطأ : خمسة وعشرون على الأظهر.

ولو لم يكن للمدعي قسامة كررت عليه الأيمان حتى يأتي بالعدد.

______________________________________________________

القسامة

« قال دام ظله » : وهي (أي القسامة) في العمد خمسون يمينا ، وفي الخطأ خمسة وعشرون على الأظهر.

أقول : القسامة عند الفقهاء عبارة عن كثرة اليمين ، وسميت لكثرة (لتكثير خ) اليمين فيها وفي اللغة عبارة عن أسماء الحالفين.

واختلفت أصحابنا في عدة القسامة ، قال المفيد وسلار والمتأخر : هي خمسون رجلا في قتل العمد والخطأ.

وهو استناد إلى إطلاق ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بطرق مختلفة ، أن الأنصار ادعوا على اليهود القتل ، قال : فليقسم خمسون رجلا منكم على أنهم

٦١٧

ولو لم يحلف وكان للمنكر من قومه قسامة حلف كل منهم حتى يكملوا ، ولو لم يكن له قسامة كررت عليه الأيمان حتى يأتي بالعدد.

ولو نكل ألزم الدعوى عمدا أو خطأ.

(وقيل : رد اليمين على المدعي خ) ويثبت الحكم في الأعضاء بالقسامة مع التهمة.

فما كانت ديته دية النفس كالأنف واللسان ، فالأشهر : أن

______________________________________________________

قتلوه (١) وعليه الجمهور.

وقال الشيخ في جميع كتبه وأتباعه : هي خمسون رجلا في العمد ، وخمسة وعشرون في الخطأ ، وبه عدة روايات ، روى عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام في القسامة خمسون رجلا في العمد ، وفي الخطأ خمسة وعشرون ، وعليهم أن يحلفوا بالله (٢).

ومثله ما رواه محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن الرضا عليه‌السلام (٣).

وهو أظهر بين الأصحاب ، وعليه الفتوى ، وهو أرجح ، لأن روايات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كلها مجهولة (مجملة خ) محمولة على العمد ، وهو الظاهر منها ، فمن شاء فليعتبرها ، وما روينا مفصلة ، والتفصيل قاطع للشركة.

« قال دام ظله » : فما كانت ديته دية النفس ، كالأنف واللسان ، فالأشهر أن القسامة سته رجال.

هذا مذهب الشيخ وأتباعه ، ومستنده ما رواه سهل بن زياد ، عن الحسن بن ظريف ، عن أبيه ظريف بن ناصح ، عن عبد الله بن أيوب ، عن أبي عمرو (عمر خ)

__________________

(١) راجع سنن أبي داود ج ٤ ص ١٧٧ باب القتل في القسامة.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٩.

(٣) الوسائل باب ١١ قطعة من حديث ٢ من أبواب دعوى القتل.

٦١٨

القسامة ستة رجال يقسم كل منهم يمينا ومع عدمهم يحلف الولي ستة أيمان.

وقيل : خمسون يمينا احتياطا.

ولو لم يكن قسامة أو امتنع أحلف المنكر مع قومه ستة أيمان ، ولو لم يكن له قوم أحلف هو الستة ، وما كانت دون دية النفس فبحسابه من ستة.

القول في كيفية الاستيفاء :

قتل العمد يوجب القصاص ، ولا يثبت الدية فيه إلا صلحا.

______________________________________________________

المتطبب ، قال : عرضت على أبي عبد الله عليه‌السلام ، ما أفتى به أمير المؤمنين عليه السلام في الديات (إلى أن قال) : ثم جعل من كل شئ من هذه قسامة على نحو ما بلغت الدية ، والقسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلا ، وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين رجلا ، وعلى ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار ستة نفر (الحديث) (١).

الغرض من الحديث هذا ، والرواية ضعيفة ، لكنها مشهورة بين الأصحاب ، وعند المفيد ومن تابعه أن القسامة في الكل خمسون.

وقوله في المتن : (وما كانت ديته دية النفس فبحسابه من ستة) تفسيره أن تقاس دية هذا العضو على ما ديته دية النفس ، فإن كانت سدسه حلف (الحلف خ) هو وحده ، وإن كانت ثلثه يحلف هو ومعه آخر ، وإن كانت نصفه ، فهو مع اثنين ، وإن كانت ثلثيه فهو مع ثلاثة ، وإن كانت أربعة أخماس ، فهو مع أربعة ، وفوق ذلك يكون مثله ، يحلف ستة نفر.

__________________

(١) الوسائل باب ١١ قطعة من حديث ٢ من دعوى القتل.

٦١٩

ولا تخيير للولي ، ولا يقضي بالقصاص ما لم يتيقن التلف بالجناية ، وللولي الواحد المبادرة بالقصاص.

وقيل : يتوقف على إذن الحاكم ، ولو كانوا جماعة توقف على الاجتماع.

قال الشيخ : ولو بادر أحدهم جاز ، وضمن الدية عن حصص الباقين.

ولا قصاص إلا بالسيف أو ما جرى مجراه ، ويقتصر على ضرب العنق غير ممثل ولو كانت الجناية بالتحريق أو التغريق أو الرضخ بالحجارة ، ولا يضمن سراية القصاص ما لم يتعد المقتص.

وهنا مسائل

(الأولى) لو اختار بعض الأولياء الدية فدفعها القاتل لم يسقط القود

______________________________________________________

في كيفية الاستيفاء

« قال دام ظله » : لو اختار بعض الأولياء الدية ، فدفعها القاتل ، لم يسقط القود على الأشهر (الأشبه خ) إلى آخره.

اختلفت الروايات في سقوط القود ، روى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل قتل وله أم وأب وابن؟ فقال الابن : أنا أريد أن أقتل قاتل أبي ، وقال الأب : أريد أن أعفو ، وقالت الأم : أريد أن آخذ الدية ، قال : فقال : فليعط الابن لأم (أم خ) المقتول السدس من الدية ، ويعطي ورثة القاتل السدس من الدية حق الأب الذي عفا ، وليقتله (١).

__________________

(١) الوسائل باب ٥٢ حديث ١ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٨٣.

٦٢٠